الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً: عليك بإدامة النظر في النصوص من الكتاب والسنة التي تحث على طلب العلم، وتبين منزلة العلماء، ثم بعد ذلك عليك أن تقرأ في سير أهل العلم وصبرهم على شدائد العلم وتحصيله، ثم بعد ذلك تنبعث الهمة -إن شاء الله تعالى-.
يقول: ما ضابط العالم الذي يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان؟
هو العالم المحقق العامل بالكتاب والسنة المعتصم بهما، المعلم لهما.
يقول: نصراني أسلم منذ عام تقريباً ولديه عدة أسئلة يرجو الرد ليطمئن قلبه:
هل يجوز أن أذهب لزيارة قبر شخص في مقبرة النصارى؟
قلنا: إذا كنت تستفيد أنت؛ لأن الزيارة إنما شرعت لإفادة الزائر والمزور، أما المزور فلن يستفيد، وأما بالنسبة للزائر فقد تحصل العبرة والاتعاظ بهذه الزيارة، مع أن قبور المسلمين أولى بالزيارة لتحقق جميع الأهداف والحكم التي من أجلها شرعت الزيارة.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا ولنا وللحاضرين ولجميع المسلمين يا رب العالمين.
قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
باب: في المسح على الخفين:
حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال: بال جرير بن عبد الله رضي الله عنه ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: أتفعل هذا؟ قال: وما يمنعني وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
قال إبراهيم: وكان يعجبهم حديث جرير؛ لأن إسلامه، كان بعد نزول المائدة، هذا قول إبراهيم يعني كان يعجبهم.
قال: وفي الباب عن عمر وعلي وحذيفة والمغيرة وبلال وسعد وأبي أيوب وسلمان وبريدة وعمرو بن أمية وأنس وسهل بن سعد ويعلى بن مرة وعبادة بن الصامت وأسامة بن شريك وأبي أمامة وجابر وأسامة بن زيد وابن عبادة ويقال: ابن عمارة أو أبي بن عمارة.
قال أبو عيسى: حديث جرير حديث حسن صحيح.
ويروى عن شهر بن حوشب قال: رأيت جرير بن عبد الله توضأ ومسح على خفيه، فقلت له في ذلك فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه فقلت له: أقبل المائدة أم بعد المائدة؟ فقال: ما أسلمت إلا بعد المائدة.
حدثنا بذلك قتيبة قال: حدثنا خالد بن زياد الترمذي عن مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب عن جرير قال: وروى بقية عن إبراهيم بن أدهم عن مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب عن جرير، وهذا حديث مفسر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير في حديثه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعد نزول المائدة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: في المسح على الخفين" الخف معروف، ويقول ابن العربي: هو جلد مبطن مخروز يستر القدم كلها، قالوا: والموق: جلد مخروز لا بطانة له، وقال الخطابي: هو خف قصير الساق في قول بعضهم، وفي قول آخر خف على خف، فما يستر القدم إما أن يسمى خف، أو موق، أو جرموق، أو جورب، أو نعل، وهذا الباب للخفين، والمسح على الخفين، يقول ابن عبد البر: لا أعلم عن أحد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك مع أن الرواية الصحيحة عنه مصرحة بإثباته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا هناد" هو ابن السري "قال: حدثنا وكيع" هو ابن الجراح "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن إبراهيم" هو النخعي "عن همام بن الحارث" النخعي الكوفي، وهو ثقة، وأما من قبله كلهم ثقات "قال: بال جرير بن عبد الله" الصحابي، البجلي، الشهير يوسف هذه الأمة، يقول: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا وتبسم "قال: بال جرير بن عبد الله ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل له: أتفعل هذا؟ " أي أتمسح على الخفين؟ مع أن الله -جل وعلا- يقول: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] يعني: واغسلوا أرجلكم "أتفعل هذا؟ " أي أتمسح على الخفين؟ "قال: وما يمنعني؟ " أي: أي شيء يمنعني من المسح؟ "وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله".
"قال إبراهيم: وكان يعجبهم حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة".
يعني لقائل أن يقول لمن قال له: إن المسح على الخفين ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، له أن يقول: إنه منسوخ بآية المائدة؛ لأن نزول المائدة متأخر، يقال له: إن إسلام جرير بن عبد الله البجلي متأخر، ما أسلم إلا بعد نزول المائدة، حتى قيل في إسلامه: إنه أسلم سنة عشر في آخر عمر النبي عليه الصلاة والسلام.
