المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: "نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المخابرة - شرح عمدة الأحكام - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح حديث: "نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المخابرة

القيمة؟ لا القيمة غير منظور إليها، غير منظور إليها، لو جئت بصاع من التمر الذي لا يسوى ريالين أو ثلاثة أو خمسة وبدلته، أو بعته بصاع مما يستحق مائة ريال، ما أحد يقول لك: حرام، هذا رطب وهذا رطب، أو هذا جاف وهذا جاف، لكن هل يمكن أن تتحقق مساواة الرطب بالجاف؟ جاء في الحديث:((أينقص التمر أو الرطب إذا جف؟ )) قالوا: نعم، قال:((فلا إذاً)) ما يمكن تتحقق المماثلة، لا يمكن، مماثلة الرطب مع الجاف، فلهذا منع، ولو قال: أنا آخذ خمسمائة صاع وأعطيك خمسمائة صاع؛ لأن هذه الخمسمائة الرطبة إذا جفت مآلها أن تكون أربعمائة، فلا تتحقق المساواة، هذا هو السبب، فلا يجوز حينئذ أن يباع الرطب بالجاف، والمخرج من ذلك، كيف يخرج إذا أرد .. ؟ هو عنده تمر قديم مرصوص يبي تمر جديد مع الناس، استثنيت مسألة العرايا، لكن هو ما يكفيه القدر المحدد في العرايا، يقول: أنا ما يكفيني إلا قدر المسموح به مرتين، نعم، هل نقول له: أجري عقد العرية مع اثنين؟ أو نقول: بع التمر الذي عندك واشترِ طري؟ نعم، هذا الأصل كما جاء التوجيه:((بع الجمع، واشترِ بالدراهم جنيباً)) هذا هو المخرج من الربا، هذا هو المخرج من الربا يباع هذا بالدراهم ويشترى بالدراهم تمر آخر، يباع الجاف ويشترى الرطب، يباع الرديء ويشترى الجيد، ومثله العنب مع الزبيب؛ لأنه لا يمكن أن يتم التساوي، ومثله أيضاً الحب، الحب في سنبله لا يمكن تساويه مع الحب الخالص من .. ، لماذا؟ الآن الخرص أليس بدقيق إلى حد ما؟ الخرص عند أهل الخبرة، نعم، دقيق إلى حد ما، يعني يأتي الخبير ويقدر ما في هذا البستان من التمر من الزبيب من العنب من العيش، إلى آخره، دقيق إلى حد ما، لكن المسألة أعظم وأدق، وأهل العلم يقررون: أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، على كل حال هذا معنى المزابنة.

‌شرح حديث: "نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المخابرة

.. ":

"وعن جابر بن عبد الله قال: "نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المخابرة، والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وأن لا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا".

ص: 12

"نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المخابرة" مفاعلة.

"والمحاقلة وعن المزابنة" تقدم، "وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها" أيضاً تقدم، "وألا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا".

المخابرة والمحاقلة، المحاقلة فسرها المصنف بأنها بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية، فتدخل في إيش؟ في المزابنة في الحديث السابق، وإن كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام، تدخل في المزابنة على هذا، هذا تفسير المحاقلة عند المصنف.

ومن أهل العلم من يرى أن المخابرة والمحاقلة والمزارعة معانيها متقاربة، فالمحاقلة: أن تدفع الحقل إلى من يزرعه، المخابرة: أخذ من معاملة النبي عليه الصلاة والسلام أهل خيبر أن يعملوا في هذه البساتين بالدراهم والدنانير، أو بجزء مشاع مما يخرج منها، وعلى كل حال الكلام في المزارعة طويل، والخلاف بين أهل العلم كثير.

