المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده - شرح مقدمة التفسير (من النقاية) للسيوطي - جـ ١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فنحيي فضيلة شيخنا في هذه الليلة الثانية من درسه المبارك في شرح رسالة أصول التفسير المستلة من كتاب الحافظ السيوطي (النقاية) نقرأ يا شيخ.

بس نريد أن ننبه إلى أن الطلب ملح إلى إكمال الكتاب، نعم.

طيب جزاكم الله خيراً.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الطلب من كثير من الإخوة ملح على أن نكمل الكتاب، وهذا يترتب عليه الاختصار الشديد في الشرح، وعدم الاستطراد إلا عند الحاجة إذا دعت الحاجة إلى ذلك ووجد فائدة يناسب ذكرها، وإلا فالأصل هو الاختصار لكي نجمل الكلام، وننهي الكتاب، ويكون دراسة هذا الكتاب كالتوطئة لشرح موسع -إن شاء الله تعالى-، يصدر لشرح –للمنظومة- منظومة هذا الكتاب، منظومة التفسير، للحاجة الماسة إليها، فأنا قلت: إن مثل هذا الكتاب يكون كالتوطئة لحفظ المنظومة وقراءة شروحها، ويكون هناك شرح -بإذن الله- موسع على هذه المنظومة يجمع ما يحتاجه طالب العلم في هذا الفن -إن شاء الله تعالى-، بقدر المستطاع -إن شاء الله-.

‌أنواع القرآن:

سم.

بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، أما بعد:

فقال الحافظ جلال الدين السيوطي -رحمه الله تعالى-:

الأنواع: منها ما يرجع إلى النزول، وهو اثنا عشر نوعاً: الأول والثاني: المكي والمدني، الأصح أن ما نزل قبل الهجرة مكي، وما نزل بعدها مدني، وهو البقرة وثلاث تليها، والأنفال وبراءة والرعد والحج النور، والأحزاب والقتال، وتاليها والحديد

كذا تاليها؟

إي نعم.

أو تالياها؟ ها؟ سورتين.

سم.

سورتان، الفتح والحجرات؟ إيش نقول؟ تالياها؟

اللي تشوف.

هما اثنتان.

يعني يصلح تالياها بالنوع، تالياها اثنان.

تاليها ما ينحصر، إذا قلنا: بالنوع ما ينحصر، ما ندري أنه بواحدة أو ثلاث أو خمس أو أكثر، هما اثنتان.

نعدلها تالياها؟

إيه، إيه.

ص: 22

طيب: "وتالياها والحديد والتحريم، وما بينهما، والقيامة والقدر والزلزلة والنصر والمعوذتان، قيل: والرحمن والإنسان، والإخلاص والفاتحة من المدني، وثالثها: نزلت مرتين، وقيل: النساء والرعد والحج والحديد، والصف والتغابن، والقيامة والمعوذتان مكيات، والله أعلم.

ص: 23

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في بيان الأنواع، وهذا شروع منه في بيان الأنواع الخمسة والخمسين التي أشار إليها إجمالاً أخذ يفصلها، فقال -رحمه الله تعالى-:"منها ما يرجع إلى النزول" يعني فيما يتعلق بوقته وزمانه وكيفيته، إلى غير ذلك من المباحث المتعلقة بالنزول، "منها ما يرجع إلى النزول، وهو اثنا عشر نوعاً: الأول والثاني: المكي والمدني"، يعني الأول: المكي، والثاني: المدني، ضابط المكي على ما رجحه المؤلف وهو الراجح: ما نزل قبل الهجرة، والمدني: ما نزل بعد الهجرة، الحد الفاصل بين المكي والمدني الهجرة، فما نزل قبلها مكي، ولو كان نزوله خارج مكة، وما نزل بعد الهجرة مدني ولو نزل بمكة، ومن أهل العلم من يرى أن المكي ما نزل بمكة ولو كان بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة ولو كان .. ، ولا يمكن أن يقال إيش؟ لتتم المقابلة، لا يمكن أن تتم المقابلة هنا، إذا قلنا: إن المكي على القول الثاني، ما نزل بمكة ولو كان بعد الهجرة، فالمدني ما نزل بالمدينة حسب، لا نستطيع أن نتم المقابلة، نعم، وعلى هذا نثبت الواسطة أن هناك ما ليس بمكي وما ليس بمدني، هناك قرآن ليس بمكي ولا مدني، وهو ما نزل خارج مكة وخارج المدينة، فنثبت الواسطة، ولذا المرجح عند أهل العلم؛ لأنه ينضبط أن المكي ما نزل قبل الهجرة، وما نزل بعد الهجرة يكون من المدني، وهو أقرب المذكورين المدني، الضمير هو يعود إلى المدني؛ لأنه أقرب المذكورين، "وهو البقرة وثلاث تليها"، البقرة، آل عمران، النساء، المائدة والأنفال وبراءة والرعد والحج والنور والأحزاب والقتال اللي هي إيش؟ محمد، "وتاليها" الفتح والحجرات "والحديد والتحريم وما بينهما"، الحديد، المجادلة، الحشر، الممتحنة، الصف، الجمعة، المنافقون، التغابن، الطلاق، التحريم، "والقيامة والقدر والزلزلة والنصر والمعوذتان"، يكون المجموع كم؟ تسعاً وعشرين، يكون المجموع تسعاً وعشرين سورة، والباقي؟ مكي، كم يكون الباقي؟ ها خمسة وثمانين؟ كم؟ كم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 24