"قال إبراهيم: وكان يعجبهم حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة" هذا قول إبراهيم يعني كان يعجبهم، وفيها الأمر بغسل الرجلين، فلو كان إسلام جرير متقدماً على نزول المائدة لاحتمل كون الحديث منسوخاً بآية المائدة، وعلى هذا تكون الآية مخصصة بالسنة، مخصصة أو مقيدة؟ مخصصة، يعني حال من عموم الأحوال، يعني ولو كانت مقيدة لوجب حمل المطلق على المقيد فلا تغسل الرجل مطلقاً، لكن هذا من باب: التخصيص، ابن العربي بحث مسألة نسخ القرآن بالسنة، لكن هل هذا من باب النسخ؟ يعني ما بين قول الله -جل وعلا-:{وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] وبين مسح النبي عليه الصلاة والسلام على خفيه هل هذا من باب الناسخ والمنسوخ أو من باب العموم والخصوص؟ نعم هو من باب العموم والخصوص؛ لأن حكم غسل الرجلين باقي، ما رفع، نعم هو رفع جزئي، وليس برفع كلي، وكثير من السلف يسمون مثل هذا نسخ، لكن الذي استقر عليه الاصطلاح أن النسخ إنما يطلق على الرفع الكلي للحكم، لا الرفع الجزئي وهو التخصيص أو التقييد.
يقول: مسألة نسخ القرآن بالسنة، وأن الصحابة كانوا يرون ذلك، قال: هو الصحيح عندهم، أن القرآن ينسخ بالسنة، وقد منع قوم يقول: من أصحابنا وغيرهم ذلك، وجوزه آخرون.
هذه المسألة لا تدخل في حديثنا، لكن نسخ القرآن بالسنة الجمهور على أن السنة لا تنسخ القرآن؛ لأنها دونه في الرتبة، والذي عليه جمع من أهل التحقيق أنه كلها وحي، القران وحي والسنة وحي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم] فعلى هذا ينسخ القرآن بالسنة إذا صحت، ومما يستدل به لهذا حديث عبادة بن الصامت قال:((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) قالوا: هذا ناسخ لآية النساء، ومنهم من يقول على رأي الجمهور أنه مبين وليس بناسخ.
"قال: وفي الباب عن عمر وعلي وحذيفة والمغيرة وبلال وسعد وأبي أيوب وسلمان وبريدة وعمرو بن أمية وأنس وسهل بن سعد ويعلى بن مرة وعبادة بن الصامت وأسامة بن شريك وأبي أمامة وجابر وأسامة بن زيد وابن عبادة ويقال: ابن عمارة أو أبي بن عمارة".
يقول ابن عبد البر في الاستذكار: روى المسح عن النبي عليه الصلاة والسلام نحو أربعين من الصحابة.
وقال الحسن: حدثني سبعون من الصحابة أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح على الخفين، فلا مجال لإنكاره، وإنكار المسح على الخفين من سيما المبتدعة، يعني أهل السنة قاطبة يقولون بالمسح على الخفين، ولم ينكره إلا المبتدعة من الخوارج والروافض، ولذا يدخل في كتب العقائد، في كتب العقائد عند أهل السنة يقولون: ونرى المسح على الخفين؛ لأنه استقل بإنكاره أهل البدع، فصار هذا من بدعهم، وحينئذٍ يكون من أصول الدين.
ما يذكر عن مالك أنه لا يرى المسح على الخفين، ذكر عنه بأسانيد أصح أنه يرى المسح على الخفين.
"قال أبو عيسى: حديث جرير حديث حسن صحيح" وأخرجه الستة، الأئمة كلهم.
