المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصلاة (4) - شرح عمدة الأحكام - عبد الكريم الخضير - جـ ٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الصلاة (4)

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: عمدة الأحكام -‌

‌ كتاب الصلاة (4)

الشيخ: عبد الكريم الخضير

ص: 1

لكن هل يلتفت يميناً في حي على الصلاة في الجملتين؟ كلاهما عن جهة اليمين أو إحداهما عن جهة اليمين والثانية عن جهة الشمال وحي على الفلاح كذلك يميناً وشمالاً؟ يعني قوله: "يميناً وشمالاً" ينصرف إلى كل جملة جملة أو إلى الجملتين معاً، بمعنى أنه يقول مرة: حي على الصلاة يميناً ثم حي على الفلاح شمالاً، ثم يعود إلى حي على الفلاح يميناً والأخرى شمالاً، أو يقول الجملتين: حي على الفلاح يميناً، وحي على الصلاة شمالاً؟ اللفظ يحتمل، النص يحتمل، وبكل من الاحتمالين قال جمع من أهل العلم، يعني لو قال: حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح امتثل، ولو قال: حي على الصلاة مرتين كلاهما عن جهة اليمين، وحي على الفلاح مرتين إلى جهة الشمال امتثل؛ لأن اللفظ محتمل، وقال بكل من الاحتمالين طائفة من أهل العلم، الالتفات فائدته تبليغ أهل الجهاد؛ لأن الصوت يكون إلى الجهة التي يلتفت إليها أقوى، فإذا كان المؤذن إلى جهة الأمام فصوته لا شك أنه يضعف بالنسبة لجهة اليمين والشمال، فضلاً عن الخلف، لكن إذا التفت يميناً وشمالاً وبلغ هؤلاء وبلغ هؤلاء هذه حكمة ظاهرة لهذا الالتفات، المؤذن إذا كان على المنارة وبدون آلة يتجه مثل هذا الكلام، لكن إذا كان كما هو وضع المؤذنين الآن في المسجد، داخل المسجد، وقد يكون في غرفة في داخل المسجد، وعنده الآلة فالالتفات يميناً وشمالاً يضعف الصوت لا يقوي الصوت، فهل نقول: إن الحكم يدور مع علته فلا يلتفت المؤذن لا يميناً ولا شمالاً؟ لأن الفائدة من الالتفات زيادة الصوت وزيادة التبليغ، فإذا التفت بالنسبة للمكبر ضعف الصوت، وهذا أمر محسوس، إذا التفتت يميناً والمكبر أمامه يضعف الصوت، وإذا التفت شمالاً والمكبر أمامه ضعف الصوت، فهل نقول: إن هذه العلة ارتفعت وارتفع الحكم معها؟ أو نقول: إن هذا الحكم مما شرع لعلة فيبقى الحكم ولو ارتفعت العلة؟ وله نظائر، لما اعتمر النبي عليه الصلاة والسلام عمرة القضاء، قال الكفار: يأتي محمد وقد وهنتهم حمى يثرب، فرمل النبي عليه الصلاة والسلام في الأشواط الثلاثة، ومشى بين الركنين؛ لأنهم قالوا هذا يريد أن يغيظهم، الآن هل في أحد يقول: إن مسلمين

ص: 2

يأتون وقد وهنتهم الحمى، ارتفعت العلة، فهل ارتفع الحكم معها؟ ارتفع وإلا بقي؟ بقي بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام رمل في حجة الوداع وما في أحد، واستوعب الشوط بالرمل، فارتفعت العلة وبقي الحكم، فهل نقول هنا: ارتفعت العلة وبقي الحكم؟ أو نقول: يرتفع الحكم بارتفاع العلة؟ لا سيما وأن ارتفاع العلة ليس هو مجرد ارتفاع، ارتفاع العلة هنا ما هو ضد العلة وهو ضعف الصوت، ارتفاع العلة لزم منه ثبوت ضد العلة وهو خفض الصوت، الحنابلة ينقلون عن الإمام أحمد أنه قال: لا يدور المؤذن إلا إذا كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين، القصر، قصر الصلاة في السفر إنما شرع لعلة وهو الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ارتفعت العلة التي هي الخوف، وبقي الحكم معلق بوصف لا بد من تحققه، وهو السفر والضرب في الأرض، ماذا نقول؟ هل المؤذنين يلتفتون وإلا ما يلتفتون؟ الآن الوصف ارتفع، هذه مسألة عملية، وكل بحاجة إليها، فهل نقول للمؤذن: التفت يميناً وشمالاً مهما ترتب على ذلك من أثر؟ أو نقول: العلة ارتفعت ومثل ما قال الإمام أحمد: إذا ما يكون في منارة لا يلتفت؟ يلتفت وإلا ما يلتفت؟ نعم لشيء مأثور وموروث برؤية النبي عليه الصلاة والسلام وإقراره في عبادة، من السهل جداً أن نقول: لا يلتفت وبلال يلتفت بين يديه، يعني هل مجرد إسماع من على اليمين ومن على الشمال يستقل بالتعليل أو لا يستقل؟ يمكن هناك علل أخرى، حكم ومصالح أخرى، فإذا كانت العلة مركبة من أجزاء لا يرتفع الحكم إلا بارتفاع جميع الأجزاء، لكن هذه أظهر الوجوه، كونه ما يظهر للناس إلا أنه يريد أن يسمع من على يمينه ومن على شماله، الخلاصة على كل حال إذا أمكن أن يحقق العلة ويطبق الفعل، إذا أمكن تحقيق العلة مع تطبيق الفعل فهذا الأمر لا يرتفع الحكم معه، فإذا كان المؤذن بيده المكبر ويدور به معه، مثل هذا يلتفت يميناً وشمالاً، وأما إذا ترتب عليه ضعف في الصوت فمن اقتدى والتفت يميناً وشمالاً ولو ضعف صوته فهو على الأصل، ومن قال بقول جمع من أهل العلم: إن الحكم يرتفع بارتفاع علته فله ذلك، لكن يبقى أن من اقتدى وتمام

