المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * المجمل والمبين ، المشترك * العام وألفاظه.   الدرس الثالث عشر   الحمد - شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول - جـ ١٣

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * المجمل والمبين ، المشترك * العام وألفاظه.   الدرس الثالث عشر   الحمد

‌عناصر الدرس

* المجمل والمبين ، المشترك

* العام وألفاظه.

الدرس الثالث عشر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، ذكرنا أن المصنف - رحمه الله تعالى - شرع في بيان الألفاظ وذكر النص والظاهر ووقفنا على المجمل وقال - رحمه الله تعالى - فإن دل أي اللفظ فإن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه وتساوت ولا قرينة فمجمل أي فهو مجمل مجمل هذا اسم مفعول من أُجمل يُجمل فهو مُجمَل والمجمل في اللغة هو المجموع من أجملت الحساب إذا جمعته ويُطلق أيضاً في اللغة على الخلط والإبهام لذلك يقال له معاني المجموع والخلط والمُبهَم والمُحل أما في الاصطلاح فحده المصنف هنا يقوله فإن دل وهذا عطف على قوله فإن دل على معنى واحد لا يحتمل غيره حينئذ هو النص يعني اللفظ كما سبق قد يدل على معنى واحد لا يحتمل غيره قلنا هذا هو حد النص ما دل على معنى واحد لا يحتمل غيره نص إذا أفاد ما لا يحتمل غيره وظاهر إن الغير احتمل إذا دل على معنيين هو في أحدهما أظهر من الآخر حينئذ نقول هذا الظاهر ماذا بقي؟ بقي أن يدل على معنيين فأكثر دون ترجيح لأحدهما على الآخر دون أن يكون اللفظ ظاهراً في واحد دون الآخر إذاً النص لا يمكن أن يدخل في المجمل لماذا؟ لأن المجمل احتل معنيين فأكثر والنص مختص بمعنى للدلال على واحد النص أن يدل على واحد (تلك عشرة كاملة) لا يحتمل إلا العشرة فحينئذ إذا دل على معنى واحد لا يمكن أن يتبادر إنه مجمل أو ظاهر فإذا دل على معنيين ننظر في هذين المعنيين إن كان اللفظ دالاً على معنيين إلا أنه دون قرينة خارجة إلا أنه في أحدهما أظهر من الآخر بذات اللفظ نقول هذا هو الظاهر فإن لم يدل على أن أحدهما أظهر من الآخر لم يترجح أحد المعنيين نقول هذا هو المشهور إذاً تساوى المعنيان ولا قرينة يعني خارجة على ما ذكره المصنف، فإن دل يعني اللفظ فإن دل أي اللفظ على أحد المعنيين على أحد معنيين هذه العبارة مشكلة أحد معنيين كم نقل على أحد معنيين هذا فيه إشكال لعل أحد هذه زائدة، فإن دل على معنيين أو أكثر لا بعينه هذا يعود على قوله أحد حينئذ كيف يُقال إن المجمل دل على معنيين والمعنيان متساويان هذا فيه إشكال إن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه كيف دل على أحد معنيين لا بعينه ثم نقول هو مجمل إن دل بمعنى أن الدلالة قد حصلت بالفعل لا يقال في اللفظ دل على معنى إلا والدلالة قد حصلت بالفعل بحيث إنه إذا أُطلق اللفظ فًهم المعنى حينئذ إذا قيل الظاهر دل على أحد المعنيين الأرجح فإذا أُطلق الأسد انصرف إلى الحيوان المفترس رأيت أسداً حينئذ الأسد هذا له معنيان أحدهما أرجح وهو الحيوان المفترس والثاني مرجوح وهو الرجل الشجاع فإذا أُطلق قيل رأيت أسداً حُمل على الحيوان المفترس على أحد المعنيين إذاً له معنيان فنقول لفظ أسد دل بلفظه دل دون قرينة خارجة دل على أحد المعنيين وهو كونه حيوان مفترساً لأن هذا شأن الظاهر لكن القول بأن المجمل دل على أحد المعنيين لا بعينه هذا فيه نوع إشكال لذلك عبارة صاحب المختصر التحرير أنه ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء هذه عبارة أضبط ما تردد بين محتملين فأكثر إذاً تردد بين محتملين لو قيل دل على أحد

ص: 1

المحتملين صار نصاً وحينئذ لو قال دل على أحد المحتملين لا بعينه كيف هذا كيف دل على واحد إلا بعينه هذا فيه إشكال فيه إشكال من حيث هو إجمال قد يقال إنه دل بشيء آخر {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، قد يقول قائل الظاهر هو كما قال المصنف ثلاثة قروء قرء يدل على ماذا يفهم منه؟ الطهر والحيض هل هو أحدهما أظهر من الآخر الجواب لا لكن إذا عُين في الآية أنه طهر أو أنه الحيض حينئذ تعين دل على أحد اللفظين نقول لا إذا وُجدت القرينة وتعين أحد اللفظين زال الإجمال والحد هنا المُجمل قبل التبين قبل التبيين أما إذا وقع البيان ارتفع الإجمال حينئذ كيف نعرف المجمل بعد رفع الإجمال لا يتحدد ويتعين أحد المعنيين إلا إذا جاءت قرينة خارجة فإذا جاءت قرينة حاجة خرج عن حد المجمل ونحن نريد أن نُبين ونُحد المجمل قبل ورود البين حينئذ نقول ما تردد بين المحتلمين فأكثر على السواء ما لفظ أو فعل تردد بين محتملين أخرج النص لأن النص ليس له إلا محتمل واحد جاء زيد زيد هذا لا يحتمل إلا الذات المشخصة الواحدة فأكثر على السواء محتملين فأكثر لأن المجمل قد يكون دالا على معنيين فقط وقد يكون دالا على أكثر من معنيين على السواء المقصود به تساوي المعنيين أخرج الظاهر لأن الظاهر يدل على معنيين إلا أنه في أحدهما أرجح من الآخر والمجمل يدل على معنيين أو أكثر إلا أنه أحدهما ليس أظهر من الآخر فقوله على السواء يعني مستويين حينئذ أخرج الظاهر وإن دل على معنيين إلا أنه في أحدهما أظهر كذلك دلالة اللفظ على الحقيقة والمجاز كأسد أسد هذا يُستعمَل في الحقيقة والمجاز هل يدل على الحيوان المفترس والرجل الشجاع والمعنيان متساويان نقول لا بل هو في أحدهما أظهر من الآخر وهو دلالته على الحيوان المفترس أظهر من دلالته على الرجل الشجاع إذاً نقول في تحديد أو بيان المجمل بأنه ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء ما هذا تسمى أصول يصدق على القول والفعل لأن الفعل قد يكون فيه إجمال كذلك القول قد يكون فيه إجمال وتردد بين محتملين أخرج النص فإنه يُعين أحد المعنيين نص إذا أراد ما لا يحتمل

،

ص: 2

إذاً ما تردد بين مُحتملين فأكثر على السواء خرج بمحتملين النص وعلى السواء أخرج الظاهر والحقيقة التي لها مجاز، أما قوله المصنف هنا إذا عرفنا معنى المجمل على ما ذكره صاحب المختصر فإن دل على أحد معنيين على أحد معنيين هنا لم يدل على معنيين بل عين أحد المعنيين وهذا قبل الإجمال أم بعد الإجمال؟ التعيين يكون بعد ورود المُبيّن فإن دل على أحد المعنيين لذلك نعضهم يقول لا يمكن تصور الإجمال إلا في لفظ له معنيين وهذا حق لا يُتصَوّر الإجمال إلا في لفظ له معنيان فأكثر على السواء وأما كونه دالاً على واحد بعد رفع الإجمال فهذا خرج عن حيز الإجمال ما هذا الذي يظهر والعلم عند الله، فإن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه على ما ذكره المصنف هنا لا بعينه أراد له الاحتراز عن الظاهر وتساوت أي المعاني وتساوت تلك المعاني ولا مزية لأحدهما على الآخر ولا قرينة يعني قبل رفع الإجمال يُحكم على اللفظ بأنه مُجمل قبل ورود البيان أما بعده حينئذ نقول ارتفع الإجمال ولذلك حكم المجمل وجوب التوقف فيه حتى يرد دليل خارجي هذا حكمه إذا عرفنا النص نقول واجب العمل به الظاهر واجب العمل بما دل عليه وهو المعنى الراجح والمجمل عدل على معنيين أو أكثر على السواء ولا قرينة نقول يجب التوقف حتى يرد الدليل الخارجي المُبين والمُميز لأحد المعنيين على الآخر، وقد حدّه قوم بما لا يُفهم منه معنى عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ هكذا لا يُفهَم منه معنى وهذا فيه إشكال لأن الذي لا يُفهم منه معنى هو المُهمَل وليس الموضوع والمجمل قسم من أقسام الموضوع والموضوع له معنى حينئذ قولهم بما لا يُفهَم منه معنى عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ دون تركيب لا يُفهَم منه معنى معين أو لا يفهم منه معنى على الإطلاق نقول لا وجود له في اللفظ المستعمل بل هذا قسم أو نوع من أنواع المهمل والمهمل الذي لم تضعه العرب لأن اللفظ نوعان مهمل وموضوع المهمل الذي لم تضعه العرب وهو الذي لا معنى له كرفعج مقلوب جعفر وديز مقلوب زبد أما الذي وضعه العرب فلابد أن يكون له معنى، وقد حَدَّه قوم بما لا يُفهم منه معنى ولكننا نقول المجمل يفيد معنى لكنه غير مُعيّن ولذلك بعضهم قال لو قيد هنا لا يفهم منه معنى معين لصح الحد لو قال لا بما لا يفهم معين عند الإطلاق صح الحد وهذا يرد أيضاً ما ذكرته سابق فإن دل على أحد معنيين نقول المجمل لا يفهم منه أحد المعنيين، فيكون في المشترك إذاً عرّف لك المجمل بأنه ما دل على معنيين فأكثر على السواء ولا قرينة مثاله قوله جل وعلا {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، {ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ} هذا جمع قَرء أو قُرء بالفتح والضم بالوجهان والقرء يُطلق في اللغة على الطهر والحيض على السواء حينئذ إذا أطلق ثلاثة قروء يُحمَل على المعنيين وهما متضادان إذاً لابد من مُرجح خارجي فحينئذ نقول ثلاثة قروء هذا اللفظ في هذا التركيب مجمل يجب التوقف فيه ولا يُعمَل به حتى يرد دليل يبين لنا ما المرد هل المراد به الحِيَض أم الأطهار حينئذ يلتمس بدليل خارج عن الآية، قال فيكون في المشترك يعني أين يقع أين يكون؟ المجمل يكون في الفعل ويكون في

