الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* اللغات توقيفية
* الكلام
* أقسام الحقيقة
* النص والظاهر.
الدرس الثاني عشر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد توقفنا عن قول المصنف - رحمه الله تعالى - ثم ها هنا أبحاث يشترك فيها الكتاب والسنة من حيث أنها لفظية لما ذكر لك الأصل الأول الكتاب وذكر طرف ما يختص به الكتاب ثم ذكر الأصل الثاني وهو السنة النبوية ذكر طرف ما تختص به السنة قال ثم ها هنا يعني في هذا الموضع سيذكر لك المصنف أبحاث هذه الأبحاث لا يختص بها الكتاب دون السنة ولا تختص بها السنة دون الكتاب بل هي مشاركة بينهما من حيث إنها لفظية، أبحاث أنكر بعضهم هذا الجمع لأن فعل لا يُجمع على أفعال وأثبته كثير من المتأخرين لكن سيبويه يرفض هذا ويقول أبحاث يجمع على بحوث أو بحث فَعل يُجمع على فعول ولا يُجمع على أفعال، إذاً أبحاث نقول هذا جمع بحث وهو في اللغة الفحص والتفتيش واصطلاحاً عن أرباب التصنيف البحث هو إثبات النسبة الإيجابية أو السلبية بين الشيئين بطريق الاستدلال إثبات نسبة سلبية أو إيجابية بين طرفين موضوع ومحمول مبتدأ وخبر بطريق الاستدلال يعني يبحث ويبحث يفتش ويفحص ثم بعد يُثبت نسبة بين طرفين هذه النسبة نتيجة للاستدلال الذي كان مرتباً على البحث والفحص، من حيث أنها لفظية هذه العبارة يشير بها إلى أن المُقدِم عن الأصوليين كما هو معلوم مقدمتان يذكرن في أوائل الكتب مقدمتين مقدمة منطقية ومقدمة لغوية من حيث إنها لفظية يعني باعتبار كونها لفظاً وإذا كانت لفظية ونزل القرآن بلسان عربي مبين والنبي صلى الله عليه وسلم فصيح بل أفصح من نطق بالضاد كما يُقال أو إن صح الحديث ومع ذلك نقول اشتملت هذه اللغة على أبحاث لابد من الوقوف عليها لمن نظر في الكتاب والسنة لماذا؟ لأن مريد استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها الكتاب والسنة لابد أن يكون على درجة لفهم الكتاب والسنة إذاً قيل من لا يعرف اللغة لا يمكنه استنباط الأحكام الشرعية لماذا؟ لأن القرآن أعلى درجات اللغة والنبي صلى الله عليه وسلم من البشر أعلى من تكلم باللغة حينئذ هذه اللغة لا يمكن أن يستنبط منها أو ينظر الناظر أن يتأمل أو يتدبر أو يتفهم هذه العبارات إلا إذا كان على مرتبة عالية من هذه اللغة، من حيث أنها لفظية قال منها أي من هذه الأبحاث اللغات توقيفية يبحث الأصوليون هل اللغة توقيفية أو اصطلاحية أم بعضها توقيفي وبعضه اصطلاحي هذا نزاع بينهم والأشهر على أنه لا ينبني على هذه المسألة خلاف أصولي لا ينبني عليه ثمرة أصولية حينئذ ذكر الكثير أنها من المسائل الدخيلة على فن الأصول، اللغات توقيفية اللغات جمع لغة وأصلها لغوة على فُعَلة حُذفت الواو حينئذ تكون من باب سنة سن أصل سنو أو سنه سنو أو سنه ولذلك يُجمع سنوات من أين جاءت هذه الواو نقول سنة أصلها سنو حُذفت الواو اعتباطاً يعني من غير علة تصريفية وعُوض عنها التاء فقيل سنة وقيل أصلها سنه لذلك يُجمع على سنهات قيل أنها سنهات سنه إذاً حُذفت اللام التي هي الهاء اعتباطاً من غير علة تصريفية وعُوض عناه بتاء، لغة أصلها لغو حُذفت الواو وعُوض عنها التاء، من لغوت إذا تكلمت هذا في اللغة وفي الاصطلاح ألفاظ وُضعت لمعاني هذه
الألفاظ موضوعة بأصل الوضع لمعاني تدل عليها يعني جُعلت هذه ألفاظ بإزاء معان كل لفظ له معنى يُختص به إذا أطلق اللفظ صُرف إلى ذلك المعنى دون غيره المعنى هنا أعم من المُسمى ليشمل المجاز والحقيقي إذا قيل لمعاني نقول معاني جمع معنى والمراد له ما يُقصد باللفظ وهو حينئذ يكون أعم من المسمى يعني سواء كان المقصود من اللفظ هو مسمى اللفظ وهو الحقيقة أو غير مسمى اللفظ وهو المجاز وعليه المجاز موضوع كما أن الحقيقة موضوعة كل من الحقيقة والمجاز موضوع ألفاظ وُضعت لمعان هذه ألفاظ من الذي وضعها قيل توقيفية بمعنى أن الرب جل وعلا هو الذي وضعها الله تعالى للخلق وعلمها أباهم آدم عليه السلام ثم تم تعلمته ذريته منه هذا قول الجمهور وهو الأشهر وهو الأظهر لقوله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} البقرة31، قال ابن عباس رضي الله عنه هي هذه الأسماء التي هي تعارفوا بها الناس نحو إنسان ودابة وأرض وسهل وجبل وبحر وحمار وأشباه ذلك من الأسماء وغيرها هذا قول ابن عباس رضي الله عنه كما حكاه ابن جرير الطبري في تفسيره وجاء أيضاً في حديث الشفاعة أنه يُقال لآدم (وعلمك أسماء كل شيء) حينئذ أخذ الجمهور من هذه أن اللغات كلها ليس خاص باللغة العربية لذلك جمع المصنف هنا اللغات ولم يقل الغلة العربية لأنه أعم أخذ من هذه الآية ومن هذا النص أن اللغة توقيفية بمعنى أن الرب جل وعلا قد علم آدم هذه اللغة كلها ثم تعلمتها منه ذريته، اللغات توقيفية توقيف إذ عُلم أنها توقيفية كيف تعلمها آدم؟ قيل بإلهام وهذا هو المشهور وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – أنه تعلمها بإلهام ألهمه الله عز وجل إطلاق اللفظ وإرادة المسمى جعل اللفظ دليلاً على المعاني، قال اللغات توقيفية للدور ظاهره أنه اختار أن اللغات توقيفية هذا القول لماذا؟ للدور لكن ليس هذا المرد والمراد أن علة الاختيار بأن القول بالاصطلاح وهذا هو القول الثاني والمنسوب لأكثر المعتزلة أن القول بالاصطلاح يلزم منه الدور والدور أن يترتب شيء على شيء آخر والشيء الآخر يترتب عليه شيء آخر وهلم جرة إلى مالا نهاية حينئذ إذا قيل اصطلاحية وهو القول الثاني قوله وقيل اصطلاحية، اصطلاحية بمعنى أن الخلق اصطلحه فيما بينهم أطلقوا اللفظ وأرادوا المعنى قالوا نسمي هذا الشيء بالكتاب ونسمي هذا الذي في العلو سماء والتي نمشي عليها الأرض اصطلحوا فيما بينهم حينئذ يرد الدور لماذا؟ لأنهم اجتمعوا اصطلح الخلق فيما بينهم البشر اجتمعوا إذاً كيف اجتمعوا لابد من منادي ولابد من داع ولابد مِن مَن يهيئ للاجتماع بأي ألفاظ اجتمعوا لابد وأنهم قد اجتمعوا للاصطلاح على ألفاظ الاجتماع لابد وأنهم قد اجتمعوا ليصطلحوا ألفاظ ينادي بعضهم بها بعضها وكيف يتخاطبون في هذا الاجتماع حينئذ قالوا هذا يلزم منه الدور وحينئذ كل ألفاظ اجتمعوا عليه بالاجتماع أو للتنادي فحينئذ لابد وأنه قد سبق لهم أن اجتمعوا ليصطلحوا على ألفاظ اجتماع وهلم جرة إلى ما لا نهاية هذا هو الدور وهو ممنوع ولذلك القول بأنها توقيفية هو الأصح، وقيل: اصطلاحية واللغة الرب لها قد وضع هذا في مراقي السعود توقيف اللغات عند الأكثر
ومنهم النافورك والأشعري هكذا قال السيوطي في الكوكب وقيل اصطلاحية بمعنى أن البشر قد وضعوا هذه الألفاظ دالة على معانيها التي إذا أُطلقت تلك الألفاظ انصرف إلى المعاني الخاصة، لامتناع فهم التوقيف بدونه لماذا اخترتم أنها اصطلاحية وهذا القول يُنسب لأكثر المعتزلة وبعض أهل السنة لأن فهم ما جاء توقيفاً لا يكون إلا بعد تقدم الاصطلاح لامتناع فهم التوقيف لو قيل توقيفية بدونه بدون الاصطلاح إذا أراد الرب أن يُعلم البشر ويُعلم آدم فيقول له الكتاب مراده كذا والقلم مراده كذا إذاً كيف يفهم آدم قبل أن يكون ثم اصطلاح ثابت يطلقه المُوقِّف أو الواضع فإذا جاء التوقيف بهذا اللفظ كان المراد به كذا لكن نقول لا ما دام أن السنة (وعلمك أسماء كل شيء) يعني ظاهر السنة ومدام أن ظاهر القرآن على أن آدم الرب جل وعلا علمه الأسماء كلها حينئذ لا نعدل إلى مثل هذه التعليلات نقول الأرجح ما كان ظاهراً في الكتاب والسنة، وقيل اصطلاحية لامتناع فهم التوقيف بدونه أي بدون الاصطلاح وقال القاضي كلا القولين جائز يعني إذا قيل توقيفية فهو جائز وإذا قيل اصطلاحية فهو جائز، لماذا؟ قال في الجميع يعني كل اللغة توقيفية أو كل اللغة اصطلاحية أو بعضها توقيفي وبعضها اصطلاحي وهذا اختيار ابن حزم - رحمه الله تعالى – التفصيل أن بعضها توقيفي وبعضها اصطلاحي والأرجح الأول، يقول القاضي أما الواقع من اللغات هل هو توقيفي أو هو اصطلاحي فلا دليل عليه عقلي ولا نقلي، لماذا نفى الدليل العقلي؟ لأن العقل لا مدخل له ف الوضع وأما الدليل النقلي فليس عندنا دليل يقيني بأن اللغة من وضع الرب جل وعلا إن كان المراد نفي الدليل اليقيني فلا إشكال إما إن كان المراد نفي الدليل الظني نقول لا فيه إشكال بل النص يدل ولو ظاهراً بأن الرب جل وعلا علم آدم الأسماء كلها وأما الواقع فلا دليل عليه عقلي ولا نقلب بل من نظر في اللغة وعلم القواعد العامة التي اصطلح عليها أهل النحو وكذلك أهل البلاغة وأهل الاشتقاق وأهل فقه اللغة والصرفيون يقطع يقينا بأنه لا يمكن أن يكون هذا اصطلاح اصطلح عليه البشر لأن اللغة بأنواعها بقواعدها العامة بأصولها وبكلياتها بآحادها هذا لا يطيقه العقل ويعجز عنه البشر وكذلك أشاع عند أهل اللغة أنه لا يحيط باللغة إلا نبي يعجز البشر عن إدراك اللغة حينئذ نقول إذا وضعوا السماء كان بالاصطلاح كيف وضعوا سماء ثم يُجمع على سماوات وهذه الألف إذا وقعت متطرفة بعد ألف زائدة نقول تقلب واو قال أصل قول ثم حُركت الواو وقاعدة عامة إذا تحرك الياء أو الواو بعد فتح قُلبت إلى آخره، نقول هذه التعليلات وهذه القواعد الصرفية ما يكاد أن يضعها البشر بل يعجز عنها البشر ثم الإتقان الذي يوجد مضطرداً سواء بين الكلمات والمفردات والتراكيب هذا يقطع الناظر فيه والمتأمل أني كون من صنع البشر يقطع بأن يكون من صنع البشر، قواعد عامة مضطردة ما يمكن أن يوجد فاعل إلا وهو مرفوع ولا يوجد مفعول إلا وهو منصوب والحالة تكون إلا مشتقة وإذا نُقلت جامدة تجد أنه لابد وأن تتضمن معنى مشتقاً والتمييز لا يكون إلا جامد إلى آخره ولا يكون إلا منصوباً ثم قد يكون تمييز مفرد وقد يكون تمييز تركيب نسبة هذا
