الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمدة الأحكام -
كتاب البيوع (2)
شرح حديث: "نهى عن بيع حبل الحبلة .. " وحديث: "نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها .. " وحديث: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان .. " وحديث: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة .. " وحديث: "نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المخابرة .. " وحديث: "نهى عن ثمن الكلب .. " وحديث: "ثمن الكلب خبيث .. "
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الضرر اللاحق بالسلعة بسبب التصرية أعظم من أجرة النقل يردها، وهو أدرى بمصلحته، وعلى كل حال على هذا الغاش الذي تسبب في هذا الغرر عليه كفل من الخسائر يحصل هذا بالنسبة للكتب، ونحن بين يدي طلبة علم، يحصل كثيراً بالنسبة للكتب، بعض الناس يشتري كتاب ويذهب به فإذا طالعه وجد فيه ملزمة ناقصة، عيب، الملزمة عيب، نقص الملزمة أو كونها بياض هذا عيب في السلعة، لكن الكتاب بعشرين ريال بيركب السيارة ويروح يرجعه ثلاثين أربعين كليلو، أكثر من قيمة الكتاب، في مثل هذا يعني المسألة عقلية، يعني يتحمل هذا الغرر وهذا النقص في مقابل العناء والكلفة التي .. ، الوقت يحتاج إلى وقت طويل ليذهب إلى أقصى الرياض ليرد الكتاب، وكل يقدر مصلحته، وإلا فالعيب ترد به السلعة.
يقول: أيهما أولى بالتقديم أصول الفقه أم الفقه؟
نقول: هما معاً، لا يمشي هذا إلا بهذا، فيأخذ طالب العلم من أصول الفقه ما يحتاج إليه مع معرفته بالمسائل الفقهية بأدلتها.
يقول: هل تنصحون بحفظ العمدة أو حفظ الصحيحين قبل؟
لا، تحفظ هذه المتون التي هي جواد مطروقة عند أهل العلم، فتحفظ الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ، ثم بعد ذلك يأتي إلى الكتب المطولة المسندة.
يقول: هل هناك خيار للأقوال أو بالأقوال بمعنى أنهما إذا افترقا على القول يجب البيع كما يقول المالكية والحنفية؟
إذا أسقطا خيار المجلس، إذا اتفق البائع مع المشتري على إسقاط خيار المجلس فالأمر لا يعدوهما، فيتم البيع ويلزم بالتفرق بالأقوال بالإيجاب والقبول.
يقول: ذكر ابن حجر في فتح الباري أن ظاهر حديث حكيم ابن حزام يدل على أن أحد المتبايعين إذا كتم وكذب وصدق صاحبه وبين فإن محق البركة يلحق البيع، ويؤجر الصادق على صدقه، وإن لم يبارك له في بيعه؟
نص الحديث: ((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) لو كان العقد بين جماعة مع جماعة آخرين، وجاء النص هكذا: فإن صدقوا وبينوا بورك لهم في بيعهم، وإن كتموا وكذبوا محقت بركة بيعهم، نريد أن نرجع هذا الكلام إلى قاعدة عند أهل العلم وهي: أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، آحاد، يعني كل واحد له نصيبه من الحكم، إذا قيل: ركب القوم دوابهم مقتضى ذلك أن كل واحد منهم ركب دابته، فمقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، يعني كل واحد له ما يتعلق به.
وإذا قيل: ركب الزيدان دابتيهما، إيش معنى هذا الكلام؟ أن كل واحد منهما ركب دابته، فالتثنية تدخل في الجمع.
وهنا: ((إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما)) لو صدق واحد منهما بورك له، إن كذب واحد محقت البركة بالنسبة له، فكل شخص مسئول عن نفسه، ومكلف بعمله، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام]، ولو قال ابن حجر ما قال؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، يعني كل واحد له ما يخصه من هذا الجمع، كل واحد من هؤلاء المجموعة له ما يخصه من المجموعة الأخرى، مقابلة جمع بجمع، وهنا مقابلة تثنية بتثنية، فكل واحد من الاثنين له ما يخصه.
