المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * القياس * أركان القياس.   الدرس العشرون   بسم الله الرحمن الرحيم الحمد - شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول - جـ ٢٠

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * القياس * أركان القياس.   الدرس العشرون   بسم الله الرحمن الرحيم الحمد

‌عناصر الدرس

* القياس

* أركان القياس.

الدرس العشرون

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، قال المصنف رحمه الله تعالى ومما يتفرع عن الأصول المتقدمة القياس القياس هذا مبتدأ مؤخر ومما يتفرع خبر مقدم أي ومما ينبني ويتفرع إذاً الفرع هو ما تفرع غيره وتولد عن غيره، الأصول المتقدمة أربعة الكتاب والسنة والإجماع والبراءة الأصلية الاستصحاب والعدم كل هذه جعلها أصول متفق عليها وجعل القياس فرعاً عن هذه الأصول لماذا؟ لأنه كما سبق أن القياس كما ذهب إليه أنه من الأدلة الشرعية يعني مما تُثبت به الأحكام الشرعية غلا أنه ليس دليلاً مستقلاً بنفسه كما أن الكتاب دليل مستقل بنفسه لأن القياس اشترط فيه أن يكون معتمد على أصل فرع يُحمَل على أصل وهو المقيس عله وهذا المقيس عليه لابد أن يكون حكمه ثابت بكتاب أو سنة أو إجماع إذاً لم يخرج القياس عن دلالة الكتاب والسنة والإجماع فصار فرعاً لكن المشهور عند الأصوليين أن الأصول المتفق عليها أربعة الكتاب والسنة والإجماع والقياس وهذا أولى وما ذكره المصنف وعلله هنا بأن القياس يتفرع هذا موجود في السنة أو موجود في الإجماع لأنه كما قيل أن حجية السنة ثابتة بالكتاب وحجية الإجماع ثابتة بالكتاب والسنة إذاً الذي حصل رجعت السنة والإجماع والقياس إلى الكتاب إما أن يُجعَل الدليل واحداً أو الأصل واحد وقد قيل به قال به بعض الأصوليين وإما أنه يُجعَل كأن كل واحد منها له مفهومه الخاص فالسنة لها مفهوم خاص ولو ثبتت حجيتها بالكتاب والإجماع له مفهوم خاص مغاير للسنة ولو ثبت حجية الإجماع بالكتاب والسنة والقياس له مفهوم خاص ولو كان متفرعاً عن الأصول السابقة، قال ومما يتفرع عن الأصول المتقدمة أن القياس من ألأدلة الشرعية لكنه ليس دليلاً مستقلاً بذاته، القياس وقد جعله ابن قدامة في الروضة من معقول المعنى يعني يقول الحكم الشرعي هذا مأخوذ من كتاب وسنة أو كمن الكتاب، الكتاب يدل على الحكم الشرعي إما بمنطوقه وإما بمفهومه وإما بمعقوله منطوقه ومفهومه هذا ما سبق البحث فيه المنطوق والمفهوم بمعقوله جعله القياس لأن حجية القياس ثابتة بالكتاب وأيضاً لابد أن يكون الحكم حكم المقيس عليه ثابتاً بنص أو إجماع إذاً رجع إلى معقول الكتاب والسنة.

ص: 1

القياس القياس هذا مصدر قاس يقيس قياساً إذاً أصله قاس وقاس هذا فعل ماض وألفه مبدلة عن الياء هذا على المشهور أن الألف هنا مُبدلة عن ياء وقاس في الأصل أنه مما سُمع فيه الواو والياء يعني أجوف واو وأجوف ياء هذا موجود في بعض الكلمات يتعين أن يكون ألفه منقلبة الأفعال الماضية الثلاثية إذا وُجدت فيها ألف فاقطع بأنها ليست أصلية قطعاً هذا باتفاق إذا وجدت الألف في فعل ماض أو اسم على ثلاثة أحرف فاقطع لأن الألف ليست أصلية وإنما هي منقلبة عن واو أو ياء، ثم يحتمل في بعضها مما سُمع فيه أنه واو أو ياء فيُحكَم بهما بالاثنين فلا يُقال أن ألألف منقلبة عن واو أو عن ياء مثل دعا هذا ثلاثي ألفه منقلبة عن واو وهو الأكثر لكن الأصح أنه منقلبة عن واو وفي بعض الروايات منقلبة عن ياء ولذلك دعاء يدعي صحيحة ودعا يدعو هذه أيضاً صحيحة لماذا؟ لأن ألف دعا يدعو هذه الواو كانت ألفاً فدعا أصل دعو تحركت الواو وفُتحت ما قبلها وقُلبت ألفاً، ودعا أصلها دعي أيضاً ولذلك الإمام مالك رحمه الله تعالى له منظومة في الواو والياء مما جاء في اللغتان فيُقال فيه أنه واوي يائي لكن باعتبار لغتين هذا موضوع فيما جاء بالواو والياء منها دعا، وقاس مثلها قاس قيس وقاس قوس إذاً قاس يقيس وقاس يقوس صحيحة قاس يقيس وقاس يقوس المثال المشهور عند الأصوليين هو القياس أنه بالياء والقياس هذا مصدر، قال وأصله أصله يعني في اللغة التقدير والمساواة يعني يُطلق مراداً به التقدير ويُطلق ويُراد به المساواة وهل هو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر أو مشترك لفظي أو مشترك معنوي فيه خلاف ومثل هذه ألفاظ التي تستعمل بمعنيين فأكثر الأصل أنه يُحكَم بأنه مشترك لفظي هذا هو الأصل وإذا جاء القرء مثلاً مستعملاً في الحيض والقرء مستعملاً في الطهر نقول هذا مشترك لفظي لأن اللفظ واحد والمعنى مختلف إذاً اتحدا في اللفظ وتعدد في المعنى وفي الوضع أيضاً وهذا حقيقة المشترك اللفظي، والقول بأنه خلاف الأصل نعم هو خلاف الأصل لكن إذا سُمع في اللفظ معناً ومعنى بدلاً من أن يُقال في أحدهما مجاز وفي الآخر حقيقة دون برهان نقول هذا القول بالاشتراك أولى من المجاز وإن كان المُرجح عند الكثير من الأصوليين أن المجاز مُقدَم على القول بالاشتراك القول بالاشتراك هذا حقيقة ولا عدول عنها إذاً أصل القياس في اللغة يأتي بمعنى التقدير يقول قست الثوب بالذراع إذا قدرته به ولذلك قال الجوهري قست الشيء بغيره وعلى غيره إذاً يتعدى بالباء ويتعدى بعلى قست الثوب بالذراع قست الثوب على الذراع وهذا وارد قد يتعدى الشيء بحرفين وكل منهما له معنى رغبت في كذا ورغبت عن كذا المعنى يختلف هنا قاس يتعدى بالباء ويتعدي بعلى قاس الثوب بالذراع إذا قدره به قال الجوهري قست الشيء بغيره وعلى غيره إذا قدرته على مثاله حينئذ إذا قدرت الشيء بالشيء يستلزم أنه لابد من شيئين الثوب والذراع إذاً القياس يستلزم شيئين ويُقال قدرت أو قست الجراح بمعنى إذا جعلت فيها ميلاً لتعرف غورها هكذا قال الجوهري رحمه الله تعالى، ويأتي بمعنى المساواة فيقال فلان لا يقاس بفلان أي لا يساويه أو يقال فلان يقاس بفلان بمعنى أنه يساويه إذاً يُطلق عليهما

ص: 2

بالمعنى أو بالاشتراك اللفظي فيكون اللفظ لفظ القياس مشتركا لفظياً بين التقدير والمساواة، وأما في الاصطلاح فقال وهو أي القياس في اصطلاح أهل الأصول أو إن شئت قل شرعاً فهو حمل فرع على أصل في حكم لجامع بينهما وهذا أشهر حد للقياس، حمل فرع على أصل في حكم لجامع بينهما إذا قد تضمن أركان القياس الأربعة وبإيجاز وبمعنى واضح بيِّن لا إشكال فيه، حمل ما المراد بالحمل هنا؟ المراد به الإلحاق يعني إلحاق الفرع بالأصل في إثبات الحكم له لأن ثمرة القياس ونتيجة القياس وما يُراد من القياس هم إثبات حكم الأصل للفرع فحينئذ أصل القياس هو الإلحاق وبعضهم يعبر بالمساواة أو التسمية ولا إشكال لأن بعضهم انتقد كلمة حمل هنا لأنها ملزومة للمساواة نقول لا مشاح في الاصطلاح يعني قد يُعبَر بالحمل وقد يُعَبر كما في التعريف الآخر بالإثبات وإن كان الحمل والإثبات ثمرة للقياس لأن الأصل في القياس هو مساواة الفرع للأصل وهذا هو المعنى اللغوي بمعنى المساواة تسوية فرع بأصل مساواة فرع بأصل والحمل والإثبات كذلك نقول هذا ملزوم للمساواة لأنه يلزم من المساواة الحمل يستوي الفرع مع الأصل أولاً ثم تحمل إذاً أيهما أصل وأيهما فرع؟ التسوية أولاُ يستوي عندك الفرع مع الأصل ثم تحمل الفرع على الأصل ثم تُثبت حكم الأصل في الفرع إذاً نقول الحمل والإثبات ملزوم للمساواة المساواة لازمة فإذا وُجدت المساواة يلزم منها الحمل والإثبات إذاً لا مشاح في الاصطلاح من ذكر الحمل أو ذكر المساواة في الحمل وإن كان الأولى أن يُعبَر بما جرت به العادة من كون المعنى اللغوي يؤخذ الجنس في حد المعنى الاصطلاحي المعنى اللغوي وهو المساواة هنا الأصل هو أن يؤخذ في حد القياس ولكن إذا أُطلق الملزوم مراداً به اللازم وإن كان مجاز إلا أنه صار حقيقة عرفية، والمجاز إذا أُطلق وانصرف إلى معنى خاص عن أرباب الحدود جاز دخوله في الحد وما يُذكَر من شرط الحد وحصته أن يخلو عن المجاز نقول نعم المجاز الذي لم يصير حقيقة عرفية هذا يمتنع دخوله في الحد وإما إذا صار حقيقة عرفية بحيث إذا أُطلق لفظ الحمل ولفظ الإثبات ولفظ التعدية تعدية حكم الأصل إلى الفرع نقول إذا أُطلقت هذه العبارات وإن كان هي مجاز بإطلاق اللازم مراداً به الملزوم أو الملزوم مراداً به اللازم إذا أُطلقت صارت حقائق عرفية وحينئذ لا إشكال وهو حمل فرع يعني إلحاق الفرع بالأصل وإثبات حكمه له حكم الأصل للفرع لذلك الحمل فرعي على أصل هذا الركن الأول الفرع على أصله هذا الركن الثاني في القياس، في حكم حكم ماذا؟ في حكم الأصل هنا أطلق الحكم فيشمل الحكم التكليفي والحكم الوضعي على قوله، لجامع بينهما لجامع جار ومجرور متعلق بقوله حمل وقوله في حكم أيضاً جار ومجرور متعلق بقوله حمل حينئذ الحمل هذا ما سببه؟ لجامع بينهما بين الفرع والأصل وُجد جامع وهو علة ومعنى مناسب وُجد في الأصل وعُلق عليه الحكم هذا المعنى وُجد في الفرع لتحقيق المناط كما سيأتي حينئذ يلتحق الفرع بالأصل كقياس النبيذ على الخمر في التحريم، قالوا النبيذ فرع هذا مجهول الحكم لم يرد نص في الشرع على النبيذ هذا من باب المثال فقط وإلا منصوصاً عليه لدخوله في قوله كل مسكر خمر

ص: 3

نقول النبيذ على ما يذكره الأصوليون النبيذ مجهول الحكم لأن الفرع مراد به أنه عمل أو شيء أو ذات جُهل حكمها لا يُعرَف حكمها لم يُنَص عليها في الشرع وجاء شيء آخر حُكم عليه بحكم في الشرع نظرنا فإذا هذا الحكم في ذلك المحل قد عُلق بعلة وبحكمة حينئذ نقول الخمر حرام ما علة تحريم الخمر؟ الإسكار إذاً هذا أصل عندنا فنقول الخمر هذا أصل وحكمها التحريم هل هناك علة هل هناك وصف مناسب لتعريف الحكم والتحريم بالخمر نفسها؟ نقول نعم وهو الإسكار فإذا وجدنا أي فرع أو أي شراب لم يُنص عليه في الكتاب والسنة ووجدنا تلك العلة التي علق عليها الشرع في الخمر بالتحريم وهي الإسكار فحيث ما وجدنا في شراب ما حكمنا بانتقال حكم الأصل وهو الخمر إلى ذلك الفرع وهذا هو حقيقة القياس أن يوجد عندنا أصل أو يوجد عندنا حادثة أو واقعة أو شارب أو ذات أو أكل ونحو ذلك قد نص الشرع على حكمه وعلل ذلك الحكم يعني علق الحكم بعلة هذه العلة متى ما وُجدت في شيء آخر لم ينص عليه الشرع بهذا الشرط لم ينص عليه الشرع حينئذ نقول ننظر في هذا الفرع هل وُجدت فيه العلة على الإسكار أو لا إن وُجدت نقول حمل الفرع الذي هو النبيذ على الأصل الذي هو الخمر في الحكم وهو التحريم للعلة الجامعة بينهما وهو الإسكار وهذا هو حقيقة القياس وهذا أصح حد ذُكر عند الأصوليين ولذلك قدمه المصنف هنا.

