الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* العزيمة والرخصة
* الأدلة: الكتاب
* الحقيقة والمجاز
* المُعرَّب.
الدرس الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد وقفنا عند قول المصنف رحمه الله الرابع: (العزيمة والرخصة) أي أن هذا هو القسم الرابع من الأقسام التي عنوَن لها بقوله وهي أربعة ذكر أن الحكم التكليفي يتنوع إلى أربعة أنواع النوع الأول ما يظهر به الحكم النوع الثاني الصحيح والفاسد النوع الثالث المنعقد النوع الرابع العزيمة والرخصة، وهذا التقسيم على ما ذكره المصنف هنا للحكم الوضعي باعتبار كونه على وفق الدليل كالعزيمة أو خلافه كالرخصة حينئذ نقول هذا التقسيم له اعتبار كما قسمنا الصحيح هناك والفساد باعتبار استجماع الفعل للشروط المعتبرة شرعاً أو لا الأول الصحيح الثاني الفاسد هنا باعتبار الحكم الشرعي هل هو موافق للدليل أو لا الأول العزيمة الثاني الرخصة، وهل هما وصفان للفعل أو للحكم فيهما خلاف بين الأصوليين والأصح أنهما وصفان للحكم فتكون حينئذ العزيمة بمعنى التأكيد في طلب الشيء والرخصة بمعنى الترخيص ومنه حديث فاقبلوا رخصة الله، إذاً أضافها إلى الله عز وجل، أيضاً إذا قيل هما حكمان أو وصفان للحكم والحكم نوعان هل هما وصفان للحكم التكليفي أم وصفان للحكم الوضعي أيضاً فيه خلاف، المصنف هنا جرى على أنهما وصفان للحكم الوضعي ووجه أن الشرع جعل الأمور العادية التي للناس علماً ومعرفاً على استمرار وبقاء الحكم الشرعي الأصلي في حقه وجعل الأمور الطارئة التي تطرأ وتقتضي التخفيف والتيسير جعلها علماً ومُعرِفاً على حكمه الشرعي الذي عُنون له بالرخصة هذا وجه كونها وضعه والأصح أن نقول أنهما وصفان للحكم التكليفي هذا أقرب إلى القول إلى أنهما وضعه وإن كان ذاك الاعتبار له وجه إلا أن اعتبار أن الرخصة والعزيمة من الأحكام التكليفية أو أوصاف للأحكام التكليفية أو لا لما فيهما من معنى الاقتضاء ولذلك سيأتي أن العزيمة تنقسم باعتبار الأحكام الشرعية خمسة وكذلك الرخصة تكون واجبة وتكون مستحبة ومباحة، إذاً كونها الرخصة والعزيمة أوصاف للحكم التكليفي أولى من اعتبارها أوصاف للحكم الوضعي، الرابع العزيمة والرخصة وأصل العزيمة في اللغة مشتقة من العزم يُقال عزم على الشيء عزماً وعزيمة إذا عقد ضميره وفعله وقطع عليه ومنه قول جل وعلا في شأن آدم عليه السلام {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} طه115، أي قصداً مؤكداً على فعل المعصية ومنه سُمي بعض الرسل بأولي العزم لتأكيد قصدهم في طلب الحق ولذلك فسرها المصنف هنا بقوله وأصل العزيمة القصد المؤكد والعزيمة فعيلة مشتق من العزم هذا معناها في اللغة والرخصة تقال سهولة وهي تقابل العزيمة في الأحكام الشرعية السهولة قال في المصباح رخص لنا الشارع في كذا ترخيصاً وأرخص إرخاصاً إذا يسره وسهله إذا رخص الشرع بمعنى أنه يسره وسهله لذلك قال المصنف والرخصة السهولة يعني التيسير والسهولة ومنه رخص السعر إذا تراجع وسهل شراؤه إذا تراجع السعر نزل وسهل الشراء يُقال رخص السعر رخص من باب فَعُلَ، واصطلاحاً أراد أن يُبين لك الاصطلاح عند الأصوليين والرخصة في اصطلاح الأصوليين بعد أن بين لك معناهما اللغوي، فقال واصطلاحاً أي العزيمة في
الاصطلاح الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي هكذا عرفها المصنف رحمه الله والأولى أن يُقال العزيمة حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح هذا أولى ما تُحَد به العزيمة حكم شرعي ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح هذه كلها قيود حكم شرعي هذا يشمل الأحكام الشرعية كلها الخمسة الواجب والندب والحرام والمكروه المباح إذاً حُكم هذا جنس يشمل جميع الأحكام الخمسة لأن كل واحد منها حكم ثابت بدليل شرعي ولذلك قال حكم ثابت فشمل حينئذ الأحكام الخمسة فيكون في الحرام والمكروه على معنى الترك كيف يكون العزيمة في الحرام؟ كيف يكون القصد مؤكَّد؟ الواجب واضح إذا قيل الواجب عزيمة والمندوب عزيمة يكون القصد مؤكد تأكيد مُقتضى الطلب وفي الحرام والمكروه يرجع إلى معنى التأكيد الترك حينئذ لا مانع أن يُوصف الحرام بكونه عزيمة ولا مانع أني يُصَف المكروه بكونه عزيمة كما وُصف الواجب والمندوب والمُباح فحينئذ إذا شمل قوله حكم ثابت الحكام الخمسة نقول فيكون في الحرام والمكروه على معنى الترك فيعود المعنى في ترك الحرام إلى الوجوب لأن بعض الأصوليين لا يرون أن العزيمة تدخل في الحرام والمكروه ولذلك قال الطوخي في شرحه على البلبل إن العزيمة تختص بالواجب والحرام والمكروه فأخرج المندوب والمباح إذا كانت العزيمة تختص بالواجب والحرام والمكروه أخرج المندوب والمباح وقال ابن قدامة في الروضة إن العزيمة تختص بالواجب فقط وأخرج البقية الأربعة وقال القرافي المالكي تختص بالواجب والمندوب فأخرج الحرام والمكروه والمباح والأصح أنها تشمل الكل الخمسة أقسام لأنهما حكم شرعي ثبت بدليل شرعي ولذلك نقول قوله حكم شرعي ثابت بدليل شرعي هذا يشمل جميع الأحكام التكليفية، قوله بدليل شرعي ثابت بدليل شرعي احترز على الثابت بدليل عقلي فلا يُقال فيه عزيمة ولا رخصة إذا العزيمة والرخصة وصفان لما ثبت بدليل شرعي وما ليس كذلك كما لو ثبت بدليل عقلي لا يُوصف بكونه رخصة ولا عزيمة، خال عن معارض راجح حكم ثابت ثابت هذا صفة للحكم خال هذا وصف لثاب الحكم ولم جره؟ حكم ثابت بالرفع أين حرف الجر؟ اسم منقوص وإذا كان اسماً منقوصاً تُقدم الضمة على الياء المحذوفة حُذفت لماذا؟ ثق بما أنت قاض يعني قاضيه حينئذ تُحذَف الياء للتخلص من التقاء الساكنين نقول جاء قاض، قاض هذا فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، إذاً هذا خال هذا صفة لحكم وهذا الحكم ثابت، قاض عن معارض لم يُعارض هذا الحكم بحكم آخر خال عن معارض راجح احترز به عما ثبت أو يثبت بدليل لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح بدليل شرعي خال عن معارض راجح، خال عن معارض راجح قال احترز به عما يثبت بديل لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح إذاً قد يكون عندنا حكم شرعي يثبت بدليل هذا الحكم خلا وعُدِم عن معارضة دليل آخر مساو أو راجح لأن الحكم الشرعي إذا ثبت بدليل ثم عارضه حكم شرعي ثابت بدليل مساو لذلك الدليل نقول وجب الوقف حصل تعارض في الظاهر فوجب الوقف ونطلب مُرجحاً خارجياً لا من داخل الدليل بل لابد من دليل يفصل بين الدليلين هذا إذا عُورض الحكم الشعري بدليل بمعارض مساو استويا في الحكم استويا من
جهة الثبوت والدلالة حينئذ نقول حصل تعارض كل منهما في مرتبة واحدة وهذا سيأتي في باب التعارض كل منهما في مرتبة واحدة، ما العمل التوقف لا نُرجح هذا على ذاك ولا هذا على ذاك لتساوي الدليلين ولا نقول تعارضا فتساقطا بل نقول نقف حتى يرد دليل خارج عن الدليلين حينئذ نُطلب المُرجح الخارجي إذا كان ثم تساو بين الدليل، وأما إذا كان أحدهما أرجح من الآخر فالمُقَدم هو الأرجح، إذاً خال عن دليل خال عن معارض راجح إذاً قد لا يخلو عن معارض مرجوح فلا يخرج عن حد العزيمة فتبقى العزيمة على أصلها قد لا يخلو عن معارض مساو فحينئذ نقول لا نُثبت عزيمة ولا رخصة وإنما نطلب المُرجِّح الخارجي، خال عن معارض راجح احترز عما يثبت بدليل لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح لأنه إن كان المعارض مساوياً لزم الوقف وجب الوقف وانتفت العزيمة وطُلب المُرجح الخارجي وإن كان راجحاً لزم العمل بمقتضاه وانتفت العزيمة وقد تثبت الرخصة مثال العزيمة نقول تحريم الميتة عند عدم المخمصة {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} المائدة3، هذا حكم عام نقول حكم شرعي ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح في حق غير المضطر نقول عند عدم المخمصة في حقه نقول هذا الحكم عزيمة لأنه حكم ثبت بدليل شرعي ولن يُعارَض بدليل آخر أرجح منه فإن كان مضطراً حينئذ نقول هذا الحكم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ} عُرض بدليل أرجح منه في حق المضطر {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} المائدة3 حينئذ وُجد دليل شرعي لابد من دليل شرعي لأن الرخصة لا تثبت إلا بدليل لا تثبت الرخصة إلا بدليل لأنه لو ثبتت الرخصة بغير دليل للزم منه ترك العمل بما اقتضاه الدليل الأول من غير معارض وهذا لا يجوز لا يُعَارض الحكم الشرعي وتعدل عن العزيمة إلى الرخصة إلا بدليل شرعي إذاً تحريم الميتة عند عدم المخمصة نقول تحريم عزيمة التحريم عزيمة لماذا؟ لأنه حكم شرعي ثبت بدليل شرعي ولم يُعارض بدليل أرجح منه فإذا وُجدت المخمصة مجاعة حينئذ نقول حصل المعارض وُجد المعارض لدليل الحرم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} وهو راجح عليه {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} حفظاً للنفوس لقوله تعالى {وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} النساء29، {وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة195، حينئذ نقول الأكل واجب وُجدت الرخصة وانتفت العزيمة في حق المضطر حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح هذا هو ضابط العزيمة، قال هنا الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي هذا أوضح لكن ذاك أأكد وأوسع الحكم الثابت الحكم هذا يشمل العزيمة والرخصة الثابت لابد أن يكون ثابتاً فحينئذ يشمل جميع الأحكام الشرعية لكن لابد من تقييده ثابت بدليل شرعي من غير مخالفة دليل شرعي أخرج الرخصة فكل حكم شرعي ثبت ولم يُعارَض بما هو أرجح منه فهو عزيمة إذاً الصلوات الخمسة مكتوبات كلها عزائم صوم رمضان للمقيم القادر نقول عزيمة الحج للمستطيع القادر نقول عزيمة كل حكم شرعي ثبت ولم يُعارَض بما هو أرجح حينئذ نقول هذا عزيمة، العزيمة الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي فإن خالفه دليل شرعي أرجح منه لا
مساو ولا رجوح نقول ثبتت الرخصة ثم قال والرخصة إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر وقيل في حد الرخصة ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، إباحة المحظور الطوخي لما ذكر الحد الثاني قال ولو قيل استباحة المحظور مع قيام سبب الحظر لكان مساوياً وصح يعني صح التعريف بهذا أو ذاك كل منهما يثبت به حد الرخصة إذا الثاني أوضح، إباحة المحظور المراد به استباحة المحظور استباحته من جهة المعتقد أو الفعل {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} المائدة3، إذا أكل المضطر يأكل وفي نيته يأكل مُحرماً أو مباحاً؟ هل انقلب المُحرم حلالا في حقه؟ نقول نعم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} فإن وُجدت الرخصة للمضطر حينئذ نقول ليست بحرام وإنما صارت له مباحة ولذلك لو قيل حرام للزم منه وجود علة التحريم وهو الخبث وهو منتف في حقه لأن الله عز وجل لا يبيح شيئاً إلا وهو فيه منفعة لصاحبه فحينئذ إذا قيل الميتة خبيثة وهي مُحرَمة فجاز له أكل الخبيث نقول لا ارتفع لما أُجيز له ارتفع حكمها وارتفع عل التحريم في حقه ولا مانع العقل لا يمنع من هذا، يل الأدلة تدل على ذلك، فالله عز وجل لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة ولا ينتهي إلا عما مفسدة خالصة أو راجحة هذا متفق عليه بين أهل العلم فإذا أُضطر نقول وجب عليه الأكل فلو تركه فمات لكان قاتلاً لنفسه فكيف يكون بقي التحريم ونقول بقي خبث الميتة نقول إباحة المحظور استباحته مطلقة لكن لابد أن تكون هذه الاستباحة من الشرع لابد من تقييده بالشرع لأنه قد يستبيح المُحَرم فيكون معصية لا رخصة لو قيل إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر يعني قد يتلبس بالمُحَرم والمُحَرم كما هو باقي مُحَرم في حق غيره نقول هذا إن لم يكن على وجه الشرع فهو معصية لو كان غير صاحب المخمصة أكل من الميتة ما حكمه؟ نقول تلبس بمُحَرم هل استباح المُحَرم؟ استباح المُحَرم مع قيام سبب الحظر؟ مع قيام سبب الحظر إذاً صدق ليه، فلو أكل غير مضطر للميتة نقول هذا الفعل إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر هل الشرع أذن له في الأكل؟ الجواب لا إذاَ لابد من التقييد نقول إباحة المحظور شرعاً احترازاً من إباحة المحظور للهوى حينئذ يكون معصية.