ص: 3

الاقتداء إنما يتم بالالتفات، فإذا التفت فقد حقق ما عهد في عصره عليه الصلاة والسلام، ولا يلام في ذلك، ولو ضعف صوته، قد يقول قائل: هذه حرفية ظاهرية، وكثير من الأحكام معقولة العلل، والمصالح والمفاسد أمر مقرر في الشرع وفي أحكامه، في أحكام الحكيم الخبير، المصالح والمفاسد مقررة في الشريعة، فالمصالح تطلب والمفاسد تدرأ، والالتفات مصلحة أو مفسدة إذا كان يضعف الصوت؟ إذا كان يقوي الصوت مصلحة، لكن إذا كان يضعف الصوت، والمطلوب من المؤذن رفع الصوت، أن يكون صيتاً ويرفع صوته لدعاء الناس، لا سيما في هاتين الجملتين من الأذان، الناس يعرفون من الأذان أنه أذن من قوله: الله أكبر الله أكبر، يعرفون أنه أذن، ويسمعون التكبير، ويسمعون بقية الجمل، لكن المقصود من الأذان وهو دعوة الغائبين إلى الصلاة يكمن في قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، وعلى كل حال النظر له وجه، فمن امتثل وطبق فهو على الجادة، وهو على الأصل، ولو ضعف صوته، أما من رأى أن الحكم مع هذه العلة واقتدى بمن يقول: إن الحكم يرتفع له ذلك، لا سيما والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقول: لا يدور المؤذن إلا إذا كان على منارة، يقصد إسماع أهل الجهتين، حي على الصلاة حي على الفلاح، (حي) يعني هلموا وتعالوا وأقبلوا إلى الصلاة التي هي أعظم العبادات، ثانية أركان الإسلام، حي على الفلاح بأداء هذه الصلاة، وهو البقاء الدائم والفوز، ولا يوجد كما يقرر أهل العلم كلمة التعبير بكلمة واحدة عن معنى واضح مفهم إلا في الفلاح، ويقولون أيضاً: النصيحة، الفلاح لا تقوم كلمة مقامها، كما أن النصيحة لا توجد كلمة واحدة تعبر عنها، يعني لا يوجد لها ما يرادفها.

"ثم ركزت له عنزة" العنزة يراد منها السترة، وهي عصا في طرفه زج، حديدة محددة، يمكن غرسها في الأرض "ثم ركزت له عنزة" العنزة هذه الحديدة وليست القبيلة كما قال بعضهم: نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا، العنزة المراد بها العصا، وفهم بعضهم أن العنزة هي العنزة المعروفة من بهيمة الأنعام، فروى الحديث بالمعنى على حسب فهمه، فقال: إن النبي عليه الصلاة والسلام صلى إلى شاة وهذا تصحيف.

ص: 4

"ثم ركزت له عنزة، فتقدم وصلى" والسترة للصلاة سنة مؤكدة، قال بعضهم بوجوبها لثبوت الأمر بذلك ((إذا صلى أحدكم فليستتر ولو بسهم)) لكن الصارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب كونه عليه الصلاة والسلام صلى إلى غير جدار، يقول الصحابي: يعني إلى غير سترة، فاتخاذ السترة سنة مؤكدة، وقال بعضهم بوجوبها، والقول الأظهر أنها سنة مؤكدة، وفي الحديث:((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتازه)) سيأتي -إن شاء الله تعالى-.

"فتقدم وصلى الظهر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة" لأنه في سفر، لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة، على هذا السنة للمسافر القصر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يزل يصلي ويقصر الصلاة حتى رجع إلى المدينة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-، نعم.

