الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* المحكم والمتشابه
* السنة: القول ، والفعل ، والتقرير.
الدرس التاسع
من يهده الله فلا مُضل له من يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا ومحمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً، أما بعد، وقفنا عند قول المصنف - رحمه الله تعالى - وفيه محكم ومتشابه وهذا إن شرع في بيان الأصل قول الكتاب والمراد به القرآن وذكر أن القرآن قعَّد لنا قاعدة عامة مضطردة يستصحبها الأصولي وكذلك طالب العلم أن القرآن نزل بلغة العرب فحينئذ كل ما جاز في لغة العرب بشرط أن يكون مشتهراً واضحا بيناً لا نادراً وقليلاً وشاذاً فالأصل أن يكون القرآن مشتملاً عليه ولذلك إذا ثبت المجاز في اللغة حينئذ نقول القرآن فيه مجاز وإذا ثبت المعرب في اللغة حينئذ نقول القرآن في معرب كذلك إذا ثبت المحكم والمتشابه في اللغة أن من كلام العرب ما هو بين واضح ويفسر نفسه بنفسه وفيه ما هو متشابه يختلف فيه السامعون في فهم المراد حينئذ يكون القرآن مثل ذلك ودليل الكل الوقوع قد يكون بعض الأشياء موجودة في لغة العرب ولكن غير موجودة في القرآن حينئذ نقول لا يلزم كل ما وُجد نقول لابد أن يكون موجود وإلا فلا إذا وُجد وثبت في لغة العرب ووُجد له وقوع حينئذ نقول مثلاً ما دليل وجود المعرب في القرآن المعرب موجود في لغة الرب نقول دليله ناشئة الليل إذاً الوقوع هو الدليل دليل الجواز ودليل الشرعيات كذلك المجاز نقول مثلاً المجاز موجود في لغة العرب ما دليل وجوده في القرآن نقول مثلاً جناح الذل كما قال هناك يريد أن ينقض، حينئذ نقول الوقوع هو الدليل إذاً ذكر المجاز هنا والمعرب مراد المصنف أنها موجودة في القرآن ودليله أن القرآن نزل بلسان عربي مبين وإذا نزل بلسان عربي مبين فهذا اللسان العظيم قد اشتمل على الحقيقة والمجاز فحينئذ لا مانع بأن يُقال في القرآن مجاز، وفيه محكم ومتشابه وفيه أي في الكتاب محكم ومتشابه لماذا نقول فيه محكم ومتشابه لوجوده في اللغة العربية والقرآن نزل بلغة العرب ودليله الوجود، نقول القرآن وصف الرب جل وعلا بأنه محكم كله وبأنه متشابه كله وبأن بعضه محكم وبعض ومتشابه، وصفه بأنه محكم كله كما في قوله تعالى {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} هود1 هذا وصف للقرآن بأنه محكم كله، كذلك وصف بأنه متشابه كله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً} الزمر23، ووصف بعضه بأنه محكم وبعضه بأنه متشابه كما في قوله تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} آل عمران7، إذا وصف القرآن بأنه محكم كله وبأن متشابه كله وبأن بعضه محكم وبعضه متشابه إذاً يكون عندنا لهذا تأصيل إحكام قد يُطلق الإحكام يُراد به الإحكام العام والتشابه العام وقد يُراد به الإحكام الخاص والتشابه الخاص الإحكام العام هو المدلول عليه بقوله {يس {1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} يس 1 - 2، وُصف القرآن كله بأنه {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} نقول المراد بالإحكام هنا الإحكام العام والمراد به الإتقان والجودة في اللفظ
والمعنى فحينئذ ألفاظه ومعانيه أحكم ما يمكن أن تكون من الإتقان وأعلى درجات البيان والفصاحة والبلاغة وحسن الترتيب وحسن السبك هذا يسمى الإحكام العام كذلك أخباره في كمال الصدق وأحكامه في كمال العدل {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} الأنعام115، صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام، إذاً المراد بـ {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} أي بلغ أعلى درجات الإحكام والإتقان أما قوله بأنه متشابه أو إطلاق الرب جل وعلا على القرآن بأنه متشابه عام أو متشابه كله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً} نقول به أنه بعضه يشبه بعضه هذا يسمى بالتشابه العام أنه بعضه يشبه بعضه في الإتقان والإحكام فحينئذ لا تتضارب ولا تتناقض أحكام ولا يُكذب أخباره بعضها بعضا ولذلك جاء {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} النساء82، ولكن الاختلاف هنا المنفي {اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} هذا وصف حينئذ قد يوجد به بعض الاختلاف لكن لا يُخرجه عن كونه في غاية الإتقان والإحكام في الأخبار والأحكام، أما التشابه الخاص والإحكام الخاص فهو الذي علناه المصنف هنا فيه محكم ومتشابه إذاً فيه يعني جمع بين الإحكام والتشابه وإذا قيل جمع بين الإحكام والتشابه حينئذ أخرج الإحكام العام وأخرج التشابه العام هذا لا مورد له في كتب الأصوليين وإنما يُذكَر في كتب علوم القرآن، وفيه محكم ومتشابه أي في الكتاب في القرآن محكَم، مُحكَم على وزن مُفعَل اسم مفعول من أحكم يحكم فهو مُحكَم اسم مفعول من أُحكِم يُحكَم فهو مُحكَم من أحكمت الشيء اُحكمه إحكاما فهو مُحكَم إذا أتقنته ومنه قولهم بناء مُحكَم أي ثابت يبعد انهدامه وهو أي المُحكَم عند بعضهم كما ذكره في مختصر التحرير بأنه ما اتضح معناه وضده المتشابه ما لم يتضح معناه هذا أحسن مات يُقال في النوعين ما اتضح معناه فهو مُحكَم سواء اتضح معناه بالسياق أو بدليل آخر أو بالسباق أو بقرينة نقول ما دام المعنى اتضح فحينئذ فهو مُحكَم سواء كان بنفسه أم بغيره والمتشابه ما عداه لكن القاعدة أنه في المتشابه أنه يُحمَل على المُحكَم فحينئذ يكون وصفه بأنه متشابه في ابتداء الأمر لا في الانتهاء لأن لو قيل متشابه لأنه لم يتضح معناه هل لم يتضح معناه مطلقاً نقول لا ليس في القرآن هذه يُنفى عن القرآن لأن هذا نقص عيب فحينئذ نقول ما لم يتضح معناه إما أن يكون نسبياً لبعض العلماء قد تُشكِل عليه آية يموت وقد أشكلت عليه هذه الآية ولم يفهمها هذا تشابه وعدم اتضاح نسبي أما عدم اتضاح عام لكل العلماء لكل الأمة هذا لا وجود له وإنما يُحمَل المتشابه على المُحكَم فيتضح حينئذ فحينئذ الإحكام والتشابه الذي ورد في الآية يكون في ابتداء الأمر أما في الانتهاء فلا ولو وُجد ابتداء وانتهاء في حق شخص معين فحينئذ يكون هذا خاص به يكون التشابه وجوه نسبي وفيه مُحكم ومتشابه دليله وقوع بل النص عليه {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يعني ومنه آيات أُخر
هذه صفة للموصوف المحذوف متشابهات حينئذ يُراد بالمتشابه إلى المُحكَم فيُفهَم معناها هذا فيما كُلِف فيه العباد وأما ما لم يُكلفوا به كالمتشابه من إدراك كيفية الصفات مثلاً لأن المصنف فسر للمتشابه الصفات نقول هذا لم يُكلَف العباد إدراكه ولا البحث عنه ولا السؤال عنه وإنما المقصود الذي يكون متضحاً في الانتهاء بعد أن يقع متشابهاً هذا فيما كلف العباد به أما ما لم يُكلَف به كإدراك حقائق وكيفية أو كيفيات الصفات التي اتصف بها الرب جل وعلا نقول هذه ليس مما يُطاق البشر إدراكها ولم يُكلفوا بهذا أصلاً ولذلك الإمام مالك لما سُئل عن {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه5 وكيف استوى حكم بأنه السؤال هذا بدعة لماذا؟ لو كان مكلفاً به لما كان السؤال بدعة لأن البحث في الحقائق وإدراك الكيفيات هذا يعجز عنه الإنسان ولذلك قيل العاجز الإدراك إدراك لأن البشر يعزون عن إدراك حقيقة الصفات أو كيفية الصفات أما المعني فهذه واضحة على ما تقرر في لغة العرب فالمعاني معلومة واضحة بينة بل ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى – أنها من أحكم المحكمات ليس من المتشابه كما يقول البعض وليس من المحكم فحسب بل من أحكم المُحكَم لأن معانيها واضحة متبادرة لمن سلم عن الزيغ والهوى، وأما إدراك كيفياتها فهذا نقول يعجز عنه البشر لأن الصفات هذه نقول فرع عن الذات فإذا كانت الذات يعجز البشر عن إدراكها ذات الرب جل وعلا فالقول في الصفات فرع القول في الذات. إذاً إذا قيل متشابه بمعنى أنه لم يتضح معناه ومآله إلى أن يتضح ونحكم على أن إدراك كيفيات الصفات التي ذكرها الرب جل وعلا عن نفسه أنها متشابه مما لم يعلمه إلا الله عز وجل حينئذ نقول هذا لا إشكال ولا تعارض لأننا لم نُكلَف بذلك والمراد بالمتشابه ما اتضح معناه أو ما لم يتضح معناه ثم اتضح نقول هذا بما كًلف به العبد وفيه محكم ومتشابه بدليل النص السابق.