يقول: "فإن محق البركة يلحق البيع ويؤجر الصادق على صدقه، وإن لم يبارك له في بيعه" كأن الحافظ -رحمه الله تعالى- لحظ وهو أن البركة بورك لهما في بيع، فالبيع واحد، ((ومحقت بركة بيعهما)) هذا البيع الواحد، فلما كان العقد واحد فإما أن يبارك أو تمحق البركة، ومعروف أنهما إن صدقا جميعاً وجدت البركة إن كذبا جميعاً محقت البركة، لكن ماذا عما لو صدق أحدهما وكذب الآخر؟ نقول:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام]، ظاهر النص يدل على أن الصادق يبارك له وإن غبن، لكن يبارك له، والكاذب تمحق البركة وإن زادت القيمة بالنسبة له.
هذا تبع الكتب يقول: اشتريت من المكتبة كتب وغبنت في السعر بأكثر من سعرها الحقيقي فماذا ترى في ذلك؟
على كل ذلك خيار الغبن مقرر عند أهل العلم فإذا زادت القيمة على .. ، زاد الغبن على الثلث فإن أهل العلم يثبتون خيار الغبن، هذا هو المعمول به عند أهل العلم، لكن من أهل العلم من لا يرى الغبن في أمور الدنيا كلها، ولو زادت القيمة أضعاف، وإنما التغابن في يوم التغابن، وأما الدنيا كلها ما فيها غبن، هذا القول لا شك له حظ من النظر، لكن القول المعتمد عند أهل العلم هو الأول.
يقول: هل يسن ذكر دعاء الاستفتاح في النوافل والوتر والضحى وغيرها؟
نعم، فما ثبت في الفريضة يثبت في النافلة إلا ما دل الدليل على اختصاص الفريضة به، وهذا أسئلة كثيرة جداً إن بقي من الوقت شيء أتينا عليها -إن شاء الله تعالى-.
في حديث المصراة يقول: ((ولا تصر الغنم)) وعرفنا أن في حكمها الإبل والبقر، وجاء في الإبل أيضاً نص خاص، ((ومن ابتاعها -يعني اشتراها- فهو بخير النظرين)) يعني إذا عرف الحقيقة والواقع بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، لأن الأمر لا يعدوه هو غش وغر، لكن الأمر لا يعدوه، إذا رضي وأمسك له ذلك، وإن سخطها وأرد الرد ((ردها وصاعاً من تمر)) يعني رد معها صاعا ًمن تمر، وهذا حكم نبوي لا يتعدى قطعاً وحسماً للنزاع؛ لأنه لو ترك مثل هذا لاجتهاد الناس، لو ترك لاجتهادهم فلن يرضى أحد صاحب الدابة يقول: لبني أكثر، والمشتري يقول: اللبن أقل.
على كل حال هذا حكم نبوي، ويزعم الحنفية أنه يخالف القياس؛ لأن المتلفات إن كانت مثلية تضمن بالمثل، وإن كانت قيمية تضمن بالقيمة، اللبن مثلي وإلا قيمي؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا القياس، وهذه القاعدة، يقولون: هذا خالف القاعدة، هو مثلي وإلا قيمي؟
طالب: مثلي.
يعني مكيل أو موزون؟ اللبن مكيل أو موزون؟
طالب: قد يأتي هذا، أنه موزون يا شيخ، موزون وربما يكتال يا شيخ.
على كل حال هو مثلي، فالقاعدة عندهم أن يرد مثله بمقداره كيلاً أو وزناً، لكن هذا خالف القياس، وعندهم أن النص إذا كان خبر واحد وخالف القياس لا يعمل به، ونقول: إن القياس لا بد له من أصل يستند إليه، القياس اعتبار القياس متى؟ إذا كان له أصل يستند إليه، وقياسهم له أصل، والحديث حديث الباب أصل برأسه، فكيف يرد أصل بفرع؟ يعني حديث الباب أصل؛ لأن الأصل المشترط لصحة القياس أن يكون نص، وهذا نص، إذاً هذا أصل قائم برأسه، فكيف يرد الأصل بالفرع؟ فقولهم لا قيمة له.
