الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* الإستثناء
* الفروق بين الإستثناء والتخصيص.
الدرس الخامس عشر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى ومنه الاستثناء ومنه أي ومن الكلام المفيد هكذا قدره الكثير وهو الكلام المفيد ويحتمل أنه من المخصصات ومنه أي من المخصصات لأن السياق لازال في ذكر مبحث الخاص فذكر أن المخصصات تسعة ثم قال ومنه الاستثناء لا مانع أن يكون الضمير عائداً إلى المخصصات لأن المخصص كما سبق نوعان مخصص متصل ومخصص منفصل والمتصل كما ذكرنها أنه لا يستقل بنفسه يعني لابد أن يكون متصلاً بالكلام وهذا محصور في خمسة منها الاستثناء لأن الاستثناء لا يوجد لوحده بل لابد أن يكون متصلاً بالمستثنى منه قام القوم إلا زيد فلا يقال قام القوم ثم بعد ذلك يأتي في موضع آخر أو بعد أسبوع أو بعد شهر تقول إلا زيداً لأنه مرتبط به ارتباط الجزء بكله ومنه الاستثناء الاستثناء من استفعال من الثني ولذلك قيل الاستثناء لغة مأخوذ من الثني ومعناه العطف والعوج يقال ثنيت الحبل إذا عطفت بعضه على بعض وقال بعضهم إنه مأخوذ من الصرف أي الثني يكون المراد به العطف وقد يكون مراداً به الصرف ثنيت زيداً عن كذا إذا صرفته عنه وأما في الاصطلاح فعرفه بتعريف تبع فيه ابن قدامة رحمه الله تعالى على خلاف المشهور من قول الأصوليين أو من تعريف الأصوليين لأنهم يعرفون الاستثناء بأنه الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها إذاً أُخذ في حد الاستثناء الإخراج حينئذ لابد أن يكون الاستثناء فيه إخراج فإذا لم يكون فيه إخراج حينئذ لا يكون استثناء ولذلك من عرف الاستثناء بأنه إخراج أنكر وجود الاستثناء المنقطع أأثبته لكنه مجازاً ونفى أن يكون الاستثناء حقيقة من غير الجنس لماذا؟ لعدم وجود الإخراج فإذا قلت قام القوم إلا زيداً إلا زيداً هذا حصل إخراج إخراج مم؟ من المستثنى منه وهو القول إذاً المستثنى داخلاً في جنس المستثنى منه وهذه هي حقيقة الاستثناء فإن لم يكن كذلك حينئذ لم يُسمى استثناء فإذا قال قام القوم إلا حماراً ليس عندنا إخراج إذاً ليس باستثناء وهذا ما يسمى باستثناء منقطع إذاً لابد أن يكون الاستثناء متضمناً لمعنى الإخراج وإلا فلا يكون استثناءاً فإذا سُمع من كلام العرب ما ظاهره استثناء وليس فيه ثم إخراج قالوا ليس باستثناء حقيقة وإنما هو استثناء مجازاً كأن أُستثني من غير الجنس والصواب أن الاستثناء قد يكون منقطعاً حقيقاً لأنه مسموع من لغة العرب كما سيأتي الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها الإخراج هذا يشمل كل ما يمكن أن يُخرَج به كالشرط الشرط فيه نوع إخراج ولذلك يعد من المخصصات المتصلة {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} إذاً أخرج مكاتبة من لم تعلم فيه خيراً إذاً حصل به إخراج كذلك الصفة يحصل بها إخراج {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً} أخرج القتل غير المتعمد أو شبه العم الخطأ وشبه العمد كذلك الغاية {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} حتى قال {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ} التوبة29، فإن أعطوا الجزية حينئذ ارتفع الأمر وهو بقتالهم كذلك البدل البدل يحصل به إخراج {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} هذا يشمل المستطيع وغيره قال
{مَنِ اسْتَطَاعَ} هذا بدل بعض من كل حينئذ حصل به إخراج إذاً استوى الاستثناء مع غيره من المخصصات المتصلة في كون كل منها فيه إخراج ولكن امتاز الاستثناء عن غيره أنه استثناء بأداة خاصة وهي إلا أو إحدى أخواتها يعني ظاهرها في المعنى كظاهرها في المعنى ثم هذا المظاهر قد تكون حرفاً وقد تكون اسماً وقد تكون مترددة بين حرفية واسمية ولذلك بعضهم حصر صيغ الاستثناء بأحد عشر عن الأصوليين ليس عند النحاة عند الأصوليين بأنها إن وغير وسوى وما عدا وليس ولا يكون وحاشا وخلا وسيما وما خلا وعدا عدا تُحسب مرتين بـ ما وتُحسب بدون ما هذه الصيغ إن وردت في كلام العرب في جملة ما متضمنة لإحدى هذه الأدوات حكمنا عليه بأنه استثناء لغة ولكن هل يحصل الاستثناء بالفعل لو قال قام القوم وأستثني زيداً؟ هل محل نزاع أكثر أهل اللغة إن لم يكن اتفاق أنه لا يعد استثناء وإن كان فيه معنى الاستثناء قام القوم وأستثني زيداً استثنى هذا فعل مضارع والفعل مستتر تقديره أنا وزيد هذا مفعول هل حصل إخراج بهذا؟ نعم حصل إخراج ولكنه لم يكن بـ إلا أو إحدى أخواتها فحينئذ لا يُسمى استثناءاً عند بعض الأصوليين يُسمى استثناءاً حروف الاستثناء والمضارع من فعل الاستثناء وما يضارع حروف الاستثناء وما يضارع من فعل الاستثناء يعني المضارع من فعل الاستثناء وما يضارع يعني وما يشابه الفعل المضارع مثل خلا وعدا وحاشا هذه أفعال ماضية وحصل بها الاستثناء وهذا غريب من النحاة أن يُعَد خلا وعدا وحاشا وهي أفعال إذا نصبت يعد استثناءاً ولا يعد استثني استثناءاً أليس كذلك لأن استثني هذا من مادة الاستثناء يعني من حروف الاستثناء أقوى في الدلالة في الاستثناء من خلا وعدا وحاشا يُفَهم منه الاستثناء بقوة لأنه من جهة المعنى ومن جهة اللفظ أما قام القوم عدا زيد لو حصل الإخراج به ليس من جهة اللفظ وإنما من جهة المعنى أما استثني زيداً هذا حصل من جهة المعنى ومن جهة اللفظ لأنه مشتمل على مادة الاستثناء الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها بكن بعض الأصوليين اعترض على هذا الحد اعتراضاً وجيهاً وهو أنه لو حُكم بأن الاستثناء إخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها مما لو لم تأتي إلا لكان داخلاً فيما سبق وهو المُستثنى منه قال إذا حكمنا بالإخراج لوقعنا في التناقض فإذا قيل قام القوم غلا زيداً أُخرج زيد من القوم متى؟ بعد دخلوه لأنه لا يكن إخراج إلا بعد الدخول قام القوم إلا زيداً إذاً لما أثبت القيام له أخرجته وأثبت له نقيض ما أثبته للمحكوم عليه السابق وهو المستثنى منه فحينئذ يقع التناقض في ماذا؟ في كون هذا الفرد المُخرَج المُستثنى حُكم عليه أولاً بالقيام ثم حُكم عليه ثانيا بنقيض القيام وهو عدم القيام فإذا قيل قام القوم إلا زيداً لو قيل في الإخراج بـ إلا هنا حصل إخراج نقول الأول حكمنا على المستثنى وهو زيد بالقيام ثم قلنا إلا زيداً والاستثناء من الإثبات نفي وهذا استثناء متصل وهو الحكم بنقيض الحكم على جنس ما حكمت عليه أولاً فيكون تقدير الكلام قام القوم إلا زيداً لم يقم فالحكم الذي أُثبت أولاً وهو القيام المُثبت للمستثنى منه أُثبت نقيضه وهو عدم القياد لزيد كيف أولاً أدخلته في المستثنى منه ثم