ص: 3

الاسم ويكون في الحرف يعني الإجمال والإبهام وعدم التعيين يدخل ألأسماء ويدخل الأفعال ويدخل الحروف فيكون يعني يوجد في المشترك وهو نوع من أنواع الأسماء المشترك في المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه لابد من القيد لأن المشترك له معنيان فأكثر قد تكون هذه المعاني متضادة يتعذر حمله على معنييه معاً كالأقراء لا يمكن حمل اللفظ على معنيين لأن كل منهما مضاد للآخر حينئذ لابد من تعيين لابد من دليل خارجي وإن دل على مختلفين فأكثر لا متضادين فحينئذ الأصح في باب العموم إذا عُلق حكم على مشترك مختلف المعاني ولا مُرجح خارجي يُحمَل على جميع المعاني فإذا قال عندي عين فنقول عين هذا مفرد مشترك يدل على العين الجارية عين الباصرة والجاسوس إلى آخره له عماني متعددة نقول هل بين هذه المعاين تنافي ليس بينها تنافي إذا لم يكن ثم تنافي بينها حينئذ يصح حمل المشترك على جميع معانيه وهذا الأصح عند الشافعي - رحمه الله تعالى – وهو المرجح، جعله هنا مشترك ولكنه من قسيم المجمل نوع من أنواع المجمل لكن نقول لابد من تقييده عند من عند من لا يحمل المشترك على معانيه المختلفة عند الاختلاف أما من قال أنه يُمنع حمل المشترك على معانيه ولو كانت غير متضادة حينئذ يجعله من قبيل المجمل فلو قيل عندي عين عين هذا يحتمل معاني مختلفة غير متضادة هل هذا من قبيل الإجمال أو من قبيل العام الذي يُحمَل على جميع أفراده؟ هذا فيه نزاع المصنف جعله هنا من قبيل الإجمال والأصح أنه إذا لم يكن تنافي بين معانيه المختلفة فحينئذ يُحمَل على كل المعاني، فيكون في المشترك المفرد اللفظ المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه قيده عند القائلين بامتناع تعميمه أما من جوّز تعميمه على أفراده المختلفة فحينئذ المشترك ليس من قبيل المجمل وهو ما توحد لفظه وتعددت معانيه بأصل الوضع وهو – أي المشترك – ما توحد لفظه يعني اتحد لفظه كعين وتعددت معانيه لفظ عين هذا اتحد اللفظ ويطلق ويراد به العين الباصرة والجارية والذهب والفضة هذه معاني مختلفة كل معنى وُضع له لفظ خاص ولكن هذا اللفظ الخاص هو عين اللفظ الآخر فوُضع لفظ عين على الباصرة فالباصرة عين ووضع لفظ عين على الجاسوس فالجاسوس معنى العين ووضع لفظ عين على الذهب فحينئذ الذهب نقول هذا له وضع خاص وهو عين إذاً اللفظ واحد عين وعين وعين ولكن المعاني متعددة هل الوضع متحد أو متعدد؟ نقول متعدد الصحيح أنه متعدد فإذا وضع لفظ عين للذهب وضع مرة أخرى لفظ عين للفضة ثم وضع مرة ثالثة لفظ عين على الجاسوس وهلم جرة فنقول اتحد اللفظ لأنه مُؤلَف من عين وياء ونون مسمياتها والمعاني المختلفة والوضع متعدد وهذا الفرق بين المشترك المعنوي والمشترك اللفظي لأن المشترك اللفظي اللفظ متحد والمعنى في المشترك المعنوي متحد والوضع متحد ما اتحد لفظه ومعناه ووضعه نقول هذا المشترك مشترك معنوي كالإنسان الإنسان معناه ما هو حيوان ناطق نقول حيوان ناطق هذا مشترك اشتراكا معنوياً فدل لفظ إنسان على حيوان ناطق فيولد في زيد وعمرو وخالد إلى آخره اللفظ واحد وهو إنسان فنقول زيد إنسان وعمرو إنسان وخالد إنسان اللفظ واحد ثم نقول العين الجارية عين والبحر عين والفضة عين

ص: 4

إذاً اللفظ واحد متحد والمعنى واحد وهو كونه حيوان ناطق والوضع واحد يعني وُضع لفظ إنسان مرة واحدة إذاً نقول الفرق بين المشترك المعنوي والمشترك اللفظي أن المشترك المعنوي اتحد لفظه ومعناه ووضعه كلها متحدة والمشترك اللفظي ما اتحد لفظه وتعدد معناه ووضعه.

إذاً كل لفظ مشترك كالقرء وُضع مرة دالاً على الطهر ووضع مرة دالاً على الحيض فحينئذ إذا أُطلق لفظ قرء نقول هذا مشترك لماذا هو مشترك؟ لأن اللفظ واحد مسماه الطهر مرة ومسماه الحيض مرة أخرى واللفظ واحد والمعنى متعدد الذي هو الحض والطهر هو الوضع واحد وُضع مرة واحدة دفعة واحدة للمعنيين؟ نقول لا لكل معنى وُضع له وضع خاص هذا هو المشترك لكن قال بأصل الوضع هنا قال ما توحد لفظه يعني اتحد لفظه كعين وتعددت معانيه بأصل الوضع ما المراد بأصل الوضع أراد به أن التعدد مع اتحاد اللفظ قد يكون بالنقل كالأعلام وقد يكون بالمجاز كالحقيقة مع المجاز حينئذ نقول الأسد له معنيان الحيوان المفترس والرجل الشجاع تعددت معانيه أو لا تعددت معانيه لكن بأصل الوضع لا وإنما وُضع أصلاً دالاً على الحيوان المفترس ثم أُستُعمل ثانياً في الرجل الشجاع إذاً التعدد هنا ليس بأصل الوضع ليس بأصل الوضع كذلك الأعلام المختلفة الأعلام أو الأسماء المنقولة فضل فضل هذا مصدر وُضع للدلالة على الزيادة في أصل سُمي رجل بفضل علم صار اتحد لفظه أو لا تعددت معانيه أو لا؟ تعددت معانيه تعدد الوضع؟ لا هذا منقول فحينئذ الأسماء المنقولة تشترك مع المشترك في قدر مشترك وهو اتحاد اللفظ وتعدد المعنى فالرجل الذي يُسمى بفضل لو سميت رجلاً بفضل نقول وُجد فيه قيدان من المشترك وهو اتحاد اللفظ نقول هذا فضل الله هذا له معنى خاص وتقول جاء فضل اسمه الفضل اسم جاء فضل هذا اسم إذاً اتحد اللفظ وتعدد المعنى فضل الله ليس هو عين ذات المشخصة شيء آخر فحينئذ تعدد المعنى لكن نقول ليس بأصل الوضع وإنما بالنقل الشرط في الاشتراك أن يكون اللفظ متحداً والمعنى متعدداً والوضع متعدد لابد من هذا فقوله بأصل الوضع يعني لا بنقل ولا بمجاز فأخرج الأسماء المنقولة والمجاز.

ص: 5

كالعين والقرء مثّل بمثالين هل نستطيع أن نأخذ فائدة من المثالين لم كرر؟ النحاة الأصل عندهم قاعدة أنه لا نكرر المثال إلا لفائدة زائدة ليست موجودة في الأولى وهنا هل يمكن أن نأخذ فائدة؟ إذاً قوله وتعددت معانيه هذا نوعان تعددت معانيه مع التضاد وتعددت معانيه مع الاختلاف التضاد يعني لا يمكن الجمع بينهما حينئذ لو قيل النص ثلاثة قروء لا يمكن أن يُجمع يكون الحكم مرتباً على القروء وهي كما هي المراد به الطهر والحيض وهما ضدان إذا كان المرأة طاهر فهي غير حائض وإذا كانت حائض فهي غير طاهر متلازمان لا يمكن أن يجتمعا مرة واحدة لكن لو قال عندي عين يمكن أن يكون عنده عين الباصرة وعنده الذهب وعنده فضة إلى آخره يمكن تجتمع كلها ليست متضادة إذا قال عندي عين لا يمكن قول يفهم منه عين باصرة إذاً ليس عنده ذهب ولا عنده شيء آخر – لا – إذاً المتعدد ن المعنى المشترك قد تكون المعاني متضادة وقد تكون المعاني مختلفة لا متضادة ولكن الأصح هناك إذا عُلق الحكم على مشترك وله معنيان مختلفان غير متضادين أو غير متضادين حُمل الحكم على أفرداه هذا هو الأصح وهذا هو دليل الجمهور في تعميم فضل الصلاة في الحرم كله قالوا عُلق الحكم على المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والمسجد الحرام أُستعمل في لغة الشرع في القرآن والسنة مراداً به الحرم كله {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} الإسراء1، ويُطلق ويُراد به بيت الكعبة ما يُسمى بمسجد الكعبة الذي هو مجاور له فحينئذ إذا عُلق حكم على المسجد الحرام نقول حمله على الحرم كله وحمله على المجاور للكعبة نقول هذان معنيان مختلفان يتضادان فحينئذ الأصح أن يُحمَل على المعنيين فيُقال الصلاة في الحرم المكي بمعنى الحرام كله بمائة ألف صلاة لماذا؟ لأن الحكم المُعلق على لفظ مشترك يُحمَل على كل المعاني وهذا مذهب الشافعي والأكثر فإذا قيل جاء في حديث جابر إلا مسجد الكعبة فما الجواب؟ إلا مسجد الكعبة نقول إن الكعبة في الشرع اسم من أسماء مكة {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ} المائدة97، {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} المائدة95، أُطلقت الكعبة مراداً بها الحرم حينئذ قال إلا مسجد الكعبة يعني إلا مسجد مكة فحينئذ صار نكرة مضاف إلى معرفة فيعم وصار هذا دليل آخر من جهة أخرى إذاً المشترط أن نقول الأصح إذا عُلق الحكم على لفظ مشترك وكان له معاني متعددة وغير متنافية الأصح أنه يُحمل على جميع المعاين كالعين هذا له معاني متعددة ولكنها مختلفة لا متضادة والقرء بالفتح والضم أيضاً له معنيان وهما متضادان والمختار إذاً وقع الإجمال في اللفظ المشترك، والمختار أراد به تصريف اللفظ المختار الألف هذه منقلبة عن ياء فإذا كانت منقلبة عن ياء حينئذ لابد أن تكون مُحركة لأن الألف إذا كانت منقلبة عن ساء شرط القلب ماذا تحركها حينئذ تحركها إما بفتح أو كسر فإذا فُتحت تغير المعنى وصار مختير اسم مفعول وإن كُسرت تغير المعنى مختير الذي هو اسم الفاعل فحينئذ صار إبهام صار إجمال صار عدم تعيين فدل لفظ المختار على معنيين تردد بين معنيين

ص: 6

محتملين هل المراد به اسم الفعل أو المراد به اسم المفعول إذاً القرء والعين من حيث الدلالة الاشتراك وقع في دلالة اللفظ والإجمال من جهة الاشتراك وأما في المختار فهو من جهة التصريف اللفظي لذلك قال والمختار للفاعل والمفعول للفاعل يعني لاسم الفاعل وللمفعول يعني لاسم المفعول فإذا قيل زيد مختار صار فيه إجماع لا تدري زيد اختير من غيره أو هو مختار أليس كذلك هل هو الذي اختار أو الذي اختبر زيد مختار هو الذي اختار أو هو الي اختير يحتمل المعنى لماذا؟ لأن المختار الألف هذه منقلبة عن ياء متحركة أما بفتحة أو كسرة ما الذي يُعين لابد من قرينة خارجة لذلك لو قيل زيد مختار من كذا اسم مفعول زيد مختار لكذا صار اسم فاعل إذاً لابد من قرينة هل التي تعين المراد، {وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} البقرة282، {وَلَا يُضَآرَّ} الياء مضمومة يُضار فحينئذ يُضار هل هو مبني للفاعل أو مبني للفاعل هل هو يُضارِر أو يُضارَر بفتح الراء الأولى أم بسكرها؟ إن كانت بفتح الياء الأولى حينئذ {وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٌ} صار الكاتب نائب فاعل وإن كان يُضارِر صار الكاتب فاعل فيختلف المعنى لكن المُرَجّح أنه اسم فاعل لماذا؟ لأنه قال {وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} وهذا خطاب للشهداء فهو أولى أن يُجعَل اسم فاعل، إذاً كما وقع الإجمال في الاسم المشترك ومن جهة التصريف في الأسماء المختار كذلك يقع في الحرف ومثاله الواو الواو تأتي للعطف وتأتي للابتداء وذد يحتمل اللفظ الواحد التركيب للابتداء وأن تكون للعطف حينئذ يقع الإجمال {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَاّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} آل عمران7، الواو هذه فيها إجمال هل هي للابتداء حينئذ تكون الجملة مستأنفة ويكون الراسخون في العلم يعلمون المتشابه وإنما استأثر الله به أو تكون بالعطف فحينئذ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَاّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ} على حسب ما علم الرب جل وعلا فالمعنى يختلف فحينئذ نقول وقع الإجمال في حرف، كذلك قوله {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} المائدة6، من هل هي للابتداء أو للتبعيض؟ يختلف الحكم فيها إجمال إذا كانت للابتداء معناه ابتداء المسح من الصعيد الطيب ولا يشترط فيه أن يعلق باليد تراب وإذا كانت للتبعيض حينئذ لابد أن يعلق باليد تراب يختلف المعنى، والواو للعطف والابتداء وأما الفعل كقوله تعالى {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} التكوير17، عسعس هذا فعل يُطلق بمعنى أقبل وأدبر والإقبال والإدبار متضادان، ثم قال ومنه إذاً بيّن لك حقيقة المُجمل وبيّن لك أنه يقع في الاسم وفي الحرف وكذلك الفعل وحكمه كان ينبغي أن يُذكر التوقف وجوب التوقف حتى يردي دليل يُبين المراد، ذم ذكر بعض ما وقع فيه نزاع هل هو من قبيل المجمل أم لا والأصح أنه ليس من قبيل المجمل لأن المجمل إذا صار من الاستنباطات والمعاني والفنون تختلف حينئذ تختلف أحكام المجتهدين هل هذا مجمل أم لا بضعهم يرى أنه مجمل وبعضهم يرى أنه غير مجمل من ذلك مم اختُلف فيه والأصح أنه غير مُجمَل عند القاضي وبعض المتكلمين (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و

