الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأذكار والأدعية والخطب يختلفون في ترجمتها، فضلاً عن كلام الله -جل وعلا-، يعني إذا تُرجِم الكلام يكون كلام الله؟ ما يكون كلام الله؛ لأنه نزل بهذه اللغة، وبهذا يرد على من يقول: إن كلام الله واحد، واحد لا يتغير، تكلم في القدم ولا يتكلم، كلامه قديم، ولا يتكلم بعد ذلك، تكلم بكلام واحد، يختلف من قوم إلى آخرين حسب الترجمة، إن قرئ بالعربية صار قرآناً، وبالسريانية يكون نعم إنجيلاً، وبالعبرية يكون توراة وهكذا، واحد، وهذا الكلام مردود؛ لأن ورقة بن نوفل لما سمع القرآن، قرأ النبي عليه الصلاة والسلام سورة اقرأ، شهد له بالرسالة، وكان ورقة يقرأ الكتاب العبراني ويترجمه بالسريانية ولا يتغير، يبقى أنه كتاب كتاب عبراني، وإلا لو كان وهو عربي نعم، لو كان التوراة إذا ترجمت بالعربية صارت قرآن لقال ورقة: أنا أعرف هذا من قبل، نعم، قال: أنا أعرف هذا من قبل، ما هو بجديد هذا الذي أنت جبته؛ لأنه يترجم من التوراة، يترجم من الإنجيل بالعربية، نعم، وإذا قلنا: الكلام واحد إذاً سورة اقرأ هي عندهم لكنها بلغاتهم، فإذا ترجمت بالعربية رجعت إلى اقرأ، مع الأسف أن هذا يقول به فئام، وقد ضل فرق كثيرة في القرآن ممن .. ، منهم من يقول: هو مخلوق، ويجعله كغيره من المخلوقات، ومنهم من يقول: هو واحد لا يتغير وهو كلام الله، ويعبرون بذلك عن الكلام النفسي، الكلام النفسي والملك هو الذي يعبر للأمم عن الكلام النفسي، وينزل عليهم ما يناسبهم من هذا الكلام بلغتهم، لكن هل الكلام النفسي كلام ترتب عليه أحكام؟ ليس بكلام، بل هو حديث نفس، وحديث النفس معفو عنه، ويجعل القرآن من هذا النوع، يعني يجعل القرآن حديث نفس، حديث النفس المعفو عنه ولو كان من أقبح القبيح معفو عنه، لو كان كلام في الذات الإلهية لكنه لا يعدو أن يكون حديث نفس، يؤاخذ عليه الإنسان؟ لا يؤاخذ عليه ما لم ينطق، والنطق هو الكلام، فجعل النطق قسيم للكلام النفسي، جعل النطق (ما لم ينطق) قسيم للكلام النفسي، إذاً الكلام النفسي -الحديث النفسي- ليس بكلام؛ لأنه جعل قسيماً للكلام (ما لم يتكلم).
قراءة القرآن بالأعجمية وبالمعنى وتفسيره بالرأي:
"وتحرم قراءته بالعجمية وبالمعنى" ولذا الذي لا يحفظ القرآن وهو قد ندب نفسه لطب العلم الشرعي، الذي لا يحفظ القرآن وقد ندب نفسه لهذا العلم، ويريد ما جاء في فضل العلم والعلماء يخفق؛ لأنه قد يحتاج إلى شيء يستدل له من كلام الله عز وجل ولا يستطيع استحضار الآية، ولا يتاح له أن يعبر عنها بالمعنى، كما هو شأن الحديث النبوي.
"وتفسيره بالرأي لا تأويله" نعم قد يقول طالب علم: أنا حريص على العلم الشرعي، لكن الحافظة ضعيفة، وحاولت، حاولت أن أقرأ القرآن، أحفظ القرآن ما استطعت، نقول: أجرك على قدر نصبك، ولك من الأجر بقدر ما قصدت، ولعل الله -جل وعلا- ألا يحرمك من أجر الحفاظ، إذا طلبت ذلك بصدق.