من صنع البشر؟ هذا يعجز عنه البشر حينئذ لابد أن نقول اللغة توقيفية كذلك في الأوزان تكون الأفعال الثلاثية ثم رباعية ثم خماسية ثم لا يوجد سداسي وفي السماء يوجد سداسي أصلي ثم الثلاثي المجرد يكون على باب فعل أو فَعَلَ أو فعولة ولا يزيد عن ذلك هذا لا يمكن أن يكون من صنع البشر كيف يتفقون على أنه فعل وفعل وفعلة تُفتَح الفاء ثم تتحرك العين ولا يوجد فِعِل للثقل ولا يوجد فُعُل ما يعرفون هذا يعجزون عن هذا حينئذ نقول النظر في اللغة يوصل إلى الترجيح بأن اللغة توقيفية للإحكام الذي وُضعت عليه هذه اللغة وتناسق بين التراكيب والقواعد العامة وعدم التناقل ويكون هذا كله على أن اللغة توقيفية. إذاً نستدل بالكتاب والسنة ونستدل بواقع اللغة ومن نظر في اللغة يعلم أنها استحالة أن تكون من صنع البشر وإنما هي توقيفية.
أما الواقع فلا دليل عليه عقلي ولا نقلي والغريب أن الكثير من الأصوليين أهل اللغة ومع ذلك لا ينظرون هذه النظرة وإنما ينظرون هل دل العقل أو لا يدل هل هناك نص صريح أو لا فقط وإلا هم على علم بالاشتقاق والتصريف إلى آخره، أما الواقع فلا دليل عليه عقلي ولا نقلي فيجوز خلق العلم في الإنسان بدلالتها على مسمياتها يعني يجوز أن يُقال التوقيف فالتوقيف ممكن ولا ينفيه العقل فيجوز عقلاً إذاً التوقيف ممكن يجوز خلق العلم أن يخلق الله عز وجل العلم الضروري بالألفاظ بمدلولاتها بدلالاتها على مسمياتها فيُلهمه حينئذ أن يقول الكتاب فيريد به مسماه الذي هو الكتاب ويُطلق سماء فيريد به العلو ويُطلق به الأرض ويريد به ما يُمشى عليه هذا بماذا؟ أن يخلق الله عز وجل في الإنسان العلم الضروري بدلالة الألفاظ على مسمياتها، وابتداءُ قوم أي يجوز أيضاً ابتداء قوم بالوضع يعني الاصطلاح ممكن كما جاز التوقيف كذلك الاصطلاح ممكن هذا معطوف على قوله خلق ابتداء فيجوز خلق العلم ويجوز ابتداء قوم بالوضع أن يبتدي قوم واحد أو جماعة بحسب الحج على ما احتاجوا إليه في هذا الزمن يضعون بعض الألفاظ إذا أُطلقت تلك الألفاظ صارت معانيها ثم بعد ذلك حدث تطور إذا جاء نسل بعده واحتاجوا إلى معاني ولابد من ألفاظ تدل عليها قالوا إذا يضعون بعض الألفاظ يصطلحون عليها، وابتداءُ قوم بالوضع بحسب الحاجة ويتبعهم الباقون فيحصل الاصطلاح فحينئذ يكون الاصطلاح متولداً يكون قليلاً ثم يتطور شيئاً فشيئاً بحسب الحاجة لكن نقول القواعد العامة هذه من الذي ضبطها؟ من الذي ضبط الكتاب والكتب ويكتب ومكتب وكتّاب وكتبة؟ هذه كلها صيغ وأوزان لابد لها من ضابط عام وكونهم جاء بعدهم يصطلحون على ما ابتدأه الأولون هذا لا ينضبط بل العقل يمنع هذا، ثم قال إذاً عرفنا المسألة الأولى لا طائلة تحتها أن اللغة توقيفية وقيل اصطلاحية وقيل بعضها اصطلاحي وبعضها توقيفي، الأول هو قول الجمهور وهو نسبه السيوطي للجمهور توقيف اللغات عن الأكثر ومنهم النافورك والأشعري، والثاني اصطلاحي واللغة الرب لها قد وضعا وعزوها للاصطلاح سُمعا فبالإشارة وبالتعَيّنِ كالطفل فهم ذي الخفا والبَيِّن، قالوا في الأول قد وضع الواضع بالاصطلاح كيف وضعوا اللفظ قال إما أن يكون بالإشارة أو بالتعريف نقول لهم هذا كتاب حصل بالإشارة بالتعين يقول له أتي لي بالكتاب هناك فيذهب فلا يجد إلا شيء واحد هو الكتاب ويعرف أنه الكتاب كطفل فهم ذي الخفا والبَيِّن كما أن الطفل كيف يتعلم اللغة؟ من والديه آت بهذا وأت بهذا فيحفظ يعرف هذا ماء وهذا شراب وهذا شاي وهذا قهوة إلى آخره، إذاً من أين تعرّف؟ نقول تعرّف بالاصطلاح لكن يلزم أيضاً الدور ووالداه كيف تعرفا على اللغة بالاصطلاح ووالدا الوالدين ولهم جرة إلى أن يصل إلى آدم عليه السلام حينئذ نقول بالتوقيف وهذا أصح.
ثم قال مسألة أخرى مم تتعلق بالأبحاث هذه المسائل هل تتوقف عليه فائدة أصولية أو لا؟ المشهور عند الأصوليين أناه لا ثمرة لها طويلة الذيل قليلة النيل هكذا يُقال وأنها من مسائل الفضول لكن ذكر صاحب المراقي يبنى عليه القلب والطلاق بكاسقني الشراب والعتاق، هل يجوز قلب اللغة أم لا؟ هل يسمي الإنسان حجر والحجر ماء والسماء أرض والأرض سماء والقاعد جالس والجالس قاعد؟ هل يجوز تبديل اللغة أو لا؟ بل لاموا على هذه المسألة من قال إن اللغة توقيفة بمعنى أن الرب هو الذي وضع هاذ اللفظ للدلالة على المعنى حينئذ امتنع القلب فلا يجوز أن يُمسى الإنسان حجراً ولا الحجر حية ولا الحية عقرب ولا العقرب ثعبان لا يجوز تبديل اللغة لماذا؟ لأنها توقيفية من عند الرب جل وعلا وإذا قيل اصطلاحية حينئذ يجوز قلب اللغة يبنى عليه القلب والطلاق بكاسقني الشراب لو قال اسقني الماء لزوجته ونوى الطلاق كناية خفية تطلق أو لا؟ من قال أن اللغة توقيفية يقول الواضع لم يضع اسقني الماء مراداً به الطلاق فحينئذ لا تطلق ومن قال أن اللغة اصطلاحية حينئذ للزوج له أن يصطلح فيُكني عن الطلاق بقوله اسقني الشراب فلو قيل اصطلاحي حينئذ لو قال لزوجته أو لعبده اسقني الشراب طلقت الزوجة مع النية لأنها كناية وعتق العبد يبنى عليه القلب والطلاق بكاسقني الشراب والعتاق، ثم قال المبحث الثاني ويجوز أن تثبت الأسماء قياساً هل يجوز أن تثبت الأسماء قياسيا على أسماء أخرى أو لا؟ هل اللغة تثبت بالقياس أو لا؟ ومرادهم بهذا أن الواضع إذا وضع اسماً لذاته مُراعى فيه المعنى وضعه لذات مراعاة المعنى لصفة فيه ثم وُجدت هذه الصفة في شيء آخر هل يجوز أن يُمسى ذلك الشيء الآخر بالاسم الأول لا؟ فيه خلاف هنا قال ويجوز أن تثبت الأسماء قياساً يعني قياساً على أسماء أخرى وبه قال أكثر الحنابلة واختاره ابن قدامة - رحمه الله تعالى – في الروضة كتسمية النبيذ خمراً النبيذ يُمسى خمراً هل يجوز أم لا؟ هذا مبني على خلاف لغوي الخمر إنما سُميت خمراً لأنها تخمر العقل بمعنى تغطيه للعلة التي فيه وهي الإسكار النبيذ قد يكون مُكسراً ويغطي العقل إذاً يخمر العقل إذاً سُمي الخمر خمراً لأنه يسكر العقل بمعنى يغطيه لوجود الإسكار فيه قد وُجدت هذه العلة على النبيذ ولم يُطلق العرب على النبيذ أنه خمر هل يجوز أن نسمي النبيذ خمراً أو لا؟ هذا فيه خلاف قد يجوز أن تثبت الأسماء قياساً كتسمية النبيذ خمراً حينئذ لو صح تسمية النبيذ خمراً تكون حرمة النبيذ بالنص لا بالقياس {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} المائدة90، إذا قيل الخمر سميت للمخامرة والنبيذ أن يُسمى قياساً على الخمر فحينئذ يكون النص هو الدليل على تحريم النبيذ وإذا قيل بالمنع أنه لا يجوز حينئذ نحتاج إلى القياس الشرعي فبحث عن الأصل وحكم الأصل والعلة التي هي الجامعة بين الأصل والفرع فيُلحَق الفرع الذي هو مجهول الحكم بالأصل بجامع الإسكار وفرعه المبني خفة الكلف فيما بجامع يقيسه السلف، إذاً هل تثبت اللغة بالقياس أو لا؟ فيها قولان ولكن تحرير محل النزاع أن يُقال العلم لا يجوز
بالاتفاق الأعلام لا يجوز فيها القياس قولاً واحداً وإنما الخلاف في المشتق ليس المشتق عند النُحاة وإنما المشتق عند الصرفيين يعني لما دل صفة ما دل على صفة، إذاً سُمي به من أجل هذه الصفة ووُجدت تلك الصفة بعينها في ذات أخرى هل يجوز أن يُمسى الشيء الآخر لوجود الصفة بما سُمي به الأول هذا هو محل خلاف.
