المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب تعلق العبد بالله الذي بيده الهداية والضلال - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٤٦

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ذكر أن مشيئة الخلق تبع لمشيئة الله وأنهم لا يشاءون إلا ما شاء الله عز وجل

- ‌مجمل الكلام في مراتب القدر ونشأة القدرية

- ‌باب في ذكر ما أعلمنا الله تعالى أن مشيئة الخلق تبع لمشيئته، وأن الخلق لا يشاءون إلا ما شاء الله

- ‌تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة)

- ‌وجوب تعلق العبد بالله الذي بيده الهداية والضلال

- ‌الشرك والإيمان لا يقعان إلا بإرادة الله عز وجل

- ‌اعتقاد أن الله هو الذي خلق العباد على الطاعة والمعصية وأن هدايتهم بيده وحده

- ‌تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (كما بدأكم تعودون) وإثباته أن الله خلق الشر

- ‌تفسير أبي حازم لقوله تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها)

- ‌تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (يحول بين المرء وقلبه)

- ‌تفسير الحسن لبعض الآيات في القدر

- ‌تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)

- ‌احتجاج مالك بن أنس على القدرية بقوله تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن)

- ‌مخالفة القدرية لما أثبته الملائكة والنبيون وأهل الجنة وأهل النار وإبليس من المشيئة لله

- ‌إنكار القدرية للقدر على الرغم من علمهم بالأدلة المتكاثرة الدالة عليه

- ‌إثبات النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه أن الله يقلب القلوب فيثبتها أو يزيغها

- ‌إرادة الله عز وجل تخضع لها كل أعمال العباد

- ‌إقامة دعوة الأنبياء على البلاغ والإرشاد

- ‌تفسير بعض السلف لآيات في القدر

- ‌وجوب اتباع كتاب الله وسنة نبيه والوقوف عند أمرهما ونهيهما

الفصل: ‌وجوب تعلق العبد بالله الذي بيده الهداية والضلال

‌وجوب تعلق العبد بالله الذي بيده الهداية والضلال

قال: [وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة:253]]، إذاً: القتال رغم أنه منهي عنه، وقد جاء فيه الوعيد الشديد إلا أنه ما وقع إلا بإرادة الله عز وجل:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} [البقرة:253] ولكن القتال وقع؛ ولذلك قال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة:253] أي: أن القتال وقع بإرادة الله، بمعنى: أن الله أذن في وجوده، وأذن في خلق القتال بين البشر مع أنه قد نهى عنه.

قال: [وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام:35].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام:39]].

إذاً: الضلال يقع بمشيئة الله، والهداية تقع بمشيئة الله، إذاً: الذي يملك الهداية ويملك الضلال هو الله عز وجل، فهو الذي يهدي وهو الذي يضل، لكن لا تقل: إذا كان الأمر كذلك ففيم العمل إذاً؟ هل أنت متأكد أنك من أهل الضلال عند الله؟ أو هل أنت متأكد أنك من أهل الهداية؟ إذا كنت تعلم أن الأعمال بالخواتيم، وأنت لا تدري بما يختم لك؛ بالسعادة أو الشقاء، بالجنة أو النار، بعمل صالح أو طالح، أنت لا تعلم عن نفسك شيئاً، فإذا كان الأمر كذلك فلا أقل من أن تكون كالمعصوم صلى الله عليه وسلم الذي علم ذلك بفطرته وبوحي السماء، ومع هذا عصمه الله عز وجل من الضلال، وكل هذه المؤهلات وغيرها ما جعلته ينثني عن أن يذل ويخضع لربه، وكان دائماً يقول:(اللهم يا مثبت القلوب! ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب! صرف قلبي إلى طاعتك) مع أنه معصوم من الضلال عليه الصلاة والسلام، ولكنه كان يقول ذلك إكثاراً لحسناته، وإثقالاً لميزانه، وتعليماً لأمته، أن يعلموا أنهم بين يدي الله عز وجل.

تعجبت من قوله إحدى نسائه وقالت: (أتقول هذا وأنت رسول الله؟! قال: أما علمت أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) يجعل من يشاء كافراً ويجعل من يشاء مؤمناً، يجعل من يشاء سعيداً، ويجعل ومن يشاء شقياً، يجعل من يشاء في النار، ويجعل من يشاء في الجنة، فإذا كانت هذه بيد الله عز وجل وأن المرء لا يدري بما يختم له، فينبغي أن يتعلق المرء بالله عز وجل، وأن يعلق قلبه بالله تعالى؛ لأنه هو الذي يوفقه للطاعة، وهو الذي يضله عن سواء الصراط، ويهديه إلى سواء الجحيم؛ فلما كان ذلك كله بيد الله فينبغي للعبد أن يتعلق بربه الذي يملك الهداية والضلال.

ص: 5