قال القاضي اختلفوا فيه على أربعة أقوال وليس المراد الأحكام العامة والتشابه الخاص، وقال القاضي أبو يعلى وهو من أصحاب الإمام أحمد يعني أصحاب المذهب، المحكم هو المُفسَّر والمتشابه هو المُجمَل حينئذ كل ما كان متضح المعنى فهو محكم وكل ما كان مُجمَل فهو مفسَر وهذا يؤيد من ذكرته لكم، وهو أنه لا يوجد مجمل لم يتضح معناه في الكتاب والسنة هل يوجد لفظ مجمل لم يتضح معناه نقول لا لا يوجد حينئذ نؤكد أن المتشابه يُراد به وصف كتاب ابتداءاً أو يكون ابتداءاً وانتهاءا في حق شخص معين علموا من الناس من البشر نظر في آية أشكلت عليه إلى آخره نقول هذه متشابهة في حقه أما أن يكون متشابه في حق الأمة بصفة عامة هذا لا وقوع له، المحكم المفسّر، والمتشابه المجمل فحينئذ كل مجمل في القرآن فهو متشابه {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، {قُرُوَءٍ} هذا لفظ مشترك إذاً فيه إجمال فيه إبهام لأنه في اللغة يُطلَق على الحيض ويُطلَق على الطهر فحينئذ نقول هذا مجمل هذا متشابه مجمل متشابه، هل اتضح معناه أم لا؟ بعض أهل العلم رجح بأنه بقرينة بدليل أنه الحيض وبعضهم رجح أنه الطهر حينئذ صار في حقه متشابها في أول الأمر لم يتضح معناه ثم بعد ذلك صار محكماً لأنه رد المتشابه إلى المُحكَم، قول القاضي المحكم المفسّر، والمتشابه المجمل هذا ذكره المصنف بالمعنى رواية ،غلا قوله في العدة المُحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان والمتشابه ما احتاج إلى بيان، كل لفظ كل حكم كل قصة كل وعد كل وعيد كل حلال كل حرام استقل في الدلالة وفُهم المعنى بنفسه فهو محكم فإن احتاج إلى بيان فهو متشابه وهذا أقرب ما يُقال في تفسير المحكم والمتشابه أنه ما اتضح معناه فهو المحكم ولم يتضح معناه فهو المتشابه وذلك ظهر أن المصنف هنا قدمه وإن كان أطلق عبارة عامة في آخر المبحث سيأتي الوقوف معها، هذا قوله أول قوله الثاني قال وقال ابن عقيل أيضاً من أصحاب الإمام أحمد أصحاب المذهب المتشابه ما يغمض علمه على غير العلماء المحققين المتشابه ما يغمض يفعُل من باب غمض كقعَد يقال غمض الحق يغمض من باب قعد خفي مأخذه والغامض من الكلام ضد الواضح ما غمض من الكلام ضد الواضح إذاً المتشابه عند ابن عقيل ما يغمض علمه ما خفي مأخذه على غير العلماء المحققين وما عدا العلماء يعني العوام إذا قرؤوا النصوص ولم يفهموا فهو متشابه في حقهم والعالم إذا قرأ وفسر النص إما أن يكون النص مستقلاً في الدلالة على المعنى بنفسه أو بغيره فحينئذ صار في حقه محكماً، إذاً يكون الإحكام والتشابه باعتبار الناظر إن كان عالماً محققاً فحينئذ ما ظهر له فهو محكم وهل يتصور في حق العالم على هذا القول أنه لا يظهر له شيء البتة؟ لا لأنه جعله عالماً محققاً وما يقابله من معاني الغير محقق أو الجهل فحينئذ نظر العالم غير المحقق أو الجاهل وما غمض عليه فهو متشابه وما لم يغمض عليه فهو محكم فحينئذ يكون المحكم على رأي ابن عقيل ما لم يغمض علمه على العلماء المحققين بالعكس لذلك قال الآيات المتعارضة هنا لا يقال آيات متعارضة وإنما يقال الآيات التي ظاهرها تعارض لأن القرآن ليس فيه تعارض
بالذات وإنما هو فهم الناظر فقط كالآيات المتعارضة يعني كالآيات التي ظاهرها التعارض {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} القصص56، {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الشورى52، في ظاهره تعارض لماذا؟ لأن اللفظ الهداية نُفي موضع وأُثبت في موضع أقول اللفظ – انتبه – اللفظ لفظ الهداية أُثبت في موضع ونُفي في موضع {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} بل مؤكد بإن واللام و {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} أيضاً مؤكد بإن واللام حينئذ في ظاهره يفهم ماذا يُفهَم التعارض لكن لو فُسر الأول {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} أن المراد بها هداية التوفيق وأنها خاصة بالرب جل وعلا لا يملكها لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره وأن الهداية {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} المراد بها هداية الدلالة والإرشاد، حينئذ نقول لفظ الهداية يُطلق ويُراد به هداية التوفيق ويُطلق ويراد به هداية الإرشاد والبيان والدلالة، المُثبَت للنبي صلى الله عليه وسلم بل ولغيره كأهل العلم المُثبت له ولغيره لذلك قال العلماء ورثة الأنبياء {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} إذاً هذا مُثبَت ويُحمل على دلالة الإرشاد والدلالة والبيان {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} هذا يحمل على هداية التوفيق لأنها متعلقها التصرف في القلب وهذا ليس لأحد من البشر، حينئذ ظاهره التعارض هل هذا التعارض أو هل هذا الظاهر أو هذه المعاني أو ما يغمض في هاتين الآيتين يخفى على العلماء لا إذاً صار في حقهم محكماً وغير العلماء صار في حقهم متشابه هذا رأي ابن عقيل ورأي القاضي أولى المتشابه ما يغمض علمه على العوام كأنه قال هكذا المتشابه ما يخفى ويغمض علمه على العوام وما استوى علمه على العوام والعلماء هذا هو المحكم كالآيات المتعارضة، القول الثالث لم ينسبه إلى أحد وضعفه أو أشار إليه بقوله وقيل وقيل هذه صيغة تضعيف في الأصل عند أهل العلم إذا قال قيل فيه تضعيف لذلك أسند في الأول قال القاضي وقال ابن عقيل ثم قال وقيل إما أنه تضعيف وهذا هو الأحسن وإما أنه لعدم تيقن من قائله من هو قائله ولذلك نسبه ابن كثير في تفسيره إلى مقاتل بن حيان وقال ابن تيميه - رحمه الله تعالى – إنه يُروى عن ابن عباس رضي الله عنه، إذاً وقيل هذه يحتمل أن المراد به التضعيف للقول ويحتمل أنه أراد به عدم العلم بقائله ونسبه ابن كثير إلى مقاتل وابن تيمية إلى ابن عباس قال يُروى يعني ضعفه، الحروف المُقطَعَة يعني المتشابه هو الحروف المقطعة التي تكون أوائل السور ولذلك لو قال الحروف الهجائية لكان أعم لماذا لأن الحروف المقطعة هذا يشمل ما رُكِب من حرفين فأكثر {طسم} الشعراء1، أو {كهيعص} مريم1 أما ص ون وق هذه الحروف مقطعة أو هجائية؟ هجائية ولا يُقال أنه حروف مقطعة وإنما الحروف المقطعة تطلق على {الم} {الر} يعني ما كان حرفين أو أكثر أما ما كان من حرف واحد فيقال فيه حروف هجائية ولو قال الحروف الهجائية لكان أعم وقيل الحروف المقطعة يعني المتشابه في القرآن هو الحروف المقطعة ما عداه فهو محكم إذاً ما وُصلت حروفه وأُريد معناه فهو محكم إذاً القرآن كله محكم إلا بعض السور التي تكون مفتتحة بالحروف الهجائية نفس الحرف تقول (ق) السورة كلها محكمة إلا قوله (ق)