سم.
شرح حديث: "نهى عن بيع حبل الحبلة .. "
أحسن الله إليكم:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها، قيل: إنه كان يبيع الشارف -وهي الكبيرة المسنة- بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته.
يكفي، يكفي.
في هذا الحديث حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة، و (نهى) عرفنا مراراً أنها في حكم:"لا تبيعوا" فإذا جاء النهي بـ (لا) الناهية أو بلفظ: النهي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نهينا عن كذا فالحكم واحد، ولا التفات لقول من يقول: إنه لا يحتج به حتى ينقل اللفظ النبوي، يعني قول الصحابي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، هو تعبير الصحابي عن صيغة النهي التي بلغته عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا فرق عند عامة أهل العلم ولا عبرة ولا التفات إلى قول من يقول: لا يحتج به حتى ينقل اللفظ النبوي.
يقول: نهى عن بيع حبل الحبلة، حبل: هو الحمل، حبل هو الحمل، والحبلة جمع حابل، مثل ظلمة جمع ظالم، كتبة جمع كاتب، فسقة كفرة، جمع فاسق وكافر وهكذا، وفي بعض كتب اللغة ما يشير إلى أن الحبل بالباء يختص بالآدميات، بخلاف الحمل فيطلق على ما في بطون الآدميات وغير الآدميات، وحديث الباب المقصود به حمل الآدميات وإلا حمل الدواب؟
طالب: الدواب.
حمل الدواب، يرد على هذه المقالة، فالحمل والحبل بمعنى واحد في الآدميات وغيرها.
"وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها"، كان الرجل هذا حكاية واقع، وإلا لو باعه باعت المرأة هذا البيع قلنا: حرام، لكن هذا خرج مخرج الغالب يبتاع الجزور والمقصود به الإبل، سواءً كان ذكراً أو أنثى، كله يقال له: جزور، إلى أن تنتج الناقة، تنتج فعل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
مبني لأي شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
والناقة إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ما الذي ينتجها؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الفاعل أين؟ ما الفاعل هنا: تنتج الناقة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
تقديره؟ يعود إلى إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
إلى المتأخر؟ إلى المتأخر لفظاً ور تبة أو إلى المتقدم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في ضمير، ما في ضمير، الفعل هذا صورته صورة المبني للمجهول؛ لأن المضارع إذا بني للمجهول ماذا يفعل به؟
طالب:. . . . . . . . .
فأول الفعل اضممن والمتصل
…
بالآخر اكسر في مضي كوصل
واجعله من مضارع منفتحا
…
كينتحي المقول فيه: ينتحا
تُنتج: صورته صورة المبني للمجهول، وهو هنا مبني للمعلوم، هكذا سمع عن العرب، ما في شيء اسمه تُنتِج، إنما الفعل الوارد عنهم تُنتَج الناقة، الناقة فاعل، ثم تنتج التي في بطنها، يعني تلد الناقة ثم تلد التي في بطنها، حبل الحبلة حمل الحمل، حبل الحبلة حمل الحمل، وتفسير هذا الحديث يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
"قيل: إنه كان يبيع الشارف -وهي الكبيرة المسنة- بنتاج الجنين الذي في بطن أمه "، حبل الحبلة حمل الحمل بنتاج الجنين الذي في بطن أمه، يأتي إلى هذه الناقة الكبيرة، ناقة شارف، مشرفة على النهاية لحمها جيد وإلا رديء؟ ليس بجيد، ولادتها محتملة وإلا لا؟ نعم، يقول: بدلاً من أن تجلس لا أستفيد من لحمها ولا ولدها أبيعها آجل بحمل حمل هذه الناقة، زيد عنده شارف ناقة كبيرة مسنة، وعمرو عنده ناقة حامل أو حابل في بطنها حبل، يأتي زيد إلى عمرو ويقول: أبيع هذه الشارف في الحبل الذي في بطن هذه؟ لا، الحبل الذي سوف تحبل به ما في بطن هذه الناقة، حبل الحبلة، فلا شك أن مثل هذا البيع هو من عقود الجاهلية ممنوع في الشرع، لماذا؟
طالب: الجهالة والغرر.
