المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح: باب: من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم: - شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري - عبد الكريم الخضير - جـ ٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح: باب: من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم:

هذا اللقاء هو آخر اللقاءات الأربعة التي تم الإعلان عنها، ويبقى في الكتاب ما يستوعب ثلاثة دروس سوف تكمل -بإذن الله- في يوم السبت والأحد والثلاثاء بعد صلاة العصر مباشرة في مسجد أبا الخيل حي السلام، وسوف تبث على ما بثت عليه الدروس الأولى -إن شاء الله تعالى-، ونحن على علم أن الأيام أيام امتحانات ولهذا السبب صار النقص ظاهر في هذا اليوم، لكن هي سوف تسجل -إن شاء الله-، والراية يتولون تسجيلها -إن شاء الله- وسوف تخرج قريباً، من لم يتمكن من الحضور ولا المتابعة بالإنترنت أو غيره يجدها -إن شاء الله- مسجلة، والله المستعان.

‌شرح: باب: من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الإمام أبو عبد الله البخاري -رحمه الله تعالى-: باب: من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم.

حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا حيوة وغيره قال: حدثنا أبو الأسود وقال الليث عن أبي الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة فأخبرته فنهاني أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس رضي الله عنهما أن أناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتيهم السهم فيرمى فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله، فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [(97) سورة النساء].

يقول الإمام رحمه الله: "باب: من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم" من أراد أن يكثر سواد الفتن والمراد سواد الأشخاص، يكثر العدد وأهل الفتن، والأصل في الفتن والفتنة الشرك وأهله، والظلم يطلق الظلم ويراد به أيضاً الشرك، فتكثير سواد أهل الكفر الشرك والظلم وأيضاً تكثير سواد ما دون ذلك من أهل الفسق ومعاشرتهم ومخالطتهم لا شك أن هذا له أثره على المخالط.

ص: 10

"من كره" تطلق الكراهة ويراد بها كراهة التحريم، وهي ترد كثيراً في النصوص، ويراد بها التحريم لا التنزيه، وإن خصها العرف الخاص عند أهل العلم بكراهة التنزيه، والترجمة إنما وقعت على أمرٍ محرمٍ، كما سيأتي في الآية، {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ} [النساء: 97] " بتكثيرهم سواد المشركين، فهذا أمرٌ محرم، فالكراهة هنا كراهة تحريم.

يقول رحمه الله: "حدثنا عبد الله بن يزيد" المقري الحافظ الثقة المعروف، أحد العبادلة الذين إذا رووا عن ابن لهيعة قوي خبره، "قال: حدثنا حيوة -بن شريح- وغيره" هو ابن لهيعة، البخاري لا يخرج لابن لهيعة، ولا يصرح باسمه، وأبهمه هنا لأنه ليس على شرطه، الجمهور على تضعيفه، هو ضعيف، فقال هنا: "حدثنا حيوة وغيره" والمراد به ابن لهيعة، وجمهور العلماء على تضعيفه، إذا فعل مثل هذا الإمام روى عن ثقتين، عن راويين، أحدهما ثقة، والآخر ضعيف، فأسقط الضعيف واقتصر على الثقة يسوغ هذا أو لا يسوغ؟ إذا روى عن راويين أحدهما ثقة والآخر ضعيف، فأبهم الضعيف أو أسقطه، واقتصر على التصريح باسم الثقة هل يضر هذا أو لا يضر؟ نعم؟ لا يضر، لماذا؟ لأن هذا الضعيف وجوده كعدمه سواءً ذكر أو لم يوجد أصلاً لا يؤثر في الخبر ما دام المصرح به المعتمد عليه ثقة، وما الفرق بين مثل هذا وبين تدليس التسوية الذي هو شرُّ أنواع التدليس؟ ما الفرق بينه وبين تدليس التسوية؟ هذه مسألة مهمة قد تلتبس على بعض المتعلمين وإلا فموضوع الفتن لا يحتمل مثل هذا التفصيل في الأسانيد، نعم، إيش الفرق بين مثل هذا الصنيع وتدليس التسوية الذي هو شر أنواع التدليس؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب.

طالب:. . . . . . . . .