ص: 4

وقيل يعني في حد القياس وإن كان إكثاراً الإكثار في الحدود هذا مناف للاختصار الأصل أنه يذكر حداً واحداً ويكتفي به وما بعد الحد الأول ضعَّفه بقوله وقيل إثبات وقيل حمل معلوم، فإذا كان الضعيف ويرد عليها إيرادات أو اعتراضات حينئذ الأولى عدم الاشتغال بها، وقيل: إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم ما الفرق بين هذا والحد السابق هل هناك فرق؟ عبر بالإثبات دون الحمل والإثبات أيضاً ملزوم للمساواة والحمل أيضاً ملزوم للمساواة إذاً يُعترَض عليه بما أُعترض على الحد الأول بأن الإثبات ثمرة ونتيجة القياس والجواب أنه أطلق الملزوم مراداً به اللازم لأنه يلزم من المساواة الإثبات ويلزم من المساواة الحد حينئذ لا إشكال لأنه صار حقيقة عرفية ويرد الاعتراض لو كان إطلاق الإثبات على التسوية لم يصر حقيقة عرفية عند الأصوليين إذاً صار المجاز حقيقة عرفية أو مجازاً مشهوراً كما يعبر الغزالي ونحوه حينئذ صار الحد سليماً ولا اعتراض على الحد فليس كل مجاز يُدخَل في الحد يكون سبباً في الاعتراض على الحد وإنما المجاز الذي لا يُفهَم ما المراد به أو لم يصر حقيقة عرفية أو لم يكن مجازاً مشهوراً هو الذي يُمنَع إدخاله في الحد وما عدا ذلك فهو جائز، إثبات ما المراد بالإثبات هنا؟ المراد به إدراك النسبة لأن الإثبات هنا قد يكون من جهة ما أخص من مطلق الحمل لأن الحمل إلحاق ثم الإثبات هذا فيه إلحاق ونوع زيادة وهو أن الإثبات لا يكون إلا فيما إذا أُدركت نسبته الذي يقال فيه أنه الإنشاء في الجملة الاسمية أو النفي في الجملة الاسمية أو الفعلية حينئذ الإثبات المراد به إدراك النسبة بين الفرع والأصل والنسبة هذه كما سبق أن المراد بالأحكام الشرعية هي النسب التامة لذلك إذا عُرِّف الفقه أنه العلم بالأحكام الشرعية العملية نقول المراد بالأحكام هنا النسب التامة يعني إدراك الموضوع والمحمول والعلاقة بينهما ثم ما يُسمى بالتصديق وهو إيقاع مفهوم الخبر على المبتدأ وإيقاع مفهوم الفعل على الفاعل أو نائبه إدراك هذه النسبة يسمى إثبات ويسمى تصديقاً عند المناطقة إدراك مفرد تصوراً علم ودرك نسبة هو هذا ودرك بتصديق، لأن الجملة الاسمية مركب من أربعة أشياء اسم الذي هو المبتدأ واسم الذي هو الخبر الاسم المبتدأ له تصور في الذهن لابد من معنى إدراكه يسمى تصوراً والخبر هذا له معنى فهم المعنى هذا يسمى إدراك هذا يسمى تصوراً إذاً تصور المبتدأ أول ثم صور الخبر، العلاقة بينهما دون الحكم بالإيقاع وعدمه زيد قائم هل يتصور العقل القيام من زيد أم لا بقطع النظر هل هو واقع في الخارج أو لا هل يتصور العقل العلاقة بينهما؟ يتصور العقل هذه تسمى نسبة، ثم هل وقع بالفعل أن زيداً قائم؟ إن أُدرك قيام زيد بالفعل أو عدم قيامه بالفعل هذه يسمى تصديقاً إذاً أربعة إدراكات إثبات أي إدراك النسبة بين الفرع والأصل وهو ما يسمى بالتصديق عند المناطقة والمراد به مطلق الإدراك ليشمل القطعي والظني لأن القياس نوعان مقطوع به كما سيأتي ومظنون وسواء كان على جهة الإثبات أو على جهة النفي لأن القياس كما يكون في إثبات الحكم كذلك يكون

ص: 5

في النفي إذاً القياس قد يكون قطعياً وقد يكون ظنياً وقد يكون لإثبات حكم وقد يكون لنفي حكم هذا كله داخل في قوله إثبات، ثبات حكم الأصل في الفرع إذاً أيهما الذي سبق العلم به؟ حكم الأصل حينئذ يلزم أن يكون حكم الأصلي معلوماً فإن كان مجهولاً امتنع القياس لا يُتصور أن يحصل القياس بين فرع مجهول الحكم ويُحمَل على أصل مجهول الحكم إذا انتفى العلم بحكم الأصل انتفى القياس لأنه إذا لم يكن عندنا أصل وهو ركن من أركان القياس وإذا انتفى ركن انتفى القياس، إثبات حكم الأصل في الفرع يعني تنزيل هذا الحكم وتسوية الفرع بذلك الأصل في الحكم في الفرع لأنه مجهول الحكم وهذا هو ثمرة القياس وثمرة القياس إثبات حكم الأصل في الفرع أن نعلم ما حكم الفرع لأنه ترد حادثة أو ترد نازلة واقعة فلا نعرف حكمها نقول هذا فرع فنقيسه على غيرها بشرائط القياس فإذا علمنا حكم الفرع نقول هذا هو الثمرة وهذا هو النتيجة للقياس، إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما هذا جار ومجرور متعلق بقوله إثبات لما حصل هذا الإثبات لاشتراكهما لاشتراك الأصل والفرع في علة الحكم حكم ماذا؟ حكم الأصل لكن هو يقول لاشتراكهما في علة الحكم أي حكم؟ هنا المراد بها مطلق الحكم لماذا؟ لأنه إذا عُلم تحريم الخمر ثم أثبتنا التحريم نفسه أو مثل التحريم أصح أثبتنا مثل تحريم الخمر في الفرع وهو النبيذ نقول اشتركا في علة الحكم حكم ماذا؟ حكم الأصل في لتحريم وحكم الشارع وهو حكم لأن الحكم حكم الأصل مُعلل بالإسكار والنبيذ مُعلل بالإسكار أيضاً فحينئذ اشتركا في مطلق الحكم الذي هو التحريم ولذلك نقول في مثل حكم الأصل ولا نقول عين حكم الأصل لأن التحريم في النبيذ تحريم النبيذ ليس هو عين تحريم الخمر هو مثله لماذا؟ لأن الأول معلوم بنص أو إجماع والثاني الذي هو النبيذ هذا معلوم بطريق الاستنباط والاجتهاد ولا يمكن أن يكون التحريم الذي هو أثر للاستنباط والاجتهاد مساوياً للتحريم الثابت بالنص أو الإجماع كما سبق أن الواجبات تتفاوت واجب أأكد من واجب والمحرمات كذلك تتفاوت مُحَرم أأكد من مُحرَم، هنا في باب القياس إذا انسحب حكم الأصل إلى الفرع لا يمكن أن يكون مطلقاً في كل أفراد القياس إلا ما يسمى إذا تجوزنا وقلنا مفهوم الموافقة هذا من أنواع القياس والأصح أنه ليس من أنواع القياس كما سبق بل هو من دلالة النص على المعقول على المفهوم، فإذا وُجد حكم الأصل في الفرع نقول ولو كان التحريم في الأصل سُحب إلى الفرع إلا أنه مساوياً له من كل وجه بدليل الثبوت أن ألأول ثبت بنص أو إجماع والثاني ثابت بطريق الاستنباط والاجتهاد، والاجتهاد قد يكون قطعياً وقد يكون ظنياً لكن الغالب فيه الظن، إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم.

ص: 6

وقيل حمل معلوم على معلوم يعين الحد الثالث الذي ذكره المصنف حمل معلوم على معلوم حكم لهما أو نفيه عنهما لجامع بينهما من إثبات حكم أو صفة لهما أو نفيه عنهما هذا طويل هذا والغريب أن المصنف يقول هو بمعنى الأول لا هو ليس بمعنى الأول، حمل معلوم حمل عرفنا المراد به الإلحاق إلحاق الفرع بالأصل وإثبات حكمه له أي للفرع، حمل معلوم على معلوم هنا لم يعبر بالفرع والأصل وإنما أتى بلفظ عام قيل فيه إنه أعم يعني لا عام بعده وهو لفظ معلوم كما سبق لماذا؟ حمل معلوم أراد بالمعلوم الأول الفرع على معلوم الذي هو الأصل عبر بالمعلوم ليشمل الموجود والمعدوم لأن الحكم قد يكون وجودياً وقد يكون عدمياً والعلة كذلك قد تكون وجودية وقد تكون عدمية إذاً ليشمل الموجود من جهة الحكم ومن جهة العلة ويشمل المعدوم من جهة الحكم ومن جهة العلة عبر بهذا اللفظ العام والأول أولى، حمل معلوم على معلوم والمراد به ما من شأنه أن يُعلَم ليس المعلوم بالفعل وإنما ما من شأنه أن يُعلَم لأن المعدوم إذا قيل في باب القياس هنا معدوم معناه ليس بشيء كيف يُحمل فرع ليس بشيء على أصل ليس بشيء نقول ما من شأنه أن يُعلَم لأن القياس ثابت في نفسه علمته أنت أم لم تعلم والأصل المُعلل الأصل الذي حُكم عليه بحكم وارتبط بعلة والفرع الذي جُهل حكمه وتحققت فيه تلك العلة ثابت في نفسه علمته أو لم تعلمه ولذلك قيل معلوم كما قيل في حد الدليل ما يمكن التوصل في بصحيح النظر فيه إلى مطلوب الخبر ما يمكن التوصل يمكن لم عبروا بيمكن؟ الدليل أي دليل الكتاب والسنة والقياس والإجماع قالوا ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه على مطلوب خبري لأن الدليل يسمى دليلاً ولم يُنظَر فيه فهو دليل سواء علمت به أو لم تعلم سواء اطلعت عليه أو لم تطلع عليه لأنه غيرك قد يطلع لعيه وقد يستنبط منه ما لم تدركه أنت حينئذ يسمى دليلاً ولذلك الفن فناً ولو كان في الكتب حديث حديث ولو كان في كتب والمصطلح مصطلح ولو كان في كتب لو لم يوجد أحد يعلم المصطلح وهو موجود في الكتب نقول انتفى علم المصطلح أو هو موجود؟ موجود إذاً نقول المعلوم هنا المراد ما من شأنه أن يُعلَم، حمل معلوم على معلوم أي حمل فرع على أصل في إثبات حكم لهما وهذه زلة في إثبات حكم لهما يعين للفرع والأصل هل هذا صحيح؟ ليس بصحيح، لماذا؟ لأن الأصل لابد أن يكون معلوم الحكم وإلا انتفى القياس الأصل وحكم الأصل ركنان في القياس فإذا عُلم الأصل ولم يُعلم له حكم انتفى القياس كانتفاء الركوع في الصلاة لا صلاة إلا بركوع مع القدرة فحينئذ إذا انتفى الحكم حكم الأصل نقول لا قياس لانتفاء ركن من أركانه، إذاً قوله في إثبات حكم لهم هذا نقول يُستدرَك به على المصنف، ثم إثبات حكم الفرع هذا ثمرة القياس فحينئذ إدخاله في الحد يلزم منه الدور فيكون على قوله في إثبات حكم لهما اعتراضان الاعتراض الأول إثبات الحكم للأصل كيف إثبات الحكم للأصل؟ أتاني في إثبات حكم بالفرع نقول هو نتيجة القياس فكيف تُدخل الثمرة والنتيجة حقيقة القياس فيلزم حينئذ أن يتوقف على الثمرة يتوقف القياس على الثمرة والثمرة على القياس وهذا هو عين الدور وهو ممنوع.

ص: 7

في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما يعين قد يكون القياس نتيجته حكم المُثبت أو يكون حكماً منسياً ولا إشكال فيها قد يكون حكماً مثبتاً وقد يكون حكماً منفياً، لجامع بينهما يعني بين الأصل والفرع لجامع بينهما لعلة لابد لمناسبة وهذا واضح لا إشكال فيه من إثبات حكم أو صفة لهما يعني قد يكون الجامع هذا تفسير لبيان أو أقسام الجامع العلة العلة أقسام كما سيأتي قال لجامع بينهما يعني الأصل والفرع من إثبات حكم أو صفة لهما يعني جامع قد يكون حكماً شرعياً وجودياً وقد يكون وصفاً وجودياً، أو نفيه عنهما يعني كما يكون الجامع وجودياً كذلك يكون عدمياً أدخل في الحكم ماذا؟ أقسام الجامع وإذا أُدخل في الحد أقسام الجامع حينئذ يدخل أقسام الأصل وأقسام الفرع وأقسام القياس لماذا؟ لأنه لا يُترَك اسم البعض ويُذكر أقسام البعض الآخر حينئذ نقول هذا معترض وقوله بالمعنى الأول، وهو بمعنى الأول هذا منتقد وليس بصحيح بل هو مخالف للأول، وذاك أوجز يعني أخصر وهو أوجز لا إشكال فيه لكنه ذاك أصح وهذا عليه مأخذ، إذاً من إثبات حكم أو صفة لهما أو نفي عنهما هذا تعلم منه أن القياس قد يكون في إثبات حكم وقد يكون في نفي حكم فالقياس يكون في المُثبت كقياس الضرب على التأفيف بجمع ماذا؟ بجمع الإيذاء في كل فيكون حراماً إذاً الضرب ضرب الوالدين هذا فرع والتأفيف هذا أصل والعلة وحكم الأصل هو التحريم تحريم التأفيف وعلته الأذى وُجدت هذه العلة في الضرب حينئذ نحمل الفرع على الأصل ونحكم بتحريم الضرب قياساً على تحريم التأفيف بجامع الأذى في كل وهذا هو عين القياس هذا الحكم والنتيجة والثمرة مُثبت أم منفي؟ مُثبت كذلك يكون في النفي مثاله قولهم الكلب نجس هكذا مثل بعضهم الكلب نجس فلا يصح بيعه كالخنزير فلما نفينا صحة بيع الخنزير نفينا صحة بيع الكلب قياساً عليه بجامع نجاسة كليهما الكلب نجس فلا يصح بيعه كالخنزير إذاً نفينا صحة بيع الكلب وهو فرع والأصل الخنزير لا يجوز بيع الخنزير والعلة النجاسة وُجدت في الكلب فلا يجوز بيعه إذاً لا يصح بيع الكلب هذا هو الحكم حكم الفرع نفي أو إثبات؟ نفي إذاً القياس في الإثبات في إثبات الحكم وقد يكون في النفي لأن هذا شأن الحكم ما هو الحكم في الاصطلاح؟ إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه زيد قائم ليس زيد بقائم فكما يكون الحكم بالإثبات يكون بالنفي، وهو بمعنى الأول نقول لا ليس بمعنى الأول وذلك هو، وقيل هو الاجتهاد قيل في حد القياس هو الاجتهاد وهذا منسوب للشافعي رحمه الله تعالى أن القياس هو الاجتهاد ولعله أراد به مبالغة لماذا؟ لأن أعظم شرط في القائس هو الاجتهاد أن تتوفر فيه شروط الاجتهاد هذا يُؤل به والأولى يُقال خطأ، لكن إذا وقفنا على الألفاظ لا بأس نقول هذا خطأ وإذا أردنا التأويل نقول لعله أراد المبالغة يعني لم يُرد الحد السابقون ما كانوا يحدون الألفاظ والمصطلحات على طريقة المتأخرين قد يُطلق لفظ مراداً به التقرير فقط فإذا قال القياس هو الاجتهاد معناه أعظم ما يكون للقائس ويجوز له أن يُقدم على القياس هو أن يكون من أهل الاجتهاد، وهو خطأ الاجتهاد هو بذل الجهد في استخراج الحكم وهو خطأ لماذا؟ لأن الاجتهاد أعم يكون في استقراء

ص: 8

النصوص يكون في تقييد المطلق يكون في تطبيق العام على بعض أفراده إلى آخره ومنه القياس حمل فرع على أصل إذاً أيهما أعم؟ نقول كل قياس اجتهاد ولا عكس فالقياس والاجتهاد على رأي الشافعي اسمان لمسمى واحد إذاً وجه الخطأ أن الاجتهاد أعم من القياس يكون في أخذ الحكم من ظاهر النصوص كما قال الشيخ الأمير.