ص: 7

(حُرِّمت عليكم أمهاتكم) هذا سبق الإشارة إليه أن الحكم الشرعي متعلقه فعل المكلف الذي هو صفة المكلف هو الذي يتعلق به التحريم والإيجاب والندب والكراهة والإباحة لكن الذوات عين الشيء لا يتعلق بها تحريم فهذه مثلا الخشب لا يتعلق بها تحريم وإنما يتعلق التحريم بفعل المكلف في صنعه لهذه ما الذي أراد به أراد به خيراً أم معصية حينئذ يتعلق به فعل المكلف أما عين والذات هذه الأصل أنه لا يتعلق بها التحريم، (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) الميتة حرام قالوا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) هذا فيه إجمال هل حُرم علينا بيعها لمسها النظر إليها الأكل منها محتمل هذا محتمل هذا أو ذاك أو ذاك وكلها أحكام وهي متساوية فوقع الإجمال (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) هل الحرام الوطء أو اللمس أو النظر كل هذه احتمالات وكلها متساوية وإنما يُقدّر هنا فعل (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) أكلها هذا فعل من أوصفا المكلفين أو لمسها أو النظر إليها أو بيعها إذاً لابد أن يتعلق الحكم (حُرمت) بفعل للمكلف يتعلق بالميتة كذلك (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) لابد أن يُعلَق الحكم (حُرمت) بصفة المكلف باعتبار الأمهات النظر إليها حرام أو لمسها أو تقبيلها أو وطؤها كلها أحكام متساوية ولا مُرجح أحدهم على الآخر فوقع الإجمال هكذا قال القاضي وبعض المتكلمين ومنه عند القاضي وبعض المتكلمين (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) لتردده تردد وقع التردد كما قال هناك الفتوحي ما تردد بين محتملين وهنا تردد بين محتلمين فأكثر على السواء ولا مُرجح، لتردده في الميتة بين ألكل والبيع الأكل والبيع يتعلق بالميتة واللمس والنظر هذا في شأن الأمهات لكن أيضاً بقي الوطء والجواب أنه لا نسلم أنه من المجمل لا يُسلَم قوله جل وعلا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) أنه من المجمل ولا نسلم أيضاً بأنه لا مُرجح لو وجد الاحتمال نعم لكن نقول ثم مرجح ومخصص وهو العرف على ما ذكره المصنف ولا نسلم أيضاً أنه لا مرجح بل المرجح موجود وهو العرف فإن القاعدة العامة في الشرع أن الحكم المضاف إلى العين إلى الذات التي هي ليست بفعل المكلف ينصرف لغة وعرفاً إلى ما أُعدت له هذه العين وما كان اللائق بها فحينئذ إذا حُرمت الميتة ومعلوم أنها مُحرمة لنجاستها ما الذي حُرم شمها نقول لا بل أكلها.

ص: 8

قال هنا ورده يعني رد كلام القاضي بأن نقول هو مُخصص أي ما أُضيف التحريم إلى الذات إلى العين مُخصص بالعرف في الأكل في شأن الميتة والوطء في شأن الأم فليس منه إذا كان المخصص حينئذ لا إجمال ومتى يكون الإجمال إذا وقع تردد بين المحتملين مع السواء ولا مرجح وهنا نقول أول ما تقرأ الآية (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) هو أكلها فحينئذ هذا التخصيص جاء من جهة العرف واللغة وهذا المقصود بالنظر للآية ذاتها ليس بمجموع الأدلة يعني (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) دون أن تقرأ بقية الآيات أو بقية النصوص من السنة وإنما يُنظَر للنص نفيه هل هذا جمل أم لا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) هل هذا النص مجمل أو لا؟ نقول ليس بمجمل لأن الشرع خاطب المكلفين وخاطبهم بماذا بأعرافهم بما يعرفون هم فحينئذ صار العرف مخصصاً فمنذ أن سمعوا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) لا ينصرف الذهن إلى إلا تحريم الأكل و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) لا ينصرف الذهن إلا إلى تحريم الوطء فليس منه يعني من المجمل، وعند الحنفية عند الأحناف منه أي من المجمل قوله صلى الله عليه وسلم ((لا صلاة إلا بطهور)) ((ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)) ((ولا وضوء إلا بسم الله الرحمن الرحيم)) كل نص ورد فيه تسليط النفي على حقيقة شرعية فهو مجمل عند الأحناف لماذا ما وجه الإجمال؟ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ((لا صلاة إلا بطهور)) لأن لا صلاة إما أن يُحمل على الصلاة الحقيقة أو على حكمها هكذا قال الأحناف إما أن يُحمل على الصلاة الحقيقة بمعنى وجودها الفعل لا الوجود الشرعي فحينئذ قالوا الأول لا يمكن أن يُحمل عليه لجواز وجود صلاة من مُحدِث فإذن وقعت الصلاة من المُحدِث قالوا وُجدت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ((لا صلاة إلا بطهور)) إذاً لا يمكن أن نحمل النص هنا على الصلاة الموجودة بالفعل ولا تُقيد بالشرع ليست الصلاة الشرعية وإنما الصلاة من حيث هي الصلاة أو إلى حكمها حكم الصلاة وحينئذ يقع الإجمال وهو أن حكم الصلاة هنا إما الصحة وإما الإجزاء وإما الكمال وإلا القبول ((لا صلاة إلا بطهور)) لا صلاة مُجزأة لا صلاة مقبولة لا صلاة كاملة لا صلاة صحيحة هذه أربع احتمالات على السواء وليس حكم أولى من حكم فوقع الإجمال عرفتم وجه الأحناف؟ يقولون ((لا صلاة إلا بطهور)) هذا مجمل لماذا؟ قالوا لأنه يحتمل أحد أمرين النص هذا ومثله كل نص سُلط فيه النفي على حقيقة شرعية لا صلاة لا إيمان لا وضوء إلى آخره كل نفي سُلط على حقيقة شرعية قالوا يحتمل أحد أمرين إما الوجود لذلك المنفي وهذا متعدى باطل لماذا؟ لأنه يوجد صلاة للمُحدث ووجدت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم نفى الصلاة فكيف وُجدت لا يمكن أن ينفي النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ثم يُوجد وقد وُجدت الصلاة صلاة المُحدث إذاً هذا باطل ذهبوا إلى الأمر الثاني وهو الحكم حكم الصلاة قالوا الحكم هذا يحتمل أربعة احتمالات أو ثلاثة الصحة الإجزاء القبول الكمال فحينئذ ما الذي نقدره في النص لا صلاة صحيحة بغير طهور لا صلاة مُجزأة بغير طهور لا صلاة كاملة لا صلاة مقبولة فاستوت الأحكام هل أحد هذه الأحكام أولى بالتقدير من الآخر قالوا لا استوت

ص: 9

الأحكام إذاً وقع الإجمال لذلك قال هنا ومنه وعند الحنفية منه من المجمل قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بطهور ليس النص فقط هذا بل كل نص يشابهه، والمرد على فهم الأحناف نفي حكمه نفي الحكم هذا المراد بهذا النص لماذا لا يجوز الوجه الثاني وهو نفي الفعل قالوا لامتناع نفي صورته وجود صلاة مُحدث فلما وُجدت الصلاة من المحدث امتنع نفي صورة الفعل فحينئذ لم يبقى عندنا إلا الحكم وليس حكم أولى من حكم والمراد نفي حكمه دائماً يختصرون في المقدمات والمراد نفي حكمه لامتناع نفي صورته إذاً جوّز لك هذا الحديث احتمالين نفي الصورة ونفي الحكم قال والمراد من النص نفي الحكم لا نفي الصورة التي هي الفعل فإذا كان المراد نفي الحكم والحكم يتعدد ويتنوع وليس حكم أولى من حكم فوقع الإجمال فحصل في النص تردد بين محتملين فأكثر على السواء فنطلب المرجح قال المصنف قلنا يعني رداً على هذا القول قلنا فتتعين الصورة الشرعية فتتعين الفاء هنا دال على أن المقدمة محذوفة كأنه قال قلنا ليس ذاك من المجمل فليس النص من المجمل وهذا حق لماذا؟ لأن المراد ليس حقيقة الفعل من حيثه هو بل الشرع إذا تكلم بحقيقة شرعية حُمل اللفظ على مراده هو لا على مراد غيره ولذلك سبق أن التفريق بين الحقائق اللغوية والشرعية والعرفية قائدته أن الشارع ولذلك قال ويتعين باللافظ بمعنى أن الشارع إذا نطق وتكلم بالصلاة حملنا الصلاة على مفهومه في الشرع ولا نحمله على مفهوم الصلاة في اللغة ولا في العرف حينئذ لو قال لا صلاة أي لا صلاة شرعية وحينئذ إذا نُفيت الصلاة الشرعية إما لفوات ركن أو شرط أو وجود مانع وأما الفعل نفسه فلا يُلتَفت إليه لذلك لو صلى بلا وضوء نقول صلى؟ لم يصلي إذاً كيف يُنفى هذا الفعل هي لم تقع الصلاة أصلاً فحينئذ لا صلاة المراد بالصلاة صلاة شرعية ولذلك صح النفي في المصطفى صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته ((إنك لم تصلي)) هذا النفي لأي شيء؟ للصلاة الشرعية وهو قد قام وركع وقال لا أُحسن إلا هذا يا رسول الله، المنفي ما هو؟ الصلاة الشعرية والذي وُجد ليست بصلاة شرعية، الأحناف فهموا النص بما فعله المسيء قالوا لا صلاة إذاً الصلاة الفعل الصورة نقول لا النفي المُسلط على الحقيقة الشرعية يُحمَل على صورتها الشرعية لا الفعل من حيثه هو ولو قام ركع وسجد من العشاء إلى الفجر ولم يقرأ الفاتحة نقول ليست بصلاة الشعرية لفوات ركن، لذلك قال هنا قلنا فتتعين الصورة الشرعية يعني الحديث وما شاكله ليس مجملاً فتتعين الصورة الشعرية ولا نحتاج إلى إغمار حكم لماذا؟ لأن حرف النفي إذا سُلط على حقيقة شرعية حُمل على الصورة الشرعية فحينئذ لا صلاة أي لا صلاة مُعتد بها شرعاً إلا بطهور، لا صلاة لا صيام لمن لم يُبيت الصيام لا صيام نقول لا صيام شرعياً لا يُعتد به شرعاً فوجوده وعدمه سواء وجوده وعدمه سواء ولا نلتفت إلى الوجود الفعلي الخارج عن حدود الشرع فإذا صلى صلاة وقد ترك ركناً أو فوّت شرطاً أو قام مانع فلا نسميها صلاة ((ارجع فصلي فإنك لم تصلي)) إذاً نفى واثبت مع وجود الفعل الخارجي مع وجود الفعل الخاص إذاً نقول هذا ليس من المجمل.