أخرجته حصل تناقض وهو أن الفرد المُخرَج حُكِم عليه أولاً بإثبات الحكم ثم أُثبت له نقيض الحكم وهو ما بعد إلا لأنه كما سيأتي قول المصنف وهو من الإثبات نفي ومن النفي إثبات حينئذ عدل بعضهم عن هذه الحقيقة ومن الحقيقة الاستثناء بأنه إخراج وخاصة ما رتب عليه ابن القيم رحمه الله تعالى بكلمة التوحيد لا إله إلا الله لو قيل بأنه إخراج لحصل الكفر أولاً ثم التوحيد ولا يجتمعان لا إله دخل أولاً المستثني وهو الله عز وجل فنُفيت عنه الإلوهية ثم أُثبتت له الإلوهية وهذا تناقض لأنه لا إله إذا قصد دخول اله عز وجل هذا كُفر كَفر نفى الإلوهية عن الرب جل وعلا ثم أثبتها إذاً يلزم على هذا التعريف بأن الاستثناء إخراج المُوحد لو قال كلمة لا إله إلا الله لا يدخل بها – في المنة - لا يدخل بها الإسلام ولا تكون توحيداً لأنه تناقض أخرها يناقض أولها فلذلك عدل بعضهم عن هذا التعريف إلى ما ذكره المصنف هنا، والطوخي له تعليق على هذه يقول هنا لما أورد التعريف يقول إخراج بعض الجملة أو يقول قال القاسمي قال في مختصر الروضة هذا قول من يزعم أن التعريف بالإخراج أي إخراج بعض الجملة بـ إلا وما قام مقام تناقض وليس بشيء الطوخي يقول ليس بشيء والصواب أنه شيء لماذا؟ لأنه إذا حُكي إطباق ودعوى الإجماع فيها نظر يُحكَى إطباق أهل اللغة على تفسير الاستثناء بالإخراج وعليه يلزم التناقض ولذلك صحح ابن القيم رحمه الله تعالى في بدائع الفوائد في مذهب سيبويه أنه ليس بداخل في الاسم ولا في الحكم لم يدخل أصلاً إذا قيل قام القوم إلا زيداً هذه قرينة فقط دالة على أن زيد لم يُرَد بالجملة الأولى قام القوم لا يدخل فيها زيد البتة لا في المُسمى الذي هو المستثنى منه في الاسم ولا في الحكم وهو إثبات القيام، ولذلك نص بعضهم على أن مذهب سيبويه وجمهور البصريين أن المستثنى لم يندرج في المستثنى منه ولا في الحكم فكيف يدعى الإجماع أنن إجماع أهل اللغة أن الاستثناء إخراج إذاً لا عدول نقول إذا حُكي مذهب سيبويه أنه لم يندرج المستثنى في المستثنى منه ولا في حكمه وهو منسوب إلى جمهور البصريين بل مذهب الكسائي وهو إمام الكوفيين بأنه لا يندرج أيضاً في المستثنى منه لكنه خالف سيبويه بأنه مسكوت عنه فإذا قيل قام القوم إلا زيداً زيد هذا مسكوت عنه لم يُثبَت له قيام ولا ....... لكنه وافق أن المستثنى ليس داخلاً في المستثنى منه وعليه دعوى الإجماع ليست بصحيحة ولذلك العدول إلى التعريف تعريف الاستثناء بما ذكره المصنف هنا تبعاً لابن قدماه رحمه الله تعالى وغيره نقول هو أصل وهو أدق بأن يُقال الاستثناء قول مُتصل يدل على أن المذكور معه غير مراد بالقول الأول لكن لو زاد بـ إلا أو إحدى أخواتها على من نصص على أن الاستثناء لابد أن يكون ب إلا أو إحدى أخواتها فهو حسن وأما الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها نقول هذا فيه نظر.
ومنه الاستثناء وهو أي الاستثناء قول إذاً لابد أن يكون لفظاً اخرج المخصصات العقلية والمخصصات الحسية لأنها ليست بأقوال والاستثناء معلوم أنه من المخصصات المتصلة إذاً لابد من جنس يُخرج بقية المخصصات إذاً قول أخرج المخصصات العقلية والحسية، متصل أخرج المنفصل حينئذ المخصصات المنفصلة ليست داخلة معنا فالاستثناء لابد أن يكون متصلاً بالمستثنى منه كما سيأتي أنه شرط من صحة الاستثناء أن يكون الاستثناء متصل بالمستثنى منه لأنه لا يُعَد كلاماً إلا بهما كالخبر مع المبتدأ وجواب الشرط مع فعل الشرط لو قال إن قام زيد ثم جاء فبعد أسبوع ثم قال قمت لم يعد كلاماً لو قال قام القوم ثم قال بعد شهر إلا زيداً لم يعد كلاماً لماذا؟ لأن شرط الكلام أن يكون كلاً مركباً ملفوظاً مرة واحدة يعني في مجلس واحد. قول متصل الاستثناء حينئذ لا يستقل بنفسه عن الجملة هذا القول يدل إذاً له دلالة ليس بقول لا معنى له لأن القول هو اللفظ الدال على معنى يدل لو زيد القيد هنا بـ إلا أو إحدى أخواتها فيكون متعلق بقوله يدل لكان أجود، يدل بـ إلا أو إحدى أخواتها على أن المذكور معه مع إلا أو إحدى أخواتها فنُرجع الضمير حينئذ إلى إلا أو إحدى أخواتها ولو فُر القول كما فسره البعض بأنه صيغ الاستثناء لعاد إلى القول حينئذ قول بعضهم فسره بأنه المراد به صيغ الاستثناء الأحد عشر المذكورة سابقاً ولو قال القول المراد به احترازاً عن المخصصات العقلية والحسية وزدنا لفظ يدل بـ إلا أو إحدى أخواتها يكون التقدير على أن المذكور معه أي المذكور مع صيغ الاستثناء، غير مراد بالقول الأول الذي هو المستثنى منه مع حكمه غير مراد فحينئذ إلا وما بعدها قرينة صارفة على أن يكون المستثنى داخلاً فيما سبق لأنه لولا الاستثناء لكان داخلاً لو قال قام القوم يشمل كل من يصدق عليه القول لكن قد يُطلق لفظ القوم وهو عام ويُراد به البعض ما الذي يدلنا على أنه أطلق العام وأراد به بعضه لابد من قرينة لما أطلق القوم ولم يرد به زيد أردفه بقرينة تدل على أن زيد غير مراد بالقول الأول حينئذ قام القوم إلا زيداً لا نقول إلا زيداً أخرجت إلا أخرجت زيد من قوله القوم عند دخوله وإلا وقعنا في التناقض وإنما نقول إلا وما بعده المذكور بعدها هذه قرينة تدل على أن زيد لم يدخل أصلا في القول ولم يدخل في حكمه الذي هو القيام وليس داخلاً في المسمى الذي هو الاسم القوم حينئذ نقول قوله متصل يدل ب إلا أو إحدى أخواتها على أن المذكور معه أي المستثنى المذكور مع صيغ الاستثناء غير مراد بالقول الأول والمراد بالقول الأول المستثنى منه وحكمه فحينئذ يكون الاستثناء أو المستثنى مُخرجاً من الاسم وحكمه ليس داخلاً أصلا والإخراج قبل جعل المسند إليه مسنداً غليه وقبل إلحاق الفعل به قبل أن يُقال قام القوم أراد ماذا؟ أراد عدم دخول زيد وأردفه بـ إلا زيداً قرينة دالة على هذا المعنى الذي كنه في نفسه.