كذلك (ص) البقرة كلها محكم إلا قوله (الم) فهو متشابه وهذه على خلاف طويل بين المفسرين في المراد بالحروف الهجائية التي تكون في أول السور والأصح يقال أنها لا معنى لها من حيث دلالة اللغة العربية عليها لأننا قررنا قاعدة أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فحينئذ نسأل في لغة العرب هل ورد عندهم تركيب الحروف لا معنى لها تُؤلَف حروف لا يُراد معناها؟ لا ولذلك دائما نقول أما من حيث المعنى لا معنى لها وإذا نُفي المعنى لم يلزم منه ألا يكون لها مغزى إشارة إلى شيء معين آخر ولذلك نقول هي لا معنى أصلا ولكن لها مغزى لئلا نسلب الحروف أو الآيات من دلالتها من المعاني المطلقة فحينئذ نقول المعنى الداخلي للفظ غير موجود هنا لأن العرب لم تركب هذه الحروف أما لها معنى آخر وقد يكون أعظم وأجل مما لو دلت على معنى خاص بها وهو أن الله عز وجل تحدى العرب بالإتيان بمثل هذا القرآن فكأنه قال {الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} ذلك الكتاب الذي أُلِف مما تعرفون وكانت هذه تأليف الكلمات والحروف من (الم) فحينئذ عجزكم عن الإتيان بحروف تتألف مننها الحروف التي ذكرت في أوائل السور عجزكم عن هذا يدل على أن القرآن كلام الله وليس من صنع البشر ولذلك في الغالب الأعم أو أن في الأغلب الأعم أن الحروف هذه إذا جاءت ذُكرت بعدها الكتاب أو القرآن {يس {1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}، إذاً ذُكر القرآن كاملاً، {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} هود1، ذكر الكتاب كاملاً بعد (الر) ذلك يدل على أن الكتاب أُلف من هذه الحروف (الر) ولكنكم عجزتم عن الإتيان بسورة بل بآية من هذا القرآن وهذا يدل على أنه كلام الله لا يشبهه كلام أحد من البشر، إذاً هذا القول المنسوب إلى ابن عباس أن المتشابه هو الحروف القطعة وما عداه فهو المحكم وقيل المحكم هذا قوله الرابع قيل المحكم أيضاً هذا رُوي عن ابن عباس بمعناه لأن حكاه ابن عقيل أو القاضي بأن المحكم ما اُستفيد الحكم منه والمتشابه ما لم يفيد الحكم المحكم ما استفيد منه حكم إيجاب تحريم كراهة وما عداه فهو متشابه لذلك رواه ابن يعلي فقال وقيل المحكم الوعد والوعيد والحرام والحلال هذا محكم والمتشابه القصص الأمثال، ولكن هذا ضعفه ابن تيميه - رحمه الله تعالى – لأن الوعد والوعيد قد يكون فيه نوع تشابه يعني أنه يخفى معناه أولاً ثم يظهر ولذلك اختلف اختلافاً طويلاً في قوله تعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} النساء93، هذه مُختَلف فيها مع أنها من الوعيد حينئذ وقع الاشتباه في الوعيد، والحرام والحلال كذلك وقع كثير من النزاع والخلاف بين أهل العلم في المراد والمتشابه والقصص والأمثال أما القصص فإيراده في المتشابه من أبعد ما يكون لأن القصص من حيث المعنى فهي معلومة من حيث المعاني وتركيب القص ابتداءاً وانتهاءاً هي معلومة وكذلك يستوي في فهمها العامي وغيرها فتجد العوام يتعلقون بالقصص أكثر من غيرهم لماذا؟ لفهمهم لذلك لو وُضع درس في أحكام الوضوء والغسل ما حضروا أأتي بقصاص اجتمعوا له، والمتشابه القصص لكن
الله عز وجل يقول {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} العنكبوت43، هذه في الأمثال وإذا جُعل الأمثال من المتشابه كذلك مثله كان شيخ الإسلام ابن تيميه يرى أنها أقرب إلى المتشابه لكن أيضاً في الأصل هي تُفهَم لكن المراد وما يعقلها أي وما يعقل مغزاها وما أُريد بهذا المثل أما معناه الأصلي فهذا يتضح وقد يفهمه حتى العامي لكن العامي إذا قيل العامي ليس بالمقياس الموجود الآن وإنما العامي الذي ليس من أهل العلم في الطبقة التابعين ومن بعدهم أما الآن فلا يمكن أن يُقال أنه مقياس لأن في اللغة وفي الشرع من أبعد ما يكونون، إذاً القول الرابع أن المحكم هو العود والوعيد والحرام والحلال إذاً كل ما جاء من آيات الوعد فهو محكم وكل ما جاء من آيات الوعيد فهو محكم ولو حصل فيه نزاع في فهمه وكذلك ما جاء من آيات الحلال والحرام فهي محكمة وإن حصل فيها نزاع ولذلك ضُعِف هذا القول وضعفه ابن تيميه - رحمه الله تعالى – والمتشابه القصص والأمثال نقول المشابه القصص والأمثال هذا لا يمكن من المتشابه إلا إذا كان المراد بالمتشابه أنه فيما يترتب عليه من مغزى ومعنى بعدي ما الذي أُريد بهذه القصة؟ حينئذ يرد القول بأنها متشابه كذلك الأمثال قال والصحيح الذي رجحه المصنف أنه المتشابه ما يجب الإيمان به ويحرم تأويله كآيات الصفات وهذه زلة والصحيح يعني القول الأصح عنده أن المتشابه من القرآن ما يجب الإيمان به الإيمان بالقرآن كله أو بمتشابهه بالقرآن كله إذاً وجوب الإيمان بالقرآن كله هل يُفهَم من هذا أن المتشابه هو الذي يجب الإيمان به والمحكم لا يجب الإيمان به نقول لا بل القرآن كله سواء فهم منه أو لم يفهم أدرك الحقيقة أو لم يدرك حينئذ يسلم أن هذا حق وهذه أحكام حق وما ترتب على الحق فهو حق علم أو لم يعلم لأنه نزل من عند الحق حينئذ إذا لم يفهم أو فهم على جهة القصور فيتهم نفسيه وعقله ولا يتهم القرآن إذاً والصحيح أن المتشابه ما يجب الإيمان به نقول هذا فيه نقل وهو أن القرآن كله يجب الإيمان به ولذلك نقول فيه محكم ومتشابه ليس المراد فيه أو به أن يُفصل في التصديق لا يعني نقول الإحكام والتشابه إذا كان في القرآن فحينئذ القرآن كله على جهة واحدة من جهة التصديق لا يختلف نقول هذا يصدق به أقوى ونقول هذا يصدق به أقوى لا التصديق يستوي لأن القرآن كله يجب الإيمان به مطلقاً على جهة السواء وإن كان من جهة إفادة المعنى قد يتعلق القلب بما فهمه أكثر مما لم يفهمه أما من جهة القبول فيسوي الحكم، ويحرم تأويله تأويله التأويل هنا ظاهر كلام المصنف أنه قصد به التأويل الذي هو عند المتأخرين بل الأصح أن يسمى تحريفاً وهو صرف اللفظ عن ظاهره يعني عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقتضيه إذا أطلق التأويل انصرف إلى هذا المعنى عند المتأخرين يمثلون لذلك بهذا {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه5، لأنه ذكر الصفات {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قالوا الرحمن الرب جل وعلا على العرش استوى استوى هذا يُفهَم ماذا؟ يُفهَم الاستواء الحقيقي وله معنى آخر وهو المعنى المعنوي الذي يطلق عليه بالغلبة والقهر فحينئذ لما امتنع أن يُحمَل اللفظ على
ظاهره وهو الاستواء بمعنى العلو الخاص حُمل على المعنى المرجوح وهو الاستيلاء قال استوى بِشر على العراق حينئذ قال استوى بِشر على العراق للم يستوي بذاته وإنما استوى معني فصُرف اللفظ عن ظاهره الذي يقتضيه إلى معنى مرجوح لدليله وهذا نقول فاسد هذا نقول مثال لما يذكرونه هم لأن اللفظ هنا قال لفظ ظاهر وله معنى مرجوح ظاهره الاستواء المعلوم في الذهن وهذا لا يُوصف به إلى الأجسام والله جل وعلا مُنزه على الجسمية فحينئذ يتعين المعنى المرجوح لدليل وهذه العلة عندهم علة عقلية وهي استحالة قياس الأوصاف التي تقضي الجسمية بالرب جل وعلا حينئذ قال ويحرم تأويله أي صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقتضيه.
