المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المخوف ليس له ذلك، ليس له أكثر من الثلث، وإذا - شرح عمدة الأحكام - عبد الكريم الخضير - جـ ٤٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: المخوف ليس له ذلك، ليس له أكثر من الثلث، وإذا

المخوف ليس له ذلك، ليس له أكثر من الثلث، وإذا عرف بالقرائن أنه تصدق بجميع ماله أنه يريد حرمان الورثة لا تنفذ وصيته ولا وقفه إنما بقدر الثلث وهو الذي يملكه وما عدا ذلك لا ينفذ.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين والحاضرين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: القضاء

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي لفظ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا سؤال من الأمس أجل للمناسبة يقول: لما أدخل المؤلف -رحمه الله تعالى- باب القضاء في كتاب الأيمان والنذور، ولا يخفى أن العلماء يجعلون كتاب القضاء مستقلاً؟

ص: 31

أولاً: الارتباط بين الأيمان والقضاء ارتباط وثيق، لا يمكن أن ينفك القضاء عن الأيمان، وعمدة القضاء:((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) فنصف الخصوم لدى القضاء عمدتهم على الأيمان، ولذا أدخل القضاء في كتاب الأيمان وجعل باباً منه، قد يقول قائل: لماذا لا يقال: كتاب القضاء باب الأيمان والنذور؟ يعني يجعل القضاء لأنه أعم؛ لأن القضاء فيه أيمان وفيه بينات، يعني أعم من الأيمان فقط، فيجعل الأعم هو الكتاب والأخص هو الباب، عكس ما صنع المؤلف، نقول أيضاً: إن الأيمان أعم من أن تكون عند القضاة وعند غيرهم، فالمسلم قد يحلف ابتداء، وقد جاء الحلف في الأحاديث النبوية كثيرة، وأمر الله -جل وعلا- نبيه أن يقسم على البعث بثلاثة مواضع من كتابه، فالأيمان أعم من أن تكون عند القضاة وغيرهم، الله -جل وعلا- أمر نبيه أن يقسم على البعث في ثلاثة مواضع من كتابه، الموضع الأول في يونس {وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي} [(53) سورة يونس] الثاني: في سبأ الآية الثالثة، والثالث في التغابن، ثلاثة مواضع، أمر الله نبيه أن يقسم على البعث، والنبي عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يقول:((والذي نفسي بيده)) ((لا ومقلب القلوب)) المقصود أن الأيمان أعم وأشمل من أن تكون لدى القضاة وغيرهم، فقدمت عليها، والأمر سهل، يعني المسألة مسألة ترتيب، وما ذكره المؤلف له وجه.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء

ص: 32

القضاء: يعني الحكم، وفصل المنازعات، وفض الخصومات، واستخراج الحقوق، والأصل فيه وفي مشروعيته الكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] وفي الآية اجتمع اليمين والتحاكم الذي هو القضاء، التقاضي، فهناك ارتباط وثيق بين الأيمان وبين القضاء، والسنة طافحة بما يتعلق بالقضاء من قوله عليه الصلاة والسلام ومن فعله، وأجمعت الأمة على وجوب نصب القضاة لحل المنازعات، بل هذا من أوجب الواجبات على ولي الأمر أن يتولى القضاء بنفسه كما كان الخلفاء كأبي بكر وعمر وغيرهم، إن تمكن من ذلك وإلا فينيب، ويعين القضاة، والقضاء لا شك أنه ولاية، وفيه شوب سلطة، فيدخل في حديث عبد الرحمن بن سمرة، فلا يسأل ولا يطلب، لكن إن الجأ إليه الشخص وأكره عليه أعين، وأن طلبه وكل إلى نفسه، وجاء في النصوص التي تحذر من تولي هذه الوظيفة ((القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار)) ((من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)) نصوص كثيرة تحذر من طلبه والتشوف إليه، لكن من ألزم به يسأل الله الإعانة فيعينه -إن شاء الله تعالى-، ويحرص على أن يقضي بالحق، وأن يتوخى العدل والإنصاف، لا يحكم بغير علم، ولا يعدل عن الحق؛ ليكون مقسطاً من المقسطين، والله يحب المقسطين، المقسطون على منابر من نور يوم القيامة، الذين يعدلون، وأما القاسطون نسأل الله العافية فكانوا لجهنم حطباً نسأل الله السلامة والعافية، المقسطون العادلون، والقاسطون الجائرون المائلون عن الحق، فهذه مزلة قدم، من أطلع على شيء من أحوال السلف عرف أنهم يؤثرون الضرب والسجن، بل بعضهم يقول: لو خير بين القضاء والقتل لاختار القتل؛ لأنه مزلة قدم، القضاء مزلة قدم، لكنه فريضة على الأمة لا بد من القيام به، والإنسان مطلوب بالنصيحة، والدين النصيحة، ومطلوب بأن ينصح العامة والخاصة، فإذا جاء شخص يستشير عُين في القضاء مثلاً يستشير هل يقبل الوظيفة أو يرفض؟ المستشار بين أمرين: بين النظر في المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، النظر في المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فالدين النصيحة، فإذا كان هذا الشخص كفؤاً فليبذل النصيحة

ص: 33

للعامة، ولا ينظر إلى المصلحة الخاصة، وإذا كان الشخص غير كفؤ فلينظر إلى المصلحتين، ليس من مصلحته أن يتولى، وليس من مصلحة العامة أن يولى عليهم، فيحذره من تولي القضاء، وأحياناً يكون الأمر بين الأمرين، فيه شوب صلاحية وفيه أيضاً أمور قد يتعرض لها تفتنه، ويوجد من يقوم مقامه والنصيحة تقدر بقدرها.

يقول: الحديث الأول: "عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي لفظ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) " أدخل هذا الحديث في كتاب القضاء لأن القاضي الأصل فيه أن يحكم بما أنزل الله {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ} [(49) سورة المائدة] لكن إذا حصل منه أنه حكم بغير الحق سواء كان متعمداً أو مخطئاً فقضاؤه مردود عليه

ص: 34