المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح قوله: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: - شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري - عبد الكريم الخضير - جـ ٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح قوله: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

‌شرح قوله: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه عليه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين {لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [(158) سورة الأنعام] ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه، ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها))

ثم قال: "حدثنا أبو اليمان" وهو الحكم بن نافع قال: "أخبرنا شعيب" وهو ابن أبي حمزة، قال:"حدثنا أبو الزناد" عبد الله بن ذكوان "عن عبد الرحمن عن أبي هريرة" عبد الرحمن ابن؟ ابن هرمز الأعرج، المشهور بلقبه، "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان)) " يقول الشراح: هما فئة علي رضي الله عنه وفئة معاوية -رضي الله عن الجميع-، ((حتى تقتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة)) يقولون: بلغ ما قتل في حروبهم، حروب علي مع معاوية -رضي الله عن الجميع- بلغوا سبعين ألفاً، خلائق، ((مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة))، أو ((دعواهما واحدة)) كما في بعض الروايات، كلٌ منهما يدعي نصر الحق.

ص: 11

((ولا تقوم الساعة حتى يبعث -يعني يظهر- دجالون كذابون، قريبٌ من ثلاثين)) وجاء في بعض الروايات سبعة وعشرون، وهؤلاء السبعة والعشرون قريبٌ من الثلاثين، منهم أربع نسوة، ((كلهم يزعم أنه رسول الله)) وبعض الروايات:((ولا نبي بعد)) يعني من طالع كتب التواريخ والأدب وجد من أخبار المتنبئين الغرائب، ووجدهم يبلغون هذه العدة، في (نهاية الأرب) للنويري باب عن المتنبئين وطرائفهم وأخبارهم، باب، ذكر من الطرائف المضحكة من هؤلاء الذين يزعمون أنهم أنبياء، ذكر عن بعضهم حيل، جيء لهارون الرشيد بواحد قال: يزعمون أنك تزعم أنك نبي؟ قال: نعم، قال: ما اسمك؟ قال: موسى بن عمران، قال: وما هذه العصا التي بيدك؟ قال: هذه هي التي تنقلب حية، حية تسعى إذا وضعتها على الأرض، قال: ضعها لنرى، هل هو كلامك صحيح وإلا لا؟ قال له: لا أضعها حتى تقول: أنا ربكم الأعلى؛ يعني ما تنفع حتى تقول هذا الكلام، فإذا قلت: أنا ربكم الأعلى وضعت العصا ومشت تسعى، ساق أخبارهم على أساس أنها طرائف وهم دجالون كذابون، وما زال الأمر إلى وقتنا هذا، بين كل فترة وأخرى يظهر واحد، يزعم أنه نبي، نسأل الله العافية.

((حتى يبعث دجالون)) جمع دجال صيغة مبالغة، ولا يجمع جمع تكسير عند جماهير النحاة، لا يجمع جمع تكسير، ما يقال: دجاجلة عند جماهير النحاة؛ لئلا تذهب المبالغة، لتبقى صيغة فعَّال على أصلها: دجال جمعه دجالون، قال الإمام مالك بن إسحاق: دجالٌ من الدجاجلة، قال عبد الله بن إدريس الآودي: ما علمت أن دجالاً يجمع على دجاجلة حتى سمعتها من مالك رحمه الله.

والفرق بين هؤلاء الدجالين وبين الدجال الأكبر المسيح أن هؤلاء يدعون النبوة، وذلك يدعي الإلهية، نسأل الله العافية.