الجهالة، وغرر، وهو أيضاً بيع معدوم، بيع معدوم وغير مقدور على تسليمه ومجهول، من كل وجه الغرر فيه، يعني بيع الحبل الذي في بطن هذه الناقة أسهل من بيع حبل الحبلة، لماذا؟ احتمال أن يكون ما في بطن هذه الناقة ذكر، فكيف يشترى أو يباع حبل الحبل الذي في بطن هذه الناقة؟ كيف يؤول العقد ما مآل العقد فيما لو كان الحبل الأول ذكر؟ لا بد أن مثل هذا يفضي إلى النزاع، وإذا كان الشرع يمنع من بيع الحبل الأول فلأن يمنع الحبل الثاني من باب أولى، لا يجوز بيع الحمل في البطن للغرر والجهالة، وما يدرى مصيره، هل يخرج حي أو ميت؟ هذا أحد التفسيرين لحبل الحبلة.
ومنهم من يقول: إن معنى حبل الحبلة أن يجعل حبل الحبلة أجل يحل به الثمن، صاحب الشارف يبيعها على عمرو، زيد صاحب الشارف يبعها على عمرو لا يبيعها بحبل الحبلة، يبيعها بمبلغ من المال مائة درهم، متى يحل هذه المائة درهم؟ إذا نتجت إذا نتج الحبل الذي في بطن هذه الناقة، يكون الأجل الآن الذي في بطن هذه الناقة متى يولد؟ يولد بعد أشهر، نعم، افترضنا أن هذا الحبل صار أنثى، ثم صلح لأن يحبل فحبل ثم ولد هذا الحبل، وحينئذ يحل الأجل، الأجل معلوم وإلا مجهول؟ مجهول، وعلى كلا الوجهين البيع ممنوع، ومنهي عنه ومحرم، وهو بيع باطل؛ لأن الجهالة لا شك أنها تفضي إلى النزاع، بعض الجهالات في البيوع إذا كانت مغتفرة ويسيرة أو تابعة لمعلوم جازت، اشتريت بيت هل من لازم هذا البيع أن تعلم كل ما في البيت؟ نعم، ما يلزم، ما يلزم أن تعرف كل ما في البيت من أساسات، تقول للبائع: اكسر لي هذا الجدار لأنظر أساسه؟ لا ما يحتاج، هذه جهالة لكنها مغتفرة.
نعم.
شرح حديث: "نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها .. ":
"وعنه -رضي الله تعالى عنهما-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو .. " يبدوَ، يبدوَ.
حتى يبدوَ صلاحها، نهى البائع والمشتري.
وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه-: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي قيل: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر، قال: أرأيت إن منع الله الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه؟
حديث ابن عمر الثاني، ولذا كني عنه بالضمير وعنه، وهذه عادت أهل العلم في المختصرات أنهم لا يعيدون الاسم الظاهر، إذا كان الراوي هو راوي الحديث السابق، فيقولون: وعنه، وعنه يعني عن ابن عمر راوي الحديث السابق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري.
الذي في الصحيحين والعمدة من الصحيحين هذا الأصل، نهى البائع والمبتاع، وإن كان ابن حجر شرح على هذا اللفظ في فتح الباري "نهى البائع والمشتري" لكنه لا يوجد في شيء من روايات الصحيحين، إنما هو نهى البائع والمبتاع، والمبتاع هو المشتري، ونهى البائع والمشتري هذا لفظ أبي داود.
