المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (شهرا عيد لا ينقصان) - شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال - جـ ١٤

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام - بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر

- ‌الأقوال في رؤية الهلال في بلد دون بلد

- ‌باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم

- ‌حكم الهلال إذا رؤي في بلد يختلفون عن غيرهم في الليل والنهار

- ‌توجيه الإمام النووي لحديث ابن عباس مع كريب في رؤية الهلال

- ‌باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره وأن الله تعالى أمده للرؤية فإن غم فليكمل ثلاثون

- ‌شرح حديث: (إن الله أمده للرؤية فهو لليلة رأيتموه)

- ‌شرح حديث: (إن الله أمده لرؤيته، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة)

- ‌باب بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (شهرا عيد لا ينقصان)

- ‌باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وغير ذلك

- ‌شرح الأحاديث في معنى الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر

- ‌شرح حديث: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم)

- ‌شرح حديث: (لا يمنعن أحداً منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن بليل)

- ‌كلام الإمام النووي في حديث: (إن بلالاً يؤذن بليل)

- ‌حكم الأكل والشرب بعد الأذان الأول، وجواز أذان الأعمى

- ‌استحباب الأذانين في الصبح

الفصل: ‌باب بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (شهرا عيد لا ينقصان)

‌باب بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (شهرا عيد لا ينقصان)

قال: [باب بيان معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (شهرا عيد لا ينقصان)] يعني: شهر رمضان الذي ينتهي بالعيد، وشهر ذي الحجة الذي فيه العيد.

فالمتبادر إلى الذهن أن معنى قوله: (شهرا عيد لا ينقصان) أنهما يكونان ثلاثين يوماً، والإمام مسلم أتى بهذا الحديث في هذا الموطن بالذات حتى يبين المعنى الصحيح لهذا الحديث؛ لأن هذا الحديث لو سمعته في أي مكان غير درس العلم لقلت: قوله: (لا ينقصان) يعني: هما على التمام ثلاثون يوماً باستمرار وباطراد.

إذاً: ما معنى قوله: (شهرا عيد لا ينقصان)؟ أي: لا ينقصان في الثواب والأجر، وهذا أرجح الأقوال في هذا الحديث.

يعني: لو أتى رمضان تسعة وعشرين يوماً فأجره كما لو كان ثلاثين يوماً.

وكما أن في شهر رمضان من الفضائل والمناقب والمنح الربانية ما ليس في غيره من الشهور، فكذلك شهر ذي الحجة فيه يوم عرفة الذي يكفر ذنوب سنة مضت وسنة لاحقة، إن لم يكن فيه إلا هذا اليوم لكفى، ولذلك اختلف أهل العلم في أفضل الأيام بين رمضان وذي الحجة.

أنتم تعلمون الأحاديث التي وردت في بيان فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، وهي في الصحيحين وفي غيرهما، كما لا يخفى عليكم فضل العشر الأواخر من رمضان، والأحاديث التي أتت ووردت في فضل هذه الأيام في الصحيحين وغيرهما، فهل العشر الأواخر من رمضان أفضل، أم العشر الأوائل من ذي الحجة؟ اختلف أهل العلم، وأرجح الأقوال في هذا هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية: أن أيام ذي الحجة أفضل؛ لأن ذا الحجة يمتاز بأن عرفة في النهار والنحر في النهار، ويوم النحر هو اليوم المتمم للعشر، والنحر في النهار، ولا بأس أن يكون في الليل، لكن العادة أن الحجاج وغير الحجاج ينحرون في النهار دون الليل، فالنحر إنما يتم فيه، والنحر عبادة عظيمة.

أما ليالي رمضان فامتازت على ليالي ذي الحجة؛ لأن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي حوالي ثلاث وثمانين سنة وأربعة شهور.

قال الإمام النووي: (قوله عليه الصلاة والسلام: (شهرا عيد لا ينقصان: رمضان، وذو الحجة) الأصح أن معناه: لا ينقص أجرهما والثواب المرتب عليهما وإن نقص عددهما)، يعني: وإن نقص عدد رمضان إلى تسعة وعشرين وكذلك شهر ذي الحجة، فإن الثواب يكون كاملاً لمن تعبد إلى الله عز وجل في هذين الشهرين.

ثم قال: (وقيل: معناه: لا ينقصان جميعاً في سنة واحدة غالباً) يعني: إذا جاء رمضان تسعة وعشرين يوماً فلا يمكن أن يأتي معه ذو الحجة في نفس السنة تسعة وعشرين يوماً، لا بد أن يكون ثلاثين يوماً، أما أن ينقصا في سنة واحدة فلا، لا بد أن يكون أحدهما أتم من الآخر، وهذا رأي وإن كان وجيهاً إلا أن الأول أقوى منه.

ثم قال: (وقيل: لا ينقص ثواب ذي الحجة عن ثواب رمضان؛ لأن فيه المناسك، وهو قول ضعيف، قاله الخطابي، والأول هو الصواب المعتمد.

ومعناه: أن قوله عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

وقوله عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وغير ذلك.

فكل هذه الفضائل تحصل سواء تم عدد رمضان أم نقص، وكذلك في شهر ذي الحجة، والله تعالى أعلم).

ص: 9