قال كتسمية النبيذ خمراً وكقياس التصريف، التصريف عندنا قواعد عامة كل ما جاء على وزن فَعُل مضارعه يأتي على وزن يفعُل هل يشترك أن يسمع كل فعل على وزن فَعُلَ لابد أن يُسمَع أنه جاء به الناطق على وزن يَفعٌل أم لنا أن نقيس على ميزان واحد؟ الثاني حينئذ تقول نطق العرب بشرف يشرف مثلاً ما نطقوا بكرم يكرم هل نقيس أو لا نقيس؟ نقول نقيس كما جاز قياس التصريف بأن تكون ثم أوزان معتبرة عن أهل الصرف إذا عُلم الأصل العام يكون موضوعاً بالوضع العربي ثم بعد ذلك لك أن تقيس أنت فكل اسم أردت أن تأتي به على زنة فاعل بمعنى أن دال على ذات متصفة بصفة فتأتي به على وزن فاعل ضارب قاتل كارم شارف هل يُشترط في ألألفاظ هذه كلها أن تكون منقولة عن لغة العرب أم أننا نأتي بها على زنة فاعل والمفعول نأتي به على زنة مفعول وأفعل التفضيلات تأتي على زنة أفعل؟ نقول لا أوزان معلومة سُمعت في بعضها وما لم يُسمَع أنت تقيسه على ما سُمع إذاً وُجد القياس ولذلك جوزه القاضي هنا، ومنعه أبو الخطاب والحنفية وبعض الشافعية وقيل أكثر الشافعية لماذا؟ لأن الواضع وضعه أي المعنى لشيء واحد وضع الخمر لمسماه الذي وضعه له فحينئذ لا يجوز لنا أن نتعدى بهذا اللفظ فنضعه لشيء آخر لأن النقل أو اللغة نقل محض فما أطلقه الأصل الواضع على مسماه لا يجوز أن نعدل به فنسمي به شيء آخر هذا علة من منع أن اللغة نقل محض وأنها وضعت هذا اللفظ لمعنى واحد، لو قيل أناه وضعته لمعنيين للخمر المعهود الذي هو عصير العنب والنبيذ نقول تعيينه لواحد منهما هذا يكون من باب التحكم وإذا وُضع لمعنى واحد ونقله لمسمى آخر نقول هذا تعدٍ به لما لم تضعه العرب إذاً نقول هل تثبت اللغة بالقياس نقول هذا فيه خلاف فيه ثلاثة أقوال المنع الجواز والثالث أن بعضهم فرق بين الحقيقة والمجاز.
ثم قال والكلام هو المنتظم من الأصوات المسموعة المعتمدة على المقاطع وهي الحروف يبحث الأصوليون أيضاً من المباحث التي تتعلق بهذه المقدمة الكلام لماذا يبحثون في الكلام؟ لأن القرآن كلام الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم سنته منها ما هو كلام وليست كلها كلام لكن في تعريف الكلام هنا على ما ذكره المصنف فيه نظر قال الكلام هو المنتظم والانتظام المراد به التأليف أن يكون مؤلفاً بمعنى مُركباً وهنا يعبر بالانتظام والتأليف للدلالة على أن ثم مناسبة بين المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل، منتظم من الأصوات المسموعة من الأصوات، الأصوات جمع صوت والمراد به صفة المسموعة كل ما يُسمَع لكن قيده هنا المصنف بقوله المسموعة المعتمدة على المقاطع وهي الحروف إذاً لابد أن يكون كل حرف مُعتمداً على مقطع وهذا مخالف لما هو المشهور عند النحاة بأن الكلام هو اللفظ المفيد أو بأنه اللفظ المركب المفيد بالوضع وإذا حُد بهذا الذي ذكره المصنف جاءت الشبهة لأنهم قالوا لا نعقل من الكلام إلا ما كان معتمداً على المقاطع على المخارج فكل كلام في لغة العرب لابد وأن يكون معتمداً على مقاطع ومخارج فإذا جاء قوله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ} التوبة6، قالوا ألأصل في الكلام أنه لابد أن يكون على مقاطع ومخارج وهذا ممتنع والله جل وعلا مُنزه عن المخارج والمقاطع فحينئذ ماذا نصنع؟ وجب التأويل لكن لو حُد بالحد المشهور الكلام هو اللفظ المُرَكب المفيد بالوضع هل يرد هذا إيراد؟ ونُعرف الفظ بأنه الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية ولا نترض لمقطع ولا حرف ولا مخرج ولا إلى ما ي1كر في تلك الحدود حينئذ لا يرد الإشكال فيكون الكلام في لغة العرب إذا أُطل قد يُراد به هذا المعنى المذكور هنا حينئذ لا يرد إشكال أما حده بحده هذا الذي ذكره المصنف هذا لعله نزعة علم الكلام.
هو المنتظم من الأصوات المسموعة المعتمدة على المقاطع وهي الحروف وكل حرف لابد له من مخرج وكل من حرف لابد أن يتكيف بكيفية خاصة أن يتكأ على المقطع وشدة النفس إلى آخر ما يُذكَر، وهو جمع كلمة الكلام جمع كلمة صحيح هذا؟ إن لم يكن سقط إذا كان على ظاهره نقول هذا فيه نظر ليس بجمع كلمة كلام ليس بجمع كلمة وإنما جمع الكلمة كلم إما أن تكون في العبارة سقط كما ذكر المُحشّي وإنا كان على ظاهر نقول هذا فيه نظر بل الصواب أن الكلمة واحده كلمة واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة يعني واحد الكلم كلمة وليس واحد الكلام كلمة بل الكلام إما أنه يُقال أنه اسم مصدر كلم يُكلم تكليماً وكلاماً اسم مصدر وقيل مصدر سماعي إذاً هو مصدر فكيف يكون جمع إذا قيل وهو جمع كلمة إذاً ليس بجمع إنما الجمع هو الكلم أو اسم الجمع كلم وهو اللفظ الموضوع لمعني وهي أي للكلمة اللفظ الموضوع لمعنى اللفظ يشمل الموضوع والمُهمَل الموضوع الذي وضعته العرب والمُهمَل هو الذي لم تضعه العرب، الموضوع لمعنى لمعنى هذا متعلق بقولهم موضوع فحينئذ يختص هذا الحد بالحقيقة ولا يشمل المجاز ولذلك لو قيل اللفظ المستعمل في معنى مفرد لشمل الحقيقة والمجاز وخص أهل العربية الكلام بالمفيد يعني الكلام في اللغة يُطلق ويعم المفيد وغير المفيد ولذلك حده في القاموس بأنه القول وما كان مكتفياً بنفسه فيُطلق على القول بأنه كلام في اللغة وعلى الكلمة بأنها كلام على المركب الإضافي بأنه كلام في اللغة ونام زيد هذا كلام وغلام لوحدها هذا كلام وإن قام زيد هذا كلام لأنه لا يختص بالمفيد وإما عند النحاة فلا يختص الكلام بالمفيد يعني المفيد فائدة تامة بحيث يحصل السكوت من المُتكَلم عليه لا يكون السامع منتظراً لشيء آخر، وخَصَّ أهل العربية – يعني النحاة - الكلام المفيد يعني لما تحصل به الفائدة والإفادة وهذا يستلزم التركيب إذ لا فائدة تامة إلا مع التركيب، وهو أي الكلام المفيد عند النحاة الجُمَل المركبة وأقل ما تتركب منه من فعل وفاعل قام زيد أو مبتدأ وخبر زيد قائم وغير المفيد كَلِمٌ وأما غير المفيد يسمى كلم لماذا لأن الكلم أعم يشمل المفيد وغير المفيد وليس المراد هنا أن يُخصص الكلم بغير المفيد والكلام بالمفيد – لا – وإنا مراده أن الكلام يختص بالمفيد والكلم يُطلق على المفيد وغير المفيد ولذلك العلاقة بينهما العموم والخصوص المُطلق كل كلام كلم ولا عكس.
