الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في هذا خدمة الكبير، وأنه لا يزري بالخادم، إذا كان ممن يستحق الخدمة، فالصحابة كلهم يخدمون النبي عليه الصلاة والسلام، كما سبق في حديث أنس:"كنت أحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة" يخدمونه عليه الصلاة والسلام، المغيرة بن شعبة يهوي لينزع الخفين، ولا غرابة في ذلك ولا ضير، وليس هذا من استعباد الخلق كما يقال، بل هو من باب التشرف بخدمة هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
حديث حذيفة بن اليمان الذي يليه رضي الله عنهما قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فبال وتوضأ ومسح على خفيه"، في قصة، بال النبي عليه الصلاة والسلام وتوضأ، ومسح على خفيه، فالمسح على الخفين متواتر، لا ينكره كما قلنا إلا طوائف من المبتدعة، الذين لا يستدلون بمثل هذه الأخبار، وإلا فهي أدلة قطعية ملزمة، مثبتة موجبة للعلم والعمل معاً، فلا ينكر مثل هذا الثابت إلا زائع نسأل الله السلامة والعافية.
هناك مباحث تتعلق بالمسح على الخفين تُستقصى وتُستوعب من كتب الفروع، نعم.
باب في المذي وغيره:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال:((يغسل ذكره ويتوضأ)).
وللبخاري: ((اغسل ذكرك وتوضأ)) ولمسلم: ((توضأ وانضح فرجك)).
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب في المذي وغيره" يعني مما يوجب الوضوء.
"عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً مذاءً" يعني كثير المذي وهو ماء رقيق يخرج عند الملاعبة وعند التفكر والنظر، يخرج هذا الماء وهو رقيق نجس يجب غسله، وإن كانت نجاسته مخففة فيكتفى فيه بالنضح، المقصود أنه نجس بخلاف المني فهو طاهر.
يقول: "كنت رجلاً مذاءً" يعني كثير المذي، مذاء فعال صيغة مبالغة "فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني" نعم هو صهر النبي عليه الصلاة والسلام، زوج البتول فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا ينبغي استعمال الأدب والحياء من الأصهار خلافاً لما يفعله كثير من الناس من نزع جلباب الحياء معهم فضلاً عن غيرهم، لا سيما وأن هذا المسئول عنه يتعلق بأمر خاص، يكون بين الرجل وزوجته في الغالب.
"فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد بن الأسود" علي رضي الله عنه أمر المقداد أن ينوب عنه بالسؤال، في سؤال النبي عليه الصلاة والسلام عما يوجبه خروج المذي، فسأله، فقال:((يغسل ذكره ويتوضأ)) فالمراد بالغسل هنا النضح، وليس المراد به المبالغة في تنظيف المحل لما جاء في صحيح مسلم:((توضأ وانضح فرجك)) وللبخاري: ((اغسل ذكرك وتوضأ)) على أنه يمكن حمل رواية مسلم على أنه يغسل كغيره من النجاسات مع المبالغة في غسله وإزالته، ثم يتوضأ بعد ذلك، ثم بعد الوضوء ينضح فرجه؛ لأن المذي في الغالب لا ينقطع بسهولة، ما هو مثل البول، فيظن أنه يستمر حتى بعد الوضوء، فإذا نُضح الفرج، ونُضح السراويل، نعم يحال ما يظن خروجه عليه؛ لئلا يبتلى الإنسان بوسواس.
على كل حال المذي نجس، ونجاسته ليست كنجاسة البول، لكن مع ذلكم يغسل وينضح الفرج منه، وبعضهم يقول: يُكتفى بالنضح.