ص: 12

((قريبٌ من ثلاثين كلهم يزعمُ أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم)) يعني: ولا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، ومعروف أن ذلك يكون بقبض العلماء، ((وتكثر الزلازل)) والآن تسمع في كل سنة زلزال أو أكثر، عاد السنة هذه تتابعت، لكن فيما سبق كل سنة نسمع واحد اثنين، أما في هذه السنة فزادت، ويذهب ضحيتها الفئام من الناس، ((وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان)) وهذا تقدم، ((يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة -يعني كالأسبوع-، والجمعة كاليوم -الأسبوع كاليوم الواحد-، واليوم كالساعة، والساعة كإشعار سعفة)) هذا من تقارب الزمان، منهم من يقول بأنه تقارب حقيقي، ومنهم من يقول: التقارب معنوي بذهاب البركة من العمر، فتجد الإنسان يمضي السنة في العمل الذي كان ينتهى منه في شهر، ويمضي الشهر في العمل الذي كان ينتهى منه في أسبوع وهكذا، وهذا ظاهر، كثيرٌ من الناس تطلع عليه الشمس وتغرب ما استفاد فائدة، هذا من نزع البركة، كثيرٌ من الناس يسوف اليوم غداً بعد غدٍ وهكذا إلى أن تنتهي السنة ما صنع شيئاً، لماذا يا فلان لا تجد في طلب العلم؟ والله إن شاء الله في بداية السنة، جت بداية السنة والله تصرمت الأيام لعلنا بعد رمضان -إن شاء الله- نتفرغ، بعد رمضان نبي نحج إذا رجعنا وهكذا تذهب الليالي والأيام دون فائدة، وإلا فالبركة موجودة عند من يستفيد من وقته، يعني من جلس بعد صلاة الصبح إلى العاشرة أو الحادية عشرة ماذا ينجز من الأعمال؟ الشيء الكثير، لكن من نام بعد الصبح إلى الظهر ماذا يستفيد من بقية وقته؟ لا شيء، وهذا حال كثير من الناس، كثير من الناس تنتهي أوقاتهم من بعد صلاة الصبح للاستعداد إلى الدوام، ثم الطريق إلى الدوام يحتاج إلى وقت، ثم الدوام يستغرق جل الوقت، ولا شك أن العمل في مصالح المسلمين العامة أمرٌ لا بد منه، وهو عملُ خيرٍ مع النية الصالحة، لكن أين النية الصالحة عند كثيرٍ من الناس؟ إذا لم توجد النية الصالحة فهو ضياع وقت، بغض النظر عن كونه يجلب الراتب أو يوفر شيء من حطام الدنيا، والله المستعان.

ص: 13

((وتظهر الفتن -يعني تكثر- ويكثر الهرج وهو القتل)) قد سبق الكلام في هذا كله، والهرج هو القتل بلسان الحبشة على ما تقدم، ((وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال)) يعني يحزنه ويبعث الهم عنده والغم ماله الذي لا يجد من يقبله منه، يعني يجد الصراع النفسي، هو مأمور بإخراج هذا المال، بل الأمر به ركنٌ من أركان الإسلام، مأمور بإخراج الزكاة، مأمور بإخراج الصدقة الإنفاق في سبيل الله، لكن يبحث ما يجد، وأنتم تعرفون أن الصدقة في وقت الحاجة أمرها عظيم، من الأمثلة على ذلك الصدقة باللحم في الأيام العادية، طول السنة تجد من يقبله، بل كثيرٍ ممن يقبل، لكن أحياناً يوم العيد قد تأتي إلى فلان وعلان يقول: والله لا حاجة لنا به، فكيف إذا كان في آخر الزمان؟! يدور الإنسان بصدقته بزكاته لا يجد من يقبلها، وهذا لا شك أنه يهم ويحزن لا سيما من فرط بالزكاة والإنفاق في سبيل الله في الوقت الذي يوجد فيه من يقبلها.

((وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به)) يعني لا حاجة لي به، وتقدم قول الرجل:"لو جئت بها بالأمس لقبلتها أما في اليوم فلا"، وهذا زيادة في الهم، ((وحتى يتطاول الناس في البنيان)) مباهاة بكثرة الأدوار وهذا موجود، فلان بنا عمارة عشرة أدوار، ثم يقول: لا، أنا بنيت خمسة عشر دور، يقول الثالث: لا، إحنا فوق، جاءت لنا الآن ناطحات السحاب، يتطاول الناس في البنيان مباهاة، وإلا إذا كان لحاجة فلا بأس به، لحاجة إذا كثر الناس وازدحموا والأرض يصعب فيها الامتداد الأفقي لضيقها لا مانع أن يرتفع البنيان لاستيعاب الناس، لكن مع التوسط، لا مانع من أن يبني الإنسان منزل يليق به من غير سرف ولا مخيلة، أما المراد بالتطاول بالبنيان كما جاء في حديث جبريل:((وأن ترى الحفاة العراة البهم رعاء الشاة يتطاولون في البنيان)) أظن هذا لا يحتاج إلى استشهاد، شواهده كثيرة.