ص: 9

ثم قال بعد أن بين القياس في الاصطلاح هو الشرع أو في اللغة والاصطلاح قال والتعبد به جائز يعني ما حكم القياس قال والتعبد به جائز وبعضهم يعبر يقول والقياس حجة ولا إشكال والخلاف لفظي، القياس حجة والحجة المراد بها كما سبق الدليل والبرهان فإذا قيل القياس حجة أي دليل نصبه الشارع لمعرفة بعض الأحكام الشرعية هنا قيل القياس حجة مراد به أنه دليل نصبه الشارع لمعرفة بعض الأحكام الشرعية ومثله الإدارة التي ذكرها المصنف هنا التعبد به جائز، لأن الحجية والتعبد متلازمان فإذا قيل القياس حجة أو التعبد بالقياس جائز معناهما متلازمان، والتعبد به جائز التعبد بالقياس جائز ما المراد بالتعبد هنا المراد به إيجاب الله تعالى العمل بمقتضى القياس كإيجاب العمل بالكتاب والسنة تماماً كما أنه يجب العمل بالكتاب والسنة والوقوف عند مقتضى الكتاب والسنة كذلك يجب العمل بمقتضى القياس هذا المراد بالتعبد هنا، هل هذا التعبد جائز عقلاً وشرعاً أم أنه جائز عقلاً لا شرعاً أم أنه ليس بجائز لا عقلاً ولا شرعاً؟ هذا محل خلاف عند المتأخرين وأما عند السلف فاتفاق كلمة واحدة أن القياس حجة وأنه مُتعبَد به شرعاً وعقلاً، والتعبد به جائز عقلاً يعني بالنسبة على العقل، العقل لا يمنع لأن العقل يُجوِّز أني تعبدنا الله عز وجل بحمل الفرع على الأصل بعد النظر في حكم الأصل واستنباط العلة ووجودها وتحقق وجودها في الفرع ثم تكون النتيجة تحريم الفرع مثلاً العقل لا يمنع هذا يجوِّز هذا وذاك لأن العقل له أحكام منها الإيجاب ومنها الامتناع الاستحالة ومنها الجواز ما يمتنع في العقل وجوده هذا هو المستحيل هذا كإله ثاني يمتنع في العقل وجوده، وما يمتنع في العقل عدمه فهو المستحيل وما يجوز في العقل وجوده وعدمه فهو الجائز، القياس مثله لا يمتنع أن يتعبدنا الله عز وجل بأن نحمل الفرع على الأصل لعلة موجودة في الأصل نتحقق من وجودها في الفرع ثم ننقل الحكم الذي رُتب على الأصل ونحكم به على ذاك العقل لا يمنع هذا بدليل الوقوع أنه وقع قاس النبي صلى الله عليه وسلم بل دلت النصوص على القياس نصوص الكتاب والسنة وقاس النبي صلى الله عليه وسلم وأجمع الصحابة على الأخذ بالقياس المحمول الصحيح حينئذ الوقوع دليل الجواز إذا لو كان ممتنعاً عقلاً إذاً لا جاز وجوده حينئذ الوقوع دليل الجواز إذ لو كان ممتنعاً عقلاً لما جاز وجوده ولذلك نقول الممتنع عقلاً ما لا يتصور العقل وجوده البتة كالإله الثاني نقول القياس قد وُجد فدل على أنه جائز عقلاً إذ لو امتنع لما وُجد لأن الحكم بالمتماثلات كما نص شيخ الإسلام حمل النظير على النظير هذا يأتي به العقل ويدل عليه العقل إلحاق الحق بالحق والباطل بالباطل هذا مما يدل عليه العقل ولا ينافيه فالعقل قاضي بقياس النظير على نظير واتحاد الحكم بالمتماثلات وتفريق الحكم في المتفرقات هذا مما يدل عليه العقل ولا يمنه منه، قال والشرع يعني مما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع عند عامة عند عامة الفقهاء والمتكلمين خلافاً للظاهرية والنظّام والنظّام الأصل أنه لا يذكر هنا، وشرعاً أي دلت الأدلة الشرعية على جواز التعبد بالقياس فالعمل بمقتضى القياس

ص: 10

مما دل عليه الشرع وأعظم دليل استدلوا به هو الإجماع إجماع الصحابة السكوت وأعظم دليل استدلوا به على إثبات القياس والرد على منكريه هو إجماع الصحابة السكوت على أن القياس دليل من الأدلة الشرعية والاستدلال بالإجماع في إثبات القياس كما نص عليه غير واحد أقوى الأدلة لأنه لا يقبل النسخ ولا يحتمل التأويل بخلاف غيره من النصوص ولذلك ما من نص إلا وقد أورد عليه اعتراض بخلاف النص من الكتاب والسنة فإنه يقبل النسخ والتأويل وما لا يقبل شيئاً من ذلك من النسخ أو التأويل مُقدم على ما يقبل النسخ أو التأويل ولذلك قال الرازي الإجماع هو الذي يعول عليه جمهور الأصوليين يعني في إثبات حجية القياس الإجماع هو الذي يعول عليه جمهور الأصوليين وقال الآمدي الإجماع أقوى الحجج في هذه المسألة في إثبات حجية القياس لأنه ثبت بالتواتر قال معنوي استعمال الصحابة للقياس المذكور في اصطلاح الأصوليين وإذا حصل الإجماع أن هذا قاس وذاك قاس ولم يحصل نقيض من بعضهم على بعض دل على أنه إجماع السكوت وهذا هو الذي ذكرناه في السابق أن يقول البعض بقول ويسكت الآخرون وهنا قد انكشر ذلك حينئذ صار له إجماع السكوت فإجماع الصحابة على العمل بالقياس يعج أقوى الأدلة على ثبوت حجية ووجوب العمل به ولذلك قاس الصحابة الإمامة العظمى إمامة أبي بكر رضي الله عنه قاسوا العهد على العقل فقالوا رضيه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ديننا أفلا نرضاه في دنيانا هذا قياس وكذلك المسألة المشهورة بين الصحابة توريث الجد مع الإخوة هذا لا نص فيها قطعاً باتفاق لا نص فيها ووقع نزاع بين الصحابة هذا شبهه بالغصنين وهذا شبهه بالخليجين إلى آخره فالمسالة مسألة قياس اتفقوا على أن دليل من أثبت أو نفى في توريث الجد مع الإخوة أنه القياس وإنما اختلفوا في ثمرة القياس وأنه ظني في مصل هذا ولو خالف الظن الظن لا إشكال فيه لأنه من باب الاجتهاد وإذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد إذاً القياس من باب الاجتهاد كما سبق أنه الاجتهاد أعم من القياس فكل قياس اجتهاد إذاً يدخله الخطأ ولا مانع أن يتفق الصحابة على قول مستنده القياس ثم تكون النتيجة مختلفة لا بأس بذلك إذاً وردت بعض الآثار أو الوقائع التي حكم فيها الصحابة والقياس، كذلك من الكتاب نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على أن كل مثل في القرآن فهو دليل على إثبات القياس وكل تشبيه في القرآن فهو دليل على إثبات القياس لأن القياس والتشبيه والتمثيل واحد، فكل آية وردت في الكتاب تأمر بالتدبر تدبر الآيات الكونية وأخذ العبرة من الأمم الماضية وضرب الأمثال والتشبيه كما في قوله تعالى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} ، {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى آخره نقول هذه كلها تدل على جواز الأخذ بالقياس لأن ثمرة الاعتبار هو القياس فقس نفسك أنت أيها المعتبر على غيرك لوجود العلة وهي الصد أو الإعراض إلى آخره إذا عرفت أنت وُلدت العلة فالتحق بك الحكم هذا قياس أو لا هو حمل فرع على أصل في الحكم بجامع بينهما هو نفسه كذلك في السنة وردت آثار من أشرها ما جاء في أثر عمر - رضي الله

ص: 11

عنه - سأل النبي صلى الله عليه وسلم القُبلة للصائم وقال له أرأيت لو تمضمضت هذا قياس أو لا؟ قاس قُبلة الصائم على مضمضة الصائم بجامع أن كل منهما مقدمة الفطر فجازت القبلة للصائم بشرطها على قياسه على المضمضة، هل يجوز للصائم أن بتمضمض؟ نعم مع أنه مقدمة الفطر كذلك القبلة مقدمة الفطر الجماع ونحوه فقاس النبي صلى الله عليه وسلم القبلة للصائمة على المضمضة وأصلح حديث كما قال الشيخ الأمير رحمه الله تعالى أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله وُلد لي غلام أسود هذا أصلح حديث وأما حديث معاذ وغيره هذه يمكن الأجوبة عنها، قال يا رسول الله وُلد لي غلام أسود قال ألك من إبل؟ قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق؟ الذي جمع بين الحَمار والسواد قال نعم قال فأنى ذلك من أين جاءه هذا الأورق والأصل أنها حمر قال لعله نزعه عرق قال فلعل ابنك نزع عرق هذا قياس أو لا؟ قياس هذا واضح هذا الصحيح إذاً التعبد به جائز عقلاً وشرعاً وشرعاً أعظم ما يستدل به هو الإجماع وما عدا ذلك يمكن الإجابة عنها ولذلك ابن حزم رحمه الله تعالى أجاب عن كل الأدلة هذه لكن لا يُسلَم له عن كل دليل أجاب عنه ليس كل من أجاب على دليل فجوابه سليم لا، عند عامة الفقهاء والمتكلمين خلافاً للظاهرية والنظّام أنهم أنكروا حجية القياس بل جعله ابن حزم رحمه الله تعالى من القول على الله بلا علم ومن الحكم بغير ما أنزل الله واستدل بأدلة منها قوله تعالى {أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} وكل آية وردت في النهي عن في اتباع الظن جعلها في القياس ونحوه والجواب أنها آيات ليس موردها القياس الدليل هو قياس المحمود ولذلك أُثر عن السلف ذم القياس وأثر استعمالهم القياس تفهم من هذا أن القياس كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى لفظ مُجمل لاشتماله على الصحيح والفاسد وعلى الحق والباطل ولذلك نص ابن القيم أيضاً رحمه الله تعالى أنه لم يرد في القرآن والسنة مدح ولا ذم للقياس لماذا؟ لأن الألفاظ المُجمَلة لا يُسلَط عليها الحكم إلا بعد التفصيل فلا تأتي لفظ مُجمل ثم تقول هذا حكمه كذا أو كذا وغنما تقول هذا اللفظ يُطلَق ويراد به اللفظ المحمود فإذا قيل القياس حجة أو لا لكن كلامنا في الحق فحينئذ تفصل تقول القياس قد يراد به الرأي المذموم وقد يراد به الرأي المحمود فما جاء عن السلف أو النهي عن اتباع الظن فالمراد به الرأي المذموم وما جاء من استعمال السلف في القياس ومدحهم النصوص المراد بها الرأي المحمود وما رُوي من ذمه فقد عُني بالذي به على الفساد قد بُني وما رُوي من ذمه من ذم القياس وقد عُني بالذي به على الفساد قد بُني أما القياس المحمود نقول النبي صلى الله عليه وسلم استعمله وكذلك كبار الصحابة بل أجمعوا عليه وأما كلام ابن حزم هذا موجود في مطولات.

ص: 12

قال ويجري في جميع الأحكام حتى في الحدود والكفارات، يجري يعني يستعمل القياس في جميع الأحكام الشرعية العملية إذاً محل القياس هو الأحكام الشرعية العملية أنا التوقيف والعقيدة فالأصل لا الأصل أنها لا يجري فيها القياس إلا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من قياس الأولى لكن الأصل نقول القياس في التوحيد إذا اُستدل به هذه عبارة شيخ الإسلام إنما يصح القياس في التوحيد إذا أُستدل به على معرفة الخالق وحينئذ يكون المستعمَل هنا هو قياس الأولى ما مراده بقياس الأولى قال هو كل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ثبت للمخلوق فالخالق أولى به وكل نقص وجب نفيه المخلوق فالخالق أولى بنفيه عنه هذه عبارة شيخ الإسلام المشهورة في كتبه ما عدا ذلك كل قياس وخاصة قياس الشمول والتمثيل الذي هو عند الأصوليين الفقهاء فهو باطل لماذا؟ لأنه يلزم من جعل كل الأفراد داخلة في لفظ واحد المحكوم عليه لابد من استواء الأفراد أفراد القياس في لفظ واحد نقول زيد قولك قام زيد فاعل وكل فاعل مرفوع وكل فاعل إذاً سويت بين زيد وغيره فإذا أُستعمل هذا في حق الخالق حينئذ سويت بين الخالق والمخلوق في قضية واحدة في لفظ واحد وهذا باطل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} .