ثم قال فيفارق التخصيص بالاتصال فيفارق الاستثناء التخصيص والمراد بالتخصيص هنا التخصيص المخصص المنفصل ما الفرق بين الاستثناء وهو مُخصص والمخصصات المنفصلة والمخصصات المتصلة التي غير الاستثناء كالغاية ونحوها فيفارق الاستثناء التخصيص يعني بالمنفصل والمتصل بغير الاستثناء بالاتصال بأن يكون متصلاً فيجب اتصاله بالمستثنى منه حقيقة أو حكماً بخلاف غيره من المخصصات المنفصلة فإنه لا يشترط اتصاله لأنه كما سبق أن المخصص اللفظ العام قد يكون في آية أو في كتاب ويأتي المخصص المنفصل في سورة أخرى منفصلة عن الآية السابقة أو يأتي في السنة أو العكس لا يُتشرط أن يكون متصلاً به {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} هذا في آية البقرة {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} في سورة الطلاق حينئذ نقول هذا مخصص منفصل هل يتشرط اتصاله به؟ نقول لا يشترط بخلاف الاستثناء لابد أتن يكون متصلاً به حقيقة أن يلفظ به مرة واحدة قام القوم إلا زيداً أو حكماً بأن ينقطع عن الاتصال بأمر ضروري لابد منه كالسعال أو أخذ النفس أو بلع الريق ونحوه لو قال قام القوم ثم سعل قال إلا زيداً هذا في الحقيقة ليس متصلاً لكنه لما كان الانفصال بشيء ضروري أُلحق به وجُعل في حكم المتصل الحقيقي ولذلك لابد أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه حقيقة بأن لم يفصل بين المستثنى والمستثنى منه أي فاصلة مطلقاً لا ضروري ولا غيره أو أن يكون الفصل والانفصال قد حصل بأمر ضروري كسعال وبلع ريق وأخذ نفس ونحو ذلك حينئذ يحكم عليه بأنه متصل لكنه حكماً لا حقيقة، إذاً يفارق الاستثناء التخصيص بالاتصال فلابد أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه وإلا لما عُد كلاماً كأصل الخبر بالمبتدأ لا يمكن أن يُتصَور يُقال قام ثم يأتي بعد ذلك بوقت فيقول زيد المُخاطب والسامع لا يُلحق اللفظ الثاني باللفظ الأول كما لو قال زيد ثم قال بعد وقت طويل قائم السامع والمُخاطب إلحاق قائم بـ زيد لذلك من شرك الكلام أن يكون مركباً تركيباً إسنادياً وإلا لما صار كلاماً وأن يكون مركباً المركب تركيباً إسنادياً مستلزماً إلى مسند ومسند إليه ولابد أن يكون متصلاً به على الأصل ولابد أن يكون من متكلم واحد ولذلك اختلفوا أيضاً في الاستثناء لو وقع من متكلمين من ناطقين هذا بناءاً على الكلام على أصل المسألة الكلام نفسها المسند والمسند إليه هل يصح أن يقع من اثنين أو لابد أ، يكن من متكلم واحد؟ فيه خلاف ابن مالك رحمه الله تعالى على جلالته جوَّز أن يكون من اثنين والصواب أنه يكون من واحد ولا يصح أن يكون من اثنين ولو تواطؤ لأن بعضهم مثَّل بمن تواطؤ يعني يقول له أنا أقول زيد وأنت قل قائم نقول إذا قيل زيد ثم قال الآخر قائم نقول هذا جملتان وليس جملة واحدة زيد وحذفت الخبر نويته وذاك قال قائم وحذف المبتدأ فهذا جملتان، وأما إذا لم يكن تواطؤ حينئذ لا يصح أن يكون كلاماً لا يمكن أن يقول الرجل هند أو يقول زوجتي ثم يقول آخر طالق هل يقع أو لا يقع؟ الفتوحي في شرح الكوكب المنير نزل المسألة هذه على الخلاف في الكلام هل يقع من متكلم واحد أو لا مثله الاستثناء لو قال زوجاتي طوالق فقال لآخر إلا هنداً هل يقع أو لا يقع بناءاً على
الكلام في أصله هل يُتشرط فيه أن يكون من متكلم واحد أو لا الأصح لابد أن يكون من متكلم واحد فلو نطق أحدهما بمسند ونطق الآخر بمسند إليه لم يعتبر كلاماً ولو نطق واحد بمستثنى محكوم عليه نطق آخر بالمستثنى نقول لم يقع ولم يحصل أما قوله صلى الله عليه وسلم لما قال البلد الحرام والله حرمه فقال العباس إلا الإذخر فحصل الاستثناء هنا قالوا إذاً وقع من متكلمين نقول لا النبي صلى الله عليه وسلم أعاد الاستثناء وإنما قاله العباس مُذكراً لنبي صلى الله عليه وسلم وإلا ما الفائدة لو حصل بقول العباس وحصلت الفائدة بقول العباس رضي الله عنه وكان سكوت النبي صلى الله عليه وسلم حجة في الإقرار عليه ما عاده النبي صلى الله عليه وسلم ما الفائدة لكان لغواً وعبثاً وهو مُنزه عن هذا صلى الله عليه وسلم،حينئذ نقول إن الإذخر هذا استدل لعضهم على أنه لا يشترط أن المتكلم واحد نقول لا، يشترط وليس في هذا دليل لكم بل هو دليل عليكم يُقلَب الدليل هذا ما يُمسى بالقلب يُقلَب الدليل عليكم كون النبي صلى الله عليه وسلم أعاد الاستثناء أو المستثنى وقال إلا الإذخر دليل على أنه لابد من الاتصال وإلا لم يعد كلاماً لأنه لو سكت ولم يُعد الاستثناء الذي ذكره العباس إذا كان سكوته حجة فحصل الحكم الشرعي فحينئذ نقول لابد أن يكون متصلاً ومن متكلم واحد فإذا حصل من متكلمين نقول لا يصح، وما بناه أيضاً حتى لو قيل من متكلمين بنى المسألة الفتوحي في شرح الكوكب أن بناؤه ليس بصحيح لأنه قال لو قيل من متكلمين فقال قائل زوجتي فقال آخر طالق يقع أو لا يقع؟ نقول هذه المسالة مردها للشرع لا يقع قطعاً لو قال واحد رجل زوجتي وقال آخر طالق ومن هو الطلاق هل يقع الطلاق في الشرع بلفظ زوجتي ما يقع الطلاق إذاً لا يمكن أن يقع بفعل الآخر وإنما يحصل بفعل الفاعل نفسه وهذا أمر شرعي مرده إلى الشرع واللغة ليس لها مدخل في مثل هذه، فيفارق التخصيص بالاتصال لابد أن يكون متصلاً بالمستثنى منه حقيقة أو حكماً، الثاني الفارق الثاني بين الاستثناء والتخصيص تطرقه إلى النص يعني الاستثناء كما أنه من المخصصات وإذا كان من المخصصات معناه أنه يتطرق اللفظ العام هل يدخل غير العام؟ نعم قد يدخل النص لأن لفظ عشرة هذا ليس بلفظ عام ولذلك قلنا في حد العام بأنه لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له في حسب الوضع بلا حصر بلا حصر لماذا؟ لإخراج أسماء الأعداد فإنها بألفاظ عامة لأنها تدل على مُعين ولذلك الخاص ما هو اللفظ الدال على المُعيَّن إما بشخص أو بعدد إذاً صارت العشرة ونحوها من ألفاظ الأعداد أسماء الأعداد صارت من الخاص، هل يصح دخول الاستثناء اللفظ الخاص الذي هو نص في الشرعة؟ نقول نعم نقول له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إذاً دخله الاستثناء كما يدخل الاستثناء اللفظ العام أكرم الطلاب إلا زيداً هنا الاستثناء وقع في ماذا؟ وقع مقارناً للفظ عام وهو من المخصصات وأما إلا عشرة فليس من المخصصات فلا يسمى مخصصاُ، إذاً الفارق الثاني الذي يفارق التخصيص أن التخصيص لا يكون إلا للفظ العام ولا يكون التخصيص للفظ الخاص لأنه هو في نفسخ خاص وأما الاستثناء من حيث هو استثناء فيدخل
اللفظ العام ويدخل اللفظ العام. وتطرقه أي الاستثناء إلى النص كعشرة هذا نص وليس بلفظ عم إلا ثلاثة وعليه فالتخصيص بالاستثناء أعم من التخصيص بغيره لأنه التخصيص بغير الاستثناء خاص باللفظ العام والتخصيص بالاستثناء هذا يدخل اللفظ العام ويدخل غيره.