الآن عندنا في هذه الصورة لو كانت عمدة البخاري ابن لهيعة وليست عمدته حيوة، هل يمكن أن يقول: حدثنا حيوة؟ لا يمكن، بل حدثه حيوة وحدثه أيضاً ابن لهيعة، فروى الحديث عن اثنين، أحدهما ثقة والآخر ضعيف، أبهم الضعيف، نفترض أنه حذف الضعيف هذا، قال: حدثنا حيوة وترك ابن لهيعة، أضرب عنه صفحاً يؤثر؟ هذا لا يؤثر، تدليس التسوية مؤثر، كيف صار مؤثر؟ لماذا صار تدليس التسوية مؤثراً؟ صورة تدليس التسوية قبل ..

ص: 11

طالب:. . . . . . . . .

أن يروي الحديث عن ثقتين لقي أحدهما الآخر بينهما ضعيف، يعني لقي أحدهما الآخر، يعني هذا الثقة يروي عن ضعيف عن ثقة، فيحذف الضعيف، الضعيف له أثر في الباب، في الحديث نعم؛ لأنه أحد رواته الذين لا يمكن الاستغناء عنهم، إنما جاء الحديث من طريقه لا من طريق غيره، هنا جاء الحديث من طريقه ومن طريق غيره، في تدليس التسوية أن يروي الحديث عن ثقتين بينهما ضعيف، فلان عن فلان عن فلان، فيسقط الضعيف ويقتصر على الثقات، هذا مؤثر، وهذا يصعب الوقوف عليه؛ لأن المسألة مفترضة في ثقتين لقي أحدهما الآخر، لكن الراوي لم يروِ عن من روى عنه هذا الحديث إلا بواسطة هذا الضعيف.

ص: 12

"حدثنا حيوة وغيره قالا: حدثنا أبو الأسود" محمد بن عبد الرحمن الأسدي، يعرف بيتيم عروة، عن أبي الأسود، "وقال الليث .. " قال: حدثنا أبو الأسود عرفنا أنه محمد بن عبد الرحمن الأسدي يتيم عروة، "وقال الليث عن أبي الأسود" يعني حيوة قال: حدثنا، ابن لهيعة قال: حدثنا، الليث قال: عن أبي الأسود، "قال -أبو الأسود- قُطع على أهل المدينة بعث" يعني فرض عليهم بعث، قطع على أهل المدينة بعثٌ، يعني فرض عليهم جيش، قطعة من الجيش تنتقى من أهل المدينة إلزاماً؛ ليقاتلوا أهل الشام في خلافة ابن الزبير، فرض عليهم أن يبعثوا بعثاً لقتال أهل الشام، يقول أبو الأسود:"فاكتتبت فيه" يعني كنتُ ممن وقع عليه الاختيار مع هذا البعث، "فلقيت عكرمة -مولى ابن عباس- فأخبرته" أني اكتتبت مع هذا البعث "فنهاني -عن ذلك- أشد النهي" فنهاني عن ذلك أشد النهي، "ثم قال: أخبرني ابن عباس" ثم قال: أخبرني ابن عباس عكرمة مولى ابن عباس، أخبره مولاه عبد الله بن عباس "أن أناساً" منهم عمرو بن أمية والحارث بن زمعة وغيرهما، "أناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني في القتال يخرجون مع المشركين إما مجاملة أو من باب حب الاستطلاع، أو لأمرٍ من الأمور، يخرجون مع المشركين يكثرون سوادهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم "فيأتي السهم" وتكثير السواد له أثره في الحروب، تكثير السواد له أثره في الحروب، كيف؟ لأن الخصم إذا رأى العدد كبير داخله ما داخله من رعب وخوف، لكن لما يكون العدد قليل تولدت فيهم الجرأة والشجاعة وطمعوا فيهم، لكن إذا كثر سوادهم دبَّ إليهم الضعف، "فيأتي السهم فيُرمى -به- فيصيب أحدهم"، يصيب أحد المسلمين الذين خرجوا مع المشركين، "فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله"، يرمى بالسهم فيصيب أحد هؤلاء فيقتله، أو يضرب بالسيف مثلاً فيقتل، وهو معطوفٌ على: "فيأتي" لا على "فيصيب"، لأن الإصابة هنا بالسهم، والضرب يكون بالسيف، "فيقتله، فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ} [النساء: 97] " يعني بخروجهم مع الكفار هذا ظلم للنفس؛ لأنه ارتكابٌ لمحرم،

ص: 13