فإن اُستُعمِل في المعنى الموضوع له فهو الحقيقة فإن اُستُعمِل في المعنى الموضوع له فهو الحقيقة ما هو اُستُعمِل هنا الضمير يعود إلى الكلمة أو الكلام؟ يحتمل أنه يريد الكلمة وأنه يريد الكلمة لكن بما سيأتي مراده الكلمة فإن اُستُعمِل آخر المذكور هو الكلام والأصل في الضمير أن يرجع إلى آخر مذكور لكن سيقسم لنا الحقيقة لغوية وشرعية وعرفية وهذا التقسيم للمفردات أو المركبات؟ المفردات حينئذ فإن اُستُعمِل أي اللفظ الموضوع لمعنى في المعنى الموضوع له أولاً فهو الحقيقة كالأسد إذا اُستُعمِل في الحيوان المفترس نقول وضع الوضع لفظة الأسد مراداً رها الحيوان المفترس فإن قال رأيت أسداً وكان مراده الحيوان المفترس نقول اُستُعمِل اللفظ لما وُضع له ابتداءاً وهذه يسمى حقيقة لغوية، فإن اُستُعمِل في المعنى الموضوع له فهو الحقيقة إن كان بوضع اللغة فهي اللغوية بمعنى أنه إذا نُظر إلى أن هذا اللفظ قد اُستُعمِل فيما موضوعه وكان الواضع لذلك اللفظ بإزاء ذلك المعنى هو أهل اللغة فحينئذ صارت الحقيقة لغوية أو بالعرف في العرفية إذا كان اللفظ مستعملاً فيما وُضع له في العرفية يعني فيما تعارف عليه أرباب الصناعات أو أرباب الفنون أو اللغة العامة العرف العام نقول هذه الحقيقة عرفية لماذا؟ لأنه لفظ موضوع لمعنى من الذي وضعه؟ أصل الواضع اللغة العربية ولكن من جهة المعنى اُستُعمِل في بعض أفراده أو كان أعم من معناه الذي وُضع له في لغة العرب وإذا نُظر إلى كون الواضع هنا هو العرف سمينا الحقيقة بأنها حقيقة عرفية وهذا هو الفرق بين العرفية والشرعية أن يكون الفظ قد وُضع في لغة العرب هي الأصل ولذلك نقول اللغات توقيفية إذاً النظر يكون إلى المعنى اللغوي ثم ننظر إلى هذا المعنى اللغوي حينئذ إذا اُستُعمِل فيم وُضع له في لغة العرب فهو الحقيقة اللغوية إذا أُخذ هذا اللفظ وتُصرف في معناه يعني لما يُجعَل دلالة اللفظ على كل المسمى على جميع المسمى على جميع الأفراد بل خُص ببعضها أو زيد عليه بعض الأفراد حينئذ نقول حصل تصرف في المعنى إن كان المُتصرف هو العرف قلنا حقيقة عرفية وإن كان المتصرف في المعنى اللغوي هو الشرع قلنا حقيقة شرعية الدابة مثال مشهور هذا عرف عام في اللغة وُضعت لكل ما يدب على الأرض دب يدُب ودب يدِب بضم الدال وكسرها لكل ما يدب على الأرض يمشي على الأرض سواء كان على رجلين على أربع على عشرين يمسى دابة، حتى السيارة تسمى دابة والجمل دابة وأنت دابة هذا في لغة العرب كل ما يدب على الأرض فهو دابة لكن في العرف العام خُصت الدابة بذوات الأربع هذا هو المشهور الفرس والحمار ونحوه فأنت لا تسمى دابة والحية لا تسمى دابة لماذا؟ لاختصاص اللفظ ببعض أفراده لأن لفظ دابة هذا له معنى عام يشمل كل الأفراد لكنه خُص ببعض أفراده والمُخصص هو العرف فأُضيف إليها فصار حقيقة عرفية عامة والخاصة هي التي تختص بأرباب الفنون الفاعل كل من أوجد الفعل الحديث فهو فاعل لكن عند النحاة اختص بفرد معين إذا أُطلق الفاعل عند النحاة انصرف إلى الاسم المرفوع المذكور وقبله فعله ولا يجوز إطلاقه عندهم على ما ليس اسم مرفوعاً مذكوراً قبله فعل نقول هذا حقيقة عرفية لماذا؟
لأن أصل وضع الفاعل لكل من أوجد الفعل إذاً تحته أفراد تخصيصه ببعض الأفراد دون بعض نقول هذا تصريف وتصرف في المعنى، من الذي فعل؟ هم النحاة صار حقيقة عرفية لكنها خاصة يعني خاصة بالنحاة إن كان المتصرف باللفظ العام هو الشرع نُسبت إليه فقيل حقيقة شرعية فما مثلنا سابقاً بالصيام، الصيام هذا في اللغة يُطلق على كل إمساك ولذلك جاء {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ} مريم26، إذاً أمسكت عن الكلام فأُطلق عليه أنه صيام خيل صيام وخيل غير صائمة بمعنى أناه أمسكت عن الجري إذاً كل ما أمسك عن شيء فهو صائم لكن في الشرع إمساك مخصوص عن شيء مخصوص في وقت مخصوص إذاً هو خاص نقول أُطلق اللفظ على بعض أفراده بعض مسمياته من الذي خصّ هذا بذاك؟ نقول الشرع فصار حقيقة شرعية، فإن اُستُعمِل في المعني الموضوع له فهو الحقيقة وغن كان بوضع اللغة فهو اللغوية فالدابة لكل ما يدب على وجه الأرض أو بالعرف فالعرفية كالدابة لذوات الأربع أي ليس كل ما يدب على وجه الأرض لذاوت الأربع وكالفاعل للاسم المرفوع المذكور قبله فعل قبله فعله نقول هذه حقيقة عرفية خاصة والتي مثّل بها المصنف هنا حقيقة عرفية عامة يعني لا تختص بفن دون فن وأناس دون أناس آخرين.
أو بالشرع فالشرعية كالصلاة والزكاة الصلاة في اللغة الدعاء كل داع فهو مصلي لكن هل هو في الشرع هكذا؟ نقول لا خص ببعض أفرادها وهي الصلاة في المعنى اللغوي وهي أنها أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مُختتمة بالتكبير، الزكاة في اللغة النمو كل نام فهو مُزكي كل ما هو يقبل النمو فهو زاكي حينئذ نقول هل كل من تزكى بمعنى الزكاة أو زكّى هل كم من زكّى يكون بمعنى الزكاة في الشرع؟ نقول لا وإنما خُصت بمعنى خاص وهو إخراج قدر في شيء مخصوص، وأنكر قوم الشرعية وهم المعتزلة أنكروها عقلاً ووجوباً وقوعاً وبعض أهل السنة أثبتوها عقلاً ومنعوها وقوعاً لكن الصواب وجوبها لكن الصواب أنها واقعة، لم أنكروها؟ قالوا لأن بين اللفظ والمعنى مناسبة كل لفظ وُضع في لغة العرب فصم مناسبة بين اللفظ وبين المعنى فحينئذ لا يجوز أن يُسحَب ذلك اللفظ لمعنى لم يُوضع له فيمتنع حينئذ أن يُنقَل اللفظ لدلالة على معنى لم يوضع له في لغة العرب نقول هو لم يُسحَب كلياً وإنما خُصص ببعض مسمياته ولذلك نقول معنى لغوى فالمعنى الاصطلاحي داخل فيه ولذلك جرى الفقهاء على هذا على إثبات الحقيقة الشرعية وكل باب أو كل كتاب تجده في كتب الفقه لابد أني يُصدّر بالمعنى اللغوي البيع كتاب البيع يقول لك البيع لغة إعطاء إلى آخره واصطلاحاً مبادلة مال بمال الزكاة في اللغة والحج في اللغة مباشرة يبدأ لك بالمعنى اللغوي لماذا؟ ليُبين لك أن الأصل هو المعنى اللغوي والمعنى الشرعي هو فرع وأنه ليس بينهما تعارض أو تباين كلي بل لابد أن يكون كل حقيقة شرعية فهي منقولة في الأصل عن المعنى اللغوي وقد زيد عليها بعض أشياء إذاً فيه نقل ولا نقول هي كما هي وزيد عليها بعض الشروط وفرق بين المسألتين فرق بين أن يُقال حصل نقل نُقل اللفظ مع زيادة في المعنى أو تخصيص في المعنى وبين أن نقول اللفظ في دلالته على المعنى كما هو وزيد عليه بعض الشروط وأنكر قوم الشرعية نقول المعتزلة ولذلك قيل أول ما تفرعت على مسألة الحقيقة الشرعية هي مسألة الإيمان، الإيمان منقول عن لغة العرب أم له حقيقة شرعية المعتزلة لهم صولات وجولات في هذه المسألة بناءاً على أن الإيمان هو التصديق فقط ليبقى معناه اللغوي ولذلك أنكروا الحقيقة الشرعية وبعض المعتزلة آمن وصدق بالحقيقة الشرعية إلا الإيمان – أمور الهوى – إلا الإيمان إلا لفظة الإيمان فهي باقية على معناها اللغوي، وأنكر قوم الشرعية لذلك تُنكر الشرعية لماذا لعدم وجود مناسبة بين اللفظ والمعنى ويقولون بالحقيقة العرفية وهي فيها نقل الحقيقة العرفية نُقل اللفظ من المعنى اللغوي وصار مستعملاً في بعض أفراده وهذا نقل وعلى طريقتهم ليس ثم مناسبة بين اللفظ والمعنى أما أن تُنفى المناسبة بين اللفظ والمعنى في الحقيقة الشرعية وتُقَر في الحقائق العرفية فهذا تناقض، وقالوا اللغوي باقٍ والزيادات شروط فحينئذ تكون الصلاة والزكاة والحج والإيمان والكفر هذه معان لغوية على أصلها فحينئذ نبحث في الشرع هل زاد عليها قيوم أم لا فإذا جاء الإيمان في الشرع الإيمان نحمله على معناه اللغوي وإذا جاء الكفر نحمله على معناه اللغوي وإذا جاءت الصلاة والزكاة والحج والصيام نحمله على معناه
اللغوي ثم هل زاد الشرع فيه قيداً أم لا فيقع الخلاف في ماذا لا في أصل الحقيقية الشرعية للمعنى اللغوي وإنما في الزيادات فيكون الخلاف في الفرع لا في الأصل لكن إذا قلنا الحقيقة الشرعية ثابتة فحينئذ ننازع في كون المراد بلفظ الإيمان هو المعنى اللغوي ففرق بين الخلاف في المسألتين فإذا قال المعتزلة الإيمان هنا معناه اللغوي نقول لا نمنع أن يكون معناه اللغوي لأن الشرع قد نقله من معناه اللغوي إلى معنى شرعي يليق به بينه الشرع وإذا سلمنا بأن المعنى اللغوي هو الأصل فحينئذ نقول نعم إن الذين آمنوا، آمنوا بمعنى صدقوا ثم نأتي نختلف في ماذا في فرع النفي أصلاً فيكون الخلاف فرعي لا جوهري لا معنوي لماذا لأننا نبحث هل زيدت شروط أو لا كأنها مسألة فقهية هل الوضوء المضمضة واجبة في الوضوء أم لا هذا مُثبت وهذا نافي يكون الخلاف معتبراً نقول لا المسألة تنبي عليه أمر اعتقادي ولذلك بعض المعتزلة قال في الحقيق الشرعية ثابتة في الفروع لا في الأصول وخاصة مسالة الكفر والإيمان، وأنكر قوم الشرعية وقالوا اللغوي باقٍ والزيادات شروط فالإيمان هو الإيمان التصديق والكفر هو التكذيب والصلاة هي الدعاء والزكاة هو النمو والحج هو القصد، والزيادات شروط شرعية فهي حينئذ تكون مجازاً يعني مجازات لغوية استعملها الشرع استعمال الشرع في غير ما وُضع له ابتداءاً وهذا ليس بصحيح بل هذا باطل بل الصواب ما عليه الجماهير وهو أن الحقائق الشرعية تجوز عقلاً وهي واقعة في الكتاب والسنة ينبني على هذا أنه إذا جاء اللفظ في الشرع نحمله على المعنى الشرعي ولا يجوز حمله على المعنى اللغوي إلا بدليل ثابت لماذا؟ لأن الشرع إنما جاء لم لأي شيء؟ هل أتى ليُبين الحقائق الشرعية أم الحقائق اللغوية؟ الشرعية واللفظ محمول على الشرعي إن لم يكن فمطلق عرفي فاللغوي حينئذ إذا تعرضت هذه الثلاث عندنا اللغوي ومعنى لغوي ومعنى شرعي نقول إذا جاء اللفظ في الكتاب والسنة يُحمَل على المعنى الشرعي، إن لم يكن معنى شرعي فالعرفي ثم بعد ذلك المعنى اللغوي.