هنا قال ويفارق النسخ إذاً ثم فوارق بين الاستثناء والتخصيص لوقوع تشابه وثم فوارق بين الاستثناء والنسخ ويفارق النسخ يعني يفارق الاستثناء النسخ بالاتصال لابد أن يكون متصلاً لماذا؟ لأن النسخ شرطه الانفصال لا يكون ناسخاً إلا إذا كان الحكم ثابت جديد بخطاب متراخي عن الحكم السابق إذاً لا يمكن أن يقع الناسخ متصلاً بالمنسوخ ولكن الاتصال هنا قد يفارقه ويفارق الاستثناء النسخ بالاتصال النسخ لا يشترط فيه الاتصال والاستثناء يشترط فيه الاتصال يفارق الاستثناء النسخ بالاتصال والنسخ لا يكون إلا مع التراخي فلو كان متصلاً لصار مخصصا لا ناسخاً لو كان الذي يرفع بعض الحكم عن البعض متصلاً لكان مخصصاً لا ناسخاً وأما إذا وقع تراخي حينئذ نحكم بأنه ناسخ إذا لم يمكن الجمع كما سبق، وبأنه مانع لدخول ما جاز دخوله وبأنه مانع أي الاستثناء يفارق النسخ من حيث إن الاستثناء مانع لدخول ما جاز دخوله إذاً جاز أولاً دخوله وجاء الاستثناء قرينة صارفة عن دخول المستثنى في المستثنى منه وأما النسخ فهو رافع لما دخل هو دخل أصلاً ثم رُفع إذاً الاستثناء مانع والنسخ رافع الاستثناء مانع لدخول ما جاز دخوله ولا يُقطَع بأنه داخل بل ننفي بأنه داخل والنسخ رافع لما دخل دخل أولاً ثم نُسخ، الفارق الثالث بين الاستثناء والنسخ بأن الاستثناء رفع للبعض قام القوم إلا زيداً فحينئذ إلا زيداً هذا بعض القوم وليس كل القوم أكرم الطلاب إلا زيداً ولا يصح أن يُقال أكرم الطلاب إلا الطلاب يصح؟ لا يصح لكن النسخ قد يكون رافعاً للكل وقد يكون رافعاً للبعض للكل مثلاً كما في نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حكم كله مرفوع ليس مفصلاً في صلوات كذا لك أن تتوجه وإلا فلا إذاً الحكم كله مرفوع لكن عندك المُتوفَّى عنها زوجها كانت حولاً فنُسخت إلى أربعة أشهر وعشرة نُسخ البعض أو الكل؟ البعض إذاً النسخ قد يكون رفعاً للكل وقد يكون رفعاً للبعض وأما الاستثناء فلا يكون رفعاً للكل لابد أن يكون للبعض لأن استثناء الكل من الكل باطل باتفاق ولا يصح أن يُقال كما سيأتي له على شعرة إلى عشرة خمسة إلا خمسة لأنه باطل ولهو وعبث، ولأن الاستثناء رفع للبعض والنسخ رفع للجميع غالباً وقد يكون للبعض ولذلك يقيد ليس دائما للجميع بل قد يكون للبعض، إذاً هذه فوارق بين النسخ الاستثناء يشترط في الاستثناء أن يكون متصلاً والاستثناء يكون مانعاً والنسخ رافعاً والاستثناء رفع للبعض والنسخ قد يكون رفعاً للجميع.
ثم ذكر شروط الاستثناء متى يُعتبر الاستثناء مؤثراً في الحكم الشرعي قال وشرطه الاتصال ذكر المصنف هنا ثلاثة شروط لصحة الاستثناء للحكم ثلاثة شروط شرطه الاتصال فلا يفصل بينهما سكوت يمكن الكلام فيه يعني لا ينفصل بسكوت ولا بكلام أجنب لابد وأن يكون متصلاً كما ذكرناه سابقاً لأنه جزء من الكلام يحصل به الإتمام فإذا انفصل لم يكن إتماماً كالشروط وخبر المبتدأ كما ذكرناه سابقاً لو فصل بين المستثنى والمستثنى منه بكلام أجنبي أو بسكوت طويل نقول هذا لا يعد كلاماً لأنه كالجزء من الكلام والأصل في الكلام أن يُلقى مرة واحدة المُسنَد والمُسنَد إليه وما تعلق به من الفضلات يكون متمماً لمعناه ولا يصح حينئذ أن يُقال قام الطلاب وأكرم الطلاب ثم بعد ساعة نقول إلا زيداً وعليه لو حصل نقول لزم الحكم لجميع الطلاب وإلا زيداً هذا يعتبر لفظاً وعبثاً لا يُلتَفت إليه، وشرطه الاتصال يعني اتصال المستثنى بالمستثنى منه حقيقة أو حكماً فلا يفصل يعني لا يجوز الفصل بين المستثنى والمستثني منه سكوت يمكن الكلام فيه أم السكوت لا يمكن الكلام فيه قليل هذا لا يُخرجه عن كونه حقيقة لأنه مشتبه يحتمل أنه سكت لأمر ما يفكر أينظر أو يتأمل أو منشغلاً الذهن نقول إذا تكلم بعد ذلك يقول أكرم الطلاب ثم سكت إلا زيداً نقول هذا الأصل أنه محكم عليه بالاتصال أو فصله بكلام أجنبي قال أكرم الطلاب ثم تكلم في مسائل أخرى أجنبية عن المقام ثم قال إلا زيداً نقول هذا الأصلح أنه لا يعتبر استثناءاً ولا يصح الاستثناء، وحُكي عن ابن عباس رضي الله عنه عدم اشتراطه، ولذلك قال حُكي لأنه لم يثبت ثبوتاً يصح اعتماده ولذلك كثير من أرباب الحديث يضعفون الرواية المنقولة عن ابن عباس بأنه سُأل فقال إلى سنة أو إلى أمد، وحُكي عن ابن عباس حُكي هذه صيغة تضعيف حينئذ لم يثبت عن ابن عباس وحُكي عن ابن عباس رضي الله عنه عدم اشتراطه عدم اشتراط الاتصال فحينئذ يجوز كونه منفصلاً فقد ورد عنه في الرجل يحلف قال له أن يستثني ولو إلى سنة ثم قرأ {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً {23} إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} لأنه مستدل بقوله {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} إذاً {لَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً} الاستثناء وإذا قال سأفعل هذا ينبغي تقييده بالأفعال المستقبلة إذا قال سأفعل كذا في المستقبل ونسي حينئذ له أن يقول إن شاء الله ولذلك حُمل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأغزون قريشاً ثلاث مرات ثم سكت ثم قال إن شاء الله فنقول هذا امتثال للآية وليس المقام المقام الذي نذكره الاستثناء بـ إلا أو إحدى أخواتها وإنما هذا تعليق الأفعال المستقبل على المشيئة وهذا متى ما نسي الإنسان وذكر حينئذ يأتي بقوله إن شاء الله وليس المقام فيما هو نحن فيه ولذلك {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} هل هذا قول يكون تفسير يكون حكم شرعي فامتثاله يكون امتثالاً لحكم شرعي وبحثنا في الأصل أنه بحث لغوي وليس ببحث شرعي إثبات الاستثناء من حيث هو استثناء هذه مباحث لغوية ثم إذا جاء في الشرع شيء آخر فحينئذ نعدل عن المعنى اللغوي إلى الحقيقة الشرعية ونقول الحقيقة