ويطلق التأويل أيضاً بمعنى التفسير لكن ظاهر كلام المصنف أنه أراد الأول لأنه قال كآيات الصفات وعليه هل يرى تأويل الصفات أم لا؟ لا يرى تأويل الصفات لكن تمثيله لآيات الصفات \بآيات الصفات للمتشابه هذا فيه نظر لماذا؟ لأن الحق التفصيل وليس الإطلاق لأن الصفات كلها صفات الرب جل وعلا لها نظران نظر من جهة المعنى اللغوي الذي تدل عليه وهذا معلوم واضح محكم بل من أحكم المحكم كما قال ابن قريب الاستواء معلوم في اللغة الرحمة معلومة الرأفة إلى آخره النزول معلوم وكلها معلومة في اللغة ولكن كيفية هذه الصفات نقول هذا من المتشابه لماذا؟ لأنه مما استأثر به الرب جل وعلا فحينئذ نقول الصفات إطلاق أنها من المتشابه مطلقاً خطأ وإطلاق أنها من المحكم مطلقاً خطأ لماذا؟ لأن الصفة ليست مرادة صفة دون تعلق بالموصوف الصفة ليس المراد بها الصفة مطلقا دون التعلق بالموصوف وإنما كلف المكلف العبد المسلم أن يؤمن بمدلول الصفات وإما كيفية تصرف الرب بها هذا لا تدركه العقول حينئذ يؤمن في الأول ويفوض في الثاني ولذلك إذا قيل هل مذهب السلف التفويض ماذا تقول؟ التفصيل لا تقول مذهب السلف نفي التفويض لا تقول لابد من التفصيل إن كان المراد تفويض المعنى نقول هذا باطل ولذلك يقال شر الفرق المفوضة الذين يفوضون المعنى يقولون لا ندري الرحمن على العرش استوى استوى الله أعلم ما ندري يقول المحرف المأول أخف ضرراً وأخف بدعة من ذاك الذي يفوض المعنى إذاً نقول تفويض المعنى بأن نقول لا ندري ما المراد بهذه الآية ينزل ربنا إلى السماء الدنيا الله أعلم بهذا النزول نقول تفويض للمعنى هذا باطل أما نقول نفهم ما المراد بالنزول وأما كيفية النزول هذا نفوضه إلى الرب جل وعلا تقويض الكيف هذا هو الحق بل لا يجوز التكييف أصلاً، إذاً كآيات الصفات نقول التمثيل للمتشابه بآيات الصفات فيه نظر بل الصواب التفصيل إذاً نخلص من هذا أن المحكم والمتشابه موجدان في القرآن وأن أصح ما يُقال فيه أن المحكم ما اتضح معناه وعكسه المتشابه ما لم يتضح معناه وإذا لم يتضح معناه يرد إلى المحكم فيتضح معناه حينئذ وليس عندنا متشابه في القرآن لم يتضح معناه مطلقاً هذا وجود له في القرآن.
ثم قال - رحمه الله تعالى – والسنة فالكتاب هو السنة لأنه قال أصول الأدلة أربعة وذكرنا أن الأصول سمعية وعقلية والسمعية هذا الكتاب والسنة والإجماع ويتفرع عنها القياس والرابع عقلي، قال والسن بعد أن فرغ بعض مسائل الكتاب قال والسنة، أي والثاني أو الأصل الثاني مما يعتمده الفقهاء أو المجتهدون في استنباط الأحكام الشعرية والتي يعتبر مصدراً من مصادر التشريع هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك إذا قيل السنة صرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة قال ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وكل آية في القرآن أو حديث في السنة ونقول في القرآن والاكتفاء أولى في مثل هذا المقام كل آية تدل على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم فهي دليل على اعتبار السنة، لو قال قائل ما الدليل على أن السنة أصل؟ نقول كل آية أمر الرب جل وعلا بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن وما أكثرها فهي دليل على حجية السنة {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} آل عمران31، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7، وهذه على جهة الخصوص نصوا على أن العلم أن جميع السنة داخلة في هذه الآية {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} كل ما أتاكم به {فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} كل آمر سواء كان أمر إيجاب أو أمر استحباب فهو داخل في قوله {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وكل نهي نهى عنه سواء كان نهي تحريم أو نهي تنزيه فهو داخل في قوله {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} ، {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} النور54، إذا الأدلة على حجية السنة هو ما ذكرناه لكن المتكلمون لهم طريقة أخرى يعني يحلون في إثبات حجية السنة إلى علم الكلام إلى علم الكلام فحينئذ يثبتون المعجزة ويثبتون دلالة المعجزة وهل هي حجة أم ليست بحجة وهي تعرف بالمعجزة ثم المعجزة دلالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم إذا ثبت إنه صادق حينئذ نقول صدق ما جاء به إلى آخره يبحثون هذه المسألة في علم الكلام وبعضهم يستلها إلى كتب الأصول لماذا؟ لأنهم لا يعتمدون على الكتب وإنما ينظرون إلى العقل وهذا إن كان في مواجهة من لا يؤمن بالله ورسوله فلا إشكال إما أن تقرر المسائل على هذه الصورة لأهل الإسلام لأهل القبلة نقول ليست على منهاج النبوة وإنما يستدل بحجية السنة بقوله جل وعلا {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} أما طريقة المتكلمين التعامل مع المسلمين بها نقول هذا ليس على الهدى المبين وليست هي طريقة السلف وإنما طريقة السلف الوقوف مع النصوص كتاباً وسنة ويسوى بينهما كل منهما يعتبر حجة وكل منهما يؤيد الآخر وكل منهما يفسر الآخر لا تُضرَب النصوص بعضها ببعض ولا يُوقف مع نص وتهجر جميع النصوص هذه طريقة أهل البدع أن يقف مع آية ولذلك أهل البدع في الغالب لا يستدلون بالعقول فحسب كما يظنه الظان لابد أنه يأخذ كلمة من القرآن وكلمة من السن فيقفون معها فحينئذ يُحرفون كل معنى ممكن أن يدخل تحت الآية أو يخصصون أو يعممون وتُهجَر جميع النصوص نقول
منهج السلف ليس كذلك بل الجمع بين النصوص ومحاولة التوفيق وأني يكون نظر الناظر أن ثم تآلفاً بين النصوص وألا تُضرَب بعضها ببعض، والسنة ما هي السنة؟ السنة تختلف كما ذكرناه سابقاً من موضع عن موضع لأنها في اللغة لها معنى خاص وعند الأصوليين لها معنى خاص وعند الفقهاء وعند المحدثين كل فن اصطلح على معنى خاص أطلق عليه لفظ السنة أما السنة في اللغة كما ذكرناه سابقاً السيرة حميدة كانت أو ذميمة {سنة الله} أي طريقة الله المكذبين للرسل هكذا ورد في القرآن، ولكل قوم سنة وإمامها، والسنة عند الأصوليين ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول غير القرآن أو فعل أو تقرير إذاً كل ما ورد النبي صلى الله عليه وسلم يسمى سنة وهذا من اصطلاح العلماء أن السنة تطلق في مقابلة القرآن فحينئذ يطلق قرآن ويراد به كلام الله وتطلق السنة ويُراد به كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا له أصل في الشرع جاء في حديث مسلم " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة " إذاً له أصل إطلاق السنة على ما يقابل القرآن ويُراد به كل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم له أصل كما في حديث مسلم " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة " لأنه هنا قابل السنة بالقرآن أو قابل القرآن بالسنة، ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير يزيد أهل الحديث ماذا؟ أو صفة من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية وهم أسعد بالسنة في هذا لماذا لأن نظرهم في الأخبار ومعرفتهم بأحوال النبي ألصق بالسنة من الأصوليين ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لو وقف هنا لصحَّ لوقف إلى هنا صح التعريف من قول هذه يقال فيه إنها بيانية ما معنى بيانية يعني بينت مُجمَل {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} الحج30، ما هو الرجس؟ الأوثان، ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو الذي ورد؟ القول والفعل والتقرير إذاً تقول هذه من البيانيين، من قول غير القرآن أخرج القرآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ورد عن النبي من قول قول النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون حكاية عن قول الله جل وعلا يعني ما كان متضمناً كلام الرب وهو القرآن وإما أن يكون منشأه هو النبي صلى الله عليه وسلم، هل كله سنة؟ اصطلح الأصوليون على أن ما جاء أما كان النبي صلى الله عليه وسلم مبلغاً به عن الرب جل وعلا لفظاً ومعنى فهو قرآن، قابلته السنة فحينئذ لابد من إخراج القرآن فقال غير القرآن إذاً القرآن لا يسمى سنة في الاصطلاح، من قول غير القرآن إذاً كل قول ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس قرآناً فهو سنة يُفهَم من هذا أن الحديث القدسي من قول النبي صلى الله عليه وسلم إذاً لم يستثني إلا القرآن إذا صدَّر النبي صلى الله عليه وسلم من قول قال الله تعالى " من عادى لي ولياً " هذا داخل في السنة من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو لا؟ على هذا الاصطلاح نعم كلأن المصنف يميل إلى الحديث القدسي لفظه من النبي وهذا هو الأضمن نقول معناه من
الرب واللفظ من النبي صلى الله عليه وسلم، ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول غير القرآن من قول مثل ماذا؟ كقوله صلى الله عليه وسلم " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "، " إنما الأعمال بالنيات " هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم، سنة قولية لأنها منقولة عن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، من قول في القرآن قال بعضهم ولو كان أمراً منه بكتابته يعني يدخل في القول لو أمر بالكتابة " اكتبوا لأبي شاه " وأمر علياً يوم الحديبية أن يكتب إذاً هو داخل في السنة القولية، من قول ولو كان أمراً منه بكتابة كقوله صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبي
شاه "، وكأمره علياً بالكتابة يوم الحديبية، أو فعل هل إشارة إلى السنة الفعلية كماذا؟ كالطواف ومناسك الحج وكذلك الصلاة نقول هذه سنة فعلية كل ما حُكي من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الحج فهو سنة فعلية وكل ما حُكي من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فهو سنة فعلية زاد بعضهم ولو بإشارة على الصحيح لو أشار نقول هذا سنة أو لا؟ نقول نعم هو سنة لأنه كالأمر به ولذلك جاء في حديث كعب بن مالك قال يا كعب قال لبيك يا رسول الله فأشار إليه بيده أن ضع الشطر من دينك، أشرا إليه إذاً هذه تعتبر سنة فعلية أم لا؟ تعتبر سنة فعلية، طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير فأشار إلى جهة الحجر الأسود هذه الإشارة تعتبر سنة فعلية أم لا؟ نقول تعتبر سنة فعلية كذلك إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ليتقدم في الصلاة حينئذ نقول أو فعل ولو كان بإشارة على الصحيح، فكل ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار به حينئذ نقول هذه سنة فعلية أو تقرير تقرير سيأتي تعريفه وهو ترك الإنكار على فعل فاعل أو تقرير يعني تقرير فعل غيره إذا فُعل بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن بحضرته وبلغه علمه فسكت ترك الإنكار نقول هذا سنة تقريرية، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره كذلك إذا قيل قولاً بحضرته قيل قول بحضرته فكست النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه فسكت يعني ترك الإنكار نقول هذه سنة تقريرية.