والزيادات شروط فرعية فهي جازات لغوية وكل يتعين باللافظ ليس باللفظ لكن باللافظ وكل يتعين يعني متى نحكم بأن هذه حقيقة لغوية وهذه حقيقة عرفية وهذه حقيقة شرعية قال باللافظ بالمُتكلم إن كان المتكلم لغوي حملنا كلامه على المعنى اللغوي وإن كان المتكلم هو الشرع حملنا ألفاظه على المعاني الشرعية فمن أهل اللغة بدون قرينة لغوية هذا لا إشكال إذا تكلم اللغوي حينئذ نحمل كلامه على المعنى اللغوي ولا نحتاج إلى قرينة لأنه استعمل اللفظ فيما وُضع له وهو المتكلم بلسان اللغة، وبقرينة العرفية لماذا؟ لأنها فرع عن اللغوية وإذا كانت فرعاً فحينئذ لابد من قرينة ومن أهل الشرع الشرعية ولو قال في لسان الشرع أو في الأحكام النصوص الشرعية الشرعية لكان أولى لأن في أهل الشرع قد يتكلمون بما ليس مصطلح عليه أو ليس بحقيقة شرعية وإنما الكلام اشد ما يكون فيما إذا جاء نصاً قرآن أو سنة هل نحمل كلام الرب على الحقيقة الشرعية أو اللغوية؟ نقول الشرعية ومن أهل الشرع لو قال في نصوص الشرع فالشرعية، ولا يكون مجملاً اللفظ إذا احتمل الحقيقة اللغوية أو العرفية أو الشرعية لا يكون مجملاً إذا قيل {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} نقول الصلاة لها معنيان معنى لغوي ومعنى شرعي إذاً تردد بين معنيين مستويين هكذا قال بعضهم كالقاضي وبعض الشافعية هل هو مُجمَل أو له معنى أرجح من معنى آخر إذا قيل {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} هذا بلسان الشرع في الشرع يعني في نصوص الشرع أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة هل نحمل الصلاة هنا على المعنى اللغوي أو المعنى الشرعي هو متردد بين معنيين لا شك متردد بين معنيين لكن الظاهر والمتبادل والمعنى الأرجح في مصل هذا السياق أنه يُحمَل على المعنى الشرعي بقرينة المُتكلم لأنه نص شرعي والأصل في حمل النصوص الشرعية على كلام الشرع على الحقائق الشرعية ولا يُحمَل على الحقيقة اللغوية إلا بقرينة، ولا يكون مجملاً بمعنى أنه دل على معنيين مستويين يحتاج إلى قرينة خارجة لأنه لو قيل مُجمل حينئذ نقول أقيموا الصلاة هذا مجمل نتوقف هذا حكم حكما مجمل يفيد التوقف لابد من قرينة خارجية تبين أن الصلاة هنا هي اللغوية الدعاء أو الصلاة أقوال وأفعال فننتظر إلى دليل خارج نقول لا لا نحتاج إلى دليل لأنه ليس بمُجمل بل الظاهر المتبادل أنه الحقيقة الشرعية، ولا يكون مجملاً لتردده بين المعنى اللغوي والشرعي ولا يكون يعني اللفظ الوارد عن الشرع مجملاً بل يجب حمله على المعنى الشرعي دون غبره لأن الشرع إنما يبين الأحكام الشرعية لا الأحكام اللغوية كما حُكي عن القاضي وبعض الشافعية قالوا أنه مجمل لتردده بين المعنى اللغوي والمعنى الشعري وهذا هو حقيقة المجمل حينئذ ينبني على هذا أننا لا نجزم بأن المراد بالصلاة الصلاة الشرعية حتى يرد دليل خارجي وهذا فاسد، وإن اُستُعمِل في غير ما وُضع له فهو مجاز إن اُستُعمِل اللفظ في غير ما وُضع له فهو مجاز في غير ما وُضع له أين؟ إن كان الواضع هو اللغوي في لسان اللغة فحينئذ إذا اُستُعمِل اللفظ في غير ما وُضع له فهو مجاز عندهم فالصلاة في القوال والأفعال المعهودة في اللسان العربي مجاز ولكنها في الشرع حقيقة شرعية
استعمال الصلاة في الشرع بمعنى الدعاء مجاز شرعي استعمال الدابة في ذوات الأربع في اللغة نقول مجاز لغوي في العرف العام حقيقة عرفية استعمال الدابة فيما يدب على الأرض مطلقا في اللغة حقيقة لغوية في العرف مجاز عرفي إذاً يختلف باختلاف الواضع، إن اُستُعمِلت في غير ما وُضع له عند اللغوي فهي مجاز لغوي أو عند الشرع فهي مجاز شرعي أو عند العرف فهي مجاز عرفي، قال بالعلاقة وهذا شرط المجاز كما ذكرناه سابقاً يعني لابد من علاقة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه وهذه العلاقة توسع فيها البيانيون أكثر من الأصوليين بل كلام البيانيين أدق وأعمق، بالعلاقة إذاً شرط المجاز بالعلاقة لا يُحكَم بكونه مجازاً إلا إذا وُجدت هذه العلاقة لابد من علاقة بين المعنى الأصلي المنقول عنه والمعنى المنقول إليه وكل معنى أثبت المجازيون أنه مجاز هذا هو الدليل الذي تطالبهم به أنه لا يمكن أني يُصار المجاز إلا مع وجود علاقة بين المعنيين، قال وهي إما اشتراكهما وذكر المصنف هنا أربعة أنواع للعلاقات إما اشتراكهما في معنى مشهور بين المعنيين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي كالشجاعة في الأسد يُطلق الأسد ويُراد به الرجل الشجاع ويُطلق ويُراد به في المعنى اللغوي الأصلي الحيوان المفترس إذاً ثم مشابهة بين المعنيين كون الرجل الذي أطلقت عليه أنه أسد وُجدت فيه معنى المعنى هو الشجاعة هذه الشجاعة موجودة في الأسد الحقيقة الحيوان المفترس لذلك شبهت هذا الرجل بالأسد وكل مجاز علاقته بالمشابهة فهي استعارة حينئذ أُستعير لفظ الأسد من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع نقول هذه علاقة بينهما لو لم يكن المعنى مشهوراً كالشجاعة لا يجوز مثل ماذا؟ البخر البخر هذا معنى موجود في الأسد لكن لا يعلمه كل النسا بينما يعملون الشجاعة فإذا قيل رأيت أسداً يخطب يعلمون أنك شبهت الأسد الذي هو الرجل الشجاع بالأسد بجمع الشجاعة أما رأيت رجلاً يروي وتريد به أبخر ما يعرفون ما كل الناس يعرف أن الأسد أبخر وإنما المعنى المشهور هو الشجاعة إذا لم يكن مشهوراً فحينئذ لا يجوز ولذلك لا يُحكَم عليه إنه مجاز ويُقال هذا غلط، إما اشتراكهما في معنى مشهور كالشجاعة في الأسد أو الاتصال يعين إطلاق اسم الشيء على ما يتصل به ويعبر عنه بعضهم بالمجاورة كقولهم الخمر حرام الخمر هذه ذات ومعلوم أن الحرام حكم شرعي والأحكام الشرعية تتعلق بفعل المُكلف والخمر هذه ليست من فعل المكلف وإنما فعل المكلف هو الشرب فكيف حينئذ تعلق الحكم هنا بالخمر نقول لكون الشرب بمتصل بالخمر فلذلك صح إطلاق أو إسناد الحرام إلى الخمر كما سيأتي في المجمل، والحرام شربها والزوجة حلال والحلال وطؤها حينئذ أُطلق اللفظ إطلاق اسم الشيء على ما يتصل به، والحلال وطؤها أو لأنه سبب أو اللفظ المذكور سبب للمعنى المراد رأينا الغيث مراده ماذا العشب الغيث المطر أطلق الغيث وأراد به العشب لماذا لأنه سببه والعشب مُسَبَّب، أو مُسَبَّبٌ أي اللفظ المذكور مُسَبَّب عن المعنى المراد يقول قائل سقوني الإثم مراده الخمر أطلق الإثم على الخمر لأن الإثم مُسَبَّب عن شربها والعلاقات أوصلها بعض إلى خمس وعشرين مذكورة في مطولات، وهو فرع
الحقيقة المجاز فرع الحقيقة فلذلك تلزمه دون العكس يعني كل مجاز له حقيقة ولا عكس لماذا؟ كل مجاز وله حقيقة لأن المجاز استعمال ثانوي استعمال اللفظ في غير ما وُضع له أولاً فحينئذ لابد أن يُوضع له لفظ في لغة العرب هذا اللفظ دال على معنى إذا أُطلق في لسان العرب صرف إليه يُستعمَل في غيره ما وُضع له إذاً لا إشكال لكن هل حقيقة لابد أن يكون لها مجاز؟ الجواب لا، وبعضهم قال لا لا يُشترط أن يكون لكل مجاز حقيقة وهذا فاسد ومبناه أيضاً مسألة الأسماء والصفات لأنهم قالوا الرحمن الرحيم الغفور هذه كلها مجازات إذا قيل مجازات حينئذ أُستعمل اللفظ في غير ما وُضع له إذاً وُضع الرحمن قبل ما يُسمى به الرب جل وعلا وضعاً لغويا فاستُعمل في معناه الحقيقي فثم تُجوّز به إلى معنى آخر فأُطلق على الرب قالوا هذا اللازم باطل فحينئذ ما صنعوا؟ قعّدوا قاعدة مباشرة لا يلزم لكل مجاز حقيقة فالرحمن مجاز فإذا أُرد عليهم أين حقيقته قالوا لا لا يُشتَرط بل قد يكون اللفظ لفظ يستعمل في المجاز ولا يكون له حقيقة لكن هذا فاسد غير مقبول بل الصواب أن يُقال الحقيقة قد تستعمل في مجازها ولا يلزم أن يكون لكل حقيقة مجاز ويلزم أن يكون لكل مجاز حقيقة لذلك قال وهم فرع الحقيقة أي المجاز فرع الحقيقة لأن الحقيقة أصل والمجاز فرع فحينئذ يترتب على ذلك فلذلك الفاء للترتيب والتفريع تلزم الحقيقة المجاز دون العكس تلزمه يعني كل مجاز له حقيقة دون العكس ليس كل حقيقة لها مجاز، يزيد البعض يقول وليس لكل مجاز حقيقة نقول لا هذا ليس بصواب.