ص: 13

ويجري في جميع الأحكام إلا العقيدة في الأصل إلا ما استثني ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، حتى في الحدود والكفارات حتى هذه تدل على ماذا حتى في مثل هذه التراكيب تشير إلى الخلاف نقول هذه للخلاف، حتى في الحدود والكفارات يعني حتى أن القياس يجري في الحدود والكفارات لأن الحدود والكفارات كذلك الأسباب والشروط والموانع والرخص هذه محل نزاع بين الأصوليين ما عدا ذلك محل اتفاق يعني اتفقوا على أن الأحكام الشرعية العملية كلها يجري فيها القياس إلا الحدود والكفارات والأسباب والشروط والموانع والرخص والتقديرات هذه سبعة محل خلاف عندهم، قوله حتى في الحدود والكفارات هذا يشير إلى أن الراجح عند المصنف وهو المذهب أن الراجح جريان القياس في الحدود وجريان القياس في الكفارات بل وفي الأسباب على ما ذكره عند الجمهور، قال في الحدود بمعنى أن القياس يجري في الحدود كقياس النباش على السارق النباش هذا قالوا هذا مجهول الحكم من هو النباش الذي يسرق أكفان الموتى هذا سارق لكنه نوعية جديدة يعني الأصل في الرقة أن تكون للأحياء هذا عكس أخذ الأموات فيسرق الأكفان قالوا هذا أخذ المال خفية من حرزه نقيسه على السارق حينئذ ننزل الحكم وهو القطع فحينئذ يُقطَع النباش قالوا هذا قياس في الحدود وقع في الحدود لكن نقول الجواب أن النباش يسمى في اللغة السارق لكن المراد من المثال إذاً كقياس النباش على السارق واللائق على الزاني بجامع أن كلاً منهما أولج فرجه في فرج محرم شرعاً وقياس من أفطر في نهار رمضان بشرب أو أكل على المجامع في نهار رمضان وجوب الكفارة ومن زنى ببهيمة يقاس على من زنى بآدمية هذه كلها قالوا يقاس فيها مجهول الحكم ما لم يرد به نص على ما جاء به النص في ترتيب الحد أو الكفارة فإذا وُجد المعنى الذي رتب عليه الشرع الكفارة أو الحد في الفرع قالوا حمل فرع على أصل في حكم بجمع بينهما إذاً يستوي الحد مع غيره وتستوي الكفارة مع غيرها في الأحكام الشرعية، خلافاً للحنفية الحنفية خالفوا في ذلك قالوا حدود الكفارات لا يجري فيها القياس لأنها غير معقولة المعنى وأيضاً القياس ظني الثبوت يعني الحكم الذي يترتب على القياس ظني وإذا كان ظناً فحينئذ أورث شبهة وإذا أورث الشبهة فحينئذ الحدود تدرأ بالشبهات إذاً لا يمكن أن يقع القياس في الحدود والكفارات مثلها لأنها أشبه ما يكون بالعقوبات كما أن الحدود عقوبات لكن حجة الجمهور أن الحدود والكفارات يجري فيها القياس هي عموم الأدلة المُثبتة لذلك فالأدلة التي أثبتت حجية القياس هل فصلت بين الحدود والكفارات وبين غيرها؟ الجواب لا حينئذ يجب الحكم في الكل ولكن الصواب أن الحدود مقصورة على النصوص والكفارات مقصورة على النصوص، وعدم القياس قياس الصحابة ما ذُكر على ما عُلم من حد أو كفارة يعتبر مخصصاً للأدلة العامة المُثبتة للقياس إذا قيل الحجة هو الإجماع حينئذ نقول هل قاس الصحابة الحدود بعضها على بعض أو لم يرد فيه حد على بعض أو هل قاسوا ما لم يرد فيه كفارة على ما ورد فيه كفارة إن ورد نقول هذا يُجعَل مخصصاً وإن لم يرد حينئذ نقول عدم استعمال القياس في الحدود والكفارات يدل على أنها غير مرادة ولذلك

ص: 14

ابن حزم رحمه الله تعالى يشنع كثير على القائسين بحجة التوسع في القياس وغن القياس كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى كالميتة لا يُلجأ إليه إلا عند الضرورة إلا عدم وجود كتاب أو سنة أو إجماع إن اُضطر إليه المضطر ووقعت نازلة حادثة لم يرد لها ذكر لا في كتاب ولا في سنة ولم تقع في عهد السلف فيقيسون على غيرها نقول هنا نحتاج على القياس وأما ما وقع في عهد السلف ولم يقيسوا تلك على بعض الحدود المذكورة أو الكفارات حينئذ نقول نقف على ما وقف عليه السلف فلا نقيس وإلا الأصل في القياس أنه كالميتة كما ال الإمام أحمد رحمه الله تعالى. إذاً حدود الكفارات الأصل أنها مقصورة على ما جاء به النص وكذلك الكفارات، خلافاً للحنفية، وقال في الأسباب يعني في الحدود وفي الكفارات وفي الأسباب في الأسباب يعني يرد الشرع أنه نصب معنى ما جعله سبباً لحكم كالزنا قالوا هو سبب لأي شيء سبباً للحد فيه معنى هذا المعنى وُجد في اللائق قالوا إذاً نقيسه على الزنا بجماع أن كل منهما إيلاج فرج في فرج مُحرم شرعاً فعدوا حكم الأصل وهو الجلد أو الرجم إلى اللائق فإن كان اللائق مًحصناً رُجم وإن كان غير محصن قالوا جلد مائة وتغريب عام والأصح عند الجمهور أنه لا قياس في الأسباب، ونسبه هنا للجمهور هذا مخالف للصواب. إذاً وفي الأسباب يعني يجري القياس في جميع الأحكام في الحدود والكفارات وفي الأسباب لعمم الأدلة الدالة على حجية القياس، عند الجمهور هذا مقيد بقوله وفي الأسباب لكن في إشكال هذا بل الصواب أن الجمهور على نفي جريان القياس في الأسباب، والسببية حكم شرعي فجاز القياس عليه. ومنعه بعض الحنفي يعني منعوا القياس على الأسباب لماذا؟ لفقدان الجامع لأن العلة رُفعت لابد أن يكون الحكم حكم الأصل مُعلل حينئذ كيف يُقال على شيء لم يُعلل.

ص: 15

ثم قال ثم إلحاق المسكوت بالمنطوق مقطوع ومظنون قسم لك الإلحاق ما المراد بالإلحاق هنا القياس ثم إلحاق المراد بالإلحاق القياس المسكوت عنه بالمنطوق المسكوت عنه الذي هو الفرع بالمنطوق الذي هو الأصل مقطوع ومظنون إذاً يكون قسَّم لك القياس باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين لا ثالث لهما إما أن يكون قياساً مقطوعاً به وهذا ما يعبر عنه الأصوليون بالقياس الجلي وإما أن يكون مظنوناً وهو ما عبروا عنه بالقياس الخفي، القياس الجلي ضابطه ما قُطع فيه بنفي الفارق المؤثر أو كانت العلة فيه منصوصة أو مُجمعاً عليه هذه ثلاث صور للقياس الجلي إما أن يكون نفي الفارق المؤثر مقطوعاً به لا فرق ويكون مجزوماً به كما يُقاس البول في إناء وصبه في الماء على البول في الماء الراكد مباشرة لا يبولن أحدكم في الماء الذي يجري ثم يغتسل فيه، ابن حزم رحمه الله تعالى حمَّل الحديث على البول مباشرة فإذا بال في إناء فصبه قال جاز طيب ما الفرق بينهما؟ لا فرق هذا هو نفي الفارق المؤثر بينهما المراد إيقاع البول في الماء فقط سواء باشر أو لم يباشر فحينئذ ترد على ابن حزم ونحوه بنفي الفارق وهذا مقطوع بع يعني مجزوم به نفي الفارق أو تكون العلة في الأصل منصوصة نص عليها الشرع كالإسكار مثلاً أو تكون مُجمعاً عليها كالتشويش في قوله لا يقض القاضي وهو غضبان نقول العلة التشويش الذهن انشغال الذهن هذه مُجمَع عليها في هذه الأحوال الثلاثة نقول القياس جلي القياس مقطوع به، فحينئذ لا يُحتاج في هذا النوع إلى التعرض فيه لبيان العلة الجامعة ننفي بقطع الفارق أو نقطع بنفي الفارق المؤثر بين الحالتين هل نحتاج أن نقول هذا أصل والعلة كذا وهذا فرع وقد وُجدت العلة هل نحتاج إلى تحقيق أركان القياس؟ لا لا نحتاج إلى ذلك وهذا النوع لا يُحتاج لا يُحتاج فيه إلى التعرض لبيان العلة الجامعة ولذلك سُمي بالجلي وهذا القياس متفق عليه مُجمَع عليه حتى عند ابن حزم وهو أقوى أنواع القياس لأنه مقطوعاً به والأصح أنه لا يُسمى قياس لأنه هو مفهوم الموافقة السابق لأنه ينقسم كما قالوا إلى قسمين أولوي ومساوي الأولوي ما كان الحكم في المسكوت عنه أولى من الحكم من المنطوق به كحكم ضرب الوالدين قالوا تحريم ضرب الوالدين أولى من تحريم التأفيف هذا دل عليه بالقياس أو بالمنطوق؟ هذا فيه خلاف كما سبق هل دلالة هذا النص {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} على تحريم الضرب بالقياس أو باللفظ الأصح أنه باللفظ وليس بالقياس في هذا الموضع هنا ذكره أنه من دلالة القياس لأنه جعله من الإلحاق هنا فيه نوع إلحاق لكنه إلحاق بنفي الفارق قطعاً أو بالعلة المنصوصة أو المُجمَع عليها لما وًجدت هذه الأشياء الثلاثة وهي مقطوع بها حينئذ لا نحتاج إلى البحث عن العلى وجودها في الأصل ثم وجودها في الفرع ثم نُلحق الفرع بالأصل يعني لا نحتاج إلى عملية القياس وإنما نقطع مباشرة بثبوت حكم الأصل للفرع فنقول أولوي فيما إذا كان الحكم حكم المسكوت عنه أولى بحكم المنطوق به وهو التأفيف أو يكون مساوياً فيما إذا كان المسكوت عنه ليس مثله ليس أولى ولا أدنى بل هو مساو له كالإحراق أو إغراق مال اليتيم {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ

ص: 16

الْيَتَامَى ظُلْماً} تحريم أكل أموال اليتامى مفهومه أنه لو حرق أأحرق أموال اليتامى أو أغرقها فالحكم واحد هل هذا الحكم أولى من المنطوق أو أدني؟ مساو له إذاً الإلحاق هنا مقطوع به قد يكون أولوياً وقد يكون مساوياً، القياس الخفي ضده عكسه ما لم يُقطَع فيه بنفي الفارق المؤثر لم يُقطع فيه بنفي الفارق المؤثر يعني يوجد الفارق ولكنه غير مقطوع به لم يُجزَم به وهذا في غالب القياس غالب أنواع القياس على هذا النمط لماذا؟ لأن القياس في غالب أحواله ظنية وإذا كانت ظنية حينئذ لم يُجزَم بنفي الفارق بين الفرع والأصل، ولم تكن علته منصوصة أو مُجمَع عليها إذاً كل ما انتفى فيه ما يُحكمَ بكون القياس قطعياً فهو قياس ظني وهذا النوع هو الذي وقع فيه النزاع هذا النوع هو الذي وقع فيه النزاع عند المتأخرين ولابد فيه من العرض لبيان العلة وبيان وجودها في الفرع فيحتاج حينئذ إلى مقدمتين المقدمة الأولى أن السكر مثل علة التحريم في الخمر لابد أن تُثبت مثل إذا أردت أن تُحلق النبيذ بالخمر لابد أن تُثبت على تحريم الخمر هو الإسكار ليس كل علة ما ينقدح في الذهن لابد أن تُثبت أن علة تحريم الخمر هي الإسكار وهذه دليلها الشرع فقط العقل ليس له مدخل الأصل تعليل الأصل المرتب عليه الحكم حكم الأصل نقول هذا لابد من التعرض له أولاً قبل إجراء القياس وهذا الذي يحكم بكون الشيء علة لذا هو الشرع إذاً لابد أن يكون مأخوذاً من دليل شرعي، الثاني وجود تلك العلة في الفرع ما يسمى بتحقيق المناط فتُثبت أن النبيذ قد اشتمل على ذلك الوصف الذي علَّق عليه الشرع التحريم وهو الإسكار وهذه الذي هو تحقيق المناط لا يشترط أن يكون ثابتاً بالأدلة الشرعية بل يكون بالحس ويكون بالعقل ويكون بالعرف ويكون بالدليل الشرعي إذاً تعليل الأصل لابد من دليل شرعي والعقل لا مكان له والعرف والحس لا مكان له لابد من دليل شرعي ووجود تلك العلة في الفرع يثبت بالحس وبالعقل لأنه يعرف الشدة .. يرى ثبوت الإسكار في النبيذ ما يحتاج إلى أن يأتي الشرع يقول النبيذ في على تحريم الخمر بل ممكن بالرائحة بالحس بالرؤية بالذوق مع عدم العلم بأشياء من هذه فيحكم بوجود هذه العلة في الفرع إذاً لا نفتقر إلى دليل شرعي.