سأل الجارية أين الله؟ فقالت في السماء، أنكر عليها؟ أقرها، يسمى ماذا تقرير على قول أو على فعل؟ على قول قالت في السماء يعني في العلو حينئذ يسمى هذه سنة تقريرية كذلك أُكل أو أكل خالد بن الوليد الضب على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم فسكت ترك الإنكار نقول هذه سنة تقريرية على فعل فُعل بحضرته، كذلك إذا حصل شيء في زمنه سواء بلغنا أنه علمه أو لا ولم يحصل إنكار نقول هذا أيضاً سنة تقريرية ولذلك جاء في حديث جابر كنا نعزل والقرآن ينزل لأنه لو لم يعلمه النبي يقول قائل كيف يعلم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمور الخاصة، لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم نقول بلغ علمه من الله عز وجل لماذا؟ لأن كل مُنكر من القول أو الفعل يحصل في ذاك الزمن زمن التشريع زمن تنزيل الوحي زمن تنزل الوحي لا يمكن أن يقر على باطل لذلك لما بيت المنافقون ما يبيتون فضحهم الله عز وجل {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} النساء108، إذاً هذه فضيحة، لماذا؟ لأن هذا مما يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم النبي لا يعلم الغيب {{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} النمل65، حتى النبي صلى الله عليه وسلم ما يعلم، حينئذ إذا خفي على النبي صلى الله عليه وسلم علمه لا يخفى الله جل وعلا لأن الزمن زمن تشريع والسكوت عليه حينئذ يكون تقريراً وإقراراً من القول أو الفعل هذه ثلاثة أنواع سنة قولية وسنة فعلية وسنة تقريرية، بعضهم زاد وموجود في كتب المعاصرين سنة تَركية يصح أو لا يصح؟ يعين ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم وعلمنا أن تركه مقصود هل نتأسى به ونقول هذا سنة نتركه كما ترك؟ هذه نردها لما مضى والترك في صحيح المذهب، ولذلك إن ظهر أن الترك مقصود قلنا هذا كف فإذا كان كفاً صار فعلاً وإذا كان فعلاً صار سنة فدخل في قوله أو فعل خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بفعل قلنا منه ما هو ترك، فحينئذ الفعل يكون تركاً حتى في حق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه مكلف وخطابه يتعلق به ولذلك لو لم تظهر بدعة كما في المولد ونحوه لو لم تظهر نقول إذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة الكرامة فالسنة عدم الفعل لماذا تفعل شيء ما تقرب به النبي ولم يتقرب به كبار الصحابة ولا القرون المفضلة نقول تركه سنة بصرف النظر نقرر هل هو بدعة أو لا يعني يكن وقَّافاً فعلاً وتركاً ولذلك التأسي كما ذكره غير واحد أن تفعل كما فعل لأجل أنه فعل وأن تترك كما ترك لأجل أنه ترك هذه قاعدة عظيمة وأطلب من طلبة العلم أني تعتنون بها أن تفعل كما فعل لا تقول واجب وسنة هل أأثم إذا تركت إلى آخره هذه تستخدم عند التعارض اختلطت عليك الأمور لا تستطيع أن تقدم وتأخر نقول هذا واجب هذا أول بالعناية مقدم على السنة أما إذا لم يحصل تعارض حينئذ لا يترك شيء فعله النبي صلى الله عليه وسلم، الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى – يقول السؤال عن هذا واجب أو سنة الأمر هذا واجب أو لا نقول هذا بدعة نقول كان الصحابة إذا أمروا كانوا يمتثلون مباشرة ما يقفون يجادلون هذا أمر
تقصد به الإيجاب أو تقصد به الندب لم يرد عن الصحابة وإنما كانوا يُأمرون فيمتثلون أما إذا حصل تعارض حينئذ يرد السؤال من باب التخفيف على المكلف إذا وقع تعارض ازدحمت عليك الأعمال حينئذ تقول هذا سنة وهذا واجب والجواب مقدم أما متى ما أمكن فلا يبخل على نفسه أن يفعل كما فعل لأجل أنه فعل وأن يترك، إذاً من السنة ما هو ترك عبادة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم لم تفعلها؟ قربى لم يتقرب النبي صلى الله عليه وسلم لا فعلاً ولا قولاً ولا أي أمر يتعلق به المكلف إذاً السلامة تكون في الترك لا في الفعل، أو تقريري إذاً هذه ثلاثة أنواع سنة قولية وسنة فعلية وسنة تقريرية، فالقول الفاء للتفصيل أراد أن يفصل لك القول وما يتعلق به والفعل وما يتعلق به والتقرير وما يتعلق فقال فالقول حجة قاطعة حجة بمعنى الدليل والسلطان والبرهان وآية وعلامة وأمارة كما سبق إذاً حجة قاطعة بمعنى أنها مُلزمة يجب على من سمعه إذا قيل من سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا يختص الحكم بمن؟ بالصحابة رضي الله عنهم أما من عداهم فلا يشملهم الحكم ولو سمعه في المنام؟ ولو سمعه في المنام، حجة قاطعة يجب على من سمعه يعني سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم العمل حجة قاطعة يجب العمل بمقتضاه يعني على حسب ما تقتضيه أو يقتضيه من وجوب أو ندب لماذا؟ إذاً ما حكم القول نقول إما أن يُباشره السامع أو لا يُباشره السامع يعني يسمعه بنفس فحينئذ يصير حجة قاطعة بمعنى لا يجب العمل بمقتضاه إن اقتضى إيجاباً وجب الامتثال وإن اقتضى ندباً اُستحب الامتثال لماذا؟ قال لدلالة المعجزة على صدقه هذا الذي قلناه سابقاً لدلالة المعجزة على صدقه يعني لماذا صار قول النبي حجة؟ لدلالة المعجزة على صدقه يعني على صدق النبي صلى الله عليه وسلم يعني المعجزة التي عبّر عنها القرآن بالآية تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم نبي وإذا كان نبياً فحينئذ يكون صادقاً لأن النبوة والرسالة تبليغ للشرع عن المُرسِل إلى مُرسَل إليه فحينئذ يمتنع أن يتخذ المُرسِل من هو كاذباً فأقام المعجزة على صدق المُرسَل لتصديق أخباره إذا أخبر والمعجزة هذه مُفعلة من أعجز الشيء أو معجزة اسم فاعل من أعجز يعجز فهو مُعجز وضابطها أنها كل أمر خارق للعادة يظهرها الله عز وجل على يد نبيه تأييداً له كانشقاق القمر وينبوع الماء من أصابعه هذه نقول معجزات والتعبير بالآيات هذا أوفق للقرآن أي الدليل على وجوب العمل بالسنة دلالة على صدقه صلى الله عليه وسلم وكل من دلت المعجزة على صدقه فهو صادق هكذا يقول المتكلمون وهم كاسمهم متكلمون وإلا لو وقفوا مع النصوص لما احتجنا إلى هذه وكل من دلت المعجزة على صدقه فهو صادق فهو صلى الله عليه وسلم صادق وكل صادق فقوله حجة فيكون قوله صلى الله عليه وسلم حجة وأحسن من هذا أن يُقال {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} ، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} والاتباع يلزم منه ماذا؟ التصديق لو لم يكن صادقاً لم قال {فَاتَّبِعُونِي} لما أمره الله جل وعلا أن يقول {فَاتَّبِعُونِي} لو لم يكن قوله حجة