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري، متى يبدو صلاح الثمرة؟ "حتى تزهي" كما بين في الأحاديث الأخرى، وفي حديث:"حتى تشقح"، ما معنى تزهي؟ تحمر أو تصفر، تحمآر بالمد، أو تصفآر بالمد أيضاً كما في بعض الروايات، وفي روايات أخرى كما عندنا:"حتى تحمر"، يعني إذا كان اللون أحمر، حتى يظهر هذا اللون في هذا النوع من التمر، وإذا كان البسر أصفر حتى يظهر هذا اللون من التمر، وحينئذ يأمن العاهة؛ لأن العادة جرت في ذلك أنه إذا وصل إلى هذه المرحلة يأمن العاهة، وقبل ذلك تلفه محتمل، ولذا قال:((أرأيت إذا منع الله الثمرة بما يستحل أحدكم مال أخيه؟! )) وهو في الغالب كما جاء في بعض الروايات حتى يطلع النجم، فإذا طلع النجم الثريا فإنه حينئذ يأمن العاهة، فعلى هذا التمر لا يجوز بيعه على سبيل الاستقلال، وبشرط التبقية إلا بهذا الشرط حتى يزهي، ويأمن العاهة، لكن لو قال شخص: أنا أريد أن أشتري هذه الثمرة، وهي خضراء صغيرة الحجم، يقال له: لا يجوز حتى تحمآر أو تصفآر، يقول: أنا أريد أن أشتري وأقطعه لأجعله علف للدواب، يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم، بشرط القطع؟ يجوز، بشرط القطع يجوز؛ لأنه اشتراه على هذه الصفة، ويريد أن يستفيد منه على هذه الكيفية، لا يريد أن يأكله تمراً، نقول: انتظر حتى يأمن العاهة ويزهي، يريد أن يقطعه علفاً لدوابه لا بأس إذا بيع تبعاً لأصله، فحينئذ يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، إذا بيعت النخلة بما عليها حينئذ يجوز بيعه ولو لم يزهِ، ولو لم يحمر أو يصفر؛ لأن البيع لهذه النخلة، وثبت تبعاً لبيعها حملها، ومثله ما لو بيعت شاه في بطنها حبل أو ناقة أو بقرة، نقول: لا يجوز بيع الحمل في البطن؟ نعم على سبيل الاستقلال لا يجوز، لكن تبعاً لأمه يجوز؛ لأن القاعدة أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.
قال: ((أرأيت إذا منع الله الثمرة))، يعني أصابتها آفة، أو وقف نموها، وقوف النمو معروف يستمر شيص يسمونه، تعرفون الشيص؟ نعم، يستمر، هنا منع الله الثمرة بمنع نموها، فإذا أراد المشتري أن يشتريها للأكل أو بشرط التبقية حتى تنضج يقال: لا، حتى تزهي؛ لأنه إذا باعها عليه فمنع الله الثمرة، صار من أكل أموال الناس بالباطل، وإن وجد التراضي من الطرفين؛ لأن التراضي واحده لا يكفي، نعم التراضي من الطرفين شرط لصحة البيع، بمعنى أنه لا يجوز الإكراه لا على البيع ولا على الشراء، لكن مع اعتبار الشروط الأخرى.
شرح حديث: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان .. ":
"عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد" قال: فقلت لابن عباس رضي الله عنهما: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: "لا يكون له سمساراً".
تقدمت الإشارة إلى بيع الحاضر للبادي، وتلقي الركبان، وعرفنا العلة في ذلك، قول ابن عباس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الرواية الأخرى:((لا تلقوا الجلب، لا تلقوا الركبان))، فدل على أن صيغة النهي الصريحة: لا تفعلوا تساوي التعبير بلفظ النهي، وأنه لا عبرة بقول من يقول: لا حجة في التعبير بالنهي أو الأمر حتى ينقل اللفظ النبوي، هذا القول ساقط لا حظ له من النظر، وإن علل بما علل، وقال: إن الصحابي قد يسمع لفظ يظنه أمر أو نهي وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، نقول: الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين فهموا مقاصد الشرع وعاشروا الرسول، إذا لم يفهموا مدلولات الألفاظ الشرعية من يفهمها؟
على كل حال يقول: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الركبان"، يستقبلهم الحاضر صاحب البلد قبل أن يقدموا فيشتري منهم، وحينئذ يغبنهم، لكن لو حصل، تلقى الركبان قبل أن يصلوا إلى السوق واشترى منهم، وانصرف البائع البيع صحيح وإلا باطل؟ البيع صحيح مع الإثم، لكن لو عرف البائع أنه مغبون ورجع لا شك أنه له الخيار.