ص: 10

ثم قال ويقابل المجمل المبيَّن شرع في بيان المُبيَّن ما هو المبين؟ قال ويقابل المجمل المبين ما إعراب المبين؟ فاعل والمجمل؟ مفعول به المبين هذا اسم مفعول بُيِّن يُبيَن فهو مُبيَّن مُبين اسم مفعول وهو لغة الموضَح والمُظهَر والمُفَسَر المُوضَح هو المُبيَن والمُفَسر والمُظهَر فهو حينئذ يقابل المجمل حصلت المقابلة المجمل فيه إبهام مُبهَم والمُبيّن نقول هذا مُوَضَح ومُفَسَر إذاً قابله لذلك قال ويقابل المجمل المبين لأن المجمل لا يفهم منه المراد إلا بدليل خارجي واصطلاحاً المبين ما فُهم منه عند الإطلاق معنى معين بأصل الوضع أو بعد البيان ما فُهم ما لفظ فُهم أدرك الفهم إدراك معنى الكلام فُهم منه عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ معنى معين أخرج ماذا؟ المجمل لأنه يقابله بأصل الوضع أو بعد البيان قسّم لك المبين إلى قسمين مُبين ابتداءاً لم يقع فيه إشكال ثم ببُين وهذا كثير في الشرع مبين ابتداءاً بأصل الوضع كأرض وسماء هل هو مثل قرء وعين لا ليس مثله أرض وسماء واضح مبين يُفَسَر بأصل الوضع ابتداءاً ومُبيَن والنوع الثاني أشار إليه بقوله أو بعد البيان كأن يقول ثلاثة قروء ثم يأتي دليل خارجي فيُعَين المراد به الأطهار أو الحيض فحينئذ المبين نوعان مبين ابتداءاً بأصل الوضع وابتداءاً بعد البيان يعني يقع إشكال وإجمال ثم يأتي المبين هنا قال وهو المُخْرَج من حَيِّزِ الإشكال إلى الوضوح المُخْرَج من حيز الإشكال إلى الوضوح هذا إذا أردنا المعنى العام للحد نقول هذا يتعين أن يكون المراد به النوع الثاني لا الأول لأن المبين قلنا قسمان ما كان بأصل الوضع ابتداءاً وما كان بعد البيان حصل إجمال وإشكال ثم جاء المبين هذا حد الإخراج أو المُخرَج من حيز الإشكال إذاً وقع فيه إشكال وقع فيه خفاء فجاء المُبين فوضحه وكشف معناه إذاً يختص هذا الحد النوع الثاني هذا أول اعترضاً على هذا الحد أنه لا يشمل البيان ابتداءاً وإنما يختص بالمبين بعد وقوع الإشكال والبيان الأصح أنه يقع ابتداءاً ويقع بعد وقوع الإشكال، المُخْرَج من حيز الإشكال يعني من صفة وحال الإشكال والمراد به خفاء المعنى المراد من اللفظ يُطلق اللفظ مشتركاً بينما معنيين متضادين ثم يأتي دليل خارجي فنقول ثلاثة قروء المراد بها الحيض نقول قروء هذا مُبيّن لماذا لأنه كان مُشكلاً فيه نوع خفاء لا يُعرف هل المراد به الأطهار أم الحيض فجاء دليل خارجي فعلم أن المراد به الحيض مثلاً فصار ثلاثة قروء مُبيناً إذاً أُخرج من حيز الإشكال إلى الوضوح بدليل خارجي وهو المُخْرَج من حيز الإشكال حيز هذا فيه نوع إشكال لأن الحيز هو الفراغ المُتوهَّم الذي يشغله شيء أمر حسي والتبيين هذا أمر معنوي فكيف حينئذ يُقال إن المُبين هذا في حيز الإشكال كما يُقال في حيز العدم إذا كان الشيء في حيز العدم العدم هذا أمر معنوي وليس بشيء حينئذ لا يكون له حيز والحيز يختص بالمحسوسات، من حيز الإشكال نقول الحيز الأصل فيه الفرغ المُتوهَّم الذي يشغله شيء والتبيين معنوي والمعنى لا يُوصَف بالاستقرار في الحيز كما لا يُقال في حيز العدم كان الشيء في حيز العدم، وهو المُخْرَج من حيز الإشكال إلى الوضوح والمُخْرَج أو

ص: 11

المُخْرِج بالكسر هو المبين والمراد به الشارع ويطلق على الدليل الذي حصل به البيان يعني الدليل المبين والإخراج هو البيان إذاً عندنا مُبيَّن وعندنا مُبيِّن وعندنا بيان، مُبيَّن هو المُخْرَج ثلاثة قروء والمُبيِّن الدليل الذي جاء وعين أحد المعنيين البيان الإخراج الذي هو فعل الفاعل، فالبيان اسم مصدر بين تبياناً وبياناً اسم مصدر بيّن وبيّن مصدره تبيان وبياناً اسم مصدر له ويُطلق على التبيين وهو فعل المُبيَّن فعل الفاعل فالبيان حينئذ يكون إخراج وإظهار المعنى للسامع وإيضاحه وقد يسمى الدليل بياناً يعني البيان يُطلق ويُراد به التبيين فعل الفاعل ويُطلق به ويُراد به الدليل نفسه يُسمى بياناً، ويختص بالمجمل على الحد الذي ذكره المصنف المُخْرَج من حيز الإشكال إلى الوضوح يختص بالمجمل ويختص أي المبين بالمجمل والأصح أنه عام الأصح أنها عام يشمل المجمل وغيره ولذلك قال الغزالي كما ذكره المُحشِّي هنا وليس من شرطه أن يكون بياناً أن يكون مُشكِل وليس من شرط المبين أن يكون لمُشكِل لأن النصوص المُعرِبة عن الأحكام ابتداءاً بيان النصوص المُعربة الكاشفة عن الإحكام ابتداءاً وإن لم يتقدم إشكال ولهذا يبطل قوله من حده بأنه إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي إذاً صار هذا الحد فاسداً، ثم قال وحصول العلم للمخاطب ليس بشرط وحصول العلم للمخاطب بالبيان ليس بشرط يقع الإجمال فيعلمه بعض المكلفين ولا يعلموا بالبيان فيعلمه آخرون هل لابد أن البيان لابد أني علمه كل قارئ لآية أو نص حتى يسمى بياناً؟ لا لذا قال وحصول العلم للمخاطب بالبيان ليس بشرط لماذا؟ لأنه يجوز أن يجهله البعض ولذلك لما تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة والعباس إلى أبي بكر رضي الله عنه يطلبان الإرث استدلالاً يقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} النساء11، فأخرج لهم المبين المخصص ما تركناه صدقة إذاً لا يُشترط حصول العلم للمخاطب بالبيان بل قد يجهله البعض ويعلمه الآخرون.

ص: 12

ويكون بالكلام والكتابة وبالإشارة وبالفعل وبالتقرير يعني بماذا يحصل البيان إذا وقع عندنا إجمال ما هو المبين ما هو الدليل؟ قال يتنوع يكون بالكلام يعني بالقول يكون بالقول كما في قوله صلى الله عليه وسلم ((فيما سقت السماء العُشر)) هذا مبين لقوله جل وعلا {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} {آتُواْ الزَّكَاةَ} هذا فيه إجمال من هم أصحاب الزكاة في أي شيء ما هي المقادير ما هي النصابات إلى آخره كل ما يتعلق بالزكاة كتاب الزكاة كله شارح لقوله {آتُواْ الزَّكَاةَ} كقوله {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} الصلاة لها شروط ولها أركان ولها واجبات كل مات يتعلق بكتاب الطهارة فهو مُبين للصلاة إذاً حصل البيان هنا لقوله تعالى {آتُواْ الزَّكَاةَ} بقوله صلى الله عليه وسلم ((فيما سقت السماء العُشر))، والكتابة كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عماله مقادير الزكاة إلى آخره وبالإشارة كما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهر ما آل قال الشهر هكذا وهكذا وأشرا بأصبعه العشر وقبض الإبهام في الثالثة يعني تسعة وعشرين وبالفعل كما في قوله جل وعلا {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} وقع البيان بيان الصلاة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمران97، وقع بيان المناسك بالفعل، وبالتقرير إذا أقر غيره دل على الجواز كما في سؤال الجارية أين الله؟ فقالت في السماء فكست صلى الله عليه وسلم دل على جواز هذا القول هذا بيان إذاً لو قيل أني الله أو قيل في السماء نقول هذا جائز، وبكل مُقيَّدٍ شرعي قاعدة عامة كل ما يثبت به حكم شرعي يحصل به البيان فإذا سكت أو ترك كالترك مثلوا بالترك هنا كترك بعض الأشياء يدل على الوجوب مثلاً {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} البقرة282، وأشهدوا هذا فعل أمر يقتضي الوجوب ترك النبي صلى الله عليه وسلم الإشهاد في بعض فدل على عدم وجوب الإشهاد إذاً الترك يكون دليلاً وبياناً على عدم الوجوب، ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة ولا يجوز تأخيره يعني تأخير البيان عن وقتن الحاجة يعني وقت الوجوب العمل بالخطاب لو قيل صلوا الظهر أمر وصلاة الظهر هذه مجملة ما هي صلاة الظهر هكذا من اللفظ لا تُدرَك لابد من بيان فإذا قال صلوا الظهر أو أُمروا بصلاة الظهر هل يجوز تأخير البيان بحقيقة الصلاة من شروط وأركان إلى أن يأتي وقت الصلاة وينتهي أم لابد أن يكون سابقاً؟ لابد أن يكون سابقاً ولذلك انعقد الإجماع على أنه لم يقع تأخير البيان عن وقت الحاجة ليس إلى وقت الحاجة بحيث إنه لا يُبين صلاة الظهر إلا بعد خروج وقت الظهر نقول هذا لا يجوز لماذا؟ لأن المكلف مطالب بالامتثال والأداء وسبق أن من شرط التكليف أو المكلف به أن يكون معلوماً وإذا لم يكن معلوماً صار من التكليف بما لا يُطاق {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا} البقرة286، إذا أرمتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم حينئذ نقول هو أُمر بالصلاة صلاة الظهر وخرج الوقت ولم يُبين له هذه الصلاة هل وقع في الشرع هذا الجواب لا بعضهم جوّزه عقلاً بناءاً على أنه يجوز التكليف بالمحال إذاً ولا يجوز تأخيره يعني تأخير البيان

ص: 13

عن وقت الحاجة أي عن وقت وجوب العمل بالخطاب لأن المُخاطب مطالب بالامتثال فيلزم عليه تكليفه بما لا يعلم لأنه تكليف بالمحال وهو غير واقع شرعاً وإن جوزه بعضهم عقلاً، فأما إليها إلى وقت الحاجة هذا وقع فيه نزاع الأول باتفاق أنه غير واقع والخلاف المذكور في كتب الأصول في جواز العقل وأما إليها إلى وقت الحاجة يعني أمر في الليل بصلاة الظهر ثم لم يبين كيفية صلاة الظهر حتى جاء الزوال فبين جائز أو ليس بجائز هذا فيه قولان المسألة السابقة أخره عن وقت الحاجة هنا إلى الحروف تُغير فأما إليها يعني إلى وقت الخطاب أو وقت العمل بالخطاب فجوزه فيه قولان فجوزه ابن حامد والقاضي وأصحابه وبعض الحنفية وأكثر الشافعية ورواية عن الإمام أحمد وهو قول الجمهور أنه جائز يجوز أن يؤخر البيان إلى وقت الحاجة قالوا دليله قوله جل وعلا {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} القيامة18 - 19، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي أنزلناه {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} هل وقع البيان بعد الإنزال مباشرة أو بتراخي؟ بتراخي ما الدليل على أنه بتراخي {ثُمَّ} {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} إذاً وقع تراخي فإذا وقع تراخي دل على جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة كذلك أنه وقع بقوله تعالى {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الأنفال41، هذه الآية تدل على أن جميع الغنيمة لمن؟ لمن ذكروا في الآية هذه الأوصاف المذكورة ثم بعد نزول الآية بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه تخصيص بيان متى؟ وقت المعركة وأن المراد بذي القربى بنو هاشم وبنو المطلب دون بني نوفل وعبد شمس فأخر النبي صلى الله عليه وسلم بيان ذلك إلى أن قسم الخمس إذاً هو واقع، ومنعه أبو بكر عبد العزيز هذا المعروف بالغلام الخلام والتميمي والظاهرية والمعتزلة منعوا تأخير البيان إلى وقت الحاجة لكن الأول مذهب الجمهور وهو أصح لماذا؟ لأنه لو جاز تأخير البيان إلى وقت الحاجة فإما أن يجوز إلى مدة معينة أو إلى الأبد إما إلى مدة معينة ومسائل الأصول دخل فيها المعتزلة وأصلها مبناه على العقل هناك يقولون {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} جاءوا بدليل من الكتاب ثم النبي صلى الله عليه وسلم قسم الخمس وذكر استثناءات هؤلاء يقولون إما أن يُؤخَر إلى أمد معين وقت معين أو إلى الأبد أما الأول فباطل إلى أمد معين لماذا؟ لأنه تحكم ولم يقل به أحد وأما إلى الأبد فلكونه يلزم عليه الخطاب بالمُجمل بدون بيانه قالوا هذا عبث وفساد نقول الجواب أنه لا تحكم بتأخير البيان إلى أمد معين {وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ} الرعد41، سمعنا وأطعنا فإذا جاء لفظ مجمل ثم بينه النبي صلى الله عليه وسلم بعده بوقت ووقع في السنة ووقع في الشرع نقول سمعنا وأطعنا والعقل هذا لا مجال له في مثل هذه المسائل إذاً نقول الحاصل أن ثم مسألتين هل يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة نقول الاتفاق لا لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لأنه تكليف بالمحال هل يجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة

ص: 14

فيه قولان الجواز وهو قول الجمهور والمنع وهو قول بعضهم والصواب أنه جائز.