الشرعية مُقدمة على الحقيقة اللغوية انتبه لهذا بحث اللغويات ليس كالبحث في الشرعيات يعني تبحث في المسائل اللغوية من حيث هي في اللغة ثم هل الشرع جاء بما يوافق اللغة أو غيَّر نقل الحقيقة كلها أو بعضا أو له استعمال خاص حينئذ تصير المسألة مركبة من حقيقتين حقيقة لغوية وهي الأصل وحقيقة شرعية فإذا جاء في الشرع إطلاق الاستثناء جعل له حقيقة خاسة نحمله على الحقيقة الشرعية لا على الحقيقة اللغوية.
إذاً وعن عطاء والحسن تعليقه بالمجلس يعني جاز الفصل لكن ينبغي تقييده بالزمن اليسير إلا كان المتكلم في المجلس يعني بقي في مجلسه كخيار المجلس فإذا بقي في المجلس حينئذ له أن يستثني وشيخ الإسلام يميل إلى هذا أنه يجوز الانفصال ما دام في المجلس لكن من حيث اللغة نقول لا لابد من الاتصال لأننا إذا أثبتنا حقيقة الكلام بأنه مركب من مسند ومسند إليه وأن المتعلقات هي معمولات والمعمولات لابد أن تكون متصلة بعواملها حينئذ يُنزل هذه القواعد على الكلام اللغوي إن جاءت حقيقة شرعية فعلى العين والرأس ونبقى على المعنى الأصلي، وقد أومأ إليه أحمد في اليمين أشار إلى القول قول العطاء والحسن بأنه يجوز الفصل وتعليقه ما دام في المجلس أما إذا انفصل المجلي فحينئذ ليس له ذلك، وأومأ إليه يعني أشار إليه كما في رواية أبي طالب إذا حلف بالله قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى إذا حلف بالله وسكت قليلاً ثم قال إن شاء الله فله استثناءه لأنه يكفر إذا حلف بالله وسكت قليلاً بتقييد وليس على إطلاقه كما قال المصنف هنا تعليقه بالمجلس هذا عام يشمل الزمن اليسير وغيره وأومأ إليه أحمد لم يُومأ إليه مطلقاً للزمن اليسير والزمن الطويل وإنما قال وسكت قليلاً، ثم قال إذا حلف إن شاء الله فله استثناءه لأنه يكفر، إذاً هل يشترط في المستثنى أن يكون متصلاً بالمستثنى منه نقول فيه مذهبان؟ المذهب الأول أنه يشترط ولا يصح فصله وانفصاله إلا بضرورة كأخذ نفس وسعال ونحو ذلك فنقول حينئذ هذا له حكم الاتصال وهذا قول جماهير أهل العلم واستدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير أيهما أيسر وأليق بالشرع أن يقول أن يكفر عن يمينه أو فليقل إن شاء الله؟ الثاني لو كان الاتصال له أو عدم الاتصال جائز في الحلف لقال من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليقل إن شاء الله ولا يقول فليكفر عن يمينه ولذلك جاء أيضاً في قصة أيوب {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ} ص44، فلو كان الاتصال ليس شرطاً لقال له قل إن شاء الله حينئذ لا كفارة لكن هذا يدل على أنه لابد من الاتصال هذا حجة الجمهور وهو أصح موافق له من جهة الشرع ومن جهة اللغة، اللغة أثبتت أنه لابد من الاتصال وكذلك جاء الدليل اشرعي مُبين أنه لابد من الاتصال.
المذهب الثاني أنه لا يشترط الاتصال، ثم الانفصال لا بأس به إلى متى؟ قيل إلى شهر وقيل إلى شهرين وقيل إلى سنة وقيل إلى سنتين وقيل إلى ماذا؟ أبداً مطلقاً فحينئذ له أن يستثني ولذلك لو صح القول بالاستثناء مطلقاً حينئذ لا يُعرَف صدق صادق ولا كذب كاذب ولا يثبت طلاق ولا عتق ولا حنث ولا غيره صارت الناس يتلاعبون بالألفاظ الشرعية ولو يقول زوجتي طالق ثم بعد ذلك لو قيل له تطلق قال إذا خرجت من البيت أو قيده فحينئذ أخرج نفسه فلو قال زوجتي طالق ثلاثاً الجمهور أنه يقع يقول القاضي ماذا أصنع قل له إلا اثنتين حينئذ ماذا حصل؟ حصل تلاعب لو قيل بهذا القول لما عُلم كذب كاذب ولا صدق صادق ولا ما استقرت الأمور ولا انضبط الناس بالشريعة ولا إلا آخره ولا بأحكام لأنه لا يُعرَف عتق ولا يعرف طلاق أو حنث إلى آخره هذا الشرط الأول الشرط الثاني قال وأن يكون من الجنس إذاً من الجنس يعني أن يكون الاستثناء أو المستثنى من جنس المستثنى منه فإذا لم يكن من جنسه لا يصح أن يكون استثناءاً لغة ليس باستثناء حقيقة وإنما يطلق الاستثناء وينصرف بإطلاقه الحقيقي على ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه وهذا إذا قيل مثلاً قام القوم إلا زيداً زيداً هذا من جنس القول فحينئذ صح الاستثناء لو قال قام القوم إلا حماراً هل هو من جنسه ليس من جنيه إذاً لا يصح الاستثناء لأنه جعله شرطاً وأن يكون من الجنس وبه قال الشافعية جعله شرطاً فحينئذ إذا لم يكن من الجنس لم يصح الاستثناء لم يصح ماذا؟ قيل لغة بمعنى أنه يُلحّن ويُغلَّظ والأشهر أنه لا يصح الاستثناء حقيقة وإلا بعضهم قال هذا لغو ليس بصحيح لكن هذا فاسد لأنه واقع في القرآن فحينئذ نقول لا هو ثابت الاستثناء من غير الجنس ثابت لكن الخلاف بين الجمهور وغيرهم هل هو استثناء حقيقة أو مجاز فقط وإلا هو استنثاء استثناء فحينئذ نقول قوله وأن يكون من الجنس أن يكون من الجنس هذا فيه إشارة إلى الاستثناء المتصل وأهل اللغة يقسمون الاستثناء إلى متصل ومنقطع والضابط بينهما على المشهور ما ذكره المصنف إذا كان الاستثناء من الجنس فهو متصل وإن كان الاستثناء من غير الجنس فهو منفصل أو منقطع لا بأس أن تقول منفصل وأن تقول منقطع والأشهر الثاني لكن الأولى أن يُقال دقة ونظراً للمعنى أن يُقال الاستثناء المتصل هو الحكم بنقيض الحكم على جنس ما حكمت عليه أولاً لابد من أمرين وليس كون المستثنى من جنس المستثنى منه فحسب هو الحكم بكونه مستثنى متصل بل لابد من شيء آخر وهو أن يكون الحكم على المستثنى نقيض الحكم على المستثنى منه لابد من أمرين والحكم بالنقيض للحكم حصل لما عليه قبل متصل فحينئذ نقول الاستثناء المتصل هو الحكم بنقيض الحكم لابد على جنس ما حكمت عليه أولاً فإن حكمت بنقيض الحكم لا على جنس ما حكمت عليه أولاً فهو منقطع وإن حكمت على غير أو حكمت على جنس ما حكمت عليه أولاً لا بالنقيض وإنما بمخالف فحينئذ لا يُعد متصلاً ولو كان المستثنى من جنس المستثنى منه فقوله وأن يكون من الجنس هذا يشمل بعض المنقطع يدخل فيه بعض المنقطع فإذا قيل الاستثناء المتصل فإنه الاستثناء من الجنس أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه هذا ليس خاصاً
بالمتصل بل يدخل فيه بعض أفراد المنقطع فإذا قلت قام القوم إلا زيداً لا نحكم عليه بأنه متصل أو منقطع إلا بتوفر أمرين اثنين لابد منهما قام القوم إلا زيداً فنقول زيداً هذا من جنس القوم هذا أولاً ثم إلى الحكم لأن الاستثناء كلام التام ليس ألفظ فحسب بل هو ألفاظ وأحكام إذاً عندنا لفظ وعندنا حكم فتُثبت أن لفظ زيد داخل في لفظ القوم من حيث هو في اللغة ثم ثُبت أن ما بعد إلا ثابت له نقيض الحكم لما ثبت أولاً فالقوم أُثبت لهم الحكم وهو القيام ما نقيض القيام؟ الجلوس الاضطجاع؟ عدم القيام إذا أردت النقيض فتأتي بلفظ عدم تضيفه للحكم السابق عدم القيام هو نقيض القيام كل منهما نقيض الآخر لأنهم لا يجتمعان ولا يرتفعان فحينئذ نقول قام القوم إلا زيداً وُجد فيه أمرين كون المستثنى من جنس المستثنى منه وأن الحكم على المستثنى وإنما هو حكم بنقيض الحكم الأول على المستثنى منه قام القوم إلا حماراً هذا نقول استثناءاً منقطعاً لماذا؟ لعدم وجود أو انخرام أحد الشرطين وهو كون المستثنى من جنس المستثنى منه لكن الحكم بالنقيض ثابت أو لا؟ ثابت هذا الأصل قام القوم إلا حماراً حماراً هذا أُثبت له نقيض الحكم السابق وهو عدم القيام إذاً أُصبت نقيض الحكم لا على ما كان من جنس الأول فنحكم عليه بأنه منقطع وقد يكون من جنس الأول ولا يكون استثناء متصلاً فيما إذا حُكم على المستثنى بحكم مخالف في الحكم الأول وليس بنقيضه مثّل بعضه كالشيخ الأمين رحمه الله تعالى وهو الذي جاء السؤال هنا {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} الدخان56، الْمَوْتَةَ هذا مستثنى وهو من جنس المستثنى منه أليس كذلك؟ مقل قام القوم إلا زيداً على ما ذكره المصنف نقول هذا استثناء متصل لأن الموت من جنس المستثنى منه وهو مطلق الموت أو الموت الخاص فحينئذ نقول على الظاهر أنه استثناء متصل لكن نقول لا أنخرم الشرط الثاني وهو كون الحكم على المستثنى ليس نقيض للحكم على المستثنى منه بل هو مخالف له {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا} الضمير يعود إلى الآخرة إذاً الحكم ما هو عدم ذوق الموت في الآخر {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} ذوقه في الدنيا هل ذوق الموت في الدنيا نقيض لعدم ذوقه في الآخرة هل هو نقيض أو خلاف؟ خلاف ليس بنقيضه لماذا؟ لأنك تنظر إلى الدنيا وتنظر إلى الآخرة فتقول الدنيا ذوق الموت في الدنيا نقيضه عدم ذوقه في الدنيا ذوق الموت في الدنيا لابد تقييده بمحله ذوق الموت في الدنيا نقيضه عدم ذوقه في الدنيا ثم تنظر إلى الآخرة فتقول ذوقه في الآخرة نقيضه عدم ذوقه في الآخرة وهنا الآية مترددة بين ماذا؟ بين محل واحد وهو الآخرة أو الدنيا حتى يحصل التناقض للحكم أم بين محلين؟ إذا كان بين محلين حينئذ انفكت الجهة فنقول عدم ذوقه في الآخرة ليس نقيضاً لذوقه في الدنيا بل هو مخالف له إذاً لم يحصل الحكم بالنقيض على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه بل هو خلاف ولذلك نحكم بأن الاستثناء هنا استثناء منقطع وليس بمتصل لأنه لابد من أمرين الحكم بنقيض الحكم السابق على جنس ما حكمت عليه أولاً فإن كان من الجنس لا بحكم النقيض فهو استثناء منقطع كما في الآية التي ذكرناها وإن
كان بالنقيض لا على الجنس حكمنا عليه بأنه منقطع، وأن يكون من الجنس فإن لم يكن من الجنس قالوا لا يسمى استثناء على قول أو لا يكون استثناء حقيقة لكن الصواب أن الاستثناء يكون حقيقة من غير الجنس على ما ذكره المصنف ويسمى استثناءاً حقيقة وهنا تعللوا بماذا؟ تعللوا بأن الاستثناء إخراج وهذا ليس فيه إخراج إذاً انتفت حقيقة الاستثناء ما هو الاستثناء؟ الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها رأيت القوم إلا حماراً هل حصل إخراج؟ قالوا لم يحصل إخراج إذاً ليس باستثناء بل هو مجاز وإذا أبطلنا هذا القول بأن الاستثناء فيه إخراج حينئذ لا نحتاج إلى هذا التعليل، وأن يكون من الجنس فإن لم يكن من الجنس حينئذ لا يصح الاستثناء ولا يكون حقيقة لانتفاء حقيقة الاستثناء وهي الإخراج ثم الاستثناء إذا أُطلق في اللغة عندهم انصرف إلى المتصل قالوا إذا أستعمل أو أُريد به المنقطع فليس بحقيقة.
