المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * شروط الراوي * ألفاظ الرواية * زيادة الثقة * رواية الحديث - شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول - جـ ١١

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * شروط الراوي * ألفاظ الرواية * زيادة الثقة * رواية الحديث

‌عناصر الدرس

* شروط الراوي

* ألفاظ الرواية

* زيادة الثقة

* رواية الحديث بالمعنى

* مراسيل الصحابة.

الدرس الحادي عشر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد قال المصنف - رحمه الله تعالى - وشروط الراوي أربعة، بعد أن بين لك أن الخبر من ينقسم إلى متواتر وآحاد والمتواتر كما سبق أنه ........... ولا عدالة في غير الإسلام وبقي الآحاد وذكر ما يتعلق به من حيث القبول والرد ومن حيث جواز التعبد به أو لا قم قال وشروط الراوي أربعة، إذاً الراوي الذي ينقل لنا الخبر لابد من وجود صفات إن وُجدت في الراوي رجحنا اعتقاد صدقه على كذبه لأنه كما سبق أن راوي الحديث حديث الآحاد قد يكون يُبحث عن عدالته وضبطه لماذا؟ لأنه ليس كالمتواتر لأنه لا يفيد العلم لماذا لا يفيد العلم على حسب ما قرره المصنف؟ لأن الراوي يحتمل الصدق والكذب إذاً لابد من وضع قيود وشروط وضوابط من أحل أن يُعيَن الراوي الذي تُقبَل روايته من عدمه حينئذ لما كان البحث في الآحاد من حيث القبول والرد وهذا متوقف على معرفة الإسناد والإسناد كما هو معلوم أنه من مبحث أو من موضوع علم الحديث عِلمُ الحديثِ: ذُو قوانِينْ تُحَدْ يُدْرَى بِها أَحْوَالْ مَتْنٍ وَسَنَدْ فَذَانِكَ الموضوعُ، والمقصودُ أَنْ يُعرَفَ المقبُولُ والمَردُودُ والسندُ: اْلإِخْبارُ عنْ طَرِيقِ مَتْنٍ إذاً السند هو الطريق الذي يحكي لنا المتن والمتن ما انتهى إليه السند من الكلام إذاً عندنا سند وعندنا متن والسند والمتن هما موضوع علم الحديث يُبحَث في السند من حيث القبول والرد يعني متى ما توفرت الصفات المعتبرة في قبول رواية الرواي حينئذ وُجد قبول الحديث وإلا رُدت عليه وشروط الراوي أربعة يعني الشروط التي تعتبر في تحقق صفة القبول في الراوي أربعة باستقراء كلام أهل العلم الأول الإسلام، الإسلام قلنا قال الإسلام وهذا يقابل التواتر لأنه قل لا يُعتَبر إسلامه وهنا قال الإسلام إذاً الإسلام شرط في قبول خبر الآحاد هذا مقصوده شرط في قبول خبر الآحاد، الإسلام: إذاً الشرط الأول الإسلام إن وُجد الإسلام مع بقية الشروط ترتب عليها لماذا لأننا نقول هذا شرط والشرط يلزم من عدمه العدم لا يلزم من وجود الإسلام لابد أن يكون راوياً - لا - وإنما كلما انتفى الإسلام انتفى القبول لماذا؟ لأنه شرط والشرط يلزم من عدمه العدم حينئذ يلزم من عدم الإسلام عدم قبول رواية الرواي والإسلام هذا شرط للأداة لا للتحمل لأننا عندنا أداة وعندنا تحمل التحمل هو السماع أو كتابة الحديث والأداة هو إبلاغه للغير متى يُشترط الإسلام؟ نقول يشترط في الأداة لا في التحمل فلو تحمل كافر ثم أدى بعد إسلامه قُبل منه لماذا؟ هنا انتفى الإسلام وقت التحمل لا قوت الأداة والمعتبر عند أهل الحديث ما هو المعتبر أن يؤدي ويُبلغ الحديث مسلماً فإن حفظه أو سمعه أو كتبه وهو كافر ثم أسلم فأداه قُبل منه فلو أداه وهو كافر لم يُقبل منه إذاً نقول الإسلام هنا هذا شرط بالإجماع وهو شرط للأداء لا للتحمل ولذلك جاء في صحيح البخاري عن جُبير بن مُطعم رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور هذه سمعها وهو كافر قبل إسلامه لأنه كان أسيراً من أسارى بدر ثم أداه

ص: 1

بعد إسلامه ولذلك قال ابن حجر هذا الدليل على أن أهل الحديث عندما يشترطون الإسلام في الأداء لا في التحمل فلا تُقبل إذا اشترط الإسلام حينئذ لابد من مسائل تتفرع عليه قال فلا تقبل الفاء للتفريع هذه فلا تقبل رواية كافر والكافر لا تُقبل روايته وإذا أخبرنا مُخبِر وهو كافر سواء كان يهودياً أو نصرانياً نقول لا تُقبَل روايته لماذا؟ لأنه لا يُؤمَن عليه الكذب هو عدو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فحينئذ لا يُؤمن عليه الكذب وأن يفتري إذاً نقول من شرط قبول الخبر أن يكون مسلماً فإن كان كافراً فحينئذ نقول لا يُقبل خبره فأي خبر يصدر عن الكافر فالأصل فيه عدم القبول المراد بالكفر هنا الكفر الذي يخرج به الإنسان عن الملة كاليهودية أو النصرانية أو الكفر الذي يكون لا بتأويل حينئذ يدخل في هذا قوله فلا تقبل رواية كافر ما المراد بالكفر هنا لأن الكفر أقسام كفر متفق عليه كاليهودي والنصراني ولو خرج به الإنسان عن الملة بيهودية أو نصرانية نقول لا يُقبَل الخبر كذلك لو كفر ببدعة مكفراً لا بتأويل يعني لا باجتهاد لا بنظر لا ببحث فحينئذ نقول هذا كَفَر لكنه لا بتأويل هذا أيضاً لا تقبل روايته قولاً واحداً فلا تقبل رواية كافر ابن حجر - رحمه الله تعالى – ذكر في شرح النخبة أنه لو أُطلق القول بعدم قبول رواية الكافر وكثير من الطوائف يكفر بعضهم بعضاً لما جُعل ضابطاً للرد من حيث الكفر وعدمه قال حينئذ لابد لضبطه بما الكفر الذي يمكن صاحبه لا تقبل روايته فيما إذا أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة حينئذ نقول هذا إذا انضم إليه من كانت صفته هذه يعني أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة هو الذي لا تُقبل روايته وما عداه فلو وقع في بدعة مُكفرة إذا انضم إليه التقوى والورع والضبط والصدق حينئذ قُبلت روايته إذاً نقول فلا تُقبل رواية كافر ما المراد بالكافر الذي تُرد روايته؟ نقول من أجمع أهل العلم على كفره كاليهودي والنصراني يعني لو خرج مسلم من اليهودية والنصرانية أو جاء خبر عن اليهود والنصارى نقول لا يُقبَل لماذا؟ لكون الخبر مستنده أو مصدره كافر طيب لو كان مسلماً ثم كفر ببدعة وكل حدث يطلق عليه بدعة في الدين سواء كان مكفراً أو مُفسقاً أو غير ذلك لو كفر ببدعة نقول لابد من النظر إما أن تكون هذه بدعة بتأويل أو لا إن كان بتأويل سيأتي أن المصنف يستثني منها غير الداعية وما لم يكن بتأول فحينئذ يدخل في قوله فلا تُقبل رواية كافر، ما الضابط في الكفر هذا الذي يكون بغير تأويل؟ نقول من أنكر معلوماً من الدين بالضرورة وما عدا إلى ذلك إذا انضم إليه ما يكون شرطاً في قبول رواية الراوي في الصدق والضبط إلى آخره فحينئذ تقبل أما من أتى ببدعة مُغلَظة مُكَفرة وأجمع أهل العلم كمن ادعى علياً رضي الله عنه إله مثلاً هذه بدعة مُكفرة ولا خلاف بين أهل العلم في كفر معتقده قال ولو بدعة فلا تقبل رواية كافر ولو ببدعة يعني ولو كان كفره بسبب بدعة فحينئذ إذا قابل الكافر بالبدعة المكفرة يكون الكافر الأول فيما هو ظاهر كلامه الكافر الأصلي فلو سمع يهودي النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبر لا نقبل روايته لأنه ليس بمسلم لو سمع نصراني كذلك لا

ص: 2

نقبل روايته لأنه ليس بمسلم والعجب أن الناس الآن وقع عندهم فتنة وهو ما شاع بأنه سُجل أرواح الناس يعذبون في القبور وجاءت عن طريقة شيوعي وتجد الأغبياء من المسلمين يسجلون ويوزعون ويقولون أن هذا خبر ثابت وهذا خبر حق نقول الآن نقرر قاعدة فلا تُقبَل رواية الكافر هل يُقبَل أو لا يُقبَل؟ لا يقبل، وتجد أن بعض طلاب العلم يعني يحتارون في الأمر هل نصدق أو لا نصدق هذا من عجائب الدهر طلاب العلم بعضهم دعاة يستغرب أو يعني يقف أو يحتار هل نصدق أو لا نصدق ثم أيضاً هو مخالف لأصل عذاب القبر هذا لو قيل بجواز كشفه فهو لبعض لا لكل وهذا قد أصبح كل ما صار غيباً ثم لو فُتح الباب وسُجلت مثل هذه الأشياء غدا يأتون بالمرئيات اليوم بصوتيات وصدقنا غداً تجد أشرطة الفيديو وترى القنوات ويقولون هذا عذاب القبر وأنتم مسلمون صدقتم الأول فلم لا تصدقون الثاني وغدا قد يأتوك بأشياء أخرى صوت جبريل إلى آخره إذا فُتح الباب لمثل هذه الأمور ما تُغلَق فلذلك نقول فلا تقبل رواية كافر سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو شيوعياً ولو ببدعة يعني ولو كان كفره بسبب بدعة فالبدعة المُكفرة سبب لرد الرواية البدعة المُكفر سبب لرد الرواية إلا المتأول حينئذ إلا المتأول قوله إلا المتأول تفهم منها أن المصنف خص قوله ولو ببدعة خص به صاحب البدعة غير المتأول ومراده بالمتأول الذي استند إلى الكتاب والسنة فأداه إلى أن وقع في بدعة وهذه البدعة تكون مكفرة إلا أنه لو كُفر حينئذ تُقبَل روايته خاصة إن انضم إليه الضبط والصدق، ولو ببدعة إلا المتأول إ المبتدع الذي كُفر بسبب بدعته لكنه متأول أي مستند للكتاب والسنة حينئذ يُقبَل لوجود الصدق والضبط إذا لم يكون داعية يعني إذا لم يدعو إلى بدعته إذا لم يروي ما يُؤيد بدعته لأنه متهم حينئذ لماذا؟ لأن الهوى يُزين له تحسين البدعة فحينئذ لا يُؤمَن عليه أن يضع أو يزيد حرفاً أو يُنقص حرفاً من الحديث مثلاً من أجل أن يُروج بدعته فلما كانت الرواية التي تؤيد بدعته مظنة لترجيح الكذب على الصدق قدم في هذا النوع وما عداه فيكون حينئذ على الأصل، إلا المتأول إذا لم يكن داعية فإن كان داعية لم تُقبل روايته إذاً المتأول يُفرَق فيه إن كان مبتدعاً داعية إلى بدعته فهذا لا تُقبَل روايته وإن لم يكن داعياً إلى بدعته فحينئذ تُقبًَل روايته، قال ابن حجر - رحمه الله تعالى – هذا المذهب هو الأعدل وصارت إليه طوائف من الأئمة وهو أن رواية المبتدع تُقبل إذا لم يكن داعياً إلى بدعه فإن كان داعباً إلى بدعته قال ابن حجر غيره كالنووي قال لا تقبل وهو ما رجحه السيوطي في ألفيته في ظاهره كلامه يعني في ظاهر كلام الإمام أحمد أن فرّق بين المبتدع الداعي وغير الداعي لأنه قال أو ورد عنه أن قال يُكتَب حديث القدرية إذا لم يكن داعية، قالوا أصحابه قالوا والقدرية عند الإمام أحمد كفار إذاً هم أصحاب بدعة مُكفرة وقال الإمام أحمد يُكتب حديث إذا لم يكن داعية فإن كان داعية فلا ولا كرامة، إذاً نقول الشرط الأول أنه لابد أن يكون الرواي مسلماً فحينئذ لو لم يكن مسلماً كالكافر الأصلي أو المبتدع الذي كُفر ببدعته وليس متأولاً فحينئذ تُرَد روايته فإن كان صاحب بدعة