ص: 14

((وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه)) يعني ليته مات، تمنى الموت لما يرى من عظيم البلاء من الفتن والمحن، يقول القسطلاني:"لما يرى من عظيم البلاء، ورياسة الجهلاء، وخمول العلماء"، يقول القسطلاني:"واستيلاء الباطل في الأحكام، وعموم الظلم، واستحلال الحرام، والتحكم بغير حق في الأموال والأعراض والأبدان"، يقول:"كما في هذه الأزمان"، في القرن التاسع وأوائل العاشر، يتمنى الإنسان الموت لما يرى من هذه الأمور المؤلمة التي تعتصر القلب، مر بنا في درسٍ صادق أنه لا يجوز تمني الموت لضرٍ نزل به، وأن هذا الضر إذا كان في أمور الدنيا، التحسر على أمور الدنيا تمني الموت من أجل الدنيا إما في مال أو بدن، لكن إذا كان يخشى على دينه الذي هو رأس ماله، ويغلب على ظنه أنه لن يزداد من أعمال الخير يسوغ له ذلك، وعرفنا سابقاً أن طول البقاء في الدنيا إنما يتمناه المسلم للازدياد من العمل الصالح، فإذا كان في سفالة وفي نقص فالموت خيرٌ له.

((وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت -يعني من مغربها- ورآها الناس آمنوا أجمعون)) وأجمعون تأكيد لضمير الجمع، لكن هل ينفع نفساً إيمانها؟ ثلاث علامات كما جاء في الحديث الصحيح:((ثلاث علامات من علامات الساعة لا ينفع معها إيمان، ولا تقبل معها توبة، الدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها)) في الصحيح، في صحيح مسلم، وهنا يقول:((فإذا طلعت ورآها الناس يعني آمنوا أجمعون فذلك حين {لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} -يعني إن لم تكن آمنت من قبل لا ينفعها الإيمان- {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [(158) سورة الأنعام] " يعني لا الدخول في الإسلام ينفع، وهذا القسم الأول، {لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ولا العمل الصالح ينفع بعد فوات الأوان، فالمسلم المفرط لا تنفعه التوبة حينئذٍ، والكافر لا ينفعه الإسلام إذا طلعت الشمس من مغربها.

ص: 15

((ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه)) الثوب منشور، البائع ينشر الثوب ليراه الزبون -المشتري- ويخبره بسعره والثوب منشور، فتقوم الساعة والثوب منشور فلا يتبايعانه لا يتمكنان من البيع والشراء إبرام العقد بالإيجاب والقبول، ولا يتمكن البائع من طيه وإعادته إلى مكانه، ((وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته -اللقحة اللبون من الإبل- فلا يطعمه)) يعني فلا يشربه، في هذا كله إشارة إلى أن الساعة تقوم بغتة، تفجئ الناس فجأة، ((ولا تقومن الساعة وهو -يعني الرجل- يليط حوضه -يصلحه ويسد شقوقه- فلا يسقي فيه)) فتقوم الساعة قبل ذلك، ((ولتقومن الساعة وقد رفع -يعني الرجل- أكلته -اللقمة- إلى فيه فلا يطعمها)) رفعها إلى فيه، ومع ذلك لا يستطيع أن يدخلها في فمه، هذا صنف من الناس، وصنف تقوم الساعة ويده على الطعام أو في طريقها إلى الطعام، وصنفٌ تقوم واللقمة في فمه فلا يستطيع أن يمضغها، كما جاء في بعض الروايات، المقصود أنه إذا قامت الساعة هجت كل شيء، خلاص، والله المستعان.

فالساعة {لَا تَأْتِيكُمْ إِلَاّ بَغْتَةً} [(187) سورة الأعراف] بغتة فجأة، يفسرها مثل هذا الحديث، وليس معناها كما قال بعضهم أن بغتة بحساب الجمل (1407)، بعض من كتب في أشراط الساعة قال: إن الساعة تقوم سنة (1407)، من أين؟ قال: بغتة كررت مراراً في القرآن، وبغتة (1407)، كيف (1407)؟ في أحد يعرف حساب الجمل "أبجد هوز حطي"

طالب:. . . . . . . . .

