المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * شروط الجامع * طرق إثبات العلة.   الدرس‌ ‌ 21 بسم الله الرحمن - شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول - جـ ٢١

[أحمد بن عمر الحازمي]

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * شروط الجامع * طرق إثبات العلة.   الدرس‌ ‌ 21 بسم الله الرحمن

‌عناصر الدرس

* شروط الجامع

* طرق إثبات العلة.

الدرس‌

‌ 21

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد فلما ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن من أركان القياس الجامع ذكر فيها القياس أربعة الأصل والفرع وحكم الأصل والجامع أراد أن يبين لنا ما هو الجامع فقال ثم الجامع أي ثم هذا للترتيب الذكري بعد أن ذكرت لكم ما سبق فيما يتعلق بالحقيقة والجامع فالجامع الذي يصح أن يكون وصفاً معتبراً يتعلق به الأحكام في الأصل ثم يعد إلى الفرع لثبوت الحكم الأصلي فيه قال إن كان وصفاً إذاً هذا شروع منه في بيان شروط اعتبار الجامع علة لثبوت الحكم به، إن كان وصفاً موجوداً ظاهراً منضبطاً مناسباً معتبراً مطرداً متعدياً فهو علة فهو هذه الجملة في محل جزم جواب الشرط فوقع في جواب الشرط حينئذ عندنا شرط وعندنا مشروط إن وُجد الوصف جامع بهذه الشروط بهذه القيود حينئذ ثبت كونه علة للحكم في الأصل فيُعد إلى الفرع فيُسحَب الحكم الأصلي إلى الفرعي وإن تخلف واحداً منها فضلاً عن كلها عن جميعها حينئذ نقول لا يصح كونه علة فلا يتعد حكم الأصل على الفرع إذاً هذا شروع منه في اعتبار الجامع كونه علة أو لا ليس كل ما أأدعي فيه أنه وصف مناسب فهو وصف مناسب بل لابد من شروط معتبرة هذه لشروط مأخوذة من استقراء الشرع هو ذكرها أولاً إجمالاً ثم ذكرها مفصلة شرطأً شرطاً وما ذُكر فيه من خلاف إن كان فيه خلاف، استدل الأصوليون هذه الشروط من العلل المنصوصة ما نص عليه الشرع حينئذ استنبط منه الأصوليون هذه القيوم التي ستُذكر كذلك من تعريف العلة بأنها الوصف المُعرِّف للحكم لابد من اعتبار معنى العلة، ومن الغرض المقصود من العلة وهو كون العلة تعدي حكم الأصلي من الأصل إلى الفرع باعتبار هذه الأمور الثلاثة وضعوا هذه القيود السبعة، إن كان وصفاً إذاً قد يكون غير وصف وهذا فيما سيأتي قد يكون حكماً شرعياً لأن الجامع لا يخرج عن أمرين إما أن يكون وصفاً مناسباً وإما أن يكون حكماً شرعياً الوصف المناسب هو الذي سيذكر هذه القيوم في اعتباره إن كان وصفاً والوصف هو معنى قائم بالموصوف وصفاً يعني معنى قائم بالموصوف وهذا شأن الأوصاف أنها لابد من موصوفات تقوم بها لأن الشيء إما أن يكون جوهراً وإما أن يكون عرضاً عرضاً المراد به هنا الوصف الجوهر ما يقوم بذاته والعرض ما لا يقوم بذاته بل لابد من محل يقوم فيه وهذا شأن الأوصاف حينئذ كل وصف يستلزم موصوفاً لماذا؟ لأن الوصف لا يقوم بذاته لا يقوم بالطول والقصر هذه أوصاف هل تقوم بذاتها هل يوجد طول لا في إنسان ولا في جبل ولا في عمود وفي آخره؟ لا يوجد لا يصح أن تقول هذا طول لوحده منفكاً أو هذا قصر أو هذا سمن ونحوه كذلك لا يقال هذا إسكار لا في خمر لا يوجد لا يقال صغر لا في ذكر أو أنثى لابد أن يكون هذا الوصف له محل يقوم فيه حينئذ إن كان وصفاً هذا احترزاً مما إذا كان حكماً شرعياً سيأتي أن فيه خلافاً وأن هذه الشروط والقيود مرتبة على الأوصاف لا على الأحكام الشرعية لأنه يصح أن يُعلَل بالحكم الشرعي وأن يكون الجامع بين الأصل والفرع هو الحكم الشرعي وهذه القيود غير معتبرة في ذاك الحكم وإما إذا

ص: 1

كان وصفاً حينئذ ليس كل وصف يصح التعليل به وإلا لو صح كل وصف أن يُعلل به لفُتح باب انتقاد الشرع فحينئذ كل واحد يُعلل بما يراه مناسباً هو دون أن يرجع على الشرع لكن نظر الأصوليون في العلل المنصوصة والعلل المُجمَع عليها فحينئذ ذكروا أو استمدوا واستنبطوا من هذه العلتين المنصوصة والمُجمَع عليها قيوداً وأكثر ما يقع الخلاف ليس في المنصوصة والمُجمع عليها وإنما في المستنبطة لأن العلل من حيث هي إما أن تكون منصوصة نص عليها الشرع {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} هذا نص عليها الشرع أو يكون مُجمع عليها كتشويش الفكر في المنع من القاضي أن يقضي أو تكون مستنبطة، الخلاف أكثر ما يكون والأخذ والعطاء بين الأصوليون أو الفقهاء إنما يكون في العلة المستنبطة لأنها معتمدة على اجتهاد المجتهد وأما النص فما جاء من الشرع {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} انتهى {إِلَاّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} انتهى هذا تعليل من {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} نقول هذا تعليل ليس للرأي فيه مجال كذلك ما أجمع عليه العلماء بأنه علة لا مجال للرأي في النقض أو الاعتراض يبقى العلة المستنبطة لأنها مأخوذة من تخريج المناط كما سبق بيانه، إذاً الأصوليون هذه القيوم لضبط الوصل الذي يصح التعليل به لأنه ليس كل وصف يصح أن يُعلق الحكم عليه ولو جُعل كل وصف يصح أن يكون علة فيتعدى إلى غيره لفُتح باب نزاع بين العلماء بل فُتح باب الأهواء وكل يرى ما يراه غيره إذاً وصفاً يعني معنى قائم بالموصوف، موجوداً هذا الشرط الأول ظاهراً هذا الشرط الثاني منبطاً هذا الشرط الثالث مناسباً هذا الشرط الرابع معتبراً هذا الشرط الخامس مطرداً هذا الشرط السادس متعدياً هذا الشرط السابع هذه سبعة شروط إن تخلف واحد منها بعضها مُجمع عليها وبعضه مُختلف فيه ليس مطردا أو الاتفاق عليها وإنا فيه بعض العلل أو بعض الأوصاف هذه مختلف فيها بين الأصوليون وبعضها فيه نوع نزاع كالطرد مثلاً فيه نزاع، هذه إن وُجدت مستجمعة في وصف فهو علة يعني متى تحققت هذه الشروط في الجامع إذا كان وصفاً فحينئذ فهو علة لا خلاف في ثبوت الحكم به فحينئذ نقول ليس كل وصف يصح التعليل به بل لابد من استجماع هذه لشروط وإذا قيل ما دليل هذه الشروط نقول على اعتماد ما ذُكر من الثلاثة الأمور أولاً التأمل والنظر في العلل المنصوصة والمُجمع عليها فإنها قد استجمعت هذه الشروط السبعة ثانياً النظر إلى حد العلة ما هي العلة المُعرف للحكم أو ما جُعل معفراً للحكم إذاً لابد أن يكون المعرف مطرداً مناسباً إلى آخره ثالثاً الغرض المقصود من التعليل وهو كون هذا الحكم حكم الأصل معديا إلى الفرع يعني تعدية حكم الأصل إلى الفرع.

ص: 2

ثم قال أما الوجود أما هذه تفصيلية يعني أراد أن يفصل لنا شرطاً شرطاً ذكرها أولاً مجملة ثم أردا أن يفصلها أما هذه حرف تفصيلي مضمن معنى الشرط ولذلك قال فشرطه الفاء وقعت في جواب الشرط لم؟ لكون أما هذه مُضمنة معنى الشرط لأنها نائبة المناط مها أما كمها يكن شيء بفاء ....... ، أما الوجود أي اشتراط كون العلة وصفاً وجودياً أي أمراً ثبوتياً يعين شيئاً موجود يُقابله العدم، كون الوصف أو العلة أمراً ثبوتياً موجوداً كتعليل تحريم الخمر مثلاً بالإسكار نقول الإسكار هذا علة وصف يشترط فيه أن يكون وجودياً بمعنى أنه أمر ثبوتي يقابله العدم لماذا؟ لأن الإسكار عُلل به حكم الثبوت وهو التحريم، كذلك السفر علة لإباحة الفطر والقصر نقول السفر هذا أمر وجودي لأنه مُدرَك بالحس كون المسافر مسافراً وكون الخمر مشتملة على الإسكار فهذه على وجودية بمعنى أنها أمر ثبوتي يُدرك بالحس لكن التنصيص عليها في الأصل هذا قلنا لابد من الأدلة الشرعية وكونها موجودة في الفرع لا يشترط فيها الدليل الشرعي بل يشاركه الدليل الحسي والعقلي والعرفي أربعة أمور في تحقيق المناط وجود العلة في الفرع أربعة أمور الدليل الشرعي الدليل العرفي الدليل الحسي الدليل العقلي هذا أربعة أمور أما وجودها في الأصل فلابد أن تكون بدليل شرعي لماذا؟ لأنها جاءت في نص الكتاب أو سن فحينئذ رتب عليها الشرع حكماً وليس عندنا حكم شرعي من غير الكتاب والسنة فاقتصار النص على الحكم الشرعي اقتصرنا على كون العلة التي تكون في الأصل موردها الدليل الشرعي إذا ليس عندنا استنباط من غير الشرع فلذلك كان الدليل على وجود العلة في الأصل أو على تعليل الأصل هو الشرع ولا يجوز أن يكون بالحس أو العقل أو العرف، أما الوجود يعني اشتراط كون العلة وصفاً وجودياً فشرط يعني إذا تخلف المشروط الذي هو الوجود تخلف كونه علة إذا تخلف الشرط وهو كونه موجوداً الوصف كونه وجودياً تخلف المشروط وهو الجامع الذي يصح التعليل به لأن من شأن المشروط أن ينتفي بانتفاء شرط أليس كذلك ينتفي المشروط بانتفاء شرطه وهنا الشرط الوجود والعلة الجامع هذا مشروط فينتفي المشروط لانتفاء شرطه ولا يلزم من وجود الوجود الذي هو شرط في العلة وجود العلة لماذا؟ لاحتمال انتفاء الطرد مثلاً أو التعدي كما أنه لا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة لماذا؟ لأنه قد لا يكون الوقت قد دخل كذلك هنا إذا وُجد الوجود وهو شرط في العلة لا يلزم منه وجود العلة لاحتمال انتفاء شرط آخر كالمناسبة والاعتبار حينئذ نقول الوجود هذا شرط ينتفي المشروط لانتفاء الشرط ولا عكس إذاً فشرط ينتفي المشروط بانتفائه فلا يجوز حينئذ التعليل بالعلة العدمية إذا كان الحكم ثبوتياً إذا كان الحكم ثبوتياً لا يجوز التعليل بالعلة العدمية هذا قول وهذا شرط ليس متفقاً عليه بل الجمهور عل الجواز قد يُعلل العدم بالعدم والوجود بالوجود والعدم بالوجود والوجود بالعدم هذه أربعة أقسام، الوجود بالوجود لا إشكال والعدم بالعدم لا إشكال لكن هل يُعلل الوجود بالعدم؟ على ما ذكره هنا يشترط أنه لابد أن يكون الحكم إذا كان ثبوتياً لابد أن يكون الوصف وجودياً لماذا؟ لأنه لا يعلل الثبوت بأمر عدم

