المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌آثار في خوف السلف من ذهاب إيمانهم وخوفهم النفاق على من أمن ذلك على نفسه - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٣٤

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ الإيمان خوف ورجاء

- ‌باب الإيمان خوف ورجاء

- ‌الآيات القرآنية الدالة على أن الإيمان خوف ورجاء

- ‌ذكر بعض الأحاديث في أن الإيمان خوف ورجاء

- ‌آثار في خوف السلف من ذهاب إيمانهم وخوفهم النفاق على من أمن ذلك على نفسه

- ‌ذكر الآثار عن السلف في الخوف والرجاء

- ‌أثر أبي بكر الصديق: (والله لو قيل: لا يدخل الجنة)

- ‌أثر عون بن عبد الله: (قال لقمان لابنه: (يا بني أرج الله)

- ‌أثر بكر المزني: (لو انتهيت إلى هذا المسجد)

- ‌أثر معاوية بن حرمل: (لو نادى منادٍ من السماء)

- ‌أثر وهب بن منبه: (الرجاء قائد)

- ‌أثر علي بن أبي طالب: (ألا أخبركم بالفقيه)

- ‌دخول الجنة لا يكون إلا برحمة الله

- ‌موقف السلف من المرجئة وتخويفهم من معتقدهم

- ‌كلام علماء أهل السنة في الخوف والرجاء

- ‌كلام الطحاوي في الأمن والإياس

- ‌كلام ابن أبي العز الحنفي في الخوف والرجاء

- ‌كلام ابن القيم في الرجاء

- ‌كلام الإمام الهروي في الخوف والرجاء

- ‌الأسئلة

- ‌خلاف أهل العلم في خلود الثنتين والسبعين فرقة في النار

- ‌حكم مقولة: (فلان رحمه الله

- ‌حكم قراءة الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول

- ‌حكم زواج الرجل من زوجة أخيه بعد طلاقها

- ‌بيان معنى حديث: (اللحد لنا والشق لغيرنا)، وحديث: (لا ضرر ولا ضرار)

- ‌حكم لعن المعين وإن كان كافراً

الفصل: ‌آثار في خوف السلف من ذهاب إيمانهم وخوفهم النفاق على من أمن ذلك على نفسه

‌آثار في خوف السلف من ذهاب إيمانهم وخوفهم النفاق على من أمن ذلك على نفسه

قال: [وعن أبي إدريس الخولاني قال: ما على ظهرها من بشر لا يخاف على إيمانه إلا ذهب].

وكأنه أراد أن يقول: ليس من أحد إلا ويجب عليه أن يحذر فوات إيمانه، وأن من أمن فوات الإيمان فلا بد أن يفوته حقيقة، إذ المرء إنما يعمل على تحصيل الإيمان وزيادته وكماله وتمامه، أما من أهمل إيمانه فهو كمن أهمل في زرعه أو في صناعته أو حرفته، فلا بد أنها إلى زوال، والإيمان من باب أولى.

إذ إن الإيمان كالشجرة التي تنبت في القلب، والمعلوم أن الشجرة ما لم تحطها برعاية ولطف لا بد أنها إلى زوال، وكذلك الإيمان ينبغي أن يراعيه صاحبه في قلبه.

قال: [وعن الحسن البصري قال: والله ما مضى من مضى، ولا بقي من بقي إلا يخاف النفاق].

حتى المبشرون بالجنة كانوا يخافون على أنفسهم من النفاق، فهذا عمر رضي الله عنه المبشر بالجنة يلقى حذيفة، وهو يعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قد أخبر حذيفة بأعلام وأعيان وأسماء المنافقين، فيقول له: أنشدك الله يا حذيفة! أعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين؟! عمر يخاف على نفسه من النفاق، فمن باب أولى أن يخاف أحدنا من ذلك، أو أن يقف الواحد منا مع نفسه وقفة جادة لمعرفة ما إذا كان منافقاً أو فيه شعبة أو خصلة من خصال النفاق، فيراجع نفسه ويتخلص منها، ويعمل على كمال وتمام وزيادة الإيمان في قلبه بإتيان الطاعات واجتناب المنهيات.