لا معارضة بين رواية مسلم ((توضأ وانضح فرجك)) مع حديث بسرة: ((من مس ذكره فليتوضأ)) لا، لا معارضة بينهما لأن النضح يتم بدون مس، النضح هو مجرد الرش، ويتم بدون مس، يعني الجمع من الروايات أن يغسل الذكر كما يغسل منه سائر النجاسات كالاستنجاء، ثم بعد ذلكم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم بعد ذلكم ينضح فرجه وسراويله، لما جرت به العادة أن المذي لا ينقطع بسرعة، كما ينقطع البول، فلئلا يصاب الإنسان بالوسواس هل خرج شيء أو لم يخرج ينضح ذكره، فيحيل ما يحس به من رطوبة إلى هذا الماء المنضوح، وبهذا يحصل الانصراف عن التفكير في هذا الشيء؛ لأن المسالك كل ما غفل عنه الإنسان لزمت، وكل ما تذكرها وحرص عليها درت، فالإنسان ينضح فرجه ولا يلتفت إلى شيء خلاص، لا يقول: خرج ما خرج، تحيل ما تحس به من رطوبة إلى هذا النضح، ومثله من يخيل إليه أنه يخرج من ذكره شيء، بعض الناس يخيل إليه أنه توضأ ثم خرج منه، نزل منه شيء، انضح فرجك ولا تلتفت إلى شيء وبهذا تستطيع أن تقطع الوسواس؛ لأن الشيطان حريص على أن يدخل الخلل على المسلم في عبادته، أن يصرف المسلم عن عبادته إن استطاع وإلا أدخل الخلل عليه والنقص، فهو يوقع في نفسه أنه خرج منه شيء، وقد جاء التوجيه في الحديث الذي يليه، الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فوجهه أنه لا ينصرف لمجرد هذا التخييل، يخيل إليه أنه خرج من ذكره شيء لا ينصرف، وعلاج الوسواس يكون بالنضح، نعم.
وعن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال:((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً)).
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني" راوي الحديث السابق، حديث الوضوء، وذكرنا أنه غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان، "قال: شكي إلى النبي عليه الصلاة والسلام الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة" يخيل إليه وهذا الغالب في الباعث على هذا التخيل الحرص، يعني الغالب أن من يصاب بهذه التَخَيُلات والتَخْيلات والوساوس هو الشخص الحريص، الشخص الحريص هو الذي يبتلى بمثل هذه الأمور، لا سيما إذا استرسل مع الشيطان.
فيخيل إليه أنه يخرج من قُبله شيء، رطوبات تنزل، يخيل إليه أنه يخرج من دبره شيء رياح، لكن العلاج في عدم الالتفات إلى هذه التخييلات؛ لأن هذه شكوك، وبعضها أوهام، والأصل بقاء الطهارة، والشك لا يزيل اليقين، فعلى الإنسان ألا ينصرف حتى يتحقق، والوسواس من أوسع مداخل الشيطان على المسلم ليصرفه عن عبادته، وكم من شخص ترك الصلاة بسبب الوسواس، الباعث الحرص الشديد الذي لم يؤطر ويخطم بخطام الشرع، تجد الإنسان مع الجهل والحرص يصاب بمثل هذا، لكن لو كان عنده علم بهذه النصوص ما التفت إلى هذه الشكوك، ولا هذه الأوهام، والوسواس بلوى، مصيبة تجعل الإنسان في نهاية الأمر يترك الصلاة، لا سيما إذا تضرر في بدنه أو في دنياه، وقد يمكث الساعة يتوضأ والساعتين الثلاث، أحياناً يمكث خمس ساعات ويتوضأ، ويعيد، يتوضأ ويعيد، خرج ما خرج، نويت ما نويت، هذا مرض، ومثل ذلك في الصلاة، فيمضي وقته في ليله ونهاره كله في محاولة الوضوء في الصلاة، وأخيراً يقال له: لا تتوضأ ولا تصلي، خلاص في حكم المجانين،. . . . . . . . . يعني شخص يحاول صلاة العشاء
…
، الوضوء لصلاة العشاء، وصلاة العشاء إلى الثامنة صباحاً مثلاً، مثل هذا متى بيصلي الفجر؟ ولن ينتهي إلا بعد خروج وقت صلاة الظهر، وهكذا، مثل هذا كارثة، فإذا وصل الإنسان إلى هذا الحد لا بد أن يقال له: المشقة تجلب التيسير، لكن قبل ذلك نويت ما نويت توضأ بدون نية، مجرد قصدك للوضوء هذه النية، يقول: لا ما نويت، ولأدنى سبب يقطع الصلاة، هذا بلاء، فنتمثل مثل هذه .. ، الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال:((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً)) يعني يتأكد؛ لأنه متيقن الطهارة، وقطعها وإبطالها مشكوك فيه، والشك لا يزيل اليقين، نعم.
وعن أم قيس بنت محصن الأسدية أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه على ثوبه، ولم يغسله".
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصبي فبال على ثوبه، فدعا بماء فأتبعه إياه. ولمسلم: "فأتبعه بوله ولم يغسله".