مع قيام سبب الحظر يعني الرخصة تكون كالاستثناء من الأمر العام ولذلك سبق أن الأصل يُطلَق ويُراد ب خلاف القاعدة المستمرة فنقول الأكل من الميتة للمضطر على خلاف الأصل فإذا أُبيح له أن يأكل فحينئذ إباحة الأمل لزيد للضرورة هل لزم منه رفع السبب الذي حُرم من أجله على غيره؟ الجواب لا، لماذا؟ لأنه قد يُرفَع السبب الذي حُرِم لأجله فلا يكون رخصة وإنما يكون نسخاً ولذلك مثلوا لهذا الموضع نسخ المصابرة أو رفع المصابرة كان المسلم مأمور أن يقف أمام عشرة الواحد بعشرة ثم نُسِخ انتقل وتغير الحكم من العشرة إلى اثنين نقول هل تغيير الحكم من الصعوبة من السهولة رخصة أم لا؟ نقول لا ليس برخصة لماذا؟ بل هو نسخ لأن شرط الرخصة أن يكون الحكم الذي غُيِر عنه سبب التحريم باق ولم يزل ولم يرتفع وهناك كان المصابرة الواحد من المسلمين يُصابر العشرة لقلة وضعف المسلمين فلما كثروا وقوي شوكتهم حينئذ انتقل الحكم من الصعوبة إلى السهولة وصار الواحد يقابل اثنين، هل بقي السبب الذي كان يجب على المسلم أن يُصابر ويقف في وجه عشرة؟ نقول لا لم يبقى بل تغير، هنا قال إباحة المحظور للضرورة أو للحاجة مع قيام سبب الحظر فإن ارتفع سبب الحظر صار نسخاً ولذلك بعضهم يُعرف الرخصة بأنها حكم شرعي تغير من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام السبب الأصلي، حكم تغير إذاً لابد من التغيير من صعوبة إلى سهولة فإن تغير إلى أصعب ليس برخصة لأن الرخصة فيها سهولة وهذا قد تغير من السهولة إلى الصعوبة أو من الصعوبة إلى ما هو أصعب مثل نسخ التخيير بين الإطعام والإفطار في شهر رمضان نقول هنا تغير من الصعوبة أو السهولة يختلف باختلاف المُكلَفين تغير الحكم من الإطعام أو الصيام التخيير بينهما إلى تحتم الصيام {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ} البقرة185، نقول الحكم تغير هنا إلى صعوبة هل يعتبر رخصة نقول لا وإنما رخصة تكون التغير من حكم صعب إلى سهل لعُذر لابد أن يكون ثم عذر وُجد في المُكلف هذا احترازاً مما لو حصل التغير من صعوبة إلى سهولة لكن لا لعذر كوجوب الوضوء لكل صلاة هذا نُسخ فصار المكلف يصلي بالضوء الواحد ما لم يُحدث عدة صلوات نقول هذا الحكم تغير من صعوبة إلى سهولة لكن هل لعذر؟ لا ليس لعذر بخلاف الأكل من الميتة إنما يجوز متى إذا كان لعذر، مع قيام السبب الأصلي الذي كان الحكم عليه قبل حالة التغير يعني عندنا حالتان حالة تغير حصلت وهي حالة ثانية وحالة أولى الحكم بعد التغير مع قيام السبب كالحكم قبل التغير مع قيام السبب فالسبب قائم ولذلك نقول المريض إذا وجد الماء ولم يتمكن من استعماله يعدل إلى التيمم هل هذا رخصة أو عزيمة نقول رخصة مثَّل المُصنف هنا بأنه رخصة ما هو السبب القائم في عدم العدول إلى التيمم مع وجود الماء؟ قبل المرض هل يجوز له أن يتيمم؟ لا يجوز لوجود الماء، بعد حلول المرض نقول له أن يتيمم، تغير الحكم من صعوبة إلى سهولة هل أُزيل الحكم المُرتَب التغير المُرَتب على وجود الماء هل ارفع بعد الإذن له بالتيمم لم يتغير هو له أن يتيمم والحكم الشرعي معلق على وجود الماء متى ما شفي نقول بطل تيممه بطل ما زال العذر بطل تيممه لأن الأصل استعمال الماء فلما لم يتمكن
من استعمال الماء وُجدت الرخصة فتغير الحكم في شأنه والحكم المُرتَب على عدم جواز التيمم قبل المرض وهو وجود الماء هذا موجود بعد الإذن له بالتيمم ولم يرتفع الحكم لأنه لو زال السبب بالتمام قلنا هذا صار نسخاً ومثاله المصابرة حصلت تغيير تغير الحكم من صعوبة إلى سهولة لكن نقول السبب الذي ترتب عليه الحكم الشرعي من كون المسلم يواجه ويقابل عشرة هو ضعف المسلمين فلما تغير الحكم من الصعوبة على السهولة نقول السبب الذي رُتب عليه الحكم الشرع قبل حالة التغير موجود أم لا؟ غير موجود وإنما قوي شوكة المسلمين فارتفع الحكم وحصل التغير فحينئذ نقول هذا نسخ وليس برخصة، حكم تغير من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام حكم السبب الأصلي أو مع قيام سبب الحكم الأصلي فإذا كان لا لعذر نقول هذا يسمى نسخاً فإذا كان مع عدم قيام سبب الحكم الأصلي يسمى نسخاً إن كان من سهولة إلى صعوبة نقول يسمى نسخاً إن كان من صعوبة إلى صعوبة يسمى نسخاً إن كان من مساو إلى مساو يمسى نسخاً ولذلك سيأتينا النسخ قد يكون إلى بدل المساو قد يكون إلى أثقل إلى أثقل، مساو مثل ماذا؟ نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حصل تغيير الحكم أو لا نقول الحكم تغير لكنه من مساو إلى مساو المُكلف لا يشق عليه أن يتجه على أي جهة لو صليت هكذا أو هكذا الأمر سيان ليس فيه مشقة عليه في الشرق أو في الغرب شمال أو جنوب يستوي في حق المكلف ليس كالصيام والإطعام ونحو ذلك فحينئذ نقول هذا من مساو إلى مساو فهذا يعتبر ماذا تعبر نسخاً لا رخصة هنا قال والرخصة إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر يعني استباحة المحظور شرعاً مع قيام وجود سبب الحظر قبل الإباحة مع قيام أو وجود سبب التحريم قبل الإباحة فلو زال سبب التحريم بعد التغيير أو بعد الإباحة لا يسمى رخصة بل يسمى نسخاً وقيل في تعريف الرخصة ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح هذا يُقابل حد العزيمة هنا حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح، هنا قال ما أي حكم يشمل العزيمة والرخصة ثبت لابد من دليل شرعي لابد من تقييده لأن الرخصة لو جُوِز إثباتها لدون دليل شرعي لجاز حينئذ أن يُقال يُترَك بالدليل الذي سميناه بالسابق عزيمة لا لمقتض وهذا لا يجوز لا يجوز أن يكون دليل صحيح ودلَّ على أمر مُحرَم ثم بعد ذلك يُترَك العمل به لدلالة العقل على جواز الاستثناء بل لابد أن تكون الرخصة ثابتة بدليل شرعي يعني تيمم مثلاً رخصة نقول لابد أن يكون التيمم ثابت في دليل شرعي.
ما ثبت على خلاف دليل شرعي أخرج العزيمة لأن العزيمة ثبت على وفق دليل شرعي قال لمعارض راجح هذا بيان سبب الرخصة لما رُخِص لما خُولف لما خولفت العزيمة لم خُولف الحكم الأصلي الثابت بدليل شرعي نقول لمعارض راجح إذاً هذا بيان لسبب الرخصة والمراد بالمعارض الراجح العذر الذي قام بالمكلف واقتضى التيسير والسهولة كالمخمصة في حق الجائع والمرض عدم القدرة على استعمال ما في حق المريض والعجز أو المشقة في حق المسافر في الصيام وقصر الصلوات ونحو ذلك نقول الوصف الذي قام بالمكلف هو الذي اقتضاه هو العذر الذي إذا وُجد ترتب عليه الدليل الشرعي فصار كالاستثناء من العزيمة السابقة.
وما سوى المفرد كما ذكرناه يشمل المُكنى والمجموع واسم الفاعل وصيغة المبالغة والجمع.
