المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحاديث النهي عن استقبال واستدبار القبلة ببول أو غائط - شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار - جـ ٤

[محمد حسن عبد الغفار]

فهرس الكتاب

- ‌ المقياس الثالث: النظر العقلي ومقاييس النقد عند الفقهاء

- ‌قاعدة عرض السنة على الكتاب وأمثلتها

- ‌حديث: (ولد الزنا شر الثلاثة)، وحديث: (لا يدخل الجنة ولد زنا)

- ‌حديث المطلقة ثلاثاً لها النفقة والسكنى

- ‌حديث الوضوء مما مسته النار

- ‌حديث الغسل من غسل الميت

- ‌أحاديث النهي عن استقبال واستدبار القبلة ببول أو غائط

- ‌حديث النهي عن الشرب قائماً

- ‌حديث النهي عن البول قائماً

- ‌حديث الوضوء مما مست النار

- ‌قاعدة ليس كل حديث صح سنده يصح متنه وأمثلتها

- ‌حديث زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ميمونة وهو حلال

- ‌حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة

- ‌حديث افتتاح الصلاة بـ (الحمد لله رب العالمين)

- ‌بيان العلماء الذين اشتغلوا بنقد المتن والسند معاً

- ‌قاعدة عرض السنة على الكتاب وضوابطها وأمثلتها

- ‌المثال الأول: حديث: (ولد الزنا شر الثلاثة)

- ‌المثال الثاني: حديث: (استأذنت ربي أن أذهب إلى قبر أمي فأحياها الله)

- ‌المثال الثالث: حديث أن الخضر لا زال حياً

- ‌المثال الرابع: حديث: (من أكل مع مغفور)

- ‌المثال الخامس: حديث: (سب أصحابي ذنب لا يغتفر)

- ‌المثال السادس: حديث: (الإيمان كالجبال الرواسي لا يزول ولا ينقص)

الفصل: ‌أحاديث النهي عن استقبال واستدبار القبلة ببول أو غائط

‌أحاديث النهي عن استقبال واستدبار القبلة ببول أو غائط

مثال آخر: أحاديث النهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط، فهي تدع العقل يتحير فيها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط ولا تستدبروها).

والحديث يحمل على العموم سواء كان ذلك في الصحراء أو في البنيان، ويعضد هذا العموم فهم الراوي وعمله، والقاعدة عند المحدثين: أن الراوي أعلم بما روى، والراوي هنا هو أبو أيوب رضي الله عنه، حيث قال: فذهبنا إلى الشام فوجدنا المراحيض قد بينت مستقبلة بيت المقدس مستدبرة القبلة، فكنا ننحرف ونستغفر الله.

ومعنى ذلك: أن أبا أيوب يرى أن ذلك على العموم، سواء في الكنف أو في الصحاري، والحديث يدل على التحريم.

فانظروا إلى عقول الصحابة، وكيف يتعاملون مع الأحاديث، فهم لم يردوها بسوء أدب مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك لم تجعلهم العاطفة يصححون حديثاً موضوعاً، فـ ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه (رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل بيت المقدس مستدبر الكعبة).

فهذا تصريح من ابن عمر بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد فعل شيئاً ونهى عنه! فيكون قد عارض فعله قوله.

وهنا ننظر في هذا، فإما أن نرد هذا أو نرد هذا، أو نجمع بين الأدلة، ولا مجال للعقل هنا أن يرد الحديث، فننظر كيف أن ابن عمر يتعامل مع هذه الأحاديث، وهو قد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه الاستقبال والاستدبار، فقام في الصحراء وأراد أن يقضي حاجته، فأخذ راحلته فجعلها ساتراً له مقابلة للقبلة، ثم قعد يقضي حاجته، فجاء نافع فأنكر عليه فقال: يا ابن عمر! أما علمت أن رسول الله قد نهى عن الاستقبال والاستدبار للقبلة في قضاء الحاجة.

فقال ابن عمر: هذا في الصحراء لا في البنيان.

وكأن ابن عمر يقول: أنت ما فهمت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله، فالنهي في الحديث إذا لم يكن بينك وبين القبلة ساتر، وأما إذا كان هناك ساتر بينك وبين القبلة فلا يحرم.

فانظروا إلى ابن عمر كيف جمع بين الروايتين، فالمرء ربما إذا نظر إلى الروايتين فسيقول: لا بد أن أرد حديثاً من الحديثين، لكن الصحيح والراجح: أن العقل مجاله هنا أن يجيب عن هذه الإشكالات، وأن يزيل الغمة التي تحدث بين الأدلة التي ظاهرها التعارض.

وعند ذلك اختلف الفقهاء اختلافاً شديداً في هذه المسألة، والغرض المقصود هنا أن ابن عمر لم يضرب الحديث بالحديث، لكن قال: هذا الحديث له موضع وذاك الحديث له موضع آخر، وكأنه قال: العموم الذي رواه أبو أيوب مخصوص بالبنيان.

لذا: فلو أن رجلاً دخل الحمام في بيته، وهذه الحمامات أو المراحيض قد تكون مستقبلة للقبلة أو مستدبرة لها، فيجوز له قضاء الحاجة ولا إثم عليه؛ لأن هناك ما يحجبه عن القبلة وهو: البنيان، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما ارتقى ابن عمر فرآه يقضي حاجته مستقبل بيت المقدس مستدبر الكعبة.

ص: 7