حديث أم قيس بنت محصن أخت عكاشة بن محصن الذي قال للنبي عليه الصلاة والسلام: اسأل الله أن يجعلني منهم، قال:((أنت منهم)) "الأسدية أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" الصحابة كانوا يأتون بأطفالهم الصغار إلى النبي عليه الصلاة والسلام، يدعو لهم، ويبرك عليهم، ويحنكهم، وهذا من حسن عشرته عليه الصلاة والسلام، ورأفته ولطفه بالصغار، مراعاةً لآبائهم وأمهاتهم هذه أتت النبي عليه الصلاة والسلام بابن لها صغير لم يأكل الطعام، لهذا القيد، وهذا قيد معتبر وإلا جاء الإطلاق كما في حديث عائشة:"أتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه" والقيد في حديث أم محصن معتبر، والحد الفاصل أكل الطعام، إذا استقل بأكل الطعام فإن حكمه يختلف عما كان قبل أكل الطعام، ولذا قال:"إنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه على ثوبه، ولم يغسله" ابن وهذا يخرج البنت، وقد جاء التفريق بين الذكر والأنثى في قوله عليه الصلاة والسلام:((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)) هذه جاءت بابن، وهذا قيد معتبر يخرج البنت، وجاء التفريق بينهما من حديث أبي السمح وغيره أن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)) فالتفريق معتبر، وهو الصحيح، وإن قال بعضهم: إنه لا فرق بين الذكر والأنثى إذا لم يأكلا الطعام، وكونه لم يأكل الطعام قيد معتبر، خلافاً لمن يزعم أن الرش للذكور ولو كبروا، ولو أكلوا الطعام، والغسل للإناث، والصواب أنه لا بد أن يكون ذكراً، وأن لا يأكل الطعام، والتخصيص بالذكر، قالوا فيه: الحكمة والعلة والسبب أنه جرت العادة أن العرب يحبون الذكور أكثر من الإناث، ويكثرون من حملهم أكثر من الإناث، ويحصل البول بينهم كثيراً، فلو أمروا بالغسل لتضرروا ولشق عليهم بخلاف الإناث فإن حملهم لهن قليل، فلا يشق عليهم أن يغسلوا، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الشرع لا يفرق بين الذكر والأنثى.
منهم من قال: لأن بول الغلام ينتشر في مواضع، فإذا أمر بغسل جميع هذه المواضع شق، بينما بول الأنثى موضعه واحد ولا ينتشر وغسله لا يشق.
"فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه" أتبعه بالماء نضحاً، وفرق بين النضح والرش والغسل، ولم يغسله، فدل على أن بول الغلام الذكر الذي لم يأكل الطعام نجاسته مخففة بخلاف الأنثى، وبخلاف الكبير.
وفي حديث عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصبي، فبال على ثوبه، فدعا بماء، فأتبعه إياه" أتي بصبي، هذا الحديث مطلق يقيده ما سبق "لم يأكل الطعام" فبال على ثوبه عليه الصلاة والسلام، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام بماء فأتبعه إياه رشاً ونضحاً، لا غسلاً كما تقدم.
"ولمسلم: "فأتبعه بوله ولم يغسله" نعم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه".
نعم بول الصبي نجاسته مخففة، وبول الكبير نجاسته مغلظة، ولذا أردف الحديث السابق بحديث أنس رضي الله عنه.
قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد" الشرع يلاحظ لا يجمع بين المتفرقات والمختلفات، كما أنه لا يفرق بين المتماثلات، تطهير الثوب يختلف عن تطهير الأرض، فالثوب لو بال عليه كبير وجب غسله، وتنظيفه، لكن الأرض كيف تطهر الأرض؟ هل نقول: إن الأرض تطهر كما يطهر الثوب؟ لا، تطهير كل شيء بحسبه.
الخف إذا وطئ فيها الأذى كيف تغسلها؟ إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب، ما يتلفه الماء إذا وقعت عليه نجاسة كيف يطهر؟ وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن إضاعة المال، المقصود أن الشرع يلاحظ مثل هذه الأمور، فيفرق بين المختلفات، لكنه لا يفرق بين المتماثلات.
"وعن أنس رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد" ناحية المسجد، زاوية من زوايا المسجد، "فزجره الناس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم" وفي رواية:"جاء أعرابي فدخل المسجد فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم اغفر لي ومحمداً ولا تغفر لأحد معنا أبداً" قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((لقد حجرت واسعاً)) فما لبث أن بال في طائفة المسجد، وبعض الروايات ترتب الدعوة على ما حصل من الصحابة من زجره، جاء فبال فزجره الناس فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام:((دعوه)) ((لا تزرموه)) ((لا تقطعوا عليه بوله)) فقال: اللهم اغفر لي ومحمداً، وهذا أنسب، وإن كان في بعض الروايات تقديم الدعوة على ما حصل منه من بول.