ص: 16

نعم مجموع الحروف (1407)، ولا يحتاج إلا أن نفصلها، لكن هل هذا هو المراد؟ لا والله ليس هذا هو المراد، وإنما المراد به فجأة، ولا يعلم متى تقوم الساعة لا محمد ولا جبريل ولا أحد إلا الله عز وجل، ولذا لما سأل جبريل النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عن الساعة قال:((ما المسئول عنها بأعلم من السائل)) يعني نستوي أنا وإياك على حدٍ سواء، لا أنت أعلم مني ولا أنا أعلم منك، بل لا يعلمها إلا الله، في خمسٍ لا يعلمهن إلا الله:{عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [(34) سورة لقمان] إلى آخر الآية، فالساعة بغتة يعني فجأة، والإنسان كما جاء في الأمثلة يرفع اللقمة إلى فيه فلا يستطيع أن يوصلها في فيه، يدخلها في فيه لا يستطيع أن يمضغها.

مثل هذا الكلام يذكرنا بقول أبي هذيل العلاف -يعني استطراداً- ماذا يقول بالنسبة لأهل النار في النار؟ أنها تتعطل منهم الحركات في النار، هو ممن يقول بفناء النار، المعتزلة رأيهم أن الجنة والنار تفنيان، وأبو هذيل العلاف ممن تلطف كما يقول ابن القيم، فأراد أن يأتي برأيٍ وسط، يكون كالحجارة تتعطل منهم الحركات والنار تخمد، وبعدين؟ ما جاء بجديد، ابن القيم رد عليه في النونية بكلامٍ طيب فليراجع.

"باب ذكر الدجال" .. لأن ابن القيم ذكر هذا مثالاً أن منهم من يرفع اللقمة، وفي الجنة تتعطل حركاته، وفي النار كذلك.

ثم بعد هذا: "باب ذكر الدجال" الدجال مبالغة في الدجل وهو الكذب والتلبيس، والمراد به الدجال الأكبر غير الثلاثين الذين سبق الحديث عنهم.

ص: 17

يقول الإمام رحمه الله: "حدثنا مسدد" قال: "حدثنا يحيى" ابن سعيد القطان، قال:"حدثنا إسماعيل" ابن أبي خالد، قال:"حدثني قيس" ابن أبي حازم، "قال: قال لي المغيرة بن شعبة: ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال ما سألته، وإنه قال لي:((ما يضرك منه؟ )) أي من الدجال، كأنه قال: ما عليك منه، أو ما الذي يضرك منه؟ "قلت: لأنهم يقولون: إن معه" يعني الذي يضره منه الخشية والخوف من أن يفتنه؛ لأنه ما من نبي إلا حذر أمته من الدجال، "قلت: لأنهم يقولون: إن معه جبل من خبز" قدر جبل من خبر "ونهر ماء" قال: ((هو أهون على الله من ذلك)) أهون أحقر على الله من أن يجعل له شيئاً يستطيع به أن يفتن المؤمن الموحد، هو معه أشياء، لكن المنفي هنا ما يفتن المؤمن الموحد، وإلا معه أشياء يفتن بها من أراد الله فتنته، ((أهون على الله من ذلك)) بل معه علامة يعرف بها كذبه، سيما بينتها الأحاديث الصحيحة، أعور كما سيأتي عينه اليمنى، مكتوبٌ بين عينيه كافر، يقرأها كل مؤمن سواءً كان قارئ أو غير قارئ، على ما سيأتي.