ما ثبت على خلاف دليل نقول هذا قيد احترز به عما ثبت على وفق دليل فلا يكون رخصة بل عزيمة كما ذكرناه من الصوم في الحضر للمعارض الراجح احترز به عما إذا وُجد معارض لكنه ليس براجح إما مساو أو قاصر على المساواة إذا كان مساو نقول إذا الأدلة تساوت حينئذ وجب الوقف وطلب المُرجِح الخارجي هذا عند المساواة وإن كان قاصراً على المساواة فلا يؤثر في الدليل وتبقى العزيمة على أصلها، قال كتيمم المريض لمرضه أراد لك أو أراد أن يبين لك أن الرخصة على ثلاثة أقسام من الرخصة ما هو واجب كتيمم المريض لمرضه نقول هذا واجب أم مندوب؟ واجب إذا لم يتمكن من استعمال الماء وجب العدول إلى التيمم كتيمم المريض لمرضه مع وجود الماء، وأكل الميتة للمضطر هذا فيه إباحة المُحرم والأول فيه إباحة الواجب استباح الواجب وهنا استباح المُحرَم لأن الواجب هناك استعمال الماء الذي هو الوضوء فاستباحه وتركه وعدل عنه إلى التيمم وهنا أكل الميتة نقول هذه إباحة مُحرم لكنه لعذر الضرورة، أكل الميتة للمضطر بهذا القيد لقيام سبب الحضر لوجود الماء وخبث المحل، لقيام سبب الحظر في أي شيء؟ في التيمم وفي أكل الميتة يعني السبب الذي حُرِم من أجله استعمال التيمم مع القدرة مع الماء هو وجود الماء والسبب اذلي من أجله حُرِم أكل الميتة مع عدم الضرورة هو خبث المحل فحينئذ إذا جُوِز للأكل أو جُوِز لاستعمال التيمم نقول الأصل لم يزل باق على أصله وهذا داخل في التعريف السابق لقيام سبب الحضر يعني لوجود سبب الحظر في المسألتين سواء كان استباحة ترك الواجب أو استباحة المُحرَم لوجود الماء في مسألة التيمم وخبث المحل في مسألة أكل الميتة، والعرايا من صور المزابنة هذا عطف على قوله كتيمم يعني النوع الثالث من أنواع الرخصة وهو تصحيح بعض العقود تخفيفاً على المُكلَفين بشرط أن تكون ثم حاجة غليها لكن بشروطها لذلك قلنا لابد من أن تكون الرخصة ثابتة بدليل شرعي لبس تصحيح العقود مطلقاً هكذا لا وإنما لابد أن يكون العقد الذي صُححَ مع المنع منه عاماً لابد أن يكون منصوصاً عليه في الشرع، والعرايا من صور المزابنة والمزابنة معلوم أنه منهي عنها والمزابنة هي بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر هذه هي المزابنة ووجه النهي عنه هو الجهل بتساوي النوعين الربويين تمر ورطب وكلاهما من جنس إذاً ربويين لكن أجاز الشارع ذلك لكن في العرايا بشروطها المعلومة في كتب الفقه كما جاء في حديث زيد بن ثابت يقول صلى الله عليه وسلم رخَّص لصاحب العرية أن يبيعها بفرسها ولمسلم بخرسها تمراً يأكلونها رطباً لكن بشروطها كما هو معلوم في كتب الفقه، إذاً الرخصة نقول إما أن تكون إباحة ترك الواجب وإما أن تكون إباحة المُحرَم بعذر الضرورة أو الحاجة وإما أن تكون لتصحيح بعض العقود هذا تقسيم ذكره المصنف وبعضهم يقول من الرخصة ما هو واجب ومن الرخصة ما هو مندوب ومن الرخصة ما هو مباح بهذا التقسيم، والمُحرَم والمكروه لا يكونان داخلين في الرخصة، إذاً من الرخصة ما هو واجب كأكل الميتة للمضطر فهو واجب على الصحيح لأن ما لا يتم ترك الحرام إلا به
فهو واجب وترك الحرام هو قتل النفس حفظاً للنفوس أجاز بل أوجب عليه الرب جل وعلا أن يأكل من هذه الميتة فهو واجب على الصحيح لأنه سبب في إحياء النفوس ولما كان كذلك فهو واجب وذلك قعَّد الفقهاء قاعدة عامة الضرورات تُبيح المحظورات، ومن الرخصة مندوب كقصر المسافر للصلاة، نقول حكم ثابت على مخالف للدليل الشرعي لأن الأصل الإتمام وكل صلاة في وقتها والأصل أن يصلي الرباعية رباعية ولا يقصر هذا ألأصل لكن خُولف هذا الأصل وثبتت الرخصة لقيام العذر مع قيام سبب الحكم الأصلي العذر هو وجود المشقة، هل لما قصر وأفطر في شهر رمضان مثلاً هل زال السبب الذي رُتب عليه الأصل وهو صوم رمضان وإتمام الصلاة؟ لا نقول باقية لذلك إذا زال عذره رجع إلى الحكم الأصلي صار عزيمة فرخص بدليل شرعي فلما زالت المشقة رجع إلى أصله لماذا؟ لن كل من الحكمين مرتبطين بشأن نفس المُكلَف فخروجه إلى الترخص لا ينفي أن يكون داخلاً في الحكم العام فحينئذ نقول الصيام يجب للحاضر ولا يجب على المسافر لكن لو زال علة السفر أو زال السفر رجع الحكم على أصله ولا يثبت كل منهما إلا بدليل شرعي، ومن الرخصة مندوب كقصر المسافر الصلاة ومن الرخصة مباح هكذا في المذهب كالجمع بين الصلاتين في غير عرفة ومزدلفة الجمع في المذهب مباح خروجاً من الخلاف خلاف أبي حنيفة وغيره فحينئذ لا يكون السنة الجمع إلا في عرفة ومزدلفة لماذا؟ النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غير عرفة مزدلفة لعدم الخلاف، أجمعوا على سنية الجمع في مزدلفة وعرفة بالإجماع سواء كان في حق المكي أو غيره مطلقة ولذلك يُسن حتى للمكي أما القصر هذا محل خلاف هل المكي يقصر أم لا؟ الجمهور على المنع لماذا؟ لعدم وجود علة القصة وهو السفر ليس مسافراً.
هنا قال كالجمع بين الصلاتين في غير عرفة هو مُباح إذاً هو رخصة أو لا؟ رخصة لماذا؟ لأنه ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح لأن الأصل أن يصلي كل صلاة في وقتها وفعل النبي صلى الله عليه وسلم الجمع تخفيفاً وهذا الخفيف وقع معارضاً لدليل آخر فإذا وُجدت المشقة ومقتضى الجمع حينئذ نقول وُجدت وحصلت وثبتت الرخصة، لكن قول من له مباح مطلقاً هذا فيه نظر بل هو سنة، وكذا من أُكره على كلمة الكفر قالوا مُباح هذه رخصة مُباحة إذاً عرفنا الفرق بين العزيمة والرخصة. حينئذ نقول أيها أكثر الأحكام الشرعية العزائم أم الرخص؟ العزائم هي الأصل ولا يُعدَل عنها فيُقال رخصة إلا بدليل شرعي ولذلك يختلفون هل التيمم رخصة أو عزيمة؟ هل المسح على الخفين رخصة أم عزيمة؟ يختلفون في هذه المسألة لماذا؟ لأن الأصل هو العزيمة فإذا شك الناظر في هل المسح على الخفين مثلاً هو عزيمة أو رخصة يبقى على الأصل ولا يعدل عليه كذلك في التيمم، بهذا نكون قد انتهينا من الباب الأول وهو باب الحكام الشرعية.
ثم انتقل إلى الباب الثاني في الأدلة لأنه لما عرف أصول الفقه قال وذلك في ثلاثة أبواب الباب الأول في الأحكام وبينها لك عرف الحكم وقسمه إلى قسمين حكم شرعي تكليفي وحكم شرعي وضعي وبين أقسام كل، انتقل إلى الباب الثاني وهو الأدلة ومناسبة ذكر الأدلة هنا أنه عرف لنا أصول الفقه بأنه أدلة الفقه الإجمالية أصول ودلائل الإجمال وطرق الترجيح قيد تالي، أدلة الفقه الأصول مجملة وقيل معرفة ما يدل له إذاً أصول الفقه ما هو؟ أدلة الفقه التي يستنبط منها المجتهد الأحكام الشرعية حينئذ يرد السؤال ما هي الأدلة الشرعية؟ وما هي أنواعها؟ ما هو المتفق منها عليها وما هو المختلف فيها منها؟ حينئذ لابد من السؤال ولابد من الجواب لذلك عقد المصنف هذا الباب الثاني في الأدلة أي الأدلة الشرعية، قال أصل الدلالة: الإرشاد، قالوا دِلالة ودَلالة ودُلالة يعني مثلثة الدال الأفصح الفتح ثم الكسر ثم الضم قال الشيخ الأمير - رحمه الله تعالى – وأردئها الضم كما في المقدمة المنتقية، يعني أدانها وإن ثبت لغة إذاً هي مثلثة الدال، والأفصح أن يُقال الدَلالة ثم أقل منها الدِلالة بكسر الدال ثم لو قال دُلالة لا بأس لو وجه في اللغة، أصل الدلالة الإرشاد لأن الدليل في اللغة هذا مشتق من الدلالة والدليل يحصل به الإرشاد فحينئذ نقول الدلالة في اللغة في أصل وضعها اللغوي المراد به الإرشاد وبعضهم يقول الدلالة في الاصطلاح فهم أمر من أمر وبعضهم يجعل هذا الضابط أيضاً معناها لغوي لكن المشهور أنه معناها الاصطلاحي، فهم أمر من أمر والفهم إدراك المعنى، فهم أمر من أمر سواء كان لفظاً أو ليس بلفظ فحينئذ يشمل اللفظ ويشمل الإشارة والكتابة والنصب والعقد والرسالة لأنه يُفهَم منها تُدرَك المعاني من الألفاظ وتُدرَك المعاني من غير الألفاظ حينئذ نقول فهم الشيء أو إدراك الشيء لا يختص بالألفاظ بل الإشارات والكتابة والعقد والنصب هذه كلها تكون محلاً للفهم، فهم أمر من أمر أي إدراك معنى، الفهم مطلقاً إدراك معنى الكلام كما ذكرناه في حد الفقه قلنا الفقه في اللغة الفهم والمراد بالفهم إدراك معنى الكلام لماذا قيدنا الفهم هناك بإدراك معنى الكلام وقلنا هنا الدلالة فهم أمر إدراك معنى مطلقاً سواء كان لفظاً أو لا؟ هناك قيدناه وذكرنا تعريف أن الفهم هو العلم بمعاني الكلام عند سماعه لأن الفقه هناك الفهم المراد به فهم الأدلة والمراد بالأدلة الأدلة اللفظية فحينئذ ناسب أن يُقيَد الفهم هناك لئلا يرد تعارض بين ذكر الفهم هنا بأنه مطلقاً سواء كان من الألفاظ أو غيرها وهناك قلنا إدراك معنى الكلام حينئذ قد يتصور الطالب أن ثم تعارض بينهما إذا نقول في حد الفقه في أول الكتاب الفقه لغة الفهم والمراد الفهم إدراك معنى الكلام، ثم نأتي هنا ونقول فهم أمر من أمر الفهم هنا لا يختص بالكلام فليس بينهما تعارض هنا الدلالة مطلقة سواء كان مأخوذة من النصوص أو من غيرها فحينئذ يُعمَم وهناك الدلالة أو الفهم مُقيَد بالنصوص والنصوص لفظية إذاً فهم أمر من أمر هذا الحد يُفهَم منه أن الدلالة تكون دلالة إذا حصل الفهم بالفعل وإذا لم يحصل الفهم منه بالفعل لا يُسمى دلالة، قال فهم أمر من أمر يتضح بالحد