وقد بين ابن القيم المراد بأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته يقول: "أهل العناية به قراءةً وتدبراً وفهماً وإقراءً وعملاً ولو لم يحفظوه" وهذا يفتح آفاق أمام أقوام فاتهم القطار، ما حفظوا وكبرت عندهم السن، وصعب عليهم حفظ القرآن، فعليهم أن يعنوا به بقراءته نظراً ويتدبروه ويراجعوا عليه كلام أهل العلم من أجل فهمه وما يعين على ذلك، ويدخلون في هذا -إن شاء الله تعالى-.
"وتحرم قراءته بالعجمية وبالمعنى، وتفسيره -يحرم تفسيره- بالرأي لا تأويله"، تفسيره بالرأي حرام، وقد جاء النهي الشديد عن القول بالقرآن بغير علم، التفسير تفسير القرآن بمجرد الرأي حرام، "لا تأويله" الفرق بينهما أن تأتي إلى كلمة في القرآن أول مرة أو تسمعها سماع ولم تراجع عليها شيء، وليست من الكلمات المتداولة التي يعرفها الناس كلهم فتقول: معناها كذا برأيك، (أغطش) تأتي تقول معنى: أغطش كذا برأيك من غير مراجعة لكتب أهل العلم الذين تلقوا التفسير عن النبي وعن صحابته، وعن سلف هذه الأمة عليه الصلاة والسلام، فإذا كان لم يكن لك سلف في معنى هذه الكلمة، هجمت عليها من غير سابقة علم فقلت: معناها كذا، هذا إيش؟ تفسير بالرأي، لكن إذا طالعت عليها كلام أهل العلم ووجدت فيها اختلاف بينهم ورجحت أحد هذه المعاني، نعم، رجحت أحد هذه المعاني المحتملة، نعم، هذا تأويل، وإن قرنت ذلك بحرف الترجي كان أحوط، لماذا؟ لأن من يتصدى لتفسير كلام الله -جل وعلا- قد نصب نفسه لتعيين مراد الله -جل وعلا-، فإذا كان يعين ما يريده الله -جل وعلا- من هذه الكلمة أو من هذه الآية أو من هذه الجملة بغير علم، {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [(169) سورة البقرة] الأمر عظيم، لكن إذا نظرت في أقوال أهل العلم الموثوقين ووازنت بين أقوالهم ووجدت بينهم خلاف وترجح لديك أحد هذه الأقوال، وقلت: لعل المراد كذا، برئت من العهدة.
قد يقول قائل: لماذا لا أقول في أغطش وأنا لم أرجع: لعل المراد كذا؟ نقول: الأمر إذا لم تجزم بأن هذا هو مراد الله -جل وعلا- من هذه الآية أو من هذه الكلمة وجئت بحرف الترجي، وأنت في مجال بحث ولست عند عوام، بل عند طلاب علم، تبحثون لعل المراد كذا، لعل المراد كذا، لا مانع، النبي عليه الصلاة والسلام لما ذكر السبعين الألف، الصحابة قالوا: لعلهم كذا، لعلهم كذا، لعلهم كذا، فخرج إليهم ولم يثرب عليهم، هو ما فيهم ولا واحد أصاب، ولا ثرَّب عليهم، لماذا؟ لأنهم جاءوا بحرف الترجي، فإذا قلت: لعل المراد كذا من غير إصرار، فالذي يظهر أن الأمر فيه سعة، لكن الإشكال في الجزم والقول على الله بلا علم، وهذا يدخل في حيز الكذب على الله -جل وعلا-؛ لأنك قولته ما لم يقل، حملت كلامه ما لا يحتمل.
طيب نقف هنا؛ لأن الموضوع الآتي المكي والمدني قد يحتاج إلى طول، والأسئلة كثيرة، ونأخذ منها ما يتيسر.