وبه قال بعض الشافعية وقال مالك وأبو حنيفة وبعض المتكلمين ليس بشرط يعني كون المستثنى من جنس المستثنى منه ليس بشرط في صحة الاستثناء بل هو استثناء وذكر الشيخ الأمين رحمه الله تعالى أن ظاهر كلام أهل اللغة أن استثناء حقيقي فيُسمى استثناءاً ونقول الاستثناء أنه عام متصل ونقطع وكل منهما يسمى استثناءاً، ليس بشرط فيجوز عندهم كون الاستثناء منقطعاً لماذا؟ قالوا لكثرة وروده في القرآن {َما لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} قالوا اتِّبَاعَ الظَّنِّ هذا ليس من جنس العلم {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً} السلام ليس من جنس اللغو {لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً} تجارة ليست من جنس الباطل {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلَاّ إِبْلِيسَ} على المشهور أنه ليس من الملائكة إذاً وقع الاستثناء في الشرع والحكم أنه باطل لغة هذا فاسد مردود لوروده في القرآن وأما كونه حقيقة فنقول هذا هو الظاهر ولا يُصرَف عنه إلا بقرينة تدل على أنه مجازاً وليس ثم قرينة تدل على ذلك.
ثم قال وأن يكون المستثنى هذا هو الشرط الثالث أن يكون المستثنى أقل من النصف وفي النصف وجهان وأجاز الأكثرون الأكثر هذا الخلاف بين الأصوليين في الإخراج فيما يُخرَج هل هو أقل أو النصف هذا ليس في الصفة وليس في الشرط وإنما الخلاف في الاستثناء وخاصة إذا كان من العدد أما الشرط فقوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ} فلو كان المستطيعون النصف لا بأس به لو كانوا أكثر من النصف لا باس به لو كان أقل هذا لا إشكال فيه إذاً لا يشترط في الصفة أن يكون الإخراج لها أن أقل من النصف أو مساوٍ أو أكثر وإنما الخلاف في الاستثناء فقط وخاصة إذا كان من العدد، فلو قال له علي عشرة يجوز أربعة أشياء عقلاً يجوز أربعة أشياء من حيث الاستثناء أما أن تكون له علي عشرة إلا عشرة استثناء الكل صار الاستثناء مستغرقاً له علي عشرة إلا ستة أكثر من النص وما زاد له علي عشرة إلا خمسة استثنى النصف له علي عشرة إلا أربعة هذا أربعة أشياء أجمعوا على أن الأول باطل وهو استثناء الكل من الكل بالاتفاق باطل لأنه عدد ولم ترد به اللغة إلا إذا أردفه بما يصحح الاستثناء يعني لو قال له علي عشرة إلا عشرة إلا ثلاثة نقول العشرة الثانية أُلغيت فكأنه قال لع علي عشرة إلا ثلاثة فحينئذ يصح لأنه أردف العشرة الثانية المستثنى من العشرة أردفه بما يصحح الاستثناء فحينئذ الإجماع أو الاتفاق على أن استثناء الكل من الكل باطل إذا لم يُردفه بما يُصحح الاستثناء فإذا قال له علي عشرة إلا عشرة الاستثناء باطل فتثبت له العشرة إذا قيل الاستثناء باطل ليس المراد الجملة كلها باطلة وإنما المراد الإخراج على قولهم باطل فإذا قال له علي عشرة إلا عشرة لو صحننا الاستثناء كم له اعترف بماذا؟ لا شيء لكن لما قال إلا عشرة استثنى المستغرق نقول له عليك عشرة فتلزمه العشرة والاستثناء قوله إلا عشرة نقول باطل لكن لو أردفه بما يُصحح الاستثناء فنقول له علي عشرة إلا عشرة إلا ثلاثة إلا عشرة إلا عشرة الثانية نُلغيها كأنها غير موجودة كأنه قال له علي عشرة إلا ثلاثة وهذا يصح حينئذ له كم؟ له سبعة هذا فيم إذا استثنى الكل نقول الاستثناء باطل ولذلك لم يذكره المصنف وإنما ذكر ثلاثة أنواع فقط وسكت عن الرابع لأنه باطل باتفاق أما إذا استثنى الأكثر فهذا محل خلاف هل يجوز أو لا؟ أجاز الأكثرون الأكثر يعني أن يكون المستثنى أكثر من المستثنى منه له علي عشرة إلا تسعة يجوز أو لا يجوز؟ نقول قال أكثر الفقهاء والمتكلمين يجوز استثناء الأكثر وهذا قول أهل الكوفة خلافاً للبصريين البصريون على المنع أنه لا يجوز الاستثناء استثناء الأكثر ولا المساوي وإنما يستثني فقط فيما هو دون النسخ هذا مذهب البصريين وأما أكثر الفقهاء والمتكلمين تبعاً للكوفيين أنه يجوز استثناء الأكثر فلك أن تقول له علي عشرة إلا تسعة أو إلا ثمانية المهم أن يكون أكثر من النصف لأنه إذا أجاز استثناء الأقل وهو مُجمع عليه جاز استثناء الأكثر من جامع أن كلاً إخراج بعض ما شمله العام ولأنه رفع بعض ما تناوله اللفظ فجاز في الأكثر التخصيص يعني كالتخصيص بالصفة أو البدل ونحو ذلك وهذا مذهب أبي عبيدة وأكثر الأصوليين أنه
يجوز استثناء الأكثر وبعضهم يستدل بالآية أو الدليل المركب من الآيتين {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} هكذا قال إبليس {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} مع قوله {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} أيهم أعم وأيهما أخص؟ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَاّ مَنِ اتَّبَعَكَ} ؟ الغاوون أكثر أم الصالحون؟ الغاوون إذاً قوله {إِلَاّ مَنِ اتَّبَعَكَ} هذا أكثر من قوله بعد الإخراج {إِنَّ عِبَادِي} يكون أكثر أم لا؟ يكون أكثر حينئذ صح الاستثناء استثناء الأكثر من اللفظ العام لكن أجاب بعضهم أن {عِبَادِي} لفظ عام جمع مضاف والجمع المضاف كما سبق أنه يعم فحينئذ يعم الملائكة ويعم الصالحين من الثقلين الإنس والجن فحينئذ أيها أكثر؟ الصالحون {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} فيكون استثناء الأقل من الأكثر لكن لو صح سُلِّم هذا نقول عكس الآية في السابق {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} فصار المُخلَصون أقل من الغاوين قطعاً فحينئذ لو قيل {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَاّ عِبَادَكَ} عباد مُضاف فيعم الصالحين من الملائكة وغيرهم فصار أيضاً مؤكداً أنه استثناء الأكثر من الأقل على كل الصواب أنه جائز أني كون المستثنى أقل من النصف كقوله له علي عشرة إلا أربعة أو قال إلا ثلاثة أو إلا اثنتين أو إلا واحد حينئذ يجوز وهذا بإجماع لا خلاف لأنه الذي سُمع من لغة العرب هو المسموع من لغة العرب، وفي النصف وجهان يعني استثناء النصف له علي عشرة إلا خمسة هذا فيه وجهان قيل يصح وقيل لا يصح والمذهب الجواز يعني الراجح عند الحنابلة الجواز قال في الإنصاف وهو المذهب وهو أي استثناء النصف وهو المذهب وهو قول الجمهور {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ {1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً {2} نِصْفَهُ} استثنى النصف وبعضهم منع لأنه لم يرد عن لغة العرب والصواب أنه جائز. وأجاز الأكثرون الأكثر يعني استثناء الأكثر أما استثناء الكل من الكل أو المستغرق نقول هذا باطل باتفاق قال ابن قدامة رحمه الله تعالى ولا نعلم خلاف بأنه لا يجوز استثناء الكل ولذلك لو قال زوجته طالق إلا ثلاثة ثلاثاً إلا ثلاثة زوجته طالق ثلاثاً إلا ثلاثة قال لها أنتِ طالق ثلاثاً إلا ثلاثة كم يقع؟ ثلاثة لو قال أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة تقع الثلاثة على قول الجمهور لأن إلا ثلاثاً هذا باطل لا يُحسَب لو قال أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة إلا اثنتين كم يقع؟ واحدة أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة إلا واحدة تقع اثنتين أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة باطل إلا إذا أردفه بما يصححه فحينئذ يصح ويُجعَل قوله إلا ثلاثة الثانية مُلغاة كأنها غير موجودة كأن التركيب عندئذ أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين أو إلا واحدة.