ص: 3

فحينئذ لا يصح إثبات حكم شرعي وتكون العلة عدمية بل لابد من الاستواء وجود وجود أو عدم عدم كما ذكرناه في حد الرازي حد الثاني أو نفيه عنهما أما الجمهور فعلى جواز تعليل الأمر الثبوتي والحكم الشرعي الثبوتي بالعدم حينئذ نقول هذا شرط ليس متفق عليه حينئذ عند المحققين على ما نسبه المصنف هنا لا يجوز التعليل بالعلة العدمية إذا كان الحكم ثبوتياً بخلاف فيما إذا كان الحكم عدمياً والجمهور على الجواز يعني جواز تعليل الحكم الوجودي بالوصف العدمي مثل ماذا؟ يُقتَل المرتد لعدم إسلامه يقتل هذا حكم أم لا؟ وجودي ثبوتي أم عدمي؟ وجودي لعدم لإسلامه هذا عدمي أم لا؟ نعم نقول عدمي عدم الإسلام هذا أمر عدمي إذاً صح التعليل للحكم الثبوتي بأمر عدمي إذاً هذا الشرط متنازع فيه، لم شرط المحققون الوجود؟ قالوا لاستمرار العدم هذا حجتهم قالوا سبق بما مضى معنا أن تنقيح المناط لابد من السبر والتقسيم أن ينظر المجتهد في الأوصاف التي عُلق عليها الحكم حينئذ هل كل وصف جاء في سياق الحكم أو سبق حكمه لابد أن يكون الحكم مرتب عليه ويُجعَل ذلك الوصف علة فيه وجوداً وعجماً؟ نقول لا بعض الأوصاف تعتبر وبعض الأوصاف تُلغى إذاً لابد من التنقيح وهو ما يسمى بالسبر والتقسيم أن ينظر في الوصف يقول كونه أعرابياً هذا لا تعلق له بالحكم كونه جاء يضرب صدره لا تعلق له بالحكم كونه جاء ينتف شعره لا تعلق له بالحكم كونه إلى آخره إذا وقف عند كونه واقع امرأته في نهار رمضان قلنا أعتق رقبة إذاً هذا الحكم مرتب على هذا، له يمكن أن يحصل هذا في العدم أن يحصل سبر وتقسيم ونزر في الأوصاف العدمية؟ قالوا لا لا يمكن لماذا؟ لأن الأوصاف العدمية عدمية لا يمكن أن يميز بعضها عن بعض حينئذ يعجز المجتهد أن ينظر في هذه الأوصاف فيقول هذا وصف معتبر وهذا وصف ملغى لذلك قال اشترط الوجود، حجة القائلين بالمنع استمرار العدم قالوا لاستمرار العدم لأن الوصف العدمي هذا مستمر بلا نهاية فحينئذ سبر العدم غير ممكن فلا يكون على للوجود فلا يكون العدم علة للوجود وجود الحكم لماذا؟ لأن الحكم لا يثبت إلا بوجود معنى يقتضيه والعدم ليس بشيء فلا يكون علة للوجود يعني فلا يكون العدم علة للوجود يعني للحكم الوجود لماذا؟ لأن الحكم لا يثبت إلا بوجود معنى يقتضيه والمعنى إذا قيل معنى يقتضيه يطلبه لأن العلة كما سبق أنها باعثة على الحكم حينئذ العدم ليس بشيء فكيف يكون مقتضياً للحكم نقول الصواب أنه يجوز التعليل بالعلة العدمية لورود الشرع بها كما سيأتي.

ص: 4

ثم قال وأما النفي الذي هو يقابل الوجود الذي يستلزم العدم فقيل يجوز علة، وأما النفي أي الوصف المنفي وهو عدم الوجود هذا ما يقابل الوجود وهذا يُشعر بأن المسألة فيها خلاف وليس بما اتفق عليه الأصوليون وأما النفي أو الوصف المنفي وهو عدم الوجود فقيل قال بعض الأصوليين يجوز علة لأن رجَّح الأول وهو الوجود فعلل الثاني بقوله قيل وهذا صيغة تمريض أي تضعيف، يجوز النفي أو عدم الوجود أن يكون علة للحكم الثبوتي يجوز للنفي أن يكون علة إثبات حكم قتل المرتد لماذا؟ لعدم إسلامه بل ورد في الكتاب قوله جل وعلا {وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} {وَلَا تَأْكُلُواْ} هذا حكم {مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} هذا تعليل وهو عدمي فجعل سبحانه انتفاء ذكر اسم الله وهو شيء عدمي علامة على تحريم الأكل والتحريم شيء وجودي ليس بنفي حينئذ صحت تعليل الأمر الثبوتي أو الحكم الثبوتي بالعلة العدمية وحجة هؤلاء القائلين بجواز العلة العديمة للأمر الثبوتي أن العلة الشرعية أمارة ومُعرفة للحكم الشرعي هي أمارات وعلامات والصحيح أنه تسمى علل وتسمى أمارت مطلقة سواء كانت ظنية أو قطعية أمارات ومعرفات على الحكم ولا امتناع في العقل ولا في الشرع في جعل العدم أمارة في الثبوت ليس هناك ما يمنع عقلاً وخاصة مع جوازه ووقعه في الشرط ليس هناك ما يمنع سبق معنا أن الوقوع دليل لجواز العقل إذا وقع شيء في الكون سواء في الشرعيات أو في الأمور الدنيوية تقول هذا يدل على عدم الامتناع بل على جوازه عقل فلما وقع تعليل الحكم الثبوتي بالعلة العدمية في الشرع يُقتَل المرتد لعدم إسلامه هذا واقع وكذلك {وَلَا تَأْكُلُواْ} هذا واقع دل على أن الشرع له أن يجعل العدم أمارة على وجود الشيء وهذا يمكن أن يقع قد يقول قائل إذا وجدت الجوالة مفتوحة فأنا مستيقظ أو إذا وجدتها مغلقة فهو علامة على أني نائم أليس كذلك يقع بين الناس هذا فنقول يُجعَل الشيء علامة وهو عدم على كونه على وجود الشيء فلا مانع من ذلك خاصة إذا كانت المسألة شرعية وقد ورد الشرع بها وينبغي أن يكون باب القياس كله نقول هذا أن يكون مبنياً على ما استقر في الشرع ولا يكون الأصل فيه العقل ثم يُمنَع من الشرع، أما من منع حجته على أن العلة مُوجبة للحكم والعدم لا يؤثر في الموجود كما سبق أن المعنى يقتضي الحكم وإذا كان العدم ليس بمعنى وليس بشيء كيف يكون مقتضياً للحكم، وأما النفي فقيل يجوز علة يعين يجوز وقعه علة وهذا هو الصحيح وهو ألأصح، ولا خلاف في جواز الاستدلال بالنفي على النفي، لا خلاف بين الأصوليين في جواز الاستدلال بالنفي على النفي أن يستدل المستدل بانتفاء حكم شيء على انتفاءه عن مثله يجوز أيستدل بالنفي على النفي يعني بانتفاء حكم شيء دليلاً على انتفاء الحكم عن مثله، الخمر لا يجوز بيعه فلا يجوز هبته لا يجوز بيعه وكل ما لا يجوز بيعه لا تجوز هبته حينئذ استدل هنا بالنفي على النفي والشيء واحد وهو الخمر اتحاد الخمر نقول الخمر لا يجوز بيعه فلا يجوز هبته أو رهنه أو إهدائه فكل هذه امتنعت بناءاً على أن الخمر لا يجوز بيعه وهذا هو الأصل في المعاملات فإذا انتفى جواز بيع الخمر

ص: 5

انتفى كل حكم من الإهداء والهبة والعطية ونحو ذلك، قلنا أُستدل بالنفي على النفي أما إن قيل بعليته فظاهر يعني إذا حصل ووقع الاستدلال بالنفي على النفي إذن قلنا أنه على فلا إشكال أما إن قيل يعني الاستدلال بالنفي على النفي انتفاء حكم شيء على انتفاء الحكم عن مثله إن قيل إنه من قبيل أن النفي علة للنفي فحينئذ فظاهر فالأمر ظاهر حينئذ جُعل النفي علة للنفي، وإلا وإلا يُقل بعليته فيكون الاستدلال به من قبيل الاستصحاب وهو البراءة الأصلية استصحاب العدم الأصلي وهو البقاء على الأصلي لأنه لا يفتقر إلى سبب والأول بالطبع أرجح، أما إن قيل بعليته فظاهر في جواز كون النفي علة فيكون حينئذ من قياس العلة لأن النفي صار علة في الحكم وإلا يُقل بعليته فحينئذ يكون من باب الاستصحاب الاستدلال بالنفي على النفي استصحاب البراءة الأصلية، وإلا فمن جهة البقاء على الأصل فيصح حينئذ الاستدلال بالنفي على النفي فيما يتوقف على وجود الأمر المُدعَي انتفاؤه المُدعَي اسم مفعول وليس مُدعِي، فيصح الاستدلال بالنفي على النفي فيما يتوقف يعني في حكم أو أمر يتوقف على وجود شيء يُدعى انتفاءه بناءاً على الأصل نحو ماذا؟ الأصل عدم وجوب الوتر لعدم الدليل المقتضي للوتر هذا يصح أو لا يصح؟ يصح لكن في مثل هذا التركيب وهو استصحاب البراءة الأصلية لأن الأصل عدم التكليف فكل شيء أُدعي أنه واجب أو مستحب يصح لمن أنكر أن يقول لا يُستحب كذا لعدم الدليل المقتضي للاستحباب لا يجب كذا لعدم الجليل المقتضي للإيجاب وهذا من باب الاستصحاب كما سبق لأن الأصل براءة الذمة من التكاليف الأصل عدم التكليف فحينئذ له أن يستصحب البراءة الأصلية فينفي كل حكم يتعلق بالمكلف لماذا؟ لانتفاء المقتضي وهو الدليل الدال على التكليف فيصح فيما يتوقف وجود الأمر المُدعَى انتفاءه بناءاً على الأصل وهو البراءة الأصلية نحو الأصل عدم وجوب الوتر إلا بدليل فيستدل على انتفاء وجوب الوتر بانتفاء دليل الوجوب، لذلك قال فينتفي لانتفاء شرطه فينتفي يعني المُدعى انتفاءه فينتفي لانتفاء شرطه وهو الدليل المُثبت للحكم لأنه صار كالشرط والشرط علامة على المشروط ينتفي المشروط بانتفاء شرطه فالدليل المُثبت للحكم نقول هذا شرط والمراد إثباته أو المُدعى انتفاءه هذا مشروط فينتفي حينئذ بانتفاء شرطه، لا في غيره يعني لا يستدل بالنفي على النفي في غيره ما ذُكر وهو الاستدلال على وجود أمر يُدعى انتفاءه يعني فيما كان متعلقاً بالبراءة الأصلية لأن المنصف يرى أن النفي عدم والعدم لا يصح التعليل به حينئذ لا يستدل بالنفي إلا فيما إذا انتفى الدليل المقتضي للتكليف وهذا هو حقيقة لبراءة الأصلية، إذاً عرفنا الشرط الأول وهو الوجود ورجحه المصنف أنه يشترط أن يكون الوصف المُعلَل به موجوداً وجودياً حينئذ إذا كان عدمياً فلا يصح التعليل بالعلة العدمية على إثبات أمر أو حكم ثبوتي والجمهور على الجواز أنه يصح تعليل الحكم الوجودي الثبوتي في العلة العدمية بدليل قوله تعالى {وَلَا تَأْكُلُواْ} الآية، وبدليل أنه لو قيل يقتل المرتد بعدم إسلامه بل بعضهم ذكر أن النفي يتضمن إثبات لأن قوله يقتل المرتد لعدم إسلامه في قوة يقتل المرتد

ص: 6

لكفره هو بتضمن أرماً وجودياً لكن هذا لا يكون مطرداً، قال والظهور والانضباط ليتعين يعني من أوصاف أو مما يشترط في الوصف المعتبر أو الجامع المعتبر التعليل به أن يكون ظاهراً الظهور هذا الشرط الثاني والانضباط هذا هو الشرط الثالث الظهور نقول هذا هو الشرط الثاني من شروط الجامع أن يكون الوصف ظاهراً والمراد بالظاهر هنا ما كان من أفعال الجوارح كشرب الخمر هذه علة للجلد والسرقة علة للقطع والقتل العمد العدوان علة للقصاص وهكذا أما الأوصاف الخفية التي لا يُطلع عليها في الأصل كالرضا مثلاً في البيع والسقط في النكاح ونحوه فالأصل عدم التعليل بها لماذا؟ لأنها أوصاف خفية فلا يصح التعليل بها لأنه وصف خفي والوصف المًعلل به يكون معرفاً للحكم الشرعي والخفي كيف يكون مُعرفاً هو يحتاج إلى تعريف حينئذ لابد أن يكون الوصف ظاهراً أن يكون مدركاً بالحواس وهذا من شأن أفعال الجوارح ليتمكن المجتهد من تحقيق الوصف في الأصل فيعديه على الفرع لأنه إذا لم يكن ظاهراً بل كان خفياً كيف يتحقق المجتهد والقائس من كون العلة موجودة في الأصل ثم يعدها إلى الفرع نقول هذا يخالف الأصل حينئذ كيف يُحكَم بالتعليل مع الخفاء فيتشرط ضد الخفاء أن يكون الجامع أمراً ظاهراً حينئذ يصح التعليل به فالإسكار في الخمر مثلاً هذا يُدرك بالحس لماذا يُدرك بالحس؟ لأنه يُرى بالبصر ويُعرَف بالرائحة هكذا يُقال رائحة كريهة فحينئذ يمكن إدراكه بالحس ويمكن التحقق من وجوده في الأصل ويمكن أني تحقق من وجوده في الفرع وأما الخفي فلا يصح لانتفاء ما سبق ذكره، فلا يُعلل مثلاً البلوغ بكمال العقل بلغ زيد لماذا؟ لكمال عقله لأن العقل هنا لا يُدرَك بالحواس أمر حسي فكيف حينئذ يُعلَل البلوغ بكمال العقل ولذلك جعل الشرع علامات على البلوغ لماذا؟ لأن البلوغ في الأصل هو كمال العقل هذا هو الأصل لكن هذا يستثنى من الأوصاف الخفية أنه إذا علل بوصف خفي ترى أن الشرع جعل له علامة ظاهرة إذا وُجدت دلت على وجود العلة لكن يُناط ال-حكم بالأمر الظاهر وجوداً وعدماً حينئذ يقال مثلاً الأصل في البلوغ كمال العقل لكن الشرع الاحتلام والإنبات مثلاً والحيض دليل أدلة وأمارات على وجود العقل حينئذ نحكم عليه بالبلوغ لماذا جعل أمارات وعلامات؟ لكون كمال العقل هذا لا يُدرَك بالحس ولذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه يوجد شيئاً فشيئاً يخفى على صاحبه هو عينه يخفى عليه ويخفى على الناس فحينئذ لما صعب أو شق يُسر على أولياء الصبيان مثلاً إذا بلغ يُسر عليهم بجعل علامات ظاهرة متى ما وُجدت دلت على كمال العقل فوجبت الشرائع في حقه ولهذه إذا كان العلة وصفاً خفياً جعل الشارع لها أمارة وعلامة ظاهرة هي مظنة لها إن وُجدت حينئذ وُجدت العلة فعلامة البلوغ في الاحتلام مثلاً مظنة على كمال العقل كذلك العمد القتل العمد العدوان العمدية هذه في القلب أين توجد في الظاهر كيف تُدرك بالحواس جعل لها علامة وهي كونه استعمل آلة إما مُحددة أو أنه لا يشك في كونها قاتلة حينئذ جُعلت الآلة التي استعملها في القتل دليل على العمد، والظهور والانضباط ليتعين ما هو الذي يتعين؟ الضمير هنا يعود على الجامع،

