المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * الصحيح * الفاسد * المنعقد.   الدرس السابع   لازال الحديث في الأحكام الشرعية - شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول - جـ ٧

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * الصحيح * الفاسد * المنعقد.   الدرس السابع   لازال الحديث في الأحكام الشرعية

‌عناصر الدرس

* الصحيح

* الفاسد

* المنعقد.

الدرس السابع

لازال الحديث في الأحكام الشرعية عند قول المُصنف و (وضعيةٌ) وهي أربعة ذكر النوع الأول وهو ما يظهر به الحكم وهو نوعان علة وسبب قلنا العلة داخلة في السبب فحينئذ لا نحتاج إفراد وكل ما يتعلق بالعلة سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى في باب القياس، وجعل الشرط والمانع من توابع العلة والسبب، إذاً ليست هذه الأشياء مستقلة وإنما جعل العلة مقابلة للسبب، قلنا الجموع على أن العلة أخص من مطلق السبب، كل علة سبب ولا عكس ومع علة ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، والشرط والمانع جعلها المُصنف هنا على اختلاف المشتهر عند الأصوليين بأن السبب مستقل والشرط مستقل والمانع مستقل وكل منها له بحث يختص به، ثم قال الثاني أي الثاني من الأحكام الوضعية الأول ما يظهر به الحكم والثاني الصحيح أو الفاسد هذا ليسا من الأحكام الشرعية وإنما متعلق الصحة هو الصحيح، متعلق الفساد هو الفاسد يعني ذكرنا أن الحكم الشرعي هو خطاب الله إن تعلق بفعل المكلف حينئذ يكون بحسب نوع ذلك الخطاب إذ كان إيجاباً فالفعل واجب فلذلك هنا فعله هو الذي يُوصف بأنه صحيحاً أو فاسداً العبادة نفسها هي التي يُقال عبادة صحيحة أو فاسدة، وكذلك المعاملة هي التي يقال فيها بأنها معاملة صحيحة أو فاسدة حينئذ صار الوصف للصحة بفعل المكلف والوصف بالفساد بفعل المكلف، الثاني الصحيح الصحة والفساد من الأحكام الشرعية ولا شك، ولكنهما ليسا داخلين في الاقتضاء والتكليف وهذا هو المشهور من كلام الأصوليين بأنه إذا قيل هذه عبادة صحيحة أو عبادة باطلة أو معاملة صحيحة أو معاملة باطلة لا يُفهم من هذا اقتضاء ولا تخيير ليس فيه طلب فعل ولا طلب ترك ولا تكليف فحينئذ إذا انتفى الاقتضاء وانتفى التخيير تعين الثالث وهو الوضع لأن القسمة ثلاثية على ما أصلناه في حد الحكم الشرعي خطاب الله تعالى المتعلق بالفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، فإذا انتفى الاقتضاء وانتفى التخيير فحينئذ تعين الوضع، ولذا حكم بكون الصحة والفساد من الأحكام الوضعية وقال بعضهم الصحة بمعنى الإباحة ولا يُنسب للراجح الصحة بمعنى الإباحة وفساده بمعنى الحرمة فإذا فُسرت الصحة بمعنى الإباحة والإباحة حكم شرعي تكليفي وإذا فُسر الفساد بمعنى الحرمة والحرمة حكم شرعي تكليفي صار كل من الصحة والفساد حكمين شرعيين تكليفيين، إذاً هذا القول بأن الصحة ليستا من الأحكام التكليفية وليست من الوضعية وهذا قلة من قال بهذا، الثالث هو قول ابن الحاجي والمنتبهة بأن الصحة والفساد حكمان عقليان بأن الصحة عبارة عما استجمع الشروط مع انتفاء الموانع والفساد عبارة عما لم يستوفي الشروط أو مع وجود مانع، والحكم في الاستيفاء أو عدم الاستيفاء أول بوجود المانع أو عدم الوجود أو فوات الشرط هذا أمر يُدرك بالعقل فحينئذ نحكم بأن الصحة حكم عقلي ونحكم بأن الفساد حكم عقلي إذاً ليست من الأحكام الشرعية البتة، فأخرجها ابن الحاجي من الحكام الشرعية إنما داخلة في الحكم الشرعي هذه ثلاثة أقوال والمشهور أنها من الأحكام الوضعية لذلك أدرجها المصنف هنا، ولو جُعلت من أوصاف الأحكام التكليفية لا بأس بذلك، حينئذ تكون تابعة لها وليست منها على جهة

ص: 1

الاستقلال، الثاني الصحيح والفساد سيأتي معطوف عليه، هذا تقسيم للحكم باعتبار اجتماع الشروط المعتبرة في الفعل وعدم اجتماعها فيه يعني هذا التقسيم ما وجهه من أي حيثية للحكم، نقول من حيثية اجتماع الشروط المعتبرة في الفعل وعدم اجتماعها فإن اجتمعت الشروط المعتبرة في الفعل فحينئذ نحكم عليه بأنه صحيح وإذا لم تجتمع الشروط المعتبرة للفعل حينئذ نحكم عليه بأنه فاسد، إذاً هذا التفصيل تابع لهذه الحيثية لأن ثم حيثيات ينقسم الحكم الشرعي مطلقاً سواء كان تكليفياً أو وضعياً لكل تقسيم حيثية تخصه وهنا من حيث اعتبار الشروط المعتبرة في الفعل أو عدم اعتبارها، هل هي مجتمعة أم لا؟ كل فعل شرعه الشراع لابد وأن يكون متوقفاً على ركن أو شرط أو سبب أو ينتفي عند وجود مانع، كل حكم لابد من أنه متوقف على هذه إذا استوفى الفعل الشروط والأركان والواجبات وكل ما يتوقف عليه الفعل مع انتفاء المانع نقول هذا صحيح، وإذا لم يستوفي الأركان والشروط والواجبات ووُجد مانع أو بعض الموانع حينئذ نحكم عليه بأنه فاسد إذا هذا التفصيل من حيث اعتبار الشروط المعتبرة للفعل أو عدم اعتبارها، إن وُجدت مجتمعة حينئذ حكمنا بالصحة وإلا حكمنا بالفساد، قال اثنان أي من الأحكام الوضعية الصحيح الصحيح وهو لغة المستقيم فسره في اللغة بالمستقيم وإن كان المشهور عند أهل اللغة أن الصحيح هو السليم من المرض ولا مانع أن يُقال المستقيم إذا حُلل عن السلامة من المرض لأنه مستقيم على الصحة المستقيم ضد المعوج حينئذ إذا لم يكن معوجاً حينئذ يُنسَب للاستقامة ولا بأس ولكن أكثر ما يرد على السنة أهل اللغة وحتى الأصوليين في هذا الموضع يقولون أنه السليم من المرض، أي كل سالم من المرض فهو مستقيم وهو صحيح، الصحيح وهو لغة المستقيم واصطلاحاً في العبادات ما أجزأ وأسقط القضاء في حد الصحة عند الأصوليين بخلاف بينهما أولاً باعتبار المتكلمين والفقهاء ثم بالنظر إلى العبادات والمعاملات، فرقوا بين المعاملات وبين العبادات، الصحة في العبادات مغايرة للصحة في المعاملات ثم النظر هنا نظر الفقهاء يختلف عن نظر المتكلمين الأصوليين، المراد بالفقهاء هنا الأحناف ونحوهم والمراد بالمتكلمين المالكية والشافعية والحنابلة، هؤلاء إذا أُطلق المتكلمون حينئذ صرف إلى هؤلاء، فحينئذ لما كان علمهم مبناه على قواعد المناطق والجمل والتنزل إلى آخره سموا متكلمين ولذلك في علم الكلام سُمي علم الكلام علم الكلام لكثرة كلامهم وقيل لكثرة كلامهم في صفة الكلام المختصة بالرب جل وعلا، وهنا سموا متكلمين لأن طريقتهم جارية على القواعد المنطقية يعني ينظروا إلى القواعد من جهة ولا ينظرون من جهة اقتباسها من الفروع ولذلك طريقة الأحناف أليق من فقه طريقة المتكلمين، ومن ثم قواعد المتكلمين قد تكون راسخة ولكن ليس كل ما قاله المتكلمين يُسَلَّم له ولكن كثر فيهم أهل البدع من الأشاعرة والمعتزلة ونحوهم إذاً قم خلاف في حد الصحة بين المتكلمين وبين الفقهاء، المتكلمون عرَّفوا الصحة بأنها موافقة الفعل للوجهين للشرع مطلقاً والصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً من دول مين، إذاً الصحة في العبادات عند المتكلمين موافقة إذاً لا مخالفة،

