الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك من آلات الطرب والمعازف، واختلاط الرجال بالنساء، وشرب للمسكرات، وغير ذلك من أنواع الفساد التي يميلها عليهم الشيطان، فيا ليت شعري ماذا سيقول هذا الصحابي الجليل لو اطلع على هذه المناظر، أو سمع تلك الأصوات المنكرة {إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} ، لقمان/ 19.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينكر على الصحابة لما رفعوا أصواتهم بالتكبير، ويقول:"أيها الناس، أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تنادون أصم ولا غائبا"، ولا شك أن ذكر الله واجب من أعظم الواجبات التي حث عليها الإسلام، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} الأحزاب/41-42. ومن أعظم وصايا النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله". لكن لابد أن يكون الذكر وفقا للمعايير التي جاء بها الكتاب والسنة، دون إفراط أو تفريط.
وجاء عن ابن مسعود أيضا في ذم البدعة "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم". وقال ابن عباس لمن سأله الوصية: "عليك بتقوى الله والاستقامة اتبع ولا تبتدع"، وقال ابن عمر رضي الله عنهما:"كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة". وقد روى هذه الآثار الكثيرة الإمام الدارمي في سننه، وآثار أخرى عن الصحابة والتابعين، وجاء في سنن أبي داود عن حذيفة رضي الله عنه قال:"كل عبادة لا يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً". هذه نماذج من أقوال الصحابة.
من أقوال السلف بعد الصحابة:
-
وسنشرع الآن في ذكر نماذج من أقوال التابعين وغيرهم من السلف في الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع فقد روى الدارمي في سننه عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال: "أوصيكم بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعده". ونقل الأوزاعي عن حسان بن عطية أحد التابعين الفضلاء قوله: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة".
وقال أبو حنيفة رحمه الله: "عليك بالأثر، وطريق السلف، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة"، وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى:"من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة، لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم} فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً"، وقال الليث بن سعد:"لو رأيت صاحب بدعة يمشي على الماء ما قبلته" فلما بلغ ذلك الشافعي رحمه الله قال: "إنه ما قصر لو رأيته يمشي على الهواء ما قبلته". وقال الإمام أحمد رحمه الله: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة".
وهكذا نجد مما تقدم من النصوص أن الكتاب والسنة والآثار والأخبار التي نقلت عن السلف الصالح تفيد من نظر فيها بتبصر وتدبر أن كل بدعة في الدين صغيرة أو كبيرة في الأصول أو الفروع، في العقائد أو العبادات أو المعاملات، فعليّة أو قوليّة أو تركيّة، فهي ضلالة، صاحبها مؤاخذ معاقب عليها في النار، وبدعته مردودة عليه غير مقبولة منه، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما تمسكتم بهما من كتاب الله وسنتي" وقال أيضا: "تركتم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك".
البقية في العدد القادم