الثاني أو نقول في حدها كون أمر بحيث يُفهَم منه أمر آخر فُهم منه بالفعل أو لم يفهم؟ كون أمر أي وجود شيء أمر هذا مطلقاً سواء كان لفظ أو كتابة أو إشارة أو أي شيء يمكن أن يكون دليلاً يُوضع، فهم أمر من أمر بحيث يُفهَم منه أمر فُهم بالفعل أو لم يُفهَم يعني هل يُشترط في الحكم على الدلالة أو على الدليل أنه لا يسمى دلالة ولا دليل إلا إذا حصل الفهم وإذا لم يحصل الفهم حينئذ انتفى الوصف بالدلالة أو الدليل أيها أولى؟ نقول الأولى أن يُعمَم الحكم فحينئذ يكون الدليل دليلاً سواء فهمت منه المقصود أو لم تفهم قد تقرأ آية أو حديث لم تفهم منها حرف واحد نقول هذا دليل أو ليس بدليل؟ دليل مع أنه لم يحصل الفهم نقول الدلالة فهم أمر من أمر ما حصل الفهم نقول هو يُفهِم بالقوة لمن كان أهلاً للنظر فنظر فحينئذ يحصل الفهم ولكن لقصور الناظر حينئذ لما نظر لم يفهم لا لذات الدليل وإنما لقصور الناظر فحينئذ نقول يُسمى دليلاً ولم لو يحصل الفهم بالفعل وهذا أولى والفرق بين التعريفين أن يُقال قولهم فهم أمر من أمر أنه لا يسمى دلالة أو دليل إلا إذا حصل الفهم بالفعل وُجد الفهم قرأت فهمت حينئذ هذا هو الدليل وما عداه ليس بدليل، نقول لا، ومع ذلك الحد الجمع أن نقول كونه أمر وجود أمر بحيث يُفهَم منه أمر فُهم منه بالفعل أم لم يُفهَم
…
الشيخ الأمير - رحمه الله تعالى – يذكر مثالين لما يحصل به الدليل ولو لم يحصل به الفهم يقول الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في الكلالة مع كون الدليل نص مع هي الكلالة الورثة الذين لا أب ولا ولد هذه اختلف فيها الصحابة مع أن النص يدل على هذا {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} النساء176، إذاً ليس له ولد ثم ورَّث الأخت قال {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} النساء176، كيف دل هذا النص على عدم الأب؟ لأن الأخت لا ترث مع وجود الأب فتوريث الأخت يستلزم عدم وجود الأب، إذاً بدلالة التزام دل النص على عدم وجود الأب الذي هو الأصل بالنطق دلالة المنطوق {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} دل على عدم وجود الولد، حينئذ الدليل دليل ولو لم يحصل الفهم لبعض الصحابة فيسمى دليلا حينئذ، إذاً عدم الفهم لما دل عليه النص نقول لا يخرجه عن كونه دليلاً ولذلك نقول بحيث يُفهَم منه فُهم بالفعل بالإيجاد أو لم يُفهَم لأنه يُفهِم بالقوة وإن لم يُفهِم بالفعل كذلك قصة يعقوب عليه السلام لما رأى الدم على قميص يوسف عليه السلام لما استخلى قال سبحان الله متى كان الذئب حليماً كيساً يقتل يوسف ولا يشق قميصه هكذا قيل إذاً عدم شق القميص يعتبر دليلاً في حق وإن لم يفهم منه أولاد يعقوب ما فهمه يعقوب عليه السلام فهو دليل دليل سواء فُهم منه بالفعل كما فهم يعقوب أو لم يُفهِم منه بالفعل كما لم يفهم منه أولاد يعقوب فهو دليل، حينئذ نقول الدلالة أعم، أصل الدلالة الإرشاد وتطلق الدلالة على الدليل مجازاً الدليل فعيل مشتق من الدلالة والدلالة تطلق على الدليل لكن من جهة المجاز لا من جهة الحقيقة لأن الدلالة مصدر وإطلاق المصدر على اسم الفاعل هذا مجاز ولذلك يُقال زيد عدل لابد من التأويل يعني زيد
ذو عدل أو زيد عادل لابد من التأويل، هنا الدلالة تطلق على الدليل لكنه مجازاً لا حقيقة، أصل الدلالة الإرشاد واصطلاحاً أراد أن يُعرف الدلالة اصطلاحاً والاصطلاح هو الذي ذكرناه سابقاً الدلالة في الاصطلاح فهم أمر من أمر لكن هنا أراد أن يفسر لنا الدلالة بمعنى الدليل إذاً أُطلقت الدلالة مراداً بها الدليل مجازاً ولم يرد الدلالة في الاصطلاح الذي ذكرناه سابقاً وهو فهم أمر من أمر أو كون أمر بحيث يُفهَم منه أم فُهِم منه بالفعل أو لم يُفهَم هذا في الاصطلاح للدلالة نفسها في الحقيقة الاصطلاحية أو العرفية وهنا الدلالة باعتبار كونها أُطلقت على الدليل يعني بالنظر على كونها دليلاً ما يتوصل به إلى معرفة ما لا يعلم في مستقر العادة اضطراراً عِلماً أو ظناً، ما أدري المصنف يأتي بحدود بعيدة جداً ويترك المشهور عند الأصوليين أن يقال الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري هذا أوضح مما ذكره المصنف هنا ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، ما أي شيء يمكن التوصل بصحيح النظر يعني يمكن عبر بالإمكان ولم يعبر بالفعل لماذا؟ لأن الدليل دليل ولو لم يحصل الفهم منه بالفعل متى ما أمكن الفهم فحينئذ يسمى دليلاً سواء فهمت منه بالفعل أو لم تفهم ولذلك نقول الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر يعني بالنظر الصحيح والنظر هو الفكر المؤدي إلى علم أو ظن والفكر هو حركة النفس في المعقولة والحركة في المحسوسات تسمى تخييلاً لا فكراً، إذاً نقول النظر حده الفكر المؤدي يعني يوصل المؤدي هو بمعنى يوصل المؤدي إلى علم أو ظن، إذاً منتهى النظر قد يكون علماً وقد يكون ظناً فلا يشترط في النظر أن يكون قطعياً بل قد يكون قطعياً مؤداه ومقصوده وقد يكون ظنياً، ما يمكن التوصل بصحيح النظر من إضافة الصفة إلى الموصوف أي النظر الصحيح احترازاً عن النظر الفاسد لأن الناظر في مثلاً الأدلة الموصلة إلى الفقه إما أن ينظر بواسطة القواعد والأصول التي وضعها أهل العلم وإما أن ينظر بهوى ممكن أن ينظر أو لا؟ يمكن وهذا كثير عند أهل الأهواء ينظر في الكتاب والسن بهواه فحينئذ ماذا تكون النتيجة نظر صحيح أو نظر فاسد؟ نظر فاسد ولا شك، إذاً بصحيح النظر احترازاً عن النظر الفاسد متى يكون النظر صحيحاً إذا سار على الطريق المرسومة التي وضعها الأصوليون مثلاً في مثل هذا الفن، ولذلك أصول الفقه تعتبر أسس ومناهج لمن أراد استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، خبري بمعنى النسبة الإسنادية التي تكون بين المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل لأن الإدراك المتعلق بالجملة الاسمية يسمى تصديقاً والإدراك المتعلق بالجملة الفعلية يسمى تصديقاً إذاً إلى مطلوب خبري نسبة إلى خبر وهو الإسناد التام احترز به عنه مطلوب تصوري وهو إدراك المفرد ولذلك عند الدليل عند الأصوليين لا يكون إلا مركباً لأن الإدراك إما أن يكون متعلقاً بمفرد كلمة واحدة اسماً أو فعلاً أو حرفاً وإما أن يكون متعلقاً بجملة تامة، إن كان متعلقاً بجملة تامة أدرك المعنى المراد والمقصود من الجملة الاسمية على وجه التمام وأدرك المعنى والفائدة المترتبة أو
المفهومة عن الجملة الفعلية على وجه التمام نقول هذا تصديق ما عدا ذلك فهو تصور متى يكون النظر دليلاً؟ إذا كان موصلاً إلى مطلوب حبري بمعنى تصديق حينئذ نقول الدليل عند الأصوليين لا يكون إلا مركباً، هذا هو الدليل عندهم، فحينئذ قولهم وإلى مطلوب خبري يعني إلى تصديق نقول هذا التصديق قسمان قد يكون علماً وقد يكون ظناً فحينئذ تخصيص الدليل بما أفاد القطع دون الظن تخصيص بلا مُخصص فقولهم إلى مطلوب خبري نقول يشمل النوعين فكل ما أوصل إلى مطلوب خبري سواء كان هذا المطلوب قطعياً يفيد العلم أو ظنياً يفيد الظن نقول يسمى دليلاً خلافاً لما عليه أكثر المتكلمين كما سيأتي من تخصيص الدليل لما أفاد القطع والعلة وما أفاد الظن هذا لا يسمى دليلاً عندهم بل يُسمى أمارة وعلماً والتفريق هذا باطل فاسد بدليل شمول الدليل للنوعين إذاً ما يمكن شيء يمكن والمراد بالإمكان هنا لا بالفعل ما يمكن التوصل بصحيح النظر يعني بواسطة النظر الصحيح إذا تأمل وفكر الفكر المؤدي إلى علم أو ظن إلى مطلوب خبري.