ثم قال فإن دل على مفهومات هذه شروع منه في ذكر العام من المباحث المهمة عند الأصوليين العام والخاص والمطلق والمقيد كما أن النص والظاهر والمجمل والمبين هذه من الأمور المهمة وعمدة هذه اللغة العربية مباحث الخاص والعام والمطلق والمقيد والنص والظاهر والمجمل والمبين كلها عمدتها اللغة العربية ولذلك يعبر عنها بأنها من مباحث دلالة العبارة أو دلالات الألفاظ هذا يعبرون حينئذ ما فاته وهذا أهم ما يذكر في كتب الأصول من فاتته اللغة فاته هذا القسم المهم وإذا فاته هذا القسم المهم لا أردك لا اللغة ولا الأصول علوم مترابطة بعضها يخدم بعض والاعتكاف على علم مع التزهيد في الآخر هذه مصيبة زمننا الآن، فإن دل معلى مفهومات أكثر من واحد مطلقاً فعام العام هذا اسم فاعل من عمَّ وهو بمعنى شمل فالعام حينئذ يكون بمعنى الشامل والعموم بمعنى الشمول هذا معناه في اللغة قال فإن دل اللفظ على مفهومات قال مفهومات يعني معاني الأكثر على أن المفهوم بمعنى المعنى المفهوم والمصدق والمعنى بمعنى واحد أكثر من واحد ليشمل أقل ما يمكن أن يدل عليه اللفظ العام وهو واحد أو اثنان والتخصيص قد يأتي إلى واحد بغير الجمع كما سيأتي فإن دل اللفظ على مفهومات أكثر من واحد مطلقاً يقصد بمطلقاً ماذا بلا حد معين بلا حد معين فحينئذ إذا دل اللفظ على مفهومات أكثر من واحد مطلقاً بلا حصر بلا عدد معين هذا هو العام لو قيل أكرم الطلب الطلاب دل على مفهومات أكثر من واحد هل له حد في الانتهاء؟ الجواب لا إذاً هذا عام أكرم طلاباً بدون (ال) قالوا هذا دل على مفهومات أكثر من واحد لكن بحد أو بدون حد أكرم طلاباً أكرم الطلاب أكرم الطلاب هذا عام فحينئذ يكون غير منتهي من جهة النهاية وأمر طلاباً الجمع النكرة على الأصح أنه لا يعم فحينئذ يكون من قبيل ما يصدق عليه أقل اللفظ فيُحمَل على الثلاثة إذاً له منتهى فإذا قيل لك أكرم طلاباً أكرم ثلاثة منتهي لكن لو قيل أكرم الطلاب بـ (ال) حينئذ لابد أن تُكرم كل فرد فرد من أفراد الطلاب الفرق بينهما أن الطلاب عام ما دل على مفهومات أكثر من واحد وطلاباً هذا مطلق والمطلق يُحمَل على أقل ما يصدق عليه اللفظ وهو الثلاثة لأن أقل الجمع ثلاثة قال فعام لكن حده هذا الذي ذكره دخيل يعني يمكن الاحتراز عليه فقال وقد حده قومه بحد وهو أجود مما ذكره أولاً بأنه اللفظ المستغرق لما يصلح له اللفظ يعني العام لابد أن يكون لفظاً فحينئذ خرج المعنى فالمعنى لا يوصف بكونه عام حقيقة كما سيأتي فالعام هذا من عوارض الألفاظ يعني صفة لللفظ فخرج المعنى وخرج الفعل لأن الفعل ليس بلفظ فحينئذ الفعل لا عموم له وإنما العام والعموم يكون صفة لللفظ فكل ما ليس بلفظ سواء كان معنى أو فعلاً فلا يوصف بكونه عام قوله اللفظ احترز به عن المعنى واحترز به عن الفعل فلا يوصف كل منهما بأنه عام اللفظ المستغرق المستغرق المراد به المتناوِل أو المستوعب أو المتسع أو الشامل إذاً ثم شمول وثم استغراق لابد أن يكون هذا اللفظ مستغرقاً شاملاً لما يصلح له يعني لجميع الأفراد التي يصلح اللفظ لها بدون استثناء فإذا قيل

ص: 15

الطلاب هذا لفظ عام يشمل كل فرد فرد وُجد فيه هذه الصفة وهو كونه طالباً للعم هل يختص ببعض الأفراد دون بعض؟ الجواب لا لما يصلح له يعني لجميع الأفراد باعتبار الوضع لكن لابد من زيادة قيد بوضع واحد بلا حصر قوله المستغرق المشهور أنه أخرج النكرة في سياق الإثبات فإنها غير مستغرقة وأخرج أيضاً المطلق قالوا غير مستغرق لماذا؟ لأن المطلق لم يوضع للأفراد وإنما وُضع للماهية من حيث هي وُضع للماهية من حيث هي فوجودها في الخارج حينئذ تكون في ضمن أفرادها إذاً اللفظ هذا جنس أخرج به المعنى والفعل وأدخل كل لفظ المستغرق أخرج النكرة في سياق الإثبات فإنها لا تعم كقولك أكرم رجلاً يسقط على الواحد وأسقط رجالاً فهذا يسقط على أقل جمع وهو ثلاثة وخرج المطلق أعتق رقبة رقبة هذا مطلق وُضع للماهية من حيث هي لا باعتبار الفرد والوحدة الخارج يعني بقطع النظر عن فرد فإن لوحظ الفرد فهو النكرة لأن النكرة موضوعة للماهية في الذهن من حيث هي لكن باعتبار وجودها في الخارج وأما المطلق فهو موضوع الماهية الحقيقة الذهنية توجد في الذهن لا باعتبار كونها في الخارج لكن لابد وأن توجد في الخارج ووجدوها في الخارج في ضمن أفرادها، لما يصلح له نقول بوضع واحد احترازاً عن المشترك لأن لفظ العين هذا لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له اللفظ فإذا قلت عين فحينئذ نقول عين يصدق على ماذا على الجارية والباصرة والذهب والفضة إذاً هو لفظ عام لأنه لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له وباعتبار الوضع يصلح إطلاق لفظ عين مراداً به الذهب والفضة إلى آخره لكن نقول بحسب وضع واحد أخرجنا المشترك لأن الوضع فيه متعد أو الطلاب هذا استغرق جميع الأفراد لوضع واحد يعني لمرة واحدة دفعة واحدة وأما العين فلا بلا حصر أخرج ماذا؟ أسماء العدد فإنها ألفاظ مستغرقة لجميع ما يصلح لها بحسب وضع واحد لكنها مع حصر والشرط العام ألا يكون مع حصر فإذا قلت عندي مائة ريال هذا مستغرق لجميع ما يصلح له يطلق على الريال والريالين إلى المائة وتسعون مائة حينئذ نقول هذا مستغرق لما يصلح له وبوضع واحد لكنه لحصر له نهاية وأما العام فلا نهاية له وكل ما حُد ابتداءاً وانتهاءاً كأسماء الأعداد فليس من العام بل هو من الخاص.

ص: 16

وحدّه قوم بأنه اللفظ المستغرق لما يصلح له وهو من عوارض الألفاظ وبينا هذا واتفقوا على أنه من عوارض الألفاظ بمعنى أنه صفة من أوصاف اللفظ فتقول هذا لفظ عام وأما المعاني هل يُقال المعنى عام؟ اتفقوا على أنه يُطلق عليه أنه عام وإنما الخلاف هل إطلاق العموم على المعنى حقيقة أو مجاز هذا محل الخلاف والصحيح أنه مجاز نقول إطلاق لفظ العموم على المعنى مجاز وليس بحقيقة ولذلك جرى الاصطلاح عندهم أنهم إذا أرادوا اللفظ قالوا عام وإذا أرادوا المعنى قالوا أعم إذا أرادوا اللفظ الخاص قالوا خاص وإذا أرادوا المعنى قالوا أخص كأحد التوضيح يقال للمعنى أخص وأعم العام والخاص به اللفظ اتسم يقال للمعنى أخص وأعم الخاص والعام به اللفظ اتسم الخاص والعام اتسم به اللفظ يوصف به اللفظ ولا يوصف به المعنى ويقال للمعنى أعم وأخص ولا يقال للفظ أعم وأخص هذا مجرد اصطلاح وبعضهم يتجوّز ويطلق هذا على هذا، إذاً وهو من عوارض الألفاظ بمعنى أن العموم هذا يوصف به اللفظ حقيقة وأما عم المطر وعم العطاء القبيلة نقول هذا عموم معنوي وهو مجاز لماذا؟ لأن الشرط في العام الذي هو اللفظ الذي هو معنا العام الحقيقي اتحاد الحكم استواء الحكم فإذا قيل أكرم الطلاب فحينئذ كل فرد من أفراد الطلاب لابد وأني يناله شيء من الإكرام على السواء لابد أن يكون جميع الطلاب متساوين في الحكم وهذا شرط في العام وأما العموم المعنوي فلا فإذا قيل عم المطر المدينة هل المطر ينزل في كل البوادي وفي كل المناطق على السواء؟ لا هنا شديد وهنا خفيف بل هنا قد يأتي وهنا لا يأتي إذاً الشمول هنا والعموم ليسا على السواء فانتفى شرط العام وهو استواء الحكم فلذلك إذا أُطلق العام على المعنى صار مجازاً لا حقيقة فهو حقيقة فيها يعني في الألفاظ مجاز في غيرها وهي المعاني وهذا هو الأصح وهو من عوارض المباني وقيل للألفاظ والمعاني، وأصله في اللغة العام الاستيعاب والاتساع وله ألفاظ يدل على العموم بإجماع السلف لا خلاف عندهم أن العام له ألفاظ كما أن الأمر له لفظ والنهي له لفظ لماذا؟ لأنا ذكرنا أن العام وكذلك الأمر والنهي هذه ألفاظ منطوق بها حينئذ كيف يُقال هل للعام لفظ يدل عليه أم لا؟ لا يتأتي هذا إلا على قول أهل البدع بكون الكلام نفسه وسيأتي بيان في الأمر.