ص: 7

الانضباط هذا هو الشرط الثالث أن يكون الجامع منضبطاً أي متميزاً عن غيره فتكون له حقيقة مُحددة معينة بحيث لا يشركه غيره معه فينفصل انفصالاً تاماً عن غيره ولا يشتبه بغيره ويستوي فيه كل الأشخاص في كل الأزمان وفي كل الأحوال هذا معنى كونه منضبطاً مثل السفر السفر علة نقول السفر علة يستوي فيها وهي علة منضبطة معينة محددة يستوي فيها كل الأشخاص في إباحة الفطر والقصر جواز القصر يستوي فيها كل الأشخاص الرقيق والحر الحاكم والمحكوم العالم والجاهل إلى آخره لا يختص بشخص دون شخص وكذلك في كل زمن في الصيف في الشتاء في الخريف في الربيع نقول الحكم سواء كذلك في الأحوال سواء كان صبياً أو مُكلفاً سواء كان مريضاً أو صحيحاً إلى آخره حينئذ صار السفر علة منضبطة محددة معينة لا يمكن أن تلتبس على بعض الناس دون بعض أو لا يمكن أن توجد في بعض الأشخاص دون آخرين لكن لو جُعل الحكم وهو إباحة الفطر والقصر مرتباً على المشقة نقول هذه لن تصل منضبطة لأن المشقة تختلف من شخص إلى شخص وتختلف من حال إلى حال الصيام في الشتاء ليس كالصيام في الصيف قد يسافر ونقول العلة في الفطر المشقة نقول هذه قد توجد في الصيف ولا توجد في الشتاء توجد في الصغير مثلاً ولا توجد في الكبير وقد توجد في الكبير ويحتمل والآخر إذاً لم تعد هذه لو جُعلت المشقة علة لم تعد منضبطة أو محددة ومُميزة لماذا؟ لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وما كان كذلك لا يصلح أن يكون وصفاً تتعلق به أو تُترب عليه الأحكام فحينئذ الوصف المُعلل به ينبغي أن يكون منضبطاً أي مستقراً على حالة واحدة لا يختلف باختلاف الأشخاص ولا الأزمان ولا الأحوال كالسفر علة على إباحة الفطر والقصر مطلقاً أي لجميع الأشخاص سواء كان يتحمل المشاق أم لا أو سواء كان في حالة المرض أم في حالة الصحة فحينئذ خرج الوصف غير منضبط كالمشقة حيث أنها تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال، ومن المقرر أن أساس القياس مساواة الفرع للأصل في علة الحكم وذلك يستلزم أن تكون العلة منضبطة انضباطاً تاماً إذاً الشرط الثالث هو الانضباط أن يكون الوصف منضبطاً فلو لم يكن منضبطاً وتعريفه باستقراء كلام الشرع وما حكم عليه أهل العلم بأنه منضبط أو غير منضبط ااختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان فهو غير منضبط إلا بدليل شرعي وما كان مطرداً واستوى فيه كل الأشخاص وفي كل الأزمان وفي كل الأحوال فهو وصف منضبط.

ص: 8

والشرط الرابع المناسبة أن تكون العلة وصفاً مناسباً للحكم والمناسبة هو الملائمة هذا في اللغة الملائمة والموافقة يُقال المناسب بمعنى الملائم وسيأتي بحثه مستقل والمناسبة يعني أن يكون الوصف أو العلة وصفاً مناسباً للحكم، وهي أي المناسبة حصولُ مصلحةٍ يغلبُ ظنُّ القصدِ لتحصيلها بالحكم كالحاجة مع البيع وهي حصول يعين وجود مصلحة من جلب نفع أو دفع ضر هذا كما سبق أن المصالح منها ما هو درأ المفاسد وهذه عبر عنها أهلها بالضروريات أو جلب المنافع وهذا ما عبروا بالحاجيات إذاً درا مفاسد وجلب مصالح هذا هو حقيقة المصلحة وهي حول مصلحة يعين المناسبة هنا ما المراد بها أن يكون الوصف مناسباً إيجاد ووجود مصلحة من جلب نفع أو دفع ضر، يغلب ظن القصد يغلب ظن ظن من؟ ظن المجتهد يغلب ظن يغلِب ويغلُب بضم اللازم كسرها للغة وجهان يغلِب ويغلُب يغلبُ ظنُّ المجتهد ظنُّ القصدِ يعين ظن المجتهد أن الشرع قصد تشريع هذا الحكم لتحصيل هذه المصلحة لتحصيلها الضمير يعود إلى المضاف إليه حصول مصلحة، ظنُّ قصد إن الشرع إنما شرع هذا الحكم مع وجود هذا الوصف الذي يمكن تعليق الحكم عليه لتحصيل هذه المصلحة كالإسكار فإنه مناسب لتحريم الخمر حفظاً للعقول القطع أو السرقة وصف مناسب للقطع حفظاً للأموال الزنا هذا مناسب للحد أو الرجم حفظاً للأنساب والأعراض إذاً نقول وُجد وصف مناسب رتب عليه الشرع أحكاماً وهذه الأحكام بالنظر إلى كونها مناسبة من ترتيب جلب مصالح أو دفع مضار بها، كالحاجة مع البيع يعني كالحاجة مع إباحة البيع أُبيح البيع لماذا؟ لتعلق المشتري بما في يد البائع وتعلق البائع بما في يد المشتري إذاً كل منهما محتاج إلى الآخر ولذلك البائع تعلق تتعلق نفسه بما فيد المشتري أكثر بتعلقه بما في يده هو والمشتري بالعكس حينئذ للحاجة أُبيح البيع إذاً هي هذه المناسبة أن يكون بين الحكم الذي رتب الشرع على وجود هذا الوصف أن تكون مناسبة ما هي هذه المناسبة أن يترتب حصول منفعة أو دفع مضرة كالإسكار هذه رتب الشرع عليها التحريم لجلب مصلحة وهي حفظ العقول كذلك السرقة هذه علة رتب علبها الشرع حكم وهو القطع لماذا؟ لجلب مصلحة ما هي هذه المصلحة؟ حفظ الأموال وهلم جرة والبيع أيضاً.

ص: 9

وغيره أي غير الوصف المناسب الذي يكون فيه مصلحة من جلب نفع أو دفع ضر طردي بالياء ويقال طرد والأشهر الأول أن يقال وطردي ولذلك ذكر في الحاشية عن الإسنوي واعلم أن التعبير عما بمناسب ولا مستلزم مناسب للطرد ذكره جماعة والتعبير المشهور فيه هو الطردي بزيادة الياء أولى لأنه سيأتي هناك الطرد ففرق بين الطردي وهذا الاصطلاح هنا لكن في هذا الموضع يُعبر بالطردي وغير والطرد بالياء وغير الياء وغيره أي غير الوصف المناسب طردي وليس بعلة عند الأكثرين ما هو الطردي؟ هو الوصف الذي ليس بينه وبين الحكم المُعلق عليه مناسبة ليس بينهما مناسبة مثل ما ذكرنا في قصة الأعرابي أعتق رقبة قبلها أوصاف هل في الشرع اعتبر وصف كونه أو اعتبر وصف كونه أعرابياً تترتب عليه الأحكام أم لا؟ نقول لم يعتبر هذا وصف لم يرتب عليه في موضع ما أن كونه أعرابياً له مدخل في الحكم بل دلت النصوص على العكس أنه لا فرق بين أعرابي ولا أعجمي إلا بالتقوى إذاً كونه أعرابي نقول هذا وصف طردي لماذا؟ لأنه ليس ثم مناسبة بين قوله اعتق رقبة وكونه أعرابياً كذلك لو كان طويلاً أو قصيراً أو ثميناً أو أبيض أو أسود نقول هذه كلها لا علاقة لها بالأحكام كونه يضرب صدره ينتف شعره يقول يصيح هلكت وأهلكت كل هذا ليس له نظر في الشرع كل هذه نسميها أوصافاً طردية لماذا؟ لأنه ليس ثم مناسبة بين قول أعتق رقبة وبين هذه الأوصاف، وغيره طردي وهو الوصف الذي ليس بينه وبين الحكم مناسبة ويُعرَف باستقراء موارد الشرع ومصادره لماذا نعرف أن هذا طردي أو لا؟ ننظر كما سبق أن المصلحة ثلاثة أقسام مصلحة اعتبرها الشارع ورتب عليه الأحكام ومصلحة ألغاها الشارع وإنما سُميت مصلحة باعتبار النظر للمكلف وألغاها الشارع ومصلحة لم يرد فيها نص خاص معين لا بإلغاء ولا باعتبار وهذه الثالثة هي المصالح المرسلة إذاً لابد من النظر في الشرع وعليه يكون النظر في الشرع هو ألأصل في التقعيد والتأصيل ويُحكَم بأن هذا الوصف مناسب وبأن هذا الوصف طريد وبأنه يجوز التعليل بعلة واحدة أو بعلل مركبة إلى آخره فالشرع هو الأصل إذاً يعرف باستقراء موارد الشرع ومصادره، وليس بعلة عند الأكثرين وهذا لا إشكال فيه أنه لا يعتبر علة، وقال بعض الشافعية يصح مطلقاً يعني يصح التعليل بالوصف الطردي ولكن هذا ما هو على إطلاقه قال مطلقاً يعني سواء كان في مقام الجدل أو لا والإطلاق إذا ورد في النصوص تنظر ما قبله أو بعده حينئذ قوله مطلقاً هنا يُنَظر على ما بعده قيل جدلاً يعني يصح التعليل به في مقام الجدل والمناظرة حينئذ تفهم أن قوله مطلقاً أي في مقام الجدل والعمل والفتوى يعني يصح التعليل بالوصف الطردي مطلقاً سواء كان في مقام العمل أو الجدل، وقوله وقيل جدلاً يعني يصح التعليل بالطرد جدلاً في مقام الجدل فقط وأما في مقام الفتوى والعمل والتعبد لله عز وجل فلا يصح، لكن الأول أولى بل هو أصح لماذا؟ لأن الصحابة لم يُنقَل عنهم إلا العمل بالمناسب يعني الوصف المناسب، أما غيره فلا فوجب بقاءه على الأصل في عدم الاعتبار إذاً ننظر نحن جعلنا عمل الصحابة وإجماع الصحابة حجة في كون القياس معمولاً به وأنه يجب أن يعمل به المجتهد فيما إذا ترتب

ص: 10

عليه الكم الشرعي فحينئذ لابد من الرجوع إلى الأقيسة والمعاني التي رتب عليها الصحابة فما رتب عبيه الصحابة من معاني صح جعلها أوصافاً مناسبة وما لا فلا ولم يُنقل عن صحابي واحد أن رتب حكماً شرعياً على وصف طردي فحينئذ نقول الأصل عدم الاعتبار لأن عمل الصحابة هو أصله حجة في العمل بالقياس فحينئذ لا عدول عما فعله أو عمله الصحابة، وقيل جدلاً يعين يصح التعليل بالطرد جدلاً، وهذا لا التفات له، إذاً الشرط الرابع هو المناسبة لابد أن يكون ثم مناسبة بين الحكم وبين الوصف الذي يصح التعليل به في الأصل ليُعدى حكم الأصل إلى الفرع بعد وجود ذلك الوصف في الفرع.