واصطلاحاً قيل وما به للخبر الوصول بنظر صح هو الدليل والنظر الموصل من فكر إلى ظن بحكم أو لعلم مُسجلا
الإدراك من غير قضا تصور ومعْه تصديق وذا مشتهر جازمة دون تَغَيُّرٍ عُلم علما وغيره اعتقاد ينقسم، واصطلاحاً قيل: ما يتوصل به إلى معرفة ما لا يعلم في مستقر العادة اضطراراً عِلماً أو ظناً، لو أردان خلاصة الحد نقول ما يُتوَصل به إلى معرفة علم أو ظن، قوله ما لا يُعلَم في مستقر العادة اضطراراً مراده أن متعَلق الدليل لا يكون من العلوم الضرورية وإنا لابد وأن يكون نظرياً أما إن كان نظرياً في أي شيء ينظر؟ نقول الفكر المؤدي إلى علم أو ظن هذا هو النظر السماء فوقنا هل يحتاج إلى فكر وتأمل واستشارة واستخارة؟ ما يحتاج الأرض تحتنا لا تحتاج النار مُحرقة الكل أكبر من الجزء إذاً كل ضروري لا يحتاج إلى بحث لا يوجد فقيه يأتي بالكتب الستة ثم يبحث ويقول صلاة الفجر واجبة أو لا؟ يمكن؟ ما يمكن، إنما يبحث ماذا؟ يبحث ما يحتمل البحث وهو ما لم يكن ضرورياً فإن كان ضرورياً لا يحتاج إلى بحث لذلك ما لا يعلم في مستقر العادة اضطراراً، اضطراراً هذا مفعول به ليعلم في مستقر العادة يعني ما استقر عادة عند كل أصحاب فن فالمستقر عادة عند النحاة أحكام تخصهم والمستقر عادة عند الأصوليين أحكام تخصهم وكذلك الفقهاء إلى آخره، إذاً ما يُتوَصل به يعني ُوصَل به ويؤدي إلى نتيجة ما هي هذه النتيجة؟ إلى معرفة علم أو ظن تكون النتيجة التي تكون لازمة للمقدمتين إما أن تفيد علماً وهذا إذا كانت المقدمتان قطعيتين أفاد العلم واليقين، مثلوا لذلك بالتغير التغير قالوا يدل على حدوث العالم كيف قالوا العالم متغير وكل مُتغير حادث فالعالم حادث قالوا هذا نتيجة قطعية العالم متغير وكل متغير هذا هو الدليل هذا هو الدليل ما يمكن التوصل به بصحيح النظر فيه إلى مطلوب، تتأمل العالم ما المراد بالعالم تتصور ثم العالم متغير ثم المراد بالتغير هنا ثم ما إثبات هذه المقدمة الصغرى هل هي قطعية أم ظنية وهذا يحتاج إلى تأمل وبحث ثم المقدمة الكبرى وكل متغير حادث يحتاج إل بحث ونظر وتصور الموضوع والمحمول ثم تثبت أن الأولى قطعية والثانية وهذا كلام فيه نظر ثم يثبت الأولى قطعية والثانية قطعية تكون النتيجة لازمة للمقدمتين، فإن كانت المقدمتان قطعيتين لزم أن تكون النتيجة قطعية فإن لزم المقدمات بحسب المقدمة أيضاً، فإن كانت قطعية كل منهما قطعي أفاد القطع هذا نوع فإن كانتا ظنيتين أو إحداهما ظني والأخرى قطعية أفادت الظن إذا كانت الأولى ظنية والثانية ظنية أفادت الظن ولا إشكال إذا كانت الأولى قطعية والثانية ظنية أو بالعكس قالوا أفاد الظن لأن ما ترتب من القطع الظن ظن هكذا يقولون ما ترتب من القطع الظن فهو ظن حينئذ نقول الدليل ما يُتوَصل به إلى معرفة علم متى هذا إذا كانت كل من المقدمتين قطعيتين أو ظني فيما إذا كانتا المقدمتين ظنيتين أو إحداهما ظنية والأخرى قطعية، يذكرون مثال للظن يقول الاستدلال بالغيم على نزول المطر قطعي أو ظني إذا جاء وعمم الأرض حينئذ نقول المطر سينزل إن شاء الله قطعي أو ظني؟ ظني لأن هذا منطق هذا غيب والعادة أن وجود الغيم ترتب عليه نزول المطر إذاً سينزل المطر نقول هذه النتيجة ظنية لأنها ليست بقطعية لأنه قد يتخلف نزول المطر مع وجود الغيم، ما يتوصل به
إلى معرفة ما يُعلَم في مستقر العادة اضطراراً عِلماً أو ظناً أي ما يُتوصَل به إلى معرفة علم أو ظن لما لا يُعلَم ضرورة، أما ما عُلِم ضرورة فليس متعلق بالنظر الصحيح والدليل يُراد به إذاً عرفنا المراد بالدليل في اصطلاح الأصوليين ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري هذا أصح مما ذكره المصنف فهو أولى، وما ذكره هو للدلالة بمعنى الدليل ولذلك يقول دليل فعيل بمعنى فاعل لأنه يحصل به الإرشاد لأنه المرشد حقيقة وما يحصل به الإرشاد مجازاً يعني يطلق الدليل على المرشد حقيقة الذي وضع العلامة لترشد الناس وعلى العلامة نفسها لكنها من قبيل المجاز، إذاً يطلق في اللغة الدليل على المرشد سواء باشر بنفسه أو لا وعلى ما حصل به الإرشاد وهو العلامة لكن الثاني مجازي فالمرشد هو الناسب للعلامة أو الذاكر لها الناسب للعلامة يعني في الحس أو الذاكر لها إذا كانت باللسان ونحو ذلك والذي يحصل به الإرشاد هو العلامة التي نصبت للتعريف، الإمام أحمد رحمه الله له كلمة في كتب المذهب يقول - رحمه الله تعالى – فالدال الله تعالى والدليل القرآن والمُبين الرسول والمستدل أولي العلم هذه قواعد الإسلام، قال المصنف هنا والدليل يراد به إما الدال كدليل الطريق، أو ما يستدل به من نص أو غيره ذكرناه الدليل إمام أن يُطلق ويُراد له الدال من هو الدال الفاعل المرشد هو الدال حينئذ يكون الدليل فعيل بمعنى فاعل لأن فعيل يأتي بمعنى فاعل ويأتي بمعنى مفعول وهنا دليل يجوز أن يكون بمعنى فاعل وحينئذ يكون المراد به الدال الذي نصب العلامة والدليل يراد به في اللغة إما الدال وهو الناسب للدليل أو الفاعل قال كدليل الطريق دليل الطريق من هو؟ الذي يدلك نقول أين طريق العتيبية مثلاً يقول لك اذهب كذا وكذا نقول هذا دليل الطريق أو يأخذ بيدك ويمشي يكون هذا يسمى دليلا دليل الطريق أو ما يستدل به فحينئذ يكون الدليل من فعيل بمعنى اسم المفعول الأول الدال والثاني يستدل به فحينئذ يكون الأول بمعنى فاعل ويكون الثامي بمعنى مفعول أو ما يستدل به انظر تطبيق العلماء على ما يعرفون من قواعد هو الآن كأنه طبق لك القواعد التي يعرفها دون أن يذكر لك فعيل يأتي بمعنى فاعل ويأتي بمعنى مفعول وما الدليل أنا فعيل يأتي بمعنى المفعول وما الفرق بينهما من جهة المعنى وما الذي ينبني عليهما من خلاف هذا كلها قواعد تكون راسخة في الذهن ثم شرح لك علامات يعلمها قال والدليل يراد به إما الدال أو ما يستدل يعني ويطلق الدليل على ما يستدل به ما الذي يستدل به من نص كتاب أو سنة أو غيره كالإجماع والقياس وهذا هو الدليل في عرف الفقهاء هو النص ونحوه كالإجماع والقياس، فإذا أًطلق الدليل في عرف الفقهاء يحمل على النص ما يستدل به حينئذ يكون الدليل عند الفقهاء فعيل بمعنى مفعول فإذا أُطلق صار حقيقة عرفية في فنهم ولا يجوز تفسير مصطلحات الفنون بغيرهم، فإذا فسرت الدليل هنا عند الأصوليين تفسره بمعنى ما يمكن التوصل به إلى آخر التعريف وإذا فسرت الدليل عند الفقهاء فتفسره بالناص الذي هو الكتاب والسنة والقياس والإجماع والاستصحاب ونحو ذلك قال ويرادفه بعد أن انتهى من الدليل ومتعلقات الدليل قال يرادفه في
المعنى ألفاظ متعددة منها أي من هذه الألفاظ المرادفة للدليل البُرهان بضم الباء البُرهان يُقال برهن عليه أي أقام البُرهان فحينئذ تفسر البرهان بماذا؟ بما فسرت به الدليل فإذا كان حد الدليل ما يمكن التوصل به إلى آخره تقول به البرهان ما يمكن التوصل به إلى آخره لماذا؟ لأن اصطلاح الأصوليين هنا وهو المتكلمون على أن ألألفاظ مترادفة من جهة المعنى ولو كان ثم فرق بينها من جهة اللغة فلا يؤثر في المصطلحات ويرادفه ألفاظ منها البُرهان والبُرهان حينئذ بكون بمعنى الحجة والدليل وجاء استعماله في القرآن بمعنى الدليل {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البقرة111، {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ} المؤمنون117، {لَا بُرْهَانَ} لا دليل عليه، والحُجة يعني ومما يرادف الدليل في المعنى الحُجة بضم الحاء والحُجة بمعنى الدليل وتطلق على ما ثبت به الدعوى يعني ما تثبت الدعوى {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} الأنعام149، وسُمي بذلك يعني الدليل سُمي بالحُجة للغلبة به على الخصم لكونه يعني الدليل إذا ذكر الدليل غلب خصمه وحينئذ يسمى دليلاً ويسمى بهذا الاعتبار يسمى حجة {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} الأنعام149، والسلطان يعني ويرادف الدليل السلطان فحينئذ يمسى السلطان بمعنى الحجة والدليل وجاء في القرآن {إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا} يونس68، {فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} إبراهيم10، إذاً جاء السلطان مستعملة في القرآن مراداً به الدليل، ولكن ليس هذا اشتقاق المناطقة هم يستعملونه هكذا على ما يصطلحون عليه ليست تفرعاً عن القرآن لم يثبت القرآن والحجة لأنها ثبتت في القرآن لا هم أبعد الناس عن الكتاب والسنة، والسلطان والآية يعني يُرادف الدليل في المصطلح عندهم الآية فحينئذ تكون الآية بمعنى البرهان والدليل كما قال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الروم22، {أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ} الشعراء197، وهذه الخمسة الدليل والبرهان الحجة والسلطان والآية تستعمل في القطعيات إذا أُطلقت فالمراد بها الأحكام قطعية وقد تستعمل على قلة على غير وجهها في الظنيات إذاً فرقوا في الدليل والحجة والبرهان قالوا هذه تستعمل في القطعيات مثل المتواتر قالوا قطعي الإجماع القطعي قالوا هذه قطعيات فإذا كان الدليل إجماعاً قطعياً قالوا هذا دليل وحُجة وبرهان وسلطان وآية لأنهم قطعيات تفيد العلم وتفيد اليقين وقد تستعمل على قلة قد هنا للتقليل قد تستعمل في الظنيات، الخبر الواحد المُختَلف فيه هذا يفيد الظن هنا المختلف فيه هذا القيد يفيد الظن حينئذ إذا قبل في الخبر الواحد المُختَلف فيه أنه دليل هذا يعتبر مجازاً عندهم لماذا؟ لأن استعماله الأصل أنه على قطعيات فإذا استعمل في الظنيات قالوا هذا استعمال الشيء في غير موضعه وهذا مجاز فإذا أطلق الدليل أو البرهان والسلطان على الإجماع الظني في السكوت مثلاً قالوا هذا ليس بدليل في الأصل لأن الإجماع الظني ليس بقطعي حينئذ يكون استعمال الدليل
والحج والبرهان والآية في الظنيات يكون مجازاً حينئذ إذا أُطلق واحد من هذه المفردات يُحمل على الدليل القطعي عند الأصوليين عند أكثر المتكلمين أنه خاص بالقطعيات.
والأمارة والعلامة وتستعمل في الظنيات فقط يعني والأمارة هذا عطف على البرهان ويرادفه ألفاظ منها البرهان والحجة والسلطان والآية والأمارة ولكن لما كانت هذه الألفاظ تختلف من حيث الإطلاقات فصل بينهما وعين الأحكام أو عين الحكم لكون الأولى تُستعمَل في القطعيات والثانية لما فارقتها وهي الأمارة والعلامة خاصة بحكم خاص بها والأمارة بفتح الهمزة مشتقة من الإمارة والعلامة الأمارة تأتي بمعنى الدليل (أخبرني عن أمارتها) يعني علاماتها وأدلتها التي تدل عليها إذاً أمارة استعملت في الشرع لكن لا أظن أن هذا مسلك المتكلمين يعني أنهم أخذوه من الشرع، والأمارة والعلامة أيضاً ألفاظ مرادفة للدليل لكنها قال وتستعمل في الظنيات يعني تستعمل فيما كان موصلاً إلى حكم شرعي في الظنيات فقط يعني ما كان مفيداً للظن فقط، حينئذ يقولون الدليل الأمارة وأيهما أضعف؟ الأمارة لماذا؟ لأنها تفيد أن مدلولها الظن والدليل أعلى لأنه يدل على القطع، وتستعمل في الظنيات فقط ولا تسمى دليلاً بل الدليل خاص بما كان قطعياً فالأمارة حينئذ تكون أدنى من الدليل وهذا التفريق باطل لا دليل عليه لا من اللغة ولا من الشرع بل في اللغة ما يُتوَصل به إلى معرفة علم أو ظن هذا مدلوله في الاصطلاح اللغوي، كذلك عند من يعرف الدليل بأنه ما يمكن التوصل النظر فيه إلى مطلوب الخبري نقول مطلوب الخبري هذا عام يشمل الظن والعلم حينئذ نقول الأرجح أن ما أفاد العلم وما أفاد الظن يسمى دليلاً وأمارة وعلامة فالكل يطلق عليه أنه دليل لأن كل منهما مرشد على المطلوب والعرب لا تفرق بين ما أفاد العلم وما أفاد الظن هذه أمور دخيلة على اللغة ما أفاد العلم وما أفاد الظن العرب لا تفريق لهم ولا ينظرون إلى هذه الأمور وإنما كل ما أوصل إلى نتيجة فهو دليل سواء كانت النتيجة ظنية أو قطعية فحينئذ يسمى مرشداً إلى المطلوب وإذا حصل وأنه مرشد إلى المطلوب حصل الإطلاق وهو أنه دليل، ثانياً يُقال مؤدى كل منهما العمل بما دل عليه فإذا استويا إذا قيل هذا دليل بمعنى أنه أفاد القطع والقطع وجب العمل به والثاني الظن لأنه أفاد الظن فما حكمه من جهة العمل يجب العمل به إذاً استويا لماذا نفرق فإذا كانت النتيجة أن العمل بالظن كالعمل بالقطع نقول هذا لا فرق بينهما حينئذ، إذا هذا التفريق لا يدل عليه دليل لا من جهة الاصطلاح ولا من جهة اللغة. ثم قال وأصول الأدلة أربعة: الكتاب والسنة والإجماع.
