المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ١٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم:

على كل حال مثل هذه المبتدئ لا بد أن يقرأ مثل هذه الكتب على شيخ، والشيخ يستنبط له من الأحكام ويستحضر ما قاله في الكتاب الذي درّسه أو دَرَسه هذا الطالب المبتدئ من كتب الفقه ويقارن بينهما.

العلماء دائماً يوصون بتقييد الفوائد، فكيف تكون كتابتها، فبعض الناس يفرغون كل كلمة يذكرها الشيخ في الدرس وهذا متعب جداً فكيف يكون تقييد الفوائد؟

هذا مودع في شريط اسمه: (المنهجية في قراءة الكتب) يعني لو رجع هذا الزائر إلى هذا الشريط وجد -إن شاء الله- ما ينفعه.

هذه أيضاً من الكويت تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته- بأي شيء يبدأ الطالب المبتدئ هل بالفقه أم بأصوله؟ وكذلك بالنسبة للتفسير هل يبدأ بالتفسير أم بأصول التفسير؟ وهل يبدأ طالب العلم بدراسة كتب العقيدة كلها ومن ثم يبدأ بالفقه أم يبدأ بالتدريج لكتاب مقرر في كل مستوى تدريجياً وبعد ما ينتهي ينتقل إلى المستوى الذي يليه وهل يدرس الفنون كلها أم كل واحد على حدة؟

أما بالنسبة لدراسة الفقه مع الأصول معاً في آن واحد هذا هو الأصل؛ لأن كل واحد يفيد الآخر، فالأمثلة التطبيقية لعلم الأصول هي موجودة في كتب الفقه، فهذا يفيد هذا، هذا تأصيل، وهذا تفريع وتنظير، وقل مثل هذا في قواعد التفسير وأصول الحديث وغيرها، وأما كون الطالب يبدأ في أكثر من فن في آن واحد أو يقتصر على فن واحد فهذا يختلف باختلاف الطلاب، فالطالب الذي يتشتت إذا قرأ في أكثر من فن يقال له: إلزم فناً واحداً، والطالب الذي يمل من قراءة فن واحد يقال له: اقرأ في أكثر من فن.

هل يجوز الذبح؟ ذبح مثل الدجاجة للمرأة في حال عدم وجود رجل؟

نعم يجوز للمرأة أن تذبح الدجاجة وتذبح البعير وتذبح الفرس وتذبح كل ما يؤكل لحمه، تذبحه، وكما أنها تذبح الحربي أيضاً، تذبح ما يوجد ما يمنع من ذبح المرأة -إن شاء الله تعالى-.

سم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين.

قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم:

ص: 12

حدثنا قتيبة وأحمد بن منيع قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم قيس بنت محصن قالت: دخلت بابن لي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرشه عليه.

قال: وفي الباب عن علي وعائشة وزينب ولبابة بنت الحارث وهي أم الفضل بن عباس بن عبد المطلب وأبي السمح وعبد الله بن عمرو وأبي ليلى وابن عباس.

قال أبو عيسى: وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل أحمد وإسحاق قالوا: ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية، وهذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا جميعاً.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم" النضح: يقال: نضحت الثوب أنضحه من باب ضرب ونفع، نضح ضرب ونفع، ويبين الفرق في المضارع ينضح كـ (يضرب) وينضح كـ (ينفع) وهو البل والرش وهو دون الغسل.

بول الغلام: وهو الابن الصغير، وجمع القلة غِلمة، والكثرة غلمان، وقد يطلق على الرجل، يقول أنس: كنت أحمل أنا وغلام نحوي، يعني نحوه في الخدمة وإلا فابن مسعود أكبر منه بسنين، وابن مسعود في وقتها رجل كبير مسن، فقد يطلق الغلام ويراد به الكبير وإلا فالأصل فيه أنه الصغير.

قبل أن يطعم: وفي حديث أم قيس: لم يأكل الطعام، يعني ما عدا اللبن الذي يرتضعه، والتمر الذي يحنك به، والدواء الذي يداوى به من عسل أو نحوه، هذا لا يسمى طعام؛ لأنه لا يستقل به، فمثل هذا لا يرد على قولهم قبل أن يطعم، وعلى قولها: لم يأكل الطعام.

قال رحمه الله: "حدثنا قتيبة وأحمد بن منيع" بن عبد الرحمن أبو جعفر البغوي، ثقة، حافظ، توفي سنة أربع وأربعين ومائتين "قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود" الهذلي أبو عبد الله المدني، أحد الفقهاء السبعة الذين يجمعهم:

"فخذهم عبيد الله" هذا أول واحد.

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

سعيد أبو بكر سليمان خارجة

سبعة.