ص: 3

مُكفرة لكنها بتأويل يعني اجتهد فوقع في هذه البدعة ولو كُفر حينئذ إذا لم يكن داعية قُبلت روايته وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وعنه رواية أخرى بالرد مطلقاً لكن كثير من المحققين يرون أن مدار البدعة وعدمها على الصدق متى ما ثبتت الثقة ثقة لرواية وكان صادقاً سواء كان داعية أو لا فحينئذ تُقبَل روايته ولذلك في الصحيحين عن بعض أهل البدع وهم دعاة ولكن خرّج لهم الصحيح من أجل أن مدار الرواية على الصدق فمتى ما انضم إلى صاحب البدعة صدق وضبط وتقوى وورع حينئذ تُقبَل روايته لأنه إن كان ورعاً وإن كان تقياً هو يعتقد أنه على حق ولذلك ابن حزم شنع على من يشترط عليه يقول كيف تشترطون في المبتدع وهو في باب المعتقد مبتدع يقول تشترطون في قبول رواية المبتدع إن لم يكن داعية هو يعتقد أنه حق وأنه من الإسلام وكل من اعتقد حقاً فالأصل أنه يكون داعية فحينئذ اشتراط كونه داعية إلى بدعته أو لا هذا يُنظر فيه من جهة الصدق وما ينضم إلى الرواي من التقوى والورع فإن وُجد فحينئذ الأصل القبول وإلا إذا وُجدت التهمة فالأصل العدم.

ص: 4

الثاني الشرط الثاني قال والتكليف يعني يشترط في الرواي الذي تقبل روايته أن يكون مُكلَفاً والتكليف اصطلح أهل العلم إذا أطلقوا مُراد به البلوغ والعقل إذاً يشترط التكليف بأن يكون الراوي الذي يترجح صدقه على خطأه وكذبه أن يكون مُكلفاً، قال حالة الأداء والأداء قلنا المراد به إبلاغ الحديث للغير ليس كالتحمل إذاً التكليف المراد به البلوغ والعقل واشتراط العقل هذا بالإجماع لماذا قال إذ لا وازع لغير العاقل يمنعه من الكذب وما يميز بين الكذب وغيره أصلاً فحينئذ كيف يُقال بأنه تُقبَل روايته ولذلك شرط العقل هذا للتحمل والأداء فيُفَسر في كلام المصنف هنا أنه أطلق نقول التكليف المراد به العقل والبلوغ والعقل هذا ليس للأداء فقط وإنما للتحمل والأداء فهو شرط فيهام وأما البلوغ فهو شرط في الأداء كما قال المصنف، إذاً العقل شرط لصحة الرواية أو لقبول رواية الراوي هو أصل الضبط والبلوغ هو الوازع عن الكذب ولذلك الصبي الصغير لا يقبل خبره والمجنون كذل لا يُقبَل خبره لكونه لا يعرف الله تعالى ولا يخافه ولذلك اتفق الصحابة على قبول أخبار أصاغر الصحابة كابن عباس وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين والنعمان بن بشير متى إذا أدوا ذلك بعد البلوغ تحملوا وهم صغار ثم أدوا ذلك بعد البلوغ فحينئذ يكون البلوغ شرطاً للأداء لا للتحمل بل كان كثير من أهل الحديث يأتون بأبنائهم في المجالس مجالس رواية الحديث من أجل أن يكتبوا ولذلك يذكرون هم وكتبه وضبطه متى استعد اختلفوا متى يكتب الصبي قيل خمس سنين وقيل بالتمييز إلى آخر الخلاف لكن قال السيوطي وَكَتْبُهُ وَضَبْطُهُ حَيْثُ اسْتَعَدّ وَإِنْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ الْفِقْهَ أَسَدّ، وكتبه أي كتب الصبي الصغير وكتبه وضبطه يعني تشكيله حيث استعد متى ما كان مستعداً عقلياً فليجلس وليكتب وليضبط وَإِنْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ الْفِقْهَ أَسَدّ هذا على طريقة الأقدمين أن كان يُقدم الفقه على دراسة الحديث، إذاً التكليف هو الشرط الثاني حالة الأداء نقول العقل إجماعاً غذ لا وازع لغير عاقل يمنع من الكذب والبلوغ عند الأئمة الأربعة لاحتمال كذب من يبلغ كالفاسق ما الأولى لأنه غير مُكلف لا يخاف العقاب والصبي قد يكذب فلو أدى قد يزيد قد ينقص لأنه لا يخاف بل هو لا يدرك قدر الحديث ولا أداء الحديث ولا ما يترتب على كذبه ونحو ذلك، ولذلك قيل البلوغ شرط للأداء لا للتحميل والعقل له ما معنى، والضبط أي والشرط الثالث باعتبار قبول رواية الرواي الضبط ولم يقيده بالتمام هنا لماذا لكون الشرط عاماً لمطلق الرواية التي تُقبَل والذي يُقبَل لا يُختَص بالصحيح لذاته وقد كون صحيحاً لذاته لغيره حسن لذاته لغير فحينئذ يشترط مطلق الضبط لا التمام لأن المبحث هنا مبحث عام، والضبط سماعاً وأداء الضبط لئلا يُغير اللفظ والمعنى فلا يوثق به والمراد به غلبة ضبطه لماذا لأن الخطأ اليسير لابد منه هو بشر فحينئذ إذا وقع في سهو ما أو غلط ما ونحو ذلك فيقبل ويكون تام الضبط ينسب في ضبطه تام الضبط وإذا قورن بغيره إلا أنه كيف يحكم عليه بكونه ضابطاً يُقارن بينه وبين غيره من الأئمة الحُفّاظ والضابطين فإن وُجد أنه موافق لهم في

ص: 5

الغالب أو الأغلب الأعم عُد ضابطاً وإلا عُد ليس بضابط والضابط سماعاً وأداءاً أن يؤدي ما تحمله على وجهه من غير زيادة فيه ولا نقص سماعاً وأداءاً يسمع فيكتب أو يحفظ فلا يزيد ولا يُنقص ثم يؤدي ذلك كما سمعه يؤدي ما سمع كما سمع لا يزيد ولا ينقص ولا يضر يسير خطأ لعدم سلامته وهذا يكاد يكون اتفاق بين أئمة الحديث، و (الضبط) سماعاً وأداءاً والحكم على الراوي بكونه ضابطاً هذا كما ذكرنها أنه إن وافق في الغالب الأئمة الحُفّاظ الضابطين حُكم بضبطه وإلا فلا والأداء لا تضبط.

ص: 6

الشرط الرابع فيمن تُقبل روايته أو تُرد العدالة أن يكون عدلاً وهذا بالإجماع، والعدالة لغة التوسط في الأمر من غير زيادة ولا نقصان وفي الاصطلاح صفة راسخة في النفس تحمله على ملازمة التقوى والمروءة وترك الكبائر والرذائل بلا بدعة مُغلَظة يعني من كان آتياً بالواجبات مُجتنباً للكبائر والمُحرمات واقفاً مع ما يخرج المروءة متلبساً بالآداب والأخلاق آتياً بما يحمده الناس مُجتنباً ما يذمه ويُبغضه الناس هذا هو العادل وتام العدالة، والعدالة إجماعاً فلا تُقبل من فاسق وهذا منصوص عليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الحجرات6، أي تثبتوا كما هو في قراءة أخرى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ} يعني من اتصف بالفسق {فَتَبَيَّنُوا} فتثبتوا إذاً لا يُقبَل خبره هكاذ وإنما لابد من التبين والتثبت، فلا تقبل من فاسق إلا ببدعة متأولاً صاحب البدعة في الموضعين سواء كانت البدعة مُكفرة أو مُفسقة قد يكون صاحب هوى غير متأول مستند إلى عقله دون كتاب أو سنة هذا لا حكم له ولا يُلتفت إليه وإما صاحب البدعة المتأول الذي اجتهد وطلب الحق ونظر إلى الكتاب والسنة وكان مستنده قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم هذا أمره أخف وأهل البدع ليسوا على مرتبة واحدة هذا لابد من الوقوف معه أهل البدع ليسوا على مرتبة واحدة وإذا كانوا كذلك فحينئذ يكون التعامل معهم على تفاوتهم ومراتبهم في بدعم، ولذلك وقع الخلاف عند أئمة الحديث أئمة السلف في التفريق بين مبتدع ومبتدع بين بدعة وبدعة بدعة مُكفرة متأول وغير متأول بدعة مُفسقة متأول إلى آخره لو كانت على مرتبة واحدة لما اختلفوا لو أهلها على مرتبة واحدة لهُجروا كلياً ولكن لما وقع التخفيف ولما وقع الاستثناء حينئذ علمان أن البدع تختلف وحينئذ يكون أهلها على طبقات أو مراتب، إلا ببدعة متأولاً عند أبي الخطاب والشافعي وهذا ما يسمي بالفسق الاعتقادي لأنهم يقولون ما كان متأولاً ببدعة مرادهم البدعة الاعتقادي يعني أمر اعتقادي كالأمور الصفات ونحوها وأما الجوارح فهذا الأصل أنه لا يُغتفر لماذا؟ لعدم الشبهة ولأنها داخلة في مسمى العدالة نقول العدالة ما هي؟ سلامته من ترك الواجبات وفعل المحرمات حينئذ لو فسق من جهة الجوارح ليس كمن فسق من جهة الاعتقاد متأولاً وهنا نفرق في الفسق فسق اعتقادي وفسق عملي وهناك يذكرون عند المتأخرين بدعة اعتقاديه مكفرة فقط ونضيف إليها بدعة أيضاً مُكفرة عملية لماذا؟ لأن الكفر قد يكون اعتقاداً وقد يكون عملاً هو ضد الإيمان فنقول الكفر ضد الإيمان بما أن الإيمان يكون قول واعتقاد وعمل والكفر ضده يكون بالاعتقاد وبالقول وبالعمل يعني قد يكفر عملاً ولو لم يعتقد وقد يكفر باللسان ولو لم يعتقد وقد يكفر بالاعتقاد ولو لم يعمل وكذلك الإيمان مرتب من ثلاثة أركان أعمال الجوارح كما هو مذهب السلف أنه داخل في مسمى الإيمان، لذلك في كتب المصطلح عند المتأخرين تنبه إليها طالب العلم البدعة المُكفرة هي الاعتقادية ولا يذكرون العملية وهنا يذكرون البدعة المفسقة الاعتقادية والعملية لماذا؟ لأن أكثر المتأخرين أشاعرة وهو عندهم