"وأن يبيع حاضر لباد" النهي عن تلقي الركبان لمصلحتهم، والنهي عن بيع الحاضر للبادي لمصلحة أهل البلد الجماعة، وقلنا: إن الشارع يلاحظ مصالح الجميع، فلا ينظر إلى مصلحة أحد ويهمل مصلحة غيره، "قال: فقلت لابن عباس: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: "لا يكون له سمساراً"، يعني دلال، إذا وصل إلى البلد فقال: دع السلع عندي حتى أبيعها لك بالتدريج، إن كانت جملة يقول: أبيعها لك بالتقطيع أكثر للقيمة بالتدريج، أو دعها يوم أو يومين لئلا نستعجل على بيعها؛ لكي تزيد قيمتها، هذا لا يكون له سمسار.
والباد كما أن الركبان أيضاً وصف أغلبي، والحديث خرج مخرج الغالب، لكن لو جاء مشاة ما هم راكبين، مشاة على أرجلهم ومعهم بضائع، يجوز أن يتلقوا؟ لا يجوز، الغالب أن من يقدم وهو راكب، هذا الغالب، وكذلك الغالب أن من يقدم لبيع سلعة إلى الحواضر أنه بادي، ومثله سكان القرى المنقطعة الذين لا تبلغهم الأسعار الحقيقية.
شرح حديث: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة .. ":
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة: أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً، أو كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعاماً، نهى عن ذلك كله".
وعن جابر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وألا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا".
يكفي، تفسير، نعم.
طالب: سم يا شيخ.
عندك تفسير؟
طالب: المحاقلة؟
نعم.
المحاقلة: بيع الحنطة في سنبلها بحنطة.
ما عندك بصافية؟
طالب: سم.
بصافية ما في؟
طالب: ما عندي يا شيخ.
في بعض النسخ بصافية.
"عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة".
المزابنة: مفاعلة من طرفين كما تقتضيه الصيغة من الزبن، وهو الدفع، بمعنى أن كل واحد يدفع صاحبه، إيش معنى المزابنة؟ المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً، إن كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعاماً، نهى عن ذلك كله، عن جميع هذه الصور وما في معناها.
المزابنة: مفاعلة من الطرفين، كل واحد يزبن الثاني أي يدفعه، معنى هذا تأتي إلى صاحب بستان وتمره على رؤوس النخل، رطب، فتقول له: أنا أعطيك بقدره تمر، جاف مكبوس إن شئت فقل: مرصوص، الآن كم يجي هذا من صاع الذي على رؤوس النخل؟ يقول: خمسمائة صاع، يقول: أنا أعطيك خمسمائة صاع مكبوس جاهز، كل إن شئت، وبع إن شئت، واترك الذي على رؤوس النخل وتعبه يحتاج إلى عناية، هذه مزابنة، أو يأتي إلى صاحب العنب وهو طري في شجره فيقول له: أنا أشتري منك هذا العنب، وهو في عريشه في أشجاره، بهذه الصناديق من الزبيب والعنب فافترض أنه ألف كيلو وهذه الصناديق فيها ألف كيلو، أو يأتي إلى صاحب الحب في سنبله فيبيعه بقدره طعام جاهز كل هذا لا يجوز، كل هذا لا يجوز، لماذا؟ لأنه إذا بيع الربوي بجنسه ماذا يشترط؟
طالب:. . . . . . . . .
المماثلة، التساوي، وأن يكون يداً بيد، التقابض، طيب هذا يقول: الآن أنا أسلمك التمر المكبوس خذه الآن، وأنا أستلم ما على رؤوس النخل بالتخلية؛ لأن القبض في كل شيء بحسبه، والتساوي متساوي هذا خمسمائة صاع وهذا خمسمائة صاع، تم التماثل والتقابل، فما علة المنع؟ ها؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أسمع.
طالب:. . . . . . . . .