يقول السائل: قال السيوطي: إن أول من ألف في علوم القرآن البلقيني، ولم يذكر الزركشي مع أنه نقل منه في كتابه الإتقان، فكيف يكون ذلك منه؟
هو في أول الأمر لم يقف على البرهان، عند كتابته الأولى للتحبير لم يقف على البرهان، وعند كتابته للإتقان وقف على البرهان، وذكره في مقدمته، ذكره في مقدمته قال: "ثم وقفت على كتابٍ لبرهان الدين الزركشي، وفيه من الأنواع ما يقرب من الخمسين، سبعة أو ثمانية وأربعين نوعاً، وذكر الأنواع وأفاد منه، فهو في موضع لم يقف عليه، ثم وقف عليه بعد ذلك، ولا يمنع أن يكون الإنسان ينفي في وقت ويثبت في وقت، مع انفكاك الجهة، يعني مع إمكان حمل النفي على حال والإثبات على حال، هذا ممكن، نعم، لأنه وقف على البرهان ونقل منه، ونقل مقدمته، وأشاد به في مقدمة الإتقان، نعم.
يقول السائل: ترجمة القرآن بالإشارة للبكم هل هي معدودة في الترجمة الحرفية للقرآن؟
الترجمة الحرفية مستحيلة لا للبكم ولا لغيرهم، وإنما باب الإشارة واسع، باب الإشارة أوسع من الترجمة، والترجمة أوسع من النقل الحرفي، الترجمة أوسع من النقل الحرفي، والإشارة أوسع من الترجمة، فالترجمة أوسع .. ، الترجمة أقرب ما تكون إلى الرواية بالمعنى، أقرب ما تكون إلى الرواية بالمعنى، نعم.
يقول السائل: هل نظم الزمزمي لهذا المتن مطبوع متداول؟
نعم مطبوع ومشروح، وعليه حواشي، ومتداول في غير هذه البلاد، موجود في بلاد الحرمين متداول بكثرة، وحشّى عليه بعض علماء الحرمين، لا سيما علماء المسجد الحرام، نعم.
أحسن الله إليكم: أفضل كتاب ترشحونه في علوم القرآن؟
طالب العلم بحاجة إلى المختصرات، كما أنه بحاجة إلى المطولات، المختصرات هذا الكتاب الذي بين أيدينا مناسب، ومنظومة الزمزمي أيضاً يحفظها طالب العلم في مائة وما يقرب من ستين بيتاً، منظومة فيها التعاريف وفيها الأمثلة، والنظم يثبت وهو نظم سلس وسهل، سهل الحفظ، وأيضاً طالب العلم بحاجة إلى مطولات، يقرأ في الإتقان، ويقرأ في البرهان، يقرأ أيضاً ما كتبه العلماء في مقدمات التفاسير، فالطبري ذكر في مقدمة تفسيره مما يتعلق بعلوم القرآن ما لا يستغني عنه طالب علم، وكذلكم القرطبي ذكر من عيون المسائل المتعلقة بهذا الفن في مقدمة تفسيره، الحافظ ابن كثير ذكر بعض الشيء، مقدمة شيخ الإسلام ينبغي أن يكون طالب العلم على ذكر منها، وما كتبه شيخ الإسلام في الجزء الحادي عشر والثاني عشر مما يتعلق بكلام الله -جل وعلا- ينبغي أن يكون طالب العلم على معرفة به ودراية به.
أحسن الله إليكم: يقول: ما الفرق بين كتابي التحبير والإتقان للسيوطي؟
التحبير هو المؤلف الأول، وفيه أكثر من مائة نوع، والإتقان أوسع من التحبير، وضم بعض الأنواع إلى بعض، وأفاد من كتب لم يطلع عليها قبل حينما ألف التحبير، التحبير كتاب متقن ومحرر ومضبوط، لكن الإتقان فيه زوائد لا توجد في التحبير.