ص: 7

الكفر اعتقادي فقط ولا يكون الكفر عملياً وهذا ليس بصحيح بل هو مذهب الجهم بن صفوان حصر لكفر في الاعتقاد أنه لا كفر إلا باعتقاد وهذا مذهب الجهمية، قال والعدالة فلا تقبل من فاسق لأن الخبر أمانة علل بعضهم لأن الخبر أمانة ومنهم الشوكاني والقرطبي - رحمه الله تعالى – قال لأن الخبر أمانة والفسق قرينة تبطلها الخبر أمانة نقول الفاسق لا أمانة له، إلا ببدعة أي إلا من فسق من جهة الاعتقاد لا من جهة الجوارح عند أبي الخطاب والشافعي. هذه أربعة شروط الإسلام والتكليف والضبط والعدالة لابد من وجودها أربعة وأهل الحديث يذكون فقط ويدرجون بعضها تحت بعض لِنَاقِلِ الأَخْبَارِ شَرْطَانِ هُمَا: عَدْلٌ، وَضَبْطٌ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمَا مُكَلَّفًا لَمْ يَرْتَكِبْ فِسْقًا ولا خَرْمَ مُرُوءَةٍ وَلا مُغَفَّلا يَحْفَظُ إِنْ يُمْلِ، كِتَابًا يَضْبُطُ إِنْ يَرْوِ مِنْهُ، عَالِمًا مَا يُسْقِطُ إِنْ يَرْوِ بَالْمَعْنَى، وَضَبْطُهُ عُرِفْ إِنْ غَالِبًا وَافَقَ مَنْ بِهِ وَصِفْ هذا ما ذكره السيوطي في ألفية المصطلح.

والمجهول في شرط منها لا يقبل فمن جُهل عين المجهول ما هو المجهول؟ هذه لا تعرف عينه عن رجل حدثني رجل هذا ما عُرفت عينه أو سماه حدثني زيداً وزيد هذا لا يُعرَف لم يُزكه أحد أو يُجرَح أولم يروي عنه إلا شخص واحد نقول هذا مجهول والمجهول في شرط منها يعني لا يُعرَف هل هو مسلم أو لا هل هو مكلف أو لا هل أدى مكلفاً هل تحمل عاقلاً هل هو ضابط هل هو عدل إذا لم يُعرَف قال لا يُقبَل لماذا؟ لأن هذا شروط وجودية ليست من شروطاً عديمة لو كانت شروطاً عدمية استصحبنا الأصل لكن لا يمكن أن يكون الإنسان في الأصل ضابط أو في الأصل مسلم إلا إذا نشأ بين المسلمين ولا يكون الأصل أنه عدل وإنما هذه الشروط وجودية وإذا كان الشروط وجودية لابد من التحقق ولابد من التثبت لابد من العلم فحينئذ يكون العلم في الوجود وليس عدم العلم بالوجود هو الشرط يعين هل يشترط أن نعلم فسقه أو سلامته من الفسق أو الأصل العلم بعد الفسق؟ الأول لماذا لأن العدالة وجود ولابد أن يُثبت العدالة لعملنا بالعدالة أما عدم علمنا بالعدالة ليس بعدالة عدم علمنا بالفسق ليس بتعديل له من جهة الفسق وهلم جرة حينئذ نقول هذه الشروط

ص: 8

الأربعة إنما هي شروط وجودية والشيء إذا كان مشروطاً للوجود لابد من تحققه وجوده بالفعل ولابد من تعلق الإدراك والعلم به وإلا الأصل عدم وجوده ولذلك نقول من شك في ركن فكتركته هكذا المذهب من شك في ترك ركن فكتركه كأنه تركه لماذا؟ الشك هنا غير معتبر لأن هل فعل أو لم يفعل الأصل عدم الوجود والركن مطلوب الوجود إذاً لابد أن يعلم ويتحقق أنه ركع أو أنه قرأ الفاتحة أو أنه سجد فإذا لم يتحقق أنه سجد فالأصل عدم السجود حينئذ لابد أن يأتي بها فإذا شك في السجود سجد أو لم سجد نقول الأصل أنه لم سجد وإذا شك في الركوع هل ركع أو لا شك في الفاتحة هل قرأ أم لا نقول الأصل عدم القراءة لماذا؟ لأن هذه أركان وجودية والشيء إذا كان وجودياً يتعلق العلم بوجوده وعدم العلم هذا ليس من شيء، والمجهول في شرط منها لا يقبل كمذهب الشافعي وهو مذهب الجمهور قول الجمهور أنه لا يُقبَل مطلقاً، وعنه أي عن الإمام احمد رواية أخرى إلا في العدالة لأن الشرط عدم العلم بالفسق ليس العلم بالفسق لا نقول العكس هو الأصح، وعنه إلا في العدالة يعني مجهول العدالة يُقبَل أما مجهول الإسلام ومجهول الضبط ومجهول التكليف نقول هذا لا يُقبَل حينئذ نقول اتفقوا على شيء واختلفوا في شيء اتفقوا على أن الجهل بالإسلام وبالتكليف وبالضبط لا يُقبَل ويكون الخلاف في الرابع فقط وهو العدالة الجهل بالعدالة الخلاف في مجهول العدالة أما كجهول الإسلام والضبط والبلوغ فلا تُقبَل قولاً واحداً ولا فرق في الشك في العدالة وباقي الشروط فلا يُفرَق بينهما والقياس على الشاهدة كما ادعاه بعضهم لماذا؟ لأن الشهادة لابد أن يكون عدلاً والقياس على الشهادة يعني شهادة من دون العدالة لا تقبل يعني نُقيسه على ماذا يكون العكس هو الدليل عدالة الشاهد لابد أن تكون معلومة {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} الطلاق2، ولا ترضى إلا من كان عادلاً حينئذ نقيس الراوي على الشاهد حينئذ لابد من العلم بالعدالة على العكس من يستدل بالتفريق بينهما بل هما سيان والمجهول في الأصل غير عدل.

ص: 9

قال وعنه إلا في العدالة كمذهب أبي حنيفة لأنه لا تُقبل عنه إذا كان مجهول الإسلام أو التكليف أو الضبط واستثني مجهول العدالة فتُقبَل، وبعضهم يرى أن الأصل في المسلم العدالة وهذا توسع فيه ابن عبد البر - رحمه الله تعالى – في مسالة العادلة كي نقول كيف تُثبت العدالة إما بالاستفاضة وإما بالنص إما بالاستفاضة أن يكون مشهوراً كالأئمة الأربعة في كالبخاري ومسلم وأبي ذرعة وأبي حاتم إلى آخره نقول هؤلاء مشهورون بالعدالة فلا يُساَل عنهم أو بالنص من إمام عالم بأسباب الجرح والتعديل إلى آخره بأن فلان عادل وفلان زكاه عدل والأصح إذا كان عدل واحد يكفي أو جرح (أَوْ كَانَ مَشْهُورًا، وزَادَ يُوسُفُ بِأَنَّ كُلَّ مِنْ بِعِلْمٍ يُعْرَفُ عَدْلٌ إِلَى ظُهُورِ جَرْحٍ، وَأَبَوْا) يوسف من هو يوسف؟ ابن عبد البر - رحمه الله تعالى – بأن كل من عُرف بطلبه للعلم فهو عدل حتى يثبت الجرح وأبوا وزَادَ يُوسُفُ بِأَنَّ كُلَّ مِنْ بِعِلْمٍ يُعْرَفُ عَدْلٌ إِلَى ظُهُورِ جَرْحٍ، الأصل العدالة، وأبوا رُد عليه - رحمه الله تعالى -.

