المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * الحكم الوضعي * الفرق بين التكليفي والوضعي * العلة والسبب - شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول - جـ ٦

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * الحكم الوضعي * الفرق بين التكليفي والوضعي * العلة والسبب

‌عناصر الدرس

* الحكم الوضعي

* الفرق بين التكليفي والوضعي

* العلة والسبب والشرط والمانع.

الدرس السادس

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد توقفنا عند قوله و (وضعيةٌ) أي أنه لما ذكر القسم الأول من قسمي الحكم الشرعي وهو قسم التكليفي شرع في بيان القسم الثاني وهو القسم الوضعي، لذلك ذكرنا أنه قسمة ثنائية وأن كلا النوعين داخلان في الحكم الشرعي، لذلك قنا الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المُكلَف بالاقتضاء أو تخيير أو الوضع، هذه ثلاثة أقسام، التخير والاقتضاء يشملهما قسم واحد وهو التكليفي الحكم الشرعي التكليفي، أو الوضعي نقول هذا قسم مستقل أُدخل في حد الحكم الشرعي للدلالة على أن الحكم الوضعي حكم شرعي رداً على ما زعم أن الحكم الوضعي إنما هو حكم عقلي لا شرعي، والصحيح أن الأسباب شرعية أي أنها مأخوذة من الشرع وأن الموانع شرعية بمعنى أنها ثابتة من الشرع وأن الشروط أيضاً شرعية بمعنى أنها ثابتة من الشرع، فلا يُجعَل الشيء سبباً ولا يكون له دليل في الشرع ولا يُجعل الشيء شرطاً لشيء آخر ولم يكن دليل في الشرع، ولا يُجعل الشيء مانعاً من شيء آخر ولا دليل له في الشرع، إذاً لابد من إثبات الحكم الوضعي بدليل شرعي، وعليه يُجعَل قسماً من أقسام الحكم الشرعي، إذاً نقول القسمة ثنائية حكم تكليفي وحكم وضعي، وكلا النوعان شرعيان.

ص: 1

لأن بعض الأصوليين يرى أن الحكم الوضعي السبب هذا حكم عقلي، نقول لا ليس بعقلي، من الذي أخبرنا بأن دلوك الشمس سبب لوجود صلاة الظهر؟ الله عز وجل {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء78، من الذي أخبرنا بأن الطهارة شرط لصحة الصلاة؟ الله عز وجل، من الذي أخبرنا بأن الحيض مانع من الصلاة والصوم صحة وجوازاً؟ هو الله عز وجل، إذاً مراد هذه الشروط والأسباب والموانع هي الشرع فما أثبته الشرع سبباً أثبتناه وما لم يثبته الشرع سبباً لم نُثبته، وما أثبته الشرع شرطاً أثبتناه وما لم يثبته لم نثبته وهلم جرة، لماذا؟ لأن الحكم مأخوذ من الشرع، لذلك قررنا القاعدة كما سبق قوله الحاكم هو الله عز وجل {إِنِ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلّهِ} الأنعام57، يعني لا حكم شرعياً سواء كان وضعياً أو تكليفياً إلا لله عز وجل {وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الرعد41، قال: و (وضعيةٌ): هذا معطوف على قوله تكليفية لأنه قال الأحكام قسمان تكليفية وهي خمسة وانتهى من ذكرها وبعض المسائل المتعلق بها أو المتعلقة بها ثم قال ووضعية هذا معطوف على قوله تكليفية، يعني أن القسم الثاني من قسمي الحكم الشرعي هي الأحكام الوضعية، نسبة إلى الوضع لأنه يُقال خطاب وضع، والوضع في اللغة الولادة، يُقال وضعت المرأة إذا ولدت ويلد أيضاً بمعنى الإسقاط والحط فيُقال وضعت الدين عن زيد بمعنى أسقطته وحططته، هذا في اللغة، أما في الاصطلاح فالحكم الشرعي الوضعي هو خطاب الله تعالى المُتعلِق لجعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه، إذاً خطاب الله لابد من أن يكون مأخذ هذا الحكم الوضعي هو الشرع، ويرد فيه ما وُرِد على الحكم التكليفي بجعل الشيء سبباً لشيء آخر كدخول الوقت سبباً لوجوب الصلوات المكتوبة نقول هذا سبب، من الذي جعل هذا الشيء سبباً؟ نقول خطاب الله المتعلق بكون هذا الشيء سبب لشيء آخر، أو شرطاً له كالطهارة بالنسبة للصلاة والحول بالنسبة للزكاة، أو مانعاً منه كون هذا الشيء مانعاً من كذا نقول هذا أيضاً مأخذه من الشرع، قال خطاب الله المتعلق لكون الشيء مانعاً من هذا الشيء كالحيض مانعاً من الصلاة والصوم ثم خطاب الوضع هو الوارد بأن هذا مانع أو فاسد أو ضده أو أنه قد أوجب شرطاً يكون سبباً وعلى هذا التعريف خطاب الله تعالى المُتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه، تفهم منه أن الحكم الوضعي منحصر في ثلاثة أشياء الأسباب والشروط والموانع، وهذه مُتفق عليها عند الأصوليين أن السبب حكم شرعي وضعي، وأن الشرط حكم وضعي وأن المانع حكم وضعي، واختلفوا في الصحة والفساد والنقصة والعزيمة والأداة والقضاة والإعادة ونحوها مما يُجعَل وصفاً للحكم التكليفي والأصح أن هذه كلها ليست بحكم وضعي وإنما هي أوصاف للحكم التكليفي كما سيأتي بيانه.

ص: 2

وكذلك العلة أُختلف فيها هل هي من الحكم الوضعي أو من الخطاب التكليفي للنزاع عند الأصوليين أو نقول في حده خبر أُستفيد بنصب الشارع علماً مُعرِفاً لحكمه، خبر أُستفيد أُخذ هذا الخبر من نصب الشارع علماً، نصب الشارع أشياء هذه الأشياء أعلام وأخبار مُعرفة لحكمه، حيث جعل الشرع الحكم التكليفي متوقفاً على وجود هذا الشيء في الحس، كأنه قال إذا زالت الشمس وهذا أمر محسوس إذا زالت الشمس فقد أوجبت عليكم صلاة الظهر نقول هذا حكم وضعي جعله الشرع مُعرِفاً وعلماً على وجوب صلاة الظهر حينئذ خبر إذاً لا إنشاء وهذا من الفوارق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي أن الحكم التكليفي إنشاء والحكم الوضعي خبر والخبر وإنشاء قسمان من أقسام الكلام، بل ينقسم الكلام إلى اثنين ولا ثالث لهما، نقول في حد التكليف الخطاب بأمر أو نهي أليس كذلك؟ الخطاب بأمر سواء كان بأمر إيجاب أو أمر استحباب أو نهي سواء كان نهي إلزام تحريم أو نهي كراهة، إذاً هذه أربعة أنواع ودخلت فيها الأحكام التكليفية حينئذ نقول هذه الأنواع الأربعة هل هي من قبيل الإنشاء أو الخبر عند النُحاة أو عمد البيانيين يقسمون الكلام إلى قسمين خبر وإنشاء ولا ثالث لهما كما قال السيوطي في عقود الجمان (محتمل للصدق والكذب الخبر وغيره الإنشاء ولا ثالث قر. (ما لم يكن محتملاً للصدق والكذب الإنشاء كقل بالحق) هكذا قال جوهر المكنون. (محتمل للصدق والكذب الخبر) ما احتمل الصدق والكذب فهو خبر يعني ما احتمل أن يُقال لقائله أنت صادق أو أنت كاذب هذا هو الخبر، لذاته يعني بقطع النظر عن قائله، الإنشاء عكسه ما لم يكن محتملاً للصدق ولا الكذب وهذه يدخل فيها ثمانية أمور منها الأمر والنهي، ما لم يكن محتملاً للصدق والكذب ككن بالحق ما لم يكن بالصدق والكذب كقل بالحق.

ص: 3

إذاً الإنشاء ما لم يحتمل الصدق والكذب إذاً لا يُقال لقائله كذبت أو صدقت، إذا قال كن هل يُقال صدقت أو كذبت؟ لا يصح أن يُقال له صدقت أو كذبت، لماذا؟ لأن الصدق والكذب إنما يكون لشيء موجود وقع، والأمر والنهي إنما يكونان لشيء معدوم، ولذلك مُتعلق الأمر شيء مستقبل إذاً لم يوجد، ومتعلَق النهي شيء متقبل لم يوجد، ولذلك لا تدخل قد عند النحاة على فعل الأمر لماذا؟ لأن قد هذه تفيد التحقيق وتفيد التأكيد والتأكيد إنما يكون لشيء موجود ثابت، وأما الأمر هذا أمر معدوم، حينئذ نقول خطاب التكليف هذا هو محصور في أمر ونهي بقسمي الأمر والنهي بقسميه، فحينئذ نقول هذا إنشاء وليس بخبر، أما الخبر وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته نقول هذا مفهوم من خطاب الوضع، إذاً خطاب التكليف أو الأحكام التكليفية هذه من قبيل الإنشاء والأحكام الوضعية أو الخطاب والوضعي هذا من قبيل الأخبار، ولذلك يُسمى خطاب الوضع والإخبار أو خطاب الوضع والإعلام والإخبار، هذه أسماء، ولذلك حده في مختصر التحليل يُقال هذا خبر، إذاً ليس بإنشاء للاحتراز عن الحكم التكليفي فإنه إنشاء وليس بخبر، هذا الخبر من أين أُستُفيد من أين أُخذ؟ من الذي أفاد في هذا الخبر؟ أُستفيد بمعنى اُخذ من نصب الشارع علماً معرفاً لحكمه، نصب الشارع أموراً محسوسة هذه الأمور المحسوسة جُعلت أعلاماً وجُعلت أموراً تكشف عن حكم الرب عز وجل وهو الحكم التكليفي، ولذلك قيل لا خطاب تكليف إلا ومعه حكم وضعي، لماذا؟ لأن هذه الأحكام الوضعية هي أصل وضعها من الرب جل وعلا وُضعت كاشفة للحكم التكليفي، ولذلك ينفك الوضع عن التكليف ولا عكس، بل قيل لا يُتصوَر وجود حكم تكليفي إلا وله سبب أو شرط أو مانع لا يمكن، فحينئذ لا يمكن أن يوجد الحكم التكليفي إلا ومعه حكم وضعي، خبر أُستفيد من نصب الشارع علماً مُعرفاً هذا العلم وهذا المُعرِّف وظيفته أنه يكشف عن حكمه التكليفي، ولذلك سُمي خطاب الوضع والإخبار، لم سُمي خطاب الوضع؟ قالوا لأن الشرع وضع بمعنى شرع أموراً سُميت أسباباً وشروطاً أو موانع يُعرَف عند وجودهاً أحكام الشرع، إذا وُجدت هذه الموانع أو الأسباب أو الشروط حينئذ يُعرف إذا صارت مُعرِفات، وذلك قال الفتوحي والأسباب معرفات، لماذا؟ لأن الشرع وضع هذه الأمور الثلاثة أسباب وشروط وموانع يُعرف عند وجودها أحكام الشرع من إثبات أو نفي، ومُتعلق الحكم الشرعي كما سبق أنه يكون إثباتاً ويكون نفياً، يعني تُبت الصلاة متى عند دلوك الشمس وهو سبب، وتُنفى الصلاة عند وجود الحيض وهو مانع، أليس كذلك؟ وتوجد عند وجود الشرط وتنتفي بانتفاء الشرط وإن لم يكن الشرط لازماً لوجود المشروط، من إثبات الأولى فيه، فالأحكام توجد بوجود الأسباب والشروط وتنتفي بوجود المانع وانتفاء الأسباب والشروط، هذا معنى كونه وضعاً، يعنى الشرع وشع وجعل هذه الأسباب وهذه الشروط وهذه الموانع مُعرفات على حكم الله وجعلها أعلاماً على حكمه جل وعلا، ولذا قيل فائدة الخطاب الوضعي أن فيه تخفيفاً على العباد، لماذا؟ لأنه لو أُحتيز لكل سبب وشرط ومانع أن يكشف عنه نبي بوحي ثم انقطع الوحي لتعذر تطبيق كثير من أحكام شرعية.