أحسن الله إليكم: ما أفضل طبعات الإتقان للسيوطي؟
أفضل الطبعات -إن وجدت- هي طبعة الكستلية سنة ألف ومائتين وثمان وسبعين، وعليها تعليقات وتصويبات للشيخ نصر الهوريني هذه إذا وجدت أنفس الطبعات، ويناسب طلاب العلم اليوم طبعة أبو الفضل إبراهيم، طبعة أبو الفضل إبراهيم، محمد أبي الفضل إبراهيم، طبعة جيدة، اطلع على طبعة الكستلية وغيرها من الطبعات، وخرج بهذه الطبعة، مناسبة، وهي لا تسلم من أخطاء، لكنها مناسبة.
أحسن الله إليكم: يقول: نحن نتابعكم على الإنترنت فهل نكون كمن حضر في المسجد؟ ويكون أجرنا مماثلاً لأجر الإخوة هنا؟
ذكر أهل العلم في شرح حديث (الأعمال بالنيات): أن من قصد الشيء ومنعه منه مانع، منعه منه مانع له مثل أجر من فعله، والذين لا يستطيعون الحضور بمعنى أنهم في بلدان نائية، ويكتفون بالاستماع يرجى لهم الأجر، أما من استطاع الحضور واستطاع أن يسلك الطريق الذي رتب عليه الأجر ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) هذا يختلف، ((إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم)) فهذا يختلف مع الاستطاعة، يختلف مع عدمها، فإذا كان لا يستطيع ولا يمنعه من ذلك إلا عدم الاستطاعة يرجى له الأجر، وهو على خير -إن شاء الله تعالى-، أما من يستطيع الحضور ولا يحضر فلا يحرم الأجر، لكن ليس أجره كمن حضر.
أحسن الله إليكم: يقول السائل: تفسير أضواء البيان، وتفسير الشيخ ابن سعدي هل يعدان من قبيل التفسير بالرأي؟
تفسير أضواء البيان في أحكام القرآن غالباً، وفيه مباحث لغوية وبيانية وغيرها من المباحث التي يحتاجها المفسر، لكن هو معدود في كتب أحكام القرآن، يعني استنباط من القرآن، على طريقة الفقهاء المجتهدين والشيخ نحسبه من أهل الاجتهاد، فليس من قبيل التفسير بالرأي، إنما هو استنباط من القرآن في جملته، وهو معتمد على كتب الأئمة المتقدمين يفاضل ويرجح بين أقوالهم، ويوجه ويختار ويرد ويفند، فهو دور الشيخ يعني إذا قلنا: إن نسبة سبعين أو ثمانين بالمائة من أضواء البيان مأخوذ من تفسير القرطبي، وأخذ بقية ذلك من الكتب، ويستقل رحمه الله بالتوجيه والاختيار الموفق الذي غالباً ما يقول فيه: قال مقيده -عفا الله عنه-، هذه اختيارات الشيخ، والشيخ من أهل النظر في هذا الباب، وهو مجتهد إن أصاب له أجران، وإن لم يحالفه الصوب له أجر واحد، والآلة مكتملة عنده.
وأما تفسير الشيخ ابن سعدي فهو اعتمد على كتب التفاسير الموثوقة اعتمد عليها اعتماداً كلياً، وصاغها بأسلوبه المناسب لأهل العصر، فالكتاب في أصله مأخوذ من كتب أهل العلم، وقد اعتمد عليهم، مع ذلكم صاغه بأسلوبه، وله استنباطات وتوجيهات يستقل بها كغيره من أهل العلم، العالم وإن نقل وإن اختصر، وإن شرح لا بد أن يبقى له بصمات ظاهرة، هذا إذا كان عالم ليس مجرد نقال، إذا كان عالم لا بد أن تكون له هناك بصمات ظاهرة على المؤلَف، نعم.