ص: 10

إذاً الاستفاضة والشهرة بها تُعلَم العدالة الثاني نقول بالتنصيص من عالم والأصح أنه يكفي واحد لو نص عالم إمام في الجرح والتعديل على أن فلان عدل نقبل والقول بأنه لابد من اثنين قول مرجوح بل أكثر العلم على أنه يفي واحد واثنان إن زكاه عدل والأصح إن عدّل الواحد يكفي أو جرح فلو جرح واحد كفى ولو عدّل واحد كفي واشتراط الاثنين كالشهادة ليس بسديد، ثم قال ولا يشترط ذكوريته ولا رؤيته ولا فقهه ولا معرفة نسبه لأن بعضهم اشترط هذه الأمور، ولا يشترط يعني للراوي أن يكون ذكراً كم وكم روت عائشة رضي الله عنها من أحاديث وأسماء أم عطية إلى آخره فقَبل أئمة السلف رواية عائشة وهي أنثى إذاً لا يشترط ذكوريته ولا رؤيته يعنى رؤيته لمن للنبي صلى الله عليه وسلم لو كان من جهة الصحابي فالضرير تُقبَل روايه كذلك لو كان من وراء سِتر كم من الصحابة رووا عن عائشة وهي من وراء حائل إذاً لا يشترط الرؤية، ولا فقهه لا يشترط أن يكون فقيهاً كم نصّ عليه بعضهم رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه هذا حديث ورب حامل فقه وليس بفقيه ورب حامل فقه وليس بفقيه إذاً يشترط أن يكون الراوي فقيه وإنما اشترطه بعضه من أجل أنه إذا روى بالمعنى يكون عالماً بما يروي، ولا معرفة نسبه فتُقبَل رواية مجهول النسب بل النسب كولد الزنا ونحوه لماذا؟ لأن هذه لا مدخل لها في تحقق صفة القبول رواية الراوي أو رده كونه بلا نسب ليس لها دخل وإنما النظر في إسلامه في تكليفه في عدالته في ضبطه فإذا توفرت هذه حينئذ ليس لنا دخل في النسب سواء كان له نسب مجهول أو ليس له نسب بل عديم النسب، ويقبل المحدود في القذف إن كان شاهداً لو حُد شهادة الزنا لابد أن تكون من أربعة فلو وُجد ثلاث ولم يتم النصاب يُجلَد الثلاث يُحد حينئذ إذا حُدوا في القذف نقول يُحد للشرع وتُقبل روايتهم لماذا؟ لأن الحد هنا ليس لكونهم ارتكبوا مُفسقاً وإنما لنقص النصاب وإخراجهم للشهادة هنا مخرج الخبر لا مخرج القذف فحينئذ الحد هنا لعدم تمام النصاب لا لكونهم قاذفين لأنه لو قذف لصار فاسقاً فلابد من التوبة فإذا علمنا توبته وثبتت حينئذ تُقبَل روايته يعني من تابع فسق كمن لا ذنب له ولكن هنا المراد به إن حُد المحدود في القذف بحيث إنه كان أحد الشهداء ولم يتم النصاب هل نعتبر هذا لأن أبا بكر وبعض الصحابة حُدوا وبعضهم طعن في من حُد في القذف قذف عائشة رضي الله عنها من أجل ألا تُقبَل روايتهم نقول لا هذا ليس من أجل كونه فسقاً وإنما لأمر خارج عن العدالة وهو عدم إتمام النصاب، قال أصحاب الإمام أحمد إن قذف بلفظ الشهادة قُبلت روايته لأنه قد يقذف بلفظ الشهادة يعني يكون شاهداً فلا يتم النصاب فيُقذف وقد يقذف فيقول يا زاني هذا فرق بين أن يُحد من أجل الشهادة لم تتم وبين أن يكون قاذفاً يا زاني مثلاً نقول قذف بنفسه الثاني لابد من التوبة لأنه يُعَد مُفسقاً، إن قذف بلفظ الشهادة قُبلت روايته لأن نقص العدد ليس من جهة ولأنهم أخرجوا ألفاظهم مخرج الإخبار لا مخرج القذف فيُحد وتُقبَل روايته كل هذا للرد على من طعن في بعض الصحابة، ويُقبل المحدود يعني رواية قاذف قد حُد إن كان بشاهداً أما إن كان بقاذفاً فلابد من التوبة وليس

ص: 11

المراد بأنه لا يُقبل وأما إن كان شاهداً فتُقبَل روايته ولا نطالبه بتوبة وأما إن كان قاذفاً فلا تُقبَل روايته حتى يتوب لأنه يعتبر قادحاً في العادلة ثم يكون فاسقاً.

ثم قال والصحابة لم تكلم عن هذه الشروط الأربعة ومحترزاتها ذكر الصحابة لأنهم هم الطبقة الأولى في رواية الأحاديث وهل يُتعرض لهم بتعديل أو تجريح وهل هذه الشروط تشملهم أم لا قال والصحابة كلهم هذا تأكيد كلهم عدول بتعديل الله تعالى لهم عدّلهم الله عز وجل من فوق سبع سماوات، كلهم عدول بإجماع من يُعتَد به بإجماع المعتمدين وَهُمْ عُدُولٌ كُلُّهُمْ لا يَشْتَبِهْ النَّوَوِيْ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهْ، وَهُمْ عُدُولٌ كُلُّهُمْ لا يَشْتَبِهْ النووي قال النووي أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهْ أما من كان من أهل البدع كالرافضة ونحوهم فلا عبرة لهم في إجماعات أهل السنة والجماعة، ثم قال والصحابي إذاً إذا كانوا الصحابة عدولاً حينئذ فلا حاجة على البحث عن عدالتهم فجهالة الصحابي لا تضر ويُبنى على هذه المسألة مرسل الصحابي ومرسل الصاحب غالب في الأصلح لأن الغالب في الصحابي لا يروي إلا عن صحابي فإذا أسقط الصحابي الواسطة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم نقول الصحابي جهالته لا تضر لماذا؟ لأن القاعدة أنهم كلهم عدول والصحابة كلهم عدول بإجماع العلماء المعتبرين وهم عدول كلهم لا يشتبه النووي أجمع من يُعتَد به، إذاً ينبني على هذه المسالة هو هذا وأما من فصّل في أنهم عدول إلى زمن الفتنة ثم لابد من البحث إلى آخره نقول هذه أقوال كلها ضعيفة ومردودة قال تعالى في شأنهم {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} التوبة100، وقال جل وعلا {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} الفتح18، {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء} الفتح29، وقال صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني وقال لا تؤذوني في أصحابي، ثم فيم تواتر من صلاحهم وطاعتهم لله ولرسوله غاية التعديل حبهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وجهادهم تضحيتهم من أجل الدين هذا يكفي لعدالتهم ولا نحتاج أن نبحث وما وقع فيما بينهم من خلاف نقول نسكت عما شجر بينهم ولا يُعد ذلك كل مجتهد وإن كان فيهم مصيب وفيهم مُخطئ ولكن نقول هذا حصل من باب الاجتهاد والمجتهد إذا أصاب واجتهد فله أجران وإن اجتهد واخطأ فله أجر واحد ولا نبحث ولا نستفصل ولا نتحامل على شخص معين بل ولا نقرأ ولا نذكر هذه للناس في عموميات وإنما تطوى ولا تُروى، ثم قال لما بين لك أن الصحابة كلهم عدول قال والصحابي من هو الصحابي؟ من صحبه ولو ساعة أو رآه مؤمناً من صحبه يعني صحب النبي صلى الله عليه وسلم قوله أو رآه إذ جعلنا نعمم قول صحبه لأن المراد به الصحبة بمعنى الصحبة المراد بها اللقي فحينئذ يعم البصير والأعمى أو رآه قابل به صحبه من صحبه يعني من صحب النبي صلى الله عليه وسلم يدخل فيه من التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يره لأنه قال ورآه فيما بعده حينئذ صحبه بمعنى اللقي ليعم البصير والأعمى ولو ساعة يعني لا يُشترط طول الصحبة

ص: 12

كما هو مذهب كثير من الأصوليين أهل الحديث هذا التعريف جار على مذهب أهل الحديث أن الصحبة لها شرف أو شرف اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم أعطى الصحبة لكل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يجلس معه ولو رآه عن بعد فحينئذ نقول لا تشترط أو لا يشترط طول الصحابة حَدُّ الصَّحَابِي: مُسْلِمًا لاقَى الرَّسُولْ وَإِنْ بِلا رِوَايَةٍ عَنْهُ وَطُولْ، وَإِنْ بِلا رِوَايَةٍ ولو لم يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي وإن لم تطل صحبته بل لو رآه ساعة لو لحظة نحكم بصحبته وإن كانوا يتفاوتون فيما بينهم لذلك من لزم النبي صلى الله عليه وسلم مدة بعثته ليس كمن رآه قبل وفاته بعشرين يوماً مثلاً لا يستويان قطعاً هذا، من صحبه ولو ساعة حينئذ ولو ساعة فيه رد على من اشترط طول الصحبة كما هو مذهب كثير من الأصوليين وبعض المحدثين أو بعض الحديث المتعقلين، أو هذا للتنويع أو رآه يعني رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولو يجتمع به رآه يقظة حياً يقظة لو رآه في المنام صفي يكون أو صحابي مثلاً؟ من رآه يقظة أما في المنام فلا، حياً صلى الله عليه وسلم، فلو رآه مُسجياً نقول لا لا ثبت الصحبة، قال ابن الصلاح وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا كل من رآه حكم الصحبة قال وتثبت صحبته بخبر غيره عنه أو خبره عن نفسه، إذاً عرفنا حد الصحابي على ما ذكره المصنف ولابن حجر - رحمه الله تعالى – تعرف مشهور من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك ولو تخلت ردة في الأصح وله شرح جيد في المسألة.

ص: 13

تثبت الصحبة بماذا؟ نقول التواتر كالخلفاء الأربعة الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة كذلك تثبت بالاستفاضة والشهرة كون ذلك صحابي التي هي دون التواتر كعكاشة أو بخبر غيره عنه لو أخبر صحابي بأن فلان صحابي تثبت الصحبة أو بخبره عن نفسه عن الجمهور لو أن أخبرك وقال أنا صحابي يقول أنا التقيت بالنبي صلى الله عليه وسلم يُقبَل أو لا يُقبَل؟ نقول يُقبَل بشرط المعاصرة والعدالة أو خبره عن نفسه لأنه ثقة مقبول القول فقُبل في ذلك كروايته بشرط أن يكون معاصراً يعني وقت النبي صلى الله عليه وسلم عدلاً، وأما غير الصحابي، الصحابي عرفنا وأما غير الصحابي لابد من تزكيته كالشهادة كما أن الشهود لابد من تزكيتهم كذلك غير الصحابي لابد من تزكيتهم كما ذكرنا في الشروط السابقة أنها الأصل فيها العدم فحينئذ لابد من العلم بوجودها كتكليف من سمع تحمل بالغاً أو لا هل أدى بالغاً أولا هل هو كونه متحملاً مسلماً أو لا لابد من وجود هذه الشروط، وغير الصحابي لابد من تزكيته لابد أن يزكيه عالم بأسباب الجرح والتعديل، والرواية عنه عن غير الصحابي تزكية فإذا روى عنه من عُرف بأنه لا يروي إلا عن ثقات أو روى عنه ثقة قال تزكية يعني إذا لم نجد نصاً لعالم بأن الراوي الفلاني ثقة قال والرواية عنه تزكية في رواية عن الإمام أحمد بشرط أن يُعلَم من عادة الراوي أو صريح قوله أنه لا يروي إلا عن عدل يعني بعض المحدثين صرح أنه لا يروي إلا عن عدل فإذا قال عن رجل أو قال حدثني ثقة أو حدثني من لا اتهم فحينئذ قال نحكم بأنه ثقة لأنه هدل لماذا لأن هذا الراوي المحدث الإمام قد حدث عنه ومن علمنا من حاله أو من صريح قوله أنه لا يحدث إلا عن ثقات وَلَيْسَ فِي الأَظْهَرِ تَعْدِيلاً إِذَا عَنْهُ رَوَى الْعَدْلُ وَلَوْ خُصَّ بِذَا، والأشهر عند المتأخرين أنه لا يعد عند أكثر أهل الحديث أنه لا يعد تعديلاً بل حاله حال غيره لابد من البحث والفحص ولذلك قال السيوطي وَلَيْسَ فِي الأَظْهَرِ تَعْدِيلاً إِذَا عَنْهُ رَوَى الْعَدْلُ ولو خُص بذا وليس في الأظهر يعني قول أظهر وليس في الأظهر تعديلاً إِذَا عَنْهُ رَوَى الْعَدْلُ إذا روى عنه العدل ولو خُص بأنه لا يروي إلا عن العدول نقول هذا لا يعد تعديلاً بل لابد من التنصيص والبحث والفحص إذاً والرواية عنه تزكية في إذا الرواية الأخرى لا تعتبر تزكية وهي أرجح بشرط أن يُعلَم من عادة الراوي أو صريح قوله أنه لا يري إلا عن عدل ولذلك يقول القاسمي حشياً على هذا خالف في ذلك الأكثر فذهبوا إلى أن الرواية المذكورة ليس بتعدي وهذا أصرح ورجحه السيوطي في ألفيته، والحكم بشهادته أقوى من تزكيته إذا قال القاضي بشهادة زيد مثلاً كانت ذلك تعديلاً له لماذا؟ لأن الشهادة يُشترط فيها العدالة لابد أن يكون مُعدلاً {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} الطلاق2، فإذا قضى القاضي بشهادة زيد فهذا الشاهد عدلاً حينئذ الحكم بشهادته يعتبر تعديل ولا إشكال في هذا ويُقبل كالتزكية من واحد ويُقبَل والحكم بشهادته أقوى من تزكيه.

