المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تابع شرح حديث: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب - شرح عمدة الأحكام - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌تابع شرح حديث: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب

عمدة الأحكام -‌

‌ كتاب البيوع (5)

‌تابع (باب الربا والصرف)

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

‌تابع شرح حديث: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب

.. )):

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، سواءً بسواء)) ولا يزيد بعضها على بعض، ((لا تبيعوا الذهب بالذهب)) والذهب يشمل جميع أنواع الذهب، سواءً كان مصكوك أو خام سبائك، نعم، أو مختلط لم يصفَ، أبيض أو أصفر كله ذهب، مصوغ أو غير مصوغ، لا بد فيه من التماثل، ((إلا مثلاً بمثل))، تأتي بعشرة دنانير ذهب إلى محل صياغة ذهب فتقول: بكم هذه السلعة؟ فيقول: بعشرة دنانير، طيب زن هذه وزن هذه قال: لا، هي بعشرة، وإذا نظرت إليها، إلى وزنها أقل من عشرة، من وزن العشرة الدنانير، يقول: يا أخي الصياغة تعبنا عليها، نقول: لا، الصياغة لا تخرجها عن كونها ذهب، لا تخرجها عن كونها ذهب، فتدخل في الحديث:((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل)) وإن كان من أقوال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أن الذهب المصوغ له حكم العروض، عروض التجارة، لا يشترط فيه التماثل، على كل حال هذا قول مرجوح ومهجور، ويستند إلى قصة حصلت من معاوية رضي الله عنه، لكنه قول مهجور.

فالذهب (أل) هنا للجنس، تشمل جميع أنواع الذهب، بما في ذلك المصكوك المضروب المصوغ الخام المخلوط كله ذهب، فالمخلوط لا بد من تصفيته قبل بيعه، كما في حديث القلادة على ما سيأتي، أو تأتي الإشارة إليه -إن شاء الله تعالى-.

فإذا أردنا أن نشتري ذهب مصوغ حلي، ومعنا دنانير ذهب ماذا نصنع؟ ماذا نصنع؟ نأتي بالميزان، نضع هذا في كفة وهذا في كفة لا يزيد ولا ينقص مثلاً بمثل، لا بد من التماثل والتقابض أيضاً، طيب إذا رفض صاحب الدكان، يقول: تعبت عليه، ما أبيعك بعشرة، وأنت مضطر إليه ماذا تصنع؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب: تباع. . . . . . . . . الدراهم ويشتري بها ذهباً.

ص: 1

يعني تصرف، يصرف الذهب بفضة، تصرف الدنانير بدراهم، تصرف الدنانير بدراهم فضة ويشترى بها هذا المصوغ، على ما سيأتي في الحديث الذي يلي هذا، في التمر، هذا مَخْرَج.

((الذهب بالذهب)) ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض)) ولا تشفوا: الشف: الزيادة، يعني لا تزيدوا بعضها على بعض، ويأتي الشف ويراد به النقص، وهو من الأضداد، ((ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل)) مثل الذهب، ويستوي في ذلك المصكوك المضروب المصوغ، وغيره من أنواع .. ، من كل ما يدخل في كلمة الورق التي هي الفضة، الفضة، ((إلا مثلاً بمثل)) لا بد من الاتحاد في الوزن، لا يقال: هذا شيء يسير، لا، لا بد أن يكون مثلاً بمثل، ((ولا تشفوا)) يعني لا تزيدوا.

((ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) لا بد من التقابض، ولذا ما يجري في أسواق الذهب من التسامح بالتقابض لا يجوز؛ لأنه إذا لم يحصل التقابض هذا ربا النسيئة، والربا شأنه عظيم، جاء لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وجاءت فيه النصوص من الكتاب والسنة التي تدل على عظم شأنه، وأنه سبب للكوارث والعقوبات، {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] صرح جمع من أهل العلم بأن أكلة الربا يبعثون يوم القيامة مجانين، هذا ظاهر من الآية، {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] والآن يوجد في بلدان المسلمين علناً، ويزاول ما يزاول من هذه الجريمة الشنعاء، والله المستعان.

((ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) عندنا الربا نوعان: ربا الفضل، وهو الزيادة، ذهب بذهب مع زيادة، فضة بفضة مع زيادة، تمر بتمر مع زيادة، شعير بشعير، ملح بملح، بر ببر مع زيادة، هذه تسمى إيش؟ ربا الفضل، وهو محرم عند جماهير أهل العلم، يذكر عن ابن عباس أنه لا يرى به بأساً، يذكر عن ابن عباس ويذكر عنه أنه رجع عن هذا القول، وجاء في الخبر، في الحديث:((لا ربا إلا في النسيئة)) والمقصود منه: لا ربا أشد إلا في النسيئة.

ص: 2