"جاء أعرابي" والأعرابي ساكن البادية، يقابله الحضري ساكن الحاضرة، جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد في ناحيته، فزجره الناس، يعني أغلظوا عليه القول، قاموا إليه فزجروه، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام بحلمه وعقله وعلمه نهاهم النبي عليه الصلاة والسلام رفقاً بهذا الجاهل، فينبغي أن يرفق بالجاهل في تعليمه؛ ليكون أدعى إلى القبول، فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام لئلا يتضرر هذا الشخص؛ ولئلا يعظم الضرر، ويزداد تنجيس المسجد، لما ترك وقضى حاجته وبوله في مكان واحد في جهة واحدة، أمر بذنوب من ماء فصب عليه انتهى الإشكال، لكن لو قطع عليه بوله وأمر بأن ينصرف عن المسجد تلوث بدنه وثيابه، ومواضع من المسجد، وأصيب بالضرر؛ لأن حبس البول مضر، فالنبي عليه الصلاة والسلام الرؤوف الرحيم، إمام المعلمين، إمام الأئمة عليه الصلاة والسلام هذا أسلوبه، وهذا تعامله مع الجاهل، والله المستعان.
"فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه" الذنوب: هو الدلو، بذنوب من ماء، و (من) بيانية، في بعض الروايات:"بسجل من ماء" والسجل: هو الدلو الذي فيه الماء، "فأهريق عليه" يعني صب عليه، ويكفي هذا الفعل في تطهير الأرض، ولا يلزم تقليب التراب، ولا نقله وإخراجه من المسجد، يكفي أن يصب عليه الماء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفرش لا بد من غسله، الفرش تغسل؛ لأن غسلها ممكن، أما الأرض كيف تغسل؟ ما لها إلا هذا، نعم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط)).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الفطرة خمس)) وفي رواية: ((خمس من الفطرة)) وفي رواية: ((عشر من الفطرة)) على كل حال أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بالعدد ثم زيد عليه، لا يقال: حصرها في الخمس خطأ، لا؛ لأنه ما يمنع أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام أخبر بالخمس ثم زيد عليها، وقد أساء بعضهم الأدب في تعامله مع بعض النصوص، النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح يقول:((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) قال بعض الشراح: في هذا الحصر نظر، تنظر في كلام من؟ في كلام من لا ينطق عن الهوى، في كلام من؟ في كلام من لا ينطق عن الهوى، في هذا الحصر نظر؟ هذا سوء أدب، وغفلة شديدة، نعم تكلم في المهد سبعة، أخبر بالثلاثة، ثم زيد رابع ثم زيد خامس وسادس وسابع، أخبر بخمس ثم زيد على ذلك على العشر، بل زادت على العشر، الفطرة: هي بدء الخلقة أو الدين، بعضهم يقول: الفطرة الدين، وبعضهم يقول: الفطرة السنة المتبعة المتلقاة عن الأنبياء في الأديان، وبعضهم يقول: الفطرة بدء الخلق، الخلقة أو الدين، {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [(30) سورة الروم] ولذا يقول ابن عباس:"ما عرفت معنى فاطر حتى اختصم إلي اثنان في بئر، فقال بعضهم: هي بئري أنا فطرتها" يعني أنا ابتدأتها وحفرتها.
وعلى كل حال مما فطر الله الناس عليه هذه الخمس، وغيرها من سنن الفطرة.
((الختان)) الختان: هو قطع ما على قلفة الرجل، ومن المرأة أيضاً يقطع ما يحتاج إلى قطعه، فالختان بالنسبة للرجال واجب، واجب اتفاقاً؛ لأنه لا يتم التطهير إلا به، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد جاء في الحديث:((ألقِ عنك شعر الكفر واختتن)) جاء الأمر به، والنص الذي معنا يتناول الرجال والنساء فهو من سنن الفطرة، وأوجبه بعضهم بالنسبة للنساء كالرجال، ومنهم من اقتصر على كونه سنة، ومكرمة بالنسبة للنساء، وجاء فيه ما جاء فيه من النصوص:((أشمي ولا تنهكي، فإنه أحظى وأنظر)) المقصود أنه مطلوب بالنسبة للمرأة كالرجل إلا أنه لا يجب مثل وجوبه على الرجال.