خمسة وثمانين، كلها مكية، وهذا على القول الراجح في الطرفين، وإلا هناك بعض السور مختلف فيها هل هي من المكي أو من المدني؟ ولذا قال:"قيل -يعني هذا قول مرجوح-: والرحمن"، تكون مدنية على هذا القول، وإلا فهي مكية على القول الراجح، من الأدلة على اعتبارها مكية: لما قرأها النبي عليه الصلاة والسلام على الصحابة قال عليه الصلاة والسلام الجن نعم، موقفهم لما قرأها عليه الصلاة والسلام عليهم كان موقفهم أفضل؛ لأنه كلما قال:{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(13) سورة الرحمن]؟ قالوا: ولا بشيء من آلائك ونعمك ربنا نكذب، فينبغي أن يقال مثل هذا لا سيما خارج الصلاة، ولقاؤه عليه الصلاة والسلام بالجن إنما كان بمكة، والإنسان والإخلاص قيل: الإنسان مدنية، والأصح أنها مكية، والإخلاص قيل: مدنية، والأصح أنها مكية، ويذكر في سبب نزولها أن قريشاً قالوا: انسب لنا ربك، فنزلت سورة الإخلاص، والفاتحة من المدني، قيل: الفاتحة من المدني وإلا فهي على القول الراجح مكية.

"وثالثها" ثالث الأقوال بالنسبة للفاتحة: أنها نزلت مرتين، "ورابعها" رابع الأقوال بالنسبة للفاتحة أنها نزلت نصفين، نصف بمكة، ونصف بالمدينة.

ثالثها: يعني من شدة الاختصار يقعون في مثل هذا اللبس، القارئ هل يفهم أن ثالثها نزلت مرتين؟ ثالثها؟ ثالث إيش؟ نعم، ثالثها احتمال ثالث السور نعم التي ذكرت، التي هي سورة الإخلاص احتمال هذا، نعم، لكن من شدة الاختصار يسلكون مثل هذا، والشيخ يعرف الخلاف في الأصل هل هي (إنّ) أو (أنّ)؟ في بعض المختصرات يسوق الخلاف بهذه الطريقة: إنّ وأنّ والثالث وأصلان، نعم؟

صحيح.

من شدة الاختصار، وهذا بقدر ما فيه من صعوبة الأسلوب إلا أنه يربي طالب علم، يعني مثل هذا يسلك عند أهل العلم ولا يعاب عليهم؛ لأنهم إذا فهموا مثل هذه الاصطلاحات يسهل عليهم فهم الكلام الواضح.

