المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * النوع الرابع (قراءات النبي صلى الله عليه وسلم * - شرح منظومة التفسير - جـ ٨

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * النوع الرابع (قراءات النبي صلى الله عليه وسلم *

‌عناصر الدرس

* النوع الرابع (قراءات النبي صلى الله عليه وسلم

* النوع الخامس والسادس (الرواة والحفاظ من الصحابة والتابعين الذين اشتهرو بحفظ القرآن وإقرآئه).

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

أما بعد:

كان الحديث بالأمس عن القراءآت، وقلنا: أنها متواتر وآحاد وشاذة، وذكرنا أن الاصطلاح الشائع عند كثير من أرباب القراءآت والأصول والفقهاء أن القراءآت ثلاثة أنواع، هذا الشائع الموجود في الكتب، متواترة وآحاد وشاذة، فالمقصود بالمتواترة هي قراءة السبعة التي نص عليها الناظم:

والسبعة القراء ما قد نقلوا

فمتواتر ................

وهي قراءة: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، هؤلاء إذا أطلق السبعة انصرف إلى هؤلاء السبعة، والآحاد إذا أطلق لفظ الآحاد انصرف إلى قراءة الثلاثة وهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وبعقوب، وخلف.

الآحاد: إذا أطلق لفظ قراءات الآحاد انصرف للثلاثة، وهم:

أبو جعفر: يزيد بن القعقاع، ويعقوب، وخلف.

وما عدا ذلك من الأربعة عشر قراءة الحسن بن أبي الحسن، وغيره فهي شاذة.

هذا هو المشهور وهو الذي جرى عليه الناظم هنا، لذلك قال:

(والسَّبْعَةُ القُرَّاءُ مَا قَدْ نَقَلُوا فَمُتَواتِرٌ) ثم قال:

(والثَّانِيُ: الآَحَادُ كالثَّلاثِةِ) وألحق به قراءات الصحابة إن صح سندها، فحينئذٍ صارت قراءات الصحابة إن صح سندها ملحقة بالآحاد، ثم قال:

(والثَّالِثُ الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ مِمَّا قَرَاهُ التَّابِعُونَ)، فكل قراءةٍ ثبتت عن تابعي ولم تثبت عن صحابي فضلاً عن رفعها فهي شاذة، هذا هو المشهور عند كثير من أرباب القراءات والأصول وغيرهم.

ص: 1

ابن الجزري رحمه الله تعالى اعترض على هذا التأصيل، وتبعه السيوطي في ((التحبير)) وفي ((الإتقان)) قال: لا، ليس النظر هنا إلى كون السبعة قراءتهم هي المتواترة والثلاثة هي الآحاد مع عداها فهو الشاذ قال: لا بل النظر يكون إلى ضابطٍ يُعتمد يكون به الفرق بين قراءة الصحيحة وقراءة الشاذة فكأنه قسم القراءة إلى صحيحة وشاذة، ثم الصحيح قد يكون متواترًا وقد يكون آحاد فقال: كل قراءةٍ وافقت ماذا؟ العربية ولو بوجهٍ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، وصح سندها فهي قراءة صحيحة سواءٌ كانت من السبعة أو من العشرة أو ما عداها، فحينئذٍ قد يكون من الأربعة المزيدة عن العشرة ما هو صحيحٌ ثابتُ القراءة بخلاف ما هو قول الجمهور بأن كل ما زاد عن العشرة فهو شاذ ولو صح سندها ووافق الرسم العثماني والقواعد العربية، فما استجمع الثلاثة شروط الذي ذكرها ابن الجزري في ما زاد على العشرة فليست بقراءة بل هي شاذة، وهذا فرقٌ جوهري بين ابن الجزري وغيره فكل قراءةٍ وافقت العربية ولو بوجهٍ من وجه النحو يعني سواءٌ كان هذا الوجه لا يُشترط به أن يرتضيه النحاة فحسب ولا نرجع إلى النحاة فحسب، لا. نقول: سواء كانت فصيحًا أم أفصح متفقًا عليه أو مختلفًا فيه اختلافًا لا يضر مثله، فحينئذٍ نقول: هذه مع بقية الشروط قراءةٌ صحيحة وكذلك إذا وافقت الرسم العثماني ولو احتمالاً، والمراد بالرسم العثماني المصاحف الستة أو الثمان أو التسع، يعني كل مصحفٍ سواءٌ كان شاميًا أو مكيًا أو مدنيًا عامًا أو خاصًا إلى آخره أي مصحفٍ من هذه المصاحف لأنه ثمَّ فرق بينها من حيث إثبات بعض الحروف دون بعض، فأي قراءةٍ صح سندها ووافقت الرسم العثماني ولو احتمالاً نقول: هذه قراءةٌ صحيحة مع بقية الشروط، ولو احتمالاً أراد به في ما إذا ما كان الوجه محتملاً في التقدير لا في النص، ومثل له ابن الجزري وكذلك السيوطي بـ:{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة: 6]. والصراط هذا من حيث اللغة الأصل فيه بالسين سراط بالسراط فحينئذٍ كتب بماذا بالصاد لماذا كتب بالصاد؟ ولذلك نص ابن الجزري قال: هذا الدليل على فقه الصحابة كتبوه بالصاد على خلاف الأصل وهو بالسين لماذا؟ لأنه لو كتب بالسين وقرأ بالصاد لأنكر (اهدنا السراط) ثم قرئ بالصاد لأنكر لماذا لأن الأصل في اللغة أنه بالسين ولكن القراءةُ سنةٌ متبعة فحينئذٍ كتب بالصاد بقراءة أخرى فلو قرأ بالصاد فلا ينكر لأنه موافقٌ للرسم العثماني ولو قرأ بالسين احتمل لكونه احتمالاً احتمل لماذا؟ رجوعًا إلى الأصل ولو قرئ بحرفٍ بين الصاد والسين حينئذٍ لا ينكر.

وصح سندها: هذا من الفروق الجوهرية بين اشتراط، صحة السند، والتواتر عند الجمهور حينئذٍ يصير مع هذه الثلاثة إن وجدت في قراءةٍ ما فهي صحيحة ويقرأ بها في الصلاة وفي خارجها، وتكون محلاً للاستنباط وغيره كل قراءةٍ اجتمعت فيها هذه الأركان الثلاثة حينئذٍ نقول: هذه قراءةٌ صحيحة، ولذلك أشار إليها في طيبة النشر بقول:

فَكُلُّ مَا وِافَقَ وَجْهَ نَحْوِ

وَكَانَ لِلرَّسْمِ احْتِمَالاً يَحْوِي

وَصَحَّ ِإسْنَادًا هُوَ الْقُرْآنُ

فَهَذِهِ الثَّلاثَةُ الأرْكَانُ

ص: 2

وَحَيْثُمَا شرط (1) رُكْنٌ أَثبِتِ

شُذُوذَهُ لَوْ أَنَّهُ فِي السَّبْعَةِ

(وَحَيْثُمَا يَخْتَلُ رُكْنٌ أَثبِتِ شُذُوذَهُ) فحينئذٍ ما هي القراءة الشاذة عند ابن الجزري ما فقدت أحد الأركان الثلاثة، وما استجمعت الأركان الثلاثة فهي قراءةٌ صحيحة ثابتة منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتثبت قرآنيتها ويصح الاحتجاج بها ولا إشكال في ذلك، هذا رأي ابن الجزري رحمه الله تعالى.

جماهير أهل العلم على خلاف هذا، وهو إن نقل أن السلف لا يُعرف عنهم التقسيم الثلاثي هذا متواتر، والآحاد والشاذ، لكنه هو المشهور فحينئذٍ الفرق بين قول الجمهور وابن الجزري رحمه الله تعالى قراءة السبعة لا خلاف فيها لماذا؟ لأنها متواترة بقي ماذا؟ بقى الثلاثة، والأربعة، الأربعة أطلق عليها فيما زاد على العشرة أطلق عليها الجمهور أنها شاذة ولا يختلفون في هذا أبدًا، لا يختلفون أنها شاذة ولا يجوز بل حكى السيوطي رحمه الله الإجماع.

وأجمعوا أن الشواذ لم يُبح

قراءةٌ بها ولكن الأصح

كخبر في الاحتجاج يجري

وأنها التي وراء العشر

يعني ما زاد على العشر فأجمعوا - لكن ما في دليل على الإجماع هذا - فأجمعوا على ماذا على أنه لا يجوز القراءة بها البتة، لا في الصلاة ولا في خارجها ثم هل يحتج بها في ما إذا تضمنت تفسيرًا أو لا. سبق الخلاف فيه، وأما الثلاثة التي عبر عنها الجمهور بأنها الآحاد وهي قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف هذه المشهور أنها متواترة عند المحققين كابن السبكي والسبكي وابن تيمية وكذلك مال الشيخ الأمين رحمه الله تعالى وصاحب ((المراقي)) فقال:

مثل ثلاثة ورجح النظر

تواترًا لها لدى من قد غبر

مثل الثلاثة يعني: مثل لما استجمع الشروط الثلاثة التي ذكرها ابن الجزري مثل بالثلاثة لكن استدرك قال: ورجح النظر تواترًا لها لدى من قد غبر. يعني من مضى من العلماء رجحوا أن الثلاثة هي متواترة، لذلك قال هنا رحمه الله:

(والسَّبْعَةُ القُرَّاءُ مَا قَدْ نَقَلُوا فَمُتَواتِرٌ). إذًا كل ما ثبت بالنقلٍ المتواتر على حده عند أرباب الحديث فحينئذٍ نقول هذه قراءةٌ متواترة فيُقرأ بها على أنها قرآن يعني تثبت قرآنيتها ولا شك أنه يُحتج بها في إثبات الأحكام الشرعية وغيرها وما عدا ذلك قال:

(1)[يَخْتَلُ].

ص: 3

(ولَيْسَ يُعْمَلُ بِغَيْرِهِ) مع عدا المتواتر لا يعمل به لماذا؟ لأنه ليس بقرآن فحينئذٍ اشترط الجمهور في إثبات قرآنية ما نُقل التواتر، وابن الجزري يقول: لا يشترط التواتر. لماذا؟ يقول: لأن من يشترط التواتر يقول لا بد من موافقة الرسم والقواعد العربية، قال: لو اشترطنا التواتر لما احتجنا إلى الركنين الآخرين، إذا تواتر أن هذه قراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلو خالفت الرسم العثماني تُقبل ولو لم توافق القواعد العربية بوجهٍ أو بدون وجهٍ فهي مقبولة سنةٌ متبعة وحيٌ، فحينئذٍ تكون القواعد كلها متبعة للوحي لا الوحي تابعًا للقواعد، فحينئذٍ يقول: لو اشترطنا التواتر في ثبوت القرآن لما احتجنا إلى الشرطين الآخرين، وإنما احتجنا إلى الشرطين الآخرين، يعني موافقة الرسم العثماني والموافقة للغة العربية مع عدم التواتر، إذًا ليس كل قرآنٍ يكون متواترًا عند ابن الجزري رحمه الله تعالى، وهذا لعله ينبني على مسألة الآحاد خبر الواحد هل يفيد العلم أم لا لماذا؟

لأننا لو ذكرنا أو رجحنا أن خبر الواحد إذا اتفق أنه صحيح يفيد العلم حينئذٍ لا إشكال لأن المتواتر يفيد ماذا؟ يفيد العلم اليقيني ضروري وخبر الواحد يفيد العلم لو قلنا نظريًا لا إشكال المهم أنه أفاد اليقين، فإذا أفاد اليقين حينئذٍ ثبت كونه قرآنًا (ولَيْسَ يُعْمَلُ بِغَيْرِهِ) يعني: غير المتواتر لا يعمل به البتة لماذا؟ لأنه ليس بقرآن.

(ولَيْسَ يُعْمَلُ بِغَيْرِهِ) يعني: بغير المتواتر وهو الآحاد والشاذ في الحكم يعني: الأحكام الشرعية إذا لا يجري مجرى التفاسير لماذا؟ يعني ما لا يجري مجرى التفاسير لا يعمل به، وإلا ما جرى مجرى التفاسير ففيه قولان فادرِ قولين يعمل به، لا يعمل به. والأصح أنه يُعمل به وإن كان ذهب بعضهم إلى أنه لا يعمل به مطلقًا لأنه ليس بقرآن

وليس منه ما بالآحاد روي

فللقراءة به نفيٌ قوي

كالاحتجاج ..............

...................

وهذا مشهور عن مذهب مالك والمتأخرين. (وليس منه) يعني من القرآن.

(وليس منه ما بالآحاد روي) ما روي بالآحاد ليس من القرآن فهو قراءة الثلاثة، ما.

وليس منه ما بالآحاد روي

فللقراءة به نفيٌ قوي

كالاحتجاج .................

........................

لا قراءة ولا احتجاج يقابله ماذا؟ قراءةٌ واحتجاج.

الثالث التفصيل: لا يُقرئ به ويحتج به وهو ما رجح السيوطي في ((الكوكب الساطع)). إذًا كم قول؟ ثلاثة أقوال:

لا يقرئ به ولا يحتج به، وهذا الذي رجحه صاحب المناط يعني: في ما مشى عليه على مذهب مالك وإن خالفه في آخر الباب:

وليس منه ما بالآحاد روي

فللقراءة به نفيٌ قوي

كالاحتجاج .................

........................

لا احتجاج ولا قراءة، ولكن ذهب بعضهم ولذلك مالك رحمه الله: لا يشترط أو لا يُوجب التتابع في صيام كفارة اليمين لأن صح سندها عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه فصيام ثلاثة أيامٍ متتابعات من احتج بها أوجب ماذا؟ التتابع. من رأى أنها ليست بحجة فحينئذٍ لا يوجب التتابع.

التفصيل: أنه لا يُقرأ بها ويحتج بها.

ص: 4

وعلى رأي ابن الجزري رحمه الله: هي يُقرأ بها لأنها قرآن ويحتج بها ولا إشكال في ذلك، (وإِلَاّ فَادْرِ) يعني وإلا بأن جرت مجرى التفاسير فادر قولين، لكن ما لم يعمل به ما لم يعارضه حديثٌ مرفوع لماذا؟

لأن الحديث المرفوع باتفاق أنه يعمل به لا إشكال في ذلك وهو منسوبٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم قطعًا حينئذٍ مع ما اختُلف في كونه قرآنًا فحينئذٍ يحتمل أنه يرد ويكون من اجتهاد الصحابة، لكن نقول: هذا فيه بعد. كون ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يزيد كلمة إما أنها قرآن وإما أنها تفسير وبيان.

فصيام ثلاثة أيام متتابعات إن لم تُقبل إنها قرآن، لكونها آحاد ليست متواترة يتعين علينا أن نقبلها ماذا؟ تفسيرًا، وأولى ما يتعلق به المجتهد هو تفسير الصحابة رضي الله تعالى عنهم للقرآن فإن عارضهم فحينئذٍ المرفوع مقدم.

والثَّانِيُ الآَحَادُ كالثَّلاثِةِ

تَتْبَعُها قِرَاءَةُ الصَّحابَةِ

لأنه يبعد أو يستبعد أن الصحابة لعدالتهم أن يثبُتوا ألفاظًا على القرآن ليست منه.

والثَّالِثُ الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ

مِمَّا قَرَاهُ التَّابِعُونَ واسْتُطِرْ

ولَيْسَ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الأَوَّلِ

.........................

لأنه ليس بقرآن، (وَصِحَّةُ الإِسْنَادِ) ثم قال:(وِفَاقُ لَفْظِ العَرَبِيْ والخَطِّ) هذه الثلاثة الأركان الذي ذكرها ابن الجزري رحمه الله في إثبات كونها قرآنًا، إذًا نقول: الخلاصة الجمهور على أن التقسيم ثلاثي:

1 -

متواترة، وهي قراءة السبعة.

2 -

وآحاد وهي قراءة الثلاثة.

3 -

والشاذة وهي ما عدا ذلك.

لا يجوز القراءة بغير المتواترة لأن من شرط إثباته كونه قرآنًا التواتر فما لم يتواتر ليس بقرآن، ثم الآحاد والشاذة هل يُعمل بها ويحتج بها أو لا؟ هي لا يقرأ بها قطعًا عندهم فإن قرأ بها في الصلاة فصلاته باطلة، لكن يبقى سؤال آخر هل يجوز أن يحتج بها في ما تضمنت من أحكام أو لا (فاقطعوا أيمانهما). {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] (فاقطعوا أيمانهما). أخذ جمهور الفقهاء بأن القطع يكون لليمين تبعًا لهذه القراءة فهل يحتج بها أو لا؟

هذا فيه قولان، على التفصيل السابق ما جرى مجرى التفسير وما لم يجر مجرى التفسير والأصح أنه إذا تضمنت حكمًا شرعيًا - إذا لم نرجح مذهب ابن الجزري - إذا تضمنت حكمًا شرعيًا فحينئذٍ لا إشكال في العمل بها، هذا هو الأصح.

ابن الجزري رحمه الله تعالى يرى أن اشتراط التواتر في كون الشيء قرآنًا أو لا ليس عليه دليلٌ صحيح لا يُعرف عن السلف ولا عن الخلف، بل ما صح إسناده ولو لم يكن متواترًا مع موافقة القواعد العربية ولو بوجهٍ ما والرسم العثماني ولو احتمالاً فهي قرآن يُقرأ به ويستنبط منه الأحكام، هذا محل النزاع في خلاصة ما ذكرناه البارحة.

ثم قال رحمه الله تعالى:

أرجو أن تكون المسألة واضحة.

الرابع قراءات النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 5

يعني النوع الرابع من العقد الثاني قراءات هذا جمع قراءة وذكرنا أنه مصدرٌ سماعي لقرأ والمراد بها قراءات، هي اختلاف ألفاظ الوحي في الحروف وكيفيتها من تخفيفٍ وتشديدٍ وغيرهما، هذا هو المراد بالقراءات وهل المراد به الاختلاف فقط في الجوهر اللفظي أم فيما يتعلق باللفظ هذا ذكرناه في المتواتر هل الذي تواتر هو الجوهر اللفظي فقط، وما عدا ذلك هيئة اللفظ أو الأداء أو كيفية الأداء هذا فيه الخلاف الجمهور على أنه متواتر كاللفظي وهذا اختيار ابن الجزري رحمه الله وأكثر المتقدمين، وبعضهم يرى أنه لا يشترط أو لا يشترط تواتر كيفية أداءه اللفظ من الإمالة والتخفيف والتشديد ونحو ذلك وهذا اختيار ابن الحاجب رحمه الله تعالى وذكر ابن الجزري: أنه لا يعلم له سابق. وتوسط البلقيني بأن أصل المد والهمز والتخفيف والتشديد هذا متواتر وما زاد عليه فهو غير متواتر ينبني عليه مسألة التجويد التي ذكرناها بالأمس هل يجب أو لا

يجب؟

قال: (الرابع القراءات، قراءة النبي صلى الله عليه وسلم).

تلك قراءات السبعة والثلاثة والأربعة عشر وهذه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم هل معنى ذلك أن تلك غير قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فلم أفرد النوع هذا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، والسبع قراء والثلاثة والخلاف السابق هل نقلوا قراءات النبي صلى الله عليه وسلم أم غيره؟ قراءة

النبي صلى الله عليه وسلم.

إذًا لماذا يذكر هذا النوع؟

أسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم نصًا نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ كذا أم تلك لم فيقال: قرأ على ابن مسعود فقط أخذ القرآن عن ابن عباس أخذ عن أُبَيّ، وأًبَيّ أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم عامة، مجملة، وأما هذا أراد أن يبين بعض ما نقل بسندٍ صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأنه قرأ كذا أو أقرء كذا أقرأ.

مثل مجموعة أمثلة يذكرها الناظم نمر عليها سريعًا.

الرابع: قِراءَاتُ النِّبيِّ صلى الله عليه وسلم

وعَقَدَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ

بَابَاً لها حَيْثُ قَرَا بِمَلِكِ

كذَا الصِّراطُ رُهُنٌ ونُنْشِزُ

كذاكَ لا تَجْزِي بِتا يَا مُحْرِزُ

أَيْضاً بِفَتْحِ يَاءِ أَنْ يَغُلَاّ

والعَيْنُ بِالعَيْنِ بِرَفْعِ الأُوْلَى

دَرَسْتَ تَسْتَطيعُ مِنْ أَنْفَسِكُمْ

بِفَتْحِ فَا مَعنَاهُ مِنْ أَعْظَمِكُمْ

أَمَامَهُمْ قَبْلَ مَلِكْ صَالِحَةِ

بَعْدَ سَفينةٍ وهَذِيْ شَذَّتِ

سَكْرَى ومَا هُمُ بِسَكْرَى أَيْضا

قُرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَمْعٍ تُمْضَى

واتَّبَعَتْهُمْ بَعْدَ ذُرِّيَّتِهِمْ

رَفارِفَاً عَبَاقِرِيَّ جَمْعُهُمْ

(وعَقَدَ الحَاكِمُ) عقد الحبلَ والبيع فانعقد، يقال: عقد الحبلَ والبيع فانعقد يعني: بَوَّبَ عقد هنا استعاره كناية عن التبويب (وعَقَدَ الحَاكِمُ) أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري رحمه الله تعالى وتوفى سنة خمسٍ وأربع مائة وكذلك الترمذي أيضًا في الجامع عقد بابًا في المستدرك هذا الحاكم وعقد الحاكم النيسابوري في كتابه المسمى بالمستدرك على الصحيحين كتاب نبيل عظيم استدرك فيه الحاكم على الصحيحين هذا بناءً على ماذا؟

ص: 6

على أن البخاري ومسلم قد اشترطا ماذا جمع كل الصحيح فهم البعض أن البخاري ومسلم عليهما رحمة الله اشترطوا ما اشترطاه جمع كل الصحيح فحينئذٍ وجد بعض الأحاديث الصحيحة ولم تذكر في الجامع الصحيح للبخاري ولا عند مسلم فجمع بعضهم الإلزامات الدارقطني وكذلك الحاكم في المستدرك.

مِنَ الصَّحِيحِ فَوَّتَا كَثِيرا

وَقَالَ نَجْلُ أَخْرَمٍ يَسِيرَا

مُرَادُهُ أَعَلَى الصَّحِيحِ .........

.........................

يعني: البخاري ومسلم جمعا أعلى الصحيح هذا هو الأصح، أصح الصحيح يعني عندنا صحيح وأصح، أصح الصحيح هو الذي اعتنى به البخاري ومسلم عليهما رحمة الله ولا يُستدرك عليهما ما هو صحيحٌ عند غيرهما لأنه لم يخرجه البخاري ويلزمه تخريجه، لا، نقول: لا يلزمه لأنه لم يشترط ذلك، ولذلك قال السيوطي:

مِنَ الصَّحِيحِ فَوَّتَا كَثِيرا

وَقَالَ نَجْلُ أَخْرَمٍ يَسِيرَا

مُرَادُهُ أَعَلَى الصَّحِيحِ .........

.........................

يسيرًا: يعني بعضهم قال: فواتا كثيرًا من الأحاديث الصحيحة، وقال بعضهم: لا فوتا يسيرًا قال: مراده أعلى الصحيح إذًا أكثر الصحيح الذي هو أصح الصحيح موجودٌ في البخاري ومسلم وفوتا يسيرًا من أصح الصحيح لا من الصحيح ولذلك قال:

مِنَ الصَّحِيحِ فَوَّتَا كَثِيرا

وَقَالَ نَجْلُ أَخْرَمٍ يَسِيرَا

مُرَادُهُ أَعَلَى الصَّحِيحِ فاحْمِلْ

أَخْذًا مِنَ الحَاكِمِ أَيْ فِي المَدْخَلِ

ص: 7

(وعَقَدَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ) أي على الصحيحين (بَابَاً لها) أي للقراءات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم (حَيْثُ قَرَا) عليه الصلاة والسلام (بِمَلِكِ) قرأ بملك {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة: 4]. قراءتان سبعيتان قرأ صلى الله عليه وسلم بِمَلِك فيما رواه الحاكم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قرأ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ). بلا ألفٍ وهي قراءة أبي عمرٍو وابن عامر وحمزة وابن كثير ونافع، وقرأ عاصم والكسائي بألف

{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وكلاهما قراءتان صحيحتان ثابتتان، (كذَا الصِّراطُ) يعني: وقرأ صلى الله عليه وسلم الصراط. (كذَا) أي: مثل الذي ذكر. (كذَا) هذا خبرٌ مقدم والصراط مبتدأ مؤخر، و (كذَا الصِّراطُ) بالصاد وهي التي ثابتة في رسم المصحف وذكرنا أن هذا مثل ملك، مالك هذه من حيث الرسم ولو احتمالاً لأنها أثبتت بدون ألف فلو أثبتت الألف مالك حينئذٍ يحتمل ماذا؟ رد ملك لأن مالك هذه ليست بألف لكن لما كتبت

ملك مع احتمال أن الألف قد تحذف اختصارًا فحينئذٍ يحتمل أن {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} أنها {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ولكن لو كان العكس لما قبلت القراءة

(كذَا الصِّراطُ) يعني: وكذا قرأ صلى الله عليه وسلم الصراط في سورة الفاتحة في ما رواه من طريق يعني الحاكم - وكل ما ذكر هنا عن الحاكم - فيما رواه من طريق إبراهيم بن طهمان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قرأ انظر أُسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة: 6] بالصاد. وهي قراءة الجمهور ما عدا قنبلاً فإنه قرأ بالسين وخلف إنه قرأ بالإشمام أي إشمام الصاد بالزاي، حرفٌ بين الصاد والسين

(كذَا الصِّراطُ، رُهُنٌ) بضم الراء والهاء يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم في سورة البقرة:

(رُهُنٌ)[البقرة: 283]. بضم الراء والهاء بلا ألف {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} ، {فَرِهَانٌ} (فَرُهُنٌ مَّقْبُوضَةٌ) بضم الراء والهاء في ما رواه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {رُهُنٌ مَّقْبُوضَةٌ} بلا ألفٍ. وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وقرأ الباقون رهانٌ بكسر الراء وفتح الهاء وإثبات ألفٍ بعدها، (ونُنْشِزُ) يعني: وقرأ أيضًا صلى الله عليه وسلم في سورة البقرة (ونُنْشِزُ). بضم النون الأولى مع سكون الثانية وكسر الشين وهذا فيما رواه أيضًا من الطريق السابق عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ

(نُنْشِزُ) أي آية {وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} [البقرة: 259]. (كذاكَ لا تَجْزِي) أي كذاك مثل الذي سبق قرأ صلى الله عليه وسلم: (لا تَجْزِي)[البقرة: 48].

ص: 8

بفتح التاء في سورة البقرة بتاء التأنيث {لَاّ تَجْزِي} بتاء التأنيث أي تاء التأنيث، تجزي هي تجزي هذه التاء تاء التأنيث ويحتمل أنها تاء المخاطب لكن المراد هنا تاء التأنيث {كَيْفَ نُنشِزُهَا} نحن، هي قراءة حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر الشامي وقرأ الباقون (ننشرها) بالراء، وهنا قراءة أخرى شاذة (ننشيها) قراءة أُبي بن كعب، (كذاكَ لا تَجْزِي) فيما رواه من طريق داود بن مسلم بن عباد المكي عن أبيه عن عبد الله بن كثير القاري عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن أُبي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: أقرأه {وَاتَّقُواْ يَوْماً لَاّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً} [البقرة: 48]. بالتاء {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} بالياء وهي قراءة السبعة، وقرأ أبو السماك (لَاّ تُجْزِي) بضم التاء من أجزأ، (يَا مُحْرِزُ) من أحرزت المتاع إذا جعلته في الحرز (يَا مُحْرِزُ) من أحرزت المتاع، وأحزت المتاع إذا جعلته في حفظه، لأن الحرز هو الذي يكون حفظًا للمادة، (أَيْضاً بِفَتْحِ يَاءِ أَنْ يَغُلَاّ) (أَيْضاً) يعني وأيضًا كلها معطوفة على إسقاط حرف العطف وهو الواو وأيضًا قرأ صلى الله عليه وسلم:(بِفَتْحِ يَاءِ أَنْ يَغُلَاّ) هذا في سورة آل عمران {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ} [آل عمران: 161]. بألف الإطلاق يغلَاّ والمراد بيغل أن يكون في: الغنيمة، وهذا فيما رواه من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قرأ:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ} بفتح الياء وضم الغين مبنيٌ للفاعل وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وقرأ الباقون (أن يُغَل). الأولى {أَن يَغُلَّ} مبني للمعلوم، والثانية أن (أن يُغَل). هذا بضم الياء وفتح الغين مبينًا للمفعول.

(والعَيْنُ بِالعَيْنِ بِرَفْعِ الأُوْلَى)(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ)[المائدة: 45]. بالرفع (والعَيْنُ بِالعَيْنِ) يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم أيضًا (الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ). برفع العين الأولى في سورة المائدة (بِرَفْعِ الأُوْلَى) يعني برفع لفظ العين الأولى في سورة المائدة وذلك في ما رواه الحاكم من طريق الزهري عن أنسٍ رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45]. بالضم، وهي قراءة الكسائي، وقرأ الباقون بالنصب فحينئذٍ والعينُ كيف نوجه هذه، ما إعراب الْعَيْنُ مبتدأ وبِالْعَيْنِ هذا خبره ويكون عطف الجملة على الجملة، ولو كان مفردًا لا إشكال يكون معطوفًا على محل أن واسمها لأنها في موضع مبتدأ عند سيبويه. (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ) [الأحزاب: 56]. بالرفع عطف على إن ومدخولها.

ص: 9

(دَرَسْتَ) في سورة الأنعام يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم: {دَرَسْتَ} [الأنعام: 105]. بسكون السين وفتح التاء وهذا فيما رواه من طريق حميد بن قيس الأعرج عن مجاهد عن ابن عباس عن أُبَيّ بن كعب رضي الله تعالى عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه {وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} . وهي قراءة نافع وحمزة والكسائي وعاصم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (دَارَسْتَ). بألفٍ بعد الدال وسكون السين وفتح التاء، وابن عامر بلا ألف وفتح السين وسكون التاء (دَرَسَتْ). أليس كذلك، (تَسْتَطيعُ) يعني وقرأ عليه الصلاة والسلام تستطيع بالتاء في سورة المائدة {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} [المائدة: 112]. (تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ). {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} قراءتنا بالياء ورفع ربك هناك (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ)، هذا في ما رواه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ) بالتاء وبنصب ربك على المفعولية فحينئذٍ لماذا يكون التقديم؟

نعم أحسنت (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ) هل تستطيع أن تدعو وتسأل ربك ولذلك ربك ما صار مفعولاً لقوله تستطيع أليس كذلك لأنه دخله عامل محذوف هل تستطيع أن تدعو وتسأل ربك، وهي قراءة الكسائي وقرأ الباقون بالياء والرفع {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} [المائدة: 112].

(مِنْ أَنْفَسِكُمْ)(دَرَسْتَ، تَسْتَطيعُ، مِنْ أَنْفَسِكُمْ) يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم (مِنْ أَنْفَسِكُمْ) أفعل التفضيل من النَّفاسة أَنْفَس أَنْفُس أَنْفَس هذا أفعل التفضيل من النفاسة هذا في آخر سورة براءة، لذلك قال:(بِفَتْحِ فَا) أنفَسكم (مَعنَاهُ) أنفَسكم (مِنْ أَعْظَمِكُمْ) قدرًا من أنفَسكم من النفاسة أفعل التفضيل معناه (مِنْ أَعْظَمِكُمْ) قدرًا وهذا فيما رواه الحاكم من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفَسِكُمْ)[التوبة: 128]. وهي قراءة ابن عباس وابن محيصن والزهري هذه نطبقها قراءة ابن عباس وابن محيصن والزهري، الزهري من التابعين فهي شاذة إذا نسبناها إليه وابن عباس صحابي هنا وابن محيصن هذا من الأربعة عشر، وقرأ السبعة {مِّنْ أَنفُسِكُمْ} جمع نفسٍ

أَمَامَهُمْ قَبْلَ مَلِكْ صَالِحَةِ

بَعْدَ سَفينةٍ وهَذِيْ شَذَّتِ

ص: 10

لأنها خالفت ماذا هي صحيحة الإسناد لكنها خالفت الرسم العثماني (أَمَامَهُمْ) يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم (أَمَامَهُمْ) في سورة الكهف حال كونها قبل لفظ ملك بسكون الكاف للوزن (صَالِحَةِ) بعد لفظ سفينةٍ: (وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً)[الكهف: 79]. هكذا قرأ، {وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: 79]. كل سفينة صالحة يعني أتى بدل وراء أمام وزاد كلمة صالحةٍ بعد سفينة ولذلك قال: (أَمَامَهُمْ قَبْلَ مَلِكْ صَالِحَةِ بَعْدَ سَفينةٍ)، (أَمَامَهُمْ قَبْلَ) كلمة (مَلِكْ)(وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَّلِكٌ) زدت كلمة أمام قبل كلمة ملك (صَالِحَةِ بَعْدَ) لفظ (سَفينةٍ)(يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً)(وهَذِيْ شَذَّتِ)، (وهَذِيْ) ذي

بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ بِذِي

وَذِه تِي تَا عَلَى الأُنْثَى اقْتَصِر

يقال: ذه يقال: ذي، هذه ذه وذي إذًا لغتان هنا قال (وهَذِيْ) أي القراءة (شَذَّتِ) شاذة لماذا شاذة؟ لأنها وإن صحت سندًا لأنه قال هنا فيما رواه الحاكم من طريق أبي إسحاق السبيعي - وهذا فيه كلام عند أهل الحديث - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ

(وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً) وهي قراءة ابن

عباس وسعيد بن جبير وهي شاذة كما نص على ذلك الناظم وقرأ السبعة

{وَرَاءهُم} وبدون لفظ صالحةٍ.

ص: 11

(سَكْرَى) تَغَرَّى (ومَا هُمُ بِسَكْرَى أَيْضا) هذا في سورة الحج في أولها: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى} [الحج: 2]، (وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُم بِسَكْرَى) [الحج: 2]. يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم سكرى على وزن غضبى (وَمَا هُمُ بِسَكْرَى) أيضًا في سورة الحج بفتح فسكون كعطشى في الموضعين في ما رواه من طريق الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين أن رسول صلى الله عليه وسلم قرأ: (وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُم بِسَكْرَى) وهي قراءة حمزة والكسائي يعني سبعية، وقرأ الباقون {سُكَارَى} بضم السين وفتح الكاف وألفٍ بعدها {سُكَارَى} جمع وسكرى هذا على وزن غضبى (قُرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَمْعٍ تُمْضَى) يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم:(قُرَّات أَعْيُنٍ)

[السجدة: 17]. هذا في سورة السجدة بصيغة الجمع (قُرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَمْعٍ تُمْضَى) يعني جمع في ما مضى اللفظين {قُرَّات} و {أَعْيُنٍ} وهذا فيما رواه من طريق عمار بن محمد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (فَلَا تَعْلَمُ النَفْسٌ) - وأظن أن هذا خطأ في الإتقان ونحوه - (مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّاتِ أَعْيُنٍ) وهي قراءة عبد الله وأبي الدرداء وأبي هريرة وعون والعقيلي، وقرأ السبعة:{قُرَّةِ أَعْيُنٍ} يعني بالأفراد،

(واتَّبَعَتْهُمْ بَعْدُ ذُرِّيَتِهِمْ) واتبعتهم يعني وقرأ صلى الله عليه وسلم (واتَّبَعَتْهُمْ) في سورة الطور بتاء التأنيث يعني ليس أتبعناهم كما سيأتي: {وَاتَّبَعَتْهُمْ} [الطور: 21]. إذًا التاء هذه تسمى تاء التأنيث في سورة الطور بتاء التأنيث حال كونها (بَعْدُ ذُرِّيَتِهِمْ) هكذا بالضم والأحسن أن يكون بالنصب يعني: بعدها لفظ ذريتهم بالرفع وهي قراءة السبعة ما عدا أبا عمرٍو فإنه قرأ: (وَأتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِم)، {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم} هذه قراءة السبع ما عدا أبا عمرٍو فإنه قرأ:(وَأتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِم) بالجمع والنصب بقطع الهمزة مفتوحة أتبعناهم وإسكان التاء والعين وماذا؟ ونون مفتوحة (وأتبعنا) بعدها ألف (وَأتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِم) بالنصب على أنه مفعولٌ به منصوبٌ بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم

واتَّبَعَتْهُمْ بَعْدُ ذُرِّيَتِهِمْ

رَفارِفًا عَبَاقِرِيَّ جَمْعُهُمْ

يعني: وقرأ صلى الله عليه وسلم (رَفارِفًا) ومثله (عَبَاقِرِيَّ) في سورة الرحمن بصيغة الجمع فيهما وزان مساجد كما قال الناظم: (جَمْعُهُمْ) يعني ثابتٌ لهم وقرأ:

(رَفارِفًا عَبَاقِرِيَّ) نقول: رفارفًا العباقري هذا ماذا جمع أو لا؟

ص: 12

جمعٌ ولا إشكال في ذلك، هنا قال: فيما رواه من طريق الجحدري عن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفَارَفَ خُضْرٍ وَعَبَاقَرِيَّ حِسَانٍ)

[الرحمن: 76]. (رَفَارَفَ) ممنوعٌ من الصرف (وَعَبَاقَرِيَّ حِسَانٍ) وهي قراءة عثمان بت عفان ومالك بن دينار وابن محيصن وغيرهم، وقرأ السبعة بالإفراد فيهما {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ} بالإفراد فيهما، نعم إذًا (رَفارِفًا عَبَاقِرِيَّ) هذا في سورة الرحمن بصيغة الجمع فيهما (جَمْعُهُمْ) ثابتٌ لهما جمعهم بالإسكان جمعهم هذا مبتدأ على جهة الاستئناف جمعهم ثابتٌ لهما (جَمْعُهُمْ) مبتدأ خبره محذوفٌ وهو ثابتٌ لهما إذًا ذكر في هذه الأبيات بعض ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النظر عن صحة إسناده أو غيره والمراد أنه نُسب وأسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كثير في المستدرك وفي غيره.

ثم قال: الخامس والسادس أي من العقد الثاني: الخامس والسادس، من العقد الثاني وهو ما يرجع إلى الإسناد: الرواةُ والحُفَّاظُ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه.

الرواة والحفاظ الخامس: الرواة، والسادسُ: الحفاظ. إذًا الخامس المراد به الرواة والسادس الحفاظ من الصحابة وسيذكر أن عددهم أحد عشر صحابيًا، والصحابي معلومٌ حده وسبق معنا مرارًا والتابعين هذا جمع ماذا؟ تابعٍ، تابعيين أو تابع، أو تابعون واحدهم تابعي أو تابع، إما هذا أو ذاك، وهو حقيقته حده من صحب الصحابي وقيل من لقيه وهذا الثاني أظهر وأصح لأنه لا يشترط الملازمة بين التابعي مع الصحابي كما أنه لا يُشترط ذلك الصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم كذاك الأتباع كالصحابي.

الذين اشتُهروا بحفظ القرآن وإقرائه يعني حفظ القرآن كله هذا المقصود لا بعضه يعني من الذي حفظ القرآن كله عن ظهر قلبٍ أوله من فاتحته إلى سورة الناس ومَن الذي أَقْرَأَه غيره بمعنى أنه عَلَّمَهُ تَعَلَّمَ فَعَلَّمَ «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» لكنه ليس خاص بالحفظ كما يظنه البعض يكتب بالتحافيظ الآن

«خيركم من تعلم القرآن وعلمه» كأن المقصود به الحفظ فقط لا ليس هذا المراد، بل هو أعم لأن اللفظ عام «خيركم من تعلم القرآن» وتعلم القرآن يكون بحفظه هذا نوع من أنواعه وقد يكون بالفقه فيه ونحو ذلك.

(وإقرائه): يعني وإقراء القرآن للغير ذكر السيوطي رحمه الله أن المشهورين بإقراء القرآن من الصحابة سبعة:

1 -

عثمان رضي الله تعالى عنه.

2 -

وعلي.

3 -

وأُبَيّ.

4 -

وزيد.

5 -

وابن مسعود.

6 -

وأبو الدرداء.

7 -

وأبو موسى الأشعري.

ذكرهم كلهم هو إلا أبا موسى الأشعري.

إذًا عرفنا أن السيوطي رحمه الله قال: المشهورون بإقراء القرآن بإقرائه لا بحفظه سبعة وهم:

1 -

عثمان.

2 -

وعلي.

3 -

وأُبَيّ بن كعب

4 -

وزيد بن ثابت.

5 -

وابن مسعود.

6 -

وأبو الدرداء.

7 -

وأبو موسى الأشعري.

ص: 13

رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وجاء في الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «خذوا القرآن من أربعة» خذوا القرآن يعني: تعلموا القرآن من أربعةٍ يعني من أصحابي والأربعة هؤلاء هم: من عبد الله بن مسعود، وسالم ومعاذ وأُبَيّ بن كعب، هؤلاء أربعة اثنان مهاجران وهما عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، واثنان أنصاريان وهما معاذ بن جبل وأُبَيّ بن كعب.

«خذوا القرآن من أربعة» اثنان مهاجران عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، واثنان أنصاريان وهما معاذ وأبي بن كعب.

وفيه أيضًا في الصحيح عن أنسٍ رضي الله تعالى عنه قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير الأربع أو غير أربعةٍ.

قوله: «خذوا القرآن من أربعة» . هل يلزم منه نفي أخذ القرآن من غيرهم؟

لا ليس فيه ذلك، وإنما خصهم النبي صلى الله عليه وسلم تلتمس حكمة للتخصيص، وأما هل فيه نفيٌ لعدم أخذ القرآن من غيره؟

الجواب لا إذًا لا إشكال في هذه الرواية.

وفيه أيضًا عن أنسٍ قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير الأربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. سئل عنه قال: أحد عمومتي. هؤلاء أربعة أنس رضي الله تعالى عنه يقول: لم يجمع القرآن غير الأربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. وهذا فيه إشكالٌ كبير.

وفي الصحيح أيضًا عن قتادة قال: سألت أنس رضي الله تعالى عنه من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أربعة كلهم من الأنصار: أُبَيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. حينئذٍ صاروا كم هؤلاء في الروايتين؟ خمسة لأنه ذكر في الأولى قال: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. في الرواية الثانية: ذكر من؟ أُبَيّ بن كعب ولم يذكره في الأولى ومعاذ بن جبل ذكره في الأولى وزيد بن ثابت وأبو زيد مذكوران في الأولى فصاروا كم؟ خمسة.

قال الْبُلقيني: فيكون الحفاظ بمقتضى الروايتين خمسة، فيكون الحفاظ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم الذين جمعوا القرآن كله فقط خمسة وما عداهم لم يجمع القرآن.

والمراد بذلك مِنَ الأنصار وإلا فقد حفظه على عهده عليه الصلاة والسلام من غير الأنصار عثمان وسالم وابن مسعود هذا زيادة على الخمسة عثمان رضي الله تعالى عنه وسالم وابن مسعود.

وزاد السيوطي قال: بل جمعه في عهده غيرهم أيضًا منهم عبد الله بن عمرو بن العاص فقد قال: جمعت القرآن فقرأت به. جمعت القرآن إذا أطلقوا هذا اللفظ مرادهم حفظوه كله، فقرأت به كل ليلة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث.

قال ابن كثيرٍ رحمه الله تعالى: وأبو بكرٍ الصديق يعني زد على ذلك الخمسة يزاد عليهم عثمان، وسالم، وابن مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص. قال ابن كثير: وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه لماذا؟

ما الدليل على أنه جمعه؟

قالوا: قد قدمه النبي صلى الله عليه وسلم إمامًا على المهاجرين والأنصار مع أنه قال: «يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله» . وقدمه إمامًا على المهاجرين والأنصار فدل على ماذا؟

ص: 14

على أنه يحفظ، ولولا أنه كان أقرأهم لكتاب الله لما قدمه عليهم، وزاد السيوطي تعليلاً على هذا يقول: كيف هو أقدمهم إسلامًا ويحفظه مَنْ بَعْدَه ثلاث وعشرين سنة ما يستطيع أن يحفظ القرآن؟

الجواب: لا، يستطيع حينئذٍ صاروا كم الآن؟

عشرة، ورواية أنس: لم يجمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم غير أربعة. وإذا صاروا عشرة أيضًا هذا قليل جدًا بالنسبة لعدد الصحابة ولذلك استنكر بعضهم حصر العدد في رواية أنس رضي الله تعالى عنه حصر العدد في أربعة، وحتى ما زيد عليه زيد عليه بالاجتهاد يعني قول عبد الله بن عمرو أنه حفظ: جمعت القرآن هذا يمكن أن يؤول، وكذلك أبو بكر الصديق كونه قُدِّمَ من أجل قوله صلى الله عليه وسلم:«يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله» . يقول: هذا يمكن تأويله لكن نصًا أنه جُمِعَ أو جَمَعَ القرآن أربعةٌ فقط فهذا استشكله الكثير ولذلك قيل في رواية أنس: لم يجمع القرآن غير أربعة. لا يلزم من ذلك أن لا يكون أحدٌ في ذلك الوقت شاركهم في حفظ القرآن ففي الصحيح في غزوة بئر معونة أن الذين قُتلوا بها من الصحابة كان يقال لهم: القراء وكانوا سبعين رجلاً، وإذا قيل قراء على عهد الصحابة والتابعين حينئذٍ صار أنه يحفظ القرآن كله عن ظهر قلب فكيف يقول أنس: غير أربعةٍ.

وجاء أن غزوة بئر معونة قتل فيها سبعون من القراء وقد استنكر جماعةٌ من الأئمة الحصر في الأربعة.

قال المازري رحمه الله تعالى: المازَري والمازِري بفتح الزاي وكسرها قال: لا يلزم من قول أنس: لم يجمعه غيرهم. أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك لا يلزم من ذلك أن يكون في نفس الأمر أنه لم يجمعه إلا الأربعة لماذا؟

لأن التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه، إنما أخبر عن علمه ومن علم حينئذٍ يقول: قد أخبر بماذا؟ بما يعلم أو من أخبر فإنما أخبر بما يعلم ولا يلزم أن ما لا يعلمه يكون منفيًا بعلمه، أليس كذلك لا يلزم أن ما لا يعلمه أن يكون منفيًا بعلمه بل يكون أربعة جمعوه ويعلم ذلك ولا يعلم أن عداهم قد جمعوا القرآن.

قال: لأن التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه وإلا فكيف الإحاطة بذلك مع كثرة الصحابة وتفرقهم في البلاد.

قال القرطبي رحمه الله: وإنما خص أنسٌ الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم دون غيرهم.

يعني: أراد أن يخص لفظ الأربعة بوصفٍ خاص يميزهم عن غيرهم، والمراد أنه لا يحصر حفظت كتاب الله من الصحابة في الأربعة وإنما خص أنس الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم دون غيرهم، أو لكونه في ذهنه دون غيرهم، وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: الجواب عن حديث أنس من أوجه:

أولاً: أنه لا مفهوم له لأنه عدد، لا مفهوم له فلا يلزم ألا يكون غيرهم جمعه.

الوجه الثاني: المراد لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بها إلا أولئك يعني لم يجمعه بقراءاته ووجهه إلا أولئك الأربعة وهذا محتمل لا إشكال.

الوجه الثالث: أن المراد بجمعه تلقيه من في الرسول صلى الله عليه وسلم لا بواسطة بخلاف غيره فيحتمل أنه بواسطة.

الرابع: المراد بالجمع الكتابة لم يجمعه إلا أربعة. مراد بالكتابة فلا ينفي أن غيرهم جمعه حفظًا أما هؤلاء فجمعوه كتابةً وحفظوه عن ظهر قلب.

ص: 15

الخامس: المراد أن أحدًا لم يفصح بأنه جمعه بمعنى أكمل حفظه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أولئك، وأما غيرهم لم يفصح.

مراد هؤلاء كلهم لا بد من تأويل ظاهر حديث أنس هذه هي الخلاصة إما أن تكون العدد لا مفهوم له، وإما أنه أخبر بعلمه، وإما أن هؤلاء الأربعة اعتنوا به عناية فائقة جدًا على غيرهم بحيث أنهم جمعوه روايات ووجوه إلى آخره، وإما أن تقول: أنهم أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، أما أن يقال: الصحابة لم يحفظ منهم القرآن إلا أربعة هذا بعيد جدًا. بل نقول أكثرهم يحفظون القرآن بل هذا هو الأصل فيهم.

عَليُّ عُثْمانُ أُبِيٌّ زَيْدُ

ولابنِ مَسعُودٍ بِهذا سَعْدُ

كذا أَبُو زَيْدٍ، أَبو الدَّرْدا كَذَا

مُعاذٌ بنُ جَبَلٍ وأَخَذَا

عَنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةٍ مَعَ ابْنِ

عَبَّاسٍ ابنُ سَائِبٍ والمَعْنِي

بِذَيْنِ عَبْدُ اللهِ ثُمَّ مَنْ شُهِرْ

مِنْ تَابِعِيٍّ فالَّذِي مِنْهُمْ ذُكِرْ

يَزِيْدُ أَيْ مَنْ أَبُهُ القَعْقَاعُ

والأَعْرَجُ بنُ هُرْمُزٍ قَدْ شَاعُوا

مُجَاهِدٌ عَطَا سَعِيْدٌ عِكْرِمَةْ

الأَسْوَدُ والحَسَنُ زِرٌّ عَلْقَمَةْ

كذاكَ مَسْرُوقٌ كذا عَبِيْدَةْ

رُجُوعُ سَبْعةٍ لَهُمْ لا بُدَّهْ

ص: 16

(عَليُّ) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، هو عد أحد عشرة فقط وهم علي، هذا خبر مبتدأٍ محذوف ثم يعطف عليهم الباقين بحرف عطف محذوف ولا نحتاج أن نكرر كل وقت (عَليُّ) أي وهم عليٌ بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته وأمير المؤمنين والخليفة الرابع وهو واحدٌ من العشرة المبشرين بالجنة توفي وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة. و (عُثْمانُ) بن عفان بن أبي العاص، يكنى أبا عمرٍو ولد بعد الفيل بست سنين عثمان بن عفان خليفة الثالث وأحد المهاجرين وأحد المبشرين من العشرة. (أُبِيٌّ) يعني وأُبَيّ بن كعب الخزرجي توفي بالمدينة ودفن بها سنة ثلاثين في خلافة عثمان وقيل في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه. (زَيْدُ) بن ثابت يعني وزيد بن ثابتٍ الأنصاري كاتب الوحي والمصحف تُوفي بالمدينة سنة أربع وخمسين. (ولابنِ مَسعُودٍ بِهذا سَعْدُ) يعني ولعبد الله بن مسعودٍ الْهُذَلي هذا اختلف في وفاته فقيل تُوفي بالكوفة سنة اثنين وثلاثين، وقيل: ثلاث وثلاثين، وقيل: بالمدينة دفن بالبقيع (بِهذا سَعْدُ) سعد بن أبي وقاص من السعود (بِهذا سَعْدُ) يصير ولابن هذا جار مجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم وسعدٌ بهذا الذي هو الحفظ والإقراء وفهم معنى القرآن (ولابنِ مَسعُودٍ) سعدٌ ونجاحٌ وفلاح لأن حفظ القرآن هذا طريق النجاح ولذلك ألحظ على طلاب العلم الذي يحفظ القرآن هذا يسير ما شاء الله كالريح والذي لا يحفظ القرآن هذا ما أدري يكبو ساعة ويقوم ساعة لأنه إذا حُفِظَ القرآن فيه كل علم ويكون معونة لكل علم ولذلك الذي لا يحفظ في الغالب أنه لا يستطيع أن يحفظ متن ما (كذا أَبُو زَيْدٍ) كذا أي مثل الذي نسبه في كونهم من حفظة القرآن والإقراء أبو زيدٍ منهم أبو زيدٍ الأنصاري ولما سئل أنس من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. والأشهر أنه قيل: لا يعرف اسمه. وقيل: اسمه قيس بن السكن وهذا هو المشهور كما نص على ذلك ابن حجر والسيوطي (كذا أَبُو زَيْدٍ، أَبو الدَّرْدا) أبو الدرداء الخزرجي الأنصاري واسمه عويمر وقيل: عامر. تُوفي بدمشق في خلافة عثمان سنة إحدى وقيل: اثنتين وثلاثين. (كَذَا مُعاذٌ بنُ جَبَلٍ) أبو عبد الرحمن معاذ بن جبلٍ أبو عبد الرحمن (وأَخَذَا) هذا منفصل (وأَخَذَا عَنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةٍ) هؤلاء عدهم كم الآن ثمانية عليٌّ، عثمان أُبي، زيد، ابن مسعود، أبو زيد، أبو الدرداء، معاذ بن جبل. هؤلاء ثمانية (وأَخَذَا عَنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةٍ)(وأَخَذَا) بألف الإطلاق أخذا (أَبُو هُرَيْرَةٍ) هذا فاعل أخذا (عَنْهُمْ) عن هؤلاء الثمانية عبد الرحمن بن صخرة الدوسي تُوفي سنة سبع وخمسين أسلم عام خبير مع (مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، ابنُ سَائِبٍ)

ص: 17

(عَنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةٍ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ) كيف يكون التقدير هنا وأخذ عنهم أبو هريرة (مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، ابنُ سَائِبٍ) يعني: أخذ ابن عباس مع أبو هريرة عن الثمانية السابقين عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم تُوفي بالطائف سنة ثمانية وستين وقيل: تسع وستين. وقيل: سنة سبعين. (ابنُ سَائِبٍ) يعني: وابن سائب المخزومي قارئ أهل مكة توفي بها في إمارة الزبير (والمَعْنِي بِذَيْنِ عَبْدُ اللهِ).

(مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، ابنُ سَائِبٍ، والمَعْنِي بِذَيْنِ عَبْدُ اللهِ) يعني: لك أن تفصل. وهذا هو الظاهر (مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ) يعني: مع المذكورين التسعة السابقين (ابْنِ عَبَّاسٍ، ابنُ سَائِبٍ) وابن السائب (والْمَعْنِي بِذَيْنِ عَبْدُ اللهِ) عبد الله بن السائب وعبد الله بن عامر لكن يَرِدُ السؤال ابن عباس هذا كني ولقب صار فإذا أطلق صرف إلى عبد الله فلا يحتاج إلى تنصيص كذلك ابن السائب لابن السائب إذا أطلق صارت إلى عبد الله ولا ينصرف إلى غيره من إخوته (والمَعْنِي بِذَيْنِ) المعني اسم مفعول من عنى ويعني والمقصود (بِذَيْنِ) ابن عباس وابن السائب عبد الله (ثُمَّ) إذًا انتهى من جرد وذكر الصحابة وهم أحد عشر لكنهم أكثر بكثير لكن هؤلاء ظهر عنايتهم بالحفظ والإقراء، ولا يلزم من إثبات الإقراء وشهرتهم بالحفظ نفي والحفظ والإقراء عن من عداهم.

(ثُمَّ) بعد ذكر الصحابة وهم أعلى درجة يذكر من أخذ عن الصحابة وهم أدنى لأنهم طلاب للصحابة.

(ثُمَّ مَنْ شُهِرْ) من الحفاظ والقراء (مِنْ تَابِعِيٍّ) وعرفنا حد التابعين

(فالَّذِي مِنْهُمْ ذُكِرْ) من تابعيٍّ لك أن تجعل التنوين هنا للتكثير (مِنْ تَابِعِيٍّ) كثر والتنوين قد يأتي للتكثير، (فالَّذِي مِنْهُمْ ذُكِرْ) واستطر في كتب أهل العلم مع كثرتهم (يَزِيْدُ) أبو جعفر يزيد وهذا ذكرنا من الثلاثة (أَيْ) لما اشتبه يزيد بغيره قال:(أَيْ). حرف تفسير (مَنْ أَبُهُ القَعْقَاعُ) يزيد بن القعقاع أبو جعفر هذا شيخ نافع، غريب نافع من القراء السبعة متواتر ولا يختلفون في قراءته شيخه من مشايخه أبو جعفر وجعلوه من الآحاد (يَزِيْدُ أَيْ مَنْ أَبُهُ) يعني: من أبوه. هذا على لغة القصر.

وفي أبٍّ وتالييه يندروا

وقصرها من نصهن أشهروا

بأبه اقتدى علي في الكرم

وما يشابه أبه فما ظلم

أبوه أبه يعني: بالإضافة وعدم إرجاع الواو أبه أبوه بأبه اقتدى ولم يقل: بأبيه. مع وجود الشروط بأبه ولم يقل بأبيه على المشهور ومن يشابه أبه ولم يقل: ومن يشابه أباه. نقول: هذه لغة قصر وهي: أقل، وقصرها من نصهن أشهروا هي أشهر من من النقص، لا هذه النقص أبه النقص وأبوه الإتمام، وإلزام الألف كفتى هذه القصر.

وفي أبٍّ وتالييه يندروا

وقصرها من نصهن أشهروا

(يَزِيْدُ) إذًا أبو جعفر (أَيْ) فسره (مَنْ أَبُهُ القَعْقَاعُ) يعني: يزيد بن القعقاع هذا تُوفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة، مائة واثنين وثلاثين وقيل: ثماني وعشرين ومائة.

ص: 18

(والأَعْرَجُ بنُ هُرْمُزٍ قَدْ شَاعُوا) والأعرج هذا لقب عبد الرحمن بن هرمز الأعرج قدم اللقب هنا على الاسم وعبد الرحمن الأعرج لك أن تقدم (بنُ هُرْمُزٍ) أي: عبد الرحمن بن هرمز (قَدْ شَاعُوا) واشتهروا أنهم من أهل الحفظ والإتقان هذا تكملة.

(مُجَاهِدٌ) أبو الحجاج مجاهد بن جبر تُوفي سنة إحدى ومائة مجاهد بن جبر أبو الحجاج.

(عَطَا) اسمه عطاء بالهمز قصره للوزن، عطاء ويشمل اثنين عطاء بن يسار أخو سليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح ذاك مدني وهذا مكي عطاء بن يسار هذا تُوفي سنة أربع وتسعين، وعطاء بن أبي رباح هذا تُوفي بمكة سنة مائة وخمسة عشرة وقيل أربعة عشرة ومائة إذًا نستعمل المفرد في اثنين وهذا فيه خلاف.

(سَعِيْدٌ) وسعيد سعيد بن جبير.

(عِكْرِمَةْ) وعكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس.

و (الأَسْوَدُ) بن يزيد النخعي.

(والحَسَنُ) بن أبي الحسن البصري تُوفي سنة مائة وعشرة.

و (زِرٌّ) زر بن حبيش بالتصغير الأسدي تُوفي سنة اثنين وثمانين.

(عَلْقَمَةْ) يعني: علقمة بن قيس النخعي الكوفي توفي سنة اثنين وستين هجرة.

(كذاكَ مَسْرُوقٌ) مسروق كذاك مسروق هذا سُمْيِ مسروقًا لماذا؟ لكونه سُرق في الصغر، مسروق أبو عائشة ابن الأجدع الهمداني توفي سنة ثلاث وستين.

(كذاكَ مَسْرُوقٌ) يعني: من الحفاظ والقراء مسروق.

(كذا عَبِيْدَةْ) هو أشبه ما يكون بالنقل ليس بعلم لكنه وصف كالأصل سُرق ثم سمي مسروق (كذا عَبِيْدَةْ) يعني: كذا منهم عَبيدة بن قيس السلماني تًوفي سنة اثنين وسبعون أبو مسلم.

(رُجُوعُ سَبْعةٍ لَهُمْ لا بُدَّهْ)، (لا بُدَّهْ) هذا الأصل لا بد له، حذفت اللام هنا للضرورة (لا بُدَّهْ) يعني: لا فرار ولا مناص ولا مخلص عنهم. يعني: رجوع السبعة بعد أن ذكر لك التابعين والصحابة وأخذ عن الصحابة خلق كثير من التابعين وهم الأصل الصحابة ثم التابعون أليس كذلك، ذكر بعضهم ممن أخذ من التابعين لأنه ليس محصورًا فيما ذكره الناظم إنما تبع ((النقاية)) هنا هي مختصرة ذكر السيوطي تبعًا للذهبي قال: فممن كان بالمدينة من التابعين الذين أخذوا عن الصحابة ابن المسيَّب وهذا لم يذكره الناظم ابن المسيَّب وابن المسيِّب يعني: يجوز فيه الوجهان.

كل مسيَّب فبالفتح سوى

أبي سعيد فالوجهين حوى

قاله السيوطي في المصطلح، أما سيَّب الله من سيَّبني هذا ضعيف لا يثبت عنه فيقال: مسيَّب ومسيِّب.

وعروة بن الزبير، وسالم، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وابن شهاب الزهري وغيرهم كثير هذا ممن كان بالمدينة ممن أخذ عن الصحابة.

وبمكة: عبيد بن عمير، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وعكرمة، وابن أبي مليكة.

وبالكوفة: علقمة، والأسود، ومسروق، وعَبيدة، والربيع بن الخثيم، وعمرو بن ميمون، وأبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وسعيد بن جبير، والنخعي، والشعبي.

وبالبصرة: أبو العالية، وأبو رجاء، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يَعْمُر يَعْمَر فيه الوجهان، والحسن بن سيرين، وقتادة.

وبالشام: المغيرة بن أبي شهاب المخزومي صاحب عثمان، وخليد بن سعيد (1) صاحب أبي الدرداء.

(1) سعد.

ص: 19

ثم بعد هؤلاء الذين أخذوا عن الصحابة تفرغ أو تجرد قوم من التابعين واعتنوا بضبط القرآن أتم عناية حتى صاروا أئمةً يُقتدى بهم ويرحل إليهم اشتهر من هؤلاء التابعين الذين فرغوا أنفسهم لضبط القرآن اشتهر من هؤلاء في الآفاق الأئمة السبعة الذين هم أجمعوا على أن قراءتهم متواترة: نافع وأخذ عن سبعين من التابعين منهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع.

وابن كثير وأخذ عن عبد الله بن السائب صحابي وهو صحابيٌّ.

وأبو عمرو وأخذ عن التابعين.

وابن عامر وأخذ عن أبي الدرداء وأصحاب عثمان.

وعاصم وأخذ عن التابعين.

وحمزة وأخذ عن عاصم، والأعمش، والسبيعي أبي إسحاق، ومنصور بن المعتمر وغيرهم.

والكسائي وأخذ عن حمزة، وأبي بكر بن عياش.

ثم انتشر القراء في الأمصار وتفرقوا أممًا واشتهر من رواة كل طريق اثنان، اشتهر من رواة كل طريق من السبعة راويان فعن نافع قالون وورش عنه.

وعن ابن كثير: قنبل، والبزي عن أصحابه عنه.

وعن أبي عمرو: الدوري، والسوسي عن اليزيدي عنه.

وعن ابن عامر: هشام، وذكوان عن أصحابه عنه.

وعن عاصم: أبو بكر بن عياش، وحفص عنه.

وعن حمزة: خلف، وخلاد عن سليم عنه.

وعن الكسائي: الدوري، وأبو الحارث.

ثم صُنِّفَتْ المصنفات وفُنِّنَتْ العلوم وصار كل فن من فنون القراءات يؤلف فيه مؤلف وعزيت الوجوه والروايات وميزوا الصحيح والمشهور ووضعوا قواعد وأصول وصاروا عليها حتى ذُكر أن أول من صنف في القراءات أبو عبيدة القاسم، ثم أحمد بن جبير الكوفي، ثم إسماعيل بن إسحاق صاحب قالون، ثم أبو جعفر بن جرير الطبري هذا من أوائل من صنف في القراءات، لذلك قال:(رُجُوعُ سَبْعةٍ). إذًا هؤلاء السبعة الذين ذكروا نافع، وحمزة، وعاصم، وابن عامر، وأبو عمرو، وابن كثير، والكسائي هؤلاء مصدرهم التابعون إن لم يكن بعضهم من التابعين ومصدرهم المرجع الأخير الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك نقول: وقراءة كل سنة متواترة. (رُجُوعُ سَبْعةٍ) الذين أشار إليهم في السابق وهنا قد أعاد المعرفة نكرة قال: السبعة القراء. هذا معرفة أليس كذلك (رُجُوعُ سَبْعةٍ) أعاده نكرة وهو عين الأول هذا على خلاف القاعدة استثناء (لَهُمْ) أي: لهؤلاء المذكورين هنا (لا بُدَّ هْ) يعني: لا بد له ولا مخلص منه ولا فرار منه.

ثم قال: العقد الثالث: ما يرجع إلى الأداء وهذا نأتي عليه غدًا إن شاء الله تعالى وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 20