وقد ثارت ثائرة من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، وأن هذا تعذيب، لكن لا كلام لأحد مع ما جاء في شرع الله عز وجل، لا بالنسبة للرجال ولا بالنسبة للنساء، وهو بالنسبة للنساء مفيد جداً، يخفف الشهوة إذا كان مطلوب في سائر الأوقات ففي مثل هذه الظروف يتأكد التي وجد ما يثير الشهوات، لا شك أنه يخفف، وهو أحظى -كما يقولون- عند الزوج، وأنظر للمرأة، والله المستعان، ثارت ثائرة الكفار، ومن يردد كلامهم ومقاصدهم وأهدافهم معروفة، هذه البلاد التي يكثر فيها الختان للنساء يقل فيها الشر والفساد، رغم ما فيها من إباحية، لكنه يقل، يعني لو قدر أن مع هذه الإباحية ومع هذه الشرور والفتن ما وجد ختان لصارت المسألة أعظم وأعظم.
الختان: هذا الختان يُرد على المرء عند إرادة البعث، ولذا يبعثون حفاة عراة غرلاً، يعني غير مختونين، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} [(104) سورة الأنبياء].
((والاستحداد)) يعني استعمال الحديدة، وهي الموسى في إزالة الشعر النابت حول القبل، شعر العانة يزال بالحلق، يحلق بالحديدة التي هي الموس، هذا من سنن الفطرة.
((وقص الشارب)) وجاء الأمر بإحفاء الشارب، وجاء الأمر بأخذ الشارب، وجاء الأمر بحلق الشارب، كما في سنن النسائي وغيره، على كل حال يبالغ في إنهاكه، وإن قال الإمام مالك: إن أخذه مثلة، على كل حال عندنا النصوص أن قص الشارب من الفطرة، وجاء الأمر بإحفائه، وإعفاء اللحية، وإكرم اللحية، ((أكرموا اللحى)) ((أعفو اللحى)) ((وفروا اللحى)) وكان النبي عليه الصلاة والسلام كث اللحية، يعرفون قراءته باضطراب لحيته ومن خلفه، ثم يأتي من يأتي بتشريع أخذ ما زاد على القبضة، ومعلوم أنه إذا دخل المقص شيء أزاله مع التدريج، أنتم ترون من بدأ بأخذ ما زاد على القبضة زاد على ذلك، ثم بعد ذلك طال الأيمن، ثم أخذ من الأيسر إلى أن تنتهي اللحية، مع النصوص الصريحة الصحيحة التي تأمر بإعفائها وإكرامها وتوفيرها، وجاء في وصفه عليه الصلاة والسلام أنه كان كث اللحية، الذي يأخذ من اللحية ما زاد على القبضة ترى لحيته من خلفه؟ ما يمكن أن ترى من خلفه، نعم ثبت عن ابن عمر أنه في النسك يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، لكن هذا فهمه لقوله -جل وعلا-:{مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [(27) سورة الفتح] هو فهم من هذه الآية أن من تلبس بنسك يلزمه أن يجمع بين الحلق والتقصير، محلقين أو مقصرين، والحلق للرأس والتقصير لإيش؟ إذا حلق الرأس ويش يبقى؟ ما يبقى إلا اللحية، فكان يفعل هذا ويتأول هذه الآية، وذكر عن غيره من الصحابة، لكن العبرة بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما جرؤ المسلمون على حلق لحاهم إلا بعد أن خالطوا الكفار؛ لما استعمرت البلاد الإسلامية، وأيضاً لما شاع عندهم مثل هذا القول، الأخذ من اللحية وما زاد على القبضة، ولا بد من ترتيبها، ولا بد أن يخرج الإنسان المسلم بمظهر يليق به، ويش صار؟ المسلمون على مر العصور لحاهم متوافرة، وأول من بدأ بحلق اللحية طائفة ضالة قد تنتسب إلى الإسلام وهي لا نصيب لها، قلندرية يقال لهم، ثم بعد ذلك اختلط الناس بالاستعمار وصاروا قدوات الكفار المستعمرين صاروا قدوات في بلاد الإسلام صاروا يقلدون على هذا، وساعد على ذلك نشر مثل هذا القول فدخل المقص، وإذا دخل المقص خلاص ما له حد،