المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تقسيم يحيى بن معاذ الرازي الناس إلى خمس طبقات، ومنها المتعمقون في الدين - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ١٢

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ترك السؤال عما لا يعني الدخول فيه [1]

- ‌باب ترك السؤال عما لا يعني الدخول فيه والبحث والتنقير عما لا يضر جهله ولا ينفع علمه

- ‌أسباب خروج الناس عن السنة والجماعة إلى البدعة والشناعة

- ‌قول النبي: (اتركوني ما تركتكم)، ونهيه عن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء

- ‌النهي الشرعي في مقدور كل إنسان تطبيقه بخلاف الأمر

- ‌بيان أن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته

- ‌النهي عن الاستعجال بالبلية قبل نزولها، فإن العجلة تشتت السبل

- ‌تحليف السلف للسائل عن وقوع المسألة من عدمه

- ‌بيان أن التنطع والتعمق مهلكة لصاحبه

- ‌قلّة المسائل التي سألها الصحابة للنبي حتى قبض

- ‌بيان حديثي: (إن الله كره لكم ثلاثاً)، و (نهى النبي عن الأغلوطات)

- ‌ضرورة التأهل العلمي عند الدخول في المناظرات والجدال

- ‌ذم السلف لمن يجيء بشرار المسائل

- ‌ذم السلف لمن يجالس أهل الأهواء فيتيه ثم يطلب من يجادله ليهديه

- ‌تقسيم يحيى بن معاذ الرازي الناس إلى خمس طبقات، ومنها المتعمقون في الدين

- ‌ذكر بعض المسائل التي لا يجوز للسائل أن يسأل عنها، ولا للمسئول أن يجيب عنها

- ‌الشيعة في مصر

- ‌ضرورة الكف عما كف الشرع عنه، وعدم الخوض فيه

- ‌بيان النبي أن الله تعالى سكت عن أشياء من غير نسيان رحمة بنا فلا نبحث عنها

- ‌آثار عن السلف في ردهم الافتراضات في الأسئلة، والسؤال عما لم يكن

- ‌من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

- ‌التمادي في الأسئلة والافتراضات قد يؤدي بالإنسان إلى السؤال عمن خلق الله

الفصل: ‌تقسيم يحيى بن معاذ الرازي الناس إلى خمس طبقات، ومنها المتعمقون في الدين

‌تقسيم يحيى بن معاذ الرازي الناس إلى خمس طبقات، ومنها المتعمقون في الدين

قال: [وقال يحيى بن معاذ الرازي -وكلامه جميل أشهى من عسل النحل-: الناس خمس طبقات، فاجتنب أربعاً والزم واحدة].

لكن الإمام ابن بطة اختصر كلامه اختصاراً شديداً جداً، حتى إنه لم يذكر الطبقة التي يؤمر العبد بالتزامها، وهم أهل السنة والجماعة.

وأما الأربع التي أمر يحيى بن معاذ باجتنابها فلم يذكر منها ابن بطة إلا طبقة واحدة فقال: [والطبقة الرابعة: هم المتعمقون في الدين، الذين يتكلمون في العقول، ويحملون الناس على قياس أفهامهم، قد بلغ من فتنة أحدهم، وتمكن الشك من قلبه: أنك تراه يحتج على خصمه بحجة قد خصمه بها، وهو نفسه من تلك الحجة في شك].

يعني: أن هذا الشاك هو نفسه غير مؤمن بهذه الحجة، ولذلك إذا أتاه شاك آخر بحجة هي أقوى من حجته تحول إليها، وترك حجته السابقة التي قد خصم بها خصمه وانتصر عليه، قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه خصومات أكثر التحول.

يعني: يتحول من دليل إلى دليل؛ لأنه لا يعتقد دليلاً واحداً، بل كلما رأى أن هذا الدليل أحسن وأجمل وأطيب من غيره تحول إليه.

قال: [وهو نفسه في تلك الحجة في شك، ليس يعتقدها ولا يجهل ضعفها، ولا ديانة له فيها، إن عرضت له من غيره حجة هي أوثق منها انتقل إليها، فدينه محمول على سفينة الفتن، يسير بها في بحور المهالك، يسوقها الخطر، وتسوسها الحيرة، وذلك حين رأى عقله أملى بالدين، وأضبط له، وأغوص على الغيب] يعني: دائماً يعتمد على عقله في التنقيب عن أمور الغيب التي لم يكلف بالبحث عنها.

ثم قال: [وأبلغ لما يراد من الثواب من أمر الله إياه، ونهيه وفرائضه الملجمة للمؤمنين عن اختراق الشذوذ، والتنقير عن غوامض الأمور، والتدقيق الذي قد نهيت هذه الأمة عنه؛ إذ كان ذلك سبب هلاك الأمم قبلها، وعلة ما أخرجها من دين ربها، وهؤلاء هم الفساق في دين الله عز وجل المارقون منه، التاركين لسبيل الحق، المجانبون للهدى، الذين لم يرضوا بحكم الله في دينه حتى تكلفوا طلب ما قد سقط عنهم طلبه، ومن لم يرض بحكم الله في المعرفة حكماً لم يرض بالله رباً، ومن لم يرض بالله رباً كان كافراً، وكيف يرضون بحكم الله في الدين وقد بين لنا فيه حدوداً، وفرض علينا القيام عليها، والتسليم بها، فجاء هؤلاء بعد قلة عقولهم، وجور فطنهم، وجهل مقاييسهم يتكلمون في الدقائق، ويتعمقون، فكفى بهم خزياً سقوطهم من عين الصالحين، يقتصر فيهم على ما قد لزمهم في الأمة من قالة السوء، وألبسوا من أثواب التهمة، واستوحش منهم المؤمنون، ونهى عن مجالستهم العلماء، وكرهتهم الحكماء، واستنكرتهم الأدباء، شكاكون جاهلون، ووسواسون متحيرون، فإذا رأيت المريد يطيف بناحيتهم فاغسل يدك منه ولا تجالسه].

يعني: إذا رأيت المبتدئ يطوف حولهم، ويحضر مجالسهم؛ فاغسل يدك منه، واعلم أنه لا خير فيه، فطالب العلم إذا ذهب عند المبتدع وصاحب هوى فاغسل يدك منه لا من صاحب البدعة؛ فإن هذا أمره مفروغ منه، ولكن اغسل يدك من ذلك الذي يحرص على مجالسته، واعلم أنه لا خير فيه.

ص: 15