ص: 4

فلو قيل لا يُحكم بدخول وقت الصلاة إلا بخبر نبي عن وحي، طيب مات النبي وانقطع الوحي ماذا يحصل؟ ارتفعت الصلاة، لو قيل ما يُحكم بدخول شهر رمضان إلا بخبر نبي عن وحي فمات النبي وانقطع والحي إذاً لا صيام، لا يُعرف دخول شهر ذي الحجة إلا بدخول خبر نبي عن وحي إذاً فائدة الخطاب الوضعي أنه مُخفف عن الأمة ولولاه لولا أن جعل الله عز وجل هذه الأمور المحسوسة التي لا يلتبس فيها الناس ولا يحصل فيها خلل في إثباتها أو انتفائها لولا جعل هذه الأمور لارتفعت الكثير من الأحكام الشرعية، ففيها تيسير على المُكلَفين، وسُمي أيضاً خطاب إخبار لماذا؟ لأن الرب جل وعلا بوضع هذه الأمور أخبر بوجود أحكامه وانتفائها عند وجود تلك الأمور وانتفائها، فثم وجدت هذه الأسباب فثم حكم الله، ومتى ما انتفت حينئذ ينتفي حكم الرب جل وعلا وهو الحكم التكليفي.

ص: 5

إذاً عرفنا أن الحكم الوضعي هو علم على الحكم التكليفي، يرد السؤال ما العلاقة بينهما؟ نقول الصحيح على خلاف بين الأصوليين العموم والخصوص المطلقة، وهو من ذاك أعم مطلقة، العموم والخصوص المطلق، أيهما أعم وأيهما أخص مطلقاً؟ الوضع اعم مُطلقاً لأنه قد يوجد الحكم الوضعي ولا يوجد الحكم التكليفي والتكليفي أخص مطلقاً لأنه لا يمكن أن يوجد الحكم التكليفي إلا حيث يوجد الحكم الوضعي، قالوا الزنا هذا حرام هذا حكم تكليفي أو وضعي؟ تكليفي تحريم الزنا هذا حكم تكليفي، كونه سبباً للحد؟ هذا حكم وضع، وجوب الزكاة في مال الصبي؟ الصبي هل هو مُكلف أم لا؟ ليس مكلفاً ولذلك كما ذكرناه سابقاً في حد الحكم خطاب الله المُتعلق بفعل المُكلف، من هو المكلف؟ البالغ العاقل هذا أخرج الصبي، إذاً الصبي ليس مكلفاً بالإيجاب والتحريم وهذا متفق عليه. بقى سؤال اعتراض نقول الصبي غير مكلف ولو كان عنده ملايين وحال عليها الحول نقول وجبت؟ كيف وجبت وهو ليس مكلف، نقول هذا حكم وضعي، إذاً ثبت الحكم وضع دون الحكم التكليفي، كذلك ما أتلفه الصبي أو ما أتلفه المجنون أو ما أتلفته بهيمة فحينئذ نحكم بوجود الحكم الوضعي مع عدم وجوب الحكم التكليفي، إذاً الأعم هو الذي ينفرد بصورة لا يشاركه فيها الأخص وهذا هو ضابط العموم والخصوص المطلق أنه يحتاج إلى مادتين، مادة الاجتماع ومادة الافتراق، مادتين بمعنى مثال يصدق عليه أنه تكليفي وأنه وضعي ثم نأتي بمثال آخر ينفرد فيه الأعم عن الأخص وعندنا مثالان الزنا اجتمع فيه حكم تكليفي والحكم الوضعي كونه حكم تكليفياً مُحرماً، كونه حكماً وضعياً سبب للحد. حينئذ اجتمعا فيع وهذا معنى العموم والخصوص، معنى العموم أنهما مجتمعان أما الخصوص فيختص الحكم الوضعي بحكم لا يشاركه فيه الحكم التكليفي هذا العموم ليس الخصوص عفواً العموم الخطاب الوضعي ينفرد بصورة لا يشاركه فيها الحكم التكليفي، إذاً هو شارك التكليفي في صوره ثم انفرد في صورة فيكون أعم، التكليفي لا يمكن أن يوجد في صورة وليس معه الحكم الوضعي هذا هو المراد بالعموم والخصوص والمطلقة أنهما يجتمعان في مادة واحدة كما في صورة المثال ثم الأعم ينفرد بصورة لا يشاركه فيها الأخص بخلاف العموم والخصوص الوجهي فيحتاج إلى ثلاث مواد ثلاثة أمثلة مادة اجتماع ومادة افتراق أحدهما عن الآخر ومادة ثالثة افتراق ما لم يفترق الأول عن الثاني حينئذ نقول هذا يحتاج إلى ثلاث مواد، وهذا ذكرناه هناك.

ص: 6

إذاً عرفنا الآن العلاقة بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي وهو من ذاك أعم مطلقا لما ذكر الحد أو ضابط الحكم الوضعي قال وهو أي هذا الوضعي أعم من ذاك من ذاك أعم مطلقاً، يعني بينهما العموم والخصوص المطلقة، من الفوارق بين الحكم الشرعي التكليفي والحكم الشرعي الوضعي قالوا من حيث الحقيقة أن الحكم الوضعي إخبار وإعلام جعله الشارع علامة على حكمه متى ما وُجد فثم الحكم الشرعي التكليفي وأما الخطاب الشرعي التكليفي فهو خطاب طلب فعل أو ترك أو تخيير، فحينئذ يكون خطاب التكليف مُرتباً على ما قرره السبب أو الشرط أو المانع، يكون الخطاب الشرعي التكليفي مُقرراً لما قرره الشرع بالأسباب والشروط والموانع، فيكون الحكم الوضعي كاشفاً عن الحكم التكليفي، الثاني أن يُقال من حيث الحكم التكليفي يُشترط فيه أن يستطيع المكلف فعله إذاً يُشترط فيه القدرة، خطاب الشرعي التكليفي يُتشرط فيه القدرة أما الوضعي فقد يكون مقدوراً للمُكلف وقد يكون غي مقدور للمكلف، إذاً لا يُشترط في الحكم الشرعي الوضعي أن يكون مقدوراً للمُكلَّف {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن16، {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا} البقرة286، (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا خاص بالحكم الشرعي التكليفي، فلا يشمل الحكم الشرعي الوضعي، لماذا؟ لأن الحكم الشرعي الوضعي لم يُؤمر به العباد لم يُنط بأفعال العباد وإنما هو من فعل الله عز وجل ولذلك لا يُطلب تحصيله من العباد، فلم تُشترط فيه القدرة كما اُشترطت في الحكم الشرعي التكليفي، لأنه تعلق الحكم الشرعي وهو فعل العبد فحينئذ لابد أن يكون مقدوراً وتكليف المحال أو بما لا يُطاق هذا ممنوع شرعاً وإن جاز عقلاً {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا} البقرة286، إذاً ما في وسع ما ليس في طاقتها هذا غي مُكلف به العبد.

ص: 7

إذاً من الفوارق بين الحكم الشرعي التكليفي والوضعي أن التكليفي لابد أن يكون مقدوراً للمكلف لأنه متعلق بفعل المكلف والحكم الشرعي الوضعي لا يُشترط فيه أن يكون مقدورأً للمكلف بل قد يكون مقدوراً له كالسرقة سبب للحد هل يقدر المكلف أن يسرق أو لا؟ يقدر إذاً هذا في مقدوره، لكنه غير مطلوب منه الفعل ومطلوب الترك، وقد يكون غير مقدور على فعله كدولك الشمس دخول الوقت دخول شهر رمضان هل هذا في يد المُكلَّف؟ لا، إذاً قد يكون حكم الشرع الوضعي في مقدور المكلف يستطيعه ولكن لم يُؤمر به وقد لا يكون في مقدوره كدخول الوقت والنقاء من الحيض، إذاً من حيث الحكم التكليفي يُشتَرط فيه الاستطاعة والوضعي لا يُشترط فيه الاستطاعة، التكليفي لا يتعلق إلا بفعل المُكلَف المستجمع لشروط التكليف أبداً لا يمكن أن يوجد إيجاب أو تحريم أو كراهة أو ندب أو تخيير إلا لفعل من استجمع شروط التكليف، وهو البالغ العاقل الذاكر غير المُلجَأ هذا الذي يصح تكليفه، أما الحكم الشرعي الوضعي فلا يُشترط بل يتعلق بكل إنسان مطلق إنسان، أيهما أعم الإنسان أم المكلف؟ الإنسان لأن كل مكلف إنسان ولا عكس، الصبي إنسان وليس مكلفاً والمكلف بالغ عاقل وهو إنسان، بل قد يتعلق بغير الإنسان كالبهيمة هل يتعلق الحكم الشرعي الوضعي بالبهيمة؟ نقول نعم، من ترك بهيمته تسرح وأتلفت يضمن أو لا يضمن؟ إذاً وجب الضمان بشرطه وجب الضمان، نقول وجب الضمان بفعل البهيمة نفسها هي التي أتلفت وصاحبها قد يكون نائماً في بيته ولا يدري، إذا يجب عليك الضمان، لماذا؟ لأن فعل البهيمة يُنزَّل مُنزَلة فعل صاحبها فيُنسب إليه إذا فرط في تركها، إذاً قد يتعلق الحكم الشرعي الوضعي بغير فعل الإنسان، ويتعلق بالإنسان مطلقاً سواء كان مكلفاً وغير مكلف. إذاً التكليفي لا يتعلق إلا بفعل المكلف المستجمع لشروط التكليف بخلاف الوضعي فإنه يتعلق بفعل المكلف وغير المكلف.