وأصول الأدلة التي يعتمدها الفقيه في الاستنباط نوعان سمعية وعقلية سمعية هذه نسبة إلى السمع ويُعبَر عنها بأنها نقلية بأنها منقولة يرويها البعض عن الآخر وعقلية نسبة إلى العقل وليس المراد أن العقل هنا إذا قيل أصول الفقه أنها تنقسم إلى سمعية وعقلية ليس مراد أن العقل مستقل في إدراك الأحكام – لا – وإنما عقلية نسبة إلى النظر والتأمل وقصد به المصنف هنا الاستصحاب لأنه ناشر عن نظر وتأمل وليس المراد أن العقل يستقل بإدراك الأحكام ولذلك قلنا في السابق لا حاكم إلا الله بمعنى أن العقل أو الإنسان أو البشر مهما كان لا يمكن أن يكون مشرعاً {إِنِ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلّهِ} الأنعام57، فالأحق ليس لغير الله حكم أبداً فالأحق ليس لغير الله حكم أبداً حينئذ نقول {إِنِ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلّهِ} هذا عام فلا يثبت أي حكم شرعي نسبة إلى الشرع إلا ومصدره الكتاب والسنة الوحيين وما عده فلا، إذاً فأصول الأدلة التي يعتمدها الفقيه في الاستنباط والتي يبحث فيها الأصوليون لتقليد القواعد العامة نوعان سمعية وعقلية والسمعية ذكر منها المصنف ثلاثة الكتاب والسنة والإجماع لذا قال وهي سمعية ويتفرع عن هذه الأدلة الثلاثة القياس لم يجعل القياس أصلاً وهل القياسي أصل أو لا؟ هذا مرده إلى الخلاف في إفادة القياس بعضهم يرى أنه لا أصل يعتبر من أصول الأدلة على إذا كان قطعياً وحينئذ القياس هل هو قطعي أو طني من قال أنه قطعي حينئذ جعله أصلاً رابعاً فقال الأصول أربعة ومن قال لا إنه ظني حينئذ لم يجعله أصلاً وفر على ما فر إليه المصنف هنا الصواب أن القياس قد يكون قطعياً وقد يكون ظنيا يختلف باختلاف أنواع القياس وعليه حينئذ يعد رابعاً فيُقال الأدلة أربعة السمعية الكتاب والسنة والإجماع والقياس والقياس يعتبر أصلاً مستقلاً لكن ليس المراد استقلال أنه لا يعتمد على لكتاب والسن – لا – وإنما الراد أنه له شروطه وله ضوابطه الخاصة به كما أن السنة هي أصل مستقل وكذلك ليست خارجة عن الكتاب ولذلك بعض أهل العلم عد الأصول واحد قالوا الكتاب فقط لماذا؟ لأن السنة دل عليه الكتاب حينئذ لماذا نجعل السنة قسماً مستقلاً نقول الكتاب والإجماع دل عليه الكتاب والسنة والقياس دل عليه الكتاب والسنة والإجماع لكن المراد من باب التقسيم هو التأصيل العلمي فقط وليس من باب التدقيق الذي يُوصل لمثل هذه الأشياء حينئذ نقول الكتب نعم هو الأصل والكتاب دل على السنة والكتاب والسنة دلا على الإجماع والكتاب والسنة والإجماع دلت على القياس وهي سمعية أي منسوبة إلى السمع لأن متلقاها طريقها السمع ويتفرع عنها عن هذه الثلاثة القياس لأن الأصل فيه لابد من أصل والأصل هو المقيس عليه هذا المقيس هذا لا يصح ولا يمكن الاعتماد عليه إلا إذا كان ثابتاً في كتاب أو سنة أو إجماع حينئذ صار فرعاً عن الكتاب والسنة والإجماع هذا وجه كون المصنف جعل القياس فرعاً للكتاب والسنة والإجماع لأن القياس يتألف من أربعة أركان لابد من أصل مقيس عليه يُشتَرط في هذا الأصل أن يكون ثابتاً في كتاب أو سنة أو إجماع إذاً لا يخرج عن الثلاثة والاستدلال لأنه داخل في مفهوم الدليل والإجماع منعقد على مشروعية استعماله في استخراج
الأحكام استدلال هذا أمر متفرع عن الكتاب والسنة والإجماع وبالإجماع يعتبر دليلاً لدخوله في مفهوم الدليل في استنباط الأحكام الشرعية من مظانها والرابع عقلي يرجع على الرأي والنظر وليس المراد أن العقل مستقل في إدراك الأحكام بل العقل مستنبط فقط له عمل له مجاز كما هو في اللغة في اللغة نقول لا تثبت بالعقل وإنما تثبت بالنقل وعُرفت بالنقل لا بالعقل فقد بالنقل فالاستنباط بالنقل حينئذ العقل يستنبط وهنا العقل يستنبط والرابع عقلي وما هو قال وهو استصحاب الحال قبل التكليف المقصود به العدم الأصلي قبل التشريع نقول هذا دليل عقلي يستصحبه المجتهد إذا لم يثبت دليل على تحريم شيء أو إيجاب شيء نقول الأصل عدم الحكم لما نقول أصل البقاء كان على ما كان إذا لم يُشرَع الحكم الشرعي لم يرد دليل بالتكليف المكلف بإيجاب أو تحريم نقول الأصل العدم ما هو الأصل العدم هو الدليل لاستصحاب العدم هذا الذي سيذكره مستقلاً في باب خاص به وهو أي العقل أو الدليل العقلي استصحاب العقل الحالي أي قبل التكليف ما هي الحال قبل التكليف؟ براءة الذمة عن الإيجاب أو الندب في النفي الأصلي يعني في العدم الأصلي لأن الأحكام الشرعية إمام أن تكون إثبات أو نفي الإثبات لا يمكن أن يكون إلا بدليل سمعي إذا قيل يجب عليك فعل كذا لابد من الدليل لكن النفي يمكن أن يدرك بالعقل وهو مرادهم هنا إذا قيل يجب عليك لا لا يجب الأصل هو عدم الوجوب فمن أوجب شيئاً هو الذي يُطالَب بالدليل والنافي لا يُطالَب بالدليل ليس مطلقاً وإنما النافي يُطالَب بالدليل في مقام الجدل والمناظرة وهذا أكثر الأصوليين وأرباب الجدل أن النافي لا يُطالَب بالدليل بل المُثبت الذي يُطالب بالدليل والصواب أنه يُطالب بالدليل {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَاّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} البقرة111، هاتوا برهانكم على ماذا؟ على النفي أو الإثبات؟ على النفي إذاً النافي يُطالَب بالدليل كما يُطالَب المُثبت هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – خلاف لأكثر المتكلمين والأصوليين وأرباب الجدل والمناظرة أنا النافي لا يطالب بالدليل والصواب أنه يُطالب بالدليل فحينئذ إن المجتهد إذا نظر في المسألة ولم يجد دليل يدل على الوجوب أو على التحريم نقول الأصل براءة الذمة هل يعتبر قوله هذا دليل أو لا؟ يعتبر دليلاً هل هو سمعي أو عقلي؟ نقول عقلي بمعنى لابد أن يكون مستنبط على قواعد من الشرع لكن بمعنى النظر والتأمل هو الذي أداه إل هذا في النفي الصالي أي العدم الأصلي الدال على براءة الذمة من التكاليف الشرعية حتى يرد دليل شرعي لو قال قائل علينا صلاة سادسة وجبت علينا صلاة سادسة الصلوات ستة لا خمس ماذا نقول؟ نقول هات الدليل أين الدليل؟ فإذا لم يثبت دليلاً نقول الأصل عدم صلاة سادسة الأصل عدم وجوب حج مرة ثانية أليس كذلك فحينئذ يستصحب العدم مطلقاً في كل حكم ثبت أو أثبته الأصل ولم يثبت معه دليل من الشرع ثم قال فالكتاب فاء هذه فاء الفصيحة استدل بعضهم باستصحاب العدم لقوله صلى الله عليه وسلم " ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم
عنه
فاجتنبوه " ما وجه الاستدلال؟ ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه يريد أن يستنبط من هذا الدليل يا فقهاء على ثبوت استصحاب العدم وأن ما لم يأمر به وما لم ينهى عنه ما حكمه؟ ليس له حكم بل باقياً على الأصل العدم، ما أمرتكم به فأتوا منه وما نهيتكم إذاً بعض الأفعال أو بعض ألأقوال أو بعض ألأشياء لم يأمر ولا ينهى فحينئذ يكون حكمها ألا حكم لها وإنما يستصحب فيها العدم الأصلي وهو الإباحة، فـ (الكتاب): كلام الله عز وجل وهو القرآن المتلو بالألسنة يُذكر الكتاب وهو الدليل الأول وهو الأصل الأول والدليل على أنه أصل قوله تعالى {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} الأنعام155، هذا أمر باتباع الكتاب حينئذ جُعل الكتاب أصل لكل الأدلة وهذا أمر مُجمَع عليه فالكتاب كلام الله عز وجل يذكر الأصوليون كثير من المسائل التي تكون في غير فن الأصول يعني يذكرون في الكتاب حده تعريفه ثم تختلفون فيه هل هو المعنى النفسي أو المعنى اللفظي على ما يذكره أرباب البدع وثم يُذكَر فيه الحقيقة والمجاز ويُذكر فيه المُعَرب وغيره ثم يكون الحروف المتعلقة بالكتاب وكذلك السنة وهذه كلها أبحاث الأصل أنها ما تُبحَث في أصول الفقه طالب العلم إذا أراد أن يستفيد من هذه المباحث لا يأخذها من الأصوليين وإنما يأخذ كل فن من أربابه وأصحابه فيدرس المجاز والحقيقة مثلاً في كتب البيانيين ثم يتعرب الكثير من أرباب علوم القرآن مثل البحث المعرب وغيره والمجاز وموجود وغير موجود كذلك الحروف يعني توسع فيها النُحاة كابن هشام تُدرَس الحروف وتُمر على كتب الأصول ليُعلَم هل من زيادة على ما ذكره أرباب الفنون أو لا فقط وإلى تحقيق المسائل وإثبات المسائل وشرحها وكذا تذكر باختصار في مثل هذه المواد ولذلك كل كتاب في أصول الفقه الكلمة والكلام والصوت واللون وتعرب وتقسم الكلمة والجملة الفعلية وهل بينهما علاقة أو لا إلى آخره نقول هذه تُأخذ من مظانها سنمر على هذه المباحث باختصار جداً هذه فقط ومن أراد فليرجع إلى نفس الكتاب، فالكتاب هذا فِعال مفعول لأنه مشتق من الكَتْبِ والكتب المراد به الجمع والضم قالوا تَكَتَبوا بنو فلان إذا اجتمعوا وسمي الكتاب كتاباً لاجتماع الحروف والكلمات بعضها إلى بعض والمراد بالكتاب هنا القرآن وهذا بإجماع العلماء ويسمى القرآن كتاباً كما في قله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} الكهف1، هنا سماه كتابا ولكن كثير من الشُراح يذكرون في مثل هذا الموضوع يقول الكتاب اسم جنس صار علماً بالغلبة على القرآن ولا أدري ما وجهه لماذا؟ لأنه إذا نص الرب على أنه الكتاب حينئذ صار من أسماء القرى، الكتاب فحينئذ لا نقول صار علماً بالغلبة لماذا؟ لأن صيرورة الشيء علماً بالغلبة عند أهل اللغة ليس من صنع الفاعل نفسه يعني العبادلة أربعة هل هم اتفقوا وقالوا نحن العبادلة أم من صنع غيرهم حينئذ لو قيل الكتاب لم يسمه الرب جل وعلا كتاب ثم جُعِل علما بالغلبة صار الاسم هذا ليس من عند الرب سبحانه وتعالى وإنما من صنع العلماء هم الذين أطلقوا الكتاب صار علماً