قال: "ويروى عن شهر بن حوشب" الأشعري الشامي صدوق كثير الأوهام، وسبق الحديث عنه، وأنه مضعف عند أهل العلم، وإن وثقه الشيخ أحمد شاكر، لكن الشيخ تساهل في هذا، وثقه ووثق كثير من الضعفاء، على كل حال هو ضعيف عند الجمهور، وبمقدمة مسلم مقدمة صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: إن شهراً نزكوه، يعني رموه واتهموه، رموه بالنيزك، في بعض النسخ تركوه، المقصود أنه مضعف، وذكرنا قصة الخريطة التي اتهم بها، بسرقتها، ولعلها لا تثبت، ولذا استغلت هذه الحادثة وإن لم تكن صحيحة، استغلت من قبل بعض المغرضين فطعن في جميع القراء من أجل شهر، يعني نبهنا على هذا في دروس سابقة، قال:
لقد باع شهر دينه بخريطة
…
فمن يأمن القراء بعدك يا شهر
يعني ألصق التهمة بجميع القراء أنهم سراق، وهذا مثل ما يدور الآن على ألسنة بعض المفتونين أنه إذا حصل أدنى مخالفة من مستقيم، ممن ظاهره الاستقامة، أو من المحسوبين على أهل الخير والصلاح، قال: كلهم على هذه الشاكلة، وطعن في حلقات التحفيظ من أجل أخطاء يسيرة حصلت من بعضهم، ومن يعرى من الخطأ، ومن المعصوم من الوقوع في الزلل، وطعن في أرباب الحسبة، وأصحاب الأمر والنهي، القائمين بهذه الشعيرة العظيمة، طعن فيهم بسبب أخطاء وتصرفات من بعض الأفراد التي قد يعجز في بعض المواقف وفي بعض المواطن يعجز أن يتصرف التصرف الصحيح، فيضيق الوقت عليه، وقد يحصل في خطأ؛ لأنه لا يتمكن من النظر التام، والمنكر يفوت، فإذا حصل اجتهاد في بعض هذه المسائل من بعض الأفراد ألصق بالجميع، وأن هذا ديدنهم وشأنهم، وصار الكتاب يكتبون عن هذا الجهاز، وهذه الشعيرة، وتطاولوا على ما ثبت بالنصوص القطعية.
قال: "ويروى عن شهر بن حوشب قال: رأيت جرير بن عبد الله توضأ ومسح على خفيه فقلت له –أي لجرير- في ذلك –يعني في المسح على الخفين- فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه" وهذا يشهد له الحديث السابق وهو صحيح "فقلت له: أرأيت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل المائدة أم بعد المائدة؟ فقال: ما أسلمت إلا بعد المائدة".
يقول الترمذي: "حدثنا بذلك قتيبة" يعني ابن سعيد "قال: حدثنا خالد -بن زياد- الترمذي" قاضي ترمذ، وهو صدوق عند أهل العلم "عن مقاتل بن حيان" البلخي، وهو أيضاً صدوق "عن شهر بن حوشب عن جرير" يعني تقديم المتن على الإسناد عند عامة أهل العلم لا إشكال فيه، سواءً تقدم الإسناد على المتن أو تأخر لا فرق، إلا أن ابن خزيمة ينص على أنه إذا قدم المتن، فإنما يقدمه لكلام في الإسناد، لضعف في الإسناد، وهنا قدم المتن ولا إشكال في ذلك، يعني لو قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا خالد
…
إلى آخره، وجاء بخبر ما يفرق عنده.
"قال أبو عيسى: وروى بقية" وهو ابن الوليد الحمصي، ثقة، كثير التدليس، وقال ابن حجر: صدوق، كثير التدليس، شديد التدليس أيضاً، إلا أنه صرح بالتحديث عند البيهقي، هنا صرح بالتحديث عند البيهقي "عن إبراهيم بن أدهم" بن منصور البلخي ثم الشامي، أحد الزهاد الأعلام "عن مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب عن جرير" وهذه متابعة لإبراهيم بن أدهم، من إبراهيم لخالد بن زياد الترمذي، ومداره على شهر، وعلى كل حال الحديث سبق ما يشهد له من الصحيح.
قال: "وهذا حديث مفسر" يعني واضح، لا يحتاج إلى تفسير ولا إلى بيان، ولا إلى مراجعة أحاديث أخرى توضحه وتبينه، هذا حديث مفسر يعني مبين؛ "لأن بعض من أنكر المسح لأن بعض من أنكر المسح" يعني لو كان أحاديث المسح على الخفين المتواترة هذا الحديث يبينها كلها، هذا مفسر بالنسبة لها كلها؛ لأنه لقائل أن يقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام صحيح مسح على الخفين، لكن قبل ما. . . . . . . . .، فجاء الحديث -حديث جرير- مفسر، وأنه ما أسلم إلا بعد نزول المائدة.
يقول: "وهذا حديث مفسر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي عليه الصلاة والسلام على الخفين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير في حديثه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعد نزول المائدة".