ص: 13

"عن أم قيس بنت محصن" الأسدية أخت عكاشة بن محصن، الذي قال: أدعو الله أن يجعلني منهم في حديث السبعين الألف فقال: ((أنت منهم)) اسمها: آمنة، صحابية مشهورة من المهاجرات الأُول، طال عمرها بسبب دعوة النبي عليه الصلاة والسلام يعني عمرت "عن أم قيس بنت محصن قالت: دخلت بابن لي" الابن خاص بالذكر بخلاف الولد الشامل للذكر والأنثى {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] فالولد شامل للذكر والأنثى، وأما الابن فهو خاص بالذكر، كما أن البنت خاصة بالأنثى.

"دخلت بابن لي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام" لم يأكل الطعام الجملة هذه صفة وإلا حال؟

طالب:. . . . . . . . .

لماذا؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم الجمل بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال، والابن نكرة "بابن لي" قد يتجوز بعضهم ويجعل هذا حالاً؛ لأن الابن موصوف يعني نكرة موصوفة، فهي أخص من النكرة المطلقة قريبة من المعرفة موصوف بكونه لها؛ لأن الجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره كائن، وهو صفة، على كل حال المتجه كون الجملة صفة.

"لم يأكل الطعام" ما عدا اللبن الذي يرتضعه، والتمر الذي يحنك به، والدواء الذي يداوى به، قد يقال: إن في قولها: "لم يأكل الطعام" ما يكفي، بحيث لا نحتاج أن نستثني لا لبن ولا غير لبن، لماذا؟ لأن اللبن يشرب ما يؤكل، والأكل مقابل الشرب، فإذا قيل: لم يأكل معناه أنه لم يأكل ما يمكن أن يؤكل من الأطعمة غير اللبن؛ لأنه يشرب، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 14

لكن لم يأكل الطعام، كونه لم يأكل الطعام لا يعني أنه لا يشرب اللبن، لا يشرب الماء، لا يشرب العصير، لا يشرب

، يعني هل نحن بحاجة إلى أن نقول: ما عدا اللبن الذي يرتضعه والتمر الذي يحنك به، التمر إذا حنك به هل يسمى أكل؟ لأنه يؤخذ منه الشيء اليسير ويخلط بالماء ويدلك به الحنك، يعني هل "لم يأكل" كافي في إخراج ما عدا اللبن؟ نعم يدخل فيه جميع السوائل، يدخل فيه السوائل، فعلى هذا لو كان الطعام ليناً جداً بحيث يشرب شرب، ويوجد من الأطعمة التي يقوم بها البدن، وتحفظ الصحة -بإذن الله- ما هو من هذا النوع، فالاستثناء لا بد منه، ما عدا اللبن، لا بد أن يكون معوله على اللبن، لا يستقل بغيره.

"فبال عليه" يعني على ثوبه كما في رواية البخاري، ثوب النبي عليه الصلاة والسلام، "فدعا عليه الصلاة والسلام بماء فرشه عليه" وفي رواية البخاري:"فنضحه ولم يغسله" وفي رواية لمسلم: "فلم يزد على أن نضحه بالماء".

"قال: وفي الباب عن علي" مخرج عند أحمد في المسند وأبي داود والترمذي وابن ماجه "وعن عائشة" متفق عليه "وزينب" عند الطبراني "ولبابة بنت الحارث" عند أبي داود وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي، وهي أم الفضل بن عباس بن عبد المطلب، أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، وهي أم عبد الله بن عباس "وأبي السمح" عند أبي داود والنسائي وابن ماجه، وهو صحابي خدم النبي صلى الله عليه وسلم يقال: اسمه إياد، ليس له إلا حديث واحد في السنن قُطع، بعضهم قطعه إلى جمل منها هذه الجملة "وأبي ليلى" والد عبد الرحمن بن أبي ليلى صحابي اسمه: بلال، شهد أحداً وما بعدها، وحديثه عند الطحاوي "وابن عباس" وحديثه عند الدارقطني.

ص: 15

"قال أبو عيسى: وهذا قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم" يعني العمل بمقتضى هذا الحديث وهو أن الذكر من الأولاد إذا لم يطعم الطعام فإن بوله نجس، نجس ليس بطاهر، لكنها نجاسة مخففة، يكفي فيها النضح والرش، وقال بعضهم بطهارته؛ لأنه لو كان نجساً لغسل كما تغسل النجاسات، وهذا ليس بصحيح، لو كان نجساً لترك، وعلى كل حال هو نجس كالمذي يكفي فيه النضح والرش، وهذا هو ما يفيده الحديث بالقيد المعروف المذكور المنصوص عليه لم يأكل الطعام، أولاً: لا بد أن يكون ذكراً، وأن يكون صغيراً لم يأكل الطعام.