ص: 2

موافقة الفعل فعل المكلف للوجهين عنده فعل ذو وجه وفعل ذو وجهين والمراد بالفعل ذي الوجهين هو الذي له طرفان يعني يقع تارة موافقاَ للشرع لاستجماع الشروط وانتفاء الموانع ويقع تارة مخالفاً للشرع فكل فعل يمكن أن يكون للشرع لاستيفاء الشروط والأركان وانتفاء الموانع ويمكن أن يقع مخالفاً للشرع لعدم استيفاء الشروط والأركان أو وجود مانع هذا يسمى عندهم ذا وجهين هذا يُحتِرز به عن الفعل ذي الوجه الواحد فقط لأنه لا يكون إلا صحيحاً لا يقع إلا موافقاً للشره، مثلوا لذلك بمعرفة الرب جل وعلا قالوا معرفة الله هذه لها طرف واحد لا يمكن أن يعرف ربه على الوجه الشرعي ثم نقول هذه المعرفة قد تكون صحيحة أو تكون فاسدة لا تحتمل الصحة والفساد بل لا تقع إلا صحيحة فإن لم يعرف ربه على الوجه الشرعي كأن يكون محرفاً للتوحيد والصفات ونحوها نقول يسمى جهلاً ولا يسمى معرفة.

ص: 3

إذاً معرفة الله هذه لا تقع إلا موافقة للشرع فحينئذ نقول هذه المعرفة لا توصف إلا بالصحة لأنها لا تكون إلا موافقة للشرع كذلك رد الوداع قالوا هذا لا يقع إلا موافقاً للشره لأنه لا يمكن أني رد الوديعة على وجه مخالف للشرع، وسقطوا فعل ذي الوجهين للشرع مطلقاً يعني سواء كان في العبادات أو في المعاملات وسقطوا فعل للوجهين للشرع مطلقاً قالوا نقول الفعل ذو الوجهين الذي يقع تارة موافقاً للشرع وتارة مخالفا للشرع في المرة التي وقع موافقاً للشرع عُلق عليه وصف الصحة إذا متى يُحكم بالصحة على فعل ذي الوجهين؟ الفعل ذي الوجهين له حالان إما أن يكون موافقاً وإما أن يكون مخالفاً، إن وافق الشرع فهو صحيح وإن خالف الشرع فهو فاسد، هذا الصحيح عند المتكلمين وأما عند الفقهاء فالصحة ما أسقط القضاء أو شئت قلت سقوط القضاء إذا كان الفعل مأمور به قد أسقط القضاء بحيث برأت الذمة من الفعل الذي تعلق بذمة المكلف بسبب خطاب الشرع قالوا حينئذ يُوصف الفعل بكونه صحيحاً فإذا وقع الفعل مطلقاً موافقاً للشرع وأسقط القضاء بحيث لم يُطالب بإعانته مرة أخرى وبرأت الذمة وخرج من العهدة قالوا الفعل صحيح، لماذا؟ لأنه أسقط الطلب وهذا هو عند جمهور الفقهاء وصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً بدون مين، وفي العبادة للجمهور أن يسقط القضاء مدى الدهور متى ما سقط القضاء صحت العبادة فإذا لم يسقط القضاء وبقيت الذمة مشغولة وصار المكلف مطالباً بالإعادة نقول هذا لم تصح عبادته، ما الفرق بين الحدين؟ الفرق بينهما في مسألة وقع النزاع فيها صلاة من ظن الطهارة يعني إنسان قد تطهر ثم شك في طهارته هل انتقض أو لا الراجح أنه يقع على أنه متطهر لأن الطهارة قيل لا يزول بالشك فحينئذ إذا صلى ظاناً أنه متطهر ثم بعد صلاته تيقن أنه مُحدِث الصلاة التي صلاها السابقة على قول المتكلمين صحيحة وعلى رأي الفقهاء تعريف الفقهاء فاسدة وليست بصحيحة، لماذا؟ لأن المتكلمين نظروا إلى ظن المكلف موافقة للفعل للوجهين من ظن المكلف، لم يعتبروا الشيء في نفسه باعتبار موافقته للواقع، فقالوا من صلى ظاناً الطهارة ثم تبين له أنه غير متطهر وقت صلاته قد امتثل الأمر أم لا نقول امتثل الأمر، وكذلك لو لم يكتشف حدثه قلنا هذه الصلاة قد أسقطت الطلب، لكنه لما تبين أنه مُحدِث حينئذ صلى وقد وافق أمر الشرع لأنه دخل وقت الصلاة {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء78، فقام يصلي ثم شك فاعتبر الظن إذاً الأمر الأصلي أقيموا الصلاة قد امتثله فقام صلى أربع ركعات صلاة الظهر ثم شكه في الطهارة والأصل أنه متطهر قال اعتبر عمل الظن لأنه إذا شك المتطهر في طهارته نقول الأصل أنه اليقين اليقين أنه متطهر إذاً عمل بدليلين شرعيين في المسألتين، إذاً وافق الأمر وكيف حينئذ نُبطل صلاته؟ قالوا صلاته صحيحة والعبرة بالظن هنا فلما تبين فساد ظنه نحكم بصحة صلاته سابقاً وحينئذ نقول لا تسقط تلك الصلاة طلباً بل لازال مكلفاً بالصلاة ولذلك اتفقوا على أنه مطلب بالقضاء وإنما في تسمية الصلاة التي اكتشف أنها قد أُديت بغير طهارة عند المتكلمين فهي صحيحة لأنها وافقت الأمر وعند الفقهاء العبرة ليست بظن المكلف لأن الأمر

ص: 4

بإعمال الظن أو بالعمل بالظن هذا مُقيد ليس على إطلاقه الظن المعتبر شرعاً وهو الذي لم يتبين فساده فإذا تبين فساد الظن حينئذ نقول لا عبرة للظن البين خطأه فحينئذ نقول هذا لم يوافق الأمر ولازال مطالباً بالصلاة ونحكم على تلك الصلاة بأنها فاسدة لأنها لم تُسقط القضاء والفعل الصحيح هو الذي يسقط القضاء ومالا يسقط القضاء لا يوصف بكونه صحيحاً إذاً الخلاصة لما قيل أن الصحة عند المتكلمين يختلف حدها عن الصحة عند الفقهاء، الفقهاء ما أسقط الطلب أو ما أسقط القضاء كل فعل فعله المكلف وسقط به الطلب وسقط به القضاء فهو صحيح لأن الذمة قد برأت وخرج عن العهدة وهذتا هو المراد وكل ما لا يسقط الطلب فليس بصحيح وعند المتكلمين ما وافق أمر الشرع في ظن المكلف، حينئذ يوصف بالصحة ولو تبين بعد ذلك أنه لم يوافق الأمر لأنه لابد أن يكون متطهراً لا صلة إلا بطهارة فإذا صلى مُحدثاً حينئذ لم يوافق الأمر لكن قالوا لما أعمل الظن وهو مأمور بالوقوف مع الظن لا يخيب رجائه فنقول هذه الصلاة صحيحة ونلزمه بالإعادة، إذاً مأخذ الخلاف هو النظر في ظن المكلف هل هو المعتبر في الكم بصحة العبادة أو نفس الأمر نقول نفس الأمر لابد أن يكون موافقاً للأمر في نفس الأمر لا باعتبار ظنه، فلو ظن شيئاً ثم تبين أن الظن خطأ نقول الظن لا عبرة به فنرجع إلى الأصل وصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً بدون مين وفي العبادة لدى الجمهور أن يسقط القضاء مدى الدهور يبنى على القضاء بالجديد أو أول الأمر لدى المجيد، هذا محل نزاع عند بعضهم أن محل النزاع بين المتكلمين والفقهاء هل الأمر أو هل القضاء يكون بالأمر الأول أو بنص جديد الآن إذا قلنا الصلاة هذه باطلة عند المتكلمين لا يمكن أن يؤمر بصلاة الجديد إلا بأمر جديد وعند الفقهاء أن نفس النص الأول السابق الذي دل على طلب إيجاد الصلاة هو عينه الذي دل على طلب قضاء الصلاة. لكن الأصح ليس هذا هو محل النزاع المحل هو هل العبرة بظن المكلف أو بموافقة نفس الأمر وهي وفاقه لنفس الأمر أو ظن مأمور لدى ذي خُبْر هكذا قال السيوطي.