ص: 11

الشرط الخامس قال والاعتبار يعني من شروط الجامع الاعتبار أن يكون المناسب معتبراً المناسب بمعنى الوصف أو العلة أو الجامع معتبراً يعني اعتبره الشرع علة للحكم جعله الشرع علة للحكم يعني علق عليه بعض الأحكام الشرعية مثل ماذا؟ قال في موضع آخر أن يكون المناسب معتبراً في موضع آخر لا يشترط بل قد يكون في موضعه أو في موضع آخر قد يكون في نفس النص {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ} هذا أمر إيجاب الاعتزال علته الأذى فحينئذ نقول هنا وُجد الوصف المناسب الذي اعتبره الشرع بمعنى أنه نص على أن الحكم معلق على هذا المعنى المناسب اعتبره أو لا؟ اعتبره كل وصف بل نقول كل أمر أمر به الشرع أمر إيجاب أو استحباب فهو لمعنى وحينئذ نحكم على هذا المعنى بأنه معتبر شرعاً فإذا أغلي نقول هذا المعنى وهذه المنفعة الموهومة أو المصلحة المتوهمة نقول هذه ملغاة مثل ماذا؟ المنافع التي في الخمر هو قال فيها منافع نص على أن في الخمر منافع لكن هل هذه المنفعة معتبرة أم ملغاة؟ نقول ملغاة متى يكون الوصف مناسباً إذا اعتبره الشرع في موضعه في عين الحكم في النص نفسه {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} حينئذ نقول علة إيجاب الاعتزال هو الأذى ن أو في موضع آخر على ما ذكره المصنف هنا في موضع آخر وهو كاعتبار الصغر مثلاً علة للولاية في مال الصغيرة فيكون هذا الوصف معتبراً في حكم آخر في موضع آخر وهو ولاية النكاح {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ} إذاً هناك ولاية على مال الصبي علتها الصغر والنكاح أيضاً فيه ولاية عليتها الصغر من أين أخذنا علة ولاية الصغار في النكاح من موضع آخر وهناك {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} علة الاعتزال من نفس النص وأيهما أقوى؟ إذا كان من نفس النص أقوى مما دل عليه النص ما اعتبر في موضع آخر والمقصود هنا الاعتبار أن يكون الشارع قد أمر بأمر أو نهى عن نهي وعلقه على معنى فحينئذ كل ما أمر الشرع أو نهى عنه علقه على معنى نقول هذا المعنى معتبر، وإذا نهى أو زجر عن معنى فحينئذ نقول هذا المعنى قد يُفهَم أنه مصلحة باعتبار ظن المكلف نقول هذا المعنى ملغى مصلحته ملغاة، ما لم يرد نص معين نقول هذا هو المصالحة المرسلة سيذكرها المصنف هنا، أن يكون المناسب معتبراً في موضع آخر وأولى منه أن يكون معتبراً في عين الحكم ذاته كما مثلنا بالحيض، وإلا فهو مرسل وإلا يعني وإلا يكن المناسب معتبراً لم يرد الشرع بالأمر عند تلك المصلحة لم يرد بها ولم يرد إلغاء، وإلا وإلا يكن المناسب معتبراً فهو مرسل فهو الفاء هذه وقع في جواب؟ زائدة أو تعليلية؟ نعم جواب الشرط أين الشرط؟ إن وإن لا كانت لابد من التقييد وإن لا يكن المناسب معتبراً فهو صارت جملة في محل جزم، وإلا فهو مرسل يعني المناسب المرسل وهو الوصف الذي لم يشهد له دليل خاص معين بالاعتبار أو بالإلغاء وإنا دلت عليه أدلة كلية عامة وهي مقاصد الشريعة وقواعدها وسبق الكلام فيه في الاستصلاح قال يمتنع وإلا فهو مرسل مناسب مرسل يمتنع الاحتجاج به عند الجمهور يعين يمتنع الاحتجاج بالمناسب المرسل الذي لم يشهد له أصل في

ص: 12

الشرع لا يجوز تشريع الحكم بناءاً على المناسب المرسل لأن الشارع لم يعتبره لماذا؟ لأن الشريعة كاملة كل ما فيه مصلحة للعباد فقد أتى الأمر به وكل ما فيه مضرة للعبادة أو على العباد فقد أتي الشرع بالنهي عنه ثم لو عُلق الحم بالمصالح المرسلة لفُتح باب الأهواء فكل واحد يرى أتن هذه المصلحة مرسلة ولا ينضبط حينئذ الفقه بأسره فكل ما رأى أن هذه مصلحة مرسلة حينئذ إذا شرع بها ورتب الأحكام عليها فحينئذ ماذا يكون؟ تفرقت الأمة وصار النزاع وحصل الخلاف إلى آخره قالوا ضبطاً لتنازع الخلاف وقبل ذلك كمال الشريعة نمنع الاحتجاج بالمناسب المرسل وهو قول الجمهور كما نص عليه هنا عند الجمهور، إذاً الشرط الخامس الاعتبار أن يكون هذا النص أو هذا الوصف قد اعتبره الشارع بمعنى أنه رتب عليه حكماً شرعياً في موضعه في عينه أو في موضع آخر لابد أن يشهد له الشرع

ص: 13

والشرط السادس من شروط الجامع أو صحة اعتباره الاطراد أن يكون مطرداً لذلك قال والاطراد شرط لكن هذا مُختلف فيه ليس متفقا عليه، والشرط السادس من شروط العلة الاطراد وهو شرط عند القاضي وبعض الشافعية والمراد أن الاطراد أن شرط في صحة العلة بمعنى أنه إذا تخلف الحكم عنها مع وجودها أن تكون العلة مطردة بمعنى أنه لا يتخلف الحكم عند وجود العلة بل كما وُجدت العلة وُجد الحكم كلما وُجدت العلة وُجد الحكم فإذا وُجدت العلة ولم يوجد الحكم معها حينئذ دل على أن هذا المعنى أو هذه العلة منقوضة وليست بصحيحة أن الاطراد شرط في صحة العلة فإذا تخلف الحكم عنها مع وجودها استدللنا بتخلف الحكم حينئذ على أنها ليست بعلة وهذا ما يسمى بالنقض عندهم فالنقض حينئذ يعتبر من قوادح العلة وهو وجود العلة دون الحكم لماذا؟ لأنه كما سبق أن العلة كلما وُجد الإسكار فحينئذ لابد من وجود التحريم فإذا وُجد الإسكار ولم يوجد التحريم دل عل أن الإسكار ليست بعلة صحيحة بدليل تخلف الحكم عن العلة والأصل في العلة أنها موجبة وموجبة وباعثة ومعرفة على الحكم فإذا وجد الباعث ووجد المعرف ولم يوجد الحكم دل على أنها ليست بعلة، وقال أبو الخطاب وبعض الشافعية هذا قول أكثر الحنابلة يختص بمورده يعني بمحله يعني لا يشترط اطراد العلة لا يشترط أن تكون العلة مطردة فللأصل فيها أنها كلما وُجدت العلة وُجد معها الحكم وإذا تخلف الحكم مع وجود العلة ليس بنقض وإنما يختص هذا التخلف بمحله بمورده بذلك النص بتلك الواقعة فحسب وما عدا ذلك فتكون العلة مطردة بمعنى أنه كلما وُجدت العلة وُجد معها الحكم إلا في هذا الموضع الذي تخلف فيه الحكم عن العلة فحينئذ لابد من ضوابط لهذا الموضع حتى لا يكون مفتوحاً هكذا الباب لابد من جعل ضوابط لهذا الباب وهو تخلف الحكم مع وجود العلة وحينئذ لا يعد نقضاً وإنما يعد من باب تخصيص العلة كما هو شأنه في العام العام الأصل فيه أنه يدل على كل أفراده فإذا جاء مُخصص يخصص بعض الأفراد حينئذ يُنزل العام يبقى على عمومه لا إشكال فيه ويُحمَل العام على بقية الأفراد التي دل عليها اللفظ في غير صورة التخصيص أما صورة التخصيص حينئذ تكون خارجة لكن بدليل هل التخصيص هنا رجع إلى العام فأبلطه قال ليس بلفظ عام أم خصت أخرج الصورة التي هي محل التخصيص وبقي العام على أصله؟ بقي العام على أصله قال كذلك هنا يختص بمورده الأصل الاطراد أن تكون العلة مطردة فكلما وُجدت العلة وُجد الحكم معها فإذا تخلف لا نقول هذا نقض وإلا العلة ليست بصحيحة وإنما نقول أن الحكم تخلف عن العلة لأمر ما فيختص بمورده بمحله بموضعه كما أن العام يختص بالأفراد في غير صورة التخصيص،.

ص: 14

وقال أبو الخطاب وبعض الشافعية يختص بمورده بمورده يعني بالمحل الذي تخلف الحكم مع وجود العلة قالوا لأن ثبوت الحكم على وفق المعنى المناسب في موضع ما دليل على أنه هو العلة لأننا نقول تخلف الحكم في هذا النص وفي غير هذا النص وُجد الحكم مع العلة وجود الحكم مع العلة في غير الموضع الذي تخلف الحكم عن العلة دليل على أنها علة، إذاً ثبتت عليتها وتخلف الحكم هنا يحتمل يحتمل ماذا؟ قال يحتمل أنه لمعارض كفوات شرط أو وجود مانع ويتحمل أنه لعدم العلة فحينئذ لا يُترَك الدليل المُغلب للظن لأمر محتل إذاً هل يُشترط اطرد العلة بمعنى أنه كلما وُجدت العلة وُجد الحكم معها فإن وجدت العلة وتخلف الحكم حينئذ دل على أن العلة ليست بصحيحة هذا معنى الاطراد هل هو شرط أو لا ذرك المصنف أنه شرط فإذا تخلف حينئذ الحكم مع وجود العلة دل على أن العلة ليست بصحيحة وهذا ما يسمى بالنقض، وذهب أبو الخطاب وغبره وهو الأصح أن تخصيص العلة ليس بنقض لها وأطال الشيخ الأمير في هذه في نثر الورود أن تخصيص العلة ليس بنقض لها كتخصيص اللفظ العام، وقال أبو الخطاب وبعض الشافعية يختص بمورده.

ص: 15

ثم قال والتخلف لما ذكر أن الطرد قيد يحصل نوع تخلف للحكم مع وجود العلة فينتفي حينئذ الطرد قال لا التخلف قد يكون لسبب والسبب هذا لابد من ضبطه فذكر له ثلاثة أمور لما ذكر تخصيص العلة بتخلف حكمها ذكر أقسام التخلف وهي ثلاثة أدرب، قال والتخلف إما لاستثنائه التخلف يعني تخلف الحكم عن العلة الذي لا يعد نقضاً للعلة، إما لاستثنائه أي أنه أو هذه الصورة التي هي مورد التخلف مستثناة من قاعدة القياس على وجه الاستحسان وهو قطع المسألة أو حكم المسالة عن نظائرها لدليل خاص فحينئذ إذا ثبت أن الشيء علة لشيء ثم جاء دليل يختص أو يخص بعض الصور بتخلف الحكم مع وجود العلة ليس بنقض لماذا؟ لأن هذه الأصول فرع عن النصوص فإذا ثبت تخصيص علة بوجودها مع خلف حكمها نقول هذه المسألة مستثناة وهذا ما يعبر عنه البعض بالمسألة التي تكون على خلاف القياس والتعبير هذا ليس بسديد ليس بصحيح بل كل شرع على قياس ما أستثني فهو لكون القياس يقتضي استثناءه ويبقى الأصل على القياس ولا إشكال لا مانع بدلاً من أن يُقال على خلاف القياس قياس من؟ قياس الشرع الذي يكون مطرداً أو قياس البشر؟ إذا قلنا الشرع هذا خطأ هذه المسألة على خلاف قياس الشرع أو على خلاف ما يجيء به الشرع؟ نقول هذا ليس بصواب وإذا كان على خلاف القياس باعتبار نظر الناظر نقول لا المجتهد لابد أن يكون تابعاً للشرع فما استثناه الشرع فهو على وقف القياس وما جاء على أصل القياس فهو على أصل القياس ولا إشكال لكن هذه المسالة التي قال باستثناء يعبر عنها البعض بكونها على خلاف القياس كالعرايا نقول على خلاف القياس ورد المثليات هنا في المصرة بما مثل به المصنف أيضاً على خلاف القياس لماذا؟ لأنه وُجدت العلة وتخلف الحكم العرايا الأصل أنه ربا ولكن استثناها الشرع فحينئذ قال وُجدت العلة ولكن تخلف الحكم وهو الربا هذا على خلاف القياس بل الصواب أنها على القياس ولا إشكال، إما لاستثنائه لكون هذه المسألة مستثناة شرعاً فوجدت العلة وتخلف الحكم والتخلف سببه الشرع، كالتمر في المصرّاة كالتمر في لبن المصراة أي كإيجاب صاع من تمر في لبن المصراة إذا ردها المشتري مع أن علة إيجاب المثل في المثليات التماثل بينهما لابد أن يرد هو حلبها وأخذ اللبن يضمن في المثليات بمثله فيأتي بلبن هذا الأصل لكن هنا جاء بماذا بصاع خالف القياس؟ نقول خالف القياس وُجدت العلة وهو أنه يجب المثل في المثل لبن بلبن فحينئذ تخلف صار تمر بلبن أو لبن بتمر قالوا هذا على خلاف القياس لماذا؟ تخلف الحكم وهو إيجاب المثليات مع وجود العلة وهو الأصل المطرد المثليان بالمثليات قالوا ما السبب في تخلف الحكم مع وجود العلة؟ هو كونه مستثناة من الشرع على خلاف القياس، فالأصل أن يضمن المصرة بلبن مثله لهذه العلة السابقة أن إيجاب المثل في المثليات تماثل بينهما لكنه أُستثني الشرع فلا تلزمه العلة حينئذ لكن نقول كلها على وصف القياس ولا إشكال، لكن يُستثنى أنه إذا جاءت العلة وتخلف الحكم لوجود نص نقول هذا ما يسمى بالاستحسان أولاً السابق أن قطع المسالة عن نظائرها لدليل خاص نقول هذا لا إشكال فيه هذا مما جاء به الشرع ولذلك أنكر البعض أن يوصل الاستحسان بكونه