ص: 17

وألفاظه خمسة إذاً للعام ألفاظ وهذا مجمع عليه خمسة بل أكثر من خمسة وإنما تبع ابن قدامة هنا في ذكر الخمسة، الاسم المحلى بالألف واللام الاسم هذا يشمل المفرد والجمع المُحلى بالألف واللام يعني الذي دخلته اللام لكن هل هي كل لام أم لام مخصوصة نقول لام مخصوصة وهي اللام الاستغراقية التي تدل على الاستغراق وهي كل لام صح حلول كل محلها وصح الاستثناء منها كل لام صح حلول كل لفظ كل محلها وصح الاستثناء من مدخولها تقول أكرم الطلاب الطلاب إلا زيد أكرم الطلاب أي كل الطلاب أو كل طالب إلا زيد صح الاستثناء إذاً تكون (ال) هذه استغراقية لماذا؟ لصحة حلول لفظة كل محل (ال) ويصح المعنى حقيقة لا مجازاً وكذلك الاستثناء من مدخولها {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ {2} إِلَّا} حصل الاستثناء أي كل إنسان في خسر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} نقول هذه (ال) الاستغراقية وأما (ال) الجنسية التي تدل على الحقيقة فهذه ليست من صيغ العموم الرجل خير من المرأة الرجل كل رجل خير من كل امرأة؟ جنس الرجل خير من جنس المرأة وقد يكون بعض أفراد النسوة خير من كثير من الرجال وأما (ال) العهدية فبحسب المعهود إن كان المعهود جمعاً فهي للعموم وإن المعهود فرداً خاصاً فهي للخصوص {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} المزمل15 - 16، نقول (ال) عهدية والمعهود واحد خاص فليست للعموم {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} ص73، الملائكة نقول هم المأمورون {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ} البقرة34، فسجد الملائكة هذه (ال) العهدية المعهود ما هو؟ مفرد أو جمع؟ جمع إذاً (ال) العهدية فيها تفصيل لا نقول للعموم ولا نقول ليست للعموم إن المعهود عموماً فهي للعموم وإن كان المعهود خاص فهي حينئذ تكون خاصة وما الجنسية فهي مطلقة وليست للعموم حينئذ قوله الاسم المُحلى بالألف واللام نقول هذا فيه تفصيل المراد بـ (ال) هنا الاستغراقية (الزانية والزاني) ال هذه ما نوعها الحكم خاص أو عام؟ كل زاني وزانية أو بعض الزناة؟ عام كل زانية وكل زاني (السارق والسارقة) نقول ال هذه للعموم، ولها وجه آخر ليست كونها استغراقية وإنما كونها موصولية وصفة صالحة صفة ال والموصولات عموماً كلها من صيغ العموم فحينئذ لها جهتان الاسم المحلى بالألف واللام (الزانية والزاني)(السارق والسارقة)(وإذا بلغ الأطفال) يعني كل طفل، والمضاف إلى معرفة سواء كان جمعاً أو مفرداً كعبد زيد هذا يعم إذا كان عنده مائة عبد وقال أعتقت عبدي يعم لماذا؟ لأنه مفرد مضاف قال تعالى {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا} إبراهيم34، نعمت الله نعمة واحدة أُضيفت للفظ الجلالة وهو أعرف المعارف حينئذ نقول اكتسبت الشمول والعموم لاسم الجنس أو النكرة إذا أُضيف على معرفة اكتسب العموم ولذلك قال والمضاف إلى معرفة سواء كان مفرداً كقوله {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ} نِعْمَتَ اللهِ نعمة الله ليست واحدة بل لا تحصى إذاً المراد (وإن تعدوا نِعَم الله) من أين أخذنا هذا نقول من المعنى إضافة المفرد

ص: 18

إلى المعرفة {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} النساء11، هذا عام جمع مضاف إلى أولادكم الكاف وهو ضمير حينئذ اكتسب العموم، وأدوات الشرط وأدوات الشرط لو قال أسماء الشرط لكان أولى لأن من أدوات الشرط ما لا يعم وهو الحرف كإن وإذ ما كمن فيمن يعقل (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) نقول هذا عام (من) كل من وُصف بهذا الوصف ترتب عليه الحكم ذكراً أم أنثى حراً أم عبداً إلى آخره وكمن فيمن يعقل الأولى أن يقال فيمن يعلم لأنها تطلق على الرب جل وعلا وما فيما لا يعقل والأولى أن يقال فيما لا يعلم لأنها تطلق على الله جل وعلا (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) وما يعني أي فعل تفعلوه قل أو كثر يعلمه الله ظاهراً أو باطناً يعلمه الله إذاً فيها عموم وأي فيهما في العاقل وفي غيره والأولى نقول فيمن يعلم وفي غيره (أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى){قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ} إذاً تطلق أي مراداً بها الله عز وجل تطلق من وتطلق ما فحينئذ يُقال فيمن يعلم لأن الله عز وجل لا يوصف بكونه عاقلاً لأن الصفات توقيفية موردها السمع، أي فيهما أي فيمن يعقل وفيمن لا يعقل فيمن يعلم وفيمن لا يعلم (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل){أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ} أيما الأجلين يعني أي أجلين هنا قد يكون مثنى نقول أيما الأجلين أي عامين؟ غير محددة حصول العموم حصل الشمول لم يُعين عامين أجلين محددين وأين وأيان في المكان أين للمكان (فأينما تولوا فثم وجه الله) أفادت العموم، وأيان في المكان يقول المصنف هنا لعله سهو لأن أيان هذه للزمن وليست للمكان فعلقه عليها وأينا ومتى في الزمان وأين في المكان مكان هذه واقعة بين أي وأيان وأين في المكان وأيان ومتى في الزمان هذا هو الصحيح (أينما تكونوا يُدرككم الموت) أيان تذهب أذهب معك متى تذهب أذهب إذاً تفيد العموم كل أدوات الشرط الأسماء تفيد الهموم، وكل وجميع كل هذه أم الباب صياغة كل أو الجميع لفظ كل نقول هذه هي أم الباب ولذلك تضاف إلى المعرفة وتضاف إلى النكرة بخلاف جميع لأنها لا تضاف إلا إلى المعرفة (كل نفس ذائقة الموت) ذوق الموت ثابت لكل فرد فرد من أفراد النفس فحصل العموم كل نفس ذائقة الموت (وإن كل لما جميع لدينا محضرون) جميع، والنكرة في سياق النفي نقول النفي المراد به هنا سواء كان مسلطاً على النكرة مباشرة أم على عاملها قال كلا رجلا لا رجلاً دخل النافي هنا على رجلاً على النكرة مباشرة ما قام أحد دخل على عاملها إذاً النكرة في سياق النفي تعم مطلقاً سواء باشر النفي النكرة أو باشر عامل لها باشر النكرة يعني دخل عليها مباشرة لا إله إله نكره دخل عليه النفي ما قام أحد أحد نكرة جاء في سياق النفي إذاً دخل ما وهو نافي دخل على عامل نكرة وليس على النكرة وسواء سُبق بمن الاستغراقية أم لا (ما من إله إلا الله)(هل من خالق غير الله)(ما جاءنا من بشير) يكون نكرة في سياق النفي فتعم ودخلت عليه من الاستغراقية فنقلتها من الظهور إلى التنصيص على العموم فهي نص في العموم أو لم تدخل عليا من مثل لا إله إلا الله {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ

ص: 19

اسْتَجَارَكَ} إذاً نقول هذه عامة هنا القاعدة أن النكرة في سياق النفي تعم كلا رجل في الدار وإذا في سياق الإثبات لا تعم مطلقاً؟ إلا إذا كانت في سياق الامتنان {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} ماء نكرة في سياق الامتنان يعم كل ماء نزل من السماء سواء كان برداً أم ثلجاً أو مطراً هتّانا نقول هذا يعم كل ماء نزل من السماء فهو عم، إذاً نكرة في سياق الإثبات الأصل أنها لا تعم إلا إذا كان في سياق الامتنان فتعم، كلا رجل في الدار كذلك النكرة في سياق النهي (فلا تدعوا مع الله أحداً) لا تدعوا لا ناهية وتدعوا هذا فعل مضرع مجزوم بها (مع الله أحدا) أحداً نكرة في سياق النهي فتعم أو الشرط (فإن تنازعتم في شيء) في شيء وقع في سياق الشرط فيعم كل شيء ولو عود أراك وقع النزاع فيه وجب رده إلى الشره {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} كذلك، كلا رجل في الدار.

ص: 20

ثم قال قال البستي: الكامل في العموم الجمع لوجود صورته ومعناه والباقي قاصر لوجوده فيه معنى لا صورة البستي يقول الكامل في العموم هو الجمع يعني أعلى درجات العموم وضوحاً هو الجمع لماذا؟ قال لأنك إذا قلت الطلاب من حيث اللفظ تأخذ الشمول ومن حيث المعنى تأخذ الشمول إذاً من حيث الصورة والمدلول فاتفقا بخلاف المفرد (وإن تعدوا نعمت الله) هل أخذنا الشمول من حيث اللفظ؟ إذا الصورة لا مفردة واحدة (وإن تعدوا نعمت الله) ولذلك الذي لا يعلم القاعدة يقول نعمت الله واحدة فيستشكل حينئذ يرد السؤال لماذا؟ لأن الصورة لا تدل الشمول وأما المعنى يدل على الشمول وأيها أعلى ما دل على الشمول في صورة ومعنى لذلك قال هذا الكلام الكامل في العموم يعني بلغ الكمال في العموم في الدلالة عليه الجمع مطلقاً سواء كان معرفاً ب ال أو بالإضافة لماذا؟ قال لوجود صورته صيغته لأنها تفيد التعدد ومعناه الذي هو الشمول الذي دل عليه الجمع والباقي ما عدا الجمع قاصر عن الجمع لماذا؟ لوجوده فيه يعني لوجود الشمول فيه في اللفظ معنى لا صورة يعني يؤخذ من جهة الدلالة والمعنى ولا يؤخذ من جهة اللفظ ثم ذك بعض الأقوال الضعيفة التي عللت بعض ما ذكره المصنف فيما يدل على العموم قال وأنكره قوم يعين أنكروا العموم فيما فيه الألف واللام قالوا الجمع الذي خلت عليه ال لا يدل على العموم والصواب أنه يدل على العموم ولذلك لما جاءت فاطمة إلى أبي بكر استدلالاً بهذه الآية {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} لو يدل على العموم لأنكر عليها لكنه أقرها فأخرج لها المُخصص يعني رد قولها بماذا ما قال فهمتي خطأ أو أن اللفظ لا يحتمل ما ذكرتيه – لا - {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} كل ولده سواء كان لنبي أو غيره لفظ عام يشمله فلما استدل العباس وفاطمة رضي الله تعالى عنهم أجمعين بهذه الآية أخرج لهم أبو بكر المخصص (نحن معاشر الأنبياء لا نُورَث ما تركناه صدقة) لو كان الاستدلال والفهم ليس في موضعه لأنكر عليهم كذلك لما قال الأنصار أو بعض الأنصار منا أمير ومنكم أمير قال أبو بكر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (الأئمة من قريش) ماذا حصل؟ انسحب الأنصار الأئمة هذا جمع من قريش، وأنكره قوم فيما فيه الألف واللام ولهم علل لا نقف معهم، وقوم أنكروا ذلك في الواحد المعرّف خاصة كـ (السارق والسارقة) قالوا المفرد المحلى ب ال لا يدل على العموم كـ (السارق والسارقة) لماذا؟ لأن هذه ال يحتمل أنها جنسية ويحتمل أنها عهدية وإذا احتمل بطل الاستدلال بها في العموم والجواب نقول هذا باطل لماذا؟ لأنه ورد في الشرع نعت المفرد بما لا يُنعَت به إلا الجمع قال تعالى (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) أو الطفل الطفل كم واحد من جهة اللفظ واحد نقول دخلت عليه ال أفاد العموم ما الدليل على أنه أفاد العموم نعته بما يُنعَت به الجمع أخذنا البارحة أنه لابد من التطابق النعت والمنعوت إفراداً وتسمية وجمعاً إذا كان المنعوت مفرداً وجب أن يكون النعت مفرداً وهنا جاء المنعوت مفرداً في اللفظ لكنه نُعت بماذا بما يُنعَت به الجمع فحينئذ دل على أن الطفل المراد به الأطفال (أو

ص: 21

الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) وهذا استدلال واضح، وبعض متأخري النحاة في النكرة في سياق النفي إلا مع من مُظهَرة يعني قالوا النكرة في سياق النفي لا تفيد العموم إلا في حالة واحدة إذا سبقتها من ظاهرة من الاستغراقية (وما من إله إلا الله) قالوا حينئذ (وما من إله) دخلت من على النكرة في سياق النفي تعم أما (لا إله) لا تعم لأنها نكرة لم تسبق بمن ولذلك استدلوا بماذا؟ قالوا لو قيل دون سبق من ما جاءني رجل قالوا للجمهور أنتم تقولن هذه نكرة في سياق النفي فتعم مات جاءني رجل نقول عام قالوا يصح لغة أن يقال ما جاءني رجل بل أكثر فإذا أفادت العموم كيف صح الاستثناء وقالوا إذاً النكرة في سياق النفي لا تفيد العموم إلا إذا سُبقت بمن الاستغراقية لأنها إذا سُبقت بمن الاستغراقية صارت النكرة في العموم يعني لا تحتمل الاستثناء أبداً أما ما جاءني رجل هذه ظاهرة في العموم فلذلك قيل بل أكثر قالوا لما قيل بل أكثر إذاً لا تدل على العموم والجواب أنه إذا قيل بل أكثر هذه قرينة صارفة على عدم إرادة العموم والكلام في النكرة في سياق النفي إذا لم تقترن قرينة تدل على عدم إرادة العموم وإلا لو قيل بأن النكرة في سياق النفي لا تعم كيف ينفي المُوحِّد الآلهة الباطلة بقوله (لا إله إلا الله) أين العموم هنا؟ أما نقول لا إله نافية كلما يُعبَد من دون الله إذاً كيف حصل هذا المعنى إلا لكون لا هنا أفادت العموم والحاصلة نُرجح الأول.