ص: 13

جاءت أحاديث عن رافع بن خديج وغيره في منع المزارعة منعاً باتاً، يعني في حكمها المخابرة والمحاقلة، وجاءت أحاديث تدل على جواز المخابرة والمزارعة والمحاقلة، وفعلها النبي عليه الصلاة والسلام بمعنى أنه عامل أهل خيبر بجزء، فتنزل الأحاديث التي تمنع هذه المعاملات على إيش؟ المزارعة تدفع الزرع لمن يعمل فيه بأجرة بدراهم أو دنانير، فيه إشكال، وإلا ما فيه إشكال؟ لا إشكال فيه، هذا أجير، تدفع هذا الزرع لمن يسقيه أو تدفع هذه الأرض لمن يزرعها بجزء منها، لا يخلو هذا الجزء إما أن يكون مشاعاً: للعامل الربع، للعامل الثلث، للعامل النصف، له أكثر، له أقل مشاع، ومتى يعرف؟ يعرف عند النهاية، نهاية الأمر، إذا جُذ النخل، حصد الزرع عرف نصيب العامل، وعرف نصيب صاحب الأرض، هذا لا إشكال فيه، إذا كان الجزء مشاعاً، لكن إذا كان الجزء معلوماً دفعت الأرض لمن يزرعها على النصف وقلت للعامل: لي النصف الشمالي ولك النصف الجنوبي يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز، لا يجوز ذلك، وعلى هذا تتنزل أحاديث المنع، لماذا؟ لأنه قد .. ، نعم لأنه قد ينبت الزرع وينمو حتى يتم في نصيب العامل، ويموت الزرع في نصيب صاحب الأرض، فيتضرر صاحب الأرض، أو العكس فيتضرر العامل، وعرفنا مراراً أن الشرع جاء بالتوازن، وجلب المصالح للجميع، ولا يكون أحد يستفيد على حساب غيره، فعلى هذا إذا كانت بهذه الصورة لك النصف الشمالي ولي النصف الجنوبي نقول: لا، وما يدريك لعله لا تنبت ينبت هذا الجزء الذي خصصته للعامل، فبما تستحل عمل أخيك؟ ولعله ينبت الجزء الذي للعامل دون الجزء الذي لصاحب الأرض فبما يستحل العامل نتاج أرض أخيه، وتقدم لنا:((أرأيت إذا منع الله الثمرة بما يستحل أحدكم مال أخيه)) وهذه يمكن أن تطرد في جميع الصور.

"نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة، وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وألا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا".

ص: 14

المزابنة عرفنا أنها في التمر وفي الحب وفي العنب، وهل يقاس عليها غيرها أو لا يقاس؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن هذه الثلاثة إذا كانت رطبة لا تباع إلا بالدينار والدراهم، يعني لا تباع بجاف، إلا العرايا، والعرايا يأتي تفسيرها في الباب اللاحق، نعم.

شرح حديث: "نهى عن ثمن الكلب .. ":

وعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن.

عن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث)).

حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري بدري منسوب إلى بدر، على خلاف بين أهل العلم، هل شهد الواقعة أو لمجرد كونه سكن بدراً فنسب إليها؟ والبخاري رحمه الله يثبته فيمن شهد بدراً، والجمهور على أنه لم يشهد بدر، وإنما سكنها فنسب إليها.

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، نهى عن ثمن الكلب، ما العلة؟ نجس، الآن الكلب لا يجوز بيعه مطلقاً وإلا البيع الذي يستفاد منه يجوز بيعه؟

طالب:. . . . . . . . .

من شروط صحة البيع أن تكون العين المباعة إيش؟

طالب: مباحة النفع.

مباحة النفع مطلقاً وإلا بلا حاجة؟ أن تكون العين المباعة مباحة النفع، إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

ما هم بيقولون: بلا حاجة؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 15

أن تكون العين -يعني السلعة المباعة- مباحة النفع بلا حاجة، بهذا القيد؛ لأنه إذا كان نفعها مقيداً بالحاجة كالكلب حينئذ لا يجوز بيعه، نهى عن ثمن الكلب لا يجوز بيعه مطلقاً، طيب أراد فلان، احتاج لكلب صيد، احتاج لكلب زرع، احتاج لكلب ماشية، وقد أذن الشارع باتخاذه، نقول: هذا يباح نفعه للحاجة، وحينئذ لا يجوز بيعه، فالذي يجوز بيعه لا يقيد بالحاجة، يكون مباح النفع مطلقاً، من غير قيد بالحاجة، وهذا يغلق الباب على كل من يدعي الحاجة إلى ما لا يجوز بيعه، ولو أبيح هذا الانتفاع به لهذه الحاجة، ولذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ثمن الكلب، لا شك الكلب المأذون باتخاذه مختلف فيه، لكن عموم الحديث يشمل الكلب المأذون باتخاذه، والكلب المحرم اتخاذه؛ لأنه ما استثني من الكلب إلا كلب الماشية والصيد والزرع، وما عدا ذلك لا يجوز، بل يحرم اتخاذه، وينقص من عمل مقتنيه كل يوم قيراط، وفي رواية لمسلم: قيراطان.

الكلب، الكلب مفرد وإلا جمع؟ نعم، مفرد، نكرة وإلا معرفة؟ معرفة، تعريفه بـ (أل)، والمفرد إذا عرف بـ (أل) أفاد العموم، أفاد العموم، فعموم الكلاب منهي عن ثمنها.

مهر البغي: ما تأخذه البغي وهوي الزانية أجرة للاستمتاع بها، وهو حرام إجماعاً، وهو سحت.

وحلوان الكاهن: ما يأخذه الكاهن أجرة أو مقابل كهانته، ومثله العراف والمنجم، كذلك سائر الكذابين والدجالين، والله المستعان.

ص: 16