ص: 16

بدليل خاص لماذا؟ لكونه فيما سبق كالخاص مع العام والمطلق مع المقيد المطلق الأصل أنه يُحمَل على إطلاقه فإذا جاء نص قيده نقول قُطع عن نظائره وقُيد بالدليل الخاص والأصل في العام أنه يُحمَل على عمومه فحينئذ إذا جاء دليل خاص أخرج صورة التخصيص لحكم مخالف لحكم العام كذلك في المثليات الأصل المثلي فإذا دل دليل على أنه يستثنى في المثليات كالمصراة هنا نقول خرج بدليل خاص إذاً صار من باب الاستحسان قطع المسألة عن نظائرها ولا نعبر في هذه كلها لا نقول خلاف القياس وإن شاع عند كثير من الفقهاء إذاً الأول لاستثنائه، أو لمعارضة علة أخرى أخص منها يعني تخلف الحكم مع وجود العلة نقول سببه وجود علة أخرى أخس مناه فاعتبر إذاً أُهملت هذه العلة ووُجدت على أخرى أولى بالاعتبار مثاله قالوا تعليل رق الولد برق أمه وهذا محل إجماع الأم إذا كانت أمة فالولد تابع لها تعليل رق الولد برق أمه وهذا محل إجماع لكن ولد من تزوج امرأة ظاناً أنها حرة فتبين أنها أمة غُرر به قيل له هذه حرة فتزوج فإذا بها أمة فوُلد له القاعدة العلة ما هي؟ أنه يصير رقيقاً الولد لكن هنا صار حراً لمعارضة العلة الأولى وهي رق الأم أن الولد تابع لرق الأم عارضه علة أخرى أخص من تلك العلة وهي اعتقاد الوالد حرية الأمة لأنه اعتقد أن هذه المرأة فحينئذ غُلبت هذه العلة الأخص على العلة الكبرى السباقة فقُدمت إذاً تخلف الحكم وهو الحكم برق الولد هنا مع وجود العلة وهي رق الأم لماذا؟ لوجود على أخص وهي الغرر الذي صار سبباً لحرية الولد فهنا علتان علة الرق تبعاً لأمه وعلة الحرية تبعاً لاعتقاد أبيه حرية الأمة أو حرية أمه فحينئذ غُلِّب العلة الأخص على العلة الكبر فقُدمت ولذلك قيل يضمن على السيئ فيدفع ثمن الولد، الثالث أو لعدم المحل أو فوات شرطه يعني توجد العلة وينتفي الحكم لفوات المحل أو لعدم المحل مثل ماذا؟ قالوا القتل العمد العدوان هذا علة لوجوب القصاص كل من قتل عمداً متعمداً عدواناً لزم منه وجوب الحكم حينئذ هذه علة كلما وجدت العلة وُجد الحكم وهو القصاص لكن لو كان القاتل والداً لولده انتفى الحكم مع وجود العلة لماذا؟ لأنه لا يُقتَل الوالد بولده فحينئذ نقول هنا لعدم قابلية المحل لتنزيل الحكم لا لطعن أو نقض العلة نفسها لأنه لو كانت العلة منقوضة حينئذ بطلت في غير المحل هذا انظر يترتب على القول بأن العلة منقوضة وباطلة وليست بصحيحة في مثل هذه الأمثال لأنه لو قيل أن العلة تخلف الحكم دليل على عدم صحتها لصارت العلة علة القتل العمد العدو أن في ترتب القصاص باطلة وهذا الأمر باطل فحينئذ نقول هذا تخصيص للعلة باعتبار المحل فالمحل غير قادر لماذا؟ لأنه لا يُقتل الوالد بولده ف الأبوة تكون مانعة من تأثير العلة في الحكم فلا تبطل في غير الأب لا تبطل تلك العلة بل هي صحيحة وإنما يستثنى هذا لفوات المحل لأنها ليست علة منقوضة، أو فوات شرطه فوات شرط الرجم الزنا علة للرجم لكن بشرط الإحصان زنى فلم يُرجَم وُجدت العلة أو لا؟ وجدت لكن لا نرجمه لأنه غير مُحصن إذاً هنا عدم ترتب الحكم وهو الرجم مع وجود العلة وهو الزنا لماذا؟ للقدح في العلة وهي الزنا أو لفوات شرط الزنا لفوات شرط

ص: 17

الزنا وهو الإحصان فحينئذ تخلف الحكم مع وجود العلة إذاً ليس كلما تخلف الحكم عن العلة مع وجود العلة في المحل دل على أنها باطلة وليست بصحيحة بل قد يتخلف الحكم مع وجود العلة فيُعتبر حينئذ تخصيصاً للعلة وليس نقضاً لها وهذا فيما ذكره المصنف هنا إما للاستثناء أو لمعارضة علة أخرى أو لعدم المحل أو لفوات شرطه، فلا ينقض تخلف الحكم فلا ينقض هو يعود على التخلف والتخلف إما لاستثنائه وما وقف عليه فلا ينقض تخلف الحكم عن العلة يعني لا ينقض العلة لأن نقض العلة دليل على أنها باطلة غير صالحة للتعليل، وما سواه فناقض وما سواه يعني وما سوى تخلف هذه العلة أو حكم هذه العلة في غير الأنواع الثلاثة السابقة فناقض ناقض للعلة يعني مُبطل لها ودليل على أنها ليست بصحيحة وما سواه فناقل يعني وما سوى هذه الأمثلة الثلاثة وهذه الأنواع الثلاثة للتخلف فناقض للعلة لماذا؟ لأن الأصل النقض أو عدم النقض؟ الأصل النقض فحينئذ إذا انتفت هذه الثلاثة وتخلف الحكم عن العلة يعتبر ناقضاً في العلة أن ناقضاً للعلة ويعتبر دليلاً على عدم صحة العلة، وما سواه فناقض للعلة لماذا؟ لأن الأصل هو انتقاض العلة بمطلق تخلف الحكم وهذا هو الأصل وترك الحكم في الأنواع الثلاثة السابقة لقيام الدليل عليه وما عدا ذلك فيكون مجراه على الأصل يُعمَل بالأصل هذا هو الشرط السادس وهو الاطراد، إذاً الاطراد ليس على إطلاقه كلما تخلف الحكم عن العلة دل على عدم صحتها بل لابد من التفصيل.

ص: 18

والتعدي يعني والشرط السابع أن يكون الجامع وصفاً متعدياً يعني تعدي العلة من محل النص إلى غيره أن تتعدى العلة من محل النص إلى غيره يعني أن توجد في محل الحكم الأصل وتوجد في غيره كالإسكار يوجد في الخمر ويوجد في النبيذ ويوجد في أي شراب قد يشتمل على الإسكار فحينئذ نقول هذه علة هذه وصف متعد يعني لا يلزم محله، والتعدي يعني تعدي العلة من محل النص إلى غيره لماذا يشترط ذلك في الوصف الجامع؟ قال لأنه الغرض من المستنبطة لأنه الغرض لأنه أي تعدي هو الغرض للمجتهد من المستنبطة يعني من العلة المستنبطة وسبق أن التخريج تخريج المناط هو إعمال النظر نظر المجتهد في النصوص ليستنبط العلة لماذا يستنبطها؟ عبث؟ ليس عبثاً وإنما ليعديها إلى الفرع إذا وُجدت هذه العلة في محل غير المحل الذي رتب عليه الشرع النص الحكم نقول هذه علة متعدية إذاً لابد في الوصف أن يكون متعدياً بمعنى أنه يوجد في غير المحل الذي رتب عليه الشرع الحكم كالإسكار يوجد في محل النص وهو الخمر ويوجد في غيره وهو النبيذ لو اقتصر على محل النص ولا يتعدى هذا ما يسمى بالعلة القاصرة إذاً لا يصح القياس فقد أهم أركان القياس وهو العلة لأنه لابد من أصل وفرع وحكم وعلة وهذه العلة التي يعبر عنها بالجامع كونها ركناً من أجل أن تعد من الأصل إلى الفرع فإذا لم يكن علة متعدي بطل الركن الرابع هذا وإذا بطل الركن الرابع بطل وانتفى القياس إذاً لا قياس لأنه أي التعدي الغرض هو الغرض من العلة المستنبطة فأما القاصرة وهي المقابل للمتعدية لأن العلة إما أن تكون متعدية وإما أن تكون قاصرة وكل منهما إما منصوصة أو مُجمَع عليها أو مستنبطة إما منصوصة نص عليها الشرع وإما مُجمَع عليها يعني لم يرد النص عليها ولكن أجمع عليها أهل العلم وإما أن تكون مستنبطة وهذه يستوي فيها المتعدية والقاصرة، فأما القاصرة وهي ما لا توجد في غير محل النص سواء كانت منصوصة يعني ثابتة بنص أو مُجمَع عليها أو مستنبطة، فأما القاصرة وهي ما لا توجد في غير محل النص كالسفر مثلاً السفر علة لإباحة القصر والفطر هل يوجد في غيره السفر هو عينه السفر لا يمكن أني يتعدى ويجد في غيره لا يمكن أني وجد لأنه مقيم أو مسافر فقط لا يمكن أن يتصف المسافر بالإقامة إلا بشرطه ولأن يكون المقيم مسافراً لأن السفر عين أو وصف يوجد مع موصوفه فإذا انقطع الموصوف عن ذلك المعنى انقطع الوصف وهو كونه مسافراً أما أن يوجد السفر في غير المسافر هذا ما يمكن لأنه لا يقابل السفر إلا الإقامة ولا يمكن أن يتصف المقيم بالسفر إذاً لا يتعدى فهو قاصر على محله كذلك المرض نقول المريض يباح له مثلاً الفطر في نهار رمضان نقول كون إباحة الفطر مرتب على علة وهو وجود المرض هل يتعدى هو عينه امرض هو نفس المرض الذي أصاب زيد هل يتعدى في غيره؟ لا يمكن وإنما يوجد مثله ويوجد مثله، قال كالثمنية في النقدين وهو الذهب والفضة لا تتعدى إلى غيرها لا يكون غير الذهب ذهباً ولا يكون غير الفضة فضة لكن قد يكون غير الخمر خمراً إذا وُجد فيه الإسكار لأن الخمر ليس كل ما خامر العقل فغير معتبرة يعين العلة القاصرة غير معتبرة جواب أما فغير فوقع في جواب الشرط فغير معتبرة يعني

ص: 19

العلة القاصرة التي لا توجد في غير محل النص غير معتبرة فلا يصلح التعليل بها لعدم الفائدة لماذا؟ لأنها منحصرة في إثبات الحكم بها في محلها وهو منتفي في الفرع لماذا؟ لأن شرط الوصف المعتبر أن يوجد في الفرع كما وجد في الأصل وهذه قاصرة، وهو قول الحنفية وأكثر الحنابلة أن القاصرة لا يعُلل بها غير معتبرة إن كان غير معتبرة في التعدي فهذا محل اتفاق أما غير معتبرة في التعليل بها في محلها فهذا الأصلح القول القاني وهو خلافاً لأبي الخطاب والشافعية في أنه يجوز تعليل الحكم بالعلة القاصرة لماذا؟ قالوا لأن الظن حاصل بأن الحكم لأجلها بدلالة صحة العلة القاصرة المنصوصة اتفاقاً أو المُجمَع عليها السفر علة منصوصة كإباحة الفطر والقصر نقول هذه علة أو لا؟ علة رتب عليها الشرع الحكم أو لا؟ رتب عليها الشرع الحكم، إذاً لو كانت مستنبطة لأن الخلاف في العلة القاصرة مستنبطة الخلاف في الأخيرة هذه أما المنصوصة والمُجمَع عليها نقول حصل الظن في ترتب الحكم فيها في محله إذاً أثرت أو لا؟ أثرت كون السفر علة للإباحة إباحة الفطر نقول هذا علة والحكم والذي هو الإباحة إباحة القصر والفطر مرتب على السفر إذاً أثر أو لا؟ أثر إذاً له فائدة أو لا؟ له فائدة لكن من جهة ما يتعلق من باب القياس لا فائدة من هذه الحيثية فنفي الفائدة عن العلة القاصرة نقول هذا متعلق بباب القياس فحسب وأما التعليل بالعلة القاصرة في محل الحكم وهو الأصل له فائدة لماذا؟ لأنه كما هو معلوم أن ما أُدرك بالعقل ما أُدرك علة الحكم بالعقل الناس تطمئن غليه أكثر منه من لما لم يُدرَك ولذلك التعبدات هذه قد يقع فيها نزاع قد يقع فيها سؤال إلى آخره لكن إذا عُلل الحكم وذُكر الحكم مرتبطاً بالعلة كانت النفس مطمئنة أكثر أيضاً فيها فائدة أخرى وهو كون هذه العلة نحكم عليها بأنه قاصرة وإذا حكمنا بأنتها قاصرة حينئذ نمنع من تعديها إلى غير محلها وهذه فائدة ثانية أليس كذلك إذاً التعليل تعليل الحكم بالعلة القاصرة إن كان المراد بأنه لا فائدة بالتعليل بها إن كان المراد لا فائدة للقائس في باب القياس فهذا محل وفاق أنه يشترط في المعنى أن يكون متعدياً وأما في نفسها هل فيه فائدة أم لا؟ نقول نعم لا شك أن فيه فائدة بدليل ما ذكر في الشرع بأنه رتب أحكاماً وذُكرت علل وهي قاصرة، وهو قول الحنفية خلافاً لأبي الخطاب والشافعية. إذاً هذا هو الشرط السابع.