ص: 22

ثم قال وأقل الجمع ثلاثة، وحكي عن أصحاب مالك وابن داود وبعض النحاة والشافعية اثنان اختلفوا في أقل الجمع إذا عرفنا أن الجمع المعرف ب ال من صيغ العموم حينئذ ما أقل الجمع الجمهور على أنه ثلاثة وذهب بعضهم إلى أنه اثنان والمرجح الأول عليه الجمهور وفي اقل الجمع مذهبان أقواهما ثلاثة لا اثنان لماذا؟ أعلى ما يستدل به أن العرب فرقت في الألفاظ بين دلالتها على الواحد ودلالتها على الاثنين ودلالتها على الثلاثة فقالوا للواحد رجل وللاثنين رجلين وللثلاثة رجال ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب " ولا لماذا نقول هذا مثنى ومثنى بطريقة كذل ويُجمَع بطريقة كذا ثم نقول النتيجة أن مدلول الجمع والمثنى واحد لا فائدة لذلك وأقل الجمع ثلاثة على الصحيح وحُكي عن أصحاب مالك وابن داود اثنان استدلوا بنحو أطراف النهار قالوا أطراف النهار أنها اثنين والله عز وجل يقول أطراف النهار (فقد صغت قلوبكما) قلوب وهما قلبان عائشة وحفصة وقيل (وإن كان له إخوة) والحجب يكون باثنين والحديث هو ضعيف الاثنان فما فوقهما جماعة (فاذهبا بآياتنا فإنا معكم) قال اذهبا معكم وهذه كلها مؤولة لأن من يرى أن أقل الجمع ثلاثة لا يمنع من استعماله في الاثنين لكنه يكون على جهة المجاز والمنع أن يُراد بالجمع اثنان حقيقة لا مجاز فكل ما استدل به من يرى أقل الجمع اثنان فحينئذ نقول هذا مجاز وليس بحقيقة وأما الحقيقة فلكل فرد وضعت العرب له لفظ يدل علي، ثم قال والمُخاطِب – بكسر الطاء - يدخل في عموم خطابه المُخاطِب كالنبي صلى الله عليه وسلم خاطب غيره بصيغة فيها عموم هل تشمله عليه صلى الله عليه وسلم أم تختص بالأمة؟ الصواب أنه داخل في الصيغة لماذا؟ لأن العبرة باللفظ هنا وحكمنا على اللفظ بأنه عام فإذا قال صلى الله عليه وسلم " تستقبلوا القبلة " تستقبلوا الواو تفيد العموم هل الحكم هذا شامل النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ نقول شامل هذا هو الأصل لماذا؟ لأن اللفظ عام فإذا كان عاماً شمل كل مكلف والأحكام الشرعية هذه يستوي فيها النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من أمته إلا ما دل عليه الدليل بأنه خاص به أو خاص بأمته إن ثبت الدليل فلا إشكال إن لم ثبت الأصل العموم والاستواء، والمُخاطِب يدخل في عموم خطابه، ومنعه أبو الخطاب في الأمر يعني قال كل لفظ عام يدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا الأمر لماذا؟ بناءاً منه وغيره على اشتراط الاستعلاء في الأمر أن يكون الآمر عالياً من المأمور فإذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم غيره حينئذ لابد أن يكون معه استعلاء فكيف يكون هو مستعلي وهو مأمور حصل تناقض لا يمكن أن يكون هو آمراً ومأمور لأن الآمر أعلى درجة والمأمور أدنى من الآمر فكيف حينئذ يكون أعلى وأدنى في وقت واحد فمنع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم داخلاً في لفظ عامة جاء بصيغة الأمر وهذا نبنيه على الأصل أن الأصح أنه لا يُشتَرط في الأمر ولا النهي علو ولا استعلاء وليس عند جل الأذكياء شرط علو فيه واستعلاء وخالف الباري في شرط وسيأتي موضوعه في باب الأمر، إذاً ومنعه أبو الخطاب في الأمر لعدم وجود

ص: 23

حقيقة الأمر لأن الأمر لابد أن يكون باستعلاء وحينئذ لا يوجد استعلاء وقوم مطلقاً منعوه مطلقاً خبراً وإنشاءاً وأمراً ونهياً قالوا لا يدخل النبي صلى الله عليه وسلم والأصح الأول أن المُخاطِب بكسر الطاء يدخل في صيغة العموم التي تلفظ بها مطلقاً خبراً وإنشاءاً وأمراً ونهياً ثم قال ويجب اعتقاد عمومه في الحال في إحدى الروايتين ويجب اعتقاد عمومه في الحال هذه يعنون لها الأصوليون بقولهم هل يتوقف العمل بالعام على البحث عن مخصص؟ كل عام ويتطرق إليه احتمال التخصيص كل عام احتمل أن يأتي دليل ليخصص بعض الأفراد إذاً وُجد احتمال أن يكون بعض الأفراد غير داخل في العام فإذا جاء لفظ العام وسمعت أنا اللفظ العام هل أعمل به مباشرة أو أبحث في الكتاب والسنة في لهذا العام مُخصَص أم لا؟ محل نزاع عند الأصوليين الجمهور على أنه لا يجب البحث عن المخصص، قال ويجب اعتقاد عمومه في الحال في الحال يعين إذا حضر وقت العمل من غير التوقف عن البحث عن مخصص في الحال بمعنى إذا حضر وقت العمل مدلول النص من غير توقف على البحث عن مخصص وهذا مذهب الجمهور لكن تقييده بالاعتقاد هذا فيه بعض النظر لأنه يجب الاعتقاد مع العمل وليس الاعتقاد فقط وإنما الاعتقاد بأن العام مراداً به العموم شاملاً لجميع أفراده مستغرق لجميع أفراده ويعمل لهذا العام أما يعتقد فقط دون عمل فلا فائدة إذاً قوله يجب اعتقاد وتخصيصه باعتقاد العموم دون العمل فيه بعض النظر بل المسالة شاملة لاعتقاد العموم والعمل بمقتضاه فيشمل النوعين في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد اختارها أبو بكر والقاضي وهي قول الحنفية لماذا نقول؟ لأن الأصل عدم التخصيص ويُتسصحب هذا الأصل حتى يثبت فعلاً وجود الأصل لأن العمل بالنصوص واجب على ما تقتضيه دلالاتها حتى يقوم دليل على خلاف ذلك وهو المخصص، والأخرى يعني الرواية الأخرى لا يعني لا يجب اعتقاد ولا عمل بالعام حتى يبحث عن مُخصص فلا يجد مخصصا.

ص: 24

اختارها أبو الخطاب من أصحاب الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وعن الشافعية كالمذهبين قولان يجب لا يجب فإذاً هذا قول ثان أو نفي الأول؟ نفس الأول عينه الثاني قال وعن الحنفية إن سُمع أو سَمع وفي بعض النسخ إن استمع إن استمع منه على وجه على وجه تعليم الحكم فكالأول يعين إذا كان الصحابي هذا الحكم من النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ وهو لفظ عام حينئذ يجدب الاعتقاد ويجب العمل لمدلول هذا العام لماذا؟ لأنه لو كان ثم مخصص لوجب أن يُبيَن في ذاك الوقت ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إذاً إذا كان في وقت الاستماع يسمع الصحابي من النبي صلى الله عليه وسلم أمراً بلفظ عام وجب الاعتقاد والعمل بمدلول هذا العام ولا يبحث عن مخصص لماذا لأن المخصص بيان وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فكالأول وإلا فكالثاني يعني وإلا سمعه من غيره فلا يجب اعتقاد عمومه فلا يجب اعتقاد عمومه إذاً المسألة فيها قولان يجب اعتقاد عمومه في إحدى الروايتين اختارها أبو بكر والأخرى لا يجب هذه اثنان، ثم تفصيل الأحناف ثلاثة أقوال أحسنت ثلاثة والأرجح هو مذهب الجمهور وهو الأول لأن العمل بالنصوص واجب على ما تقتضيه وكون وجود المخصص نقول هذا مشكوك فيه والأصل عدمه، ثم قال والعبد – ضد الحر - يدخل في الخطاب للأمة والمؤمنين لماذا؟ لأنه من جملة المكلفين بالكتاب والسنة هو مخلوق لله عز وجل داخل في قوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ويشمله قوله تعالى (قد أفلح المؤمنون) إذاً ابتداءاً وانتهاءاً فحينئذ يكون من جملة المخاطبين فإخراجها هكذا بكونه رقيقاً لكونه عبداً يحتاج إلى دليل ولا دليل ووجود الاستثناء في بعض كأحكام الجمعة وصلاة العيدين والمال إلى آخره والبيع والشراء نقول هذا لدليل خاص وإلا الأصل دخوله في الخطاب، والعبد يدخل في الخطاب للأمة والمؤمنين لأنه يصح تكليفه وهو شامل يشمله النصوص العامة لأنه منهم من المكلفين، ثم قال والإناث يعني وتدخل الإناث في الجمع بالواو والنون كالمسلمين والمؤمنين هذا جمع خاص بماذا بالذكور خاص من جهة الصيغة عام من جهة المادة لأن بعض الجموع قد تختص صيغة ومادة مادة بمعنى الحروف إذا قيل الرجال الرجل هذا جمع يختص به الرجال الذكور والمعنى هذا مأخوذ من الرجولة جمع رجل والرجل هذا معنى هل المرأة أو الأنثى تشارك الذكر في هذا المعنى؟ لا إذاً قوله الرجل هذا جمع باتفاق أنه لا شمل الإناث لماذا؟ لأنه مختص من جهة المادة بالذكور كذلك ما يكون مساوياً أو مستوياً فيه الإناث والذكور كمن وما والناس نقول هذا يشمل الذكور والإناث باتفاق إذاً الرجال ما اختص من الجموع بالصيغة والمادة بالذكور لا يشمل الإناث قولاً واحداً وما كان شاملاً للإناث والذكور كمن وما والناس فهو شامل للجميع بلا خلاف ماذا بقي؟ بقي نوع واحد وهو ما كان شاملاً بالمادة لا بالصيغة لو قيل المسلمون بواو ونون نقول هذا جمع مذكر سالم من جهة الصيغة خاص لكن الإسلام خاص بالذكور أو مشترك هذا هو محل الخلاف هذا بعض من محل الخلاف ذكره المصنف هنا، والإناث في الجمع بالواو والنون يعين وتدخل الإناث في الجمع المذكر السالم الذي يكون بالواو النون