ص: 8

التكليفي يُتشرط فيه الكسب والمباشرة من المُكلف نفسه هذا تفصيل ما ذكرناه سابقاً، أن الصلاة والزكاة والصيام والحج نقول هذه أمور مُكلف بها من استجمع شروط التكليف ويُشترط في امتثال هذا الأمر أن يكون مباشراً لها ما يُعبَر بالكسب في هذا الموضع، حينئذ لابد أن يكون هو المباشر لكن الحكم الوضعي لا، لا يشترط فيه أن يكون مباشراً، كما ذكرناه في الصبي والمجنون والبهيمة، بل حتى النائم لو أتلف شيئاً وهو نائم نقول وجب الضمان مع أنه لا يُنسب إليه فعل النائم غير مكلف، فعله كفعل المجنون لا يُنسب إليه فعل، فحينئذ لو أتلف شيئاً وهو نائم نقول وجب الضمان، الحكم التكليفي يُشترط فيه العلم بخلاف الوضع كالنائم يُتلف شيئاً حال نومه فيضمن والرامي قد يريد الصيد من وراء حائل فيُصيب إنسان خطئاً ما يعلم أنه وراءه إنسان ما يعلم أن ثم إنسان وراء هذا الحائل فرمى يريد صيداً فأصاب إنسان يعلم أو لا يعلم؟ نقول لا يعلم، هل يجب عليه الضمان؟ نعم يجب عليه الضمان، لماذا مع كونه كما ذكرنا سابق أن من شروط المُكلف أو المُكلف به العلم به أني كون معلوماً مقدوراً معدوماً ثلاثة شروط والعلم والوسع على المعروف شرط يعم كل ذي تكليف لابد في الحكم الشرعي التكليفي أن يكون الفعل المُكلف به العبد معلوماً له فإذا لم يكن حينئذ لا تكليف لا إيجاب ولا تحريم ولا كراهة ولا ندب، أما الحكم الوضعي فلا، فإذا رمي به شيئاً من خلف الجدار فإذا به نزل على إنسان ومات وجب عليه الضمان، لا يدري نقول لا يشترط فيه العلم. هذه فروق أو أهم ما يُذكر من الفروق بين الحكم الشرعي التكليفي والحكم الشرعي

الوضعي.

ص: 9

قال وضعية عرفنا المراد بوضعية، وهي أربعة وهي الاستقراء الشرع يعني معدودة بالأربعة وهذه المسألة فيه نزاع بين الأصوليين وذكرت لكم أن الأسباب والشروط والموانع متفق عليها أنها أحكام وضعية واختلفوا في العلة والأداة والقضاة والإعادة والرخصة والعزيمة والصحة والفساد، هل هذه أحكام وضعية أم لا؟ هل هي أحكام عقلية أم لا؟ نقول والصواب بأنها أوصاف للحكم التكليفي أما العلة فهي جزء من السبب فهي داخلة في السبب، فبعضها يتداخل مع السبب والشرط والمانع، وبعضها قد يكون مبايناً فيكون وصفاً للحكم التكليفي كما سيأتي في الرخصة والعزيمة، الرخصة والعزيمة تنقسم إلى خمسة أقسام لأقسام الأحكام التكليفية، وضعية وهي أربعة: المُصنف هنا جرى على أنها أربعة بجعل العلة أو بقوله ما يظهر به الحكم جعله قسماً مستقلاً فأدرج فيه العلة والسبب وجعل الشرط والمانع من توابعهما، ثم عنون للمنعقد ثم الثالث الصحة والفساد ثم الرخصة والعزيمة، هذه أربعة، أولاً ما يظهر به الحكم وقسمهم إلى قسمين علة وسبب ثم الشرط والمانع لم يجعله داخلاً في جُملة السبب بل جعله من توابع السبب والعلة يعني مكملاً لهما، ثم جعل المُنعقد نوعاً مستقلاً سماه المُنعقد وسيأتي ثم نوعاً ثالثاً وهو الرخصة والعزيمة، ثم نوعاً رابعاً وهو الصحة والفساد وستأتينا، قال أحدها ما يظهر به الحكم، ما شيء يظهر به الحكم، به الباء سببية هنا أي أن الحكم يظهر ويُوجد بوجود هذا الشيء إن وُجد فثم الحكم الشرعي، ولذلك سُميت هذه المعرفات وسُميت أعلام وسُميت أخبار، لماذا؟ لأنها بوجودها تعلم حينئذ حكم الله، حكم الله في الجملة قد يكون معلوم عندك وجوب الصلاة معلوم صلاة الظهر لكن دخوله الآن هذه الساعة وجبت صلاة الظهر من الذي عرفك بهذا الحكم؟ زوال الشمس، فصارت زوال الشمس هو المُعرِّف وهو المُخبِر وهو الذي أعلمك بوجوب بدخول الصلاة مع علمك بالجمل أولاً، ما يظهر به الحكم أي أن الحكم يظهر ويوجد بوجود هذا الشيء فما يوجد التحريم في الخمر إذا وُجد الإسكار، إذا وُجد الإسكار على تحريم الخمر هو الإسكار كل ما وُجد الإسكار فثم التحريم، أليس كذلك؟ كل ما وُجد الإسكار فثم التحريم، قد يلتبس عليك بعض الأمور المشروبة تقول حلال أو حرام؟ فحينئذ تكتشف أو تعرف بدليل آخر أن هذه المشرب مشتمل على إسكار حينئذ نقول ثبت الحكم إذاً ظهر وبان حكم هذا المشروب بوجود هذا الشيء وهو الإسكار فصار الإسكار حينئذ قد أظهر الحكم الشرعي وهو التحريم، كذلك زوال الشمس أنت يلتبس عليك الآن هل وجبت صلاة الظهر أو لا فتعلم بطريق ما أن الشمس قد زالت فحينئذ ظهر الحكم الشرعي وهو وجوب صلاة الظهر بسبب زوال الشمس إذاً صار زوال الشمس مُظهراً للحكم الشرعي وهو وجود الصلاة صلاة الظهر وصار زوال الشمس كاشفاً ومُعرفاً لك بكون أن الآن هذا الوقت قد وجبت عليك صلاة الظهر، ما يظهر به الحكم وهو نوعان قسمه لك المُصنف إلى قسمين علة وسبب، جعل المصنف هنا العلة مقابلة للسبب وهذا محل خلاف، هل العلة من الخطاب الوضعي أم لا؟ قم هل العلة مرادفة للسبب أم لا؟ ومع علة ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، العلة والسبب قيل هما بمعنى واحد ومع علة ترادف

ص: 10

السبب بمعنى واحد بمعنى أن كل منهما قد جُعل مُعرفاً للحكم سواء كان بين الحكم والوصف مناسبة أو لا، فيكون عاماً، يعني لا تُجعَل العلة وصفاً مناسباً للحكم فيترتب الحكم على وجود هذا الوصف فتكون ثم مناسبة للحكم المناسبة مثل ماذا لو قيل الإسكار علة تحريم الخمر ما هي؟ الإسكار، والحكمة لا ضرر ولا ضرار حفاظاً على عقول الناس، لأن هذه أم الخبائث، فحينئذ حفظاً للأموال وحفظاً للنفوس والأعراض والعقول نقول لهذه الحكمة حُرمت الخمر لوجود الإسكار الذي يُغيب العقل، هل ثم مناسبة يدركها العقل بأن حكم التحريم مناسب لهذه العلة وهي الإسكار أو لا؟ بينهما مناسبة، أما وجوب صلاة الظهر لدلوك الشمس أو لزوال الشمس العقل لا يدرك أن هذا السبب مؤثر في الحكم فيكون بينهما مناسبة، لا نقول لا مناسبة، نقول أن العقل لا يدرك، ويوجد فرق بينهما، لماذا؟ فرق بين أن نقول لا مناسبة بين الزوال ووجوب صلاة الظهر وبين أن نقول العقل لا يدرك المناسبة؟ إذا قلنا العقل لا يدرك المناسبة بين وجوب صلاة الظهر ودلوك الشمس أو زوال الشمس هل هذا التعبير يرفع وجود المناسبة بالفعل أم لا؟ لا يرفعها لأننا نعلم أن أفعال الله عز وجل مُعللة بحكمة وأحكامه الشرعية كلها مُعللة لحكم ومصالح، حينئذ ما يُجعل الشيء مرتباً على شيء إلا لحكمة، نحن ما نعلم ما أدركنا لا من جهة النص ولا العقل يستنبط أن ثم مناسبة بين زوال الشمس ووجوب صلاة الظهر، إذاً لا نمنع المناسبة لكن باعتبارنا نحن كباحثين في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم نقول هذا لم تظهر لنا مناسبة فحينئذ يُعبَر تعبيراً دقيقاً فيُقال العقل لم يُدرك تأثير زوال الشمس في وجوب صلاة الظهر، ولا نقل أن وجوب صلاة الظهر مع زوال الشمس لا مناسبة بينهما، فحينئذ من قال بأن السبب والعلة مترادفان بمعنى واحد عمم معنى العلة وعمم معنى السبب فحينئذ كل من العلة والسبب ينقسم إلى قسمين ما يكون بينهما مناسبة بين الوصف والحكم وما لا يكون بينهما مناسبة لأن زوال الشمس هذا يعتبر وصفاً، هل ثم مناسبة ظاهرة بين وجوب صلاة الظهر وهذا الوصف؟ العقل لا يدرك، الإسكار مع التحريم؟ نقول العقل أدرك، إذاً كل منهما يشمل النوعين وبعضهم فرَّق بينهما جعلهما متباينين كل منهما مباين للآخر، فجعل العلة مختصة بالوصف الذي له أثر في الحكم الشرعي كالإسكار مع التحريم وجعل السبب ما لا تُدرك علته بالعقل كالزوال مع وجوب صلاة الظهر، إذاً رجع إلى القسم الأول وهو عند القائلين بالترادف بين السبب والعلة فقال لا نفصل بين العلة والسبب، فنجعل العلة مختصة بما أثر في الحكم الوصف المؤثر في الحكم أو الوصف الذي أدرك العقل ترتب الحكم على هذا الوصف فنسميه علة. ونأتي إلى السبب فنجعله مُقيدَاً بوصف لا تظهر مناسبته بينه وبين الحكم عقلاً من جهة العقل لا من جهة الواقع، إذاً جعل العلة مُباينة للسبب، ما كان الوصف مناسباً ومؤثراً في الحكم سماه علة وما كان الوصف لا يظهر تأثيره في الحكم كالزوال مع وجوب الصلاة قال هذا نسميه سبباً، وهذا منسوب لمذهب أبي حنيفة وأتباعه.