ص: 20

ثم قال فإن لم يشهد لها إلا أصل واحد فهو المناسب الغريب فإن لم يشهد إذا كان الاعتبار معتبر وهو أن يشهد لها أصل من الشرع لئلا تكون المصلحة مرسلة حينئذ يقع النزاع فيها فإذا شهد لها شاهداً من الشرع صارت معتبرة وصح كونها علة مع بقية الشروط قال هنا فإن لم يشهد لها يعين للعلة السابقة وللمعنى الذي جُعل علة إلا أصل واحد فحينئذ قال فهو أي هذا المعنى الذي شهد له أصل واحد فقط المناسب الغريب يسمى المناسب الغريب هو مناسب لأن الشرع اعتبره لكنه غريب لأنه لم تتوارد عليه عدة شواهد ولكن الغزالي يقول هذا وجود له لا يجود عندنا مناسب غريب لماذا؟ لأنه ما معنى مناسب إلا وقد جاءت الشريعة في تفريع الأحكام الشرعية عليه ولا يوجد معنى واحد لم يشهد إلا أصل واحد بمعنى أنه لم يُحكَم إلا بحكم واحد فيه نقول هذا لا وجود له وإن وُجد فقل أن يوجد مثال صحيح له، فإن لم يشهد لها إلا أصل واحد فهو المناسب الغريب، إذاً ما هو المناسب الغريب؟ هو ما اُعتبر في عينه عين الحكم هكذا عرفه جمهور الأصوليين ما اُعتبر في عينه عين الحكم فترتب الحكم وفق الوصف فقط دون أن يشهد له أصل آخر بمعنى أنه لا نظير له يعني قُطع عن النظائر، وله أمثلة ذكرها بعضهم في شروحات مختلفة.

ص: 21

ثم قال وإن كان حكماً شرعياً هذا يقابل فإن كان وصفاً ثم الجامع إن كان وصفاً وذكرنا الوصف وما تعلق به من الشروط، قال وإن كان أي الجامع حكماً شرعياً فالمحققون تجوز عليته يعني هل يصح أن يُعلل بالحكم الشرعي أو لا؟ فيه خلاف، قال فالمحققون تجوز عليته أن يُجعَل علة كما لو قيل تحرم الخمر فلا يصح بيعها إذاً هنا علل ماذا بماذا؟ علل عدم صحة بيع الخمر بتحريم الخمر تحريم الخمر فلا يصح بيعها أين الحكمان؟ عدم صحة بيع الخمر ما علة ذلك؟ تحريم الخمر فكل محرم لا يصح بيعه هذا هو الأصل حينئذ عُلل حكم بحكم آخر فالعلة الجامعة هي التحريم وهو حكم شرعي عُلل به حكم شرعي لقوله صلى الله عليه وسلم نادراً ما تجد هذه العبارة في كتب الأصوليين لقوله صلى الله عليه وسلم قل أن تجد هذه العبارة في كتب الأصوليين ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) هذا دليل ((أرأيتَ لو تمضمضت)) فنبّه بحكم على حكم ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) هذا دليل على جواز كون العلة حكماً شرعياً إذاً لوروده في الشرع جاز تعليل لحكم بالحكم الشرعي وهنا الحكم ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) حكم شرعي وهو قضاء دين المخلوق لأن المرأة سألت ما على أمها صوم نذر أو حج في بعض الروايات كذا وبعضها كذا فقال ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) يعني هل تقضينه ويُجزي؟ قالت نعم؟ فقال فدين الله أحق بالقضاء هنا قاس دين الله دين الخالق على دين المخلوق قضاء الخالق على قضاء المخلوقين إذاً كما يجب قضاء المخلوقين كذلك يجب قضاء دين الخالق إذاً قاس أو علل حكم بحكم آخر فنبّه بحكم على حكم نبّه بحكم قضاء الدين دين المخلوقين على حكم وهو قضاء دين الخالق جل وعلا، (أرأيتَ لو تمضمضت)) هذا في حديث عمر سال عن القبلة للصائم قال (أرأيتَ لو تمضمضت)) إذاً يجوز أو لا يجوز؟ يجوز والتعليل جواز المضمضة وبعضهم يرى أنه من باب العلية وليس من باب الحكم لماذا؟ بجامع أن كل من المضمضة والقبلة مقدمة الفطر لكن أورده المصنف هنا على أنه من باب التنبيه بالحكم على الحكم من باب التنبيه للحكم على الحكم، وقيل لا هذا مقابل لقول المحققين بأنه تجوز عليته وقيل لا يعني لا يجوز وقيل لا أي لا يجوز تعليل الحكم الشرعي بحكم شرعي ومن ورد منه فهو قياس دلالة لا علة من باب الدلالة كما سيأتي أن الجامع يكون دليل العلة لا عين الحكم الجامع في قياس العلة هو عين الحكم كالإسكار والجامع في قياس الدلالة هو دليل العلة لا علة المستنبط كالشدة المطربة أو الرائحة الكريهة في الإسكار حينئذ نقول النبيذ حرام بجامع ليس الإسكار الإسكار عينه إذا اعتبرنا الإسكار عينه حينئذ صار من قياس العلة وإذا اعتبرنا دليل الإسكار وهو شدة المطربة نقول بجامع أن كل منهما فيه شدة مطربة فحينئذ نقول هذا من باب قياس الدلالة أن يكون الجامع بين الأصل والفرع هو دليل العلة لا عين العلة، قالوا هنا الحكم إذا عُلل حكم بحكم فهو من قياس الدلالة وليس من قياس العلة فحينئذ جُعل الحكم الشرعي دليلاً على العلة وليس هو عين العلة والعلة كما ذكرنا أن بعض يقول في مقدمة الفطر كالمضمضة ونحوها، إذاً دليل جواز كون العلى حكماً شرعياً ما ذكره المصنف

ص: 22

هنا في المثالين هو جعل الحديث أو الحديثين أصلاً.

ثم قال ثم هل يشترط انعكاس العلة؟ أي انتفاء الحكم بانتفاء العلة انتفى الحكم بانتفاء العلة هناك الطرد ما هو؟ وجود العلة مستلزم لوجود الحكم هنا انتفاء الحكم لانتفاء العلة عكس الأول الطرد كلما انتفت العلة انتفى الحكم وهنا العكس هل كلما انتفى الحكم انتفت العلة؟ هذا محل الخلاف، فرق بين المسألتين هناك انتفاء وجود العلة يلزم منه وجود الحكم فإذا انتفى الحكم هل يدل على عدم وجود الحكم هذا محل النزاع في هذه المسالة، ثم هل يشترط انعكاس العلة؟ وهو أي الانعكاس انتفاء الحكم لانتفاء العلة والمراد هنا انتفاء العلم أو الظن به لماذا؟ لأنه ليس المقصود انتفاء الحكم نفسه إذا لا يلزم من انتفاء دليل الشيء انتفائه لماذا؟ لأن العلم والظن يكون بالحكم الشرعي فإذا انتفى العلم لا يلزم منه انتفاء نفس الحكم الشرعي لأن العلم دليل عن حكم شرعي والظن دليل عن حكم شرعي فانتفاء الدليل لا يستلزم انتفاء المدلول لأنه قد يكون ثبت بدليل آخر فعند المحققين لا يشترط يعني لا يشترط انعكاسها مطلقاً سواء تعددت العلة أم اتحدت يعني سواء كان الحكم مرتباً على علة واحدة أو كان الحكم مرتباً على علل متعددة مختلفة وهذا بناءاً على جواز التعليل بعلل متعددة، لا يشترط انعكاسها بل إذا ثبت الحكم بوجودها صحت ثبت الحكم بوجودها صحت وإن لم يرتفع بعدمها لماذا؟ قالوا لأن المقصود بالعة إثبات الحكم لا نفيه فحينئذ توجد العلة فيوجد الحكم لكن إذا انتفى الحكم لا يلزم انتفاء العلة لأن العلة إنما وجدت لثبوت الحكم لا لانتفائه فحينئذ يشترط هناك الطرد ولا يشترط العكس على ظاهر الكلام هنا، والحق يعني القول الحق هو التفصيل أنه لا يشترط إذا كان له علة أخرى لا يشترط الانعكاس إذا كانت له علة أخرى وإذا كان لم يكن له علة يشترط إذاً الحق هو التفصيل إذا كانت العلة متحدة فيشترط الانعكاس وإذا كانت العلل متعددة ورُتب عليها ال-حكم لا يشترط الانعكاس فحينئذ يكون الحق ما ذكره المصنف هنا أنه إذا اتحدت العلة فلابد من عكسها لأن انتفاء العلة يوجب انتفاء الحكم إذا انتفت العلة يلزم منه انتفاء الحكم إذ لابد له من علم وأما إذا تعددت العلل فلا يلزم من انتفاء بعضها انتفاء الحكم عدم البول لا يلزم منه عدم نقض الوضوء لماذا؟ لأن النواقض متعددة نواقض الوضوء قد يكون بالبول بالغائط بالريح إلى آخره فإذا لم يوجد البول انتفى حينئذ لا يلزم منه انتفاء عدم النقض لماذا؟ لد يكون وجوده بعلة أخرى بسبب آخر.

ص: 23

ثم قال لما ذكر التفصيل هذا وهو مبني على أن الحكم قد يعلل بعلتين فأكثر قال وتعليل الحكم بعلتين في محلين منفكين أو زمانين منفصلين جائز اتفاقاً في محلين يعني شخصين كتعليل إباحة قتل زيد بالردة وقتل عمرو بالقصاص وقتل بكر بالزنا محصن حينئذ هذا حكم واحد تعدد أم لا؟ تعدد جائز أم لا؟ جائز إذاً قتل زيد لردته وقتل عمرو لكونه قتل بشرطه وقتل بكر مثلاً لكونه زنى وهو ممحص نقول هنا تعددت لكن في محل واحد أم في محال مختلفة؟ في محال مختلفة، أو زمانين كما ذكره المصنف هنا تحريم وطء الزوجة قد يكون للحيض وقد يكون للإحرام إذاً المحال واحد هو المرأة الزوجة واحدة إلا إذا كان له أكثر من واحدة لكن الصورة متصورة في مرأة واحدة ويحرم عليه الوطء كلما حرم عليه الوطء لابد أن تكون حائض؟ لا قد تكون حاجة مُحرمة حينئذ يحرم عليه الوطء إذاً الحكم واحد وتعددت العلل باعتبار زمانين وأما الأول تعددت العلل للردة والقتل مثلاً والزنا باعتبار المحال هذا جائز باتفاق كتحريم وطء الزوجة تارة للحيض وتارة للإحرام فأما مع اتحاد المحل يعني الشخص الواحد أو الزمان يعني الواحد المتحد كما لو زنا المحصن وقتل زنا وقتل وهو محصن زنا وقتل معاً في وقت واحد فهل إباحة دمه بهما معاً أم لا؟ هذا محل الخلاف هو سيُقتل سيُقتل لكن لو قُتل بهما معاً أو بواحد هذا محل الخلاف، فأما مع اتحاد المحل الشخص الواحد أو الزمان الواحد مصل كما لو لمس وبال تغوط وبال معاً فنرتب النقض على أي عليهما معاً أو على واحد؟ قال فالأشبه بقول أصحابنا وهو قول الجمهور هذا بعض وهو قول الشافعية يجوز فالأشبه أن يعلل بالعلتين فنقول قُتل لكونه قتل وزنا وهو محصن وانتقض الوضوء بالغائط والبول معاً أو للمس مثلاً والبول معاً حينئذ نقول هذا عُلل الحكم بالعلتين معاً مع كون المحل واحد والزمن واحد، قال فالأشبه قال الإمام في خنزير ميت هذا حرام بالوجهين هكذا قال في الكوكب المنير في خنزير ميت حرام من وجهين الوجه الأول كونه خنزيراً والثاني كونه ميت إذاً علل بماذا؟ علل الحكم بعلتين ولذلك جعل له تحريمين لماذا؟ لأن التحريم المرتب على كونه ميتة من حيث هي ميتة مخالف للتحريم من حيث هو هو خنزير لذلك قال هذا حرام من وجهين فأثبت قال الفتوحي فأثبت تحريمين، فالأشبه بقول أصحابنا وهو قول الجمهور وهو قول بعض الشافعية يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين وأن كل واحد منهما علة بناءاً على أن العلل الشرعية أمارات ولا مانع أن يجعل الشارع عدة علامات وأمارات على شيء واحد.

