الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامساً:
الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي يؤخر عن أبي داود والترمذي لتأخره زمناً، يعني هو توفي سنة ثلاثمائة وثلاثة بعدهم بما يقرب من ثلاثين سنة، أخرجه النسائي في ثلاثة مواضع، في كتاب: الطهارة في باب: النية في الوضوء:
قال رحمه الله: أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي عن حماد والحارث بن مسكين، عن حماد يعني بن زيد، والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، قراءة عليه وأنا أسمع، الحارث بن مسكين هذا شيخ للإمام النسائي وهو من ثقات الرواة وأثباتهم، لكنه طرد النسائي عن السماع ولم يمكنه من السماع، فكان النسائي يختفي خلف اسطوانة وعمود فكان يسمع من غير إذن، والسبب في ذلك على ما قالوا: إن الحارث بن مسكين كان يأخذ على التحديث، كان يأخذ على التحديث والإمام النسائي -رحمة الله عليه- كان يهتم بمظهره اهتمام بالغ، يعني يعتني بمظهره، فلعل الحارث طمع فيه من هذه الحيثية، فالنسائي لم يبذل له شيئاً يرضيه فطرده من الدرس، وأهل الحديث كغيرهم بشر ينتابهم ما ينتاب البشر، والحارث يقول: أنا تفرغت للتحديث، وتركت أولادي دون نفقة، فلا بد من الأخذ، والمسألة على ما هو معروف خلافية بين أهل العلم، والورع ترك الأخذ، لكن إن احتاج الإنسان فجاء في ذلك:((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) الإمام النسائي لإمامة الحارث بن مسكين نقل عنه وروى عنه، وباعتباره لم يأذن له في السماع يصدر الرواية عنه بدون صيغة، الآن عطف على حماد عن حماد والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، لو لم يعطف لقال النسائي -رحمه الله تعالى-: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، الآن الحارث معطوف على حماد وإلا يحيى بن حبيب؟ هو معطوف على يحيى بن حبيب؛ لأنه شيخ للنسائي، ومع ذلك يقول: قراءة عليه وأنا أسمع، هو ليس معطوفاً على حماد، يقول: أخبرنا يحيى بن حبيب العربي عن حماد والحارث يعني وأخبرنا الحارث بن مسكين وهو في الغالب وهو الأصل أنه يذكره بلا صيغة، والنسائي المطبوع مشوا على الجادة ذكر أخبرنا، النسائي الكبرى القطعة المطبوعة منها في الهند جعلوا أخبرنا بين قوسين معكوفين؛ لأنها موجودة في المجتبى المطبوعة في مصر وليست موجودة في الأصل المخطوط فصاروا يكتبون أخبرنا، يعني يستغربون أن يوجد الحارث بن مسكين بدون حدثنا ولا أخبرنا فلعلها سقطت من النساخ، وهم لا يعرفون العلة، هذا الكلام ليس بصحيح، هو لورعه، النسائي رحمه الله لورعه لا يقول: أخبرنا، لماذا؟ لأنه لم يقصد
بالإخبار، فيقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع.
بعض النساخ والناشر والناشرين مشوا على الجادة فذكروا أخبرنا، وهي زيادة في الكتاب لا توجد في الأصول.
والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم حدثني مالك ح وأخبرنا سليمان بن منصور، تقدم الكلام على الحاء في روايات الإمام مسلم لهذا الحديث، وأخبرنا سليمان بن منصور قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك واللفظ له عن يحيى بن سعيد عن محمد .. ، مر بنا أن ممن يعتني بذكر صاحب اللفظ يعتني به بدقة الإمام مسلم، أبو داود أيضاً ينبه على صاحب اللفظ، النسائي ينبه على صاحب اللفظ، الإمام البخاري لا ينبه على صاحب اللفظ، فيروي الحديث عن اثنين وثلاثة ولا يذكر صاحب اللفظ، مما جعل بعض طلاب العلم يقدم مسلم عليه بالنسبة للألفاظ وحسن الصناعة والصياغة على ما قالوا، لكن هذا الكلام ذكرناه في موطنه ورددناه، لماذا؟ لأن كون الإمام مسلم يبين صاحب اللفظ من شيخيه أو شيوخه لا يعني أن اللفظ المذكور هو اللفظ النبوي، لماذا؟ لأن عامة أهل العلم أو جمهور أهل العلم يجيزون الرواية بالمعنى، وما يدريك أن هذا هو لفظ النبي عليه الصلاة والسلام؟ كون مسلم يميز صاحب اللفظ من شيوخه طيب ما بعدهم؟ حتى من شيوخه هو انتقى لفظ أحد الشيوخ، وما الذي يدرينا أن هذا اللفظ الذي انتقاه مسلم هو لفظ النبي عليه الصلاة والسلام؟ فيبقى المسألة على تجويز الرواية بالمعنى لا فرق بين تنبيه مسلم -رحمه الله تعالى- على صاحب اللفظ وعدم تنبيه البخاري لا أثر له؛ لأنهم كلهم يجيزون الرواية بالمعنى، فلعل من اختير لفظه رواه بالمعنى، ومن ترك لفظه رواه بلفظ أقرب أو باللفظ، فلا يعني هذا ترجيح صحيح مسلم من حيث الصياغة أو الصناعة على ما قالوا، بل يبقى الأصل والأس في الباب هو البخاري، وينبغي أن يكون هو المحور لبحوث طلاب العلم، ولتدريس أهل العلم، يبقى الأصل البخاري ثم يدار في فلكه من بقية الكتب، والله المستعان.