ملزمة للغير لما قال {فَاتَّبِعُونِي} إذاً عرفنا أن القول حجة قاطعة مُلزمة يجب العمل بهذا القول بما دل عليه القول سواء بالنص أو بالظاهر المقترن بقرينة أنه واجب الاتباع وأما واجب الفعل فما ثبت فيه أمر الجبلة سيقسم لنا الفعل ثلاثة أنواع وأما الفعل يعني فعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو السنة الفعلية فما ثبت فيه أمر الجبلة جبلة وهو الخلقة والطبيعة كالقيام والقعود وغيرهما فلا حكم له يعني لا إيجاب ولا تحريم ولا ندب ولا كراهة بل يبقى على الإباحة لماذا؟ لأنه صلى الله عليه وسلم بشر كغيره يحتاج إلى القيام والقعود والنوم والأكل والشرب كل ذي روح يسعى في مثل هذه الأعمال وهذه ليست من باب التكليف يعني ليست من باب الخطاب بأمر أو نهي لم يُكلَف الخلق باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور بل كلفوا باتباع أمره ونهيه فما ثبت فيه أمر الجبلة كالقيام والقعود وغيرهما كالأكل والشرب والنوم فلا حكم له لكن على كلام المصنف نقول بالنظر إلى ذاته لا بالنظر إلى صفته لأنه من حيث الصفة قد يتعلق به الحكم أليس كذلك الأكل من حيث هو أكل نقول هذا أمر جبلي لكن كونه مأموراً بأن يأكل باليمين منهياً أن يأكل بالشمال نقول هذه صفة تعلقت بأمر جبلي في الأصل حينئذ يكون الحكم مقيداً هنا فلا حكم له يعني بالنظر إلى ذات الأمر الجبلي وأما إذا تعلقت بالصفة النوم أمر جبلي لكن وردت الصفة أنه يذكر ربه وينام على طهارة ويضع على جنبه الأيمن إلى آخره نقول هذه صفات تعلقت بأمر جبلي إذاً من حيث الذات يكون لا حكم له ومن حيث ما تعلق به من صفة فهو له حكم وهو الندب هذا قول وقال بعضهم أنه يُندب الاقتضاء والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى في الأمور الجبلية وهذا عزاه إبراهيم أبو اسحق إلى أكثر المحدثين أكثر أهل الحديث أن الأمور الجبلية للنبي صلى الله عليه وسلم يقتدي بها لعموم اللفظ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب21، {فِي رَسُولِ اللَّهِ} يعني كل ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الظرفية ثم جيء بالرسول والرسول الأصل فيه أنه ذات إذاً {فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} بمعنى تأسوا به فهذا يدل على أن الأمر عام فكل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أمر جبلي أو غيره فالأصل فيه التأسي ولذلك جاء في الحديث (لكني أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وأتزوج النساء) ثم قال (فمن رغب عن سنتي) الذي هو ماذا سنتي؟ النوم والقيام والأكل والصوم كل هذه سماها ماذا سماها سنة فحينئذ أطلق على بعض الأمور الجبلية أنها سنة فقال (فمن رغب عن سنتي) حينئذ يكون الأصل الاقتداء به مطلقاً وقيل مُباح وقيا ممتنع وقيل مباح على ما ذكره المصنف هنا فلا حكم له على أنه مباح وقيا ممتنع إذاً الفعل الجبلي من أفعال النبي اختلف الأصوليون فيه على ثلاثة أقوال الإباحة والامتناع يمتنع اقتداء به الثالث الندب وهو منسوب لأكثر أهل الحديث والأدلة تدل على الثالث، وما ثبت خصوصه به كقيام الليل فلا شركة لغيره فيه يعني وما كان خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم هذا مختص به لا يشاركه فيه غيره من أمته ولكن هذا
بالإجماع أنه لا يثبت إلا بدليل لابد من دليل يدل على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم كالزيادة على الأربعة في النكاح كالوصال في اليومين في الصيام مثلاً كقيام الليل في وجوبه على القول بأنه غير منسوخ نقول هذه كلها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم والزواج بالهبة دون مهر {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} الأحزاب50، هذا دليل على أنه خاص فحينئذ الحكم لأمته عدم المشاركة لا يستوون لا يقلدون النبي صلى الله عليه وسلم لا يتأسون به فحينئذ تكون هذه المخصصة لقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} هذه الآية نقول مخصوصة بالأفعال أو الأحكام التي اُختص بها النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من سائر أمته وإن الأصل الاستواء كما سيأتي.
إذاً وما ثبت من الأفعال خصوصيته للنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذا لا يكون إلا بدليل كقيام الليل والوصال في الصوم ونكاح ما زاد عن الأربعة والنكاح بلفظ الهبة مع دون مهر فلا شركة لغيره من أمته فيه في هذا الحكم الشرعي الثابت للنبي صلى الله عليه وسلم وليس منه على الأصح إذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أمته بأمر ثم فعل خلافه بعض الأصوليين وبعض الفقهاء إذا جاء لفظ عام يختص بالأمة لفظ عامك موجه للأمة ثم ثبت بدليل آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل خلافه يقول ما فعله النبي هذا خاص به وهذا خاص بأمته نقول هذا ليس بالصحيح " لا تستقبلوا القبلة ولا بغائط ولا تستدبروها " هذا خطاب عام والأصل أن الخطاب العام للأمة يشمل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأصل كل حكم شُرع للأمة فالنبي صلى الله عليه وسلم يشمله إلا بدليل إذا ثبت، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر قضى حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة هل هذا يعتبر مخصصاً أم لا؟ هل نحمله على التخصيص أو على الخصوصية؟ هذا هو محل النزاع بعضهم كالشوكاني - رحمه الله تعالى - في نيل الأوتار يقول صفحتين ثلاثة تجد هذه القاعدة نقول هذا عام للأمة وهذا خاص به نقول هذه قاعدة فاسدة ليست بصحيحة لأنها مخالفة لقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} تأخذ الأصل معك الأصل التأسي ولا خصوصية إلا بدليل يعني أن تقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم فعلاً وطرحاً إيجاباً وندباً تحريماً وكراهة هذا هو الأصل والأصل الثاني لتستصحبه معك وهذا يفيدك في دراسة الفقه الأصل الثاني أنه لا خصوصية إلا بدليل أن يرد نص أن هذا للنبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} ولذلك بعضهم يستدل بأن الأصل للتأسي مع الآية السابقة بقوله جل وعلا {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} الأحزاب37، والأصل يقول عليك لم عدل وقال على المؤمنين؟ لأن الأصل يتأسون بالنبي صلى الله عليه وسلم فدل على أن الأصل التأسي {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} الأحزاب37، لأنك قدوتهم وأسوتهم يفعلون كما تفعل وهذا هو الأصل أن تضم هذه الآية مع الآية السابقة فحينئذ نقول إذا ورد لفظ عام وورد ما يخالفه من فعل النبي نقول هذا تخصيص لا خصوصية ولذلك قال الجمهور على أن الحكم هنا خاص بالبناء دون الفضاء وهذا هو الأرجح والأصلح.