ص: 5

الحكمة هل العبرة في الصحة ضد المكلف أو نفي الأمر نقول الصواب نفس الأمر وبذلك يترجح مذهب الفقهاء أما كون الطلب أو كون القضاء لا يجب إلا بدليل جديد هذا هو الأصح أنه لا قضاء إلا بدليل جديد وكل ما دل على إيجاد عبادة في وقت ما ثم خرج الوقت ولم تُفعَل حينئذ نقول لابد من دليل جديد يدل على قضاء هذه الصلاة، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها كنا نُؤمَر بقضاء الصوم ولا نُؤمَر بقضاء الصلاة، نستدل بهذا على أن القضاء لا يكون بنفس الأمر الأول وإنما لابد من أمر جديد والأمر لا يستلزم قضاء بل هو بالأمر الجديد جاء، فحينئذ كنا نُؤمَر بقضاء الصوم مع وجود الأدلة التي تدل على وجوب أداء الصوم، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} البقرة183، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ} البقرة185، هذه آيات تدل على وجوب أداء الصوم أي قضاء الصوم إذا خرج الوقت ولم يصم لابد من دليل جديد، لا قضي إلا بدليل جديد، كنا نُؤمَر بقضاء الصوم مع وجود الأدلة التي تدل على وجوب أداء الصوم ولا نُؤمَر بقضاء الصلاة إذاً لم يرد أمر جديد بقضاء الصلاة مع وجود قوله {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} البقرة43، إذاً كل من الصوم والصلاة قد دلت أدلة متواترة على وجوب أداءهما في الوقتين المحددين لهما الصلاة بأوقاتها المحدودة والصوم بوقته المحدود، هذه الأدلة مع وجودها لم تشمل منها عائشة أو أحد من الصحابة أنها تدل على القضاء فإذا خرج الوقت نقول لابد من دليل فكل من أوجب قضاء الصلاة بعد خروج وقتها عمداً دون عُذر شرعي حينئذ لابد من دليل لأن قوله {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء78، هذا أوجب صلاة الظهر وحدد لها وقت وهذا الوقت مشتمل على مصلحة ولا شك فحينئذ إذا خرج الوقت وقت صلاة الظهر دون عذر شرعي نقول هل نقول له صلي بعد خروج الوقت لأن الدليل الأول يدل على ذلك نقول لابد من دليل جدياً يحمل الوقت الثاني بعد الخروج عن الوقت الأول الذي أوجب فيه الصلاة لأن الوقت ما أوجبت فيه الصلاة بهذين الحدين الطرفين الأول والآخر إلا لمصلحة عظيمة اشتمل عليها ذلك الوقت فحينئذ إن صح دعوى إجماع وجوب قضاء صلوات مكتوبات على من تركها عامداً نقول الإجماع ودليله مستنده هو الذي أوجب لا الأدلة السابقة النص الأول وإن لم يصح الإجماع هنا نقول الأصل أنه لا يقضي لو قضى مائة مرة ما أجزأه لماذا؟ لأنه لابد من دليل جديد وهذا رأي ابن حزم رحمه الله. أنه لابد من دليل جديد حتى يثبت في ذمة المكلف قضاء صلاة تركها عمداً فنقول إن صح الإجماع حينئذ لا إشكال وإن لم يصح الإجماع فلابد من دليل يُوجب قضاء الصلوات بعد خروج وقتاه.

ص: 6

الثاني الصحيح وهو لغة المستقيم قال هنا واصطلاحاً في العبادات يعني المتكلمين يخالفون الفقهاء في حد الصحة في العبادات وإن كان الحد السابق للمتكلمين عام ليس خاصاً بالعبادات وصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً يعني سواء كان في العبادات أو في المعاملات وأما الفقهاء فرقوا بينهما واصطلاحاً في العبادات أي في اصطلاح الشرع أو في اصطلاح أهل الاصطلاح في العبادات لا في المعاملات ما أجزأ وأسقط القضاء، القضاء المراد به ليس القضاء الاصطلاحي الذي هو فعل العبادة كاملة بعد خروج وقتها وإنما يُفَسَر هنا بمعنى الإعادة وهو فعل العبادة في وقتها مرة أخرى مرة ثانية إذاً إدخال القضاء هنا ليس المراد به إدخال القضاء الاصطلاحي إنما المراد به معنى الإعادة والإعادة هي فعل العبادة في وقتها مرة أخرى يعيدها في نفس الوقت إما لخلل وإما لطلب فضيلة كما سيأتي، ما أجزأ وأسقط الطلب بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها مرة أخرى، الصحة في العبادة ما أجزأ وأسقط القضاء بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها مرة أخرى فإذا صلى في أول الوقت ظاناً أنه متطهر فتبين له أنه على حدث نقول هذه الصلاة ما أجزأته لم تسقط الطلب ويلزمه فعلها مرة أخرى في نفس الوقت، لماذا؟ لأن الصحة ما أسقط القضاء وهذه الصلاة الأولى لم تسقط القضاء حينئذ حكمنا ببطلانها وأنه يلزمه إعادة الصلاة مرة أخرى، ما أجزأ وأسقط القضاء الإجزاء وإسقاط القضاء وهنا عطف الشيء على المراد فيه كفاية العبادة الإجزاء وهي أن يسقط الاقتضاء أو السقوط للقضاء، إذاً الكفاية كفاية العبادة بأن تكون كافية في إسقاط القضاء هو الإجزاء كفاية العبادة الإجزاء يعني إذا كانت العبادة كافية كفت فعلها مر المرة الأولى كفت بإسقاط الطلب أُمر فقام فصلى مستوفياً للشروط ولم تكن موانع نقول هذه العبادة كافية في إسقاط الطلب إذاً هي مُجزأة بمعنى أنها أسقطت الطلب، إذا أجزأ من الفعل أجزأ في إسقاط الطلب وأسقط القضاء بمعنى أنه لم يحتدم إعادتها مرة أخرى وهذا هو معنى الأجزاء، بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها ثانية ما أجزأ وأسقط القضاء هذا بفعل للعبادة نفسها هذا عند الفقهاء وعند المتكلمين ما وافق الأمر فعل وافق الأمر أُمر بصلاة فقام فصلى مستجمعاً للشروط في ظنه ثم اكتشف أنه لم يأتي ببعض الشروط قالوا هذه الصلاة صحيحة ويلزم القضاء إذاً حكموا بعدم إسقاط الصلاة بالقضاء مع الحكم بكونها صحيحة لذلك ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى – يُرجح مذهب الفقهاء ويقول لولا المتكلمين لم يوافقوا الأمر الأصلي والمر بالإعمال الظني ظن المكلف لماذا؟ لأنهم يقولون ما وافق الأمر يعني الأمر الأصلي وهل أمر الشارع بصلاة صاحبها ليس على طهارة؟ لا، (أقم الصلاة) المراد بها الصلاة المستجمة للشروط فإذا صلى بغير طهارة فحينئذ نقول الصلاة هذه لم توافق الأمر، ثم قوله بأنه اُعمِل ظن المكلف بأنه مأمور بالظن هنا مأمور بالعمل بالظن حينئذ لما تبين خطأ ظنه هل عُمل بالظن الذي اعتبره الشرع ظناً يُوقف عنده أم لا؟ لا الثاني إذاً لم يوافق الأمر الأصلي ولم يوافق الأمر الذي أمره بإعمال الظن لأن الأمر الأصلي أقم الصلاة أُكتشف أنه لم يوافقه على وجهه الشرعي فصلى صلاة بغير

