الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح صحيح البخاري (21)
شرح حديث: ((إنما الأعمال بالنيات))
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
فاستكمالاً لشروح مسلم، وما ترجموا به على الحديث، نكمل (إكمال الإكمال) عرفنا أن العلماء داروا في فلك (المعلم) للمازري، فأكمله القاضي عياض في (إكمال المعلم) ثم بعده الأبي في (إكمال الإكمال) ثم السنوسي في (مكمل إكمال الإكمال) ثم انقطعت هذه السلسلة فجاء من يجمع بين هذه الشروح بين (المعلم) وغيره وإكماله للقاضي عياض، النووي جمع بين (المعلم) وإكماله للقاضي عياض، و (التحرير) لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل الأصفهاني، والشروح التي وقف عليها، وأضاف إليها من ما اطلع عليه من كتب أخرى، ومن تحريراته ونقوله الفريدة، ومع ذلك هذه الشروح كلها شروح صحيح مسلم الموجودة الآن وقد تبلغ العشرة، لكنها لا تفي بالغرض، ومسلم لا يزال بحاجة ماسة إلى شرح يضاهي شروح البخاري، ففيه إشكالات في الأسانيد والمتون، إشكالات كثيرة تحتاج إلى حل، لا أقول: إشكالات تقدح في صحة الأحاديث أو تشكك فيها أبداً، إنما إشكالات بالنسبة لفهمها على كثير من طلبة العلم، فهو بحاجة إلى أن ينبري له بارع يحل هذه الإشكالات الإسنادية والمتنية، ومر بنا إن كان منكم أحد قد حضر شرح كتاب: المناسك من صحيح مسلم، وما فيه من إشكالات، وفقنا لحل بعضها، وبقي بعضها يحتاج إلى مزيد من العناية والحل.
أقول: صحيح مسلم كل شروحه لو جمعت ما عدلت شرح واحد من شروح البخاري، البخاري عني الناس به لوجود الفقه والاستنباط فيه؛ ولأنه أصح الكتب، وأما مسلم فيجمع الأحاديث في موضع واحد، ويرون أنه إذا تكلموا عليه إجمالاً باختصار، وحللوا بعض الشيء أنهم يكونوا قد وفوا بشرح مسلم وهذا لا يكفي، يعني وجد من يشرح سنن أبي داود بإفاضة، يعني وجد مثلاً شرح ابن رسلان على سنن أبي داود فيه شيء من البسط، والسنن شرحها أسهل بكثير من شرح الصحيحين مع مسيس الحاجة إلى ما يتعلق بالثبوت بالنسبة للسنن، وبالنسبة لسنن النسائي على وجه الخصوص فيه وعورة، ولذلكم تجدون الشروح عليه أقل؛ لأن فيه صعوبة، تراجم الإمام النسائي كلها علل، تحتاج إلى فذ ينبري لها، وجد شروح تعليقات ثم وجد شرح مبسوط حقيقة جمع فيه مؤلفه -وفقه الله- ما وجد في شروح الصحيحين وغيرهما، وترجم للرواة من كتب الرجال الموجودة، وهو شرح ييسر حقيقة على طالب العلم، لكنه أيضاً يحتاج إلى مزيد من التحرير البالغ بالنسبة لتراجمهم، تراجمهم سجلت رسائل، لكن تحتاج إلى ضم بعضها إلى بعض مع هذه الشروح الموجودة، فيستخلص شرح مناسب لسنن النسائي، ومسلم أيضاً بحاجة إلى شرح يحل كثير من الإشكالات.
هنا شرح السنوسي مكمل للأبي، والأبي مكمل لعياض، وعياض مكمل المازري، ثم بعد ذلك النووي جمع بين الشروح التي تقدمت، ثم جاء بعده من جمع، لكن يبقى الإشكال قائم، ففيه إشكالات كثيرة في صحيح مسلم تحتاج إلى حل، وأكرر أن هذه الإشكالات لا تقدح في صحة الأحاديث، وإنما هي إشكالات في الفهم، يعني قد يخفى كثير منها على كثير من طلاب العلم، فهي تحتاج إلى حل، يعني لو انبرى لها بارع لانتهى ما في إشكال، لكن بقيت في ظل هذه الشروح المختصرة ما وجد من يفي بجميعها، قد يتعرض النووي لبعضها، قد يتعرض القرطبي لبعضها، قد يتعرض القاضي عياض لبعضها، لكن شرح يحل جميع الإشكالات ما زلنا بحاجة ماسة إليه.