ص: 11

القول الثالث ونُسِب إلى أكثر الأصوليين أن بينهما عموماً وخصوصاً مطلقاً فكل علة سبب ولا عكس، العموم والخصوص المطلقة، ومع علة ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، ومع علة ترادف السبب هذا قول منسوب لأبي حنيفة مترادفات بمعنى واحد والفرق بعضهم إليه قد ذهب، بعضهم فرَّق وهذا يدخل تحته قولان، إما أن يُجعَلا متباينين وإما أن تُجعَل العلة أعم من السبب، فيكون السبب أعم من العلة تكون العلة خاصة بالوصف المناسب للحكم ويكون السبب أعم شاملاً للوصف المناسب للحكم والوصف غير المناسب للحكم، أيهما أعم؟ السبب، فكل علة سبب ولا عكس، لماذا؟ لأن السبب يشمل نوعين، الوصف المناسب للحكم والوصف غير المناسب للحكم، الوصف المناسب للحكم كالإسكار للتحريم والوصف غير المناسب للحكم كالزوال مع وجوب صلاة الظهر، كل منهما يُطلق عليه سبب فحينئذ نقول الإسكار علة وسبب للتحريم علة وسبب للتحريم، زوال الشمس علة وسبب لوجوب صلاة الظهر، لماذا؟ كل منهما يسمى على وسبب ولكن العلة تختص بالوصف المناسب للحكم، فحينئذ يصدق أن يكون بينهما العموم والخصوص المطلق، كل علة سبب ولا عكس، لا يُطلَق العلة إلا على ما كان ثم مناسبة بين الوصف والحكم، الإسكار نقول هذا علة للتحريم، زوال الشمس نقول هذا علة وسبب لوجوب صلاة الظهر، هذا مثالاً صحيحاً، أن نقول زوال الشمس علة وسبب لوجوب صلاة الظهر والإسكار علة لتحريم الخمر. وهو نوعان علة وسبب.

ص: 12

قال (إما عقلية أو شرعية) يعني قسم لك العلة إلى علة عقلية وعلة شرعية فذكر لك مثالاً للعلة العقلية، عقلية نسبة إلى العقل، عقلية أي ما أوجب الحكم لكنه من جهة العقل أن يكون ثم تلازم بين المعلول والعلة ولكنه من جهة العقل كالكسر للانكسار، ما أوجب حكماً عقلياً لذاته يعني لا باعتباره أمر خارج عنه كاصطلاح أو جعلي حينئذ يختلف الحكم فلا تصير حكمة عقلية، ككسر الانكسار، الكسر هذا علة للانكسار كلما وُجد الانكسار لابد وأن يكون ثم كسر لأن التلازم هنا هو عقلي الذي حكم بوجوب الكسر أو الذي حكم بترتب الانكسار على وجود الكسر هو العقل، إذاً من جهة العقل نحكم بأن الكسر علة للانكسار وأن الانكسار معلول للكسر كالتحريم بالنسبة للإسكار في العلة الشرعية، أما من جهة العقل فهي ما أوجب حكماً عقلياً لذاته ككسر لانكسار كالكسر للانكسار كما مثل المصنف هنا، والتسبيب الموجب أي المؤثر للسواد لو أخذ لوناً أسود ثم سوَّد به موضعاً لزم منه أن يكون هذا الأثر وهو السواد حالاً في الموضع الذي سوَّده إذاً عندنا تسويد وسواد، السواد أثر التسويد إذا حصل التسويد إذاً هو كالكسر لابد وأن يترتب عليه الانكسار من جهة العقل والتسويد لابد أن يترتب عليه أثره وهو الكسر من جهة العقل والتحريك بالنسب للحركة إذا حركت شيئاً ما لابد أن يتحرك هذا معلول وهذه علة هل يمكن أن توجد التحريك ولا يوجد الحركة؟ قالوا لا في الأصل ولو مُنعت فحينئذ يكون لأمر خارج عن العلة كذلك التسكين بالنسبة للسكون إذا حصل التسكين أوجب السكون، تسكين الشيء وهو مُتحرك فتسميك به فحينئذ هذا يسمى تسكيناً، أثره الذي هو السكون، هنا نقول ما اوجب حكماً لكنه من جهة العقل، التلازم هنا بين الكسر والانكسار حكم العقل والتلازم بين التسويد والسواد حكم عقلي، والتسكين والسكون والتحريك والحركة هذه عقلية.

ص: 13

أو شرعية وهذا الذي يعنينا، أو شرعية أي تكون مأخوذة من الشرع منسوبة إلى الشرع والمراد بها العلة في اصطلاح أهل الشرع، ما هي العلة في اصطلاح أهل الشرع؟ نقول العلة لها معنيان معنى لغوى ومعنى اصطلاحي أما العلة لغة فهي ما اقتضى تغييراً، كل ما اقتضى تغييراً يسمى علة، كل ما ترتب عليه تغيير سُمي علة ولذلك سُمى المرض علة، لماذا؟ لأنه يحصل تغيير من الصحة القوة إلى المرض والضعف، إذاً اقتضت هذه العلة تغييراً في بدن الإنسان من القوة إلى الضعف ومن الصحة إلى المرض، وأما في الاصطلاح فقال: قيل: يعني قال بعض الأصوليين في حد العلة الشرعية، إنها المعنى الذي علق الشرع الحكم عليه: وهنا المعنى لا يقصدون به المعنى المناسب، وإنما يقصدون به كل وصف علَّق الشرع الحكم عليه، فالإسكار معنى ورُتب عليه الحكم الشرعي وبينهما مناسبة كذلك الزوال معنى والحيض معنى والنقاء معني كل هذه الأسباب والشروط والموانع تعتبر معنى، لأنها ليست بأمور حسية في الأصل ليست بأمور حسية وإنما هو اعتبار لأمر حسي، إن المعنى الذي علَّق الشرع الحكم عليه وأناطه به فتكون العلة حينئذ أمارة وعلامة على وجود الحكم الشرعي وثبوته في جميع محاله كالإسكار في الخمر علامة على وجود الحكم وهو التحريم، وكالزوال علامة على وجوب صلاة الظهر فحينئذ قوله المعنى الذي علق الشرع الحكم عليه هذا تعريف نُسب للمُتكلمين ولكن الكثير ينسبون إلى المتكلمين أنه ليس ثم اقتضاء العلة للحكم يعني العلة لا تكون مُقتضية للحكم بمعنى أن هذه المسألة مرتبة على أحكام الرب جل وعلا وأحكامه الشرعية، هل هي مُعللة أم لا؟ هذا فيه نزاع عند أهل السنة والجماعة والحق أن الأحكام كلها مُتربة على مصالح للعباد، فحينئذ لا حكم شرعي إلا وثم مصلحة لكن ليست للرب جل وعلا وإنما للعباد، المتكلمون يرون هذا لماذا؟ لأنهم يقولون إذا كان ترتيب الحكم لأجل مصلحة فحينئذ تصير هذه المصلحة مُكملة للمُشرِّع والله عز وجل مُنزَه عن النقص نقول هذا فاسد لماذا؟ لأن بابه قياس الخالق على المخلوق، إذا فعلت أنت أي أمر مع الناس وكان قصدك بهذا الفعل مكاناً أو وجاهة عن الناس هذا صار تكميلاً لك أو لا؟ صار تكميلاً لأنك ناقص وأنت فعلت هذه الأمور من أجل ماذا؟ من أجل ما يترتب من المصالح لك أنت، لكن الرب جل وعلا إذا رتب المصالح على الأحكام الشرعية إنما يكون مردها لمن؟ للعباد، فحينئذ قياس الخالق أو ما يُعبَر عندهم الشاهد على الغائب نقول هذا فاسد قياس فاسد، وقيل: الباعث له على إثباته: الباعث له أي للشرع على إثباته ليس على إتيانه وإنما على إثبات الحكم الشعري هذا، وقيل في حد العلة أنها الباعث له على إتيانه لكن نقول ليس على إتيانه على إثباته تُعدَّل النسخة، الباعث له أي للشرع على إثباته أي على إثبات الحكم الشرعي، الباعث له أي للشرع على إثباته أي على إثبات الحكم الشرعي، كالإسكار بالنسبة للتحريم، ولذلك فُسِر هنا في هذا الموضع بكونها أي هذه العلة مشتملة على حكمة صالحة لأن تكون مقصود الشارع أن تكون هذه العلى التي هي الإسكار ورُتب عليها التحريم تكون مشتملة على مصلحة هذه المصلحة راعاها الشرع نظر إليها فإذا ترتيب الحكم