ص: 14

ثم قال والجرح هذا مقابل للتعديل عندنا تعديل وتجريح والجرح ما هو قال نسبة ما ترد به الشهادة أي أن يُنسَب إلى شخص ما يُوجِب رد شهادته كذاب فاسق لا يُعتمد عليه لا يوثق في حديثه عديم الأمانة كل هذه ترد الشهادة حينئذ نُسب إلى الراوي ما تُرد به الشهادة ككذاب وفاسق وعديم الأمانة حينئذ نقول ماذا يُعتبر مجروحاً قال والجرح نسبة ما ترد به الشهادة يعني أن يُنسَب إلى الراوي راوي الحديث ما لو نُسب إلى الشهادة لردت شهادته هذا تقدير الكلام نسبة ما ترد به الشهادة أن يُنسب إلى راوي الحديث ما لو نُسب إلى الشاهد في مقام الشهادة ورُدت شهادته كأن قيل فاسق ونحو ممن ترضون من الشهداء، والفاسق والكذاب لا نرضاه {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} نقول الغير عدل لا يُؤمَن وليس ترك الحكم بشهادته منه يعني وليس ترك الحكم بشهادة زيد مثلاً يعتبر من الجرح لأنه قال في المقابل والحكم بشهادته أوقى من تزكيته إذاً يعتبر تعديلاً له، إذا ترك القاضي رد شهادة زيد ترك شهادته هل يعتبر جرحاً؟ إذا قبل شهادته قلنا هذا يعتبر تعديلاً وإذا ردها هل يعتبر جرحاً؟ لأن سبب الرد في الشهادة ليس مبناه دائماً ما يُوجب الفسق لا قد يرده للتهمة تهمة قرابة يأتي ويشهد لابنه يرده القاضي هل الرد هذا يعتبر جرحاً؟ نقول لا، إذاً قوله وليس الحكم بشهادته منه لابد من زيادة منه، منه أي من الجرح أي وليس ترك الحكم بشهادته من الجرح لاحتمال وجود سبب آخر لترك العمل بشهادته غير الفسق كعداوة أو تهمة قرابة، إذاً لو ترك القاضي شهادة زيد إذاً لا نعتبر هذا الترك وهذا الرد جرحاً للراوي،.

ص: 15

ويقبل كالتزكية من واحد ذكرناها واثنان إن زكاه عدل والأصح إن عدّل الواحد يكفي أو جرح وهذا مذهب الأئمة الأربعة، ولا يجب ذكر سببه يعين سبب الجرح إذا قال فلان مردود الرواية أو لا يُقبَل خبره لابد أن يُبين أو لا؟ قد لا يجب، ولا يجب ذكر سببه لماذا؟ لأن أسباب الجرح معلومة لأنه يحصل بأمر واحد وهذا الأمر الواحد أمر معلوم مستفيضا عند المُجرحين والمُعدلين حينئذ إذا قال فلان لا يوثق بحديثه أو لا تُقبَل روايته أو قال فلان فاسق أو فلان كذاب قال لا يجب ذكر سببه وهذا ليس على إطلاقه، وعنه بلى وفي الرواية الأخرى بلي يعني يجب ذكر السبب لماذا؟ لأن أسباب الجرح هذه فيها خلاف قد يجرح بما لا يكون جارحاً حينئذ لابد أن يُبين ويذك السبب الذي من أجله جرح الراوي ذلك لأنه لو أراد أن يُبين لا يحتاج إلى صفحات بخلاف العدالة، العدالة ذكرها يطول يصلي ويصوم ويفعل ويقوم الليل هذا أسباب تعديل لكن الجرح لا بواحد يكفي قصة واحدة تكفي فحينئذ لو ذكر سبب الجرح لا يشق عليه كذلك نظر آخر أن يُقال أسباب الجرح مما يختلف فيها المجرحون قد يجرح زيد بما لا يُجرح الآخر حينئذ لابد من ذكر السبب، وعنه بلى يعني لابد عند الإمام أحمد عن رواية أخرى لابد من ذكر سبب الجرح، وقيل قول ثالث يستفسر غير العالم يعني يُقبل الجرح من غير ذكر لسببه من غير بيان لسببه إذا كان الجارح عالماً بأسباب الجرح والتعديل وأما غير العالم فلابد من أن يُبين السبب، ثم قال ويقدم على التعديل يعني إذا تعارض الجرح والتعديل أيهما يُقدّم؟ قال ويقدم على التعديل أي عند التعارض وَقَدِّمِ الْجَرْحَ وَلَوْ عَدَّلَهُ أَكْثَر فِي الأَقْوَى، فَإِنْ فَصَّلَهُ على كل يُقدّم الجرح على التعديل إن فصّل وإن لم يُفصّل فحينئذ يُنظَر في تعارض الجرح والتعديل وذكر رواية أخرى أنه إذا كان المجرحون أكثر قُدم المجرحون وإذا كان المُعدلون أكثر يعني من المُجرحين قُدم المعدلون، ويُقدّم على التعديل أي عند التعارض وقيل الأكثر يعني من الجارحين أو المُعدلين وأهل الحديث لهم نظر خاص في مثل هذه المسائل.

ص: 16

لما انتهى من الحكم على الصحابي وغير الصحابي بالتزكية والتعديل والتجريح انتقال إلى بيان ألفاظ الروايات، قال وأما ألفاظ الرواية أي في نقل الحديث فيما يُنقل الحديث أو تُنقل الرواية لابد من ألفاظ تدل على الاتصال وإلا لحُكم بعدم اتصال السند فحينئذ لابد من النظر في الصيغة التي يؤدي بها الراوي لأن من الصيغ ما يُفهَم منها اتصال السند ومن الصيغ ما هي محتملة ومن الصيغ ما تدل على عدم الاتصال، وأما ألفاظ الرواية يعين نقل الحديث فمن الصحابي خمسة لأن النقل لابد وأن يكون صحابياً وهو الذي يكون في آخر السند وإما أن يكون غير صحابي وهو ممن يأخذ عن الصحابي، فمن الصحابي خمسة أقواها يعني أعلاها في الاحتجاج (سمعت) أو (أخبرني) أو (شافهني) إذا قال الصحابي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أخبرني النبي صلى الله عليه وسلم شافهني النبي صلى الله عليه وسلم هذه أعلى درجات الأداة لماذا؟ لم؟ تدل على ماذا؟ تدل على وجود الواسطة أو عدم الواسطة؟ قطعاً عدم الواسطة والصحابي ثقة عدل إذا قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ ليس ثم واسطة بين الصحابي وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ثم المرتبة الثانية (قال كذا) قال، قال هذه تحتمل إذا قال الشخص قال زيد يحتمل أنه سمعه ويحتمل أنه لم يسمعه لاحتمال كما قال هنا لاحتمال سماعه من غيره نزلت هذه مرتبة قال كذا وفعل كذا مثلها فعل كذا لاحتمال سماعه من غيره، لكن نقول الصحابي إذا قال قال النبي صلى الله عليه وسلم وجزم حينئذ احتمال السماع من الغير ضعيف لو كان في غير الصحابة نعم أما في حق الصحابة لا، الاحتمال الذي يكون في صيغة قال أو فعل كذا نقول هذا الاحتمال مرجوح ويكون الراجح السماع إذاً لاحتملا سماعه من غيره نقول والراجح حمله على عدم الواسطة هو أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما عبر بهذا لحسب المقام، ثم المرتبة الثالثة (أمر) أو (نهى) إذا قال أمر ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم أو نهى النبي صلى الله عليه وسلم هذا ليس كسمعت أو أخبرني أو شافهني أو قال كذا لماذا؟ إذا قال أمر هذه جعلها دون الثانية تحتمل الواسطة إذا قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أنه أخبرني صحابي آخر بأن النبي أمر فنسبت للنبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أمر النبي (أمر) أو (نهى) ويحتمل أمر ثاني هم يقولن هذا إذا قال الصحابي أمر نقول لا هذا يحتمل يحتمل الصحابي فهم أنه أمر وليس بأمر أو أنه نهي وليس بنهي وهذا ما صحيح ولكنهم يذكرون هذا يقول نجعله في المرتبة الثالثة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أو نهى لاحتمال الواسطة أنه نُقل إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أو نهى ويُزاد عليه احتمل آخر هو أن يعتقد ما ليس بأمر أمراً، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل الخصوصية وليس بأمر العام فلهذه الأمور الثلاثة إذاً هي دون المرتبة الثانية، والصواب أنه إذا قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقد أمر والصحابي إذا فهم الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ففهمه حجة لأن