أحسن الله إليكم: هل تنصحون طالب العلم بحفظ هذه الرسالة المختصرة أم يفهمها؟
يعني مثل هذه الرسالة يفهمها طالب العلم، ويراجع عليها الكتب الأخرى، ويضيف ما يحتاج إلى إضافته، ويحفظ مع ذلك منظومة الزمزمي؛ لأن منظومة الزمزمي نظم لما في النقاية من علوم القرآن.
أحسن الله إليكم: ذكر المصنف أن من القرآن فاضلاً ومفضولاً باعتبار كلام الله في الله، وكلامه في غيره، فهل يجوز على كلام أهل اللغة أن يقال: إن هذه الآية أفصح من تلك؟ أو أن هذه الآية أبلغ من تلك؟
مقتضى الفضل اعتماداً على ما ورد من التفضيل عن النبي عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى، يعني المنطلق في التفضيل التوقيف، يعني جاءت المفاضلة مثلاً بين: قل هو الله أحد، وبين تبت، لماذا؟ لما ورد في قل هو الله أحد من النصوص ولم يرد مثله في تبت، أما بالنسبة للتراكيب فالقرآن أفصح الكلام، القرآن كله أفصح الكلام، وكله معجز، يبقى أن منه الفاضل بكثرة الثواب، بكثرة ثواب القارئ، ومنه المفضول، ومنه ما يستنبط منه العقائد، ومنه ما يستنبط منه الأحكام، ومنه ما يستنبط منه الآداب، فمن يفاضل بين هذه الفنون يفاضل بين مآخذها من هذه الحيثية، يعني الذي يقول: العقائد أفضل من الأحكام، يقول: الآيات التي تستنبط منها العقائد أفضل من الآيات الدالة على الأحكام، الأحكام أفضل من الآداب، نعم، من هذه الحيثية للقائل أن يقول: إن هذه الآية أفضل باعتبار ما يستنبط منها، باعتبار ما يستنبط منها، وإلا فالقرآن هو الذروة في الفصاحة والبلاغة، نعم.
أحسن الله إليكم: ترتيب آيات القرآن هل هو توقيفي، وكذلك سوره أم أن الأمر على الاجتهاد؟
أما بالنسبة للآيات فهو توقيفي، ترتيب الآيات توقيفي، وما من آية تنزل إلا ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام ضعوها في مكان كذا.
وأما ترتيب السور فاختلف أهل العلم فيه، هل هو توقيفي أو اجتهادي؟ توقيفي أو اجتهادي؟ لكن الخلاف يرتفع بإجماع الصحابة على كتابتهم المصحف، على هذه الكيفية، وعلى هذا الترتيب، الخلاف يرتفع، لكن يبقى من الآثار المترتبة على كونه توقيفي أو اجتهادي أنه هل يجوز أن تقرئ السورة قبل السورة التي قبلها؟ بمعنى أننا هل نقرأ الناس في الركعة الأولى، والفلق في الركعة الثانية؟ هل لنا ذلك أو ليس لنا؟ نقول: الترتيب في أصله اجتهادي، والرسول عليه الصلاة والسلام قرأ في صلاة الليل البقرة ثم النساء ثم آل عمران، والذي يقول: لا يجوز، أو يكرهون ذلك كراهة شديدة، يقولون: إن إطباق الصحابة واتفاقهم على هذا الترتيب يجعل الترتيب مثل ترتيب الآيات، فلا تقرئ السورة قبل التي قبلها، وعلى كل حال القرآن محفوظ، محفوظ بحفظ الله -جل وعلا-، وهناك قصة ذكرناها في درس المغرب، ما أدري عاد يملونها الإخوان وإلا .. ، تناسب حفظ الرب -جل علا- لكتابه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] قصة يحيى بن أكثم القاضي دعا يهودياً إلى الإسلام فما قبل، ما أسلم، وبعد عام كامل جاء اليهودي إلى يحيى بن أكثم فأعلن