المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قول النبي: (اتركوني ما تركتكم)، ونهيه عن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ١٢

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ترك السؤال عما لا يعني الدخول فيه [1]

- ‌باب ترك السؤال عما لا يعني الدخول فيه والبحث والتنقير عما لا يضر جهله ولا ينفع علمه

- ‌أسباب خروج الناس عن السنة والجماعة إلى البدعة والشناعة

- ‌قول النبي: (اتركوني ما تركتكم)، ونهيه عن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء

- ‌النهي الشرعي في مقدور كل إنسان تطبيقه بخلاف الأمر

- ‌بيان أن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته

- ‌النهي عن الاستعجال بالبلية قبل نزولها، فإن العجلة تشتت السبل

- ‌تحليف السلف للسائل عن وقوع المسألة من عدمه

- ‌بيان أن التنطع والتعمق مهلكة لصاحبه

- ‌قلّة المسائل التي سألها الصحابة للنبي حتى قبض

- ‌بيان حديثي: (إن الله كره لكم ثلاثاً)، و (نهى النبي عن الأغلوطات)

- ‌ضرورة التأهل العلمي عند الدخول في المناظرات والجدال

- ‌ذم السلف لمن يجيء بشرار المسائل

- ‌ذم السلف لمن يجالس أهل الأهواء فيتيه ثم يطلب من يجادله ليهديه

- ‌تقسيم يحيى بن معاذ الرازي الناس إلى خمس طبقات، ومنها المتعمقون في الدين

- ‌ذكر بعض المسائل التي لا يجوز للسائل أن يسأل عنها، ولا للمسئول أن يجيب عنها

- ‌الشيعة في مصر

- ‌ضرورة الكف عما كف الشرع عنه، وعدم الخوض فيه

- ‌بيان النبي أن الله تعالى سكت عن أشياء من غير نسيان رحمة بنا فلا نبحث عنها

- ‌آثار عن السلف في ردهم الافتراضات في الأسئلة، والسؤال عما لم يكن

- ‌من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

- ‌التمادي في الأسئلة والافتراضات قد يؤدي بالإنسان إلى السؤال عمن خلق الله

الفصل: ‌قول النبي: (اتركوني ما تركتكم)، ونهيه عن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء

‌قول النبي: (اتركوني ما تركتكم)، ونهيه عن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء

قال: [وسأذكر في هذين الوجهين ما يكون فيه بلاغ لمن قبل النصيحة، وكان بقلبه أدنى حياء إن شاء الله].

فيبدأ رحمه الله بحديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم قال: [قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتركوني ما تركتكم)] ، وهذا الخطاب في عمومه موجه للأمة كلها، وليس خاصاً بأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.

قال: [(اتركوني ما تركتكم)] يعني: لا تجادلوني ولا تخاصموني ولا تسألوني حتى أبادركم بالعلم.

قال: [(اتركوني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم، فما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فاعملوا منه ما استطعتم)].

وجاء في الحديث: (قام رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام -لما فرض الله عز وجل الحج- فقال: يا رسول الله أفي كل عام؟ فسكت النبي عليه الصلاة والسلام، فأعاد عليه ثانية: يا رسول الله آلحج كل عام؟ فسكت، حتى أعادها عليه ثلاثاً، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم) يعني: لو رددت عليك بالإيجاب لكان الحج واجباً على كل مسلم في كل عام، والمعلوم قطعاً أن أحداً لا يقدر على ذلك، والحج فرض في العمر مرة، وما دون ذلك فهو نافلة.

ثم قال: [وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (ذروني ما تركتكم)] يعني: إذا لم أحدثكم بشيء ابتداءً فلا تحدثوني وتنازعوني وتخاصموني وتحاجوني فيه؛ لأن هذا كان سبب هلاك الأمم من قبلكم: كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم، فسبب هلاك بني إسرائيل وسبب ضلالهم: أن الله شدد عليهم لما شددوا على أنفسهم.

فمثلاً: قصة البقرة، فقد فرض الله تعالى على بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة، ثم سألوا عن هيئة البقرة، ولون البقرة، وصفات البقرة، ولو سكتوا من أول الأمر لكان يجزئهم ذبح أي بقرة، ولكنهم شددوا وتعنتوا حتى اختار الله عز وجل لهم بقرة واحدة لا مثيل لها، فبحثوا عنها ونقبوا عنها وتعبوا أيما تعب، ولما وصلوا إلى البقرة المعلومة المعينة المذكورة بأماراتها وأوصافها غالى صاحبها أيما مغالاة في ثمنها، فوقعوا في مشقة أخرى؛ لأنهم لم يسمعوا ويطيعوا من أول الأمر، بل جادلوا وكثرت أسئلتهم.

ص: 4