ص: 17

فهم الأمر أو مدلول الأمر هذا أمر لغوي وهم أعلى درجات الصحابة قد توفرت في الصحابة رضي الله عنهم وهم علماء في اللغة، حينئذ إذا فهم الأمر من قول النبي صلى الله عليه وسلم إذاً الأمر كما هو فهم وإذا فهم النهي من قول النبي صلى الله عليه وسلم فهو كما فهو بل قوله وفهمه مُقدَم على غيره ولذلك إذا لم يكن ثم خلاف بين الصحابة فقوله حجة بشرطه كما سيأتي، إذاً قوله أمر أو نهى نقول الصواب أنه للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم (أُمرنا) أو (نُهينا) هناك أمر وهنا أُمرنا أو نُهينا نقول هذا أيضاً يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أني كون أمرنا أو نُهينا الآمر هو أبو بكر أو عمر رضي الله عنهم فحينئذ لوجود هذا الاحتمال ولوجود الواسطة وعدم المباشرة نزلت مرتبة رابعة، ثم (أُمرنا) أو (نُهينا) لعدم تعيين الآمر من هو الآمر؟ قالوا يحتمل ومحل الخلاف في غير أبي بكر رضي الله عنه اختلفوا في نُهينا وأُمرنا ومحل الخلاف في غير أبي بكر لو قال أبو بكر رضي الله عنه أُمرنا ونُهينا ليس فقه أبي بكر لا النبي صلى الله عليه وسلم لكن لو قال عمر فيحتمل أنه النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه الخليفة الراشد الأول لأن له ولاية حينئذ لو أمره وقال أُمرنا لكان حقاً ولو قال نُهينا وقد نهى أبو بكر لان حقاً إذاً فيه احتمل قالوا هذا الاحتمال لعدم تعيين الآمر نزلت درجة، ولذلك إذا تعارض حديثان ولم يكن هذه نستفد بها عند التعارض إذا تعارض حديثان حديث مُصرح بسمعت وحديث نُهينا أو أُمرنا حينئذ تأتي هذه من المُجرحات فما كان إذا لم يكن الجمع إلا بالنظر إلى هذه الطريق إلى ألفاظ الرواة إذا لم يكن جمع إلا بهذا الطريق فما صرح فيه بسماع مقدم لأنه منقول بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بل القطع بعدم الواسطة وأُمرنا ونُهينا هذا فيه واسطة وإن كان الأصح أنه يُحمَل على أن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم والناهي هو النبي صلى الله عليه وسلم (وَلْيُعَطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوابِ نَحْوُ: مِنَ السُّنَّةِ، مِنْ صَحَابِي كَذَا: أُمِرْنَا، وَكَذَا: كُنَّا نَرَى فِي عَهْدِهِ، أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى) ومثله من السن إذا قال الصحابة أن السنة كذا هذه يُحمل على ماذا؟ سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان ثم احتمل آخر أنه سنة أبي بكر وسنة عمر وعثمان وعلي الأصل إذا أطلق الصحابة مثل هذه الألفاظ فإنما يعنون بها صاحب الشرع وهو النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان ثم احتمال فهو احتمال لغوي يعني بالنظر إلى الصيغة لو نظرنا إلى اللفظ مبني لما لم يمسى فيحتمل لكن هذا يُقرن بفعل الصحابة وباستقراء كلامهم وباستقراء أفعالهم أنهم يطلقون هذه العبارات في غير الشارع وهو النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب لا، فحينئذ نقطع بكون هذه الألفاظ كلها إذا أطلقها الصحابي المراد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يكون حقيقة عرفية أما إذا نظرنا في المباحث اللغوية كل لفظ على حده حينئذ تأتي هذه الاحتمالات، ثم هذه الاحتمالات احتمالات عقلية فليُثبَت أن صحابي أطلق من السنة ولم يرد بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم أو

ص: 18

قال أمر النبي وتبين أنه لم يأمر أو نهى وتبين أنه لم ينهى حينئذ يختلف الحكم أما مجرد هكذا تجويزات عقلية فلا، ومثله (من السنة) لأنه غير معين يحتمل أنه سنة أبي بكر وغيره ثم المرتبة الخامسة كنا نفعل هكذا دون أن يُقيدها بزمن النبي صلى الله عليه وسلم أو كانوا يفعلون دون إضافة إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فإن أضيف إلى زمنه فحجة يعين مقال كنا نفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هذا أعلى درجة ما فيه إشكال أعلى درجة من قوله كنا نفعل ولم يضف في زمنه صلى الله عليه وسلم لماذا؟ إذا قال كنا نفعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صار إقراراً كما قال جابر كنا نعزل والقرآن ينزل مثلها كنا نعزل والقرآن ينزل هذا صار إقرار ممن؟ من الله عز وجل صار إقرارا من الله عز وجل كذلك لو قال كنا نفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سواء علمنا أنه شاع فبلغ النبي أو لم يشع فيبلغ النبي صلى الله عليه وسلم لأنه إن شاع فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم لا إشكال أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره فإذا كان لم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وكان سراً كما هو في العزل ونحوه نقول هذا أقره الله جل وعلا من فوق سبع سماوات لأن الزمن زمن تشريعي حينئذ لا يُسكَت على مُنكر.

فإن أضيف إلى زمنه فحجة لظهور إقراره عليه صلى الله عليه وسلم، وقال أبو الخطاب (كانوا يفعلون) يعني إذا قال الراوي عن الصحابي كانوا يفعلون نقل للإجماع لماذا؟ لأنه لا يقول ذلك إلا ويقصد إقامة الحجة يقصد إقامة الحجة فيُحمَل على من قولهم حجة وهو الإجماع خلافاً لبعض الشافعية كانوا يفعلون هذا نقل للإجماع، وهذا يحتاج إلى نظر، ويقبل قوله أي قول الصحابي رضي الله عنه هذا الهبر منسوخ عند أبي الخطاب إذا حكم الصحابي بكون هذا الخبر منسوخاً حينئذ لا إشكال فنذهب إلى قوله ونقول بقوله إلا إذا تبين ما هو خلافه لأنه قد يسمع الناسخ ويظنه ناسخاً وقد يكون أمر آخر حصل وحدث في آخر الزمن ولم يطلع عليه وكم من أمور يحكم فيها ابن مسعود رضي الله عنه وتكون منسوخة بأدلة أخرى يعني قولهم ويُقبل قول الصحابي هذا القول منسوخ إذا لم يكن ما هو آخذ في الأخذ به، ويرجع إليه في تفسيره إذا كان الحديث فيه إجمال وفسره الصحابي فقوله أولى الأقوال والنظر والوقوف مع قوله أولى ما يُوقَف ويُعتَبر عند تفسير الحديث إذا كان الحديث يحتاج إلى تفسير وفيه بعض الإجمال وقد فسره الصحابي وخاصة إلى كان راوي الحديث حينئذ نقول أولى لكن لا نتقيد به كما يظنه بعض الأحناف ولذلك يقولون الحجة فيما روى لا فيما رأى لأنه قد يرى رأيا وتكون السنة على خلافه لذلك الأحناف كثير ما يُترك الحديث بسبب أن أبا هريرة أفتى بكذا ويكون قد رواه فنرد عليه الحجة فيما روى لا فيما رأى هذا رأيه لكن إذا لم يُعارَض إذا لم يكن غيره حينئذ يكون أولى ما يُعتَمد.

ص: 19

ولغيره أي لغير الصحابة من ألفظ الرواية مراتب أيضاً أعلاه والأصل نقول أعلاها لأن مراتب لعله خطأ في النسخ، أعلاها قراءة الشيخ عليه على التلميذ أن يقرأ الشيخ على التلميذ هذا أعلى المراتب وأعلى الدرجات لماذا؟ لأنه يسمع لفظ الشيخ ففيه من التثبت والتحفظ ما لا يكون في غيره، يعني يسمع إخراج المخارج ويسمع إلى الحركات إلى آخره من لفظ الشيخ وهذا أولى في التثبت والتحفظ، قال في معرض الإخبار هذا قيد يعني أن يقرأ الشيخ على التلميذ في معرض الإخبار يعني لا في معارض المذاكرة لأنهم كانوا يتساهلون في المذاكرة ما لا يتساهلون في الإخبار، فيقول التلميذ إذا قرأ عليه الشيخ حدثني إذا كان وحده أو حدثنا إذا كان معه غيره أو أخبرني وقال وسمعته المرتبة الثانية ثم قراءته على الشيخ الطالب يقرأ على الشيخ وهذا تُسمى بالعرض عند أهل الحديث فيقول الشيخ نعم أو يسكت خلافاً لبعض الظاهرة يقول نعم يعني يؤيد هذه القراءة أو يسكت ويكون سكوته حينئذ رضا لما قرأ الطالب وليس ثم خطأ خلافاً لبعض للظاهرية لماذا؟ لأنهم قالوا لابد أن ينطق الشيخ بصحة ما قُرأ عليه فسكوته ليس بدليل على الرضا، فيقول الطالب إذا قرأ على الشيخ أخبرنا أو حدثنا قراءة عليه يعني ليس كالأول الأول يقول أخبرنا حدثنا قال سمعت والثاني هنا يقول حدثنا أخبرنا قراءة عليه يعني يقول أخبرنا قراءة عليه وحدثنا قراءة عليه وذكر المصنف أن القيد لأخبرنا وحدثنا بكلمتين وهو رواية عن الإمام أحمد، لا بدونه في رواية بدونه الضمير يعود على القيد وهو قراءته عليه يعني لا يُطلق فيقول أخبرنا حدثنا فحينئذ يكون كذباً لأنه اصطلح على أن أخبرنا وحدثنا فيما إذا قرأ الشيخ على الطالب وإذا قرأ الطالب على الشيخ وقال أخبرنا ولم يزد قراءة عليه يكون فيه لبس وفيه كذب، لا بدونه لأنه يوجب السماع بلفظ الشيخ وهذا كذب في الرواية فلا يجوز، في رواية أي رواية عن الإمام أحمد أنه لابد من القيد أنه يقول أخبرنا أو حدثنا لا بدونه في رواية، وفي رواية أخرى أنه يجوز أن يقول أخبرنا وحدثنا بدون قيد، وفي رواية ثالثة وقول آخر الفرق بين حدثنا وأخبرنا فيجوز في أخبرنا ولا يجوز في حدثنا.