في السنوسي ترجم قال: باب: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات)) ويدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، هل هذه الترجمة من السنوسي أو من غيره أو ممن تقدمه من الشراح؟ ننظر في ترجمة القاضي عياض يقول:((إنما الأعمال بالنية)) وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، وهنا يقول:((إنما الأعمال بالنيات)) ويدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، الإكمال يقول: حديث قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات)) ولم يترجم بأكثر من هذا.
في شرح النووي أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الشافعي يقول: باب: قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنية)) وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، يعني مثل ترجمة القاضي عياض.
في (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم) مختصر لصحيح مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي، هذا صاحب (المفهم) وهو غير صاحب التفسير، شيخ لصاحب التفسير، ولذلك يكرر: صاحب التفسير، قال شيخنا أبو العباس، ورأيت شيخنا أبا العباس، وناقشت شيخنا أبا العباس، يكثر من هذه الكلمة مثل ما يقوله ابن القيم عن شيخه أبي العباس بن تيمية فقد يهم بعض .. ، وقد وهم بعض الطلاب بعض الباحثين، ونقل رأياً لشيخ الإسلام من تفسير القرطبي؛ لأنه قال: ولقد سمعت شيخنا أبا العباس يقول مراراً، مثل ما يقول ابن القيم، لكن إذا نظرنا التلميذ القرطبي التلميذ ما أدركه شيخ الإسلام، يعني عمره لا يتجاوز يمكن عشر أو أقل من السنة، يعني القرطبي التلميذ فضلاً عن الشيخ، فيحصل مثل هذا، يعني نظير ما يقال مثلاً في بعض الكتب ينقل عن بكر بن عبد الله المزني، ثم يأتينا من يقول يعني قد لا يتصور الآن لكن فيما بعد، يمكن ينسب لبكر بن عبد الله أبو زيد، ما يهم بعض الطلاب يحصل لهم مثل هذا الوهم، مثل ما وهم في القرطبي مع شيخ الإسلام ابن تيمية، دائماً تنقل أقواله وهو راوٍ من الرواة ثقة من الثقات بكر بن عبد الله وهو المزني، فمثل هذه الإشكالات يتقيها طالب العلم.
(في المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم) كلاهما لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة، وهذه السنة مات فيها كثير من أهل العلم، يعني المنذري، والقرطبي هذا، وجمع غفير من أهل العلم، لماذا؟ لأن هي السنة التي سقطت فيها بغداد على يد التتار، فمات فيها كثير من أهل العلم فضلاً عن غيرهم.
قال رحمه الله في كتاب الجهاد والسير: باب: الإخلاص وحسن النية، باب: الإخلاص وحسن النية، شرح القرطبي هذا المفهم يعني متميز عن كثير من الشروح، فيه فوائد لا توجد في غيره من الشروح، فيستفاد منه، وإن لم يكن على الأصل.
في سنن أبي داود وهو الذي يثلث به عند المخرجين وغيرهم من أهل العلم يثلثون بسنن أبي داود، ثم بعد ذلك يختلفون في الترمذي والنسائي، ثم المتفق عليه عند ابن ماجه هو السادس، المتفق عليه في الترتيب، وأما الخلاف في كون سادس الكتب ابن ماجه معروف، أول من أدخله في الكتب الستة أبو الفضل بن طاهر في شروط الأئمة وفي الأطراف، وإلا كانوا يعدون مالك هو السادس، ومنهم من يعد الدارمي، على كل حال نمشي على رأي الجمهور وأن السادس هو ابن ماجه.
أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني أخرج الحديث في كتاب الطلاق، أخرج الحديث في كتاب الطلاق، في باب؟ بابٌ: فيما عني به الطلاق والنيات، بابٌ: فيما عني به الطلاق والنيات، يعني أن النية مؤثرة في الطلاق بلا شك، وهذا تقدم بحثه بالتفصيل.
يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان، قال: حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
والمناسبة ظاهرة، دخول النية في الطلاق لا إشكال فيها على ما تقدم.