المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أدلة إثبات صفة الكلام لله جل وعلا من القرآن - شرح لمعة الاعتقاد للمحمود - جـ ٦

[عبد الرحمن بن صالح المحمود]

فهرس الكتاب

- ‌شرح كتاب لمعة الاعتقاد [6]

- ‌شبهات في مسألة العلو والرد عليها

- ‌الرد على شبهة أن الله في كل مكان

- ‌الرد على شبهة القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه

- ‌الرد على شبهة استلزام إحاطة السماء بالأرض أنه الجهات كلها علو

- ‌إحاطة السماء بالأرض لا تستلزم أن يكون الله في كل جهة

- ‌إحاطة السماء بالأرض لا تقتضي إحاطة الله بمخلوقاته

- ‌كروية الأرض وعدد الاتجاهات بالنسبة لها

- ‌شرح أثر مالك بن أنس: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول)

- ‌الكلام على صفة الكلام

- ‌إثبات صفة الكلام لله عز وجل

- ‌بيان مذهب المعتزلة والأشاعرة في الكلام

- ‌الرد على الأشاعرة في كلام الله

- ‌بيان أن كلام الله يسمع

- ‌إثبات تكليم الله للمؤمنين في الآخرة

- ‌أدلة إثبات صفة الكلام لله جل وعلا من القرآن

- ‌الأسئلة

- ‌سبب وقوع الأشاعرة في الخطأ في صفة الكلام لله عز وجل

- ‌فساد القول بأن الله عز وجل لا داخل العالم ولا خارجه

- ‌لا يسمى الله عز وجل بالدهر

- ‌الخلاف حول مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج

- ‌أقسام الوحي

- ‌الجواب عمن يستشكل صفة النزول بانتقال الليل على مدار الزمان

- ‌المتكلمون لا يمسكون عن تحديد المكان لله تعالى

- ‌منهج السلف في رد الشبهات

الفصل: ‌أدلة إثبات صفة الكلام لله جل وعلا من القرآن

‌أدلة إثبات صفة الكلام لله جل وعلا من القرآن

ثم ذكر المصنف الأدلة على ذلك فقال: [قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]] .

وقوله: (تكليماً) مصدر مؤكد أن هذا التكليم حقيقي.

ثم قال: [وقال سبحانه: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [الأعراف:144]] .

هذا يدل على أن الله كلمه بكلام مفهوم سمعه: أني اصطفيتك واخترتك على الناس برسالاتي وبكلامي.

وهذا يدل على أمرين: الأمر الأول: أن الله كلمه بذلك وقال له: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} [الأعراف:144] .

الأمر الثاني: أن الله اصطفاه برسالته، واصطفاه بكلامه، ولهذا سمي موسى كليم الله سبحانه وتعالى.

وقد ذكرنا أن العلم عند الله سبحانه وتعالى في سبب تسمية موسى كليم الله، مع أن الله كلم محمداً، وكلم آدم، لكن الله كلم موسى على الأرض، وهو على طبيعته البشرية، بخلاف تكليم الله لآدم فإنه كان وهو في السماء، وتكليم الله لمحمد كان عند أن عرج بروحه وجسده إلى السماء، أما تكليمه لموسى فكان وهو على الأرض، ولعل هذه خصوصية لموسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم.

ثم قال: [وقال سبحانه: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة:253]] .

يعني: الرسل، فهذه الآية هي عن رسل الله سبحانه وتعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة:253] ، وهذا واضح.

ثم قال: [وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى:51]] .

قوله: (إِلَّا وَحْيًا) المقصود به في هذه الآية كلام الله مباشرة؛ لأنه قال: {أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى:51]، ثم قال بعد ذلك {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى:51] ، فهذه التقسيمات الثلاثة تدل على أن قوله:((إِلَّا وَحْيًا)) هو تكليم الله سبحانه وتعالى لعبده مباشرة.

ثم قال: [وقال سبحانه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه:11-12]] .

قوله: ((فَلَمَّا أَتَاهَا)) ، أي النار (نُودِيَ) ، والنداء لا يمكن أن يكون إلا بصوت، والذي ناداه وكلمه هو الله سبحانه وتعالى، وهذه الآية نص صريح في إثبات كلام الله لموسى، وأن كلامه له بصوت سمعه موسى.

ثم قال: [وقال سبحانه: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه:14] وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله] .

أي: من تكليم الله لموسى أنه قال: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه:12]، وأيضاً من تكليم الله له أنه قال:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه:14] .

وبعض الذين تأولوا صفة الكلام لله يقول: إن الذي كلم موسى ملك، أو إن الشجرة هي التي سمع منها الكلام، وهذا التأويل باطل، ودليل بطلانه أنه لا يمكن أن تقول الشجرة:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه:14]، أو يقول الملك:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه:14]، ولو كان كلام الملك أو الشجر لقال: إنه هو الله فاعبده، أو إن ربك الله فاعبده، لكن أن يقول:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه:14] فهذا نص صريح على أن هذا كلام الله جل وعلا، وقد ذكر هذا الدليل ابن قدامة نفسه في قوله:(وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله) .

ونكتفي بهذا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا، وأن يهب لنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ص: 16