فقال حذيفة لـ عمر رضي الله عنهما: لا يا عمر! ولا أزكي أحداً بعدك، أي: لم يذكرك النبي عليه الصلاة والسلام في المنافقين، ولكني أرجوك ألا تفتح هذا الباب حتى لا يسألني أحد غيرك فيكون منهم، فاضطر اضطراراً إلى إخباره بأنه من المنافقين، فتكون الفتنة بعد ذلك بيني وبين أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.

قال: [وما أمنه إلا منافق].

أي: ما أمن النفاق على إيمانه إلا إنسان قد استهتر بهذا الإيمان.

وقد ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: لو أن إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله.

وهذا يدل على وجود الإيمان من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو كذلك حقاً، ولذلك قال غير واحد: ما سبق أبو بكر الأمة بكثير صلاة ولا صيام، وإنما سبقها بشيء وقر في قلبه، ألا وهو الإيمان.

قال: [وقال طريف بن شهاب: قلت للحسن البصري: إن أقواماً يزعمون ألا نفاق]، أي: أنه ليس هناك شيء اسمه نفاق، قال:[ولا يخافون النفاق! قال الحسن: والله لأن أكون أعلم أني بريء من النفاق أحب إلي من طلاع الأرض ذهباً].

أي: يرد عليه فيثبت النفاق، بدليل أن الحسن يتمنى لو أنه أخبر أنه ليس فيه شعبة من النفاق، وأن ذلك أحب إليه من أن تنبت الأرض ذهباً، فيقول الحسن: فيشتري الخبر بطلاع الأرض كلها ذهباً، على أن يخبر أنه ليس من المنافقين، أو أنه ليس على شعبة من النفاق.

قال: [وعن الحارث بن معاوية قال: إني لجالس في حلقة وفيها أبو الدرداء وهو يومئذ يحذرنا الدجال].

وكما تعلمون أن الدجال أعظم فتنة إلى قيام الساعة، وما من نبي إلا حذر أمته الدجال، فـ أبو الدرداء رضي الله عنه في حلقته يحذر الأمة الدجال.

قال: [فقال له الحارث بن معاوية: والله لغير الدجال أخوف على نفسي من الدجال]، أي: أنا أخاف على نفسي شيئاً هو أعظم من الدجال.

[فقال أبو الدرداء: وما الذي أخوف في نفسك من الدجال؟ قلت: إني أخاف أن يسلب مني إيماني ولا أدري].

أي: أخاف أن يذهب إيماني دون أن أدري.

[قال: لله أمك يا ابن الكندية!] أي: كأنك أتيت بشيء عظيم حقاً، وجدير بالاهتمام، فقال:[لله أمك يا ابن الكندية! أترى في الناس مائة يتخوفون مثل ما تتخوف؟ لله أمك يا ابن الكندية! أترى في الناس خمسين يتخوفون مثل الذي تتخوف؟ لله أمك يا ابن الكندية! أترى في الناس عشرة يتخوفون مثل ما تتخوف؟ لله أمك يا ابن الكندية! أترى في الناس ثلاثة يتخوفون ما تتخوف؟ والله ما أمن رجل قط أن يسلب إيمانه إلا سلبه، وما سلبه فوجد فقده].

أي: إذا سلب الإيمان فإنه يصعب جداً أن يعود إلى صاحبه مرة أخرى، وكأن أبا الدرداء أقر الحارث بن معاوية على أن رعاية الإيمان أعظم بكثير جداً من الانشغال بفتنة المسيح الدجال.

قال: [وعن أم الدرداء قالت: كان أبو الدرداء كثيراً ما يقول: إذا هلك الرجل على الحال الصالحة هنيئاً له، ليت أني بدله]! أي: إذا مات المرء على حال صالحة مرضية فهنيئاً له.

[فقالت أم الدرداء -وهي ا

ص: 5