بالغلبة مثلما فعل النحاة حدوا الأسماء الستة وقالوا هذه الأسماء الستة فإذا أطلقوا الستة صار أبوك أخوك إلى آخره، الكتاب إذا قيل هو علم على القرآن علم بالغلبة أو علم بالشرع الظاهر أنه بالشرع لكن كثير من المعاصرين يقولون علم بالغلبة ولم ينبني عليه فرق جوهري، إذاً الكتاب يكون اسم من أسماء القرآن والأصل أنه جنس وهو المراد به هنا كلام الله عز وجل والكلام حقيقة الأصوات والحروف حينئذ إذا قيل القرآن هو كلام الله حينئذ نفهم أنه بصوت وحرف بإجماع السلف أنه بصوت وحرف ويسمى القرآن كلام الله لأنه بعض كلام الله ليس كل كلام الله وإنما هو بعض منه يتكلم الرب جل وعلا بما يشاء وقت ما شاء كيفما شاء ومن كلامه القرآن {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ} التوبة6، إذاً ما يسمع النبي صلى الله عليه وسلم؟ كلام الله ولا إشكال في هذا، وهو القرآن المتلو بالألسنة وهي مخلوقة وإذا كانت الألسنة مخلوقة لا يلزم منها أن ما تُلي مخلوقاً المكتوب في المصاحف وهذه سنة أجمع عليا الصحابة أنهم كتبوا القرآن في مصاحف ولم يُخرجوه عن كونه كلام الرب ولم يخرجوه عن كونه ليس بمخلوق كذلك قال المحفوظ في الصدور {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9، ومن حفظه كتابته في المصاحف ومن حفظه حفظه في الصدور إذاً كونه في الصدور وهي مخلوقة وكونه يتلى بالألسنة وهي مخلوقة نقول لا يخرجه عن أصله أنه من صفة للرب جل وعلا فالألحان والصوت والألحان صوت القارئ لكن المتلو قول البارئ، ثم قال وهو كغيره كيف يقول كلام الله ثم يقول كغيره بما بعده هذا كم يقرأ (ويل للمصلين) ثم يقف نقول لا، وهو أي القرآن كغيره من الكلام العربي لأنه نزل بلسان عربي مبين جعل له قرآناً عربياً وهذا لا خلاف فيه أن القرآن نزل بلسان العربي حينئذ إذا نزل بلسان العرب نُقعِّد قاعدة نستفيد منه قاعدة وهو كغيره من الكلام لماذا كغيره من الكلام لأن الله سس تكلم بلسان العرب فإذا تكلم بلسان العرب كل ما كان في لسان العرب الأصل إثبات في القرآن هذه قاعدة فإذا ثبت في لسان العرب المعرب نقول في القرآن المعرب وإذا ثبت في لسان العرب الحقيقة والمجاز نقول في القرآن حقيقة ومجاز أليس كذلك، فكل ما ثبت في اللسان العربي نقول القرآن نزل بلسان عربي مبين فإذا ثبت في اللغة العربية على قواعد وسند ما اشتهر على ألسنة العرب نقول الأصل وجوده في القرآن بل من ينفي هو الذي عليه الدليل أن ينفي وجوده في لسان العرب حينئذ يصح نفيه عن القرآن ولذلك كان من اضعف الأقوال أن يُقال اللسان العربي فيه حقيقة ومجاز وهو كلام كثير ثم ينفيه عن القرآن هذا قول فاسد من أفسد الأقوال من أضعف الأقوال إمام أن يُبت مطلقا في القرآن واللغة وإنما ينفيا مطلقان أما تفصيل بهذا ضعيف جداً.
وهو كغيره وهو أي القرآن كغيره من الكلام في أقسامه فينقسم حينئذ على ما ينقسم به كلام العرب يكون كلمة ويكون جملة مفيدة ويكون جملة اسمية وجملية فعلية حرفاً وفعلاً وحقيقة ومجازاً ويكون معرب وكون مشتق من أصل ومبتدأ وخبر وجار ومجرور الحرف يستعمل في موضعه وقد يستعمل في غير موضعه قد يراد بالجملة الخبرية إنشائية وقد يراد بالإنشائية خبرية إلى آخره، كل يثبت في اللغة العربية الأصل لإثباته في القرآن والذي ينفي هو الذي عليه الدليل، فمنه إذا عرفنا هذا فمنه أي من القرآن حقيقة ومجاز، فمنه أو ينقسم القرآن المركبات فيه باعتبار استعماله في معناه لأن اللفظ يكون له معنى ثم هل هذا اللفظ الذي ثبت معناه في لغة العرب هل استعمل في معناه أو في غير معناه العرب أو لسان العرب يجوزوا استعمال اللفظ في معناه جائز عقلاً وواقع لغة يستعمل اللفظ في مدلوله الذي وُضع له في اللغة ثم من صنيع أهل اللغة قد يُؤخذ هذا المعنى أو اللفظ فيستعمل في غير معناه الذي وُضع له فحينئذ ينقسم لسان العرب باعتبار استعمال اللفظ في معناه أو عدم استعمال في معناه على حقيقة ومجاز وإذا ثبت الحقيقة والمجاز في لسان العرب حينئذ في القرآن حقيقة ومجاز على ظاهر ما ذكره المصنف هنا فمنه أي فمنة القرآن حقيقة فعيلة مأخوذة من حق أو من الحق من حق الشيء يحقه ويحق بمعنى ثبت الحق في الأصل أنه الثابت فحينئذ يكون فعيلة قد يأتي بمعنى فاعل وقد يأتي بمعنى مفعول فإذا كان بمعنى فاعل حينئذ يكون بمعنى الكلمة الثابتة في موضعا الذي وضعه العرب لها وإذا كان بمعنى مفعول كان الحقيقة بمعنى الكلمة المثبتة في موضعها الذي وضعها العرب لها وعلى ألأول إذا كانت فعيلة بمعنى فاعل تكون التاء تأنيث وإذا كان فعيل بمعنى مفعول حينئذ التاء لا تدخله مثل جريح وصبور نقول جريح هذا لا تدخله التاء تقول امرأة جريح وزيد جريح ولا تكون امرأة جريحة لماذا؟ لأن فعيل إذا استوى فيه مذكر ومؤنث امتنع دخول تاء التأنيث عليها حينئذ نقول هذه التاء لنقل الوصفية تاء الوصفية للنقل نقل الوصف من الوصفية إلى الاسمية، ما هي الحقيقة؟ قال وهي اللفظ المستعمل فيما وُضع له اللفظ إذاً الحقيقة وصف للألفاظ واللفظ قد يكون مهملاً وهو الذي لم تضعه العرب وقد يكون مستعملاً وهو الذي وضعته العرب قوله المستعمَل أخرج المهمل فحينئذ ليس لا يوصف بكونه حقيقة كذلك أخرج المستعمل اللفظ قبل الاستعمال فلا يوصف بكونه حقيقة ولا مجازاً إذاً قلوه اللفظ نقول جنس اللفظ عرفنا حده في النحو هذا الجنس يشمل نوعين المُهمَل والمستعمل ديث هذا مهمل زي هذا مستعمل المستعمل نقول أخرج المهمل وأخرج اللفظ قبل الاستعمال حينئذ نقول الحقيقة لا يوصف بها اللفظ غير المستعمل فيما وُضع له يعني في معنى ما هنا اسم موصول بمعنى الذي يصدق على معناه لفظ استعل في معنى وُضع له يعني وُضع ذلك اللفظ لذلك المعنى كاستعمال الأسد في الحيوان المفترس فإذا قال قائل رأيت أسدا يعني حيوان مفترس ما يحتمل أنه رجل شجاع لماذا؟ لأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته واللفظ أو المعنى الذي وُضع له لفظ أسد هو الحيوان المفترس فيما وُضع له وهذا يشمل الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية
والحقيقة العرفية لأن الحقائق ثلاثة أنواع حقيقة لغوية وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له عند أهل اللغة الحقيقة الشرعية ما استمله الشرع أو إن شئت قلت اللفظ المستعمل فيما وُضع له شرعاً كالصوم مثلاً والصلاة لأن الصلاة في اللغة هي الدعاء وفي الشرع استعمل هذا اللفظ لا مراداً به الدعاء من جهة الخصوص كما هو معناه اللغوي وإنما نقله حصل نقل نلقه من معناه العام الذي هو الدعاء وجُعل علماً واسماً وحقيقة في أفعال مخصوصة وأقوال مخصوصة فحينئذ نقول لفظ الصلاة هذا لفظ عام له أفراد صدقه في اللغة على جميع أفراده حينئذ إذا أُطلق لفظ الصلاة في اللغة حُمل على جميع مفرداته على جميع مسمياته لكن الشرع خصه ببعض الأفراد كذلك الصوم الصوم في اللغة الإمساك مطلق الإمساك الإمساك عن الكلام يسمى صوم {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} مريم26، صوماً المراد به الإمساك عن الكلام بدليل {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} خيل صائمة وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما خير الصيام صيام عن إيش؟ ممسكة من الصباح خير الصيام أي أمسكت عن الجري إذاً نقول في اللغة الصوم كل إمساك ثم خصه الشرع نقله الشرع نقله في ماذا؟ في بعض أفراده وهو إمساك المخصوص من الفجر إلى غروب الشمس عن أشياء مخصوصة إمساك مخصوص في الوقت المخصوص عن أشياء مخصوصة حينئذ إذا أُطلق لفظ الصيام في اللغة حُمل على معناه اللغوي وهو مطلق الإمساك وإذا أُطلق في الشرع حُمل على معناه الشرعي كذلك الحقيقة العرفية كالشرعية من حيث النقل يعني نُقل اللفظ اللغوي لأن الحقيقة اللغوية هي الأصل ثم الشرع تصرف في اللغة والعرف كذلك تصرف في اللغة كل منهما من الشرع والعرف نظر إلى اللفظ العام الذي له أفراد أو مسميات فقصر اللفظ على بعض أفراده قصر العام على بعض أفراده هذا قريب من أصل اللفظ العام من جهة إطلاقه اللغوي على بعض المسميات الدابة في اللغة لكل ما دب على وجه الأرض لكنه خًص في العرف لذوات الأربع الحية دابة أم لا؟ فيها تفصيل لا تمشي ولا تثبت الحية نقول لغة دابة لأنه تدب عن الأرض كل ما دب {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} النور45، فحينئذ الدابة في اللغة كل ما يدب على وجه الأرض سواء كان برجلين أو أربعة أو على بطنه يزحف نقول هذا داة لكن في العرف خصه بذوات الأربع فالفرس دابة لغة وعرفاً والحية دابة لغة لا عرفاً ليست ذوات أربعة حينئذ نقول فائدة هذا التقسيم وذكر الحقيقة هنا فائدة هذا التقسيم أن الحقيقة تتنوع ثلاثة أنواع حقيقة لغوية وشرعية وعرفية إذا جاء في الشرع في نصوص الوحيين لفظ له حقيقة شرعية وله حقيقة لغوية أو عرفية يُحمل علي أي؟ على الشرع واللفظ محمول على الشرعي إن لم يكن مطلق العرفي في اللغوي على هذا الترتيب جمهور العلماء أن الحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة العرفية والحقيقة العرفية مقدمة على الحقيقة اللغوية هذا باختصار، ومجاز أصل مجوز مفعَل حصل إعلال بالنقل