تنبيه قال الحقيقة أسبق إلى الفهم يعني ما تُعرَف بالحقيقة متى نحكم على اللفظ أنه حقيقة؟ قال الحقيقة أسبق من الفهم أن يكون اللفظ له معنيان الذي يسبق إلى الفهم هو الحقيقة والذي يكون ثانياً هو المجاز، رأيت أسداً الذي يتبادر إلى الذهن الحيوان المفترس إذاً استعمال الأسد في الحيوان المفترس حقيقة واستعماله في الرجل الشجاع هذا مجاز لكن يُقيَد هنا اللفظ أسبق إلى الفهم يعني من المجاز حيث لا قرينة أما إذا قُيد فحينئذ يكون المجاز أسبق لو قال رأيت أسداً يخطب أيهما أبدر المجاز أم الحقيقة أيهما أسبق في الفهم؟ المجاز أسبق إلى الفهم حينئذ صارت القاعدة هذه غير مضطردة لكن لابد من تقييدها قول الحقيقة أسبق إلى الفهم من المجاز حيث لا قرينة مع المجاز فإذا أطلق الترتيب هكذا رأيت أسداً حينئذ يُحمَل على معناه الحقيقي الذي هو اللغوي الحيوان المفترس مع احتمال الرجل الشجاع لكن ذاك أظهر فيُحمَل عليه أما رأيت أسداً يروي أو يخطب حينئذ صار المتبادل إلى الذهن هو المعنى المجازي فصار المجاز أسبق إلى الفهم، ويصح الاشتقاق منه يعني يصح الاشتقاق من اللفظ الذي استُعمل فيما وُضع له الذي هو الحقيق فيُتصَرَف فيه يُؤتى بالماضي ويُؤتى بالمضارع ويُؤتى بالجمع إلى آخره سائل المشتقات التي يمكن أن تُشتق من اللفظ دال على أنه حقيقة لأن التصرف في اللفظ يدل على قوته وتمكنه وأصالته حينئذ ويصح الاشتقاق منه يعني من الحقيقة لأن الاشتقاق هو تصرف يدل على أصالة اللفظ وقوته وتمكنه، والقول الآخر أيضاً يصح الاشتقاق منه وعليه لا يصح أن يُجعَل الاشتقاق علامة على الحقيقة لماذا؟ لأن المجاز وهذه يذكرونها في باب الاستعارة التبعية يُجرى أولاً في المصدر ثم بعد ذلك يُجرى الاستعارة التبعية فيما يُشتَق منه من الفعل أو غيره فحينئذ صح الاشتقاق من المصدر بعد أن أُجريت الاستعارة فيه، الاستعارة التبعية لها كلام طويل تُجرى أولاً في المصدر ثم بعد ذلك يُنتقل من المعنى المصدري الذي دخله المجاز إلى ما أُشتق منه من فعل أو غيره فحينئذ نقول صح الاشتقاق من المجاز وأحسن ما يُعرَف به الحقيقة عن المجاز هو ما ذكره أول وهو أ، المعنى المتبادل الذهن أولاً فيمن يحسن لغة العرب هو الذي يكون حقيقة وما عداه فهو مجاز والأصل في حمل اللفظ هو الحقيقة ولا يجوز أن يُحمَل على المجاز إلا مع استحالة حمله على الحقيقة وحيثما استحال الأصل يُنتَقل إلى المجاز وحيثما استحال حمل اللفظ على حقيقته يُنتقل على المجاز وبهذا القيد ترد على من أثبت المجاز في الأسماء والصفات فيُقال لا يمكن حملها على المجازات والقرينة التي يُقال أنها استحالة عقلية هذه قرينة فاسدة بفساد التصور عندهم وذكرنا هذا فيما سبق، يعني المقصود أنه لا يُجعَل الرد رد المجاز رداً للمؤولة والمحرفة بعضهم يظن أنه إذا رد المجاز معناه قد انتصر على الأشاعرة وغيرهم لا بل يوجد من الأشاعرة ومن المعتزلة من يُنكر المجاز وهو مُحرف مؤول فحينئذ نقول رد المجاز وجعله دليلا على رد تأويل وتحريف الصفات نقول هذا فيه نوع ضعف.
ومتى درا اللفظ بينهما فالحقيقة ولا إجمال فالحقيقة مقدمة على المجاز لكن يقيدون بأن الحقيقة ألا تكون مُماتة أجمع على الحقيقة تُمات على التقدم له الأثبات يعني يقدم المجاز على الحقيقة الميتة إذا صارت الحقيقة مهجورة فالمجاز أولى لو قال قائل والله لا آكل من هذه النخلة فأكل من الخشب لا من الثمرة يحنث أو لا يحنث؟ لا يحنث لأن النخلة تُطلق في العرف على الثمرة وإن كان في أصل الوضع أنها للجذع والثمرة لكن باستعمالها في الثمرة هو الأشهر فصار استمالها في الجذع مراداً به الجذع هذا كأنه مُمات فحينئذ إذا دار بين الحقيقة المُماتة وبين المجاز الواضح البين فيُحمَل على المجاز أجمع على الحقيقة تُمات على التقدم له الأثبات، ومتى دار اللفظ بينهما يعين بين الحقيقة والمجاز فيُحمل على الحقيقة لأنها الأصل لأن الحقيقة مقدمة على المجاز ولا إجمال ولا يقال بأن اللفظ مجمل لأن اللفظ إذا دار بين معنيين فأكثر ولا قرينة قيل هذا مجمل وهنا إذا تردد بينهما هل هو مع تساوي المعنيين أو مع ترجيح؟ مع ترجيح لأن الأصل في حمل الكلام على أصل ولذلك نقول الأصل في الكلام أنه يُحمَل على الحقيقة دون المجاز يعني الغالب والراجح عند السامع أن يحمل الكلام على حقيقته دون مجازه، ولا إجمال يعني بسبب تردده بين الحقيقة والمجاز لماذا لو حكمنا بالإجمال لاختلال الوضع به يعني لاختل الوضع به أي بالقول بالإجمال يعني هذا تعليل لنفي الإجمال أي لأدي إلى اختلال الحكمة من الوضع وهي الإفهام إذا كان الكلام ينقسم إلى حقيقة وإجمال ثم كل لفظ يجوز أن يستعمل في مجازه كل حقيقة يجوز أن يكون لها مجاز فإذا جاء لفظ له حقيقة ومجاز إذاً يحتمل المعنيين فنقف إذاً كل التراكيب نقف فيها حتى تأتي قرينة مرجحة نقول اختل الوضع إنما وُضع الكلام من أجل قصد التفاهم بين المتخاطبين فإذا حُمل اللفظ على أنه مُجمل وصارت التراكيب كلها مُجملة لأن المجاز يدخل في الفعل ويدخل في الحرف ويدخل في الاسم والحقيقة أيضاً تكون في الفعل وتكون في الحرف وتكون في الاسم حينئذ اختلت حكم الواضع.