ص: 17

قال ثم إلحاق المسكوت بالمنطوق المسكوت الذي هو الفرع بالمنطوق الذي هو الأصل مقطوع يعني نوع هو مقطوع به ويسمى قياساً جلياً، وهو مفهوم الموافقة وقد سبق الحديث عنه، فإذا كان مفهوم الموافقة وثبت أن فيه خلاف هل هو قياس أم لا وقلنا الأصح أنه ليس بقياس بل هو من مفهوم اللفظ فحينئذ صارت دلالة النص أو اللفظ على مفهوم الموافقة دلالة لفظية وليست قياسية، وهو مفهوم الموافقة وقد سبق، وضابطه يعني ضابط الإلحاق المقطوع به وهو القياس الجلي على القول به أنه يكفي فيه نفي الفارق من غير تعرض للعلة ضابطه الضابط ليس بحد وإنما علامته ووجوده يكفي فيه يعني الحكم به نفي الفارق كنفي الفارق المؤثر بين ضرب الوالدين والتأفيف ما الفرق بينهما؟ لا فرق بل المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق كذلك ما الفرق بين أكل مال اليتيم أو إحراق اليتيم؟ لا فرق بينهما إذاً تنفي الفرق فقط لا تحتاج إلى ثبوت العلة في الأصل ثم وجودها في الفرع وضابطه أنه يكفي فيه نفي الفارق أن يُقطَع فيه بنفي الفارق المؤثر لابد من زيادة كلمة المؤثر، نفي الفارق المؤثر في الحكم من غير يعني الحكم بين الفرع والأصل من غير تعرض للعلة يعني من غير تعرض لبيان العلة الجامعة بين الأصل والفرع ويُزاد عليه مكانة العلة علة الأصل مُجمَع عليها ومنصوص عليها حينئذ هذا من القياس الجلي، وما عداه يعني ما عدا الإلحاق المذكور فهو مظنون وهو القياس الخفي الذي يحتاج إلى بيان العلة.

ص: 18

ثم قال وللإلحاق فيه طريقان والإلحاق من حيث هو فيه طريقان إذا أردنا أن نُلحق شيئاً بشيء بقطع النظر عن كونه جلياً أو قياساً أو ليس بقياس، وللإلحاق فيه طريقان يعني إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق، أحدهما نفي الفارق المؤثر هنا ذكر المؤثر ولذلك تُزاد في الأول، نفي الفارق المؤثر يعين في الحكم بين الفرع والأصل حينئذ يجب استواءهما في الحكم كإلغاء الفارق بين البول في الماء الراكد وبين البول في إناء وصبه في الماء ما الفرق بينهما؟ لا فرق فتقول هنا الفرق نفي الفارق المؤثر مقطوع به فيكتفي حينئذ في نقل الحكم من البول في الماء الراكد مباشرة إلى صبه في إناء ثم صبه في الماء فنقول هذا يكفي فيه نفي الفارق ثم الحكم يُبت فيه حكم الفرع الذي ثبت في الأصل، نفي الفارق المؤثر وإنما يحسن مع التقارب يعني التقارب بين الفرع والأصل يعني أن تذكر أنه لا فرق بين الإحراق وأكل مال اليتيم وإنما يحسن مع التقارب بين الفرع والأصل كقرب الإحراق من الأكل في الإتلاف فلا يحتاج حينئذ إلى التعرض للعلة الجامعة هذا النوع الأول وهو القياس الجلي، النوع الثاني قال والثاني بالجامع والأول متفق عليه لا خلاف فيه، والثاني بالجامع فيهما يعني الإلحاق كائن بالجامع فيهما في الفرع والأصل وهو القياس على ما ذكره المصنف أن الراجح أن مفهوم الموافقة دلالة النص عليه لفظية لا قياسية، وهو القياس أي المتفق على تسميته قياساً، فإذاً أركان القياس أربعة إذا عرفنا أن الإلحاق إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق بالجامع فيهما هو المسمى قياس حينئذ يستلزم أربعة أركان لأنه حمل فرع على أصل في حكم لجامع بينهما هذه أربعة أمور فلابد من بيان كل واحد منهما، فإذاً يعني فإذا تقرر الإلحاق بالجامع فيهما هو القياس فأركان القياس أربعة بالاستقراء والتتبع والأركان جمع ركن والمراد به في اللغة جانبه الأقوى الذي يعتمد عليه وأما في الاصطلاح الذي لا توجد حقيقة الشيء بدونه تنتفي حقيقة الشيء بدونه كالشرط من حيث الانتفاء إلا أن الشرط خارج عن الماهية والركن داخل في الماهية والركن جزء الذات والشرط خرج وصيغة دليلها في المنتهج، والركن جزء الذات إذاً جزء الحقيقة تتوقف عليه الحقيقة لا تُثبَت الماهية إلا باستيفاء أركانه كذلك الماهية المترتبة أو المتوقفة على شرطها لا يُحكَم بوجودها إلا إذا وُجد الشرط إذاً اتفقا في الانتفاء واختلفا في كون الشرط خارجاً عن الماهية والركن جزءاً من الماهية إذاً القياس له أركان إذاً كل ركن هو جزء من القياس جزء من الذات من حقيقة القياس ولذلك أُدخل الفرع هناك قيل حمل فرع إذاً لابد من أن يكون الفرع داخلاً في حقيقة القياس فإذا انتفى الفرع أو انتفى الأصل أو انتفى حكم الأصل أو انتفت العلة انتفى القياس كما إذا انتفى السجود أو الركوع عن الصلاة لا صلاة إلا بركوع ولا صلاة إلا بسجود ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فإذا انتفت هذه نقول انتفى الصلاة فاتحة الكتاب فيها خلاف، فإذاً أركان القياس أربعة والدليل هو الاستقراء. الأصل والفرع والحكم والجامع، ولكل معنى وشروط.

ص: 19

قال الأصل والمراد به وهو المحل الثابت له الحكم ما هو مثل ماذا؟ عين الخمر هي الأصل ذات الخمر هي الأصل إذاً المحل الثابت له الحكم محل الحكم المُشبَه به لأن النبيذ شُبه بالخمر والخمر هذا محل للحكم وهو التحريم لأن الأحكام كما سبق أنها صفات لها محال تتعلق بها لا حكم إلا في محال إن يكون قابلاً ذلك الحكم فالخمر محل ثبت له حكم وهو التحريم، النبيذ شُبه بماذا شُبه بالخمر نفسها حينئذ صار المحل الذي شُبه به الفرع هو الأصل هو فيه خلاف في تحريم ماهية الأصل لكن هذا أنسب لطريقة الفقهاء، الأصل وهو المحل الثابت له الحكم يعني محل الحكم المُشبه به، الملحق به الذي أُحلق به الفرع ولأن كما سبق أن التشبيه والتمثيل والقياس بمعنى فعندنا فرع مُشبَه ومُشبَه به النبيذ مُشبَه والخمر مُشبَه به ووجه الشبه تجعل الحكم والحكم هو الذي يضطرد، الملحق به كالخمر مع النبيذ كالخمر وهو أصل وهو محل ثابت له الحكم وهو التحريم مع النبيذ وهو مُشبَه وهو فرع، وشرطه أن يكون معقول المعنى لِيُعَدَّى ظاهره أن الشرط هنا مُتعلق بذات الأصل والأصح أنه مُتعلق بحكم وشرطه أي شرط حكم الأصل لا نفس الأصل هذا هو الظاهر من كلام الأصوليين، وشرطه أن يكون معقول المعنى وله شروط ولكن عبر بالشرط هنا وهو مفرد مضاف إلى معرفة فيعم حينئذ نقول له شرطان وبعضهم زاد ثالثاً، الشرط الأول أن يكون الحكم الثابت للأصل معقول المعنى يعني المعنى معقول لإضافة الصفة إلى الموصوف بمعنى أن يدرك العقل السبب في شرعيته أو إن شئت قل أن يكون حكم الأصل مُدرك العلة التي لأجلها شُرع هذا الحكم لأن القياس مبني على إدراك العلة إذ هو تعدية الحكم من محل إلى محل هذا هو حقيقة القياس تعدية الحكم من محل إلى محل بواسطة تعدية العلة فنُثبت أن الحكم في الأصل مرتب على الإسكار كالخمر مثلاً ثم نُثبت أن هذا الإسكار موجود في الفرع وهو النبيذ ثم نُعدي ذلك الحكم التحريم من الخمر إلى النبيذ بواسطة العلة إذاً لابد أن يكون شرط التعدية والتسوية لابد أن يكون الأصل مُدرَك العلة فإذا لم يكن مُدرَك العلة حينئذ كيف نُعدِّي العلة كيف نحكم بأن الأصل مُعلَّل ثم هذه العلة وُجدت في الفرع هذا مُمتنع وإذا امتنع هذا نقول انتفى القياس إذاً شرط القياس أو شرط حكم الأصل أن يكون الحكم الثابت للأصل معقول المعنى بمعنى أن العقل يدرك أن الحكم في الأصل مُعلل وأدرك السبب الذي لأجله حرم الشرع هذا الشيء إذ لم يكن مُعلل أما ما لا يُعَل معناه كأعداد الصلوات والركعات والسعي والطواف فإنه لا يجوز القياس فيها هذا مفهوم قوله أن يكون معقول المعنى لأن التعبد بالشيء هو ما لا يدرك العقل سبب ذلك الحكم فأوجب الشرع مثلاً الصلوات بأوقات محدودة لما عين الشرع وقت كذا لصلاة الفجر وقت كذا لصلاة الظهر وحدد الفجر بأول وآخر هل هذه معقولة المعنى؟ غير معقولة المعنى، العقل لا يدرك علة ذلك الحكم لم حدد صلاة الظهر بدلوك الشمس لِم لَم يكن قبله بشعر دقائق أو بعده بعشر دقائق؟ لم؟ غير معقول المعنى لم كان عين شهر رمضان هو محل الصيام لِم لَم يكن يدور مع الشتاء وهو أرحم بالناس وأوفر؟ نقول لا هذه الأمور العقل لا مجال له فيها، إذاً شرطه

ص: 20

أن يون معقول المعنى لِيُعَدَّى فإذا لم يكن كذلك فحينئذ لا يصح القياس، فإن كان تعبدياً لم يصح فإن كان تعبدياً هذا تصريح بمفهوم قوله معقول المعنى لأنه في ألأول نص على كون الحكم معقول المعنى مفهومه إن كان غير معقول المعنى وهو المنصوص عليه بالتعبد لا قياس صرح به فقال فإن كان الحكم يعني تعبدياً في الأصل لم يصح القياس عليه، نقض الوضوء بأكل لحم الإبل معقول أم لا؟ غير معقول هذا هو الأصح أنه تعبدي هل يصح قياس غير الإبل على الإبل في النقض للوضوء مهما كان مهما وُجد من أنواع الحيوانات المباحة في ألأكل أشبهت الإبل حينئذ نقول لا يجوز القياس لماذا؟ لأن حكم الأصل وهو لحم الإبل الحكم الذي هو نقض الوضوء بأمل لحم الإبل لا يمكن وجوده في فرع ما أياً كان ذلك الفرع ولو كان بالقياس العكسي لو قال قائل الإبل مُباح بالإجماع والخنزير مُحَرم بالإجماع حينئذ كيف نقول من أكل لحم إبل وهو مُباح بالإجماع حلال من الطيبات انتقض وضوءه ولو أكل وفسق من الصباح إلى المساء يأكل لحم الخنزير لا يأكل وضوءه نقول الثاني أولى بالنقض من الأول أو نسوي بينهما؟ نقول لا لأن حكم الأصل يكون غير مُدرك هذه كلها مسائل عقلية ولا يُعترَض على الشرع بالعقليات، هذا الشرط الأول أن يكون معقول المعنى. الشرط الثاني ألا يكون دليل حكم الأصل متناولاً بعمومه حكم الفرع ألا يكون دليل الأصل متناولاً بعمومه حكم الفرع لو جُعل دليل تحريم الخمر قوله صلى الله عليه وسلم كل مُسكر حرام الخمر حرام لقوله كل مُسكر حرام والعلة الإسكار ووُجدت في النبيذ هل يصح القياس؟ لا يصح القياس قولاً واحداً لماذا؟ لأن شرط القياس ألا يوجد نص يدل على الفرع فإذا وُجد نص يدل على الفرع ولو كان داخلاً في عموم حينئذ لا قياس كل مسكر هذا لفظ عام يشمل الخمر ويشمل النبيذ فحينئذ منصوص عليه صار النبيذ منصوصاً عليه فلا يصح القياس.

ص: 21

الثالث قال وموافقة الخصم عليه أن يكون حكم الأصل ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين وهذا المراد به إذا وقع نزاع أو في باب المناظرة لابد أن يكون الحك متفق عليه بين الخصمين لماذا؟ قالوا لئلا ينتشر الكلام وأما في بينه وبين الله فلا يُشترَط فيه أن يوافقه غيره فمتى رأى أن ذلك حكم أصلي حكم الأصل حينئذ له أن يقيس بشرطه وأما إذا وقع منارة مع غيره حينئذ يأتي الشرط الثالث ولذلك لا ينبغي أن يُذكَر هذا الشرط في صحة القياس وإنما في صحة المتناظرة لذلك يذكرون هذا في آداب البحث والمناظرة، وموافقة الخصم عليه أن يكون حكم الأصل ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين أي المتناظرين في مسألة فيها قياس فإن لم يكن خصم مورد خصم وإنما أنت تبحث عن مسألة لتتعبد أنت جل وعلا فالشرط ثبوت الحكم للأصل بدليل يقول به القائس فمتى ثبت عندك أنت أيها الناظر أيها المجتهد حكم الأصل بدليل شرعي يصح ثبوت الحكام الشرعية بها سواء وافق غيرك أو لا فحينئذ صح القياس وأما إذا كان المقام مقام مناظرة فحينئذ ما تأتي بدليل أو حكم شرعي ثبت بقياس إلا إذا كنت أنت المناظر قد اتفقتم على أصل القياس الأصل المقيس عليه لماذا؟ لأنه يقول أنا أمنع الأصل لا ليس بنجس ثم يخرج عن المسألة فيُثبت له نجاسة الأصل وهذا ما يسمى عندهم بالانتشار انتشار الكلام وهو منوع ألا تخرج من مسألة تتكلم فيها إلى مسألة أخرى خلاف ما هو موجود الآن، الآن يجلسون ساعة كاملة وخمسين مسألة يتحدثون، لكت آداب البحث والتناظر نقول إذا تحدثت أو تناظرت أو تناقشت في مسألة أي كلام يُخرجك عن إثبات المسألة التي تتحدث فيها إلى إثبات شيء آخر عن المسألة فهو ممنوع فإذا تناظرت مع شخص في مسألة أثبتها بالقياس فحينئذ لابد أن تذكر هذه المسألة وقد اتفقت أنت والخصم لأنه إذا لم يوافقك حينئذ كيف تستدل بالقياس فتحتاج أن تقنعه أولاً وتستدل له على صحة الأصل عندك ثم قد يُنازع ثم قد يخالف في مسألة فينتشر الكلام ولا ينتهي كمن يبحث عن مسألة من كتاب لكتاب فيقف على مسالة جديدة ثم يبحثها ثم يقف مسألة ثالثة فإذا رجع للأصل ما بحث المسالة.