ص: 7

طهارة كذلك الأمر بعمل بالظن نقول هذا ليس على إطلاقه وإنا الظن الذي لم يتبين فساده فإذا تبين فساده حينئذ ليس مأموراً بالعمل بهذا الظن إذاً تبين أنهم لما يوافق الشرع في الجهتين، ولذلك ضعَّف مذهب المتكلمين ورجَّح مذهب الفقهاء، المتكلمين عندهم ما وافق الأمر أي أن يوافق فعل المُكلف أمر الشارع في ظنه هو، والمراد بالموافقة أعم من أن تكون بحسب الواقع أو بحسب الظن مطلق الموافقة سواء كان موافقا له في الواقع أو موافقا له في ظنه لأنه ليس مفترضاً أن يكون مذهب المتكلمين أنه موافق للظن قد يكون الظن موافقاً للواقع ولا إشكال فحينئذ يكون مُسقطاً للقضاء واتفقوا مع الفقهاء لكن الإشكال فيما إذا ظن ظنة وتبين فسادها، بشرط عدم ظهور فسادها لأننا أُمرنا باتباع الظن ما لم يظهر فساده والمُسقط للقضاء هو الموافقة الواقعية الذي يسقط القضاء هو الموافقة للأمر في نفس الأمر، أما إذا تبين عكس ذلك فحينئذ يلزمه القضاء، ما وافق الأمر تقيضه في ظن المكلف لا في الواقع وإن لم يثبت القضاء فهي صحيحة ولو وجب عليه أن يصلي الظهر مرة أخرى ثم قال وفي العقود ما أفاد حكمه المقصود منه عند المتكلمين الصحة في العقود والمراد بها المعاملات كالبيع والإجارة والنكاح ونحو ذلك الصحة عندهم موافقة الفعل بالوجهين الشره مطلقاً حينئذ يستوي حد الصحة في المعاملات وفي العبادات أما عند الفقهاء ليس الأمر كذلك بل الصحة في العبادات ما أسقط القضاء وفي المعاملات ما أفاد حكمه المقصود منه يعني ترتب أحكام العقود عليها إذا وُجد العقد وترتبت عليه الثمرة بدلالة الثمرة حكمنا على صحة العقد كل عقد بين طرفين إذا توفر أو ترتبت عليه آثاره التي رتبها الشرع فحينئذ نحكم على العقد بأنه صحيح فكل عقل ترتبت عليه أحكامه المقتضي لها ذلك العقد حكمنا على العقد بأنه صحيح لأنه يلزم من ترتب الآثار صحة العقد تلازم بينهما يلزم من ترتب الآثار صحة العقد من غير عكس ليس كل ما صحَّ العقد ترتبت آثاره ولذلك ذكروا أن بيع الخيار صحيح لكنه لا تترتب عليه آثاره قبل إتمام العقد فإذا تم العقد حينئذ ترتب آثاره قبل إتمام العقد هو صحيح لكنه لا تترتب عليه ثماره، فالذي يترتب على عقد البيع ما هو إذا باع واشترى ماذا يريد البيع والشراء انتقال ملكية السلعة من البائع إلى المشتري وانتقال ملكية المال من المشتري إلى البائع إذا ترتبت هذه الآثار على العقد نقول صح العقد لكن لابد أن يكون متسجمعاً للشروط ولم يوجد موانع حينئذ نحكم على العقد بأنه صحيح لترتب الأحكام المقصودة من العقد على العقد كذلك النكاح المراد به والثمرة التي تترتب عليه هو الاستمتاع بالمنكوحة إذا وُجد هذا الأثر حكمنا على العقد بأنه صحيح فإذا حكم أهل العلم بترتب الثمرة ثمرة العقد على العقد فهو صحيح وإلا فهو فاسد فحينئذ قال وفي العقود يعني الصحة في العقود ما أفاد حكمه أي حكم العقد بالصحة المقصود منه ما هو المقصود انتقال الملكية من البائع إلى المشتري والعكس، ما هو المقصود في النكاح الاستمتاع بالمنكوحة، حينئذ إذا ترتبت هذه الأحكام المقصودة من العقد على العقد حكمنا عليه بأنه صحيح، وعند المتكلمين مخالفة ذي الوجهين الشرع مطلقاً

ص: 8

سواء كان في العبادات أو في المعاملات.

إذاً عرفنا حد الصحة قال والفاسد وهو ما يقابل الصحة مقابل الصحة بالبطلان إذا قابله من كل وجه حينئذ إذا أردنا أن نفصل فنقول مذهب المتكلمين في الفاسد ما هو؟ إذا قيل الصحة موافقة للفعل للوجهين الفساد عند المتكلمين مخالفة الفعل للوجهين الشرع، وعلى مذهب الفقهاء في العبادات الصحة ما هي؟ ما أجزأ وأسقط القضاء إذاً الفساد عند الفقهاء في العابدات ما لم يُجزأ ولم يُسقط القضاء ضده مباشرة وفي المعاملات ما لم تترتب عليه آثاره المقصودة من البيع ونحوه، إذا ترتبت عليه الآثار فهو صحيح إذا لم تترتب عليه الآثار فهو فاسد وباطل قال والفاسد وسيأتي الباطل، الفاسد لغة المختل مأخوذ من الاختلال وهو خروج تغير الشيء عن الحالة السليمة هذه يسمى مختلاً ومنه المجنون يقال له مختل العقل، واصطلاحاً ما ليس بصحيح الفاسد في الاصطلاح ما ليس بصحيح بمعنى أنه نقيض الصحيح لأن الصحيح نقيض ما ليس بصحيح فحينئذ يرجح التعريف هذا ليس بتعريفاً وإنما يريد أن الطالب يقيس على التعريفات السابقة للصحة فيستنبط منها تعري الفاسد، ما ليس بصحيح يعني نقيض الصحيح فالفاسد عند الفقهاء ما لم يُجزأ ولم يسقط الطلب والفساد في العقود ما لم يفد حكمه المقصود منه قال ومثله الباطل ومثله أي مثل الفاسد بمعنى أن البطلان والفساد مترادفان وقابل الصحة بالبطلان وهو الفساد عند أهل الشان وخالف النعمان فالفساد ما نهيه للوصف يستفاد، وقابل الصحة بالبطلان إذاً الصحة والبطلان متقابلان وهو الفساد أي بمعناه فساد، فالفساد والبطلان مترادفان عند الجمهور وعند أبي حنيفة الفساد والبطلان في باب العبادات سيان وفي المعاملات مختلفان إذا وافق الأحناف الجمهور في ترادف الفساد والبطلان في باب العبادات وخالف الأحناف الجمهور بالتفرقة بين البطلان والفساد في باب المعاملات، هنا قال ومثله الباطل أي سيقابل الصحة الذي هو الفساد والبطلان سواء كان في العبادات أو في المعاملات فكل فاسد باطل وكل باطل فاسد ولذلك جاء في الحديث (كل شرط ليس بكتاب الله فهو باطل) أي فاسد فأُطلق البطلان والفساد بمعنى واحد، وخص أبو حنيفة باسم الفاسد ما شرع بأصله ومنع بوصفه، أبو حنيفة - رحمه الله تعالى – يفرق بين الفاسد والبطلان لكن يقيده بالمعاملات، أما في باب العبادات فهما مترادفات، الفساد والبطلان في باب العبادات سيان وفي باب المعاملات مختلفان، ما وجه التفرقة في المعاملات؟ نقول الباطل ما مُنع بأصله ووصفه في أصل الفعل هو ممنوع ووصفه الذي يكون محله الأصل أيضاً ممنوع فله جهتان مثلوا بذلك بيع الخنزير بالدم يجوز؟ لا يجوز لماذا؟ كلاهما نجس وبيع النجس لا يصح حينئذ إذا صار النجس ثمناً أو مبيعاً نقول هذا ممنوع بأصله فالنهي محله نفس العقد النهي محله نفس العقد لكن بيع الدرهم بالدرهم جائز أو لا؟ جائز بشرطه للكن لو باع درهما بدرهمين؟ لا يجوز هل هو ممنوع بأصله لأن الدراهم لا يجوز ببيعها بعضها ببضع كالخنزير والدم أو لكونه اشتمل على وصف وهو الدرهم الزائد؟ اشتمل على وصف، سمى الأول الباطل وهو ما مُنع بأصله ووصفه وسمى الثاني الذي شُرع بأصله ومُنع بوصفه سماه فاسداً، إذا هو