فإن تعقب جُمَلاً عاد إلى جميعها إذا وقع الاستثناء قد يقع بعد جُمَل تأتي بالجمل المترادفة ثم بعد ذلك يأتي باستثناء هل الاستثناء يعود إلى كل الجُمَل أو إلى الأخيرة منها أو إلى الأولى أو إلى الثانية؟ هذا محل نزاع عند الأصوليين الجمهور على أنه يعود إلى الكل يعود إلى الجميع يعني كل الجُمَل التي سيقت قبل الاستثناء يدخلها الاستثناء قال فإن تعقب الاستثناء جُمَلاً عاد الاستثناء إلى جميعها إلا لدليل يخصه ببعضها إذا جاء دليل منفصل فلا إشكال أما إذا لم تكن قرينة تُعين أن الاستثناء مُراداً به بعض الجُمَل إلى بعض حينئذ يعود إلى الجميع وهذا قول الجمهور للشافعية والمالكية والحنابلة ومثلوا له بقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور4، قال بعد ذلك {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} ي {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} عود إلى أي شيء؟ أمامه كم جملة {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ثلاث جُمَل هل يعود إلى الجميع أو بعضها؟ هنا الأول لا يمكن أن يعود لها باتفاق لماذا؟ لأنه إذا وصل القذف إلى القاضي التوبة لا تُسقط وإنما يكون بينه وبين ربه أما في حقوق الناس إذاً قوله {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} لا يمكن أن يكون قوله {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ} ماذا بقي؟ بقي {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} إذاً لو تابوا هل تُقبَل شهادتهم أم لا؟ هو محل نزاع إذا قلنا عاد إلى الجملتين فحينئذ التوبة تكون ماحية عنهم قبول الشهادة وإن قلنا كما قال الأحناف أنه يعود إلى أقرب مذكور فحينئذ {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} ارتفع الفسق فقط وأما الشهادة فهي مردودة ولو مع التوبة فإن تعقب جملاً قال عاد إلى جميعها فحينئذ إلا الذين تابوا يعود لقوله {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً} {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} فإن تابوا فحينئذ اقبلوا لهم الشهادة {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} إن تابوا ارتفع عنهم الفسق لماذا؟ قالوا وجه عوده إلى الكل أن العطف يوجب اتحاد الجُمَل معاً عطف الجُمَل إذا كان بينها ارتباط في المعنى كعطف المفردات جاء زيد وعمرو وخالد هذا عطف مفردات إذاً هي مشتركة كل المعطوفات في ماذا؟ في إثبات المجيء فحينئذ عطف الجمل إذا كانت متحدة في المعنى حينئذ كعطف المفردات وهذا هو الأصل في الجمل إلا إذا دل قرينة بأن الجملة الثانية مستقلة تمام الاستقلال عن الجملة السابقة وهذا خلاف الأصل ولأن تكرير الاستثناء عقب كل جملة يُنافي الفصاحة {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} هذا يُخالف لم يُنقل هذا في لغة العرب
أن الاستثناء إذا أريد به كل جملة حينئذ يُؤتى به بعد كل جملة أو تُذكر الجمل أولاً ثم يُذكر الاستثناء عائداً على الجميع الثاني هو المنقول وهو الفصيح وهو الأقرب فمقتضاها حينئذ أي الفصاحة العودة إلى الكل ولأن الشرط يعود إلى الكل فكذلك الاستثناء فلو قال نسائي طوالق وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً نسائي طوالق وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً إن كلمت زيداً هذا شرط إن قلنا أنه يعود على الأخير النساء طوالق مطلقاً وكلمت زيداً لا والعبيد لا مقرون بشرط وهو تكليم زيد لكن نقول الشرط على الأصح عند الجمهور يعود إلى الكل فحينئذ نسائي طوالق إن كلمت زيداً وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً كما عاد الشرط إلى الكل كذلك الاستثناء لأنه مخصص متصل فكذا الاستثناء لافتقارهما لمتعلق ولهذا يسمى التعليق بمشيئة الله تعالى استثناء هذا جملة ما ذكره الجمهور.
وقال الحنفية إلى الأقرب يعني أقرب مذكور الجملة الأخيرة يعني لا يرتفع الحكم بعدم قبول الشهادة بالتوبة بل يكون تائباً ولا تُقبَل شهادته لماذا؟ قالوا لأن الفصل وقع بين كل جملتين بين الجمل بحرف العطف فأشبه الفصل بكلام أجنبي لأنه فُصل بين كل جملة بحرف العطف فحينئذ أشبه الفصل بكلام أجنبي نقول هذا ليس بصحيح بل حرف العطف كاسمه عطف يعطف ما بعده على ما قبله إلا فيما إذا كان يُشرِّكه في الحكم دون المعنى ولذلك تُقسَّم حروف العطف إلى قسمين مُشرِّك للحكم يعني ما بعده لما قبله في الحكم والمعنى يعني في الإعراب والمعنى وهذا سائر حروف العطف وغما أن يكون مُشرِّكاً له في الحكم فقط دون المعنى يعني في الإعراب دون المعنى وهذا ثلاثة (لا وبل ولكن) وما عداه فالأصل أنها مُشرِّكة المعنى والحكم ولذلك نقول الأصل في الجمل المتعاطفة أنها بالمعنى أنها محمولة على معنى واحد ولا يُقال بالفصل إلا إذا دل دليل.
ثم قال وهو من الإثبات نفي ومن النفي إثبات، وهو أي الاستثناء من الإثبات نفي وهذا حُكي عليه الاتفاق قام القوم إلا زيداً قام القوم جملة مثبتة أو منفية؟ مثبتة حينئذ يكون حكم المستثنى النفي، ما قام القوم إلا زيداً ما قام القوم مثبتة أو منفية؟ منفية إذاً حكم المستثنى الإثبات وهذا قول الجمهور وعند الحنفية بل إثبات واسطة وهو عدم الحكم فيكون حينئذ المستثنى غير محكوم عليه مسكوت عنه كما هو الكسائي الذي ذكرناه سابقاً هذا في النفي فقط أما الإثبات هذا يكاد يكون الاتفاق أما الاستثناء من النفي هل هو إثبات أم لا؟ هذا محل الجمهور على أنه إثبات، ما قام القوم إلا زيداً ما قام القوم إلا زيداً إلا زيداً يجوز الوجهان بدلية والنص على الاستثناء، ما قوم القوم إلا زيداً إذاً إثبات القيام لزيد لأن الجملة منفية عند الكسائي وتبعه الأحناف زيداً وزيد مسكوت عنه ليس محكوماً لا بإثبات ولا بنفي نحتاج إلى قرينة خارجة وهذا يكاد يكون مخالفاً لإجماع أهل اللغة وهو من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات هذا ما يتعلق بالمستثنى ثم شرع في بيان المطلق وهذا يأتينا الحديث عنه بإذن الله تعالى، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.