ثم قال فإن دل على معنى هذا شرع في بعض المباحث اللغوية التي تنبني على اللغة وهي أصولية أيضا والذي يُعبَر عنه بدلالات الألفاظ وهي أهم ما يعتني به الناظر في أصول الفقه الخاص والنص والظاهر والمجمل والعام والمطلق والمقيد نقول هذا أهم ما يهتم بها الطالب شرع فيها المصنف هنا، قال فإن دل على معنى واحد من غير احتمال لغيره فهو النص أراد أن يُبين لك حقيقة النص متى نقول هذا نص قد ننظر إلى المعنى كل لفظ كل كلمة من جهة المعن إما أن تدل على معنى واحد فقط أو على معنيين يعني أكثر من معنى إما مع التساوي أو لا هذه كم احتمال؟ ثلاثة إما أن تدل الكلمة على معنى واحد فقط وإما أن تدل على معنيين فأكثر مع التساوي حينئذ يُطلَب المُرجح أو على معنيين أحدهما أظهر من الآخر ثلاث احتمالات الأول النص الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً والثاني المُجمل الذي يدل على أكثر من معنيين مع التساوي وعدم التعيين والثالث هو الظاهر الذي له معنيان ولكنه يكون في أحدهما أجرح من الآخر إذاً القسمة ثلاثية سيتعرض لها المصنف، فإذن دل اللفظ بلفظه وصيغته على معنى واحد واضح من غير احتمال لغيره من المعاني فهو النص والنص عرفاً كل لفظ وارد لم يحتمل إلا معنى وحد فإذا كان اللفظ لا يحتمل إلا معنى واحداً فهذا نص في اصطلاح الأصوليين يعين النص بالمعنى الأخص، وأصله يعني في لغة العرب مأخوذ من الظهور والارتفاع إذاً ارتفع على غيره ارتفع على الظاهر وارتفع على المجمل ومنهم نصت الظبية رأسها أي رفعته وأظهرته ومنه منصة العرس لأنها تظهرها وترفعها، وقيل هو الرفع لغاية ما ينبغي إذاً النص قيل فيه إنه من الظهور والارتفاع وقيل أنه مأخوذ من الرفع إلى غاية ما ينبغي يعين أعلى ما يمكن أن يصل إليه هو النص وهنا واضح أن أعلى ما يمكن أن يصل إليه اللفظ أو الكلمة التي لا تحتمل إلا معنى واحدا وصلت إلى أعلى ما ينبغي أن يكون إليه بخلاف المحتمل لمعنيين لو كان مع الترجيح أو مع التساوي لم يصل إلى أعلى ما ينبغي، وقد يُطلق لفظ النص على الظاهر النص في الاصطلاح هو المعنى السابق لكن له استعمالات عند الفقهاء وبعض الأصوليين قد يُطلَق النص مراداً به الظاهر وقد يُطلق النص على كل ما أفاد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس وقد النص على الوحيين فقط على الكتاب والسنة هذه أربعة نقاط نص إذا أفاد ما لا يحتمل غيرا واظهر إن الغير احتمل والكل من زين له تجلى ويطلق النص على ما دل وفي كلام الوحيين يطلق على النص الذي هو اللفظ الذي لا يحتمل إلا معنى واحد وهذا النص إذا أُطلق عند الأصوليين انصرف على هذا المعنى لا يحتمل غيره لأن اصطلاح خاص فإذا أطلق الاصطلاح الخاص في فن ما انصرف إلى ما وُضع له ذلك اللفظ، ويُطلق النص توسعاً على الظاهر ما احتمل معنيين هو في أحدهما أصغر من الآخر إذاً توسعوا في اللفظ لأن الظاهر يُحمَل على المعنى الراجح فحينئذ تحقق فيه المعنى اللغوي معنى النص وهو الارتفاع والظهور لأنه إذا حُمل على المعنى الراجح دون المعنى المرجوح حينئذ حملناه على ما هو أظهر وأرفع من غيره الذي هو المعنى المرجوح ويُطلق النص على كل ما أفاد كل ما أُستفيد منه في الشرع من كتاب أو سنة أو إجماع أو
قياس يُقال هذا نص ويُطلق مرادا به الكتاب والسنة على الوحيين، هنا قال بعد أن عرف المعنى الخاص قال وقد يطلق على الظاهر يعني وقد يُطلق على النص على الظاهر وهو ما احتمل معنى آخر احتملاً مرجوحاً الظاهر إذا حكمنا عليه بأنه ظاهر نقول ما احتمل معنى آخر مرجوحاً لماذا؟ لوجود الارتفاع والظهر فالنص مرتفع ظاهر في الدلالة ومثله الظاهر وإن كان الظاهر أدنى ظهوراً وارتفاعاً من النص الظاهر أدنى ظهوراً وارتفعاً من النص لماذا؟ لأن النص لا يحتمل إلا معنى واحد فإذا أطلق اللفظ انصرف إليه (تلك عشرة كاملة) لا يحتمل أنها تسعة ولا يحتمل إحدى عشر حينئذ لا يحتمل إلا اللفظ الذي أُطلق لكن المعنى الظاهر رأيت أسداً المعنى الظاهر ما هو الحيوان لمفترس مع احتمال الرجل الشجاع نقول إذاً حصل نوع ظهور وارتفاع بالمعنى الراجح على المعنى المرجوح لكن هل هذا مثل النص؟ لا ليس مثله ظهور وارتفاع النص أعلى من ظهور وارتفاع الظاهر وظهور ارتفاع الظاهر أدنى من ظهور وارتفاع النص، ما هو الظاهر قال هنا وأراد أن يُعرف لك الظاهر وهو المعنى السابق من اللفظ مع تجويز غيره المعنى السابق أي المتبادر للذهن والسابق للفهم من اللفظ احترز به عن المتبادل لا من اللفظ بل لقرينة أخرى خارجة فحينئذ يكون ظاهراً لكنه ليس لذاته بل بقرينة وفرق أن يُقال ظاهر بذاته وظاهر بقرينة خارجة والمراد هنا الظاهر بذاته لأنه إذا أُطلق اللفظ حُمل على المعنى الراجح دون المرجوح، هو المعنى السابق أي المتبادر للذهن والسابق للفهم فحينئذ أخرج هذا المُجمَل لأن المُجمَل ليس فيه معنى سابق بل كلا المعنيين متبادرة إلى الذهن القُرء هذا لفظ مشترك بين الطهور والحيض فإذا أُطلق {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، نقول هنا يتبادر الحيض والطهر ولابد منت قرينة خارجة تُعين إذاً لم يتبادر أحد المعنيين بخلاف الظاهر الظاهر هنا يسبق إلى الفهم معنى راجح مع تجويز غيره إذاً لابد في الظاهر من معنيين يكون في أحدهما أظهر وأرجح من الآخر فيكون حمله على الظاهر هو المتبادر إلى الذهن، وأكثر ما يستعمل بين الفقهاء بهذا المعنى وأكثر ما يستعمل أي الظاهر بين الفقهاء بهذا المعنى يعين في اللفظ الذي يحتمل معنيين فأكثر وهو في أحدها أرجح إذا أُطلق الظاهر كذلك عند الأصوليين يُراد به ما احتمل معنيين فأكثر هو أرجح في احد تلك المعاني إذا أُطلق اللفظ صرف إليه، فإن عَضَدَ الغير دليل يغلّبه لقرينة أو ظهار آخر أو قياس راجح سُمَّيَ تأويلاً الذي هو الظاهر بالدليل الظاهر المُؤَوَّل لأننا ذكرنا أن الظاهر له معنيان معنى الراجح ومعنى المرجوح إذا في إطلاقات الشرع نحمله على الراجح لأنه هو المتبادر أولاً هل يجوز حمله على المعنى المرجوح؟ نعم لكنه بدليل لابد أن يكون بدليل صحيح وما هو ما يُسمى بالتأويل عند المتأخرين وذلك عبّر وسمي تأويلاً وهو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معناه المرجوح بدليل وهذا قسمان قد يكون فاسداً باطلاً مردوداً على صاحبه وقد يكون حقاً وصواباً، متى يكون حقاً إذا صُرف اللفظ إلى المعنى المرجوح لدلالته على المعنى الراجح على المعنى المرجوح بدليل شرعي
صحيح وإما إن صُرف بالهوى والتحكم حينئذ صار باطلاً فيُرَد على صاحبه، فإن عَضَدَ يعني ساعد وقوّى الغير يعني المعنى المرجوح دليل يغلّبه أي أن الدليل جعل المعنى المرجوح للظاهر أغلب على الظن من المعنى الراجح يُغلبه بمعنى أنه أي الدليل جعل المعنى المرجوح للظاهر أغلب في الظن من المعنى الراجح عكسنا القضية الأصل أن يُحمل الظاهر على المعنى الأرجح الذي يتبادر إلى الذهن قد نعكس نحمله على المرجوح لكن بقرينة كما قال هنا، فإن عَضَدَ يعين وُجد أو قوّى أو ساعد الغير يعني المعنى المرجوح دليل يغلّبه بمعنى أن الدليل جعل المعنى المرجوح للظاهر أغلب على الظن من المعنى المرجوح فصار هذا المعنى المرجوح بسبب الدليل راجحاً المعنى المرجوح صار راجحاً لكن بدليل وهذا الدليل ذكر المصنف ثلاثة أنواع قال لقرينة أن توجد قرينة في النص تدل على أن المعنى المرجوح هو أرجح وأن المعنى الأرجح هو مرجوح قال صلى الله عليه وسلم (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) هل يجوز للواهب أن يعود في هبته؟ قال الشافعي يجوز لأن الكلب لا يحرم عليه أن يعود في قيئه قال كالكلب يعود في قيئه وهل يحرم على الكلب أن يعود في قيئه؟ لا يحرم إذاً العائد في هبته مثل الكلب لا يحرم عليه أن يعود في هبته قال الإمام أحمد بل يحرم بدليل ماذا هذا ظاهر وارد ما فيه إشكال العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه لو وقفنا مع هذا النص لقلنا يجوز لكن قال الإمام أحمد لنا قرينة تجعل المعنى المرجوح راجحاً وهو أنه قال صلى الله عليه وسلم في أول حديث (ليس لنا مثل السوء) قال هذه قرينة تصرف المعنى الظاهر وهو استواء العائد في هبته في الكلب في عدم التحريم في الرجوع في القيء والهبة وهي تجعل أن لا يجوز أن يعود في هبته لأن النبي صلى الله عليه وسلم مثّله بماذا بالكلب ليس لنا مثل السوء فحينئذ لا يجوز أن يُشابه المسلم الكلب بنص ليس لنا مثل السوء، وهذا الذي أشبه الكلب في قيئه قد أشبه الكلب فحينئذ صار له مثل السوء وليس للمسلم مثل السوء فقال الإمام أحمد رحمه الله لا يجوز للواهب أن يرجع في هبته وإلا ظاهر النص أنه لا يحرم لو وقفنا مع قوله العائد في هبته كالكلب شبهه بالكلب والكلب لا يحرم عليه كما قال الشافعي وهو صحيح لكن نقول عندنا قرينة في أول الحديث تجعل أن التشبيه هنا المراد به المنع كأنه قال لا تتشبه بالكلب أيها الواهب فتعود في هبتك كما يعود الكلب في قيئه فإن هذا مثل قبيح وهو مثل سواء وليس لنا مثل السوء، أو ظاهرٍ آخر أو ظاهر آخر يجوز التنوين وتركه أو ظاهر آخر يعني يجوز أن يُصرف الظاهر من معناه الراجح إلى معناه المرجوح إذا وافقه ظاهر آخر قال جل وعلا {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} المائدة3، الظاهر هنا أن الميتة هذا لفظ عام يسقط اللفظ على كل مسمى الميتة فحينئذ كل أجزاء الميتة مُحرمة لا يجوز أكلها ولا يجوز استعمالها لنجاستها كما هو معلوم في النص الآخر لكن جاء دليل آخر ينص على أن جلد الميتة يمكن تطهيره فيُحكَم بنجاسته فلا يحرم استعماله أيما إيهاب دُبغ فقد طهر إذا دُبغ الإيهاب فقد طهر حينئذ هذا ظاهر أو لا أيما إيهاب دُبغ فقد طهر نقول هذا ظاهر دل على أن