ص: 20

وليس له إبدال إحدى لفظتي الشيخ (حدثنا) أو (أخبرنا) بالأخرى في رواية هذا إن عُلم أنه يُفرق لأن ثم من يفرق بين أخبرنا وحدثنا فإذا كان الشيخ يفرق بين أخبرنا وحدثنا فإذا قال أخبرنا لا يجوز للطالب أن يرويه بحدثنا وإذا قال حدثنا لا يجوز أن يرويه بأخبرنا لماذا؟ لأن الشيخ يفرق بين الثنتين والرواية الأخرى الجواز، ثم المرتبة الثالثة من مراتب تحمل حديث الإجازة أن يأذن الشيخ بالرواية عنه فيقول وهذه صفة الإجازة يقول للطالب أجزت لك رواية الكتاب الفلاني وهذا تعيين إذاً تكون الإجازة مُعينة فلابد أن تكون مُعينة أو تكون عامة أو مسموعاتي إذاً الإجازة يتشرط فيها أن تكون لمعين بمعين وأن تكون عامة فإذا قال أجزتك أن تروي عني بعض مسموعاتي صحت؟ لا تصح لماذا؟ لأنها مجهولة ويشترط في الإجازة أن تكون بمعين وبعضهم يقول لمعين فلو قال أجزت لأهل الأرض بعضهم لا يجزي عنك ولو كان التوسع في الإجازة توسعاً غريب، والمناولة وهذا نوع من الإجازة فيناوله كتاب هي نوع من الإجازة الأولى يقول أجزت لك الكتاب تروي عنك كتاباً فتذهب السوق وتأخذ منه كتاب وترويه عن الشيخ وهذه يناوله نفس الأصل الذي عند الشيخ، الشيخ قد يكون ضبط أصل ما صحيح البخاري يقول اروي عني هذا الكتاب هذه مناولة هي أثبت من الأولى هي نوع من الإجازة لكنها أعلى لأنها أضبط فيناوله كتاباً ويقول اروه عني وهذا إذن في الرواية ولابد من الإذن لو أعطاه الكتاب وسكت لا يصح الرواية ولكن لابد أن يقول له ارو عني هذا الكتاب ارويه عني، فيقول حينئذ إذا أراد أن يُبلع ويروي الطالب أنبأنا فإذا قال أنبأنا نفهم أنها مناولة تفريق نقيض، وإن قال أخبرنا له أن يقول أخبرنا لكن لابد من زيادة قيد أخبرنا إجازة أو مناولة كما هو هناك قال أخبرنا أو حدثنا قراءة عليه، هنا وإن قال أخبرنا الطالب بدلاً من أنبأنا والموقع والمحل هنا موقع أو محل مناولة فلابد من إجازة هكذا تضبطها فلابد من إجازة من حرف جر وإجازة قًصد لفظهما أخبرنا إجازة حدثنا إجازة فلابد من إجازة أو مناولة يعني بالنصب فيهما لا تقل من إجازة لأن المقام مقام اروي عني وحصل إذن حينئذ إن قال أخبرنا فلابد أن تزيد قيد وهو إجازة أو مناولة وحُكي عن أبي عن أبي حنيفة وأبي يوسف منع الرواية بهما يعني بالإجازة والمناولة ولكن هذا عند المتأخرين وأكثر من ينسب إلى المتقدمين كأبي حنيفة وغيره أن المنع محول على غير العالم بما في الكتاب أما العالم فيجوز له الرواية لأن البعض توسعوا إلى زماننا هذا قد يُعطي ما ليس أو من لم يُعرّف بعلم يعطه إجازة اروي عني كتبي أو اروي عني كذل لماذا؟ لأن الأولى أن تكون الإجازة لعالم بما في الكتاب والمنع هنا محمول عند أبي حنيفة المنع من الإجازة والمناولة لما لم يكن عالماً بالكتاب فإن كان عالماً فلا إشكال وإلا فالإجازة ما أُعطيتن إلا من أجل اكتساب واختصار الوقت كما هو معلوم ولا يُجيز الرواية هذا الكتاب سماعي بدون إذنه فيها هذه الروية هذه النسخة بهذا التركيب لا إشكال أو الحاشية يقول ولا تجوز الرواية بقوله خذ هذا الكتاب أو هو سماعي بدون إذنه فيهما يعني لو قال له خذ هذا الكتاب أو هذه مسموعاتي ولم يأذن له بالرواية

ص: 21

هل يجوز له أن يرويها إجازة المناولة؟ لا يجوز هذا مراده، ولا يجيز الرواية هذا التركيب لا بأس به نقول فيها خلق، ولا يُجير الرواية هذا الكتاب سماعي بدون إذنه فيها لأن جواز الرواية مستفاد من الإذن فيها وهو معدوم هنا، إذاً إذا قال الشيخ للتلميذ هذا كتابي هذا سماعي إن قال اروه عني صح أن يرويه إن لم يقل فالمنع لأنه مجرد خبر والإجازة والمناولة لابد لها من الإذن وليس عندنا أذن هنا، ولا وجوده بخطه يعني لو وجد الشيء بخط شيخه فإنه لا يرويه عنه ولو كان شيخه إلا إذا أخذ إجازة عامة مطلقة حينئذ يصح أن يرويها عنه أما هكذا لا يجوز ولا وجوده بخطه بل يقول وجدت كذا ما يسمى بالوجادة عند أهل الحديث، وجدت بخط فلان كذا وكذا وهذه التي تسمى الوجادة ومتى وجد سماعه يعني التلميذ من شيخه بخط يُوثق به وغلب على ظنه أخنه سمعه من الشيخ غلب على ظنه لا يشترط في الرواية هنا اليقين الإجازة بل متى ما غلب على ظنه ووجد السماع كانوا قديماُ ما يكتبون في آخر المجلس الأسماء لو جده بخطه يوثق فيه وظن في نفسه أنه سمع هذا الكتاب أو هذه الأحاديث من شيخه رواه يعني جاز به أن يرويه وإن لم يذكره الضمير يعود إلى أي شيء؟ ومتى وجد السماع، يعني جاز له أن يرويه اعتماداً على الخط وإن كان ناسياً للسماع لأن مبنى الرواية على غلبة الظن وقد وُجد مبنى الرواية على غلبة الظن وقد وُجد خلافاً لأبي حنيفة - رحمه الله تعالى – حيث قال لا يجوز ذلك قياساً على الشهادة وفرق بين الشهادة والرواية كما هو معلوم عند أهل الحديث وإن شك فلا وإن شك هنا غلب على ظنه موهنا شك استواء الأمرين استواء الطرفين وإن شك في سماع الحديث من شيخه فلا يعني فلا يروه عنه فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم بهذا القيد بدون جزم يعني لم يقول كذب عليه أو لم أروه شك فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم وقال لا أذكره أو لا أستحضره أو نسيته أو لا أعرفه قُبل الحديث ولم يقدح في الفرع الذي هو التلميذ لماذا؟ لأنع عدل وأخبر وتُروي النسيان على الشيخ هذا لا يمنع من قبول الحديث ولذلك ألف السيوطي رسالة كاملة المتأسي فيمن حدث ونسي يُحدث وينسى لا بأس ممكن يحصل هذا حتى في الأمور العادية يُحدث ويخبر وينسى فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم وقال لا أذكره أو لا أعرفه قُبل الحديث ولم يقدح في الفرع لأن الراوي عدل جازم بالرواية فإن جزم الشيخ بأن كذّب الراوي رُد الحديث لكذب أحدهما دون تعيين إذا جزم وكذّب الراوي في الإنكار نقول رُد الحديث ولا يُقبل ولا يطعن لا في الأصل ولا في الفرع، ومنع الكرخي منه من ماذا؟ فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم وقال أذكره لم يقدحه ومنه الكرخي منه قال لا يقدح لأن الفرع تبع للأصل فإن طُعن من جهة الأصل لابد وأن يستلزم الطعن في الفرع يعني إن قال الشيخ نسيت فلابد أن يُطعَن في رواية الفرع وليس بصحيح هذا بل أكثر أهل الحديث على أنه لا يطعن في الحديث، ولو زاد ثقة فيه لفظاً أو معناً قُبلت هذا ما يُعنوَن له بالزيادة في زيادة ثقة ولو زاد ثقة هذا شرط فلو لم يكن ثقة لا تُقبَل زيادته لفظاً أو معناً يعني زاد في الحديث كلمة هذه الكلمة قد لا تؤثر من جهة المعنى لا تؤثر في الحكم أو زاد كلمة

ص: 22

تؤثر في الحكم بأن تكون أعم من تلك الكلمة التي في الحديث الآخر هذا مراده لفظاً أو معناً يعني قد يزيد الراوي كلمة فلا تؤثر في الحكم وقد يزيد كلمة فتؤثر في الحكم كأن تكون الكلمة التي أبدلها تكون خاصة وهذه عامة إذاً زادت الأفراد أم لا؟ زادت الأفراد فلو زاد ثقة كلمة لفظاً أو معني قُبلت مطلقاً وهذا منهج أكثر الأصوليين وأكثر المتأخرين من أهل الحديث والأصح أنه يُفصل في كل حديث على حده يعني لا يُعطَى قاعدة عامة بكل حديث بأنه إذا زيدت فيه زيادة بأنها تُقبَل، فإن اتحد المجلس مجلس الحديث فالأكثر عند أبي الخطاب يعني إن الأكثر أكثر الرواة قد زادوا هذه اللفظ قُبلت وإن كان أمثر الرواة لم يرووا هذه اللفظة رُدت، العبرة بالأكثرية عند أبي الخطاب، والمثبت مع التساوي في العدد والحفظ والضبط إذا كان اتحاد المجلس وكانت العبرة بالأكثر فيتساووا في العدد وليس عندنا أكثرية وتساووا في الضبط والحفظ قال المُثبت للزيادة مُقدَم لأن معه زيادة علم والنافي هذا ناقص. وقال القاضي أبو يعلى روايتان عن الإمام أحمد يُقدَم المُثبِت لأنه معه زيادة علم الرواية الثانية يُقدَم النافي لأن الأصل عدم الزيادة، ثم قال ولا يتعين لفظه بل يجوز بالمعنى هل يجوز رواية الحديث بالمعنى؟ جمهور السلف على أنه يجوز لكن يُشترط في أنه غير المُتعبَد به، يعني لا يأتي في حديث التحيات أو الأذان أو الإقامة – لا – ما تقبل هذا، ولا يتعين لفظه بل يجوز بالمعنى يجوز أن يروي الحديث بالمعنى في غير المُتعَبد بلفظه كالأذان والإقامة والدعاء الوارد أذكار الصباح والمساء نقول هذه لا تُورى بالمعنى أذكار الصلوات هذه لا تُورى بالمعنى تبقى على أصلها، أنما التي تكون في ما يُستنبَط من أحكام لكن ليس على إطلاقه قيده هنا قال لعالم هذا الذي يجوز أما عدا العالم فلا يجوز حينئذ تأتي أهمية اللغة للمُشتغل في الحديث إذا أراد أن يروي رواية، لعالم بمقتضيات الألفاظ عند الجمهور مقتضيات الألفاظ يعني أن يعرف هذا عام هذا خاص هذا مُطلق هذا مُقيَد ويأتي إلى لفظ فيرويه بمرادفه بحيث لا يزيد معنى ولا يُنقص معنى والأمر ليس بسهل أن يأتي بلفظ يُرادف الحديث ثم هذا اللفظ الذي أتى به لا يزيد معنى على هذا الحديث ولا يُنقص معنى عن الحديث هذا يحتاج إلى أن يكون موسوعة وخاصة في فقه اللغة يعني العلم بما وُضعت له الألفاظ جعلوا اللفظ دليلاً على المعنى هذا هو الوضع، عند الجمهور فيبدل اللفظ بمرادفه لا بغيره لماذا؟ لأنه لو غيره أو أبدله بغيره لابد وأن يزيد أو يُنقص في المعنى شاء أم أبى كل من أبدل لفظاً نبوياً بلفظ غير مرادف فلابد أن يُنقص أو يزيد لماذا؟ لأن اللغة إما أن تكون ألفاظ مترادفة أو لا إن لم تكن مترادفة لابد من التفاوت في المعاني وإذا كانت مترادفة حينئذ لابد من التساوي في المعاني وإنما يكون التغاير في الألفاظ، ومنع بعض المحدثين مطلقاً سواء كان عالماً بمقتضيات الألفاظ أو لا وإنما الأكثر على الأول.