ص: 25

لماذا؟ لأن هذا اللفظ وإن اختص من جهة الصيغة بالذكور إلا أنه من جهة المعنى عام فيشمل الإناث والذكور لكن الأصح أنه لا يشمل الإناث لماذا؟ لأن العرب قد فرقت بل الشرع بل فرق (إن المسلمين والمسلمات) إذاً فرق بينهما وكذلك القاعدة العامة في اللغة أن من أراد أن يجمع مسلم ومسلم ومسلم أتى بواو ونون ومن أراد أن يجمع مسلمة ومسلمة ومسلمة أتى بألف وتاء فالأصل الجمع أن يكون فرعاً عن المفرد فإذا كان مسلم لا تدخل فيه المرأة والأنثى حينئذ صار المسلمون لا يشمل الإناث وكما أن مسلمة لا يشمل الذكر فكذلك المسلمات لا شمل الذكور فحينئذ يختص كل واحد من النوعين بجمع تخصه بدلالة تخصه، يرد الإشكال و (واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين)(وكانت من القانتين) هذا هو محل النزاع الذي أورد المسألة أنه أُطلق جمع بواو ونون على الأنثى هذا بقاعدة التغليب والكلام في قاعدة التغليب ليس كالتأصيل التأصيل الأصل أن يُوضع لكل من الذكور والإناث صيغة تخصه ثم إذا غُلب عند الاجتماع فهذه مسألة أخرى عند النحاة أما أن يُقال أو من حيث أن يُقال إن لفظ المسلمون يدخل فيه ابتداءاً الإناث هذا ليس بصحيح وإنما إذا اجتمع مسلمون ومسلمات فغُلَّب الذكور على الإناث نقول هذا وافق هذا قاعدة عربية وهو تغليب الذكور على الإناث ولا إشكال لكن هل هو استعمال حقيقي أم مجازي نقول استعمال مجازي ليس بحقيقي، والإناث في الجمع بالواو والنون ولذلك أكثر الأصوليين على المنع أنه لا يشمله حقيقة وأما ما ورد من النصوص فنقول هذا من باب التغليب ومثل (كلوا واشربوا) الواو هذه خاصة بالذكور واشربوا خاصة بالذكور وأما النسوة فيُقال اشربن وكلن نون الإناث عند القاضي وبعض الحنفية وابن داود لغلبة المذكر إن كان من باب الغلبة فلا إشكال ولا نزاع أما عند التأصيل والنظر إلى الصيغة مجردة دون غلبة أو دون استعمال الشرع فنقول لا المسلمون لا يشمل الإناث كما أن المسلمات لا يشمل الذكور هذا هو الأصح وأما استعمالها في الشرع فلا بأس؟ بل لو قيل إن (المسلمين والمسلمات) أو (كلوا واشربوا) لهم حقيقة شرعية فلا إشكال ما المانع أن يقال أنه الأصل في لغة العرب أنه لا يعم الإناث ولكن لما كان متعلَق المسلمون والمسلمات الأحكام الشرعية والشرع له طريقته الخاص في الأحكام والحقائق لو قيل أنه حقيقة شريعة لا بأس فإذا أُطلق المسلمون يشمل الإناث لكن حقيقة شريعة لأن الإناث شقائق الرجال فكل ما ثبت للذكور فهو عام في الإناث إلا بدليل شرعي حينئذ قال {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} البقرة43 ليس خاصاً بالذكور بل يشمل الإناث، واختار أبو الخطاب والأكثرون عدم دخولهن وهذا أصح من حيث اللغة هذا أصح وأما استعماله في الشرع مراداً به الإناث نقول هذا من باب التغليب ولو قيل أنه حقيقة شرعية فلا إشكال يعني لم يخالف الأصول لو قيل أنه حقيقة شرعية الأمر له حقيقة شرعية مغايرة للحقيقة اللغوية النهي له حقيقة شرعية مغايرة للحقيقة اللغوية حينئذ لو قيل الجمع مغاير لا بأس لا إشكال.

ص: 26

ثم قال وقول الصحابي نهى عن المزابنة وقضى بالشفعة عام بمعنى أن الصحابي إذا حكا فعلاً من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة ظاهرها العموم فهل يكون عاماً أو لا؟ هذا محل نزاع قال وقول الصحابي نهى – أي النبي صلى الله عليه وسلم عن المزابنة وقضى بالشفعة المزابنة والشفعة سبق الكلام فيها هل المزابنة يعم كل شخص تعامل بها فيكون منهياً والشفعة تعم كل شخص تعلق به هذا الحكم فتكون عامة؟ هذا المحل الذي أراده المصنف قال فعام وعليه الأكثر لماذا؟ لأن الصحابي إذا سمع صيغة النهي حملها على النهي وهو عدل وضابط وهو لغوي فلا يصرف غير الأمر عن الأمر قال عام وعليه الأكثر لأن الصحابي عدل ضابط فإذا روى ما يدل على العموم يدل على أنه قد جزم بأنه للعموم أو جزم بأن هذا الأمر أو جزم بأنه نهي لماذا؟ لأنه إذا قال نهى عن المزابنة هم لم ينقل لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وإذا قيل قضى بالشفعة لم ينقل لنا اللفظ فحينئذ حكمه بكون المسموع من النبي صلى الله عليه وسلم أمراً نقول هذا حجة الصحابي في مثل هذه حجة والمسألة فيها نزاع، ثم قال والمعتبر اللفظ فيعم وإن اختص السبب إذا ورد العام على سبب خاص فهل يُسقط عمومه أو لا؟ الجمهور على أنه العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كآيات الظهار هذه نزلت في أوس بن الصمات وزوجته وآيات اللعان نزلت في عزين عجلان وزوجته وقيل هلال بن أمية وآيات القذف نزلت في شأن عائشة رضي الله عنها الآيات هذه كلها من حيث اللفظ عامة ومن حيث السبب خاصة فهل نقول يشمل اللفظ عائشة وغيرها؟ هل يشمل الآيات آيات الظهار أوس بن الصمات وغيره؟ أم نقول أنه خاص به ويُقاس عليه غيره؟ هذا محل نزاع والأصح أن يقال العبرة بعموم اللفظ لماذا؟ لأن اللفظ هو الشرع ونحن المتعبدون بامتثال وفهم الشرع وأما السبب فلا أثر له إلا من حيث من كون الحكم ورد على سببه فإذا ورد الحكم على اسبب حينئذ لا يلزم منه ألا يكون غير السبب داخلا في لفظ العام لا يلزم من وجود سبب خاص لحكم عام أن غير مورد السبب ألا يكون داخلاً في اللفظ العام بل يكون اللفظ العام شاملاً لسببه ولغيره وهذا هو الأصح، والمعتبر اللفظ يعني النظر إلى اللفظ والحجة حينئذ تكون في اللفظ فيعم وإن اختص السبب لكن نستفيد من ذكر سبب ماذا ما الفائدة من ذكر السبب باعتبار العام يعني هل بينهم علاقة؟ يكون نصاً فيه بمعنى أنه لا يجوز إخراجه ولذلك نقول دلالة اللفظ العام على السبب الوارد له أو عليه دلالة قطعية وإذا كانت دلالة قطعية نقول لا يجوز تخصيصها ولذلك قال واجزم بإدخال ذوات السبب وانقل عن الإمام ظناً تصب بعضه قال لفظ العام يشمل صورة السبب ظناً وهذا خطأ لأنه لو كان الظن لجاز إخراجها ولو جاز إخراجها حينئذ نزق القرآن على أي شيء وخرج الجواب من النبي صلى الله عليه وسلم على أي سؤال؟ لابد أن يكون الجواب مطابقاً للسؤال وقد أخرجنا أصلاً من حيز العام حينئذ أين المطابقة فيصير اللفظ عبثاً ولذلك نقول الصواب أن سورة السبب داخلة في اللفظ العام، وقال مالك وبعض الشافعية يختص بسببه ولا يتعداه إلى غيره وكل من وُجدت فيه أوصاف السبب قيس على ذلك السبب فدخل في الحكم حينئذ

ص: 27

إذا اختصت الآيات آيات الظهار مثلاً بأوس هم لا يقولون بأن غير أوس لا تشمله آيات الظهار لا يقولون دلت آيات الظهار على غير أوس بالقياس عليه فيأتون بقصة أوس وتنقيح وتحقيق إلى آخره يُنظَر في الله إذا وُجدت في زيد نقول أصلاً زيد ليس داخلاً في نص الآية وإنما نقيسه على أوس بالقياس ونحن نقول لا هو شامل له باللفظ، فإن تعارض عمومان وأمكن الجمع بتقديم الأخص أو تأويل المحتمل فهو أولى من إلغائهما وإلا فأحدهما ناسخ إن علم تأخره وإلا تساقطا تعارض العمومين تعارض العمومان فإن تعارض عمومان التعارض هو التقابل والتمانع وعند الأصوليين أني تقابل دليلان يخالف أحدهما الآخر قال فإن تعارض عمومان وأمكن الجمع لأن الأصل في تعارض الأدلة ماذا القاعدة العامة إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما هذا متفق عليه إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما فإذا جاء عمومان متعارضان نقول الأولى أن نجمع بينهما ولا نُسقط أحدهما لأن إلغاء أحدهما إلغاء لبعض الشرع حينئذ نقول نجمع بينهما فإن أمكن الجمع بتقديم الأخص بأن يكون أحدهما عام من وجه خاص من وجه قُدم الأخص على الأعم " من بدل دينه فاقتلوه " من هذه عامة تشمل الذكور والإناث إذاً المرتد يُقتَل المرتدة تُقتَل عام، نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء عام النساء هذا يشمل المرتدة وغيرها الحربية وغيرها إذاً وقع تعارض المرأة المرتدة بحديث من بدل دينه فاقتلوه تُقتل وبحديث نهى عن قتل النساء لا تُقتل ماذا نصنع؟ وقع تعارض أو لا؟ وقع تعارض إذاً لابد من الجمع فنُقدم الأول من بدل دينه فاقتلوه فحينئذ تقتل المرأة المرتدة ونحمل الثاني بأنه خاص بالكافرة الأصلية ما لم تباشر القتال لسياق القصة التي ورد فيها النهي حينئذ وقع تعارض بين عمومين فقدمنا الأخص على الأعم وهذا جمع بين الدليلين ومتى وأمكن الجمع بين الدليلين لا يُعدَل عنهما أبداً بأي وجه من وجوه الجمع وأمكن الجمع بتقديم الأخص كتقديم من بدل دينه فاقتلوه على حديث نهى عن قتل النساء، أو تأويل المحتمل يعني ورد حديث محتمل مثلوا لذلك بحديث إنما الربا في النسيئة هذا فيه نفي لربا الفضل هذا كالصريح في نفي ربا الفضل وحديث أبي سعيد الذهب بالذهب إلى آخره يثبت ربا الفضل فوقع التعارض ماذا نصنع؟ قالوا إنما الربا في النسيئة يُحمل على الربا الأغلظ والأشد فلا يكون نفياً حينئذ لرب الفضل إذاً أمكن التأويل ومتى ما أمكن التأويل أولى من الإسقاط فهو أولى من إلغائهما فهو يعني الجمع وأمكن الجمع فهو أي الجمع أولى من إلغائهما إلغاء الدليلين وإلا لم يمكن الجمع تعذر الجمع فأحدهما ناسخ للآخر أحد العامين ناسخ للآخر بأنه رافع للحكم إن عًلم تأخره إذاً توفر فيه شرطا النسخ وهو عدم إمكان الجمع مع العلم بالتأريخ (فمن تكوع خيراً فهو خير له وأن تصومواً خير لكم)(فمن شهد منكم الشهر فليصمه) هذا عام وهذا عام (فمن تطوع خيراً) هذا مطلق عاجز وغيره (فمن شهد منكم الشهر) قالوا الثاني ناسخ للأول المراد المثال لا النقاش في المسألة، وإلا يعني وإلا يُعلَم تأخر الثاني تساقط فلا يُعمَل بأحدهما يدون الآخر لأنه ترجيح بلا مُرجح، إذاً القاعدة أنه إذا تعارض عمومان الأصل

ص: 28

الجمع بأي طريق بوسائل الجمع ثم إن عُلم التأريخ الثاني ناسخ وإلا تساقطا والتعبير بالتساقط هذا فيه نوع إشكال ونقول نتوقف فيهما حتى يرد المُبين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

الظهور في العموم بمعنى أنه قابل للتخصيص والنص في العموم بمعنى أنه لا يقبل التخصيص هذا التفريق بينهما إذا قيل ظاهر في العموم بمعنى أنه لو جاء مُخصِص تخصص وأما النص في العموم لا يقبل التخصيص لا إله إلا الله نص لا يقبل التخصيص أبداً

ص: 29