ص: 22

فإن منعه أي منع الخصم حكم الأصل وأمكنه أي أمكن المستدل يعني عندنا خصم وعندنا مُستدل الخصم هو المعترض والمستدل هو المُثبت، وأمكنه إثباته أي أمكن المُستدل إثباته يعني إثبات حكم الأصل بالنص جاز يعني كان يثبته بالعلة فمنع المعترض فرجع على إثباته جاز لا بعلة لأن لو أثبته بالعلة لانتشر الكلام لأنه قد لا يوافق على تلك العلة فيخرج عن أصل المسالة أما إذا رجع من العلة إلى النص وهو الأصل في الاستدلال حينئذ جاز له ذلك وإلا فلا، وأمكنه إثباته أي إثبات حكم الأصل بالنص ثم بالعلة جاز ذلك وقُبل منه استدلاله في الأصح ونهض دليله على خصمه مثاله قالوا قياس الخنزير على الكلب في الغسل سبع مرات لو قال قائل إذا ولغ أو شرب الخنزير في إناء أحدكم فليغسله قياساً على الكلب لأنه نجس فقال لا الكلب ليس بنجس عند المناظر الخصم حينئذ نازع في علة الأصل الكلب نجس والخنزير نجس أليس كذلك وُجدت العلة الكلب ما حكمه إذا ولغ أن تُغسل نجاسته بسبع مرات إحداهما بالتراب وُجدت هذه العلة في ال-خنزير يقول الخصم لا الكلب ليس بنجس فحينئذ يعدل عن التعليل إلى النص فيقول قال صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً فيُقبَل منه وهذا غريب أن يكون العلة أقوى من النص إذاً فيرجع إلى الاستدلال بالنص حينئذ إذا رجع بعد أن أُبطلت العلة قال لا الكلب ليس بنجس وإنما لا يُحمَل عليه الخنزير غسله بسبع مرات يرجع إلى ذكر النص وهو الدليل إذا ولغ الكلب لكن إذا ولغ الكلب هذا ليس فيه ذكر للخنزير فحينئذ يكون رداً عليه هو لماذا؟ لأن يقول ما الجامع بينهما إذا قال الكلب ليس بنجس فحينئذ بطلت العلة التي حُمل فيها الفرع على ألأصل وهو الجنزير بجامع النجاسة فإذا سلم أن الكلب ليس بنجس وعاد إذا ذكر النص النص ليس فيه إلحاق الخنزير بالكلب لذلك نقول الأصح أنه لا يُلحق الخنزير بالكلب، مع العلم به كان موجود الفقهاء يقولون لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نقول الصواب أنه معروف ذُكر في القرآن لحم خنزير مُحرَم حُرم على من؟ على الصحابة إذاً كانوا يعرفون الخنزير وإن لم يكن موجوداً في مواطنهم، وموافقة الخصم عليه فإن منعه أي الخصم منع الحكم الأصلي وأمكنه أي المستدل إثباته إثبات حكم الأصل بالنص كما ذكرناه في الولوغ جاز يعني يجوز للمستدل أني يثبت حكم الأصل بدليل معتمد بعد أن منع علة ألأصل وليس طريق إثبات حكم الأصل مقصوراً على الاتفاق هذا هو ألصلح يعني لا يشترط في إثبات حكم الأصل أنه لابد أن يتفق عليه الخصم والمستدل بل ما ثبت صحة الدليل عند المستدل كفى لماذا؟ لأنه متعبد بالقياس بينه وبين ربه سواء فقهه أم لا والخلاف موجود وسائغ، لا بعلة يعني لا إثبات الحكم بعلة عند المحققين لا إثبات حكم الأصل بعلة بل يثبته بالنص لأن العلة تؤدي على النزاع لأنه قد يمنع الخصم ويُثبت المستدل فحينئذ لا يكفي وقيل الاتفاق شرط، اتفاق من؟ قيل اتفاق الخصمين وقيل اتفاق الأمة وهذا كله مرادهم به ليس في إثبات حقيقة القياس وإنما عند المناظرة والجدل فقط هل يشترط الاتفاق بين خصمين أو اتفاق الأمة على حكم الأصل؟ نقول الأصل أنه لا يشترط اتفاق الأمة

ص: 23

بل في المناظرة اتفاق الخصمين يكون من باب التنزل فقط وأما حقيقة القياس فتكون ثابتة في نفسها، إذاً يشترط في الأصل بعد أن عرفنا حقيقة الأصل يشترط له شرطان أن يكون الحكم الثابت للأصل مقول المعنى لِيُعَدَّى، فإن كان تعبدياً لا قياس، الشرط الثاني أن يكون دليل الأصل متناولاً لحكم الفرع وإلا فلا قياس إن كان القائس في مقام المناظرة حينئذ يُستحسَن أن يكون الخصم موافقاً للأصل في التعليل فإن منع الخصم تعليل الأصل حينئذ رجع إلى النص ولا يجوز التعليل بالعلة لأنه تؤدي إلى انتشار الكلام.

والفرع أي الركن الثاني من أركان القياس الفرع وهو لغة ما تفرَّع عن غيره كفرع الشجرة عن أصلها جذعها وفروع الفقه عن أصوله، ما تولد عن غيره وانبنى عليه انبنى الفرع على ذلك الأصل لأن هو حقيقته والأصل ما عليه غيره بُني والفرع ما على سواه ينبني، وهنا في باب القياس الفرع هو المحل المطلوب إلحاقه مثل النبيذ نفس المحل ولا نقول الحكم لأن الحكم هو ثمرة القياس أي ما يراد إلحاقه بغيره وهو الأصل وله شرط شرطه وجود علة الأصل فيه لأن التعدية إنما حصلت من حكم الأصل إلى الفرع بسبب وبواسطة العلة فإذا لمن توجد تل العلة في الفرع انتفى وارتفع القياس شرطه أي شرط الفرع في القياس وجود علة الأصل فيه لأنه مناط تعدية الحكم إليه وإلا فلا قياس ويكفي الظن ولا يشترط القطع هل يشترط وجود العلة في الفرع القطع بها أو الظن؟ نقول يكفي الظن لا يشترط القطع.

ص: 24

والثالث الحكم وهو حكم الأصل وهو الحكم الشرعي الذي ورد به نص من كتاب أو سنة أو إجماع ما المراد بحكم الأصل قال وهو أي الحكم الأصلي الوصف المقصود بالإلحاق والمراد بالوصف هنا المعنى الذي يُراد إلحاق الفرع بالأصل فيه المعنى الذي يُراد إلحاق الفرع بالأصل فيه وهو التحريم في الخمر، فالإثبات ركن لكل قياس والنفي إذاً قد يكون بالإثبات وقد يكون بالنفي ولذلك يُتشرط قلنا قبل ذلك يُشترط في حكم الأصل أن يكون حكم الفرع مساوياً لحكم ألأصل يعني يُقاس الواجب على الواجب وليس الواجب على المندوب أو المندوب على الواجب أو المكروه على المحرم أو المحرم على المكروه وإنما يكون الحكم مستوي في الفرع وفي الأصل التحريم الذي في الأصل هو الذي يُراد تعديته على الفرع أو الكراهة أما أن يحصل العكس يكون في الأصل حكم التحريم ويكون في الفرع الكراهة هذا ليس بقياس هذا قياس فاسد، فلا يصح قياس واجباً على مندوب ولا العكس لعدم مساواتهما في الحكم، قال فالإثبات ركن لكل قياس فالإثبات يعني كون الحكم حكم الأصل إثباتاً ركن لكل قياس والمراد بالقياس هنا قياس العلة وقياس الدلالة سيأتي أن القياس ثلاثة أنواع قياس العلة وقياس الدلالة وقياس الشبه قياس العلة ما كانت العلة هي نفسها جامعة بين الفرع والأصل كالإسكار في الخمر والنبيذ وقياس الدلالة هو ما كان الجامع بين الفرع والأصل دليل العلة وليس عين العلة كالشدة المُطربة لو قيل أن النبيذ محمول على الخمر لشدة ما فيه من معنى ولا يُنص على عين العلة فلا يُقال علته الإسكار وإنما يُقال الخمر فيه شدة مُطربة الرغاوى التي تكون عليه شدة مطربة والنبيذ فيه شدة مطربة الشدة المطربة ليست هي العلة وإنما هي دليل الإسكار فالإسكار يوجد والذي يدل عليه الشدة المطربة أو الرائحة الكريهة حينئذ إذا كان الجامع بين الفرع والأصل هو دليل العلة سُمي قياس الدلالة وسيأتي في موضعه يقسم لنا القياس ثلاثة أنوع، فالإثبات ركن لكل قياس إذاً يصح إدخال أو أن يكون الحكم الشرعي في الأصل أن يكون مثبتاً وأما النفي فقال والنفي أي ركن في قياس الدلالة دون قياس العلة يعني الإثبات يدخل في قياس الدلالة وقياس العلة والنفي إنما يكون في قياس الدلالة دون قياس العلة والمراد هنا بالنفي هو النفي الأصل البراءة الأصلية التي سبق الكلام عنها في الاستصحاب والنفي الأصلي يجرب فيه قياس الدلالة دون قياس العلة فيُستدل بانتفاء الحكم عن الشيء على انتفائه عن مصله يُستدل بانتفاء الحكم عن الشيء على انتفائه عن مثله ويكون ذلك ضم دليل على دليل وغلا فهو حينئذ يكون من باب الاستصحاب وسيأتي مزيد من البيان في الكلام على أنواع القياس، والنفي إلا لقياس العلة عند المحققين لاشتراط الوجود فيها لاشتراط الوجود وجود العلة أي لا يجري النفي الأصلي وهو ما كان ورود الشرع قبل قياس العلة لماذا؟ لأنه يُشتَرط فيه وجود علة شرعية والبراءة الأصلية هل فيه علة شرعية؟ ليس فيه علة شعرية هو قبل ورود الشرع حينئذ انتفت العلة الشرعية فلذلك ينتفي النفي أو قياس النفي النفي الأصلي البراءة الأصلية لم يجري في قياس العلة لماذا؟ لأن البراءة الأصلية قبل ورود الشرع وقبل ورود الشرع

ص: 25

ليس عندنا علة شرعية حينئذ لا يمكن أن يكون النفي جارياً في قياس العلة وإنما يكون جاري في قياس الدلالة، لاشتراط الوجود فيها. وشرطه أي شرط وجود الحكم الاتحاد فيها قدراً وصفة والمراد بالاتحاد هنا المساواة أن يكون حكم الفرع مساوياً لحكم الفرع أن يكون حكم الفرع مساوياً لحكم الأصل في العلة قدراً وصفة هذان حالان للاتحاد والمساواة قدراً يعني بلا تفاوت بل لا تكون العلة موجودة في الأصل ثم تُوجد في الفرع لكن على جهة النقصان هذا ممتنع لابد أن تكون مساوية بنفس القوة لكن هل لو كان زائدة في الفرع عن الأصل نقول هذا لا إشكال فيه أما النقصان فلا يُقبَل إذاً التفاوت بين العلة قوة وضعفاً في الفرع والأصل لا يُقبل النقصان ولا بأس بالزيادة لماذا؟ لأنه كما سبق أن بعضاً يرى أن قياس الجلي هذا من أنواع القياس وتحريم الضرب العلة فيه أقوى وأظهر من تحريم التأفيف إذاً هل استويا؟ لم يستويا، الأصل في العلة أن تكون في الفرع وفي الأصل بقدر واحد هذا الأصل فيها لكن ما الذي يُمنَع هنا يُمنَع النقصان وأما الزيادة فلا باس لماذا؟ لأنها تدل على أن الحكم في الفرع أولى منه في الأصل وأما النقصان فلا، مثلوا للنقصان بماذا الذي لا يعتبر قالوا تجب الزكاة في مال الصبي قياساً على مال المكلف طيب المكلف الآن يملك بالفعل أو بالقوة ملكية المكلف بالفعل أو بالقوة؟ والصبي؟ أيهما أقوي؟ الفعل إذاً هل يصح قياس مال الصبي على مال المكلف إيجاب الزكاة؟ الجواب لا لماذا؟ لأن العلة لن توجد في الفرع بقوتها في الأصل بل وُجدت على جهة النقصان وهذا هو الذي يُمنَع المساواة فيها قدراً وصفة قدراً يعني بلا تفاوت وهذا بالنسبة إلى النقصان وأما الزيادة فلا يشتَرك انتفائها إذا قد يكون الحكم في الفرع أولى كما في القياس الجلي وأما النقصان فهو المنتفي، وصفة يعني بأن تكون الصفة التي اقتضت علة الحكم موجودة في الفرع نوعاً أو جنساً لابد أن تكون موجودة نوعاً أو جنساً نوعاً مثل ما سبق كالإسكار عينه عين الإسكار موجود في النبيذ كما هو موجود في الخمر أو جنساً مثلوا له بقياس القصاص في الأطراف على القصاص في النفس بجامع الجناية إذاً جنس الجناية هذا له أنواع له أفراد قد يكون بالأطراف الجناية قد تكون على الأطراف وقد تكون على النفس هل عين الجناية على الأطراف هو عين الجناية على النفس لا وإنما بينهما قدر مشترك وهو الجناية إذاً هنا حُمل القصاص في الأطراف على القصاص في النفس بجامع وهذا الجامع ليس هو عين الأول لأن القصاص في النفس هذا نوع والقصاص في الأطراف هذا نوع آخر إذاً بينهما مغايرة فكيف حصل الجمع هنا؟ نقول حصل لجامع وهو الاتحاد صفة والصفة هنا في الجنس لا في النوع وأما النوع فهو كما في الإسكار عين الإسكار موجود في النبيذ الإسكار موجود في الخمر عينه موجودة في النبيذ إذاً الصفة نوعها موجودة وأما قياس القصاص في الأطراف على القصاص في النفس هذا ليس عينه ولا نوعه بل المراد به الاتحاد في الجنس إذاً شرط الاتحاد فيها قدراً وصفة، وأن يكون الحكم شرعياً لا عقلياً أو أصولياً لا عقلياً حينئذ صار القيا عقلي والبحث هنا في الشرعيات لا في العقليات هذا واضح وأن يكون

ص: 26

الحكم شرعياً لا عقلياً شرعياً يعني ثبت من كتاب أو سنة أو إجماع لا عقلياً فخرج القياس العقلي أو أصولياً، ما المراد بالأصولي هنا؟ المراد به العلم العقائدي ألا يكون الحكم هنا الذي يتعلق به القياس ألا يكون من بال العقيدة بل يكون حكماً عملياً ولا يكون في مسائل العقيدة ولذلك يقال في بعض التراجم علموا بالأصلين المراد به أصول وعلم الكلام وأصول الفقه وهو ما أشرف علم عندهم هكذا يُقال، أو أصولياً إذاً لا يدخل القياس مسائل العقيدة هذا هو الأصل فيه.