ص: 9

مجرد اصطلاح وذلك قال وهنا وهو اصطلاح له. هذا عند أبي حنيفة والجمهور على أنهما سيان والمذهب عند الحنابلة أنهم لا يفرقون بين الفساد والباطل إلا في موضعين اثنين لا ثالث لهما في الحج وفي النكاح ولذلك نقول المذهب عند الحنابلة الباطل والفاسد مترادفان إلى في موضعين الإحرام قالوا قد يكون فاسداً وقد يكون باطلاً، ما ضابط الفساد؟ قالوا إذا جامع قبل التحلل الأول حكمنا عليه بأنه فاسد وتترتب عليه الأحكام المترتبة على الحج الفساد من وجوب الاستمرار والقضاء وذبح الفدية إلى آخره حينئذ هو معتبر ويُعامل معاملة الصحيح بأنه عبادة ووجب استمراره فيها ووجب قضائها إلى آخره حينئذ نُزِل منزلة الحد الحج الصحيح فترتبت عليه الحكام المترتبة على الحج الصحيح، الحج الباطل الذي حُكم عليه بأنه باطل هو الحج الذي ارتد فيه أحرم ثم أثناء إحرامه ارتد وخرج عن الإسلام هذا يُقال فيه أنه باطل هل يلزمه الاستمرار الجواب لا وإنما يحل إحرامه ويدخل في الإسلام مرة أخرى ويُحرم إن كان بقي في الحج منتفع، هذا الباطل والفساد إن فرق بين الباطل والفاسد في باب الحج عند الحنابلة فإذا قالوا هذا حج باطل معناه أن صاحبه وقع في الردة وبطل حجه ولا يجوز استمراره فيع فإذا قيل هذا حج فاسد بمعنى أنه وقع في الجماع قبل التحلل، حلوه متى قبل رمي الجمرة الكبرى يوم العيد يسمى التحلل الأول، أما في باب النكاح فقالوا ما أجمع الفقهاء على بطلانه فهو باطل ما اُجمع على فساده فهو باطل كمن نكح امرأة في عدتها هذا بالإجماع ولا خلاف فيه امرأة ما زلت في عدتها فعقد عليه النكاح ما حكم هذا النكاح؟ نقول باطل ولا يقل فاسد في المذهب لماذا؟ لأنه مُجمَع على فساده لو تجوز امرأة رضع من أمها ثلاث رضعات هكذا يكون هو الباطل تجوز امرأة رضع هذا الزوج من أم الزوجة ثلاث رضعات ما حكم النكاح فيه خلاف مبناه على الثلاثة هل هي معتبرة أم لا، من قال إنها معتبرة في التحريم قال هذا النكاح فاسد ومن قال ليست معتبرة بل لابد من الخمس قال النكاح صحيح، إذاً وقع النزاع وخلاف في هذا النكاح، المذهب لابد من الخمس فحينئذ يحكمون بفساد هذا النكاح لا يحكمون بأنه باطل لماذا؟ لأن الخلاف واقع فيه، إذاً في النكاح البطلان والفساد عند الحنابلة مختلفان، الفساد ما كان النكاح مُختَلف فيه إذا وقع خلاف في العقد صحة وفساداً صار فاسداً وإن أُجمع على بطلانه وعلى فساده سمى باطلاً هذا هو المذهب وما عدا ذلك فهما سيان مطلقة في العبادات وفي المعاملات.

ص: 10

قال (الفاسد) لغة: المختل واصطلاحاً: ما ليس بصحيح، ومثله (الباطل) وخص أبو حنيفة باسم الفاسد ما شرع بأصله كالدرهم بالدرهم هذا مشروع جائز أن تبيع الدراهم بعضها ببضع لكن بشرطها ومُنع بوصفه بكونه متفاضلاً والباطل عند أبي حنيفة ما مُنع بهما أي بأصله ووصفه، قال وهو اصطلاح إذا كان اصطلاح فلا وشاحة في الاصطلاح بل يختص كل مذهب بما يصطلح عليه إذا فُهمت المقاصد وعُملت النصوص بما تستحق المعاملة، ثم قال و (النفوذ) لغة: المجاوزة، لم ذكر النفوذ هنا؟ ما مناسبة هذه المسألة أو لكونه ذكر الإجزاء، قال في حد الصحة عن الفقهاء ما أجزأ إذاً العبادة يُقال فيها مُجزأة وهل يُقال في العقد مُجزأ؟ لا ولذلك نقول لا يُقال في العقد مُجزأ وإنما يُقال نافذة أو عبادة مُجزأة ولذلك أُخذ في حد الصحة العبادات وكفاية العبادة لإجزاء وهي أن يسقط الاقتضاء أو السقوط للقضا وذا أخص من صحة إذ العبادة يخص.

ص: 11

وذا الذي هو الإجزاء أخص من صحة كل مُجزئ صحيح ولا عكس، لماذا كل مجزئ صحيح ولا عكس؟ لأن الصحة أعم متعلقها العبادة والمعاملة والإجزاء أخص متعلقة العبادة لا المعاملة، فحينئذ صح أن تُقال القاعدة كل مجزئ صحيح ولا عكس، وذا أخص من صحة إذا بالعبادة يُخص بالعبادة سواء كانت واجبة أو نافلة هذا قول الجمهور وخُصص الإجزاء بالمطلوب وقيل بل يختص بالمطلوب يعني هل يختص الإجزاء بالعبادة الواجبة فقط أو أنه يدخل العبادة الواجبة والنافلة المندوبة فيُقال هذه نافلة مُجزأة أو سنة مُجزأة وهذه صلاة مكتوبة مُجزأة هذا قول الجمهور أنه يوصف بالإجزاء العبادة مطلقة سواء كانت واجبة أو مندوبة وبعضهم خصص الإجزاء بالمكتوب الذي هو الواجب ومبناه على الإجزاء هل ورد استعماله في الشرع أم لا؟ قال صلى الله عليه وسلم اذبحها ولن تُجزأ عن غيرك، وقال أربع لا تُجزأ في الأضاحي، هل الأضحية واجبة أو سنة، إن قلت سنة كما هو قول الجمهور حينئذ أُطلق الإجزاء على المندوب، حينئذ لا يختص بالواجب وإنما يُقال هذا واجب مُجزأ وهذه سنة مُجزأة لأن الأضحية سنة وقال اذبحها ولن تُجزأ عن غيرك وقال أربع لا تُجزأ في الأضاحي، إذا هذا سنة وأطلق عليه الإجزاء، من قال الأضحية واجبة قال لم يُسمَع إطلاق الإجزاء على المندوب فيختص بالمكتوب ولذلك قال خُصص الإجزاء بالمطلوب الشامل بالواجب والمندوب، وقيل بل يختص بالمكتوب الذي هو الواجب وهذا قول القرافي، هنا قال النفوذ إذا يقابل الإجزاء النفوذ فيُطلق عن العقد بأنه نافذ ولا يُطلق على العبادة بأنها نافذة، والنفوذ لغة المجاوزة إذاً مناسبة هذه المسألة أن الإجزاء يختص بالعبادة عند الجمهور والنفوذ يختص بالعقود عند الجمهور أيضاً كلاهما قولان للجمهور والنفوذ لغة المجاوزة، النفوذ أصله في اللغة من نفوذ السهم وهو مبلوغ المقصود من الرمي وكذلك العقد إذا أفاد المقصود المطلوب منه سُمي بذلك نفوذاً إذا ترتب على السهم إذا أطلقه وأصاب الموضع قد نفذ موضعه ومكانه، كذلك العقد إذا ترتبت عليه الآثار سُمى العقد نافذاً لقيام الآثار والأحكام المترتبة عليه بذلك، فإذا على العقد ما يُقصد منه قيل له صحيح ويُعتد به وهو نافذ فالاعتداد بالعقد هو المراد بوصفه لكونه نافذاً إذاً إذا قيل هذا عقد معتد به معناه أنه نافذ وما المراد بأنه نافذ معناه ترتبت عليه آثاره وهذا الوصف الذي هو النفوذ لا يوصف به العبادة وإنما به العقد فحسب، ثم قال واصطلاحاً: التصرف الذي لا يقدر التصرف هذا من آثار العقود لا من آثار العبادات التصرف بنقل الملكية إلى الغير وانتقال الملكية من الغير للشخص نقول هذا تصرف كذلك رفع اليد عن الشيء المملوك فيتصرف فيه هبة وإعطاءاً ووقفاً على آخره نقول هذا من أوصاف العقود الذي لا يقدر متعاطيه يعني فاعله على رفعه الذي لا يقدر متعاطيه على رفعه هذا في العقود اللازمة كالبيع والإيجار والنكاح ونحوها هذا لا يستطيع من تعاطى الإيجار أن يرفع يده عن الإيجار لأنه عقد لازم بين طرفين كما سيأتي تفصيل العقود هنا في المنعقد إذاً النفوذ هو التصرف الذي لا يقدر متعاطيه على رفعه وقيل كالصحيح يعني قبل والنفوذ كالصحيح المرادف للصحيح وإذا

ص: 12

قيل أنه مرادف للصحيح والصحة يوصف به العبادة ويوصف بها المعاملة حينئذ يصح العبادة بكونها نافذة لكنه قول ضعيف لذلك قال وقيل والصواب أنهما متباينان، وقيل فيصح وصف العبادة بالنفوذ والأول أصح لأن المعنى اللغوي لا يساعده، إذاً الصواب أن النفوذ والصحة متغايران لأن كل نافذ ولا عكس كما قلنا كل مُجزأ صحيح ولا عكس إلا إن الإجزاء يختص بالعبادات والنفوذ يختص بالمعاملات. إذاً هذا هو كلامه حوله الفاسد والصحة.

ص: 13

ثم قال و (الأداء) يذكرون قبول باعتبار الصحة يذكرون هذا القبول يقول والصحة والقبول هل هما مترادفان أم متباينان أم أحدهما عام والآخر خاص؟ هناك قولان والصحة القبول فيها يدخل إذاً الصحة أعم من القبول والصحة القبول فيها يدخل وبعضهم للاستواء ينقل، إذاً هما مترادفات بعضهم يرى أن الصحة مرادفة للقبول فإذا جاء نفي للقبول في الكتاب والسنة فهو نفي للصحة وإذا جاء نفي الصحة في الكتاب والسنة فهو نفي للقبول فإثبات أحدهما إثبات للآخر ونفي احدهما نفي للآخر إذاً هما مترادفان ولذلك جاء في أحاديث (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) لا تُقبل صلاة حائض إلا بخمار، لا تُقبل صلاة بغير طهور، {فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} آل عمران91، كلها نفي للقبول وهو نفي للصحة في نفس الوقت، فحينئذ قالوا إن الصحة والقبول مترادفان نفي أحدهما نفي للآخر وإثبات أحدهما إثبات للآخر، لكن يرد إشكال أن النفي قد ورد إطلاقه على القبول مع الحكم بالصحة، (من أتى عرافاً لن تُقبل له صلاة أربعين صباحاً) صحيحة أو ليست بصحيحة؟ لو صلى صلاته صحيحة أو لا؟ صحيحة مع كون القبول منفياً أليس كذلك، (من أتى عرافاً لن تُقبل – هذا نفي - له صلاة أربعين صباحاً).

ص: 14

(إذا أبق العبد لن تُقبل له صلاة حتى يرجع إلى مواليه) من شرب الخمر لن تُقبل له صلاة أربعين صباحاً، نقول صلاة شارب الخمر وصلاة من أتى عرافاً وصلاة العبد الآبق صحيحة ولا إشكال والذي يدل على صحتها أن القيد هنا مُقيد بأربعين صباحاً وهذا يدل على أنه عقوبة فإذا دل على أنه عقوبة فإذا استوفت الصلاة شرائطها وأركانها وانتفت الموانع حكمنا على الصلاة بكونها صحيحة وإثبات الصحة الذي هو أعم لا يستوجب القبول إثبات الصحة لا يستوجب القبول وهذا القول أصح أن العلاقة بين الصحة والقبول العموم والخصوص مطلقاً فكل مقبول صحيح ولا عكس، حينئذ إذا أثبتنا الصحة ونفينا القبول يكون القبول هنا بمعنى الثواب حينئذ يكون الصلاة صحيحة ولكنه لا ثواب عليها ومُطالب بالصلاة ولكن المعصية التي فعلها رُتب الشرع عقوبة عليها بسلب الثواب المترتب على هذه الصلاة وهذا نوع عقوبة إذاً كل مقبول صحيح ولا عكس يستلزم من نفي القبول نفي الصحة كذلك يستلزم من نفي القبول نفي الصحة صحيح؟ هل يستلزم نفي القبول نفي الصحة؟ لا لأنه قد يُنفى الثواب وتبقى الصلاة صحيحة، هلي يستلزم نفي الصحة نفي القبول؟ نعم لماذا؟ لأن القاعدة أنه إذا نُفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص كما أن إثبات الأعم يستلزم إثبات الأخص وإثبات الأخ لا يستلزم إثبات الأعم العكس، إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم وإثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص، هذه أربعة ليتكم لتحفظونها مهمة جداً، نفي باعتبار الأعم الأخص باعتبار النفي والثبوت، عندنا أعم وعندنا أخص مثل القبول والصحة المثال الذي معنا قبول وصحة إذا أُثبتت الصحة فهي الأعم نقول إثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص فإذا قال هذه صلاة صحيحة لا يستلزم أنه يُثاب عليها بل هي صحيحة وغير مقبولة إذاً إثبات أعم لا يستلزم لا يستلزم إثبات الأخص وإثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم، فإذا قبل هذه صلاة مقبولة يستلزم أن تكون صحيحة لا يمكن أن تكون مقبولة وغير صحيحة هذا من حيث الإثبات إذا نقول الأعم لا يستلزم إثبات الأخص والأخص يستلزم إثبات الأعم هذا في مقام الإثبات، في مقام النفي نقول نفي الأعم يستلزم نفي الأخص فإذا قيل هذه صلاة غير صحيحة هل يمكن أن تكون يثاب عليها؟ لا يمكن، إذاً نفي الأعم وهو الصحة يستلزم نفي الأخص ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم فإذا قيل هذه صلاة غير مقبولة لا يلزم منه أنها غير صحيحة بل هي صحيحة وليست مقبولة إذاً نقول الخلاصة أن الحق والصواب أن الصحة أعم من القبول والقول في الترادف قول ضعيف ترده السنة الأحاديث التي ذكرنها حينئذ كل مقبول صحيح ولا عكس والصحة القبول فيها يدخل وبعضهم للاستواء ينقل والصواب هو الأول وباعتبار الصحة والإلزام أيهما أعم؟ الصحة أعم من الإلزام لماذا؟ لأن الصحة تطلق على العبادات والمعاملات والإلزام يختص بالعبادات، والصحة والنفوذ كذلك الصحة أعم لأن الصحة شاملة للعبادات والمعاملات والنفوذ خاص بالمعاملات والإجزاء والنفوذ متباينان على القول بأن النفوذ ليس كالصحيح على القول الأول الذي هو التصرف الذي لا يقدر متعاطيه على رفعه أما قول بأنه مرادف للصحة فلا والصواب الأول، ثم قال و

ص: 15

(الأداء) فعل الشيء في وقته و (الإعادة) فعله ثانياً لخلل أو غيره و (القضاء) فعله بعد خروج وقته، وقيل: إلا صوم الحائض بعد رمضان، وليس بشيء هذه المسألة الأصل أنها تُوضع في الواجب المُضيَّق والمُوسَّع هناك لأنه لما تعلق الواجب بالوقت من حيث الضيق والسعة وقُسِّم إلى قسمين واجب مُوسَّع وواجب مُضيق ناسب أن يذكر أحكام الوقت هناك كالإعادة والقضاء لآخره، والمسالة سنمر عليها هكذا.

ص: 16

ثم قال و (الأداء) نقول شرع في بيان أحوال الواجب المقيد بوقت أو بوقت في الصلاة وهذا من لواحق خطاب الوضع لذلك عد بعضهم الأداء والقضاء والإعادة من أحكام الوضع كما ذكرنها بالأمس وهذا من لواحق خطاب الوضع لأن الوقت سبب للأداء وخروجه سبب للقضاء والسبب كما سبق أنه من أحكام الوضع، والأداء فعل الشيء في وقته نقول العبادة إما أن يُعيَن لها وقت أو لا إن لم يُعيَن لها وقت من جهة الشرع لم تُوصف بأداء ولا قضاء ولا إعادة مثل النفل المطلق قال يصلى هكذا دون أن يعين عليه أو يخصص من جهة الشرع فحينئذ نقول هذه العبادة النافلة المطلقة لا توصف بأداء ولا توصف بقضاء ولا توصف بإعادة لماذا؟ لأن متعلقات هذه المصطلحات متعلقاتها بالعبادة التي لها طرفان أول وآخر يعني ما عيَّن له الشارع وجعل له طريقين أولاً وآخراً هذه المصطلحات الثلاثة تتعين أو تتعلق به وما عدا ذلك فإما أن يُوصف بأداء ولا قضاء ولا إعادة كما في النوافل المطلقة من صلاة وصوم وصدقة ونحوها وسواء كان لها سبب أو لا كتحية المسجد ما توصف بأداء ولا قضاء ولا إعادة وإن عيَّن الشارع وقتاً ولم يُحَد عين له حداً ولكنه لم يجعل له طرفين أولاً وآخراً كرمضان أو الصلوات المكتوبة كالكفارات وزكاة المال هل عيَّن لها وقت متى ما بلغ النصاب وحال عليه الحول نقول وجبت الزكاة في ذلك الوقت هل عيَّن لها منذ أن حال الحول وبلوغ النصاب وقت معين مدة كذا أول وآخر فإذا فُعل في ذلك الوقت المعين أدائها؟ نقول لا، فالكفارات كلها وكذلك الحج وكذلك زكاة المال بخلاف زكاة الفطر زكاة المال نقول هذه لم يُعيِّن لها الشرع وقتاً لماذا؟ لأنه متى ما تم السبب ووُجد الشرط فثم الوجوب وإذا قلنا الأمر بالفور حينئذ لا يجوز تأخيره سواء كان في الكفارات أو في غيرها وإن حُد وقت للعبادة من الطرفين أولاً وآخراً كالصلوات المكتوبة وُصفت بالأداء والقضاء والإعادة كما ذكرناه صلاة الظهر إن فُعلت في الوقت نقول الشرع عين لها وحدد لها وقتاً أولاً وآخراً فعل الشيء في وقته إن فُعلت في الوقت المُحدد لها فهو أداء إن فُعلت جميعها كلها في الوقت الذي لم يُحدد لها الشرع لذلك الوقت نقول هذا قضاء إن فُعلت مرة أخرى في نفس الوقت المُحدد لها شرعاً فهو إعادة والأداء فعل الشيء في وقته، الجمعة هل توصف بقضاء؟ لا، هل توصف بأداء؟ نعم توصف بأداء، هل يمكن أن تُعاد؟ يمكن أن تُعاد، فتوصف بالأداء والإعادة لكن لا تُوصف بالقضاء فحينئذ تُوصف بالأداء والإعادة فقط لأنه قد يصلي بما دون الأربعين هذا مذهب فينتهون فنقول لا عيدوا لماذا لفوات الشرط الصحيح أنه لا يشترط ولكن كمثال، والأداء فعل هذا جنس يشمل الأداء والإعادة القضاء فعل الشيء في وقته المحدد له شرعاً أولاً فعل الشيء العبادة التي عين لها الشرع في وقته الذي قدره له الشرع أولاً لابد بأن نقيده بأولاً لأن الإعادة فعل الشيء في وقته لكنه ثانياً لا أولاً فعل الشيء كله أو بعضه؟ إما أن يفعل كل العبادة في وقتها وإنا أن يفعل كل العبادة في خارج وقتها وإما أن تقع العبادة مجزعة في آخر الوقت المؤداة وفي أول الوقت الذي هو خارج الوقت المحدد شرعاً، ما وقع من العبادة كله في وقت الأداء

ص: 17

فهو أداء وما وقع خارج عن الوقت فهو قضاء وما وقع واسطة هنا ثلاثة أقوال قيل أداء مطلقاً وقيل قضاء مطلقاً وقيل ما في وقته أداء وما يكون خارجاً قضاء إذاً تُوصف بالوصفين لكن الأصح أنها أداء كلها لحديث من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، إذاً سماه ماذا أدرك الصبح يعني أدركها أداءاً حينئذ وقعت العبادة في آخر الوقت وصلى ركعة ثم خرج الوقت فأكمل الصلاة بعد خروج الوقت نقول هذه أداء لكن هل يأثم؟ لو تعمد يأثم لأن الواجب أن يوقع الصلاة كلها أربع ركعات في وقته فحينئذ لو سُميت أداءاً لا يسلم من الإثم لكن لو كان معذوراً فأوقع ركعة في آخر الوقت حينئذ نقول أداء ولا إثم وإذا فرط نقول أداء مع الإثم لأن الواجب عليه أن يؤدي الصلاة كاملة أربع ركعات في الوقت المحدد لها شرعاً فإذا أدى ركعة واحدة في الوقت المحدد شرعاً وأخرج ثلاثة نقول هذا مُفرط.

ص: 18

والإعادة فعله ثانياً لخلل أو لغير، والإعادة فعله أي فعل الشيء المُحدد له شرعاً ثانياً أي مرة ثانية بعد أن فعله أولاً لخلل أو لغيره يعني صلى ثم تبين أنه صلى إلى غير القبلة نقول تلزمه الإعادة، صلى أولاً ظاناً أنها أداء ثم اكتشف الخلل فلزمته الإعادة فحينئذ نقول فعله الشيء ثانياً في نفس الوقت لخلل تبين له إما فوات شرط أو وجود مانع حينئذ نقول تسمى إعادة أو غيره غير الخلل كاكتساب فضيلة دخل المسجد وقد صلى الظهر فإذا بجماعة تصلي فقام وصلى معهم وهو قد صلى الظهر نقول هذا إعادة أو لا؟ إعادة، أعاد الظهر لكنها لا تقع ظهراً الطلب سقط بالأولى من شرط الفعل المكلف أو المكلف به أن يكون معدوماً، لو وُجد كتحصيل الحاصل المحال حينئذ إذا صلى ظهارً موافقاً لطلي الشرعي أو أراد أن يصلي ظهراً وصلى مائة مرة كلها تقع نافلة ولا تقع ظهراً لأنه مُطالب بظهر واحدة فإذا وقعت فحنيئذ إعادتها مُحال لأنه من باب تحصيل الحاصل حينئذ إعادة الصلاة مرة ثانية لطلب فضيلة يسمى إعادة عندهم. والقضاء فعله بعد خروج وقته المُقدر له شرعاً فعله كله ولكن لو فعل بعض العبادة في الوقت الذي ليس مقدراً فهو لاحق بالمسألة الأولى فهي أداء فعله بعد خروج وقته المُقدر له شرعاً فحينئذ يوصف بالقضاء لكن القضاء هذا يعتبر في الاصطلاح أما إذا جاء في الشرع فلا يُفسَر بهذا وما فاتكم فأتموا وفي رواية فاقضوا إن صحت هذه تفسر بأتموا ولا تفسر بالقضاء الذي يُفسَر به هنا، بعض الفقهاء قال فاقضوا بمعنى أن الثانية والثالثة التي يفعلها هي الأولى والثانية حينئذ نعكس الصلاة فيكون قد صلى الإمام الثالثة والرابعة فقدم الثالثة والرابعة بالنسبة إليه وبقى له الأولى والثانية يقضيها بعد سلام الإمام بناءاً على أن القضاء فعل الشيء بعد خروج وقته نقول لا القضاء في اللغة إتمام الشيء وإكماله والإفراغ منه ولذلك جاء {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فصلت12، {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} النساء103، كذلك في الحج {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} الحج29، إلى آخره.

ص: 19

جاء القضاء في الشرع بمعنى الإتمام ولا يُفسَر بمعناه في الاصطلاح وهذا عام في الواجب إلى آخره، كل اصطلاح لا يُحمَل عليه الشرع وتنبه لهذا كل اصطلاح عند الفقهاء أو عند الأصوليين فينبغي أنه إذا جاء لفظ مشابه له كالقضاء أو الواجب إذا جاء في لفظ الشرع حينئذ لا يُفسَر مباشرة بالمعنى الاصطلاحي إلا إذا دلت قرائن ولذلك غسل الجمعة واجب لا نقول واجب الذي طلب الشارع فعله طبياً جازماً لا بمعنى أنه ثابت والثبوت هنا يستلزم أنه لازم والثابت قد يكون لازم وقد يكون يغر لازم لكن نقول هو سنة مؤكدة ولا يلزم الشرع إذا أطلق أنه واجب أنه واجب اصطلاحي لا يفسر بالمعنى الاصطلاحي، إلا صوم الحائض بعد رمضان لماذا صوم الحائض بعد رمضان؟ لأنه لا يوصف بكونه قضاء قالوا لأنه لا قضاء مع إمكان الأداء وهل يمكن للحائض أن تؤدي الصوم في وقته لا يمكن إذاً لا نسمي صوم الحائض بعد رمضان لا نسميه قضاءاً وإنما نسميه أداءاً وهذا بناءاً على مسألة مُختَلف فيها عند الأصوليين وهي هل الصوم واجب على الحائض والمسافر والمريض برؤية هلال شهر رمضان أم لا؟ نقول الصواب أنه واجب لانعقاد السبب إذا انعقد السبب سبب الوجود تعلق الوجوب بذمه المكلف فإما أن يؤديه في وقته وإما أن يؤديه عند زوال المانع، إمام أن يؤديه في وقته كغير الحائض والمريض والمسافر وإمام أن يؤديه إذا زال المانع فحينئذ نقول الحائض قد وجب عليها الصيام في شهر رمضان إلا أنه لم يقم شرط الأداء عندها لوجود المانع من جهة الشرع فحينئذ إذا زال المانع نقول إذاً وجب عليها القضاء ولذلك عائشة تقول كنا نُؤمَر بقضاء الصوم ولا نُؤمَر بقضاء الصلاة، القضاء هنا يُفسَر بمعناه الاصطلاحي فإذا دلت قرينة لا بأس أما مباشرة كل لفظ يُحمَل على المعنى الاصطلاحي؟ الجواب لا. إذاً صوم الحائض بعد رمضان فلا يُسمى قضاءاً وإنما يُسمى أداءاً لأنه لم يجب عليها في شهر رمضان والصواب أنه واجب عليها وأن فعلها الصوم بعد شهر رمضان قضاء وليس بأداء ولذلك قالوا المصنف وليس بشيء لوجود نية القضاء عليها إجماعاً ولحديث كنا نحيض فنُمؤ بقضاء الصوم.

ص: 20

ثم قال الثالث المنعقد أي الثالث من الأحكام الوضعية المنعقد وهذا التقسيم هنا باعتبار لزوم الحكم وعدم لزومه هل يلزم أو لا يلزم، ينقسم إلى منعقد وغير منعقد، الثالث المنعقد ولهذا يكثر في ألسنة الفقهاء يقول تنعقد الصلاة بكذا ينعقد الصوم بكذا إلى آخره ومراده أنه يلزم المنعقد هو اللازم وغير المنعقد ليس بلازم، قال وأصله الالتفاف، قال أبو فارس العين والقاف والدال أصل واحد يدل على شد وشد الوثوق وإليه ترجع فروع الباب كلها، إذا الالتفاف هذا هو أصل المنعقد وهو مأخوذ من الانعقاد والانعقاد بمعنى الشدة ومعنى الشدة الوثوق، ومنه يُقال للحبل أن منعقد ولذلك سميت العقيدة عقيدة لأنها يعقد عليها في القلب على الأصول نفسها فسميت عقيدة واصطلاحا له معنيان المنعقد له معنيان إمام ارتباط أو لزوم إمام ارتباط بين قولين مخصوصين الإيجاب والقبول والارتباط إذا كان بين الإيجاب والقبول بين قولين إذا يستلزم أن يكون بين شخصين إن الشخص لا يمكن أن يكون صاحب قولين ولا يمكن أن يكون صاحب إيجاب وقبول إلا من وُكِل عن شخصين ويكون البائع أو المشتري حينئذ يصح ولكن بتنزيل منزلة الشخصين أنا وكيل عن هذا ووكيل مع هذا فبعت الأرض هذا واشتريت لهذا فحينئذ أنا صاحب القبول والإيجاب هذا من باب التوكيل والوكالة، إما ارتباط بين قولين مخصوصين كالإيجاب والقبول في البيع والهبة ونحوها والإيجاب هو جعل الشيء واجباً أي واقعاً والقبول التزام ورضا به نقول بعتك هذا الشيء فيقول قبلت بعتك هذا الشيء هذا إيجاب قبلت بمعنى رضيت والتزمت نقول بهذين القولين المخصوصين حصل ارتباط وحصل انعقاد للبيع فحينئذ لزم كل منهما ولا يصح لأحدهما أن يرجع إلا إذا حصلت إقالة، أو لزوم النوع الثاني للمنعقد اللزوم كانعقاد الصلاة والنذر للدخول وهذا كما ترى أنه فيما هو شخص واحد حينئذ الأول تقول ارتباط بين شخصين واللزوم يكون بين أو في محل واحد كانعقاد الصلاة بتكبيرة الإحرام نقول تنعقد الصلاة بتكبيرة الإحرام كما قلنا سابقاً ينعقد البيع بالإيجاب والقبول والنذر أيضاً ينعقد بالدخول فيه إن شفا الله مريضي فلله عليٍّ التصدق بكذا نقول بهذا القول وبالنية قد وقع في ودخل في النذر إذاً انعقد النذر وانعقد الصوم بالإمساك مع النية وانعقدت الصلاة بتكبيرة الإحرام، إذاً لزمه الدخول أو لزمه الاستمرار فيما شرع فيها وفيما دخل فيه، وهذا يكون في شخص واحد، وأصل اللزوم الثبوت أصل اللزوم هو ثبوت الشيء واللازم ما يمتنع على أحد المتعاقدين تدخل بمفرده واللازم من العقود يعني لأن العقود قد تكون لازمة وقد تكون جائزة اللازم يمتنع على أحد المتعاقدين فسخه بمفرده يعني لابد أن يكون من الطرفين وهو ما يسمى بالإقالة أما أحدهما ينسحب المستأجر أو المُؤجر دون رضا الثاني فهذا لا يصح لماذا؟ لأنه عقد لازم ما يمتنع على أحد المتعاقدين فسخه والخروج عنه وإبطال مفعول العقد بمفرده لأنه عقد لازم كالبيه والإيجارة والنكاح، والجائز ما لا يمتنع فسخه مثل الوكالة فإنها عقد جائز يجوز للوكيل أن يفسخ عن موكله ولا يستمر في العقد لماذا لأنه بدل نفع فهو كالمتبرع والوكيل كذلك له أن يفسخ دون علم الموكل عنه الموكل يمكن أن

ص: 21

يفسخ بدون علمن وكيله لماذا؟ لأنه آذن وله الحكم في ذلك، ثم قال والحسن ما لفعاله أن يفعله والقبيح ما ليس ذلك، والحسن والقبيح هو مسألة تتكلم عنه الأصوليون وهو من المسائل الدخيلة على أصول الفقه الحسن والقبح العقليان لكن الحسن الشرعي والقبح الشرعي هو ما أراده المصنف هنا وليس المراد به مطلق الحسن كما هو عند المعتزلة، والحسن أي في عرف الشرع لا مطلقاً ما لفعاله أن يفعله فالحسن والقبيح هاتان الصفتان لفعل المكلف فحينئذ كل فعل لمكلف الذي هو متعلق الخطاب إما أن يكون حسنا وإمام أن يكون قبيحاً الحسان قال ما لفعاله أن يفعله يعني ما أمر به الشارع وكان لفاعله أن يفعله لأن اللام هنا تدفع عدم الجواز ما لفاعله أن يفعله أي ما يجوز له أن يفعله وما جاز أن يفعله إما أن يكون مأموراً به أمر إيجاب وإما أني كون مأموراً أمر استحباب، والقبيح ما ليس له أن يفعله لأنه إما أن يكون منهياً عنه نهي تحريم وإما أن يكون منهياً عنه نهي تنزيه، فحينئذ نقول قاعدة عامة كل مأمور به فهو حسن وكل منهي عنه فهو قبيح كل مأمور به فهو حسن وكل منهي عنه فهو قبيح، كل ما لم ينهى الرب عنه فهو حسن وكل ما نهى عنه فهو قبيح ولذلك نقول لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة ولا ينهى إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة فحينئذ نقول أن خلاصة هذا أن الحسن وصف لما أمر به الشراع مطلقاً والقًبح وصف لمنا نهى عنه الشارع فحينئذ يترتب المدح والذم والعقاب والثواب على الحسن والقبح بهذين المعنيين أما العقل فلا مدخل له في مثل هذه الأمر، ثم قال الرابع:(العزيمة والرخصة)، هذه تحتاج إلى وقفة نكملها غداً بإذن الله تعالى وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 22