قوله الميتة يُستثنى منها وكل استثناء بلفظ خاص من لفظ عام فهو نقول تخصيص بظاهر وجَعْل المعنى الراجح على المرجوح لأن المعنى الراجح من قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} أن كل الميتة هذا الظاهر المتبادر عند أول السماع كل أجزاء الميتة فهي مُحرمة لأنه نجسة جاء الاستثناء في الإيهاب حينئذ صار بقوله أيما إيهاب صار قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} دلالة الميتة على الإيهاب معنى راجح أو مرجوحا؟ صار الراجح مرجوحً لأن دلالة الميتة على تحريم الإيهاب هذا معنى راجح بالدليل الآخر النصوص الدالة على استثناء الجلد نقول صار المعنى الراجح مرجوحاً فحينئذ غَلَّب هذا المعنى المرجوح ظاهر آخر فصار به المرجوح راجحاً أو قياس راجح {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} النور2، الزانية هذا من حيث اللفظ يشمل الحرة والأمة لكن جاء النص بالتخصيص لقوله تعالى {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النساء25، إذاً اُستُثني الأمة صار مُخصصا لقوله {الزَّانِيَةُ} صار الزانية خاصة بالحرة، الزاني هذا يشمل العبد ويشمل الحر إذاً ظاهر في العبد أم لا؟ ظاهر في العبد إذا لم يُرد العبد به صار مرجوحاً جاء قياس راجح رجح أن اللفظ هنا الزاني ليس مراداً به العبد بدليل ماذا؟ بدلي قياس العبد على الأمة بجماع الرق فحينئذ يُنَصف العذاب على العبد قياساً على الأمة بجمع الرق فيأتي النص هنا (الزاني) نقول هذا مخصوص فنجعل دلالة اللفظ على العبد الراجحة نجعلها مرجوحة لماذا؟ بالقياس الآخر، فإن عَضَدَ الغير أي المعنى المرجوح دليل يغلّبه يجعله أغلب في الظن لقرينة أو ظاهر آخر أو قياس راجح سُمَّيَ تأويلاً يعني سُمَّيَ اللفظ الذي دل على المعنى المرجوح بهذه القرينة والدليل المنفصل سُمَّيَ تأويلاً.
والتأويل في الأصل في إطلاق اللغة أنه التفسير ويُطلق عند المتأخرين على صرف المعنى عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح بدليل وقلنا قسمان قد يكون حقا وقد يكون باطلاً إن كان بالنص فلا إشكال إن كان بدون ذلك فهو باطل لأنهم يسمون تحريف آيات الصفات يسمونها تأويلاً نقول صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح (الرحمن على العرش استوى) قالوا استوى بمعنى ماذا؟ استوى قالوا لا يُفهم منه إلا الجلوس الذي يعهده الإنسان لنفسه حينئذ قالوا لا هذا لا يجوز تعالى الله عن ذلك إذاً لابد من صرفه عن المعنى الظاهر المتبادر من النص إلى المعنى المرجوح وهو الاستيلاء إذاً الاستيلاء صار نتيجة والأول صار فهماً ولذلك نقول في مسألة المجاز الفهم خطأ من أصله لماذا بل يداه مبسوطتان قالوا يداه قالوا لا نفهم منه إلا هذه اليد نقول فهمكم هذا خطأ من أصله تصور فاسد فساد في التصور فلما فهموا هذا الفهم قالوا إذاً نبحث عن تخريج لهذه الآية فقالوا المجاز إذاً المجاز جاء ثانياً لم يأت أولاً الأول عندهم دلالة أو ظاهر دلالة الآيات آيات الصفات هو التشبيه بالمخلوق فقالوا ظاهر دلالة الآيات هو التشبيه لا يُفهَم منها إلا الأمر المعهود نقول هذا التشبيه الذي وقع في الذهن هذا فاسد.
وقد يكون في الظاهر قرائن يدفع الاحتمال مجموعها دون آحادها قد يكون في الظاهر قرائن عدة قرائن إذا جُمعت هذه القرائن بمجموعها يكون المراد المعنى المرجوح لا المعنى الراجح وقد يكون في الظاهر قرائن يدفع لاحتمال مجموعها دون آحادها مجموعها هذا فاعل دون النظر إلى آحادها وهذا يكون رداً غالباً في ما يتعلق به بعض الأحناف، أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها أيما امرأة الأحناف ماذا قالوا هنا؟ المراد بالمرأة الصغيرة أو الأمة أو المكاتبة ولا يُحمَل على المرأة العاقلة البالغة الراشدة بل لها أن تُزوج نفسها نقول في الحديث هنا قرائن بمجموعها تؤيد أن المراد به هو المعنى الراجح ويصير ما ذهب إليه الأحناف معنى مرجوحاً ماذا قال الأحناف؟ حمله الحنفية على الصغيرة نقول كيف صغيرة النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة إذاً نرده بماذا؟ قول امرأة هذا قرينة في اللفظ هذا يدل على أنه لا يُحمَل على الصغيرة فليست الصغيرة بامرأة قالوا نحملها على الأمة لأنها يمكن أن تُطلق المرأة الكبيرة وهي أمة سواء كانت حرة أو أمة لأنها مملوكة فحملوها على الأمة فقيل لهم فلها المهر والأمة لها أو لسيدها؟ لسيدها فحينئذ كيف يقال أنه يُحمل على الأمة إذاً بمجموع امرأة وبغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر ثبوت المهر لها يدفع أن يكون المراد بالحديث لا الصغيرة ولا الأمة لأن الصغيرة لا يطلق عليها امرأة والأمة لا يكون لها المهر بل لسيدها فحينئذ نقول بمجموع هذه القرائن على قوله أيما هذا نص عام وإذا كان النص عاماً عندنا وإن كان الصحيح دخول النادرة اللفظ النادر الصحيح أن العام يشمله لكن لا يُجعَل هو الظاهر وهو المتبادر فإذا قيل أيما امرأة أي هذه صيغة عموم تشمل النادر وغير النادر على الصواب حمله على النادر نقول هذا حمله على خلاف الأصل تخصيص اللفظ العام باللفظ النادر أو غير الشائع نقول هذا تخصيص له وتحكم بلا مُخصص حينئذ يكون اللفظ عاماً، قد يكون في الظاهر قرائن يدفع مجموعها الاحتمال دون أحدها إذاً يُحمَل اللفظ امرأة هنا على الظاهر وهو المرأة الكبيرة البالغة الراشد ولا يُحمَل على المعنى المرجوح وهو كونها أمة أو كونها صغيرة أو كونها مكاتبة، ثم قال والاحتمال قد يبعد فيحتاج إلى دليل في غاية القوة لدفعه وقد يقرب فيكفي أدنى دليل، وقد يتوسط فيجب المتوسط يعين الاحتمالات هذه تختلف قرباً وبعداً إذا كان الاحتمال بعيداً جداً حينئذ يحتاج إلى دليل قوي لأن ظاهر اللفظ معنى راجح وله معنى مرجوح ولكنه بعيد حينئذ لابد من دليل قوي يقربه إلى أن يكون هو المراد بهذا اللفظ الظاهر مثل ما ذكره الأحنف أما امرأة نقول لابد من دليل قوي يجعل هذا الظاهر مراداً به الصغيرة أو المكاتبة أو الأمة ولا يُحمل على هذا النار غلا بقرينة أو دليل قوي جداً ثم قد يقرب هذا الاحتمال فيكفي أدنى دليل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} قمتم ما المراد؟ يعني إذا قمت وكبرت ابدأ توضأ أليس كذلك هذا ظاهر اللفظ نعم هذا ظاهر اللفظ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} المائدة6، يعني إذا بدأت بالصلاة فتلبس بالضوء نقول لا {إِذَا قُمْتُمْ} أي إذا أردتم بأدنى دليل نصرف الظاهر لأن الأصل في القيام هنا ليس المراد به الإرادة وإنما المراد به القيام نفسه فحينئذ نصرفه من الظاهر إلى المعنى المرجوح بدليل ويكفي أدنى دليل ولا يحتاج إلى عدة أدلة وأن يكون المعنى منصوص في نصوص أخرى وقد يتوسط فيجب المتوسط يتوسط مثل قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} المراد بهذا التركيب الذي ذكره المصنف أن الاحتمالات قرباً وبعداً قوة وضعفاً القوي الاحتمال في البعد لابد من دليل قوي ليُحمَل اللفظ الظاهر عليه والمتوسط تحتاج إلى دليل متوسط والقليل جداً يحتاج إلى أدنى دليل ثم شرع في بيان المجمل ويأتي معنا إن شاء الله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. ما معنى قوله معتمد على مقاطع؟ مقاطع مخارج الحروف أقصى الحلق والأضراس واللسان وطرف اللسان.