ص: 27

والركن الرابع قال الجامع بين الأصل والفرع يعني العلة والمراد به العلة لكن لم يعبر بالعلة لأن العلة أخص فتختص حينئذ بقياس العلة فخرج قياس الشبه وقياس الدلالة لو عُلق الحكم بالعلة لكن الجامع أعم والمراد به الجامع بين الأصل والفرع، وهو أي الجامع بين الأصل والفرع المقتضي لإثبات الحكم في الإسكار الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم لو قيل الإسكار هو العلة علة التحريم هذا الإسكار مشتمل هو وصف اشتمل على الحكم الباعثة على تشريع الحكم لم شُرع تحريم الخمر؟ لم؟ حفظاً للعقل والتصرف فحينئذ نقول هذه العلة الإسكار مشتملة على حكمة الشرع التي بعثت الشرع على التحريم إذاً عندنا علة وعندنا حكمة الحكمة حفظ العقل والتصرف والعلة هي الإسكار هنا ما هو الجامع قال الوصف نفس الإسكار المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم كالسفر مثلاً هذا علة باعثة على تشريع مثلاً القصر والإفطار مشتمل على حكمة وهي رفع المشقة عن المكلف إذاً فرق بين العلة والحكم، العلة هي التي تكون وصفاً عُلق الحكم عليها وجوداً وعجماً تخلفت العلة تخلف الحكم وُجدت العلة وُجد الحكم وأما الحكمة فلا قد يتخلف الحكمة ووجد الحكم مع وجود العلة كما إذا انتفى مشقة السفر عن السفر وهذا موجود حينئذ نقول ارتفع الحكم والقصر والإفطار؟ لا لم يترفع لأن الذي ارتفع هو حكمة العلة وليس عين العلة، وهو المقتضي لإثبات الحكم ويكون هذا الجامع أنواعاً، يكون حكماً شرعياً يعين يكون الجامع بين الفرع والأصل هو عين الحكم الشرعي مثاله تحرم الخمر فلا يصح بيعها كالميتة ما الجامع هنا؟ الجامع هو التحريم حرمت الخمر وحرمت الميتة فلا يصح بيعها فحينئذ نقول الجامع بين الفرع والأصل الأصل هنا تحرم الخمر فلا يصح بيعها كالميتة الميتة أصل والخمر فرع فحينئذ صار الجامع بين الميتة والخمر في عدم صحة البيع كل منهما هو التحريم إذاً صار الجامع التحريم نفسه نفس الحكم الشرعي هو الجامع بينهما، ووصفاً يعني يكون الجامع وصفاً وهذا الوصف قد يكون عارضاً وقد يكون لازماً، ووصفاً عارضاً كالشدة في الخمر فهي على التحريم وهي وصف عارض لأنه طرأ بعد أن لم يكن النبيذ أولاً ما يكون مسكراً ثم تطرأ عليه الشدة المُطربة إذاً وصف لازم أو عارض؟ عارض وُجد بعد أن لم يكن فصار علة للتحريم، ووصفاً عارضاً ولازماً الوصف اللازم مثل الأنوثة في ولاية النكاح أيما امرأة نكحت نفسها فنكاحها باطل باطل إذاً عُلق الحكم على الأنوثة وصف لازم أو طارئ؟ لازم، ومفرداً يعين سكون الوصف أو الجامع بين الفرع والأصل يكون مفرداً واحداً يعني لا يتعدد مثل ماذا؟ قالوا اللواط زنا والزنا هذا مُفرد فحينئذ أوجب الحد كوطء المرأة يعين قد يكون شيئاً واحداً ولا يتحدد مثله الإسكار الإسكار عندما يُعلل الخمر بالتحريم للإسكار نقول الإسكار هذا شيء واحد وليس بمتعدد وأما تعليل القتل القصاص مثلاً نقول قتل عمد عدوان هذا علة مركبة من ثلاثة إشكال إذا انتفى القتل لا قصاص إذا انتفى العمد لا قصاص إذا انتفى العدوان لا قصاص لابد من وجود هذه العلة وهي علة مركبة إذاً العلة تكون بسيطة مفردة واحد كالإسكار في تحريم الخمر وقد تكون مرتبة

ص: 28

كالقصاص القتل العمد العدوان، وفعلاً يعني يكون الجامع فعلاً كالسرقة علة للقطع السرقة نفسها فعل والقتل علة للقصاص والزنا أيضاً علة للحد ونفياً وإثباتاً يعني يكون الجامع نفياً ويكون الجامع إثباتاً يجوز أن تكون العلة وصفاً منفياً ويجوز أن تكون العلة وصفاً مُثبتاً يعني علة وجودة وعلة عدمية يصح أن تكون العلة وجودية ويصح أن تكون العلة عدمية حُرم الخمر لإسكاره هذه علة وجودية الصبي لم ينفد تصرفه لعدم رشده هذه علة عديمة إذاً التعليل قد يكون بعلة وجودية أو علة عدمية، ومناسباً وغير مناسباً قد يكون الجامع وصفاً مناسباً وذاك فيما إذا اقترن بالعلة الحكمة إذا وُجدت الحكمة مع العلة حينئذ نقول هذا وصف مناسب، إذاً الوصف المناسب إذا وُجدت الحكمة مع العلة كالإسكار في تحريم الخمر حفظاً للعقل لا يمكن أن يوجد الإسكار ويوجد الحكم وهو التحريم قم تنتفي الحكمة وهو حفظ العقل، وغير مناسب يعني أن يكون الجامع بين الفرع والأصل وصفاً غير مناسب والمراد بالمناسب والغير مناسب هنا اشتمال العلة على الحكمة إن اشتملت واضطردت مع الحكمة فهو وصف مناسب كالإسكار للخمر وإذا وُجدت العلة دون الحكمة تخلت عنها ولو في بعض الصور حينئذ قيل هذا وصف غير مناسب لانتفاء الحكمة في بعض الصور وغير مناسب وهو ما تخلفت الحكمة عن العلة في بعض الصور مع وجودها في الغالب كالسفر السفر علة القصر فيه وجواز الإفطار هو عينه السفر السفر هو العلة لما جاز الإفطار لزيد نقول لكونه مسافراً إذاً السفر هو علة الإفطار لم قصر الصلاة لكونه مسافراً إذاً السفر هو عين العلة ولذلك يضطرد معه وجوداً وعدماً فإذا وُجد السفر وُجد القصر والإفطار إذا انتفى السفر انتفى القصر والإفطار ومن هنا تأتي مسألة أهل مكة في الحج هل يقصرون أم لا؟ نقول لا قصر إلا مع سفر لا يوجد في الشرع علة للقصر غلا السفر محصورة فيه وهنا يرد السؤال من اعتقد أنه مسافر إذا ذهب إلى عرفة ومزدلفة ومنى قد أعد العدة وهذب حينئذ له أن يقصر وإذا اعتقد أنه ليس مسافراً حينئذ لا يجوز له القصر، ما ذكره الجمهور من القصر أو ما يُنسب لبعضهم ليس الجمهور الجمهور على الإتمام لأهل مكة ما يُنسب أنه جوَّز لأهل مكة القصر بناءاً على أنه مسافرون وليس بناءاً على أنه مقيمون هذا قول مُحدِث أن يعتقد المكي أنه مُقيم ثم يقصر وما نُسب على بعضهم كأبي حنيفة أن العلة على القصر نُسخت ليست بصحيحة هذه ضعيفة لا يعول عليها وإنما علة القصر لأهل مكة السفر إن كانوا مسافرين حينئذ نقول لهم القصر وإن لم يكونوا مسافرين فليس لهم القصر إذاً نقول القصر مع السفر يضطرد وجوداً وعدماً لحكمة وهي وجود المشقة وهذه المشقة مقطوعة بها ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم السفر قطعة من العذاب، إذا انتفت المشقة في بعض الصور هي ينتفي الحكم؟ الجواب لا لا ينتفي لأن الحكم مُعلل وهو القصر مُعلل بالسفر وجوداً وعدماً وانتفاء الحكم في بعض الصور لا يلزم منه انتفاء العلة أو انتفاء الحكم لا يلزم منه انتفاء العلة أو انتفاء الحكم.

ص: 29

ثم قال وقد لا يكون موجوداً في محل الحكم كتحريم نكاح الحر للأمة لعلة رق الولد وقد لا يكون أي الجامع أو الوصف المذكور ذاك الرابع قد لا يكون موجوداً في محل الحكم قد لا يكون موجوداً بالفعل في محل الحكم إلا أنه يُترَقب وجوده يعني موجود بالقوة بالفعل إذاً وجود العلة قد يكون بالفعل وقد يكون بالقوة إذا كان مترقب الوجود وهو الآن غير موجود كتحريم نكاح الحر للأمة الحر لا يجوز له أن ينكح الأمة إلا بشرطه إذا انتفى الشرط هنا كتحريم نكاح الحر للأمة لعلة رق الولد لا يجوز نكاح الحر للأمة لماذا؟ قالوا لعلة رق الولد طيب رق الولد هذا وصف قائم بالولد هو ما جاء أليس كذلك هو ما جاء فكيف نقول يحرم نكاح الحر للأمة لعلة رق الولد؟ هو ما وصل بعد إذاً هو يُترَقب وجوده فحينئذ نقول رق الولد وصف قائم به وتحريم نكاح الأمة وصف قائم بالنكاح فرق الولد وصف غير موجود في محل الحكم وهو تحريم النكاح لأنه مترقب الوجود إذاً لم يوجد بالفعل وإنما سيوجد بالقوة، قال وله ألقاب منها العلة يعني الجامع له ألقاب له أسماء في الاصطلاح عندهم يسمى الجامع ويسمى العلة والمناط والمؤثر والمظنة إلى آخر ما سيذكره المصنف، وله أي للجامع بين الأصل والفرع ألقاب منها العلة وقد سبق تفسيرها في أول الكتاب، ومن ألقابه المؤثر يسمى الجامع المؤثر لماذا؟ لأن له تأثير في الحكم أثر في وجود الحكم الإسكار كلما وُجد أثر في المحل فحرمه وقع الحكم الذي يكون في الأصل، والمؤثر وهو المعنى الذي عرف كونه مناطاً للحكم بمناسبة أو بمناسبته المعنى واضح، وهو المعنى أي الوصف يعني ما هو المؤثر؟ قال هو المعنى أي الوصف الذي عُرف كونه كون ذلك الوصف مناطاً للحكم مناطاً يعني عُلق عليه الحكم وهذا هو حقيقة العلة اجعل لنا ذات أنوار يعني شجراً نُعلق عليها الأسلحة ونحوها ذذ1 هذا الحكم قد عُلق بالعلة فإذن وُجد وجدت معها وإلا فلا إذاً سُمي مؤثراً لكونه له تأثيراً في الحكم حقيقته كونه مناطاً للحكم وهذا هو حقيقة العلة، بمناسبة يعني كون ذلك الوصف مظنة لتحقق حكمة الحكم يعني لابد أن يكون بين الحكم والمعنى مناسبة وهذا هو حقيقة المظنة التي سيذكرها، الثالث قال والمناط يعني من أنواع العلة المناط وأصل المناط هو موضع التعليل لأنها مناط الحكم أي مكان نوطه أي تعليقه وهو من تعلق الشيء بالشيء يعني المناط مأخوذ من تعلق الشيء بالشيء ومنه نياط القلب أي عرق عُلق به القلب فهو علاقة القلب كما قال هنا لِعَلَاّقَتِه نياط القلب هذا عرق عُلق به القلب فهو علَاّقته يعني كأنه القلب عُلق به فذلك هو عند الفقهاء فلذلك هو عند الفقهاء متعلق الحكم المناط متعلق الحكم يعني العلة التي عُلق بها الحكم يسمى جامعاً ويسمى مؤثراً ويسمى مناطاً لكون الحكم قد تعلق به فهو علَاّقة، والبحث فيه إما لوجوده وهو تحقيق المناط أو تنقيته وتخليصه من غيره وهو تنقيح المناط أو تخريجه هذه ثلاثة أحوال وهو ما يعنون له عندهم بالاجتهاد في العلة لهم ثلاثة أنواع تنقيح المناط وتحقيق المناط وتخريج المناط والمناط المراد به العلة تحقيق العلقة وتنقيح العلة وتخريج العلة إذاً ثلاثة أبحاث ولذلك قال والبحث فيه البحث في المناط أو في