قال: حدثني مالك ح وأخبرنا سليمان بن منصور، ذكرنا أن الإمام البخاري لا يعنى بصاحب اللفظ، وأنه إذا روى اللفظ أو روى الحديث عن شيخين فأكثر أن اللفظ للأخير منهما، اللفظ للأخير منهما كما قرره ابن حجر بطريق الاستقراء، يقول: ظهر لنا بطريق الاستقراء أن الإمام البخاري إذا روى الحديث عن شيخين أو أكثر فإن اللفظ للأخير منهما، أو للآخر منهما، ومع ذلك ضبطنا عليه أشياء اللفظ للأول، فتكون القاعدة أغلبية.
وأخبرنا سعيد بن منصور قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك واللفظ له عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وهذه الألفاظ يعني بـ (إنما) وترك (إنما) وإفراد النية وجمع النية، وذكر لـ (كل) أو حذف لـ (كل) هذه تقدمت الإشارة إليها في مواضعها من تخريج الإمام البخاري للحديث في مواضعه السبعة.
الموضع الثاني من تخريج الإمام النسائي لهذا الحديث: في كتاب: الطلاق في باب: الكلام إذا قصد به فيما يحتمل معناه:
قال رحمه الله:
أخبرنا عمرو بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة -هو القعنبي- قال: حدثنا مالك والحرث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم قال: أخبرني مالك، النسائي يروي الحديث عن مالك بطريقين: الأول: من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، والثاني: عن ابن القاسم، وكلاهما من خواص الإمام مالك، قال: أخبرني مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي حديث الحارث أنه سمع عمر يقول، في حديث الحارث أنه سمع عمر، يعني حديث عمرو بن منصور عن عمر بن الخطاب، وفي حديث الحارث أنه سمع، يعني صرح بالسماع، ومر بنا أنه مصرح بالسماع في جميع طبقاته، وأنه لا إشكال في ثبوته، وأنه مجمع على صحته بين أهل العلم، فالتصريح وعدمه سواء، أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) الآن ترجم عليه في كتاب الطهارة وفي كتاب الطلاق، وفي الموضع الثالث: قال -رحمه الله تعالى-: في كتاب الأيمان والنذور، في باب النية في اليمين.
قال رحمه الله:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا سليم بن حيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
هذه ثلاثة مواضع، ومسلم ذكر لفظ سند واحد وأحال في الأسانيد الباقية عدة أسانيد وبعد ذلك البخاري سبعة مواضع، وأبو داود في موضع، والترمذي في موضع، والنسائي في ثلاثة، وابن ماجه أيضاً في موضع، فيكون عدة تخريجه في الكتب الستة كم موضع؟
طالب:. . . . . . . . .
كم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، أربعة عشر أو خمسة عشر؛ لأن مسلم متداخلة أسانيده.
على كل حال بالفراغ من شرح حديث: (الأعمال بالنيات) نكون فرغنا من خمسة عشر حديثاً من أحاديث الكتب الستة، يعني لا يضيق صدر طالب العلم أننا أمضينا هذه المدة في شرح حديث واحد، نكون بذلك أتينا على هذا الحديث في جميع مواطنه من الكتب الستة، وهو من الأحاديث العظيمة التي ينبغي أن يعنى بها طالب العلم، وليس بكثير أن يشرح الحديث في ثلاثة أشهر أربعة أشهر سهل، نعم، بعد هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ذكره في الموطأ برواية محمد بن الحسن كما أشرنا إليه سابقاً، وأما سائر الموطئات لا يوجد فيها حديث:(الأعمال بالنية) مع أنه وجد من ينفي مطلقاً وجود الحديث في موطأ الإمام مالك، ووجد من يثبته في موطأ مالك بناءً على أن الأئمة رووه من طريقه، بناءً على أن الأئمة من طريقه، وذكرنا نقلاً عن السيوطي في تنوير الحوالك أن رواية محمد بن الحسن انفردت بأحاديث منها حديث:((إنما الأعمال بالنيات)) وذكرناه في موضعه، وخرجناه بإسناده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الطرق والمواضع.
طالب:. . . . . . . . .
الطرق؟
طالب:. . . . . . . . .
إي تزيد، تزيد؛ لأن مسلم ذكر طرق كثيرة، إذا ما نظرنا إلى نقاط الالتقاء في الأسانيد يعني مسلم يرويه من طرق كثيرة كلها تجتمع في يحيى بن سعيد، وعلى كل حال إحنا يعنينا عدة أحاديث الكتب الستة بالتكرار ننسب إليها هذه الطرق، يعنينا المرقم في هذه الكتب، يعني حينما يقال: صحيح مسلم ثمانية آلاف على عد بعضهم، أو سبعة آلاف وسبعمائة على عد بعضهم، أو اثنين عشر ألف على عد ابن سلمة على ما قالوا، هذه يذكرون فيها الطرق، نعم، يذكرون الطرق على سبيل البسط، وأما من ذكرها على سبيل الإجمال ما تصل إلى هذا الحد، فنحن إذا أتينا على هذا الحديث بطرقه في الكتب الستة نكون أنجزنا بالنسبة لعدة الأحاديث في هذه الكتب بالتكرار.