وما ثبت خصوصه أو خصوصيته به صلى الله عليه وسلم كقيام الليل فلا شركة لغيره فيه، النوع الثالث من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله بياناً لمُجمَل يعني له ارتباط بالقرآن أو بحديث آخر فيه إجمال ما فعله بياناً لمجمل قد يأتي اللفظ مجملاً محتمل لأمرين فيفعل النبي صلى الله عليه وسلم أحد الاحتمالين فنقول هذا بيان لمجمل وما فعله بياناً لمجمل والبيان إما أن يقع بالقول وإما أن يقع بالفعل كما سيأتي في باب المجمل إما بالقول كقوله صلى الله عليه وسلم ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) هكذا مثَّل المصنف كغيره من الأصوليين أن هذا فيه بيان لكيفية الصلاة بالقول لكن هل يُسلّم {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ َ} هذا مجمل فيه إجمال، الصلاة ما هي؟ لو يرد من السنة تبيين الصلاة ما استطعنا الامتثال {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ َ} أي صلاة هذه ماذا نصنع، إذاً لابد من أفعال تُفسَر وأقوال تُفسَر وشروط إلى آخره جاءت السنة مُبينة هل صلوا كما رأيتموني أصلي مبينة لـ {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ َ} ؟ أو إحالة على مُبين؟ إحالة إذاً قوله ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) ليس فيه بيان وإنما هو إحالة على المُبين كما رأيتموني إذاً هو الرؤية أمر يُدرَك بالحس فحينئذ حصل بيان قوله جل وعلا وأقيموا الصلاة بفعله صلى الله عليه وسلم والإحالة حصلت بقوله ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) إذاً التمثيل بقوله ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) بأنه مُبين لقوله تعالى {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ َ} نقول فيه نظر بل الصواب أن هذا ليس بمُبين وإنما هو إحالة على المُبين وهو الفعل لأنه بين الصلاة بقوله وبفعله وهذا ليس منها والأصح أن يُقال قوله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العُشر هذا بيان لمُجمل قوله تعالى {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الأنعام141، حقه ما هو؟ هذا فيه إجمال لكن قوله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر نقول هذا فيه نوع بيان، فحينئذ بُيّن النص {وَآتُواْ حَقَّهُ} المُجمل بقوله صلى الله عليه وسلم إذاً المثال الصحيح هو ما ذكرناه أو يحصل البيان بالفعل كقطع يد السارق من الكوع قوله جل وعلا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} المائدة38، يقول المصنف أيدهما فيه إجمال لماذا؟ لأنه يحتمل هي من الكف أو من المرفق أو من الكتف؟ يحتمل أولا؟ على ما يذكره الأصوليون يحتمل، على قول من يرى أن اليد في اللغة تطلق على اليد من الأصابع إلى الكتف نقول هذا مجمل {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} إذاً يحتمل فجاء فعل النبي صلى الله عليه وسلم بكونه قطع يد السارق من المفصل إلى الكوع نقول هذا وقع بياناً لمُجمل بالفعل، والصحيح أن الآية ليست فيها إجمال لأن الأصل في إطلاق اليد في لغة العرب هي من الأصابع الأطراف إلى الكوع ولذلك قال هناك {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} المائدة6، وفي التيمم قال {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} النساء43، أطلق وَأَيْدِيكُمْ يُحمَل على ماذا؟ على معناها اللغوي وهو إلى المفصل لما أُريد الزيادة على مدلولها اللغوي قال إلى المرافق في آية الوضوء واضح الاستدلال؟ نقول قوله جل
وعلا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} كثير من الأصوليين يمثلون ببيان المجمل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية نقول والصواب أن اليد في اللغة تطلق على الكف فقط بدليل آية بالرجوع إلى كتب اللغة وبدليل آية الوضوء لأنه قال {اغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} جاء بـ (إلى) للزيادة على الكف ولما كان المراد في التيمم هو الضرب بالكف فقط قال {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} ما قال إلى الكوع لو كانت اليد تطلق إلى المرفق أو إلى الكتف لحسن أن يُقال (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إلى الكوع) كما قيده هناك إلى المرافق، إذاً نقول هذا التمثيل ليس بصواب بالصحيح أن يُمثل أن النبي صلى الله عليه وسلم بين بفعله المناسك {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} آل عمران97، حج هذا مُجمل جاءت السنة ببيان كما في حديث جابر بينت السنة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم السنة الفعلية بينت المجمل الذي وقع في الآية، إذاً عرفنا أن من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يقع بياناً لمُجمل، قال فهو معتبر اتفاقاً في حق غيره فهو الضمير يعود على فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقع بيانا لمجمل هذا هل يختص به النبي صلى الله عليه وسلم أم غيره يشركه فيه؟ الثاني أم الأول؟ الثاني لأنه قال فهو معتبر أي فعله صلى الله عليه وسلم البيان الواقع لمجمل معتبر اتفاقاً في حق غيره، غيره من الأمة لأنه تشريع داخل في عموم قوله {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} النحل44، لأنه تشريع النبي صلى الله عليه وسلم مُبلغ مُبين {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} الشورى48، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} النحل44، حينئذ إذا وقع مجمل في القرآن فبينه بقوله أو فعله صلى الله عليه وسلم حينئذ نقول يستوي هو في الحكم وأمته معه، إذاً لا يختص به ليس له كالأمر الجبلي الذي لا حكم له وليس كما هو من خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت خصوصيته بل يكون عاماً بينه وبين أمته، فحينئذ ما وقع لأمته من الخطاب فهو داخل فيه ولا إشكال في هذا، وما كان خطاباً له فأمته تشركه فيه يعني إذا وُجه الخطاب للأمة فحينئذ نقول النبي صلى الله عليه وسلم يشمله الحكم لأنه واحد وفرد من الأمة كذلك إذا وُجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولو بالنداء أمته في الحكم كهو صلى الله عليه وسلم وذلك جاء قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} الطلاق1، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} هو واحد ثم قال {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} لماذا عدد الجمع؟ لأن الخطاب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} أنت وأمتك إذاً إذا طلقتم النساء هذا على بابه أو لا على بابه لأن الأمر للنبي أمر لأمته وجاء {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ} التحريم1 - 2، لماذا لَكُمْ؟ لأن
الأمر موجه للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته معه سواء حينئذ كل خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولم تثبت خصوصية فالأمة مثله وكل خطاب للأمة فالنبي صلى الله عليه وسلم فرد منها صلى الله عليه وسلم، إذاً فهو معتبر اتفاقاً بين العلماء في حق غيره من الأمة لكن ما كان المُبيَن فيه واجباً فعل النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ حكمه ما كان مستحباً فعل النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ حكمه لأنه يرد السؤال إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبين المجمل بقوله وفعله ما حكم القول نفسه والفعل؟ نقول ننظر إلى المجمل ننظر إلى المُبيَن إن كان واجباً ففعل النبي صلى الله عليه وسلم وقلوه واجباً إن كان المُبيَن مستحباً ففعله صلى الله عليه وسلم مستحب يأخذ حكم المُبين {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} المائدة6، مسح كل الراسي نقول مسح كل الرأس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا واجب {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} إلى قالوا هذا فيها إجمال هل المرافق داخلة أو لا؟ نقول غسل النبي صلى الله عليه وسلم المرافق إذاً حصل بيان المبين للمجمل فيأخذ ككمه وغسل اليدين واجب فيكون إدخال المرافق في الغسل واجب، {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} البقرة125، طاف صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتين عند المقام نقول سنة لماذا؟ لأن الأصل أنه مبين للسنة فيأخذ حكمه، إذاً قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله صلى الله عليه وسلم إذا وقع بياناً لمجمل أخذ حكمه إن كان المجمل واجباً فالفعل والقول واجباً إن كان مستحباً فالفعل والقول مستحباً.
وما سوى ذلك فالتشريك، فإن عُلم حكمه وإن لم يُعَلم: قسمه لك قسمين وما سوى ذلك ذلك المشار إليه الجبلي والخاص وما فعله بيانأً ترك واحدة فقط وهو ما احتمل الجبلي والتشريعي لأنها قسمة رباعية جبلي قطعة كالأكل والشرب محتمل للجبلي والتشريعي كجلسة الاستراحة ما سماها النبي جلسة الاستراحة وإنما سماها الفقهاء ولذلك بعضهم قال جلسة الاستراحة للاستراحة فقال ليست بتشريع لأنها معلومة الحكمة ليست من باب التعبد، جلسة الاستراحة محتملة أن تكون من باب التعبد ويحتمل أنها من باب أنه يستريح أنه صلى ركعة فأراد أن يقوم فاستراح لأنه أريح له صلى الله عليه وسلم لذلك تقول عائشة حاطبه الناس يعني لما كان في آخر الزمن فهل محتمل ما حكمه؟ إذا احتمل الجبلي والتشريع نقول إذا قلنا في الجبلي هناك أنه ندب فلا إشكال استوى الحكم إذا ذكرنا هناك في الجبلي كما في أمر الجبلة أنه نُسب إلى أكثر الحديث أنه مندوب إذاً لا إشكال فتكون جلسة الاستراحة سنة وتكون الحج على الدابة سنة ويكون النزول في المحصن سنة لماذا؟ لأنه هذا مما احتمل الجبلية والتشريع فحينئذ يستوي الحكم فيهما فيكون ندب، كذلك لبس العمة هل دعا الناس إليها؟ هل لبس العمة فقام على المنبر ودعا الناس إلى هذا نقول لا فيبقى أنها من السنن العادية يعني يُتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبها مُثاب لأن الأصل التأسي ثم تبقى دعوة الناس إلى مثل هذه الأمور نقول أن الأصل أنا ما دعا إليه النبي يُدعى إليه وما لم يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم نقول نتأسى أنه فعل نفعل كما فعل لأجل أنه فعل ثم تبقى أنه ترك الدعوة إلى مثل هذه الأمور فيبقى الأصل التشريع ثم بعد ذلك تقول هذه المصلحة تقتضي الدعوة أو لا إلى آخره، فالمسالة محتمل.