ص: 23

ومراسيل الصحابة مقبولة، مراسيل جمع مُرسَل وهو مأخوذ من الإرسال وهو الإطلاق وهو ما أخبر الصحابي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله ولم يسمعه أو يشاهده بخلاف المُرسَل عند غير الصحابي الْمُرْسَلُ الْمَرْفُوعُ بِالتَّابِعِ، أَوْ ذِي كِبَرٍ أَوْ سَقْطُ رَاوٍ قَدْ حَكَوْا أَشْهَرُهَا الأَوَّلُ، ومراسيل الصحابة مقبولة لماذا؟ لأنهم عدول لأنهم معلوم أن الصحابي إذا روى قولاً للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمعه أو روى فعلاً عن النبي ولم يشاهده أو يراه حينئذ لابد وأن يكون خبر عن صحابي آخر، فحينئذ يكون الواسطة المجهولة بين الصحابي وبين النبي صلى الله عليه وسلم صحابي آخر وإذا حكمنا بكون كلهم عدول إذاً لا نبحث نقول جهالة الصحابي لا تضر، ومراسيل الصحابة مقبولة وهذا عليه أئمة الحديث لأنه موصول مرسل أو مُرسل الصاحب وصل في الأصح هكذا قال السيوطي لأن حقيقته أنه رواه عن صحابي آخر، وقيل إن عُلِمَ أنه لا يروي عائشة رضي الله عنها تقول كان أول ما بُدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة هذا مثل قبل أن تُولد عائشة رضي الله عنها، إذاً لابد أن أخذت إما عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تذكره وإما عن صحابي آخر، وقيل إن عُلِمَ أي الصحابي لا يروي إلا عن صحابي نقول كلهم كهذا هذا الشرط متحقق في الجميع ووجود بعض الصحابة يروي عن بعض التابعين هذا موجود لكنه ليس في الأحاديث ولكنه في الإسرائيليات وما على شاكلتها، وفي مراسيل غيرهم روايتان يعني هل يُقبَل مُرسَل غير الصحابي والمشهور أنه مرفوع التابع مطلقاً سواء كان كبيراً أو صغيراً (الْمُرْسَلُ الْمَرْفُوعُ بِالتَّابِعِ، أَو ذِي كِبَرٍ، أَوْ سَقْطُ رَاوٍ قَدْ حَكَوْا أَشْهَرُهَا الأَوَّلُ، ثُمَّ الْحُجَّةُ بِهِ رَأَى الأَئِمَّةُ الثَّلاثَةُ وَرَدُّهُ الأَقْوَى) لماذا؟ لأنه سقط راو ليس بصحابي إذاً لا نعلم هذه الواسطة لابد من ثبوت العدالة وسقط صاحبها حينئذ لابد من التوقف ولا نحكم بصحة الحديث، وفي مراسيل غيرهم روايتان – أي عن الإمام أحمد – القبول أي القبول مرسل الغير الصحابي لأن العدل لا يحذف الواسطة مع الجزم بالخبر إلا وهو عالم بأن الواسطة ثقة لا يحذف هذه الواسطة إلا وقد ضمن لنا أنه ثقة حينئذ أسقطه لكن نقول الصواب القول الثاني، وفي مراسيل غيرهم روايتان: القبول كمذهب أبي حنيفة وجماعة من المتكلمين اختارها القاضي أبو يعلى، والمنع للجهل بالساقط ورده الأقوى هكذا قال السيوطي للجهل بالساقط وهو قول الشافعي وبعض المحدثين ، والظاهرية، إن كان الشافعي له شروط فيها معلومة.

ص: 24

وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبولٌ ، خلافاً لأكثر الحنفية قعّدنا قاعدة بالأمس أن خبر الواحد دلت الأدلة الشرعية على قبوله وعلى أنه إذا لم يقع ثم اختلاف في رده وقبوله أنه يُفيد العلم حينئذ نقول ما أثبت حُجية خبر الواحد وهو الأدلة الشرعية وإجماع الصحابة هل فرقت بين خبر وخبر إذا كان في الحدود لا يُقبَل إذا كان مخالف للقياس لا يُقبَل إذا كانت تعم به البلوى لا يُقبَل نقول هذه التفصيلات كل ما أُستفصل وفُصل في أخبار الآحاد فهو مبني على اجتهاد أو قياس أو رأي فحينئذ كل ما سيذكره المصنف نقول مبناه الاجتهاد والرأي والنظر وإذا ثبت أصل المسألة بدليل شرعي فحينئذ نقول لا اجتهاد ولا نظر ولا قياس لأن الأدلة عامة هكذا نقول الأدلة عامة حُجية خبر الواحد ثبتت بالشرع والأدلة عامة مطلقاً لم تُقيد ولم يستفصل الصحابة بل حملوا الجميع أخبار الآحاد على الحجية واحتجوا على بعضهم لبعض بهذه الآحاد حينئذ نقول أي تفصيل فهو مردود أياً كان قاعده، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبولٌ خلافاً لأكثر الحنفية أي المتأخرين، خبر الواحد يعني حديث خبر الواحد فيما تعم به البلوى يعني ما يكثر وقوعه في الناس بعضهم يرى أكثر المتأخرين إذا كانت تعم البلوى بالحكم الشرعي ويحتاجه أكثر الناس قالوا هذا لا يُقبل خبر الواحد لأنه مظنون لابد أن تكون الدواعي قد وُجدت لنقله والسؤال عنه بكثرة وهذا أمر غريب لأن أشد ما يحتاجه الناس وتكثر فيه الدعوى النبي صلى الله عليه وسلم وهو التوحيد بعث معاذ واحد (إنك تأتي قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله ثم قال فإن أجابوك فأعلهم أن الله قد فرض عليهم صلوات ثم صدقت) وهذا مما تعم به البلوى أو لا؟ هذا أولى من الوضوء وأولى من الغسل والسواك ونحو هذا، فإذا قُبل خبر الواحد وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم واحداً وهذا فعله وهو حجة نحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث واحداً إذاً لو لم يكن معاذ حجة على من يبلغه هذا الخبر لما بعث النبي معاذ واحد لكان بعث عشرة لكي يحصل التواتر أو عشرين حينئذ نقول ما تعم به البلوى وهو ما يكثر وقوعه عند الناس أكثره أصول الدين وقد حدث وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث آحاداً إلى القبائل يحبرون بأمور تتعلق بالعقيدة وهي أأكد ما يكون على الناس، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى كرفيع اليدين في الصلاة هكذا مثلا مُحشّي كرفع اليدين في الصلاة ونقض الوضوء بمس الذكر ونحوه حُجة من خالف أن ما تعم به البلوى تتوفر الدواعي على نقله فيشتهر عادة إذا كثر السؤال عنه من الناس حينئذ لابد وأن يشتهر نقول عائشة رضي الله عنها حصل خلاف بين الصحابة فيمن جامع ولم يُنزِل هل يجب عليه الغسل أو لا هذا بعد وفا النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مما تعم به البلوى فقالت إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ماذا نقول في هذا؟ نرده لأنه تعم به البلوى؟ فلو كان حديثاً لاشتهر واشتهر عند الناس وروته عائشة وأم سلمة إلى آخره، نقول لا يُقبَل ولو كان مما تعم به البلوى، فوروده غير مشتهر دليل بطلانه هكذا يقول بعض الأحناف وروده غير مشتهر دليل بطلانه والجواب لنا قبول

ص: 25

السلف من الصحابة غيرهم خبر الواحد مطلقاً ولهم اعتراضات أخرى، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبولٌ ، خلافاً لأكثر الحنفية أي المتأخرين، وفي إثبات الحدود وما يسقط بالشبهة خلافاً للكرخي يعين إذا جاء خبر الواحد يُبت حداً أو ما يسقط به الشبهة والحدود أيضاً نقول هذا يُقبَل لأن الحدود أيضاً تثبت بغلبة الظن نقول هذه المسألة مبناها أن خبر الواحد يفيد الظن هذه مصيبة عندهم خبر الواحد يفيد الظن حينئذ لابد أن يكون القاطع الذي يُقطَع به لا يثبت بمثل هذا لابد أن يثبت بمقطوع ولا يثبت بمظنون ولذلك علل الكرخي أنه مظنون غير مقطوع بصحته لماذا لا نقبل خبر الواحد بالحدود نقول لأنه مظنون غير مقطوع بصحته فصار شبهة فيه فلا يثبت به الحد صار شبهة خبر الواحد صار شبهة وفيما يُخالف القياس يعني خبر الواحد مقبول فيما يُخالف القياس يعني مُقدَم على القياس والصحيح أنه ليس بالشرع مسالة تُخالف القياس بل الشرع كله سوءا في الأصول وما استثناه الشرع كله موافق للقياس، رد ابن القيم وعنده كلام طويل أنه لا يوجد لأن يأتي بعض الفقهاء يقولك العرايا على خلاف القياس كيف على خلاف القياس الأصل أنها ربا يقول لا هي على وفق القياس الأصل والفرع كلاهما على وفق القياس وليس عندنا في الشريعة ما هو على خلاف في القياس وحُكي عن مالك تقديم القياس على خبر الواحد والشيخ الأمير - رحمه الله تعالى – يقول هذا لا يثبت عن مالك، مالك أجل من أن يُقدم القياس على خبر الواحد، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - خبر الواحد إن خالف الأصول أو معناها والمقصود بالأصول هنا الكتاب والسنة والإجماع أو معناها القياس والحاصل أن خبر الواحد يُقبَل مطلقاً بلا تفصيل متى ما صح السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو مقبول سواء كان فيما تعم به البلوى كان في العقيدة كان في الغيبيات كان في أشراط الساعة كان في أحكام النكاح مطلقاً بلا تفصيل لماذا؟ لأن الصحابة قبلوا الخبر الواحد بلا تفصيل والأدلة الدالة على شرعيته بأنه حجة أثبتته بلا تفصيل ثم قال ثم هنا أبحاث يشترط فيها الكتاب والسنة من حيث أنها لفظية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 26