قال الإمام رحمه الله: "حدثنا سعد بن حفص" الطلحي قال: "حدثنا شيبان" بن عبد الرحمن النحوي "عن يحيى" بن أبي كثير "عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن -عمه- أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يجيء الدجال -يعني من خراسان- حتى ينزل في ناحية المدينة، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافر ومنافق)) لأنهم ممنوعون من دخول المدينة، وعلى كل باب من أبوابها ملكان على ما سيأتي، فالذي في قلبه نفاق، في قلبه كفر يخرج إليه، لا يقول قائل: أنا أسكن المدينة في آخر الزمان لأسلم من فتنة الدجال، إن كان فيك شيء تبي تخرج، ما في شك أن هذا فيه ترغيب في سكنى المدينة، وجاء الترغيب في أحاديث، لكن هل البقاع تقدس أهلها؟ لا تقدس، فالذي في قلبه شيء لا بد أن يخرج إلى الدجال، والذي عنده الإيمان والتوحيد ولو كان في أقصى الدنيا يعصمه الله من الدجال.

طالب:. . . . . . . . .

اللي بالحاشية بيجي في تقديم وتأخير بعض النسخ.

طالب:. . . . . . . . .

هذا موجود عند من؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 18

عندك لا إلى، الحديث كامل، حديث عبد العزيز بن عبد الله الأويسي وإلا حديث موسى بن إسماعيل؟ هذا لا يوجد في الرواية التي اعتمد عليها في الأصل في اليونينية هذا بيجي مؤخر.

قال الإمام -رحمه الله تعالى-: "حدثنا علي بن عبد الله" هو ابن المديني، قبله حديث عبد العزيز عندكم؟

طالب:. . . . . . . . .

بعده حديث؟ قضينا من حديث سعد بن حفص.

طالب:. . . . . . . . .

إيه لا، عندنا: حدثنا علي بن عبد الله، وسيأتي الحديث الذي يليه بعده.

هو ابن المديني، قال:"حدثنا محمد بن بشر" العبدي، قال:"حدثنا مسعر" هو ابن كدام، قال:"حدثنا سعد بن إبراهيم عن أبيه -إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف- عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل المدينة رعب المسيح)) " المسيح: بالحاء المهملة لا المعجمة، وإن ضبطه بعضهم بها، المسيح وليس المسيخ، ((لا يدخل المدينة رعب المسيح)) فضلاً عن شخصه وجسمه، ويقول: صاحب القاموس: أنه اجتمع له من الأقوال في سبب تسمية المسيح اجتمع له خمسون قولاً، لماذا لا يدخل رعب المسيح المدينة؟ ((لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان)) يحرسانها منه، سبعة أبواب للمدينة على كل باب اثنين من الملائكة يحرسانها من دخول المسيح.

"قال: وقال ابن إسحاق" محمد صاحب المغازي الذي قال فيه الإمام مالك: "دجال من الدجاجلة" سبق أن أشرنا إليه، "قال: وقال ابن إسحاق عن صالح بن إبراهيم" يعني ابن عبد الرحمن بن عوف "عن أبيه قال: قدمت البصرة فقال لي أبو بكرة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بهذا"، أي بما سبق، وهذا متابع، وليس بأصل، وإلا فابن إسحاق لا يخرج له الإمام البخاري، وتمامه عند الطبراني فقال أبو بكرة: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل قرية يدخلها فزع الدجال إلا المدينة يأتيها ليدخلها فيجد على بابها ملكاً مصلتاً بالسيف فيرد عنها)).

ص: 19

قال: "حدثنا عبد العزيز بن عبد الله" -هذا الحديث اللي تطلبون- الأويسي، قال:"حدثنا إبراهيم عن صالح عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن –أباه- عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال" هذا أصح الأسانيد عند الإمام أحمد تقدمت الإشارة إليه، "قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال:((إني لأنذركموه)) " يعني أخوفكموه، وأحذركم منه، ((وما من نبي إلا وقد أنذر)) يعني حذر قومه تحذيراً لهم من فتنته، ولعلهم لم يعلموا وقت خروجه، ولعلهم لم يخبروا بوقت خروجه، وأنه في غير الزمان، ولعظم فتنته وشدة خوفهم على أتباعهم -صلوات الله وسلامه عليهم- ((ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه)) أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بصفته؛ لأن أمته سوف تبتلى به دون أمم الأنبياء السابقين، ((إنه أعور، وإن الله ليس بأعور)) الأعور: هو الذي لا يرى إلا بعينٍ واحدة

ص: 20