إذاً نقول ما كان محتملاً للجبلية والتشريع الأصل أنه الندب لماذا؟ لأنه محول على القول السابق في الأمور الجبلية أما جلسة الاستراحة فهي ثابتة بالنص ليست محتملة الصواب أنها ثابتة بالنص ولذلك جاء في حديث مالك (صلوا كما رأيتموني أصلي) وهو راوي كما في صحيح مسلم هو راوي جلسة الاستراحة التي يُقال عنها جلسة الاستراحة، إذاً هي مأمور بها داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا) هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب هذا الأصل لكن لكونها نقلت في بعض المواضع لم تُنقل حينئذ نقول الأصل السنية إذاً ثابتة بالنص وبالفعل، وما سوى ذلك أي الجبلي والخاص به صلى الله عليه وسلم وما فعله بياناً فالتشريك يعني فحكمه التشريك بينه وبين أمته ثم قسم لك هذا قسمين إما أن يُعَلم حكمه أو لا يعني يفعله صلى الله عليه وسلم ويُنقَل أنه فعله على جهة الوجوب أو يُنقل أنه على جهة الاستحباب أو أنه فعله ولم يُنقل حكمه إذاً قسم لك ما سوى الجبلي والخاص وما وقع بياناً إلى قسمين فإن عُلم حكم من أفعاله صلى الله عليه وسلم من الوجوب وإباحة وغيرهما بدليل القرآن مثلاً أو بدليل سنة أخرى أو بفهم الصحابة رضي الله عنهم فكذلك يعني فإن أمته مثله في الحكم ما كان واجباً عليه صلى الله عليه وسلم فهو واجب على أمته وما كان مستحباً فهو مستحب على اتفاق قال اتفاقاً لقوله جل وعلا {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7، هذا ما فعله ولم يكن جبلياً ولا خاصاً ولا بياناً وعُلم حكمه أن واجب إمام بدليل آخر وإما بفهم الصحابة فنقول داخل في عموم قوله جل وعلا {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وإن لم يُعلَم هذا ما يُعَبر عنه بالفعل المجرد عند الأصوليين يُعَبر عنه بالفعل المُجرد يعني فُعل ولم يُعلم حكمه ففيه روايتان عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى – إحداهما أن حكمه الوجوب كقول أبي حنيفة وبعض الشافعية ونُسب إلى مالك - رحمه الله تعالى – أن حممه الوجوب علينا وعليه صلى الله عليه وسلم لماذا؟ لقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب حينئذ ما لم يُعلَم حكمه فهو واجب في حقه وفي حقنا، لكن هنا في مثل هذا نقول الأصح التفصيل ما توقف عليه البلاغ على الصحيح أنه واجب وإلا فندب وأما في حقنا فالأصلح أنه مندوب لما سيذكره، إذاً أن حكمه الوجوب علينا وعليه صلى الله عليه وسلم هذه الرواية الأولى عن الإمام أحمد وهي مرجحة المذهب عند أكثر أصحابه الوجوب احتياطاً والأخرى الندب لثبوت رجحان الفعل دون المنع من الترك لأن الموجوب والندب اشتركا في مطلق الطلب إذاً هذا مشترك إذاً الطلب أرجح من الترك والواجب يمنع الترك والمندوب يجيز الترك فحينئذ أيهما أدنى وأيهما أعلى الندب أدني من الواجب ولا شك لأن الواجب والندب كل منهما مطلوب الفعل إلا أن الندب يمنع الندب لا يمنع الترك والواجب يمنع الترك وما لا يمنع أخف مما يمنع وما لا يمنع أدنى مما يمنع فحينئذ قال هنا لثبوت رجحان الفعل لكونه ندباً دون المنع من الترك الذي هو لازم للواجب لأن الذي يمنع من
الترك هو الواجب ما يُثاب على فعله ويُعاقب على تركه إذاً مُنع من الترك وما لا يمنع من الترك هذا حمل الفعل المجرد عليه أحوط لماذا لأنه أدنى ثبت شرعية فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأدنى مراتب التشريع من جهة طلب إيجاد الفعل هو الندب فحينئذ يكون اليقين ولا يُحمَل على الأعلى وهو الواجب إلا بدليل وهذا أرجح، أما في حقه صلى الله عليه وسلم فيكون واجب يتوقف عليه البلاغ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} المائدة67، إذاً توقف البلاغ على فعل أو على قول نقول واجب في حق النبي صلى الله عليه وسلم ويكون في حق أمته ندباً هذا إذا لم يُعلَم حكمه نقلاً عنه والأخرى الندب لثبوت رجحان الفعل دون المنع من الترك الذي هو لازم للواجب أي أن الفعل أرجح من الترك لأنه فعله له صلى الله عليه وسلم يدل على مشروعيته وأقل أحوال المشروع الندب إما واجب وإما ندب أقل أحوال القربى الندب، وقيل الإباحة حملاً على اقل الأحوال ولذلك ثبت أن بعضهم يقول الجائز هذا يُطلق على الواجب والندب أباحة وهي والجواز قد ترادفا في مطلق الإذن قلنا يشمل الواجب والندب والإباحة، أدنى المراتب الثلاث هي الإباحة حينئذ إذا اشتبه علينا حكم الفعل نقول الأدنى لأنه اليقين ولا يعلى للأعلى إلا بثبت فقالوا الإباحة لكن هذا ضعيف، وتوقف المعتزلة المعتزلة توقفوا لتعارض قالوا يحتمل أنه واجب ويحتمل أنه مندوب فحينئذ توقفوا المعتزلة لا ثبات غليهم، والوجوب أحوط يعني مطلقاً لكن هذا ليس بالصواب الأصح التفصيل أنه في حق الأمة سنة وفي حق صلى الله عليه وسلم إن توقف عليه البلاغ فحينئذ فهو واجب لكن تصور المسألة على وجهها الصحيح المراد فعل لم يُنقل حكمه عن النبي صلى الله عليه وسلم فعل فعلاً ما وليس عليه دليل من قول أو غيره مما يؤيد ندبيته أو وجوبه يعني صورة المسألة في فعل لم يقترن بما يدل على الندب وفي فعل لم يقترن به ما يدل على الوجوب نُقل إلينا فعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم ما حكمه؟ نقول لم يُنقل حكمه إذا نقول الأصل ماذا؟ الأصل أنه مندوب لأن أصل التشريع والأصل التأسي، ثم قال وأما (تقريره) تقريره صلى الله عليه وسلم وهو النوع الثالث السنة التقريرية وهو ترك الإنكار على فعل فاعل أو قوله يعني قيل بحضرته قول فلم ينكر ترك الإنكار أو فُعل بحضرته فعل وترك الإنكار كذلك لو بلغه في زمنه حصل شيء ما فبلغه نقول هذا تقرير إما بالسكوت وإما بالحديث وأما تقريره وهو ترك الإنكار لم يُنكر صلى الله عليه وسلم على فعله فاعل أو على قوله فإن عُلم علة ذلك كالذمي على فطره رمضان فلا حكم له أما التقرير فنقول هذا عند أكثر أهل العلم أنه حجة يعني يُحتج به هل يحتج بتقرير النبي على إثبات السنة؟ نقول نعم والصواب نعم بل حكى ابن حجر - رحمه الله تعالى – الإجماع على ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لا يسكت عن منكر يُفعَل بحضرته لأنه معصوم لأنه إذا سكت معناه أنه مشارك لهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فإذا سكت عن منكر معناه أنه مشارك وهذا معصوم عنه - صلى الله عليه
وسلم - حينئذ يمتنع أن يسكت عليه صلى الله عليه وسلم وهو معصوم عن ذلك، ترك الإنكار على فعل فاعل وقد ذكرنا مثالين للفعل والقول فإن عُلم علة ذلك يعني لو نُقل وترك الإنكار لكن نُقل علة سبب قال كالذمي يعني فله عذر خاص ذمي شرب الخمر ترك الصيام في نهار رمضان ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم نقول جائز له لأنه لا يسكت على منكر؟ نقول لا هذا له عذر خاص والعذر هذا أخرج كونه مقرا عليه من جهة الشرع كالذمي له عذر خاص على فطره رمضان فأفطر في رمضان فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم هل نقول سنة تقريرية؟ لا نقول هذا فلا حكم له يعني لا يدل على الجواز وإلا دل على الجواز يعني وإلا نعلم على تركه الإنكار علة أو سبب خاص كان ذلك دليل على الجواز إذاً كأنه يقول ترك الإنكار من النبي صلى الله عليه وسلم له حالان إما أن يترك الإنكار بعذر خاص يتعلق بفعل الفاعل فحينئذ لا يدل على الجواز وإما ألا نعلم ذلك فحينئذ يدل على الجواز لعموم قوله جل وعلا {يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ} الأعراف157، ونقف عند هذا.