المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجرأة على العلماء لا تأتي إلا من الجهال - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ١٨

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ذم الجدال والمتكلمين وترك آثار الصالحين

- ‌ذم الجدال والمراء والخصومات في الدين، والحث على التمسك بآثار الصالحين

- ‌شرح أثر ابن الماجشون: (احذروا الجدل فإنه يقرب إلى كل موبقة)

- ‌ضرر مناظرة أهل البدع والاستماع لهم

- ‌مناهج التلقي عند أهل السنة والجماعة

- ‌اضطراب وشك أهل الباطل

- ‌ذم الشافعي لكل ما هو طريق إلى الكلام

- ‌تهوين الشافعي لسائر المعاصي مقارنة بعلم الكلام خلا الشرك بالله تعالى

- ‌تحذير الشافعي من ائتمان صاحب الكلام على الدين

- ‌منهج أصحاب الكلام تجاه المخالف

- ‌تعقيب الشيخ ابن بطة رحمه الله تعالى على موقف أهل الكلام من المخالف

- ‌معنى السلفية وعلى من تطلق

- ‌الصواب في عبارة: وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في اتباع من خلف

- ‌استمرار المنهج السلفي إلى قيام الساعة

- ‌بيان ضلال القرآنيين الطاعنين في السنة النبوية

- ‌تحذير هشام بن عبيد من الكلام

- ‌تحذير العتابي من الكلام والجدل وموقف المأمون من مناظرته مع بشر المريسي

- ‌تحذير أبي يوسف من الكلام

- ‌التحذير من طلب الغنى بالكيمياء وبيان معنى الكيمياء

- ‌الجرأة على العلماء لا تأتي إلا من الجهال

- ‌قوة الشيخ الألباني في الحق وعدم محاباته لأقربائه

- ‌احتقار الإمام ابن مهدي لأصحاب الكلام والجدل

- ‌ذم الإمام أحمد للكلام

- ‌غربة الدين في هذه الأزمان

- ‌نهي ابن سيرين عن الجدال إلا إذا كانت وراءه فائدة مرجوة

- ‌كلام الإمام أحمد في ذم الكلام

- ‌متى يجاب الإنسان إذا سأل عن بعض الأهواء والمحدثات

الفصل: ‌الجرأة على العلماء لا تأتي إلا من الجهال

‌الجرأة على العلماء لا تأتي إلا من الجهال

قال: [وجاء أبو بكر الأصم -وهو فعلاً أصم- إلى عبد الرحمن بن مهدي فقال: جئت أناظرك في الدين].

عاملك الله بما تستحق! ألم تجد إلا عبد الرحمن بن مهدي شيخ الإمام الشافعي، فـ عبد الرحمن بن مهدي تورع، وأحمد بن حنبل تورع، وهؤلاء هم أئمة الدنيا، ودائماً الجرأة لا تأتي إلا من جاهل أو غبي، ولذلك قال عبد الله بن المعتز: لا يتصدر إلا فائق أو مائق.

والفائق: هو المتفوق، فيكون له صدر في الأمة، وصدر في الناس، وعلم يشار إليه؛ لأنه طول عمره وهو رجل فاضل ومحترم، يحافظ على وقته، ويذاكر ويحفظ، ويستمع كلام أهل العلم، ويحاول أن يحصل العلم من مصادره؛ حتى يكتب له التفوق والتصدر في الناس، وإن لم يبغ هو التصدر لكن الناس يقدرونه، مع أن علماءنا ليس أحد منهم من أهل الدنيا، أو صاحب منصب، وما فرض علينا علمه من خلال منصبه.

وأما أصحاب المناصب فهم أكبر سلاطين في الدنيا، لكن لما يدخلوا علينا نقول لهم: لا نريدكم؛ لأن عندنا أناساً أحسن منكم، وأنظف منكم، فنتلقى عنهم، وأنتم لستم أصحاب دين، بل أصحاب انحراف، والانحراف ثابت عنكم، وقد كنتم مستقيمين قبل الكرسي، وبعد الكرسي تغيرت أحوالكم، ومن أجل ذلك كلامكم عندنا غير معتمد، مع أنهم في العلم أناس جيدون، فهم ليسوا جهلة، لكننا لا نثق في علمهم أو في فتاواهم.

فمثلاً: عندنا الشيخ الألباني رحمه الله، وابن باز وغيرهم من أهل العلم، هؤلاء أناس كتب لهم القبول والصدارة في العالم كله كافرهم ومؤمنهم، وليسوا أصحاب كراسي ووجاهات، ولا عندهم من الأموال الكثيرة لكي نتملق لهم من أجل أن نأخذ من دنياهم.

بل أنا أذكر مراراً أن الجهلة كانوا يأتون إلى عمان الأردن، ويجهلون أيما جهل على الشيخ الألباني، حتى هم كثير من الطلاب أن يضربوهم؛ لأنه لا يمكن مناقشة العالم بهذا الأسلوب أبداً.

فمثلاً: جاء رجل من مصر إلى عمان الأردن، وصلى الجمعة عند الشيخ الألباني في مسجد صلاح الدين في الدوار الرابع عند الشيخ أبي شقرة، وبينما أنا صاعد المسجد سمعته يقول: أين الأخ الألباني؟! فقلت له: لا يصح هذا يا فلان! من الخطأ أنك تخاطب عالماً مبرزاً في الأمة بلقب الأخ، فهل تدخل على أبيك فتقول له: يا أخ فلان؟! أو على أمك وتقول لها: يا أختي؟! المهم خرج الشيخ الألباني من المسجد الله يرحمه ويحسن إليه، فقال له: يا شيخ! أنا جئت لك من مصر مخصوص، قال له: لماذا؟ قال له: أنا ذهبت أقدم في الجامعة الإسلامية فقالوا: لا بد أن تأتي بتزكية من الشيخ الألباني، فقال له: قالوا لك: تزكية من الشيخ الألباني؟ قال له: نعم، قال له: ولكن أنت أول واحد ينقل إلي أن هذا الطلب من الجامعة موجه إليّ، وإلا فالأصل أنهم يقولون: اذهب وائت بتزكية من شخص معتبر عندهم وكفى، لكن أنهم عينوا لك الألباني فعجيب، قال: نعم عينوا الألباني، فقال: طيب يا أخي! إن التزكية شهادة، فكوني أشهد لك أنك من أهل الاستقامة في العلم والعمل والعقيدة وغير ذلك أمر مهم جداً، ثم قال له: أليس الواجب علي ألا أشهد إلا بما علمت؟ فقال الرجل: أنا الحمد لله أخ مسلم جئت من مصر، فكيف تردني؟ وهل كان النبي عليه الصلاة والسلام يرد سائلاً؟ وأخذ يناقش بجلافة وقلة أدب مع الشيخ، ثم طلب من الشيخ المال الذي أنفقه في سفره إليه، فقال له الشيخ: ومن أين آتي لك بفلوس؟ هل أنا قلت لك: تأتي؟ فقال له: إما أن تعطيني الشهادة أو تعطيني الفلوس.

ثم إن الإخوة الذين هم مختصون بهذه الأشكال قاموا وصرفوه من الشيخ، ثم أتى إلى هنا ولم يتعلم لا في الجامعة ولا في المدرسة، ولا يزال إلى الآن يحمل حملة شعواء على الشيخ الألباني.

ص: 20