عفا الله عنك.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا)) " يعني يؤذن قبل دخول الوقت ((فكلوا واشربوا)) لأن الامتناع من الأكل والشرب إنما هو بطلوع الصبح ((فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)) ابن أم مكتوم رجل أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت، كما جاء في الروايات الأخرى، فأذان بلال لا يمنع من الأكل والشرب حتى يطلع الصبح بأذان ابن أم مكتوم، وعلى هذا اتخاذ أكثر من مؤذن وكون أحد المؤذنين يؤذن قبل الوقت هذا في صلاة الصبح خاصة عند أهل العلم، والدليل على ذلك هذا الحديث، سياق الحديث يدل على أنه في صلاة الصبح؛ لأن الامتناع من الأكل والشرب إنما يكون في الصبح، بطلوع الصبح.

ص: 5

((يؤذن بليل)) ما المسافة أو المدة التي تكون بين أذان هذا وأذان هذا؟ من أهل العلم من يقول: إن له أن يقدم قبل الوقت بعد منتصف الليل، ومنهم من يقول: لا يزيد على مدة السحور، يكون الأذان الأول يوقظ النائم، ولا يمنع من الأكل والشرب، والثاني يمنع الأكل والشرب، ومنهم من يقول كما جاء في بعض الروايات: لم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا، على كل حال الصبح بحاجة إلى أن يكون لها أكثر من مؤذن؛ لأن أكثر الناس نيام، فهم بحاجة إلى تكرار بهذا الأذان، وهل يقوم بهذا التكرار واحد، بمعنى أنه يؤذن مرتين، ليقوم مقام المؤذنين، أو نقول: إن تكرار الأذان بالنسبة للواحد بدعة، والمطلوب أكثر من واحد؟ محل نظر بلا شك، لكن اتخاذ مؤذنين مشروع بهذا الحديث وغيره، لكن هل يؤذن المؤذنون الاثنين أو الثلاثة أو الأربعة في آن واحد في المسجد الواحد؟ كان يُفعل، أين؟ نعم في المسجد النبوي، كانوا يفعلونه دفعة واحدة، يؤذنون جميعاً، لكن هذا لا شك أنه خلاف السنة، فالسنة أن يكون الواحد تلو الآخر، أذان ابن أم مكتوم الذي هو مع طلوع الصبح هو الغاية للأكل والشرب {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [(187) سورة البقرة] نعم.

عفا الله عنك.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)).

هذا الحديث: "عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)) " وعلى هذا الذي لا يسمع الأذان لا يجيب ولا يتحرى أذان المؤذنين؛ لأن بعض الناس من حرصه على اكتساب الأجر وهو في مكان بحيث يكون وحده في البر يتحرى أذان المؤذنين ويجيبه، نقول له: يا أخي أذن أنت ويحصل لك الأجر العظيم، إذا كنت لا تسمع المؤذن وأنت في البر فأذن، وجاء الترغيب في الأذان في القفار، ويطلب أيضاً رفع الصوت فإنه لا يسمع صوت المؤذن حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة.

ص: 6

((إذا سمعتم المؤذن)) هل قال: الأذان أو المؤذن؟ المؤذن فعلى هذا الذي يسمع الأذان من غير مؤذن يجيب وإلا ما يجيب؟ كيف يسمع الأذان من غير مؤذن؟ نعم بالتسجيل، وليس كل أذان في المذياع من غير مؤذن؛ لأنه إذا كان حي على الهواء ينقل من المكان مباشرة فهو مسموع من المؤذن، غاية ما هنالك أن الإذاعة بلغت مثل مكبر الصوت، فتسجيل الأذان وسماعه من المسجل لا يجاب، إنما يجاب إذا سمع المؤذن، سواء كان السمع المباشر تسمعه بقربك منه، أو لكونه نقل إليك بواسطة آلة حي كما هو في الإذاعات أحياناً حياً، وأحياناً مسجلاً، فتفرق بين هذا وهذا.