ص: 25

ثالثها: يعني ثالث الأقوال في سورة الفاتحة أنها نزلت مرتين، وهذا القول يسلكه بعض أهل العلم صيانة لما ورد، أو صيانة للرواة؛ لئلا يحكم على بعضهم بالوهم، يعني إذا جاءت قصة بسياقين مثلاً ولو كان هذا الاختلاف من بعض الرواة، بعضهم يجبن أن يقول: وهم فلان، أو رواية فلان أرجح، لا سيما إذا كانت الرواية الثانية في الصحيح، فيقول: تعددت القصة، على سبيل المثال قصة الكسوف، كسوف الشمس في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، المقرر عند أهل العلم أنها كسفت مرة واحدة يوم مات إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لما تعددت الصفة الذي في الصحيحين: أنه صلاها بركوعين، ركعتين كل ركعة فيها ركوعان، وجاءت في بعض الروايات عند مسلم: أنه صلاها بثلاث ركوعات وأربعة، وعند غيره بخمسة ركوعات، فقالوا: تعدد القصة، كسفت الشمس أكثر من مرة، تبعاً لهذا الاختلاف الذي وقع من الرواة، وصيانة الصحيح أمر مطلوب، لكن في مثل هذا المحفوظ عند أهل السير قاطبة أن الشمس لم تكسف إلا مرة واحدة، ولذا شيخ الإسلام رحمه الله يرد هذا القول بشيء من السخرية بأصحابه -رحمه الله تعالى-، يقول:"الشمس لم تكسف إلا مرة واحدة، وإبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام لم يمت إلا مرة واحدة" نعم، نعم صيانة الصحيح أمر مطلوب، لكن عند تعذر الجمع، تعذر الجمع مشكل، لا بد أن يحكم .. ، وليسوا بمعصومين، الرواة ليسوا بمعصومين، يحصل الوهم، يحصل الخطأ، ومن يعروا من الخطأ والنسيان، وحصل الوهم من بعض الصحابة، إحنا لا ندعي العصمة لأحد، فهنا يقولون: نزلت مرتين، صيانة لما ورد هذا وهذا، لكن مثل هذا .. ، ما ورد أنها نزلت في المدينة موقوف ليس بمرفوع، نعم، موقوف، فهذا على حد .... ، موقوف أيضاً على تابعي، على مجاهد، فهذا على حد علمه، هذا اجتهاد منه.

ص: 26

"وقيل: النساء"، القول الأول خلاف ما سيق قبل سيقت السور المدنية، وقيل: أن هذه السور أيضاً مدنية، وهنا قيل: النساء، وقد سيقت في المدني لتكون هنا في القول الثاني مكية، "وقيل: النساء، والرعد والحج والحديد، والصف والتغابن، والقيامة والمعوذتان مكيات"، الخلاف موجود بين أهل العلم، لكن هل يترتب على معرفة المكي والمدني فائدة، أو لا فائدة منها إلا مجرد الإلمام والمعرفة بجميع ما يدور حول كتاب الله عز وجل ليكون هذا من النفل؟ من نفل العلم، ومن ملحه لا من متينه؟ نقول: لا، هذا من متين العلم، طالب العلم لا بد أن يعرف السور المكية من السور المدنية، وإذا وجد آية مدنية في سورة مكية على طالب العلم أن يعرفها؛ لأنه يترتب عليه معرفة المتقدم من المتأخر، الناسخ من المنسوخ، هذا مهم جداً.

النوع الثالث والرابع: وهو متعلق بالنزول: الحضري والسفري، يعني ما نزل في الحضر في حال الإقامة، والسفري: ما نزل في حال السفر.

يقول -رحمه الله تعالى-: "الأول كثير" لماذا؟ لأن الإقامة هي الأصل، الإقامة هي الأصل، السفر طارئ خلاف الأصل، فالأول الذي هو الحضري كثير ولذا لا يمثل له، "والثاني -وهو السفري- سورة الفتح" سورة الفتح، وقد نزلت بين مكة والمدينة منصرف النبي عليه الصلاة والسلام من الحديبية، ولذا يجزم أهل العلم أن الصلح هو الفتح، نعم، الصلح هو الفتح؛ لأنه ترتب عليه مكاسب عظيمة للدين، فهو فتح وإن قال بعضهم: إن مقدمات الفتح فتح، والصلح مقدمة للفتح.

"والثاني: سورة الفتح"، يعني السفري، "والتيمم في المائدة بذات الجيش أو البيداء"، والقصة معروفة حينما فقدت عائشة العقد، حبست النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح، ليسوا على ماء، وليس معهم ماء، وبعث النبي عليه الصلاة والسلام في طلب هذا العقد، ثم نزلت

ص: 27