ص: 14

الشرعي عليها بالتحريم مناسب، إذاً صارت هذه العلة باعثة للشارع ليس المُراد أنها تبعث الرب جل وعلا على أن يُحرِّم – لا – وإنما يُفسَر البعث هنا كونها باعثة تُفسَر بكون هذه العلة مشتملة على مصلحة وإن الله لا يبعثه شيء غير إرادته سبحانه وتعالى {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} القصص68، {وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الرعد41 فحينئذ تكون هذه العلل التي رُتب عليها الأحكام الشرعية تكون باعثة بمعنى أن فيها مصلحة رُوعيت وجُعلت مناسبة للحكم الشرعي وبهذا تُفسَر الباعث هنا، كالقتل العمد فإنه باعث للشرع على شرع القصاص حفظاً للنفوس أليس كذلك نقول القصاص هنا حكم شرعي علته ما هي؟ حفظ النفوس {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ} البقرة179، إذاً في القصاص حياة، فكون الشرع رتب القصاص على القتل العمد بعدوان نقول هذه وهي حفظ النفوس علة باعثة بمعنى أن فيها مصلحة واضحة بيِّنة لترتيب الحكم وهو وجوب القصاص على القتل العمد العدوان، وكذلك الزكاة وجوب الزكاة هي حكمة وهو مواساة الفقراء، إذاً مواساة الفقراء هذه مصلحة جُعلت مرتباً عليها الحكم الشرعي وهو وجوب الزكاة، وهذا المراد بقوله (الباعث على إثباته)، قال وهذا أولى: يعني الأخير، لماذا؟ لأن الأول منسوب للمتكلمين وهم يرون عدم تعليل أحكام الرب جل وعلا، ولذلك يقوون وُجد المُسَبب عند السبب لا به، لماذا؟ لأنهم يذكرون تأثير الأسباب في المُسببات، وُجد عنده لا به هذا تعبير الأشاعرة ويدخل في كتب الأصوليين لأن أكثرهم أشاعرة فحينئذ لا يجعلون ثم مناسبة بين السبب والمُسَبب ولا يجعلون أن للسبب تأثيراً بجعل الله عز وجل في المُسبب بل يقولون السبب مخلوق مستقل لا تأثير له في مسببه والمُسَبب مخلوق مستقل أبداً لم يترتب على السبب من شيء، كل منهما مستقل ولذلك يقولون كسر زجاج عند الكسر عند الحجر ولم ينكسر بالحجر يعني لو رميت حجر في الزجاج فانكسر قالوا انكسر الزجاج عند الحجر لا به، هذا كيف هذا؟ ما يُقبَل لأن قلت أن الحجر هو الذي كسر الزجاج إذاً الانكسار مخلوق ومن الذي خلقه؟ هو الحجر، هذا صحيح؟ لا، نقول الله عز وجل جعل تأثيراً في الحجر هذا التأثير موجود في قوى خاصة جعلها الله عز وجل بخلقه، جعل الانكسار مُسَببا عن الحجر ولا يخرج عن خلق الله عز وجل كما جعل للإنسان الضعيف له أفعال له إرادة له اختيار حينئذ كونه يفعل ويُقدم على الشيء ويُمسك حينئذ نقول هو خالق

لأفعاله؟ لا، نقول له قدرة وله اختيار وله إرادة لكنها ليست خارجة عن إرادة الرب جل وعلا.

ص: 15

إذا قوله (وهذا أولى) يقصد به أن تعريف العلة بأنها الباعث للشرع على إثبات الحكم أولى من الأول، لماذا؟ لأن فيه ربط الأحكام الشرعية بالعلل، وحينئذ لا مانع أن يُقال الشرع مُعللة للرب جل وعلا، وإن كان بعضهم يُعبر بالأغراض لكن هذا يُترك هنا في هذا الموضع، ثم قال (وسبب) إذاً عرفنا حد العلة أنها المعنى الذي علق الشرع الحكم عليه أو أنها الباعث له على إثباته، ثم قال (وسبب) هذا عطف على وقله وعلة، أي والقسم الثاني مما يظهر به الحكم هو السبب، والسبب لغة ما تُوصِل به إلى غيره، قال جوهري السبب الحبل، {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء} الحج15، يعني بحبل، وكل شيء يُتوَصل به إلى أمر من الأمور، قيل هذا سبب وهذا مُسَبب عن هذا، إذاً عندنا أمران سبب ومُسَبب، وأما في الاصطلاح الشرعي فالسبب ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته، ما يلزم من وجوده وجود السبب وجود الحكم الشرعي الذي هو المُسَبَب كالزوال بالنسبة لوجوب صلاة الظهر، يلزم الوجوب الزوال وجود المُسَبَب وهو الحكم الشرعي وهو وجوب صلاة الظهر، يلزم من وجود النصاب في الزكاة وجوب الحكم الشرعي وهو وجوب الزكاة، إذاً ما يلزم من وجوده الوجود هذا هو السبب، ومن عدمه العدم ومن عدم السبب يلزم منه عدم الحكم الشرعي، عدم دخول أوقات الصلاة يلزم منه ويترتب عليه عدم وجوب الصلوات المكتوبة، عدم النصاب يلزم منه عدم وجوب الزكاة، إذاً ثم تلازم وجوداً وعدماً في السبب والمُسَبَب، كل سبب إذا وُجد لابد وأن يوجد مُسَبَبه، كل سبب إذا عُدم لابد وأن ينعدم مُسَبَبه أو يُعدم مسببه، إذا بينهما تلازم في الوجود والعدم، ما يلزم من وجوده الوجود نقول هذا احترز به عن الشرط لأن الشرط لا يلزم لوجوده الوجود، الطهارة لا يلزم منها وجود الصلاة قد يتطهر ويتوضأ ولا يصلي ولا تجب عليه الصلاة، حينئذ نقول احترز بقوله ما يلزم بوجوده الوجود عن الشرط، لأنه لا يلزم من وجوده الوجود، بخلاف السبب، يلزم بوجوده الوجود، ومن عدمه العدم هذا احترز به عن المانع، المانع لا يلزم من عدمه وجوداً ولا عدم كالدين بالنسبة للزكاة، نقول هو مانع على قول بعض الفقهاء الدين مانع لكن هل يلزم من عدم المانع وجود أو عدم قد يُعدَم الدين لا تجب عليه الزكاة لأنه فقير أليس كذلك؟ قد يُعدَم الدين وتجب عليه الزكاة، إذاً قد يُعدَم المانع ولا يلزم منه إثبات حكم أو نفي، لذاته هذا للاحتراز عن السبب الذي لا يلزم لوجوده الوجود، قلنا السبب لابد أن يلزم لوجوده الوجود أليس كذلك؟ كلما وُجد السبب وُجد المُسَبَب، قد يوجد السبب ولا يوجد المُسَبَب ينتفي هل هو نقض لهذا التعريف؟ نقول لا، مثاله النِصاب بالنسبة للزكاة، قلنا إذا وُجد النصاب ترتب عليه وجوب الزكاة لكن هذا ليس لذاته وإنما قد يوجد النصاب ولا تجب الزكاة، متى؟ لفقدان شرطه لأن شرط الزكاة مع وجود السبب وهو النصاب الحولان، إذاً هنا لم يترتب على السبب مُسَببه، هل هو لذاته أو لفقدان شرط؟ لفقدان شرط، إذاً قوله لذاته أي لذات السبب ضمير يعود إلى السبب، أخرجنا ما لو قارن السبب فقدان الشرط كالنِصاب مع عدم الحول، حينئذ وُجد السبب ولم يترتب عليه المُسَبب هل نقول هذا طعن

ص: 16

في السبب؟ نقول لا، هنا وُجد السبب ولم يترتب عليه أثره وهو المُسَبب لفقدان شرط وهو الحَول، أو ما قارن السبب وجود مانع مثل ماذا؟ لما قلنا الدين مانع من الزكاة عند بعضهم قد يوجد السبب وهو بلوغ النصاب ويحول عليه الحول يعني مع شرطه ولا تجب الزكاة، لماذا؟ لوجود مانع، إذاً قارن السبب وجود مانع وهو الدين، وقارن السبب فوات شرط فحينئذ إذا فات السبب يعني مُسَببه لفقدان شرط أو وجود مانع لا يمنع من كونه سبباً لماذا؟ لأن عدم ترتب المُسَبب على السبب هنا لا لذات السبب وإنما لأمر خارج عنه وهو إما فقدان شرط أو لوجود مانع، هذا هو حد السبب ما يلزم من وجوده الوجود، لابد إذا وُجد السبب أن يترتب عليه مُسَببه، ولا يلزم من عدمه ومن عدمه العدم، إذا عُدِم السبب لابد وان ينعدم أو يُعدَم المُسَبب، هذا الأصل في السبب، قد يوجد السبب ولا يوج المُسَبب، قد يُعدَم السبب ويُوجد المُسَبب، قد يوجد السبب ولا يوجد المُسَبب، قد يوجد السبب ويوجد المُسَبَب هذا الأصل ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، لو قارن السبب وجود مانع هل يترتب عليه أثر المُسَبَب؟ الجواب لا، إذاً وُجد السبب ولم يترتب عليه المُسَبب لوجود مانع، قد يوجد السبب ولا يترتب عليه أثره لفقدان شرطه، إذاً في الحالين السبب موجود، لأنه إذا انتفى السبب حينئذ لا إشكال في انتفاء المُسَبَب، إذا لم يدخل وقت الصلاة حينئذ لا نقول لم وجبت الصلاة، لأنه لا يمكن أن تجب الصلاة إلا إذا وُجد السبب، فحينئذ قوله لذاته عائداً على الأول وهو وجود السبب مع عدم ترتب المُسَبَب إما فقدان وفوات شرط وغمام لوجود مانع، هذا هو حد السبب عند الأصوليين. وسبب وقد استعمله الفقهاء في ما يقابل المباشر يعني يريد أن يبين لك أن السبب له مطلقات أربعة عند الفقهاء، يعني له استعمالات مصطلحات مختلفة يُطلق مراداً به كذا ويُطلق في موضع آخر مراداً به كذا بمعنى أنه ليس كل مر رأيت لفظ السبب فتفسره بهذا الذي ذكرناه الآن، وإنما الاصطلاحات تختلف كالمًفرد عند النحاة. لابد أن نربط بين الأصول والنحو. المفرد في باب الإعراب له معنى في باب المبتدأ والخبر له معنى في باب لا له معني والمُنادى كذلك، إذا قلت هذا مُفرد تفسره بأي شيء؟ بحسب السياق، حينئذ اختلف معنى الُمفرد اختلاف الأبواب، وهنا أيضاً يختلف معنى السبب باختلاف الأبواب، وقد استعمله أي لفظ السبب لا بمعناه السابق وإنما بمعنى آخر ولذلك نقول استعمله أي لفظ السبب نرده إلى اللفظ لأن المعنى هو الذي سيُستعمَل فيه فيما يذكره من المعاني الأربعة.