ص: 7

((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)) المماثلة من وجوه، أولاً: الموافقة في الجمل، بمعنى أنك لا تزيد عليه ولا تنقص، الأمر الثاني: أن الجملة الشرطية والعطف بالفاء يقتضي أن يكون قولك للجمل بعد فراغه من قولها، كل جملة في وقتها، بحيث لا تتقدم عليه ولا توافقه ولا تتأخر عنه كثيراً، العطف بالفاء أنه إذا قال: الله أكبر تقول: الله أكبر، وجاء في الحديث:((فإذا قال: الله أكبر الله أكبر)) جمع بين الجملتين ((فقولوا: الله أكبر الله أكبر)) تمام المماثلة، شوف المماثلة ((فقولوا مثل)) يعني هل من تمام المماثلة أن يكون مدك للصوت مثل مده؟ أولاً: رفعك للصوت لا ينبغي أن يكون مثل رفعه؛ لأن المماثلة تقتضي الإتحاد من كل وجه، فهل نقول: إنه لا يتأتى أن نقول مثل ما يقول إلا إذا رفعنا صوتنا مثل رفع صوته، هذا لم يقل به أحد، وإلا لطلب الأذان من كل شخص، لكن المدود مد لفظ الجلالة، مد لفظ: أكبر، هل المماثلة لا تتم إلا بالمد مثل ما يمد؟ أو أنك تقول مثل ما يقول من هذه الجمل تؤديها على أي وجه كان؟ على أي وجه مجزئ، يعني هل المطلوب محاكاة المؤذن في كيفية أدائه لهذه الجمل أو المطلوب أننا نقول هذه الجمل التي يقولها المؤذن؟ لو نظرنا إلى المماثلة (مثل) يعني لما قال في الوضوء:((من توضأ)) مثل وضوئي وإلا نحو وضوئي؟ نعم؟ نحو وضوئي؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق المماثلة من كل وجه، وهنا قال:((فقولوا مثل ما يقول)) ما قال: قولوا نحو ما يقول، فهل المقصود من المماثلة هنا المطابقة من كل وجه حتى في رفع الصوت حتى في مد الحروف؟ هناك من وجوه المماثلة ما لا يستطاع، وهناك ما دل الشرع على أنه غير مراد مثل رفع الصوت؛ لأنه لا يطلب إلا مؤذن واحد، وإلا صار الناس كلهم مؤذنون لو رفعنا الصوت، بقيت المحاكاة والمماثلة في أداء هذه الجمل من المدود وغيرها، والذي يظهر أن المطلوب إيجاد جمل الأذان التي يقولها، والعطف بالفاء يقتضي عدم التأخير؛ لأن بعض الناس يكون في يده شغل يقرأ مثلاً، وهذا المؤذن يحتاج إلى خمس دقائق، وأنت بإمكانك أن تقول جميع الجمل في دقيقة واحدة، تقول: أستغل هذه الأربع الدقائق وإذا قرب من النهاية أسرد، ما يفعله كثير من الناس، تبي

ص: 8

تترك شغلك إذا قال: الله أكبر، هنا كان في مؤذن -رحمة الله عليه- لكنه خلاف السنة بلا شك، يستمر في أذانه أكثر من نصف ساعة، نقول: انتظر تقول مثل ما يقول؟ لا، لا، بعض المؤذنين يستمر خمس دقائق، فهل نقول: اترك ما في يدك من قراءة ومن ذكر ومن عمل حتى ينتهي في خمس دقائق وأنت بإمكانك أن تقول الأذان في دقيقة واحدة؟ مقتضى المماثلة أنك إذا انتهى من الجملة والعطف بالفاء للتعقيب، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر فقولوا: الله أكبر الله أكبر، فعلى هذا تترك أي عمل في يدك لئلا تخلط في هذه الجمل أذكار أخرى، فتدخل عليها غيرها، افترض أنك تسبح وإلا تهلل وإلا شيء، تقول: الله أكبر الله أكبر، إذا وقف المؤذن يتنفس تقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فتدخل أذكار بأذكار محددة فتقع في شيء من المحظور.

ص: 9

((فقولوا مثل ما يقول)) يعني الجمل التي يقول قولوها، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله .. إلى آخره، طيب حي على الصلاة، حي على الفلاح، إذا قال: حي على الصلاة فقولوا: حي على الصلاة؟ نعم؟ مقتضى المماثلة أن نقول: حي على الصلاة حي على الفلاح مثل ما يقول، لكن جاء ما يخصص هذا العموم من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله بدل الحيعلتين، من أهل العلم من يقول: المماثلة مطلوبة، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله هذا الخاص يضاف على ما يقوله المؤذن، لكن من نظر إلى المعنى رأى أن التخصص أوجه؛ لأن الدعوة إلى الصلاة، الجمل كلها أذكار يرتب عليها أجر، لكن كونك تقول بصوت منخفض حي على الصلاة ماذا تستفيد؟ هل هذا ذكر تؤجر عليه؟ هو يقولها ليدعو الغائبين إلى الصلاة، لكن أنت لماذا تقولها؟ جاء بدلها بالنص لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني لا حول لنا ولا قوة لنا في إجابة داعي الله إلا بالله -جل وعلا-، إلا بمعونته وتوفيقه، ولا حول ولا قوة إلا بالله ذكر وإلا ليست ذكر؟ ذكر، وجاء في فضلها أنها كنز من كنوز الجنة، لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، وش تتصور هذا الكنز المطمور المدفون تحت تراب الجنة؟ ترابها المسك الأذفر، إذا كان هذا التراب الذي يداس بالأقدام فكيف بالكنز؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.

ص: 10