المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استحباب الاستعاذة والبسملة والبدء من أول السورة وأول الكلام - شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - حطيبة - جـ ٢٧

[أحمد حطيبة]

الفصل: ‌استحباب الاستعاذة والبسملة والبدء من أول السورة وأول الكلام

‌استحباب الاستعاذة والبسملة والبدء من أول السورة وأول الكلام

يقول الإمام النووي: ينبغي للقارئ أن يبتدئ من أول السورة أو من أول الكلام المرتبط.

فإذا كان القارئ سيقرأ القرآن فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كان في أول السورة فيقول:(بسم الله الرحمن الرحيم)، ويجوز إذا كان في نصف السورة أن يقول:(بسم الله الرحمن الرحيم)، ويجوز أن يدخل في القراءة مباشرة، فإن كان يريد أن يقرأ من أول السورة فليقرأ، وإذا كان يريد أن يقرأ من نصف السورة فليهتم بأن يكون الكلام متصلاً لا منقطعاً عما قبله.

وكذلك إذا كان يصلي بالناس ووقف يريد الركوع والمعنى لم يكتمل، فليكمل بأن يقرأ آية أو آيتين أو ثلاث آيات، حتى يكمل ما كان يقول، وحتى يكون القرآن مفهوماً، وكذلك إذا بدأ في الركعة التي تليها فليبتدئ من أول الكلام المترابط، ويضرب لنا رحمه الله أمثلة من ذلك، ومنها: قول الله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24]، فهذا بداية ربع حزب، فهنا حين يبدأ يقرأ القارئ:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24]، فإن المستمع لن يفهم ما الذي يقصده هنا، وقد تقدم قبلها قول الله سبحانه وتعالى:{وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء:22].

إذاً: فهنا تحريم أنواع معينة من النساء: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ} [النساء:23]{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:24]، فهذا راجع لحكم كان قبل ذلك متقدماً وهو قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [النساء:23]، فلا يجوز للقارئ أن يبتدئ بقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:24]؛ لأنه لم يعط الحكم الذي أراده الله سبحانه.

وتقسيم في المصحف إلى أعشار وإلى أرباع وإلى أحزاب لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إنما فُعل بعد ذلك في خلافة بني مروان، فعله الحجاج عندما أراد أن يسهل على الناس الحفظ، وصحيح أن هذا يسهل على الناس الحفظ، ويسهل عليهم المراجعة، وهذا جميل، ولكن الالتزام به والوقوف عليه وإن لم يكتمل المعنى من الخطأ، بل لابد من مراعاة اتصال المعنى، وذلك مثل قوله تعالى:{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف:53]، فإنه إذا بدأ بقوله:{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف:53] فإنه لا يفهم المعنى المقصود من أن امرأة العزيز هي التي قالت ذلك، فلابد أن يقرأ ما قبلها من الآيات حتى يظهر معنى كلام الله عز وجل في قوله:{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف:53].

ومن الأمثلة على ذلك أيضاً: قوله سبحانه: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا} [الأحزاب:31]، وهذا بداية ربع حزب، فلا يبدأ بذلك، وإنما يبدأ بقوله تعالى:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ} [الأحزاب:30] حتى يتضح المعنى في ذلك، ومثل هذا كثير.

ص: 13