ص: 17

وقد استعمله الفقهاء أي استعار الفقهاء لفظ السبب فيما يُقابل المباشر، كالحفر مع التردية كالحفر هذا مثال كالحفر فيم ما هو الذي يسبق على الحافر؟ الذي يُقابل المباشر أول شيء تقول المباشرة كالحفر حفر بشر مع التردية بمعنى الدفن، مثاله لو حفر زيد بئراً في الطريق حفر بئر عميق فجاء هذا زيد هو الحافر فجاء عمرو فدفع بكراً فأسقطه في البئر فمات، عندنا حافر وعندنا مباشر وعندنا مقتول، المقتول انتهى رحمه الله بقي الحافر والدافع الذي يسمى المباشر إذا عندنا حافر ومباشر، قال هنا استعمله الفقهاء يعني أطلقوا اللفظ على ما يقابل المباشر، من الذي يقابل المباشر؟ الحافر، إذاً سمى الفقهاء الحافر في هذا المثال سموه سبباً، لماذا؟ لأن الحفر سبب والتردية علة لأن الهلاك بها لا بالحفر الموت وقع لبكر بم بالحفر أو بالدفع؟ بالدفع وإن كان الأصل أن الموت حصل بالاثنين، لماذا؟ لأنه لو وقع تردية بلا حفر هل وقع موت؟ قد لا يقع الموت لكن حفر الغالب أنه موت، لو حفر ولم تحصل تردية هل يقع موت؟ لم يقع موت، إذاً في الحقيقة أن الذي حصل به الموت مُشترك بين الاثنين، لكن الفقهاء إذا اجتمع متسبب ومباشر من الذي يضمن؟ المباشر، وأما السبب والمتسبب هذا انقطع حكمه، فحينئذ في مثل هذا الترتيب قالوا المباشر وجب عليه الضمان وأما الحافر فهذا ليس عليه حكم ولا يُرجع إليه إلا عند عدم إمكان تضمين المباشر، إذا أمكن تضمين المباشر فلا إشكال هو الذي يجب عليه الضمان، وإذا لم يُمكن رجع به إلى السبب، مثلوا لذلك ما إذا ألقى شخصاً في بحر فأكله الحوت، الضمان على من؟ الأصل على الحوت، هذا الأصل لأن هو المباشر، وذاك سبب الذي دفع هذا كالذي حفر والحوت كالذي دفع فهو المباشر، الأصل في الحوت أنه هو المباشر هو الذي وقع به الهلاك هو على الهلاك وأما الدفع الذي دفع فهذا الأصل أنه لا يضمن، لكن لما تعذر تضمين المباشر وهو الحوت رُجع به إلى السبب، إذا من إطلاقات الفقهاء لفظ السبب على ما يُقابل المباشر، قال كالحفر مع التردية فأول سبب الذي هو الحفر وثان علة الذي هو التردية، فالحفر سبب والتردية علة، لماذا التردية علة؟ لأن الهلاك بها لا بالحفر، هذا من باب التجود وترتيب الأحكام الشرعية وإلا فالأصل فأن العلة مركبة من السبب والمباشر، هذا الذي يُطلق عليه سبب في إطلاق الفقهاء وهو النوع الأول، النوع الثاني يطلق السبب على علة العلة، قال كالرمي في القتل للموت، الرمي هو علة أليس كذلك؟ يعني سبب للقتل، والموت هذا مترتب على أي شيء؟ على الرمي على الإصابة من أين أتيتم بالإصابة؟ الرمي سبب للإصابة والإصابة هي علة الزهوق زهوق النفس، إذاً عندنا علة وعندنا علة العلة، الزهوق هذا معلول والإصابة علة سببها الرمي علة العلة تسمى سبباً على العلة الذي هو الرمي الذي ترتب عليه الإصابة الذي ترتب على الإصابة الزهوق والموت سُمى سبباً أطلق الفقهاء عليه بأنه سبباً، إذاً وفي علة العلة يعني يُطلق لفظ السبب على علة العلة كالرمي فإنه يُمسى سبباً وفي الحقيقة ليس هو علة وإنما هو علة العلة يعن سبب العلة، إذا رجعنا إلى المعاني كالرمي في القتل للموت لأن الرمي ليس هو العلة في الأصل وإنما

ص: 18

الإصابة هي علة الزهوق رماه فأصابه فمات، رماه لأن ليس كل رمي يقتل، لو كان كل رمي يقتل حينئذ تعيَّن أن يكون قتل حصل بالرمي، لكن المعلوم حساً ليس كل رمي يكون قاتل وإنما بعضه يكون قاتل وبعضه ليس بقاتل، إذاً هو ليس بعلة، وإنما العلة هي الإصابة، أًصيب إصابة موت فموت، فحينئذ نقول أُطلق السبب على الرمي وليس هو علة وإنما هو علة العلة، هذا الإطلاق الثاني.

ص: 19

الثالث قال يُطلق السبب أو استعمل الفقهاء السبب في العلة بدون شرطها يعني إذا وُجد السبب الذي هو ملك النِصاب ولم يحل عليه الحول حينئذ ماذا نسمي النصاب؟ نسميه سبباً يُمسى سبباً عند الفقهاء، قال وفي العلة بدون شرطها يعني إذا وُجدت العلة الشرعية وفات شرطها حينئذ سمى الفقهاء هذه العلة بالسبب، وهذا بناءاً على التفرقة بين السبب والعلة هذا القول يجري على من فرَّق بين العلة والسبب وغلا لو كان مترادفين حينئذ يُقال يطلق السبب على العلة وإنما يكون أصالة في الاصطلاح أن كل منهما يُمسى على ويُسمى سبباً يطلق عليه أنه علة ويُطلق عليه أنه سبب، إذاً قوله في العلة الشرعية بدون شرطهاً هذا يتمشى على قول من فرَّق بين السبب والعلة، بل بعضهم جعل هذه التفرقات الأربعة أو المعاني ألربعة خاصة بالأحناف، بدليل قوله وقد استعمله الفقهاء وإذا أُطلق الفقهاء في باب الأصول عنوا به الأحناف لأن طريقة طريقتان طريقة الفقهاء وطريقة المتكلمين، فإذا أطلق المتكلمون المالكية والشافعية والحنابلة الفقهاء أرادوا به الأحنف، حينئذ يُحمل هذه المعاني الأربعة التي أُطلق عليها السبب أنها في اصطلاح الأحناف فحسب دون غيرهم، لكن أنه يُطلق في مقابل المباشر ليست خاصة بالأحناف لكن هذه المسألة وبالعلة بدون شرطها هذا يختص بالأحناف، وفي العلة نفسها يعني استعمله الفقهاء استعملوا لفظ السبب في العلة نفسها أي العلة كاملة وهذا عندما تكون العلة مركبة من أجزاء لأن العلة قد تكون شيئاً واحدة كالإسكار وقد تكون مركبة وقد تكون متعددة تختلف، تكون شيئاً واحداً كالإسكار وهو واضح، وتكون مركبة كالقتل العمد العدوان قصاص متى يكون هل كل قتل يترتب عليه القصاص؟ الجواب لا، لو خطئاً لم يترتب عليه القصاص، لو كان قتلاً عمداً لكنه في حد وقصاص لم يترتب عليه القصاص، إذاً نقول هذه علة ذات أجزاء وقد تكون متعددة كالوضوء يجب بماذا ما هي أسباب الحدث؟ قد يكون نوماً وأكلاً للحم الجذور والخارج من السبيلين، إذا اجتمعت هذه علة واحدة أو علل؟ هي علل ليست علة واحدة، هذه علل لأن الواحد منها يكفي في ترتب الحكم الشرعي عليها، قد يوجد أكل لحم الجَذور فقط إذاً هو علة، لو قلت علة مركبة حينئذ إذا وُجد جزءاً منها لم يترتب عليها الحكم الشرعي مثل العلة المركبة القتل العمد العدوان هذه لو وُجد قتل عمد لا عدوان وإنما كان بحق وُجد جزء العلة هل يترتب عليه الحكم؟ لا يترتب، إذاً وجود جزء العلة المُرَكبة من عدة أشياء لا يترتب عليه الحكم إلا ما يترتب الحكم إذا وُجدت العلة بمجموعها، أما إذا قلت علل مُتعددة فحينئذ إذا كان عندنا ثلاثة علل نوم وأكل لحم جذور وخارج من السبيلين لو قلت هذه علة واحدة حينئذ لو وُجد النوم لوحده لم يترتب عليه الحكم الشرعي، وإنما نقول العلل المتعدية تستقل كل علة بترتب الحكم الشرعي عليها، والعلة المركبة لا المركبة بالأجزاء قالوا هذه تشمل العلة العقلية، هنا قال وفي العلة نفسها أي العلة كاملة وهي المجموع المركب من مقتضيه يعني مقتضي الحكم وشرطه وانتفاء المانع ووجود الأهل والمحل كالقتل للقصاص فإنه سبب وعلة أيضاً، القتل للقصاص نقول هذه علة مركبة من عدة أجزاء أطلق

ص: 20

الفقهاء اسم السبب على هذه العلة نفسها وأطلقوا على كل جزء من أجزائها أنه جزء سبب كما نص عليه المُصنف، ولذا لهذا الإطلاق أنهم أطلقوا السبب على العلة كاملة وهي ذات أجزاء ولذا سموا أي الفقهاء الوصف الواحد من أوصاف العلة يعين الجزء والواحد من أجزاء العلة كالعمد فقط والقتل فقط والعدوان فقط سموه جزء السبب، لماذا؟ لأن العلة كلها هي سبب وجزء السبب حينئذ يُسمى جزء السبب، لماذا؟ لأنها مُؤلَفة من ثلاثة أجزاء والقتل جزء من هذا الكل والعدوان جزء من هذا الكل، إذاً صار جزء سبب. هذه أربعة علاقات للفظ السبب عند الفقهاء أنه يُطلق على ما يقابل المباشر، ويُطلق على علة العلة كالرمي بالنسبة للقتل ويُطلق على العلة دون شرطها ويُطلق على العلة كاملة إذا كانت ذات أجزاء وكل جزء منها يطلق عليه بأنه جزء سبب، هذا عند الفقهاء في كتب الفقه أما عند الأصوليين فلا، وإنما السبب الشرعي هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم ذاته، إذاً هل ينبني على ذكر هذه المسألة هنا فائدة أصولية؟ الجواب لا، وإنما إذا قرأت في كتب الفقهاء فحينئذ تتنوع كلمة السبب بتنوع أرباب المذاهب والأبواب المختصة بها، ثم قال ومن توابعهما أي توابع العلة والسبب الشرط والمانع، الشرط هذا من التوابع جعله المصنف هنا من توابع العلة والسبب والمانع كذلك جعله من توابع العلة واسبب، وإن كان كثيراً من الأصوليين يجعلون السبب والشرط والمانع كل منهما متبايناً، يعني كل منهما مغايراً للآخر.

ص: 21

قال ومن توابعهما الشرط بإسكان الراء وهو إلزام إلزام الشيء والتزامه، وجمعه شروط وشرائط وإن كان كثير من الأصوليين يفسر الشرط هنا بالعلامة وقد جاء أشراطها أي علاماتها، وسُمي الشرط علامة لأنه علامة على المشروط إذا وُجد وُجد وإذا انتفى انتفى، إذاً الشرط علامة على المشروط، وإن كان بعضهم ينكر أن يكون الشرط بإسكان الراء هو بمعنى العلامة عند الأصوليين، وأجاب الطوخي بأن الشرط هو مُخَفَف عن الشَرَط فإذا صح أنه من لغة العرب الشرط مُخفَف عن الشَرَط فحينئذ لا إشكال في تفسير الشرط هنا بالعلامة، وإن لم يكن كذلك فحينئذ لا يصح تفسير الشرط هنا بكونه العلامة، وإنما يُقال الإلزام الإلزام بالشيء والتزامه، والشرط في الاصطلاح حده ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدمه لذاته، إذاً عُدِمت الطهارة عُدمت الصلاة لا تصح الصلاة لماذا؟ لفوات الشرط، إذاً يلزم من عدم الشرط عدم المشروط أو الطهارة، يلزم من عدم الحول عدم وجوب الزكاة، إذاً ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود قد يوجد الحول ولا يلزم منه وجوب الزكاة قد توجد الطهارة ولا يلزم منها وجود الصلاة، قد يتطهر ولم يدخل الوقت، إذاً ما لزمته الصلاة، قال ذاته سيأتي تفسير لذاته، ما يلزم من عدمه العدم نقول أخرج المانع لأن المانع لا يلزم من عدمه شيء البتة المانع هذا ضابط لا يلزم من عدمه شيء البتة كما قلنا في الدين، الدين باعتبار الزكاة، إذا عُدِم الدين ماذا نقول؟ لا يلزم من عدم الدين وجوب الزكاة لأنه قد يكون فقيراً ليس عليه دين، هل كل من ليس عليه دين وجب عليه الزكاة؟ نقول لا قد لا يكون غنياً قد يكون فقيراً، وكذلك قد يُعَدم الدين وتجب الزكاة، إذاً لا يلزم من عدم المانع وجود ولا عدم لا يلزم العدم المانع عدم الدين وجوب الزكاة أو انتفاء وجوب الزكاة، إذاً أخرج بقوله ما يلزم من عدمه العدم المانع، ولا يلزم من وجوده الوجود هذا أخرج السبب لأن السبب يلزم من وجوده الوجود، وكذلك المانع لأن المانع يلزم لوجوده العدم، كالحيض عدم صحة الصلاة، لذاته احترز به عن مقارنة الشرط وجود السبب، قلنا الحول هذا شرط لا يلزم من وجود الحول وجوب الزكاة، لكن لو وُجد السبب وهو النصاب لزم أو لا يلزم؟ يلزم، هل لزم لذات الشرط أو لأمر خارج؟ لأمر خارج وهو وجود السبب، فإذاً لو قارن الشرط وجود السبب لزم منه الوجود والأصل في الشرط لا يلزم من وجوده الوجود، لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط هذا هو الأصل فيه، لكن إذا وُجد السبب مع وجود الشرط نقول لزم الوجود لا لذات الشرط وإنما لأمر خارج عنه وهو وجود السبب، إذاً لذاته احترز به عما لو قارن الشرط وجود السبب، فليزم الوجود على خلاف الأصل في الشرط وهو عدم لزوم الوجود، أو مقارنة الشرط للمانع فيلزم عدم الوجود، لو قارن الشرط المانع مثل ماذا؟ الحول مع الدين، يلزم الوجود أو لا يلزم؟ لا يلزم، إذا وُجد الشرط وهو الحول ووُجد المانع ما الذي يترتب؟ عدم لزوم الشرط، أو مقارنة الشرط المانع فيلزم عدم الوجود لكن لا لذاته بل لأمر خارج عنه وهو مقارنة السبب أو قيام مانع، إذاً قد لا يُؤثر الشرط شيئاً في المشروط، متى؟ إذا قارنه مانع، وقد

ص: 22

يلزم من وجود الشرط وجود المشروط إذا قارنه وجود السبب، هنا قال مثلاً تمام الحول في الزكاة شرط، إذا قارنه وجود السبب فإنه يلزم وجود الزكاة، تمام الحول شرط، إذا قارنه وجود النصاب لزم منه وجود الزكاة، لا لذات الشرط بل لوجود السبب وإذا كان عليه دين مع الحول يلزم منه عدم وجوب الزكاة لا للشرط بل لقيام المانع، هذا هو الشرط في اصطلاح الأصوليين.

ص: 23

قال الشرط وهو ما يتوقف على وجوده إما الحكم أو عمل العلة، قسَّم لك الشرط إلى قسمين شرط الحكم وشرط العلة، قال الشرط وهو ما يتوقف على وجوده قسمان إما الحكم كالإحصان الحكم الذي هو حكم الجلد متوقف على الإحصان إن وُجد الإحصان ترتب عليه الحكم وهو وجوب الرجم، هذا يُسمى شرط حكم الذي يسميه البعض شرط الوجوب، والذي أخذناه سابقاً ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، قد يتوقف إيجاب الشيء من جهة الشرع على أمر خارج، الأمر الخارج يقول هذا شرط في الحكم يعني لا يتم تكليف المُكلف إلا إذا وُجد هذا الشرط، وهو ما يتوقف على وجوده يعني شرط الوجوب ما يصير الإنسان به مُكلفاً قالوا كالنقاء من الحيض قالوا شرط في وجوب الصلاة، شرط الوجوب ما به يُكلف وعدم الطلب فيه يُعرف مثل دخول الوقت والنقاء وكبلوغ بعث الأنبياء، إما الحكم كالإحصان للرجم، الإحصان مُراد به الوطء في نكاح صحيح هو الإحصان المعتبر الوطء في نكاح صحيح، للرجم أي لترتب حكم الرجم وهو وجوبه لا نقول وجب الرجم إلا إذا وُجد شرطه حينئذ وجوب الرجم وهو الحكم له شرط يُسمى شرط الحكم، إن وُجد ترتب الحكم وإلا فلا، ويسمى شرط الحكم أو القسم الثاني عمل العلة إذا لم تثبت العلة وهو شرط العلة كالإحصان مع الزنا، قالوا الزنا هذا علة وسبب للرجم للحد مطلقاً وللرجم خاصة، الإحصان هذا عمل العلة وهو الزنا وتأثيرها في الحد وهو الرجم إذا عُيِّن الرجم لا يمكن أن يعمل عمله إلا إذا وُجد الشرط وهو الإحصان، هناك جُعل الإحصان شرطاً للحكم نفس الرجم وهنا جُعل الإحصان عملاً لتأثير العلة وهي الزنا لأن الزنا يُسمى سبباً ويُسمى علة، يترتب على وجود الزنا الرجم، لا يمكن أن تؤثر هذه العلة أثرها في إيجاب الرجم إلا بوجود الإحصان، إذاً عمل العلة مرده من حيث المعنى إلى شرط الحكم، ولذلك التفريق بينهما عسير لماذا؟ لأن جَعل العلة هي الزنا هي عينها ما يترتب على ألإحصان من الرجم وعدمه لأ، الإحصان ليس معتبراً لوحده وإنما مُعتبراً بشيء آخر وهو وجود الزنا، ولذلك ما كان محصناً ولم يفعل شيء من هذه الفواحش هل يترتب حد أو لا؟ نقول لا يترتب عليه حد لماذا؟ لأنه وُجد الإحصان مع عدم وجود العلة التي هي أو السبب التي هي الزنا، فحينئذ نقول التفريق بين شرط الحكم وعمل العلة هذا يكاد يكون مجرد اصطلاح فقط وإلا مردهما إلى شيء واحد، ولذلك قال أو عمل العلة يعني يتوقف وجود عمل العلة على وجوده كالإحصان مع الزنا، ولذلك مثَّل بالإحصان في الموضعين في شرط الحكم وفي عمل العلة، وإنما غاير في المشروط، جعل المشروط هناك الرجم وجعل المشروط هنا الزنا، أو عمل العلة يعني أو ما يتوقف على وجوده عمل العلة وهو شرط العلة بخلاف العلة إن كانت واحدة لا يلزم من وجودها وجود الحكم، كالإحصان مع الزنا، قال فيُفارق حينئذ الشرط العلة من حيث إنه لا يلزم الحكم من وجوده، الشرط مع المشروط لا يلزم الحكم أو ترتب الحكم المشروط على وجود الشرط لأن حقيقة الشرط أنه لا يلزم من وجوده الوجود أما العلة فيلزم من وجودها وجود المعلوم كما ذكرناه سابقاً، الباعث على إثباته أي على حكم الشرع إثبات الحكم الشرعي فحينئذ إذا وُجدت العلة ترتب عليها

ص: 24

المعلول وهذا هو السبب في تفريق بعض الأصوليين بين شرط الحكم وعمل العلة وإلا الأصل المراد بها إلى شيء واحد. إذاً فارق الشرط العلة من حيث إنه لا يلزم الحكم من وجوده، إذاً وُجد الشرط لا يلزم منه وجود المشروط أما العلة فلا سيكون ثم الفرق بين الحكم الشرعي أو شرط الحكم وبين عمل العلة أن العلة يلزم من وجودها وجوب المعلول، وشرط الحكم لا يلزم من وجوده وجود الحكم ولذلك يوجد الإحصان ولا يوجد الرجم إذا انتفت العلة وهي الزنا، لكن إذا وُجدت العلة وهي الزنا مع الإحصان لابد وأن يترتب عليها الرجم، والتفريق يسير ودقيق جداً.

وهو عقلي أي الشرط سنقسم على ثلاثة أقسام عقلي ولغوي وشرعي، عقلي ولغوي وشرعي، عقلي هذا باعتبار الوصف يعني ينقسم الشرط باعتبار الوصف إلى ثلاثة أنواع عقلي ما لا يوجد المشروط ولا يمكن بدونه من جهة العقل لأن الحكم هنا هو العقل، لا يمكن أن يوجد المشروط بدون شرطه كالحياة للعلم الحياة شرط للعلم، هل يمكن أن يكون عالم وليس بحي؟ الميت لا يُصف بكونه عالم لأنه جماد أليس كذلك؟ إذاً الحياة للعلم شرط لكنه عقلي يلزم من وجود العلم الذي هو المشروط وجود الشرط ولا يلزم من وجود الحياة وجود العلم، قد يكون حياً ويكون جاهلاً، إذاً لا يلزم من وجود الحياة وجود العلم ويلزم من وجود العلم وجود الحياة، ما الذي دل على أن العلم لا يكون إلا مع حياة؟ العقل هو الذي دلَّ. إذاً لا يمكن انفكاكه عنه من جهة العقل ولا يوجد المشروط بدون شرطه من جهة العقل نقول هذا شرط عقلي. لغوي يعني نسبة إلى اللغة مأخوذ من جهة اللغة، تعليق المشروط بالشرط والشرط هنا قد يكون إن وأخواتها لأن قد يكون حرفاً وقد يكون اسماً وهو المُعلَق أو التعليق بإن ونحوها {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا

ص: 25

عَلَيْهِنَّ} الطلاق6، نقول هذا شرط لغوي، وهذا يبحث عنه الأصوليون ليس في هذا الموضع وإنما يبحثون عنه في المخصصات هناك للعموم، يقسمون المخصصات متصلة ومنفصلة والمتصلة منها الشرط ويعنون به التعليق بإن أو إحدى أخواتها، وليس المراد هنا عند الأصوليين في هذا الموضع، ولغوي أي منسوب إلى اللغة ما لا يوجد المشروط ولا يمكن بدونه من جهة اللغة يعني مأخوذ ومفهوم من جهة اللغة بأن وضع أهل اللغة ألفاظاً حروفاً وأسماء إن وُجدت دخلت على التعليق، إن دخلت الدار فأنت طالق، لا يمكن أن ينجز الطلاق إلا بدخول الدار، وابن القيم وغيره قالوا هذا أقرب إلى السبب لأنه يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لكن لا يتحقق عليه حد أي الشرط هنا، والشرط قلنا فيه ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود، هل ينطبق على قوله إن دخلت الدار فأنت طالق؟ نقول لا لا يترتب عليه، وإنما يصدق عليه حد السبب ولذلك قال وهي أسباب، وليست بشروط، ولغوي كالمقترن بحروفه بحروف ماذا؟ بحروف الشرع هذه تُعلَم من جهة الوقت، وشرعي كالطهارة للصلاة وهو المراد هنا الشرط الشرعي وهو الذي فُسر بما ذكرناه ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، هذه ثلاثة أنواع للشرط، قسمها ليُبين لك ما المراد هنا، فالمراد ببحثنا هو الشرعي كالطهارة للصلاة، إذا وُجدت الصلاة لابد أن تُوجد الطهارة ولا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة، إذاً هو الذي يعنيه الأصوليون هنا.

ص: 26

والمانع ومن توابعهما الشرط: والمانع وعكسه والمانع اسم فاعل من المنع وهو ضد الإعطاء وقيل المانع هو الحائل بين الشيئين، قال عكسه يعني عكس الشرط وهو ما يلزمه من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، ما يلزم من وجوده العدم كالحيض هذا مانع إذا وُجد الحيض عُدِم صحة الصلاة إذا لزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم، قد لا يكون حيض ولا يلزم منه ترتب الصلاة لعدم دخول الوقت أو عدم ترتب الصلاة، إذاً لا يلزم من عدم وجود المانع وجود ولا عدم، الأول أخرج السبب لأنه يلزم من وجوده الوجود والثاني أخرج الشرط لأن الشرط يلزم من عدمه عدم المشروط، لذاته هذا للاحتراز لأن المانع قلنا ما يلزم من وجوده العدم وقد لا يترتب عليه هذا الحكم لأمر خارج عنه، لذاته نقول للاحتراز عن مقارنة المانع لوجود سبب آخر فإنه يلزم الوجود ولكن لا لعدم المانع بل لوجود السبب الآخر مثل المرتد القاتل لولده قالوا المرتد القاتل لولده، هل يُقتل بولده؟ لا لا يُقتَل، إذاً وُجد مانع أم لا؟ وُجد مانع، إذاً نقول الأبوَّة مانعة من القصاص لكن لو كان قاتلاً أباً مرتداً يُقتل أو لا يُقتَل؟ وُجد المانع، هل أثَّر؟ لم يؤثر، إذاً لماذا قُتل، إذاً لأ لم يُقتل من جهة كونه قاتلاً لابنه بل قُتل لسبب آخر وهو وجود الردة فالقتل هنا مُرتب على سبب آخر غير قتله لابنه، لماذا؟ لأن الأبوَّة مانع يلزم من وجودها عدم الحكم وهو القصاص، فحينئذ وُجد مع هذا المانع سبب آخر، رُوعي السبب الآخر فترتب على ما لو أُعمِل السبب الأول وهو وجوب القصاص وهو كونه قاتلاً دون نظر إلى الأبوَّة يترتب عليه القصاص فأُعمِل باعتبار السبب الثاني لا باعتبار السبب الأول، فمن ثم عندنا سببان قتل ورِدة كل منهما مُوجب للقتل، قتل للغير نفس معصومة ورِدة كل منهما مُوجب للقتل ولكنه قُتل للاعتبار الثاني وهو كونه مرتداً لماذا؟ لعدم وجود المانع ولم يُتَل باعتبار الأول لقيام المانع، إذاً هنا نقول للاحتراز عن مقارنة المانع لوجود السبب أو سبب آخر، فإذاً يلزم الوجوب، هنا لزم الوجوب وهو القتل وهو القصاص، نقول هذا ليس لكونه قاتلاً وإنما باعتبار آخر وهو كونه مرتداً لأن المانع إنما منع أحد السببين فقط وهو القصاص وحدث القصاص بسبب آخر وهو الرِدة.

ص: 27

إذاً هو المانع عكسه أي عكس الشرط لأن الشرط ينتفي الحكم لانتفائه والمانع ينتفي الحكم لوجوده، إذاً كل منهما ينتفي الحكم عنده إلا أن الشرط ينتفي الحكم لانتفائه والمانع ينتفي الحكم لوجوده. وهو ما يتوقف السبب أو الحكم على عدمه لأنه قسم لك المانع إلى قسمين مانع السبب ومانع الحكم، قد يوجد السبب ولا يؤثر لقيام مانع فحينئذ يُسمى مانع السبب قد يوجد شرط الحكم ولكنه لا يؤثر، لماذا؟ لوجود المانع، إذاً المانع قسمان، مانع للسبب ومانع للحكم، لذا قال ما يتوقف السبب أو الحكم على عدمه، توقف السبب على عدم المانع وتوقف الحكم على عدم المانع، فمانع السبب - أراد أن يُمثل لك – مانع السبب كالدين مع ملك النِصاب، ملِك النِصاب سبب مُسَببه وجوب الزكاة، هل أثَّر هذا السبب؟ لا، لقيام مانع وهو الدين صار مانعاً للسبب، ومانع الحكم وهو الوصف المناسب لنقيض الحكم، المعصية بالسفر المنافي للترخيص السفر سبب يترتب عليه الترخص قصر الصلاة والإفطار، هذا السبب نقول يترتب عليه الترخيص عند بعضهم من الفقهاء أن السبب الذي هو السفر هنا لابد أن يُقيض بطاعة فحينئذ يصح الترخص والترخيص فإذا كان السفر معصية قالوا امتنع الترخيص، كالمعصية بالسفر المنافي للترخيص لأن الترخيص ما الحكمة منه؟ رفع المشقة وهل يناسب ذلك المُطيع أو العاصي؟ المطيع، إذاً العاصي لا يناسبه أن يُخفَف عنه لماذا؟ لأن التخفيف عنه فيه إعانة يمسح ويجمع بين الصلوات ويقصر ويُطفر إلى آخره، نقول كون السفر سفر معصية يمنع من الترخص، هنا الحكم الذي هو الترخيص وُجد مانع له وهو المعصية، لذلك قال في حد وهو الوصف، المراد بالوصف هنا المعصية، المناسب لنقيض الحكم عدم ترخيص ما هو الحكم الترخيص، لماذا؟ لأن الترخيص يناسبه طاعة للمعصية، فحينئذ لما وُجدت المعصية منعت الحكم فصارت المعصية مانعة من الحكم، ما هو الحكم؟ الترخيص، لماذا؟ لكون المعصية وصفاً مناسباً للحكم وهو عدم الترخيص لذلك قال فمانع السبب ثم قال ومانع الحكم وهو الوصف المناسب أي الظاهر المُنضبط الذي يلزم منه وجوده عدم الحكم، يلزم من وجود المعصية عدم الحكم وهو الترخيص كالمعصية بالسفر المنافي للترخيص ثم قيل هما من جملة السبب ثم قيل يعني قال بعضهم إن الشرط والمانع من جملة السبب يعني داخلان في السبب وليسا من توابع السبب، لتوقفه أي السبب على وجود الشرط وعدم المانع لأنه إذا اختل شرط أو وُجد مانع لم يُوجد السبب لماذا؟ لأن ثم تلازماً بينهما قال وليس بشيء يعني وليس هذا القيل بشيء لماذا؟ لأن الشرط والمانع من التوابع وليسا من جملة السبب، لأن السبب قد يوجد ولو لم يوجد الشرط، كالنِصاب يوجد ولا يوجد الشرط وهو الحول أليس كذلك، ولم يوجد الشرط أو وُجد المانع كالنصاب مع عدم الحول أو وجود الدين، ولأنه يجوز فعل الواجب إذ انعقد سبب الوجوب قبل وجود شرطه كإخراج الزكاة قبل الحول، الخلاصة أن عد المانع والشرط من جملة السبب ليس بصحيح بل هما تابعان لهما ولو قيل أنهما مستقلان فما هو عليه أكثر الأصوليين لكان أجود، حينئذ نقول خلاصة ما ذكره المصنف هنا أنه قسَّم الأحكام الوضعية إلى أربعة أقسام أحدها ما يظهر به الحكم ما يكون سبباً

ص: 28

وكاشفاً ومُعرفاً للحكم الشرعي وقسمه إلى نوعين هذا خلاصة ما ذكره: علة وسبب، ثم جعل للعلة والسبب تابعين وهما الشرط والمانع وقسَّم لك الشرط إلى شرط حكم وشرط علة وقسم لك المانع إلى مانع سبب ومانع الحكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم.

ص: 29