ص: 24

وقيل يضاف إلى أحدهما لا لا يضاف إلى العلتين بل إلى واحد منهما إما الزنا وإما إلى كونه قاتل وإما أن يُجمع بعلتين لا يضاف إليهما يعني لا يجوز تعليل الحكم بعلتين وإنما العلة تكون واحدة منهما لا بعينه، والصحيح بهما مع التكافؤ والصحيح بهما مع التكافؤ وإلا فالأقوى مع اتحاد الزمن أو المتقدم والصحيح يعني الصحيح من الأقوال جواز التعليل بعلتين بهما معاً مع التكافؤ يعني في القوة كل منهما قوي كالغائط والبول في وقت واحد نقول انتقض الوضوء بهما معاً لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يكون أحدهما أسبق في الظاهر من الآخر وإلا يكن تكافؤ بينهما فالأقوى يعني العلة المتفق عليها مقدمة على العلة المُختَلف فيها فلو بال ولمس ذكره البول متفق عليه أنه علة في نقض الوضوء واللمس مختلف فيه فحينئذ إذا بال ولمس نقول الحكم مرتب على البول جعلنا العلة هي البول لماذا؟ لأنها الأقوى ولا نُعلق الحكم باللمس وهذا إذا لمس وبال في وقت واحد أما المتقدم فلا إشكال بل حُكي الإجماع أن الحكم مرتب على المتقدم يعني لو بال أولاً ثم بعد ذلك لمس حينئذ لا إشكال فأن العلة الأولى هي التي ترتب عليها الحكم والحكم هنا مصور في ماذا؟ في إذا أتى بالسببين أو العلتين في وقت واحد في زمان واحد لذلك علقه فأما مع اتحاد الزمن الشخص الواحد أو الزمان الواحد أما إذا تعدد الزمان وانفصل حينئذ يرتب على الأول، والصحيح بهما مع التكافؤ وإلا فالأقوى يعني من الوصفين هو العلة مع اتحاد الزمن أو المتقدم إذا لم يكن اتحاد زمن وكان ثم انفصال فالمتقدم عند الترتيب يكون الحكم مستنداً إلى الأولى فلو بال أولاً ثم خرج منه ريح نقول الحكم مرتب على العلة الأولى ولا إشكال بل حُكي الإجماع على هذا، ما الذي ينبني على هذا ذكر بعضهم أنه ينبني أنه لو توضأ ونوى واحداً منها ولم ينوي بقية الأحداث الأسباب هل يرتفع وضوئه حدثه أم لا؟ يرتفع لا إشكال سواء قلنا هي علل أو قلنا المقدم هو العلة كأن الحدث لا يتبعض ولا يتجزأ بل هو شيء واحد ولذلك اختلفوا لو قاس الوجه هل نقول ارتفع حدث الوجه ثم بعد ذلك اليدين ثم الرجلين أو نقول يرتفع الحدث بانتهائه من غسل رجله اليسرى، إن قلنا الحدث يتبعض وقد قيل به فحينئذ إذا غسل يده اليمنى فقد ارتفع حدثها ولو لم يرتفع حدث الرجلين فجوزا مسك المصحف بيده اليمنى بناءاً على أن الحدث يتبعض وإذا قلنا الحدث لا يتبعض وإنما يرتفع بانتهاء آخر عضو في الوجود حينئذ لا يجوز له أن يمسك المصحف بيده.

ص: 25

وثبوت الحكم في محل النص بالنص وقيل بالعة ثبوت الحكم بالنص في محل النص الآن ذكرنا أن الخمر مُحرم تحريم الخمر لعلة الإسكار إذاً كلما وُجدت العلة وُجد التحريم إذاً صار الإسكار مقتض للتحريم هذا في النبيذ لا إشكال في النبيذ وُجد الإسكار في النبيذ فاقتضى التحريم لكن في المص نفسه في الخمر نقول الخمر محرم الحكم التحريم ما الذي أوجب التحريم هل هو النص أو العلة؟ هذا فيه خلاف فهمتم المسالة؟ إذا قلنا التحريم الإسكار إلا تعدى محل الأصل وهو الأصل ووجد في النبيذ لا إشكال أنه كلما وُجد الإسكار وُجد التحريم حينئذ يكون الباعث على وجود التحريم هو الإسكار لكن هذا الفرع لا إشكال فيه لكن في الأصل إذا قلنا الخمر حرام للإسكار أي الاثنين مقتض للتحريم هل هو النص {فَاجْتَنِبُوهُ} أو للعلة لأن العلة تقتضي التحريم؟ هذا محل النزاع قال وثبوت الحكم التحريم مثلاً في الخمر في محل النص الخمر بالنص لا بالعلة لماذا؟ لأن النص هو الذي أفاد الحكم من أين عرفنا؟ من النص ورود النص {فَاجْتَنِبُوهُ} كل مُكسر حرام والعلة تكون باعثة فحينئذ تكون ملاحظة في الحكم وليست هي أصل الحكم، عند أصحابنا والحنفية لوجوب قبوله يعين قبول الحكم وإن لم تُعرَف علته كما في الأحكام التعبدية يجب قبوله من جهة النص وإن لم تُعرَف علته كذلك التحريم لو لم ينص على الإسكار ووجب قبوله من جهة النص حينئذ يكون ثبوت تحريم الخمر بالنص لا بالعلة، وعند الشافعية بالعلة يعني كون المُعرف له العلة أو كون الموجب أو المقتضي للتحريم هو العلة لكن ما الذي عرفنا بالعلة كونها؟ النص ولذلك قيل الخلاف لفظي لأن من قال بالنص لا يمنع أن العلة مُعرفة على الحكم ومن قال بالعلة لم يمنع أن النص هو الذي دل على العلة وعلى الحكم أيضاً حينئذ كل منهما لازم للآخر سواء قلنا التحريم بالنص أو بالعلة كل منهما لازم للآخر لكن الظاهر والله أعلم يقول بالنص والعلة فرع في الأصل وإنما اُستنبطت العلة إن كانت مستنبطة لأنه إذا وُجد فرع يشبه الأصل حُمل عليه فحينئذ العلة لا لذات النص وإنما لغيره لكن التحريم لذات الخمر في نص الدليل الذي دل على تحريم الخمر والعلة ليست مرادة لإثبات تحريم الخمر في النص نفسه وإنما مراد العلة المستنبطة أو منصوص عليها أو مُجمَع عليها أو إلحاق أو تعدية غيرها لتنزيل حكم الأصل عليها حينئذ فرق في النظر بينهما، وعند الشافعية بالعلة أي العلة الباعثة على الحكم.

ص: 26

والأكثرون أن أوصاف العلة لا تنحصر والأكثرون من الأصوليين أن أوصاف العلة لا تنحصر يعني تكون العلة مركبة من وصفين فأكثر هذه تكون محصورة لابد أن نعين نقول لا تزيد عن ثلاث أو لا تزيد عن أربع أو لا تزيد إلى عشر إلى آخره أم نقول إذا جاء النص مرتباً على أوصاف وهذه أوصاف كلها يمكن اعتبارها حينئذ لو بلغت إلى العشرة أو عشرين فيكون علة أو علل نقول لا بأس هنا قال والأكثرون أن أوصاف العلة لا تنحصر يعني لا تنحصر في عدد معين لا تزيد عليه، وقيل إلى خمسة ولا تكون سادسة إن وجدت أوصاف أو علل يمكن أن تكون معتبرة في الحكم الشرعي الأولى ولا شك فيها يمكن أن ينضم إليها وصف ثاني أو ثالث أو رابع أو خامس أما سادس فلا لماذا؟ قالوا لأنه يُثقلها صارت ثقيلة حينئذ لابد من عدد تقف عنده فجعلوا الخمسة لكن نقول هذا يحتاج إلى دليل فإذا دل دليل الشرع على اعتبار عدة علل كنواقض الوضوء مثلاُ حينئذ لا نقول هذه يجب إيقافه على الخمس ولذلك أبو اسحق الشيرازي يقول هذا التحديد لا وجه له إذاً لا تنحصر أوصاف العلة في عدد معين لكن العلل عندهم أقوى ما يُعلل به في التعدي باثنان ثم الثلاث ثم الأربع ثم الخمس يعني كلما قلت الأوصاف فهي أقوى مما لو زاد فالحكم المُعلل بوصفين بعلتين أقوي مما لو عُلل بثلاثة وهلم جرة هذا ما يتعلق بالاطراد ثم ذكر السادس أين السابع؟ التعدي الاطراد السادس التعدي السابع ثم تكلم عن كون الحكم شرعياً أو جامع شرعي.

ثم قال ولإثبات العلة طرق ثلاثة لإثبات العلة كيف نستنبط العلة ما هي كريق إثبات العلة ما هي مسالك العلة، هذه الطرق الثلاث عير عنها الأصوليون بالمسالك جمع مسلك بمعنى الطريق ما يُسلَك الطريق مثلاً في إثبات العلة ولإثبات العلة يعني ما دل على كون الوصف علة ما دل ما الذي يدلنا عن كون الوصف علة لابد من دليل ما هو هذا الدليل؟ هو ما سيذكره المصنف، ولإثبات العلة في الأصل طرق ثلاثة وهي النص والإجماع والاستنباط، وبعضهم يُجملها في طريقين فيقول مسالك العلل نوعان نقلية وعقلية والنقلية النص والإجماع والعقلية الاستنباط.

ص: 27

النص هذا هو الطريق الأول من الطرق النقلية يعني التي موقوفة على السماع، النص سوا كان من كتاب أو سنة فإذا كانت العلة مأخوذة من نص كتاب أو سنة سُميت علة منصوصة نسبة إلى النص {قُلْ هُوَ أَذًى} نقول الأذى هو علة منصوصة لماذا؟ لكون الشرع نص عليها، النص بأن يدل عليها بالصريح إذاً النص من كتاب أو سنة يدل على العلة ثم له طريقان قد يكون اللفظ صريحاً وقد يكون ظاهراً قد يكون صريحاً في الدلالة على التعليل وقد يكون ظاهراً، الصريح ضابطه ما وُضع للتعليل من غير احتمال فيكون قاطعاً في تأثيره ما وُضع للتعليل كأصل لو قال حرمت لعلة كذا نقول هذا نص قطعي لا يحتمل غيره فحينئذ للفظ الصريح في الدلالة على التعليل ما وُضع للتعليل من غير احتمال فيكون قاطعاً في تأثيره ضده الظاهر في التعليل ما احتمل التعليل وغيره فيكون النص الظاهر والمُثبت للعلية وهو ما لا يكون قاطعاً في تأثيره لماذا؟ فيحتمل التعليل ويحتمل غيره ولكن التعليل به أرجح كاللام اللام هذه تفيد التعليل لام التعليل لكن هل هي كلما أُطلق في اللغة هي للتعليل؟ لا إذاً لما احتملت غير التعليل صارت ظاهرة في التعليل وليست صريحة التعليل وأما قوله {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا} نقول هذا صريح في التعليل لأنه لا يحتمل غير ذلك،

ص: 28

بأن يدل عليها بالصريح كقوله العلة كذا العلة الإسكار في تحريم الخمر نقول هذا نص صريح لأنه صرح بلفظ العلة أو بأدواتها أي أدوات التعليل يعني حروف تدل على التعليل لكن قدَّم هنا الظاهر على الصريح، وهي الباء كقوله (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا) الباء هنا للسببية حينئذ تفيد التعليل وسبق أن السبب والعلة بمعنى واحد في هذا الباب (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا) يعين بسبب كفرهم ما وقع أو حل بهم بسبب كفرهم فالباء هنا للتعليل إذاً الكفر سبب علة للهلاك أليس كذلك، واللام (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ){إِلَاّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} حينئذ صارت اللام هنا دالة على التعليل لكن هل هي نص صريح في التعليل؟ الجواب لا لأنها ترد للتعليل ولمعني أُخر كذلك الباء ليست نصاً في التعليل لوردها للتعليل وهي السببية واحتمال معاني أخرى، وكي هذه أيضاً محتملة للتعليل وغيره وإن كان الأشهر في عرف أهل اللغة أنها للتعليل، وكي (كَيْ لَا يَكُون دُوْلَة ً)، وحتى المرادفة لكي نحو (حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة)، وقوله من أجل إذا جاء التعبير في قوله:(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا) فنقول هذه للتعليل، إذاً دمج هنا أو خرط المصنف ما كان ظاهراً في التعليل وما كان صريحاً في التعليل فما كان صريحاً دالاً على العلية كقوله العلة كذا أو قوله (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا) وكما في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (إنما جُعل الاستئذان من أجل البصر) من أجل هذا تعليل وهو نص صريح لا يحتمل غير التعليل (إنما جُعل الاستئذان من أجل البصر)، والمؤلف هنا جعل الباء واللام وكي ونحو ذلك من الصريح وغيره جعله من الظاهر لا من الصريح، وزادوا عليه غير ما ذكره المصنف هنا أن {ُيخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا} قد تأتي أن للتعليل، جئت أن تكرمني قالوا أن هذه قد تفيد التعليل كذلك إن الشرطية إن تقم أقم معك فيه التعليل وفيه معنى التعليق والسببية، أنَّ المفتوحة المُشددة أخت إن {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} يعني لأن صلاتك سكن لهم، إذاً إن تفيد التعليل لذلك عند الأصوليين يذكرون إن إذا جاءت بعد الخبر أو النهي أو الأمر فهي تفيد التعليل، كذلك لعل كما هو مذهب الكوفيين في كنه التعليل {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} هذا يقصد به تتميم ما قبله لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} هذا فسد المعنى أن التقوى المراد بها الإطلاق ليست مخصصة في أيام معدودة و {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} في أول الآية إما أنه منصوب باسم المصدر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ .. * أَيَّاماً} أياماً مفعول به لقوله الصيام أو كما جوَّز الصاوي في حاشية تفسير الجلالين صوموا أياماً حينئذ يكون مفصولاً أو تابعاً لما قبله أم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً} ؟، كذلك المفعول له لأجله {لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ} ، {حَذَرَ الْمَوْتِ} {يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم ..