ص: 30

الجامع أو في المؤثر إما لوجوده يعني لوجود النص وهو المسمى بتحقيق المناط تحقيق العلة في الفرع يعين نظر المجتهد في الفرع فيبحث هل هذه العلة موجودة في الفرع أم لا يسمى تحقيق المناط نظر المجتهد في العلى في الفرع في النبيذ يبحث ويسأل ويتأكد يشم الرائحة يذوق إلى آخره هل العلة الإسكار موجودة في النبيذ أم لا هذا يسمى تحقيق المناط ولذلك قال إما لوجوده يعني وجود الوصف أو الجامع في المحل الذي يُطلَب له الحكم وهو الفرع وهو تحقيق المناط ما عُرف فيه علة الحكم بنص أو إجماع فيحقق المجتهد وجود تلك العلة في الفرع أو النوع الثاني تنقيته وتخليصه من غيره وهو تنقيح المناط تنقيح المناط تنقيح تفعيل وهو في اللغة التهذيب والتصفية أو التنقية والتخليص كما ذكره المصنف، ومرادهم بتنقيح المناط تهذيب العلة وتصفيتها بإلغاء ما لا يصلح للتعليل واعتبار الصالح له يعني تأتي عدة أوصاف فيأتي الشارع فيعلق الحكم على تلك الأوصاف هل كل الأوصاف صالحة للتعليل أو لا؟ يأتي هنا المجتهد فيُنقح ويصفي ويخلص تلك الأوصاف فينظر في بعض الأوصاف فإذا بها صالحة للتعليل فيبقيها وينظر في بعض الأوصاف فإذا هي لا تصلح للتعليل فيلغيها هذا يسمى تنقيح تصفية العلة من غيرها، الأول وجود العلة في الفرع هذا لا إشكال فيه واضح والثاني العلة شابها بعض أوصاف جاء معها بعض الأوصاف ولذلك قال هنا تنقيح المناط بأن ينص الشارع على حكم كقوله صلى الله عليه وسلم اعتق رقبة للأعرابي الذي جاء جاء أعرابي ينتف شعره ويضرب صدره ويقول هلكت هلكت يا رسول الله وقعت أهلي في نهار رمضان قال اعتق رقبة هذا جواب حكم شرعي الحكم الشرعي الآن هذا نُزل على عدة أوصاف أعرابي جاء يضرب صدره وينتف شعره ويقول هلكت وأهلكت وقال وقعت في نهار رمضان خمسة أشياء هل الحكم أعتق رقبة مُنزل على كل الأوصاف بحيث لو جاء أعجمي نقول له الحكم ليس لك أو إذا جاء لا ينتف شعره أو لا يضرب صدره نقول الحكم ليس لك فنجعل كل الأوصاف هذه علة مركبة أو نقول كونه أعرابياً هذا لا أثر له في الحكم لأن الشرع لا يفرق بين العرب والعجم كونه يضرب صدره وينتف شعره هذا حال غضب نحوها لا أثر له كذلك قوله هلكت وأهلكت هذا خوف من المعصية إلى آخره لا أثر له فإذا بنا ننظر إلى المعنى الرابع أو الخامس كونه واقع في نهار رمضان فنقول هذا محل الحكم هذا يسمى تصفية وتخلية أن ينص الشارع على حكم عقيب أوصاف متعددة حادثة وقعت تضمنت عدة أوصاف نص الشارع على حكمها فيُلغي المجتهد غير المؤثر ككونه أعرابياً لا يؤثر في الأحكام الشرعية لا فرق بين أعرابي ولا أعجمي إلا بالتقوى ويعلق الحكم على ما بقي وهو كونه واقع أهله نهار رمضان هذا يسمى تنقيح العلة.

ص: 31

وتخريجه بأن ينص الشارع على حكم غير مقترن بما يصلح علة فيستخرج المجتهد علته باجتهاده ونظره وهذا هو محل المعرض أكثر منكري القياس سلم بالأول والثاني بل الأول مُجمع عليه تحقيق المناط هذا مُتفق عليه وتنقيح أكثر منكري القياس على القول به والثالث هذا هو محل النزاع تخريجه بمعنى التخريج هنا بمعنى الاستنباط استنباط إخراج العلة من النص جاء النص رتب حكماً على واقعة أو حادثة يأتي المجتهد فيتأمل وينظر هل في هذا المحل الذي حُكم عليه معنى مناسب يمكن تعليق الحكم عليه أم لا فينظر ويبحث ويجتهد فإذا قيل حرمت الخمر ولم يقل لإسكار ونحوها فينظر فإذا به المعنى الذي يمكن أن يعلق عليه الحكم وهو التحريم هو الإسكار فيقول استنبطت واستخرجت هذه العلة إذاً قال هنا تخريجه بأن ينص الشارع على حكم هذا حكم شرعي نص عليه من الشرع غير مقترن بما يصلح علة لم ينص على العلة لأن العلة قد تكون منصوصاً عليها وقد تكون مستنبطة وفرق بين العلة المُستنبطة والعلة المنصوصة عليها المنصوص عليها هذه لا إشكال فيها لكونها علة وأما المستنبطة هي التي ذكرها هنا قال غير مقترن بما يصلح علة فيستخرج المجتهد باجتهاده ونظره وعلمه علته قال باجتهاده ونظره لمسلك المناسبة ..... لأن استخراج العلة له ثلاث طرق سيذكرها المصنف فيما بعد إذاً عرنا البحث في الجامع إما بتحقيق المناط وهذا يكون متعلقاً بالفرع أن تبحث في العلة هل هي موجودة في الفرع أم لا الثاني تنقيح المناط العلة وهو كون الحكم الشرعي قد صدر مرتباً على معاني متعددة وأوصاف متعددة بالنظر غليها ليست كلها صالحة للاعتبار فيُثبت المجتهد ما يصلح اعتباره علة للحكم ويُلغي ما لا يصلح للاعتبار كما ذكرناه في قصة الأعرابي، الثالث أن ينص على حكم ولا ينص على علته فيأتي المجتهد فيستخرج علة مناسبة للحكم.

ص: 32

ومن ألقاب الجامع المظنة يقال الجامع جامعة وعلى ومظنة وهي مشتقة من قولهم ظننت الشيء يعني مشقة من الظن والأصل في الظن أنه خلاف اليقين وقد تكون المظنة بمعنى العلم أو قد تكون الظن بمعنى العلم كما في قوله تعالى (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبّهم) يظنون بمعنى يوقنون وتارة تأتي بمعنى رجحان الاحتمال يعني رجحان أحد الاحتمالين على الآخر بحيث يكون أقرب إلى اليقين فلذلك هي الأمر إذا عرفنا معناها من جهة اللغة تأتي بمعنى الظن وبمعنى العلم وبمعنى الرجحان فلذلك لوجودها أن إتيانها بهذه المعاني الثلاثة هي الأمر المشتمل على الحكمة الباعثة على الحكم المظنة تُطلق على العلة لكن بشرط وجود وظهور الحكمة إن وُجدت حكمة العلة أو حكمة الحكم المرتب على العلة سُمي مظنة إن اشتمل هي الأمر المشتمل قال فلذلك الفاء للتفريع لأن المظنة تأتي بالمعاني الثلاثة السابقة صح أن يُطلق على الجامع مظنة لأنه مظنة تحقق المصلحة المقصودة من تشريع الحكم إما قطعاً أو احتمالاً كما سيذكره المصنف إذاً معنى المظنة قال هي الأمر كالسفر مثلاً المشتمل ذلك السفر على الحكمة من شرعية الحكم وهو القصر والمراد بالحكمة هنا حكمة السفر تخفيف المشقة الباعثة على الحكم هذه الحكمة باعثة على الحكم وهو القصر إذاً المظنة تُطلق على الجامع مع وجود حكمة الحكم فإذا انتفى حكمة الحكم يسمى جامعاً وعلة ولا يسمى مظنة واضح؟ لذلك قيده هنا قال الأمر المشتمل على الحكمة الباعثة فإن وُجد العلة والجامع مشتملاً على الحكمة فحينئذ سُمي علة وجامعاً ومظنة وإذا انتفت الحكمة فحينئذ يسمى علة وجامعاً ولا يسمى مظنة إما قطعاً كالمشقة في السفر قطعاً بماذا؟ بالنص لأن الشرع هو الذي علل قال السفر قطعة من العذاب إما قطعاً كالمشقة في السفر السفر علة للحكم وهو القصر وهو مشتمل على الحكمة وهي دفع المشقة وهي مقطوع بها للنص أو إحتمالاً أو حصول المعنى يكون احتمالاً كوطء الزوجة بعد العقد في لحوق النسب متى يثبت النسب؟ نقول كوطء الزوجة بعد العقد لكن نقيد مع الدخول في لحوق النسب هنا أقام الشرع مقام الاطلاع على الفراش أقام عقد النكاح مع الدخول مقام احتمال إيقاع الجماع ونحوه لأنه كما هو معلوم أن النسب يكون من فراش طيب إذا حصل الفراش الذي هو كناية على الجماع هل نقطع أن هذا ولد فلان؟ ما نقطع لماذا؟ لأننا ما اطلعنا شيء هل اطلعنا على إيقاع النطفة في موضعها حتى نقول الأمر مقطوع به أو باب الظن والاحتمال؟ من باب الظن إذاً ننسب فلان لأبيه وأمه نقول هذا الولد بالفراش لكون الشرع أقام النكاح مع الدخول علامة على الجماع والوطء وصار احتمالاً لأنه لا يمكن الاطلاع على الأمر الغائب إذاً قال أو احتمالاً أو حصول المعنى احتمالاً كوطء الزوجة بعد العقد مع الدخول هذا لا يمكن الاطلاع عليه في لحوق النسب ننسب الشخص إلى أبيه بعقد النكاح مع الدخول أقام النكاح جعله كالعلة في ثبوت النسب نسب زيد لأبيه إذاً نقول هذا احتمالاً أو قطعاً؟ نقول هذا من باب الاحتمال لأن لا سبيل للاطلاع إلى حقيقة الأمر، كوطء الزوجة بعد العقد مع الدخول في لحوق النسب إذ هو مظنة حصول النطفة في الرحم هكذا قال الأصوليون،

ص: 33

فحينئذ أقام الشارع مقام الاطلاع على النطفة في الرحم أمراً ظاهراً يدل عليه وهو عقد الزواج عقد النكاح، فالعلم في إثبات النسب هو الفراش الذي هو العقد الصحيح لأنه مظنة حصول الجماع ونحوه، فما خلا عن الحكمة فليس بمظنة فما أي الجامع إذا خلا عن الحكمة فليس بمظنة يعني لا يسمى مظنة حينئذ كل مظنة جامع وليس بعكس لأن المظنة شرطهاً وجود الحكمة فإذا انتفت الحكمة نقول هذا جامع وليس بمظنة.

والسبب يعني ما يطلق على الجامع السبب وأصله يعني لم سببا السبب في اللغة كما سبق هو الحبل وكل شيء يتوصل به إلى غيره، وأصله ما توصل به إلى ما لا يحصل بالمباشرة كالحبل في البئر مثلاً هل نستطيع أن تأخذ مباشرة الماء بنفسك؟ لا تستطيع إذاً كل ما توصل به من غير مباشرة فهو سبب، ما توصل به إلى ما لا يحصل بالمباشرة وهنا كذلك لا يمكن أن نتوصل إلى تحريم النبيذ إلا بواسطة سبب وهو الإسكار لذلك سُميت العلة أو الجامع سُميت سبباً لأنه لا يتوصل إلى إيقاع الحكم حكم الأصل على الفرع وهو النبيذ التحريم إلا بواسطة هذا الواسطة هو السبب لا يمكن أن يتوصل به مباشرة كالحبل بالنسبة للماء، والمُتَسَبِّبُ هو المتعاطي لفعله يعني لفعل السبب ليس المؤثر في إخراج الماء هو الحبل نفسه هو السبب بل المُحرك هو المتسبب، وهو هنا في هذا المقام في باب القياس هو ما تُوُصِّلَ به إلى معرفة الحكم الشرعي فيما لا نص فيه والذي لا نص فيه هو الفرع توصلنا بهذا الجامع إلى العلم بحكم الفرع هل هو مباشرة؟ ليس مباشرة إنما كان بواسطة لذلك سُمي سبباً وهو هنا أي في هذا المقام ما تُوصل به إلى معرفة الحكم يعني الطريق إلى معرفة الحكم الشرعي فيما لا نص فيه لأن الحكم الشرعي إنما يُعرَف في الفرع الذي لا نص فيه، وجزء السبب هو الواحد من أوصافه كجزء العلة سبق أن بعضهم يرى أن السبب والعلة بمعنى واحد وهو مراد المصنف هنا ومع العلة قد ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، وجزء السبب إذاً السبب قد يكون مدلوله بسيطاً كما أن العلة قد تكون بسيطاً وقد يكون مركباً كما أن العلة تكون مركبة الإسكار هذا سبب واحد وهو علة واحدة حينئذ هل يمكن تتجزأ؟ لا تتجزأ والقتل العمد العدوان هذا علة مركبة وسبب مركب هل يمكن يتجزأ؟ يمكن أن يتجزأ إذاً يصح أن نقول العدوان جزء العلة وليست كل العلل كذلك نقول العدوان جزء السبب لماذا؟ لأن السبب بمعنى العلة هنا قال وجزء السبب أي السبب كالعلة يتركب من عدة أوصاف في بعض أحوالها كذلك كما قلنا جزء العلة نقول جزء السبب وجزء السبب هو الوصف الواحد من أوصافه كجزء العلة كالعدوان من قوله القتل العمد العدوان.

ومن ألقاب الجامع المقتضي اسم فاعل من اقتضى وهو لغة طالب القضاء ليس طلب القضاء مُقتضي بكسر الضاد اسم فاعل فحينئذ يكون هو الطالب وليس هو الطلب الطلب هذا معنى الاقتضاء وليس معنى المقتضي، والمقتضي اسم فاعل من اقتضى وهو لغة طالب القضاء فيطلق هنا على الجامع لاقتضائه ثبوت الحكم الشرعي كالإسكار يقتضي تحريم الخمر إذاً العلة والجامع يسمى مقتضياً مقتضي لأنه يطلب الحكم فيُطلق هنا لاقتضائه ثبوت الحكم.

ص: 34

ومن ألقاب الجامع المستدعي بكسر العين اسم فاعل من استدعى وهو من دعوته إلى كذا أي حثثته عليه سُمي الجامع مستدعياً لاستدعاء الحكم لأن الجامع يستدعي الحكم ويطلبه إذاً هذه كلها ألفاظ واصطلاحات مرادها العلة والجامع والمستدعي والمقتضي والسبب والمؤثر والمظنة كلها أسماء والمراد بها واحد وقد يحصل نوع اختلاف لسبب الاشتقاق كما قيل في المظنة. ثم الجامع كان وصفاً بين لنا أن الجامع قد يكون وصفاً مناسباً يصلح اعتباره وقد يكون وصفاً غير مناسب لا يصلح اعتباره وأظن في هذا الكفاية، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 35