إسلامه، ثم سأله: دعوتك في العام الماضي ما أسلمت، فجئت طائعاً مختاراً فأسلمت، قال: القصة خلال العام الماضي، خلال السنة الكاملة ذهبت إلى .. ، أو عمدت إلى التوراة فنسخت منها نسخ مختلفة متباينة زدت ونقصت وقدمت وأخرت، وذهبت بها إلى سوق اليهود فعرضتها عليهم فاشتروها، واعتمدوا ما فيها، ثم عمدت إلى الإنجيل وصنعت به مثل ما صنعت في التوراة، وعرضته على النصارى فاشتروه وصاروا صار ديدنهم يقرءونه ليل نهار، ويعتمدون على ما فيه، وأنا زدت ونقصت وقدمت وأخرت وحرفت، ثم عمدت إلى القرآن فغيرت فيه تغييراً يسيراً لا يمكن أن يطلع عليه إلا الخريت، فنسخت ثلاث نسخ كلها فيها تغييرات يسيرة، فعرضتها في سوق المسلمين فكل من فتحها رماها في وجهي، فجزمت بأن هذا هو الدين الصحيح، وهذا هو الدين المحفوظ، يقول يحيى بن أكثم: فحججت، حج في تلك السنة فلقي سفيان بن عيينة وذكر له القصة، فقال: هذا منصوص عليه في كتاب الله، هذا مذكور
في القرآن، بالنسبة للقرآن {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] وبالنسبة للكتب الأخرى {بِمَا اسْتُحْفِظُواْ} [(44) سورة المائدة] وكل الحفظ إليهم فلم يحفظوا، وأما القرآن فقد تكفل الله بحفظه، وهذا سر بقائه، يعني أربعة عشر قرناً وزيادة لم يتطرق له تحريف ولا تبديل ولا تعديل، بقي غضاً كما أنزل يقرأه الإنسان اليوم كما يقرئ في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وتسمعه في شرق الأرض وغربها لا تجد أدنى اختلاف، إلا اختلاف يسير مروي ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام سبعي، يحتمله الرسم، وهو ما يعرف بالقراءات؛ لأن كل بلد له قراءته التي اعتمد عليها، وكلها قراءات ثابتة، نعم يا شيخ.
يقول السائل: كيف ترتبون لطالب العلم أن يبتدئ في علوم القرآن؟
يبدأ بمثل هذه الرسالة، ومع مقدمة شيخ الإسلام؛ لأنها مكملة، مقدمة شيخ الإسلام فيها من المباحث ما لا يتعرض له مثل السيوطي، مما يعنى به شيخ الإسلام من الاهتمام بأصول العلم، وما يتعلق بكتاب الله -جل وعلا- باعتباره كلامه، يعنى بمقدمة شيخ الإسلام، وهذه المقدمة اليسيرة، ويدرسها، ويحفظ التعاريف، هذا إن كان أراد أن يقتصر على هذا المتن، وقلنا مراراً: إنه لو حفظ منظومة الزمزمي كان أولى، ثم بعد ذلك يقرأ ما هو أوسع من ذلك، يقرأ في التحبير والإتقان والبرهان، وغيرها من كتب علوم القرآن.
نقف هنا لامتداد الوقت، وكثير من الأسئلة أيها الإخوة يأمل من فضيلة الشيخ يعني أن يعيد بعض النقاط في الشرح ونعتذر لهذا عن فضيلة الشيخ؛ لأن الإعادة تذهب بالوقت، وتضيع علينا بعض الأسئلة، ثم إن المحاضرة كبقية الدورة كلها مسجل ومحفوظ في أشرطة، فإن شاء الله بعد أسبوع تكون موجودة في محلها من التسجيلات، ونرجئ الأسئلة إلى الغد، ونسأل الله -جل وعلا- أن يضاعف مثوبة شيخنا، ويجزيه عنا الجزاء الأوفى، ونشكر لكم حضوركم، ونسأل الله أن يثيبكم، وأن يجعل عملكم خالصاً لوجه الله الكريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم