الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مقدمة سنن ابن ماجه (4)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: أنا -يحكي عن نفسه- أنه قصير القامة، وطوله مائة وثمان وستين سانتي؟
هذا ليس بقصير.
يقول: وهناك طريقة يعملها الأطباء تقوم بإطالة الجسم في حدود تسعة سانتي فهل هذا حرام؟
على كل حال إذا كان القصر مما يقذره الناس به، ويعيبونه به، وينبزونه به، فهذا له وجه، أما إذا كان في الطول الذي يذكره هذا لا شك أن الزيادة تغيير لخلق الله.
يقول: أنا حدث لي حادث، وتكسرت أسناني الأمامية، وقمت بتركيب أسنان، ولكن ليس كما كانت، فلو قمت متعمداً بجعل الأسنان على صف واحد، وهي لم تكن بالأول كذلك، فهل هذا أيضاً حرام، ويدخل في باب تغيير خلق الله؟
أقول: الرجل ليس بحاجة إلى مثل هذا التصرف، أما إذا كان السائل امرأة، وزوجها يقذرها بذلك، وهي تريد أن تتزين به، بالصف، بالترتيب لا بالتفليج، لا بالزيادة والنقص هذا يُرجى إذا كان مجرد تقويم لا بتفليج ولا بغيره، تعديل سن مائل يعدل لا بأس، وما عدا ذلك فالأصل أن يبقى كل شيء على حاله.
هذا سؤال ردد أكثر من مرة: ما سبب الجفاء الموجود في كثير من الملتزمين؟
سببه الجهل بأحكام الدين وآدابه، وتنزيل بعض الأحكام في غير منازلها، فالهجر لا شك أنه شرعي، وعلاج لبعض الناس إذا كان يجدي فيهم، وأما إذا كان لا يجدي، والصلة هي الأنفع فهي المتعينة ((ولا يحقرن أحدكم من المعروف شيئاً، ولو أن يلق أخاه بوجه طلق)).
هذا سأل أمس واليوم، وأظن قبل ذلك، يقول: هل من الممكن أن أشترك معكم، أريد أن أخدم الأمة الرد في أقرب وقت؟
والله ما أدري هل يمكن أو لا يمكن؟
وكيفية هذه الخدمة، يقول باللغة العربية، وقد كتب اسمه بغير العربية.
هذا يقول: أعاني من فتور وضعف في الطلب، مع كثرة المشاريع التي كانت في الصيف، وكثرة المشاكل في البيت، بسبب كثرة المنكرات، وبالذات في الزواجات، وكيف أنكر مع العلم أن أبي لا يتدخل ولا ينكر في البيت، ويكتفي بالدعاء على إخواني؟ وجزاكم الله خيراً.
إذا كان الوالد لم يقم بما أوجب الله عليه تجاه أسرته فعليك أن تقوم به أنت، لكن بالأساليب المؤثرة النافعة التي لا يترتب عليها مفاسد، وأما بالنسبة للفتور في الطلب فعليك أن تجتهد وتجد، وتقرأ ما جاء في هذا الباب، في باب الحث على طلب العلم، ومنزلة العلم والعلماء في الدنيا والآخرة، وتقرأ ما في سير أهل العلم، وكيفية صبرهم على التحصيل، وبذلهم وهممهم العالية، إذا قرأت في هذا نشطت.
يقول: ما رأيكم فيمن يقول: إن أقسام الحديث قسمان صحيح وضعيف، وليس هناك قسم ثالث؟
أولاً: الأقسام الثلاثة الصحيح والحسن والضعيف موجودة في كلام الأئمة، يعني قبل البخاري، وفي عصر الإمام أحمد، وقبل الإمام أحمد، يُعرف الحديث الحسن، لكن الحصر في القسمة الثلاثية أول من حصر الخطابي -رحمه الله تعالى-، الخطابي هو الذي حصر القسمة في الثلاثة الأقسام، وأما الأقسام فهي معروفة، الصحيح معروف، والحسن معروف، والضعيف معروف، والمضطرب معروف، والمعل معروف، والمرسل معروف، كلها معروفة، فالحصر في قسمين ماذا يريد أن يجعل الحسن؟ إن أدرجه في الصحيح تساهل وأدرجه في الصحيح على طريقة ابن خزيمة وابن حبان، فلا شك أن هذا ضرب من التساهل، إن قال: هو صحيح وهو لا يصل إلى درجة الصحيح هذا تساهل.
طالب:. . . . . . . . .
انتهينا ما في إشكال، إذا قلت: الأقسام اثنان: الصحيح وهو قسمان، ثم الضعيف ما سوينا شيء، ما رحت بعيد، سواءً جعلت ألف وباء وإلا واحد واثنين وثلاثة، ما يفرق، المقصود أن الحسن في مرتبة متوسطة بين الصحيح والضعيف، لا يلحق بالصحيح، ولا ينزل إلى الضعيف، والمسألة اصطلاحية.
يقول: اسمي ياسر وأنا من السودان يوجه الدعوة لزيارة السودان زيارة دعوية؟
وأنا أقول للأخ ياسر: أعتذر عن تلبية هذه الدعوة لأنني لم أخرج عن هذه البلاد، وليس في النية الخروج لا للسودان ولا لغيره.
يقول: فنحن أحوج ما نكون للدعوة والإرشاد في تلك الفترة؟
ومن طلاب العلم والمشايخ وأهل العلم من يلبي مثل هذه الدعوة، وفيهم الخير والبركة -إن شاء الله تعالى-، علماً أن في السودان من طلاب العلم ممن نعرفه يمكن أن يقوم بهذه المهمة.
يقول: في تلك الفترة التي اشتدت الفتن في السودان، كما نعاني من ظواهر غريبة في السودان مثل التبرج والقش.
ما أدري ويش هذه القش وإلا الغش؟ يمكن يريد القش؛ لأن بعض الجهات يبدلون الغين قاف، وبعضهم العكس، وبعضهم يسمي الغش قش، وقال يقول: غال، بعضهم بعض الجهات نعم، لعل مراده بالقش الغش.
والرشاوى، وكثير من العادات التي لم تكن يوماً من أهلنا في السودان؟
على كل حال التغير موجود على مستوى الأمة كلها، وفي بلاد الإسلام قاطبة، التغير، وما من زمان يأتي إلا والذي بعده شر منه، لكن المسألة مسألة مدافعة، وتقليل للشر بقدر الإمكان بالطرق المتاحة، والأساليب المناسبة الناجعة.
هذا اسمه عبد الدائم من السعودية يقول: رجل يملك ملوك الجن وهو مؤمن، وهم أيضاً ويشترطون عليه ألا يقرب الحرام مطلقاً، فهل يعتبر هذا الرجل ساحراً؟
كيف يملكهم؟ يعني نصب نفسه ملكاً عليهم؟ هذا لا يعرف إلا لسليمان، هذا من خواص سليمان عليه السلام، لا يكون لأحد، ولا ينبغي لأحد، فعليه أن ينصرف وينشغل بما كلف به من تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، وأن يلازم الكتاب والسنة، ويعتصم بهما، ويترك مثل هذه الأمور؛ لأن مثل هؤلاء مجاهيل، لا يدرى ما ورائهم، وجرت العادة أنهم يستدرجون الناس، يقدمون خدمات لبعض الناس، ثم إذا تورط صار لا يستطيع أن يرجع عن هذه الخدمات التي قدمت له، وقدمها لغيره، انسحبوا عنه، فطلب ذلك بالحرام بعد أن كان بدون مقابل، والله المستعان.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني برد بن سنان عن إسحاق بن قبيصة عن أبيه" يعني قبيصة بن ذؤيب "أن عبادة بن الصامت الأنصاري النقيب" نقيب الأنصار ليلة العقبة، بل هو أحد النقباء، وشهد البيعات بيعة العقبة الأولى والثانية، وفي بعض الكتب: والثالثة، في بيعة عقبة ثالثة؟ في بعض الكتب يقول: والثالثة، يعني بيعة العقبة الأولى والثانية والثالثة، يعني المعروف في السيرة أن البيعات اثنتان، وبعضهم يجعل بعض اللقاءات التي حصلت مما ينازع فيه أن تكون بيعة، حصلت بين بعض الأنصار مع النبي عليه الصلاة والسلام يسميها بيعة لاختصاص واستقلال الأنصار بها، وهذا مذكور في بعض كتب السير.
على كل حال فضله وعلمه وجلالة قدره عبادة بن الصامت معروف، النقيب، والخبر فيه انقطاع؛ لأن قبيصة بن ذؤيب يحكي قصة لم يشهدها، ولم يلق عبادة ليقال: إنه تلقاها منه، فالخبر ضعيف، وإن كان مفاده وجملته صحيحة، أصلها -أصل القصة- في الصحيحين، لكن القصة بهذا التفصيل فيها هذا الانقطاع الموجب للضعف.
"أن عبادة بن الصامت الأنصاري النقيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا مع معاوية أرض الروم، فنظر إلى الناس وهم يتبايعون كسر الذهب بالدنانير" يعني ذهب بذهب "كسر الذهب بالدنانير، وكسر الفضة بالدراهم، فقال: أيها الناس إنكم تأكلون الربا" يقوله عبادة بن الصامت لماذا؟ "قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تبتاعوا الذهب بالذهب)) " يعني سواءً كان دنانير بدنانير، وسواءً كان كسر بكسر، وسواءً كان مصوغاً بمصوغ.
((لا تبتاعوا الذهب)) أياً كان وصفه ((بالذهب)) أياً كان وصفه ((إلا مثلاً بمثل)) يعني من غير زيادة ولا نقصان ((لا زيادة بينهما ولا نظرة)) ((مثلاً بمثل يداً بيد)) هذا الحديث معروف في الصحيحين وغيرهما، في تحريم ربا الفضل وربا النسيئة إذا اتحد الجنس، لكن ((إذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) مع اتحاد الجنس لا بد من تحقق التماثل، ولا بد من أن يكون يداً بيد، أما مع اختلاف الجنس في الربويات فلا مانع من التفاضل، يبيع الفضة بأي قيمة رآها من الذهب والعكس، يبيع الربوي بغير جنسه، شريطة أن يكون يداً بيد.
فقال له معاوية: يا أبا الوليد لا أرى الربا في هذا إلا ما كان من نظرة، يعني مؤجلاً، لا بد أن يكون هذا النوع من الذهب الذي هو الدنانير بالنوع الآخر الذي هو الكسر لا بد أن يكون يداً بيد، أما مع التفاضل فلا بأس، هذا رأي معاوية، لا أرى الربا في هذا إلا ما كان من نظرة، وكأنه يستدل بحديث:((لا ربا إلا في النسيئة)) وهذا الحديث صحيح، لكن الحصر إضافي وليس بحصر حقيقي ((لا ربا إلا في النسيئة)) يعني لا ربا أعظم إلا ما كان في النسيئة، فالنسيئة أعظم من ربا الفضل، وربا الفضل الذي هو الزيادة يعرفه الخاص والعام، ويتوقونه، ولكن ربا النسيئة قد يدخل الإنسان فيه وهو لا يشعر، وهنا صور من ربا النسيئة حاصلة في أسواق المسلمين يتعافونها فيما بينهم، ويتساهلون فيها، مع أنها من الربا، يشتري الذهب بالنقود مثلاً، ويقول له: غداً آتيك بالقيمة هذا ربا، أو يقول: هذا شيك وهذا ربا؛ لأنه لم يكن يداً بيد، المقصود أنه لا بد من الانتباه لهذه الأمور، والربا شأنه عظيم، وحرب لله ورسوله ولو قل، والمرابون يبعثون يوم القيامة مجانين، كما قرر ذلك جمع من أهل العلم، والربا كما جاء في الخبر أشد من الزنا -نسأل الله السلامة والعافية-.
"يا أبا الوليد" يخاطب عبادة بن الصامت "لا أرى الربا في هذا إلا ما كان من نظرة" يعني في النسيئة فقط "فقال عبادة: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن رأيك"((مثلاً بمثل)) يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ((مثلاً بمثل)) وأنت تقول: لا أرى الربا في هذا إلا ما كان من نظرة، "أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن رأيك؛ لئن أخرجني الله لا أساكنك بأرض لك علي فيها إمرة" فمعاوية في زمن عمر رضي الله عنه كان أميراً على الشام، وهم بأرض الروم، في غزوة بأرض الروم، وكان عبادة مع معاوية، فقال له:"لئن أخرجني الله من هذه الأرض -من أرض الروم وأدخلني في ديار المسلمين- لا أساكنك بأرض لك علي فيها إمرة" يعني لا أجلس في الشام، وكان عبادة بن الصامت سكن حمص، وهي تابعة للشام، من أرض الشام.
"لا أساكنك بأرض لك علي فيها إمرة، فلما قفل لحق بالمدينة" يعني غير السكن وغير البلد من أجل مسألة معارضة لحكم الله، وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام خرج من البلد وسكن بلد آخر، وكثير من الناس تنتهك المحارم، ولا يستطيع أن ينتقل عن داره، عن هذا الجار الذي آذاه بأصوات المعازف، وآذاه بأنواع المنكرات، لا يستطيع أن ينتقل في نفس البلد إلى دار أخرى؛ لأنه خسر عليها، وتعب عليها، فضلاً عن كونه ينتقل إلى بلد آخر؛ ليسلم من شر هذا الجار، أو شر هذه الشرور التي انتشرت في هذا البلد، وعبادة بن الصامت انتقل من إقليم إلى إقليم، ترك الشام وانتقل على المدينة من أجل إمرة معاوية الذي ألقى عليه الحديث من كلام النبي عليه الصلاة والسلام وعارضه برأيه، رضي الله عن الجميع.
على كل حال السنة قاضية على كل أحد كائناً من كان.
"فلما قفل لحق بالمدينة، فقال له عمر بن الخطاب: "ما أقدمك يا أبا الوليد؟ " يعني هل هذا لأن عمر بن الخطاب لا يفرح بمثل عبادة بن الصامت؟ يفرح بمثله، ويتمنى أن يكون أهل المدينة كلهم مثل عبادة بن الصامت؛ لكنه يريد أن ينفع الله به في تلك البلاد، في تلك الجهات.
"ما أقدمك يا أبا الوليد؟ فقص عليه القصة، وما قال من مساكنته، فقال: ارجع يا أبا الوليد إلى أرضك، فقبح الله" بالتخفيف كما يقول أهل العلم، ومنهم من يشددها، يقول:"قبح الله أرضاً لست فيها وأمثالك، وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك عليه، واحمل الناس على ما قال، فإنه هو الأمر" في هذا الحديث أن الذهب مهما كان وصفه، ومهما كان وضعه، ولو تفاوت عياره لا بد أن يكون مثلاً بمثل، يعني ذهب عيار ثمانية عشر، وذهب عيار أربعة وعشرين أفضل شيء وأقل شيء أو أقل من .. ، لا يجوز إلا أن يكون مثلاً بمثل لأنه كله ذهب، ولو كان كسر مستعملة بذهب جديد لا بد أن يكون مثلاً بمثل، يداً بيد، فالأوصاف لا تغير من الحكم شيئاً، وقل مثل هذا في الذهب المصوغ، ويذكر عن معاوية في قصة الجان الذي حصل من الغنائم أنه بيع بذهب أكثر منه لأنه مصوغ، فالصياغة تخرجه عن كونه ذهباً ليكون عرضاً يباع، ولا يجري فيه الربا كالذهب بالذهب، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أن الذهب المصوغ لا يأخذ حكم الذهب، فيكون عرضاً يباع كيف شاء، ولكن الصواب ما عليه عامة أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة وأتباعهم أنه ذهب، ولا يجوز أن يباع إلا يداً بيد، مثلاً بمثل، وهو داخل في عموم النصوص، ولو قال به من قال به.
طالب:. . . . . . . . .
ما دام ذهب لا يقدر شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
فإنه هو الأمر، واحمل الناس على ما قال، كتب إلى معاوية يقول: احمل الناس على ما ذكر عبادة، فإنه هو الأمر، يعني الصحيح، هذا هو الأمر الصحيح، هذا هو القول الصحيح القول الذي لا يحتمل سواه، يعني داخل في النص، وهو الأمر الذي عهد، يعني قدر ما شئت من الاحتمالات التي تدعم قول عبادة رضي الله عنه وأرضاه-.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا أبو بكر بن الخلاد الباهلي قال: حدثني يحيى بن سعيد عن شعبة عن ابن عجلان، قال: أنبأنا عون بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود" عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود لم يدرك عبد الله بن مسعود، فهو منقطع "قال: أنبأنا عون بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود قال: "إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أهناه وأهداه وأتقاه" وهذا الحديث منقطع فهو ضعيف، والذي يليه صحيح.
قال: "حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب قال: "إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي بعض النسخ: "إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فظنوا به الذي هو أهناه وأهداه وأتقاه" يعني إذا كان اللفظ يحتمل أمرين، فاحملوه على الأمر الأهدى والأتقى والأهنأ، إذا كان الخبر المسند إلى النبي عليه الصلاة والسلام المنسوب إليه يحتمل أمرين، فاحملوه على الأمر الذي هو أهدى وأتقى، وهذا من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولا شك أن مثل هذا هو المتعين، وإذا كان يحتمل أمرين فهو الأهدى والأتقى، والنبي عليه الصلاة والسلام لا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، فإذا كان الخبر يحتمل في معناه أكثر من احتمال فليحمل على الاحتمال الأهنأ والأهدى والأتقى.
ثم قال -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا محمد بن الفضيل قال: حدثنا المقبري عن جده عن أبي هريرة" المقبري عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو ضعيف جداً، متهم بالكذب، فالحديث ضعيف جداً "عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث)) " أو ((لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث وهو متكئ على أريكته يقول: اقرأ قرآناً)) يعني إن وجدت القرآن يؤيد هذا الكلام، يعني هات لي آية تؤيد هذا الكلام، وهذا يستعمله بعض الناس الآن، إذا أبلغ بحكم شرعي قال: هات دليل من القرآن، عندنا دليل من السنة، هات دليل من القرآن.
((لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث وهو متكئ على أريكته)) وتقدم ما في هذا الاتكاء، وهو الاعتماد على جنبه، مسترخياً متحكماً محكماً نفسه في نصوص السنة، يقبل منها ما يدخل عقله، ويرد ما لا يوافق هواه ومزاجه.
((فيقول: اقرأ قرآناً ما قيل من قول حسن فأنا قلته)) وهذا الحديث كما قلنا ضعيف، وقوله:((ما قيل من قول حسن فأنا قلته)) يحتمل أن يكون مما يرفع إلى النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الخبر الضعيف، ولا معول عليه، ولا اعتماد عليه، فهذا من النبي إن صح عنه ولا إخاله يصح ((ما قيل من قول حسن فأنا قلته)) في هذا مستمسك لمن يركب الأسانيد على الجمل والحكم وينسبها إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا وجد حكمة صحيح معناها يركب عليها إسناد عملاً بهذا ((ما قيل من قول حسن فأنا قلته)) هذا إذا كان المراد به النبي عليه الصلاة والسلام، وقريب من هذا قول بعض الحنفية يقول: إذا كان الحكم يؤيده القياس الجلي فركب له إسناد وأنسبه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن هذا ضلال -نسأل الله السلامة والعافية-، وهو داخل في قوله عليه الصلاة والسلام:((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) هذا وضع على النبي عليه الصلاة والسلام، وكذب وزور، وبعضهم يقول: الاحتمال أن هذا من قول هذا المتكئ، وأنه ينسب إلى نفسه الأقوال الحسنة التي يتداولها الناس، وأنه هو مصدرها، وعلى كل حال الحديث في غاية الضعف، فلا نشتغل به أكثر من هذا.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
((لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث)) الأصل أنه مفعول ثاني، والمفعول الأول أحدكم، لكن لما بني الفعل للمجهول صار المفعول الأول نائب فاعل، والثاني مفعول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أمرها أن تقرأ ما بين دفتي المصحف لتقف على الآيات التي تأمر بطاعة النبي عليه الصلاة والسلام.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، هو إذا كان عند الإنسان شك في طاعة النبي عليه الصلاة والسلام فمن باب الإقناع له أن يقال: اقرأ القرآن، ليمر عليك الآيات التي تأمرك بطاعة النبي عليه الصلاة والسلام {وَأَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} [(92) سورة المائدة] فإذا امتثلنا ما في القرآن من طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام امتثلنا ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام هذا ما فيه إشكال.
ثم قال بعد ذلك: "حدثنا محمد بن عباد بن آدم قال: حدثنا أبي" وأبوه عباد بن آدم مجهول "عن شعبة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة" محمد بن عمرو بن علقمة صدوق، والسند الأول ضعيف؛ لأن فيه عباد بن آدم وهو مجهول، والثاني ح التي هي حاء التحويل "وحدثنا هناد بن السري قال: حدثنا عبدة بن سليمان قال: حدثنا محمد بن عمرو وهو ابن علقمة، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن أبا هريرة قال لرجل: "يا ابن أخي إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلا تضرب له الأمثال" وكأنه يشير بهذا إلى قصة حصلت بينه وبين ابن عباس في حديث الوضوء مما مست النار، ابن عباس قال أيضاً: الماء يمسه النار، فإذا توضأنا بماء حار مسته النار علينا أن نتوضأ بماء بارد؛ لأن هذاك مسته النار "فقال: يا ابن أخي" لأنه صغير في السن بالنسبة له "إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فلا تضرب له الأمثال" واعتراض ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- ليس اعتراضاً بالرأي المجرد؛ ليكون مذموماً من كل وجه؛ لأن عند ابن عباس حديث: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار" فاعتراضه مستند إلى خبر، لكن مع ذلك لا بد أن يكون التعامل مع أخباره عليه الصلاة والسلام، ولو كان فيها الناسخ والمنسوخ بالأدب، فلا بد أن يتعامل معها بأدب ولطف، ولو كانت منسوخة، ما يقول قائل: اترك هذا الحديث لأنه منسوخ، فضلاً عن أن يقول قائل من الشراح في حديث:((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) قال: في هذا الحصر نظر، من الذي حصر؟ النبي عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن هذا سوء أدب، فلا بد من احترام ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، وتقديمه على قول كل أحد.
الحديث بسنده الثاني حسن؛ لأن محمد بن عمرو بن علقمة صدوق، يرتقي حديثه بمثله إلى الصحيح لغيره، وبه مثل الحافظ العراقي للصحيح لغيره.
والحسن المشهور بالعدالة
…
وصدق راويه إذا أتى له
طرق أخرى نحوها من الطرق
…
صححته كمتن (لولا أن أشق)
إذ تابعوا محمد بن عمرو
…
عليه فارتقى الصحيح يجري
فمثل به للصحيح لغيره فحديثه بمفرده حسن.