الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الألباني أنه حسن وقال: "وقد قوّاه الحافظ المنذري والعسقلاني وحسّنه ابن الصلاح وابن كثير والعراقي"، انظر إرواء الغليل (81) ، واختيار الشيخ القول بالوجوب مع الذكر، فيه الاحتياط والخروج من الخلاف، ونظير ذلك ما قاله رحمه الله في أدب المشي إلى الصلاة:"وتجزىء تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع، لفعل زيد بن ثابت وابن عمر، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، وإتيانه بهما أفضل، خروجاً من خلاف من أوجبه".
نواقض الوضوء
قوله: [ونواقضه ثمانية: الخارج من السبيلين، والخارج الفاحش النجس من الجسد، وزوال العقل، ومس المرأة بشهوة، ومس الفرج باليد قبلاً كان أو دبراً، وأكل لحم الجزور، وتغسيل الميت، والردّة عن الإسلام - أعاذنا الله من ذلك -] .
أوّل نواقض الوضوء، الخارج من السبيلين: وهو كل خارج منهما من غائط أو بول أو ريح أو دم أو مني أو مذي أو غير ذلك، قال صلى الله عليه وسلم:"لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ". أخرجه البخاري (6954) ومسلم (537) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والثاني: الخارج الفاحش النجس من الجسد: اختلف العلماء في الدم الخارج من غير السبيلين هل ينقض الوضوء أو لا؟ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم نقض الوضوء به لأنه لم يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب بعض أهل العلم إلى حصول النقض بما كان كثيراً فاحشاً منه، وقد جاء ذلك عن بعض الصحابة والتابعين، وهو الذي اختاره الشيخ رحمه الله هنا، وهو أخذ بما فيه الاحتياط والخروج من الخلاف. انظر المغني (1/247) ، ومجموع فتاوى الشيخ
ابن باز رحمه الله تعالى (10/159) ، وفتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (5/261) .
الثالث: زوال العقل: ينتقض الوضوء بزوال العقل بجنون أو سكر أو إغماء أو نوم مستغرق، أما إذا كان النوم نعاساً لا يذهب معه الإحساس كأن يكون جالساً أو قائماً، فحصل له نعاس فخفق رأسه ثم تنبّه فإن ذلك لا ينقض الوضوء، فقد روى مسلم في صحيحه (376) عن أنس رضي الله عنه قال:"كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون"، ولفظه عند أبي داود (200) :"كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون"، وهذا يدل على أن زوال العقل ليس حدثاً، بل هو مظنّة للحدث، ويدل لذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم:"وكاء السه العينان، فمن نام فليتوضأ". رواه أبو داود (203) عن علي
رضي الله عنه، وسنده حسن، وانظر إرواء الغليل (113) وقد نقل تحسينه عن النووي والمنذري وابن الصلاح.
الرابع: مس المرأة بشهوة: هذا الذي اختاره الشيخ، أحد الأقوال الثلاثة في المسألة، والقول الثاني: أنه ينقض مطلقاً، والثالث: أنه لا ينقض مطلقاً سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، إذا لم يخرج مع الشهوة شيء، وهذا القول أصح الأقوال لعدم ثبوت ما يدل على النقض به، وانظر فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى (10/132-138) .
الخامس: مس الفرج باليد قبلاً كان أو دبراً: هذا الذي اختاره الشيخ، هو قول جمهور العلماء، وهو الصحيح إذا كان المس بدون حائل، وسواء كان مس فرجه أو فرج غيره، وسواء كان الممسوس صغيراً أو كبيراً من الأحياء أو الأموات، لحديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مس
ذكره فليتوضأ". رواه الترمذي (82) وغيره، وقال حديث حسن صحيح، وانظر إرواء الغليل (116) ، وفتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (5/263-266) .
السادس: أكل لحم الجزور: في الوضوء من أكل لحم الإبل قولان للعلماء: أحدهما قول الجمهور، وهو أنه لا يتوضأ من أكل لحومها، والقول الثاني: وجوب الوضوء من ذلك وسواء كان اللحم نيئاً أو مطبوخاً، وأما ألبانها ومرق لحمها وكذلك الطعام الذي طبخ مع لحمها، فإن استعمال ذلك لا ينقض الوضوء، ويدل للوضوء من أكل لحوم الإبل حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه:"أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا توضأ"، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم، فتوضأ من لحوم الإبل"، قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: (نعم)، قال: أصلي في مبارك
الإبل؟ قال: (لا)". أخرجه مسلم (360) وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: "توضؤوا منها"، وسئل عن لحوم الغنم؟ فقال: "لا توضؤوا منها"، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فقال: "لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين"، وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال: "صلوا فيها فإنها بركة". رواه أبو داود (184) وغيره، وإسناده صحيح، والأصل في الأمر الوجوب، وفي الوضوء الوضوء الشرعي، فلا يحمل الأمر على الاستحباب، ولا الوضوء على الوضوء اللغوي الذي هو غسل اليدين والمضمضة، لعدم الصارف عن الأصل، وانظر إرواء الغليل (118) ، وذكر النووي في شرح صحيح مسلم (4/49) خلاف العلماء في الوضوء من لحم الإبل، وقال: "قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن
راهويه في هذا - أي الوضوء من لحم الإبل - حديثان: حديث جابر وحديث البراء، وهذا المذهب أقوى دليلاً وإن كان الجمهور على خلافه". وانظر مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى (10/156-158) ، وفتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (5/273-277) .
السابع: تغسيل الميت: اختلف العلماء في حكم الوضوء من تغسيل الميت على قولين: (أحدهما) وجوب الوضوء، (والثاني) استحبابه، ذكرهما ابن قدامة في المغني (1/256) ورجّح القول بالاستحباب، وقد روى أبو داود (3161) وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعاً:"من غسّل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ". أورده الألباني في إرواء الغليل (144) ، وفي كتاب أحكام الجنائز (53) ، ونقل تصحيحه عن ابن القيم وابن القطان، وابن حزم وابن حجر العسقلاني، وذكر أنه محمول على الندب لا على
الوجوب، لحديثٍ حسنٍ في ذلك عن ابن عباس، وأثرٍ عن ابن عمر رضي الله عنهم.
وإذا لمس مَن غسّل الميت فرجه من غير حائل وجب عليه الوضوء لمسِّ الفرج لا لتغسيل الميت، وانظر فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى (10/165) .
الثامن: قوله: الرّدّة عن الإسلام - أعاذنا الله من ذلك -: هذا الذي ذكره الشيخ رحمه الله من انتقاض الوضوء بالرّدّة هو الذي عزاه ابن قدامة في المغني (1/238) إلى مذهب الإمام أحمد، وعزا إلى الأئمة الثلاثة الباقين القول بعدم الانتقاض، فإذا توضأ شخص وارتدّ عن الإسلام ثم عاد إليه قبل أن يحصل منه ناقض للوضوء غير الرّدّة فهو باق على وضوئه على القول الثاني، لا يلزمه إعادة الوضوء، وتلزمه إعادة الوضوء على القول الأول، والذي ذكره الشيخ