"قال أبو عيسى: وهذا قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، مثل أحمد وإسحاق قالوا" بمقتضى الحديث "قالوا: ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية، وهذا ما لم يطعما" يعني عملاً بالحديث، تطبيقاً للحديث تطبيقاً حرفياً "وهذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا جميعاً" وهذا قول قتادة رحمه الله رواه أحمد والترمذي.

قال ابن حجر: اختلف العلماء في المسألة على ثلاثة مذاهب: أصحها: الاكتفاء بالنضح في بول الصبي لا الجارية، وهو ما ذكره الترمذي عن أحمد وإسحاق، وهو مقتضى النص، ويشهد له الأحاديث التي أشار إليها الترمذي.

والقول الثاني: يكفي النضح فيهما، وهذا محكي عن مالك والشافعي والأوزاعي، النضح فيهما فالبنت كالولد، ما الفرق؟ ما الفرق بين الولد والبنت إذا كان كل منهما لم يأكل الطعام؟ ووجود الولد في النصوص دون الأنثى لا يعني أن هناك فرقاً بينهما، وهذا محكي عن مالك والشافعي والأوزاعي.

والثالث: هما سواء في وجوب الغسل، وبه قال الحنفية والمالكية.

فالمذاهب ثلاثة، بل أكثر من ذلك، لكن هذه أهمهما وأشهرها.

القول الأول: التفريق بين الذكر والأنثى من الغلمان الصغار الذين لم يأكلوا الطعام، فيكتفى برش ونضح بول الغلام، ويغسل بول الأنثى كالكبير من الذكور والإناث، والنص خاص بالذكور، والقصص الواردة في هذا كلها التنصيص على الذكر، وجاء التنصيص على أن بول الغلام في بعض الأحاديث: يغسل بول الجارية وينضح من بول الغلام.

ص: 16

والقول الثاني: النضح فيهما، وأنه لا فرق بين الذكر والأنثى ما دام لم يأكلا الطعام والبول إنما هو من أثر ذلك المشروب، وأثر الشيء إذا استوى فيه الذكر والأنثى، إذا استويا في المؤثر يستويان في الأثر، ما دام الأكل هو المعول على اللبن بالنسبة للذكر والأنثى، وأثر هذا اللبن بول، سواءً كان عند ذكر أو أنثى فإذا اتحد المؤثر اتحد الأثر، هذا وجه القياس عند مالك فيما يحكى عنه والشافعي، قياس الأنثى على الذكر، وأنه لا فرق بينهما، والأحاديث كلها في الذكر، بل فيها التنصيص، في بعضها التنصيص على التفريق بين الذكر والأنثى، إضافة إلى العلة التي ذكرها ابن القيم وغيره: أن الذكر يكثر حمله من قبل الآباء فتكون المشقة أعظم ببوله دون الأنثى، والأمر الثاني: أن الذكر ينتشر بوله في أكثر من موقع على هذا يصعب تتبع هذا البول المنتشر بالغسل دون بول الأنثى الذي يصب في مكان واحد، الذي يصب في مكان واحد، فلا يصعب غسله، ويقول ابن القيم أيضاً: أن في بول الذكر من الحرارة ما لا يوجد في بول الأنثى، فيه حرارة تقضي على جزء مما يشتمل عليه هذا البول من النجاسة فتخفف نجاسته، وعلى كل حال هذه العلل وغيرها من العلل لا شك أنه يستأنس بها، لكن المعول على النص، المعول أولاً وأخراً على النص.

والقول الثالث: هما سواء في وجوب الغسل، وبه قال الحنفية والمالكية وحملوا ما جاء في هذا الحديث وغيره من الأحاديث من الرش والنضح أن المراد به الغسل.

فالغسل أصله نضح، وأصله رش، فإذا كوثر وكرر هذا النضح وهذا الرش صار غسلاً ولا فرق، لكن رواية البخاري:"فنضحه ولم يغسله" رد على هذا القول، لا يبقى لأهل هذا القول مستمسك، وفي رواية لمسلم .. ، رواية البخاري:"فنضحه ولم يغسله" وفي رواية مسلم: "فلم يزد على أن نضحه بالماء" لم يزد على ذلك بحيث يصل إلى حد الغسل.

فالراجح من هذه الأقوال القول الأول، قول أحمد وإسحاق، وعليه تدل هذه الأحاديث.

ومنهم من يلحق الكبير بالصغير، يعني وجد من يلحق الكبير بالصغير فيقول: يكتفى بالنصح في بول الصغير والكبير من الذكور دون الإناث.

ص: 17