ص: 29

حَذَرَ الْمَوْتِ} حذا هذا تعليل لكنه كله من الظاهر لاحتمال اللفظ التعليل وغيره، أو بالتنبيه والإيماء وسبق أن الإيماء هو أن يقترن الحكم بوصف على وجه لو لم يكن علة لذلك الحكم لكان عبثاً أن يُقرَن الوصف بحكم إن يكن لغير علة يعبه من فقه يعني يخالف الفصاحة ويعتبر عياً ولُكنة في المتكلم لأنه رتب حكماً على معنى لا علاقة بينهما فحينئذ لما جاء يسأل قال وقعت أهلي في نهار رمضان قال أعتق رقبة نقول لو لم يكن الجواب هنا مطابقاً للسؤال إذاً ماذا أجابه النبي صلى الله عليه وسلم لخلا السؤال عن الجواب وهذا يعتبر عيأً حينئذ يجب أن يُقال أعتق رقبة هذا مرتب على الوصف الذي ذكره السائل إذاً المراد بالإيماء والتنبيه أن يقترن الحكم بوصف على وجه لو ل يكن علة لكان هذا الاقتران بعيداً عن الفصاحة ومعيباً عند الفقهاء وكلام الشارع مُنزه عن ذلك أما في كلام البشر فلا إشكال.

ص: 30

ثم دلالة الإيماء والتنبيه أنواع كثيرة ذكر منها المصنف بعضاً منها، إما بالفاء يعني أن تدخل الفاء أو يُذكَر حكم عقب وصف بالفاء يأتي وصف ثم يأتي بعده الحكم وتدخل الفاء التي تكون للسببية تدخل على ما بعدها فتدل عل أن ما بعد الفاء حكم مرتب على المعنى السابق فيكون ما قبل الفاء علة لما بعد الفاء، وتدخل على السبب كقوله صلى الله عليه وسلم ((فإنه يُبعث ملبياً)) لأنه قال لا تحنطوه ولا تطيبوه إلى آخره وقال ((فإنه)) إذاً الحكم والمعنى السابق مُعلل بكونه يُبعث ملبياً يوم القيامة إذاً الفاء دلت على العلية إذاً من مات وهو مُحرم يجب اجتناب الطيب ونحوه لماذا؟ لأنه يُبعَث إذاً صار علة للحكم يجب عدم تطييبه علة ذلك الحكم هنا قدم الحكم على العلة وهذا لا بأس به وتدخل على السبب كقوله صلى الله عليه وسلم فإنه يُبعَث ملبياً حينئذ ما بعد الفاء سبب لما قبلها، وعلى الحكم مثل قوله تعالى (وِالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) الفاء دلت على أن هذا الحكم وهو إيجاب القطع علته السرقة نفسها وهذا دليله من وجهين أولاً كون السارق وصفاً والثاني الفاء ولا مانع من أن يجتمع اثنان دليلان فأكثر على العلية وهنا اجتمع دليلان كونه اسماً مشتقاً ورتب عليه الحكم الشرع حكماً فيدل على أن الحكم مرتب على الوصف الذي اشتُق منه ذلك الاسم وسيأتي ذكره هنا، و ((سَهَا فَسَجَد)) إذاً يُلحَق بما سبق ما كان من قول الراوي أما السابق فهو من قول المُشرِّع ((فإنه يُبعث)) هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (فَاقْطَعُوا) هذا قول الرب جل وعلا لكن لو حكا الراوي هل يعتبر أيضاً من دلالة الإيماء والتنبيه أم لا؟ هذا محل خلاف والأصح نعم لأن الراوي صحابي وهو أعلم باللغة من غيره فحينئذ إذا حكا الحكم مرتباً على فاء السبب أو ذكره بعد فاء السبب فحينئذ فهم العلية فحكا لنا ما فهمه وهو أولى بالإتباع، و ((سَهَا فَسَجَد)) هذا من كلام الراوي سَهَا فَسَجَد إذاً السجود حكم سببه علته السهو، ((زَنَى فَرَجَم)) رجم النبي صلى الله عليه وسلم الزاني والعلة الزنا هذا الأول أن يكون بالفاء، إذاً دلالة الإيماء والتنبيه إذا ذُكرت الفاء وذُكر بعدها حكم أو معنى سواء كان من الشارع أو من الراوي دل على العلية، النوع الثاني من دلالة الإيماء والتنبيه ترتيبه على واقعة سُئل عنها هذا إن يكون السؤال مطابقاً للجواب إذا سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى عن قصة عن حادثة عن مسألة فأجاب حينئذ نقول الجواب هذا مُرتباً على ذلك السؤال فنجعل السؤال علة لم تضمنه قول النبي صلى الله عليه وسلم من حكم أو ترتيبه على واقعة سُئل عنها كقوله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة لأنه سُئل عن مواقعة الرجل امرأته في نهار رمضان فقال أعتق رقبة بعد تنقيح العلة، في جواب سؤاله عن المواقعة في نهار رمضان فدل على أن الوقاع هو علة الحكم، أو الثالث لعدم فائدته إن لم يكن علة وهذا المعنى يكاد يكون عام لدلالة الإيماء والتنبيه يعني أن يُذكَر مع الحكم شيء لو لم يُقدَر التعليل به لكان لغواً غير مفيد كقوله صلى الله عليه وسلم ((إنها من الطوّافين عليكم)) في الهرة إنها ليست بنجس

ص: 31

إنها لأنها لماذا نُفيت النجاسة؟ لعلة التطواف فحينئذ كلما وُجدت هذه العلة نقول حكمنا على أن الحيوان بنجس والمذهب الهرة فما دونه، أو نفي حكم بعد ثبوته لحدوث وصف كقوله ((لا يرث القاتل)) نفي حكم بعد ثبوته نفي حكم كالإرث في المثال المذكور بعد ثبوته للوارث لحدوث وصف وهو القتل فهذا الوصف حينئذ يكون علة لماذا؟ لأنه فرّق بين كونه وارثاً وغير وارث قال لا يرث القاتل يعني من كان انتفى عنه الوصف وصف القتل لكان وارثاً إذاً الشخص نفسه باعتبارين يعني يُوَّرث ويُحرَم من الميراث باعتبارين إن لم يقتل فحينئذ يرث إن وُجد وصف ورُتب عليه مع كونه لولا وجود هذا الوصف لكان وارثاً علمنا أن هذا الوصف هو علة منعه من الإرث لماذا؟ لأن لو ارتفع هذا الوصف وهو كونه قاتلاُ لمورثه لورث ولكن لما وُجد الوصف حينئذ علمنا أن هذا الوصف هو علة المنع، أو نفي حكم بعد ثبوته لحدوث وصف جديد كنفي الإرث عن الوارث بسبب وصف وهو القتل، أو الامتناع عن فعلٍ بعد فعلِ مِثْلِهِ لعذر أو الامتناع عن امتناع الشارع يعي امتناع النبي صلى الله عليه وسلم وهذا حكم خاص به عن فعل بعد فعل مثله يعني فعل فعلاً ثم امتنع عن فعل قد فعله فيما سبق لعذر فيدل على أن هذا العذر هو علة الامتناع لأنه قد فعل الفعل نفسه لو كان حراماً فحينئذ لم يفعله لكن كونه فعله أولاً ثم أراد أن يفعله ثانياً فوُجد وصف أو عذر فامتنع من فعل الفعل الذي فعله أولاً لوجود هذا العذر فنقول هذا العذر علة في امتناع الشارع عن الفعل ولولا هذا العذر لحصل هذا الفعل مرة ثاني كما حصل في المرة الأولى أو الامتناع عن فعلٍ بعد فعلِ مِثْلِهِ لعذر فيدل ذلك الامتناع على عليَّة العذر على أن هذا العذر هو العلة مثل كامتناعه عن دخول بيت فيه كلب دخل بيتاً والروايات مختلفة ثم أراد أن يدخل مرة أخرى فامتنع لوجود كلب، إذاً وجود الكلب علة في امتناعه صلى الله عليه وسلم من دخول البيت مرة ثانية الذي دخله فيما سبق، أو تعليقه على اسم مشتق من وصف مناسب له هذا وكل حكم عُلق على اسم مشتق نقول دل على علية ما منه الاشتقاق (وِالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) علقه على السارق هو اسم الفاعل دل على أن السرقة هي العلة وإلا ممكن أن يقول الرجل والمرأة فاقطعوا وتأتي الشروط بالتقييد لكن نقول لا هنا لما كانت السرقة هي العلة حينئذ رتب الحكم على اسم مشتق {الزَّانِيَةُ} لأجل الزنا و {َالزَّانِي} لأجل الزنا إذاً الاسم المشتق يدل على علية ما منه الاشتقاق وهو المصدر الذي أُخذ منه، أو تعليقه على اسم مشتق كاسم فاعل أو اسم مفعول ونحوهما من وصف مناسب يعني صفة معنوية هي المرادة هنا له يعني شرعية الحكم قوله تعالى (فَاقْتُلُوا المُشْرِكِين) علق الوصف هنا على الشرك إذاً كل ما وُجد المشرك وجب قتله، كأنه قال (فَاقْتُلُوا المُشْرِكِين) لشركهم فاقطعوا أيديهما لسرقتهما فاجلدوا كل واحد منهما لزناهما صار علة رُتب عليه الشرط، أو إثبات حكم إن لم يُجعَل علةً لحكمٍ آخر لم يكن مفيداً كقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) قال لصحته يعين إثبات حكم وهو حل البيع أحل (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) ما الذي يترتب على حكم البيع؟

ص: 32

الصحة وما معنى الصحة؟ ترتب الآثار إذاً هنا أفاد ماذا؟ أحل الله البيع ليكون البيع في نفسه حلال والناس لا ينتفعون أو أرد أن يبين أن البيع حلال فيصح البيع فتترتب عليه الآثار؟ هذا الثاني هو المراد فحينئذ إثبات الحكم وهو حل البيع هنا نقول هو علة لحكم وهو صحة البيع هنا التعليل بالحكم على الكم أن يترتب آثاره فالحكم بالصحة مستنبط من حل البيع، (وَحَرَّمَ الرِّبَا) لبطلانه حرم الربا فحينئذ كل عقد فيه ربا فنحكم عليه بأنه باطل فاسد هل تترتب عليه آثار لا تترتب عليه آثار إذاً إثبات حكم كالحل حل البيع ورحمة الربا إن لم يُجعَل هذا الحكم علة مؤثرة لحكم آخر وهو صحة البيع وبطلان عقود الربا لم يكن مفيداً لأنه يرد السؤال (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) لم أحله؟ ليكون البيع حلالا في نفسه ثم نحن لا تترتب الآثار على حل البيع؟ نقول لا ليس هذا المراد بل المراد أنه حلال فيصح فيستفيد للبائع والمشتري.

والإجماع هذا عطف على قوله النص الإجماع قلنا النص والإجماع والاستنباط، إذاً الدرب الثاني الإجماع فمتى وجد الاتفاق عليه ولو من الخصمين لإثبات العلة طرق ثلاث النص والإجماع فمتى وُجد الاتفاق عليه ولو من الخصمين ثبت ثبت الإجماع على علية الحكم أو على كون الشيء أو الصف علة، فإذا وجد الاتفاق عليه على الوصف ثبت ثبت كون الوصف علة ودليله الإجماع وقوله ولو من الخصمين هذه جملة معترضة لماذا؟ لأنه لا يشترط إجماع الأمة وإنما مراه هنا ولو من الخصمين إذا كان في مقام المجادلة والنظر أو المناظرة حينئذ يشترط فيه الاتفاق بين الخصمين لكن ينبغي في تأصيل الأحكام ألا يُلتفت إلى آداب البحث والمناظرة كما ذكرناه في السابق أن شرط حكم الأصل موافقة الخصمين عليه لا ليس بشرط وينبغي أن تكون الآداب آداب البحث والمناظرة مبنية على الشرع فإذا كانت التعليل تعليل حكم الأصل ثابت بالعلة فيجب أن يُسلم الكل ولا نجعل ضابطاً ليجوز أن ينفي العلة وهي ثابتة بالشرع وحينئذ يجوز له أن يعدل إلى النص بعد أن يثبت العلة فينفيها الخصم نقول هذا ليس بوارد، إذاً الطرق الثاني في إثبات العلبة الإجماع وهو إجماع الأمة فمتى وُجد الاتفاق عليه على ذلك المعنى ولو أن الخصمين ثبت كون ذلك المعنى علة، كالإجماع على تأثير الصغر في الولاية على المال {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ} فالصغر له تأثير في الولاية على المال ينفيها وهذه تعد في ولاية النكاح الصغيرة هل تلي نكاح نفسها؟ الجواب لا لماذا؟ لعلة الصغر هل أجمعوا على علة الصغر في هذا الموضع أو في قوله تعالى {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى} في ولاية المال؟ في ولاية المال حينئذ تعد هذه العلة وهي الصغر على ولاية النكاح فلا تلي الصغيرة نكاح نفسها لعلة الصغر.

ثم قال والاستنباط هذا هو الطريق الثالث وقسمه على ثلاثة أقسام وأصول المصالح داخلة فيه ويحتاج إلى وقت، وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 33