تحركت الواو ثم قُلبت ألفاً، مجوز من الجواز وهو العبور والانتقال حقيقته اللفظ المستعمل في غير ما وُضع له على وجه يصح اللفظ مستعمل اللفظ يشمل المهمل والمستعمل المستعمل أخرج المهمل حينئذ المهمل لا يوصف بكونه مجازاً واللفظ قبل الاستعمال الذي هو الموضوع قبل استعماله لا يوصف بكونه مجازاً حينئذ اللفظ قبل الاستعمال لا يوصف بكونه حقيقة ولا مجازاً في غير ما وضع له يعني في اللغة في غير ما وضع له في اللغة فإذا استعمل لفظ الأسد في الرجل الشجاع نقول اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في اللغة لأنه في اللغة وضع على الحيوان المفترس فإذا استعمل في الرجل الشجاع نقول هذا مستعمل في غير ما وضعت له العرب ذلك المعنى لكن قال على وجه يصح بمعنى أن المجاز ليس على إطلاقه كل مذهب لا يستعمل اللفظ في غير ما وضع له وإنما لابد من شرطين أولاً وجود العلاقة وثاني وجود الخليلة قال المراد بقول على وجه يصح بمعنى لابد من معنى مشتهر يكون بين المعنى المنقول عنه إلى المعنى المنقول إليه احترازاً مما لو قال رأيت أسداً يخطب يعني شبهه في أي شيء في الشجاعة إذاً الشجاعة هي المعنى المنقول عنه في الأسد إلى الرجل لماذا؟ لهذه العلاقة وجود الشجاعة لذل إذا كانت العلاقة بين المشبهة والمشبه به والاسم المستعار والمستعار منه مشابهة سميت استعارة إذا كانت المشابهة سمي المجاز استعارة وإلا سمي مجازاً مرسلاً إذا كانت العلاقة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه المشابهة فيسمى مجازاً ويسمى استعارة وإلا سمى مجازاً مرسلاً هنا رأيت أسداً والعلاقة هي الشجاعة يعني وجه الشبه بين المشبه به والمشبه إذا كانت العلاقة هنا الشجاعة نقول الشجاعة هذا أمر واضح ومشتهر ويصح نقل اللفظ عن معناه الأصلي إلى معناه المجازي ولا إشكال لأن اللفظ إذا أُطلق لم يحصل منه تعقيد معنوي عند استعماله حينئذ كل من سمع رأيت أسداً يخطب علم أن التشبيه هنا في الشجاعة أما إذا أراد رأيت أسداً يرمي وقصد المشابهة في كون الرجل أبخر كما أن الأسد أبخر نقول أسد نعم أبخر لكن استعمال المشابهة أو إطلاق لفظ الأسد على المعنى المنقول إليه وسحبه من المنقول عنه إن لم يكن المشابهة فهذا يحصل به تعقيد معنوي وإذا حصل به التعقيد المعنوي انتفى التركيب حينئذ لا يسوغ العرب استعمال اللفظ في غير ما وضع له إلا إذا كان ثم معنى مشتهراً عن المتكلم والسامع أن المعنى هو الذي نُقِل فحينئذ إذا كانت الشجاعة صح المجاز وإن كان كونه أبخر لا يصح المجاز مع كون المعنى موجود إذاً على وجه يصح المراد به العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المنقول إليه مع وجود قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي يُقال رأيت أسدا يحتمل وجود العلاقة عنده أنه شبه الرجل الشجاع بالأسد فاستعمل اللفظ في غير ما وضع له حينئذ وجدت العلاقة عنده فقال رأيت أسداً وقصد به الرجل الشجاع لك السامع ما الذي يدريه أن الأسد هنا المراد به الرجل الشجاع لابد من نصب قرينة تدل على أنه استعمل اللفظ في غير ما وضع له فيقول رأيت أسداً يخطب عندما يسمع السامع يخطب يعرف أن هذه قرينة صارفة عن إرادة الأسد بالمعنى الأصلي وهو الحيوان المفترس إذاً عرفنا على
وجه يصح أن المراد به تقييد المجاز استعمال الفظ في غير ما وضع له لابد له من أمرين العلاقة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه لابد أن يكون مشهوراً معلوماً مستفيضاً بين المتكلم والسامع وأما المعنى غير المشهور فلا يجوز استعماله لأنه يؤدي إلى تعقيد المعنى، الثاني وجود قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي كـ (جناح الذلّ) هذا وروده في القرآن جناح الذل، الذل معنى والجناح هو الجناح المعروف عند الطائر إذاً هو في الأجسام فإذا اُستعمل الجناح في الذل وهو أمر معنوي يقال وهذا مجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له (يُريد أن يَنْقَضّ) جداراً يريد أن ينقض قالوا الإرادة هذه صفة للحي للإنسان والحيوان والجدار جماد وحينئذ ينتفي وصف الإرادة عنه وقالوا هذا مجاز شبه الجدار بالإنسان في الميل فاشتق له الوصف إلى آخره قالوا هذا مجاز وفي هذا الترتيب ليس بمجاز ولو قيل بالمجاز نقول هذا بالمثال ليس بصحيح لماذا لأن الإرادة غير ممتنعة عن الجماد بل دلت نصوص عامة كثيرة مستفيضة مشهورة على أن الجماد يوصَف بالحركة ويوصف بالكلام {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} الإسراء44، والتسبيح لابد له من إرادة، أُحد جبل يجبنا ونحبه، أُحد هذا جماد ويحب والمحبة أخص من الإرادة وإثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم إذاً له إرادة حينئذ وردت نصوص على أن الجماد قد يبكي كما هو شأن الحديث حنين الجذع إلى آخره وتسبيح الحصى والسلام إلى آخره، النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى شجرة فخرقت الأرض فجاءت إذاً أطاعت النبي صلى الله عليه وسلم هنا تدل على ماذا تدل على أن الجماد يوصف بالإرادة ولو قيل بالمجاز فهذا المثال ليس بصحيح لوجود دليل مناف له أما (جناح الذلّ) ممكن أن يسمى أن يقال الذل معنى والجناج الأصل في لغة العرب أنه الجناح الجناح المعروف فإذا استعمل الجناح للذل لا بأس أن يقال أنه مجاز، ومنه – أي من القرآن - استعمل في لغة أخرى وهو المعرّب إذاً في القرآن ما هو معرب والمراد بالمعرب ما كان في لغة أجنبية ثم استعمل في لغة العرب وهل في القرآن معرب أو لا؟ فيه خلاف طويل عريض ولا ينبني عليه فائدة من جهة الفرع وإنما اتفقوا أن يُقال اتفقوا على وجود الأعلام الأجنبية في القرآن مثل إبراهيم وإسماعيل ولذلك اتفق النحاة على أنها ممنوعة من الصرف عند حالتين اثنتين لا ثالث لهما العالمية والعجمة وكونها عجمة بمعنى أنها أسماء وضعت على لغة العجم هذا مراد العجمة فحينئذ استعمالها أعلام في لغة العرب لا يمنع من كونها أعجمية هل هي موجودة في القرآن أم لا؟ نقول موجودة، هل هي معربة أم لا؟ نقول الجواب لا ليست معربة وإنما بعض الكلمات كإستبرق وناشئة الليل إلى آخره هذه في الأصل ليست بعربية ولكنها دخلت على لغة العرب ففُهم المعنى منها المقصود منها فاستعملها العرب فعُرِبَت يعني نُزلت منزلة الكلمات العربية أصالة فعوملت معاملتها إما من المنع من الصرف وإما بالتنوين والرفع والنصب والجر إلى آخره إذاً عوملت معاملة الكلمات العربية ولا يمنع أن يُقال في القرآن ما هو معرب لا مانع وكون فيه باب المعرب لا ينافي قوله تعالى {{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ
مُّبِينٍ} الشعراء195، {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} الزخرف3، حينئذ نقول كونه عربياً هذا الحكم العام الأغلب.
ووجود بعض الكلمات التي تعج على الأصابع بل ما أكثر ما أعده السيوطي مائة وعشرين كلمة في القرآن كله عد مائة وعشرين كلمة يقول هذا لا يُخرج القرآن عن وصفه بأنه عربي وبأنه حصل الإعجاز به وبنفسه وبذاته، ومنه أي من القرآن ما استعمل في لغة أخرى أي ما استعمل في لغة أخرى ثم استعملته العرب وهو دخيل عليها كـ (ناشئة الليل) هذا وردت مرة في سورة المزمل عن ابن عباس أن الناشئة هي قيام الليل بالحبشية إذاً هي لغة دخيلة وليست عربية حينئذ نقول هذه الكلمة مُعربة ووجودها في القرآن لا بأس به، والمشكاة وهي القوة بلسان الحبشية وقوله هندية هذا فيه نظر بعضهم نفى أن تكون هندية المشكاة بل أهل الهنود يقولون هذا قالوا لا تعرف بلسان الهند المشكاة بمعنى القوة وإنما هي حبشية، وإستبرق أيضاً هذا نوع من اللباس حرير الديباج أصله استبره بالهاء فقلبت الهاء قاف كما قال ابن قتيبة وردت في القرآن أربع مرات وهي فارسية، نقول هذه كونها ناشئة الليل حبشية والمشكاة هندية وإستبرق فارسية كلها وردت عن كبار أئمة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء وغيرهم حينئذ الحكم بكونها معربة وكونها في القرآن مع صحة ما ثبت عن بعضهم كابن عباس على جهة الخصوص نقول لا مانع من القول به، وقال القاضي هذا أبو يعلى والشافعي - رحمه الله تعالى – وكذلك ناصره ابن جرير الطبري الكل عربي يعني كل القرآن عربي ولا يقال فيه بعض الكلمات المعربة بل ما ورد من ذلك وهو بلسان الحبشية أو الهندية أو الفارسية نقول مما توافقت فيه اللغات إذاً ناشئة الليل ليست حبشية وإنما هي في لسنا الحبشة على أصلهم وفي لسان العرب على أصلهم وكذلك إستبرق والمشكاة إلى آخره حينئذ نقول هذه ليست بمعربة وإنما هي في أصل اللسان الأجنبي وهي كذلك في أصل اللسان العربي ولكن الأول أرجح ثم قال وفيه محكم ومتشابه. نقف على هذا وصلى الله وسلم وعلى آله وصحبه وسلم.