المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وتبع في ذلك ابن الوزير اليماني الذي قرر أن الحافظ - شرح نخبة الفكر للخضير - جـ ٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: وتبع في ذلك ابن الوزير اليماني الذي قرر أن الحافظ

وتبع في ذلك ابن الوزير اليماني الذي قرر أن الحافظ ألفها في سفره إلى مكة، وبعضهم ينتقد هذا الكلام، على كل حال سواءً ألفها في حال السفر أو في حال الإقامة المقصود أن الكتاب نافع، متن متين مختصر يتيسر حفظه لمبتدئي الطلبة، ويعتمدون عليه في أول الأمر، ثم بعد ذلكم يقرءون ما هو أوسع منه كاختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، وهو كتاب نافع يصلح للمتوسطين من طلاب العلم، ثم بعد ذلكم يختم بألفية العراقي مع شروحها، من حفظ الألفية بعد أن نظر في النخبة وفهمها وحفظها، ثم اختصار علوم الحديث وحفظ الألفية يكون أدرك في هذا الشأن، ولم يبقَ عليه إلا التطبيق.

وقلنا في الدرس السابق: إنه بعد إتقان هذه القواعد النظرية عليه أن يبدأ بالعمل فيخرج الأحاديث، ويجمع الطرق والمتابعات الشواهد، ويدرس رجالها وأسانيدها ويتمرن عليها بالحكم على الأحاديث، وبهذه الطريقة يتأهل ليكون من أهل الحديث، والله المستعان، نعم.

‌تقسيم الأخبار:

"الخبر: إما أن يكون له طرق بلا عدد معين، أو مع حصر بما فوق الاثنين، أو بهما، أو بواحد.

فالأول: المتواتر المفيد للعلم اليقيني بشروطه، والثاني: المشهور، وهو المستفيض على رأي، والثالث: العزيز، وليس شرطاً للصحيح خلافاً لمن زعمه، والرابع: الغريب، وكلها -سوى الأول- آحاد".

نعم سلك الحافظ -رحمه الله تعالى- كما ذكرنا في ترتيب النخبة مسلك اللف والنشر المرتب، وعرفنا معنى اللف والنشر عرفه علماء البيان بأنه: عبارة عن ذكر شيئين على جهة الاجتماع ثم يوفى بما يليق بكل واحد منهما، يعني أولاً في الإجمال والثاني تفصيل، وهو في الحقيقة جمع ثم تفريق، واشتقاقهما من لف الثوب ونشره أي جمعه وفرقه، وعرفنا أنه ينقسم إلى مرتب ومشوش، وعرفنا أنه شبيه بما يسمى في علم الأصول بالسبر والتقسيم.

‌تعريف الخبر:

ص: 14

الخبر في اللغة: ما ينقل ويتحدث به، عند علماء البلاغة: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته، وعند علماء الحديث الخبر: مرادف للحديث، وقيل الحديث: ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، والخبر ما جاء عن غيره، ومن ثم قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شابهها وشاكلها من أخبار الناس: أخباري، ولمن يشتغل بالسنة النبوية: محدث.

قال الحافظ: "قيل بينهما عموم وخصوص مطلق"، إذا قلنا بالقول الأول بينهما تباين، المحدث شيء والأخباري شيء آخر، وإذا قلنا: بينهما عموم وخصوص مطلق كل حديث خبر وليس كل خبر حديثاً، هذا إذا قلنا: بأنه بينهما عموم وخصوص مطلق، كل حديث خبر، فيكون الخاص هو الحديث والخبر هو العام، فالخبر يشمل الحديث وغيره، والحديث خاص بما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وإن كان الحديث في أصله يعم كل ما يتحدث به، سواءً أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام أو إلى غيره.

لكن في الحقيقة العرفية لهذه الكلمة خصت الحديث بما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام.

"إما أن يكون له طرق" الطرق: جمع طريق والمراد بالطريق الإسناد، والإسناد كما عرفه الحافظ: بأنه حكاية طريق المتن، والإسناد والسند قال المناوي: لا يشك أحد أنهما مترادفان، إسناد الحديث وسند الحديث واحد؛ لأنه يطلق الإسناد والمصدر على السند وهو الرجال الرواة، وإن كان الإسناد في الأصل المصدر الإسناد رفع الحديث إلى قائله.

الحافظ عرف الإسناد بأنه: حكاية طريق المتن كما عرف السند بقوله: الطريق الموصلة إلى المتن، الطريق الموصل إلى المتن، ولو قال قائل: إن الإسناد والسند، سند الحديث وإسناده بمعنى واحد وهو عبارة عن الرجال الذين يذكرهم المحدث مبتدئاً بشيخه منتهياً بالنبي عليه الصلاة والسلام لكان أوضح ولا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-.

ص: 15

"بلا عدد معين""على الصحيح، بل تكون العادة قد أحالت تواطئهم على الكذب، وكذا وقوعه منهم اتفاقاً من غير قصد"، هذا الخبر إذا نقله عدد –جمع- من غير حصر، عدد غير محصور، وهذا العدد تحيل العادة توطئهم على الكذب لئلا يتفقوا عليه؛ لأنه لا يمتنع أن يجتمع مائة فيتواطئون على نقل خبر ليس بصحيح، نعم، لا يمتنع أن يجتمع مائة شخص أو أكثر فينقلون خبر أصله مكذوب؛ لأنهم اجتمعوا في مكان واحد وبلغهم أو سمعوا هذا الخبر من معلم أو من خطيب أو ما أشبه ذلك، ثم هؤلاء لا يحصل بهم التواتر؛ لأنه يحتمل أنهم تواطئوا على نقل هذا الخبر المكذوب، أو يجتمع فئام من الناس، أهل بلد يكون في أنفسهم شيء على أميرهم أو على قاضيهم ثم يذهبون لرفع أمره إلى الإمام الأعظم، فلا يمتنع أن هؤلاء وإن كثر عددهم أن يختلقوا شيئاً وتهماً يتهمونه بها ليكون مبرراً لعزله، كما اجتمع بنو أسد على سعد بن أبي وقاص وقالوا لعمر: إنه لا يحسن أن يصلي، لا يمتنع أن يتواطئوا على مثل هذا الخبر تحقيقاً لما يريدون، لكن لو جاء شخص من المشرق وآخر من المغرب وثالث من الجنوب، ورابع من الشمال، وآخر من بلد كذا وكذا، جاء من عشرين بلد عشرين شخص أو ثلاثين شخص أو مائة شخص وأخبروا بأن هذا الخبر كذا نعم هؤلاء لا يمكن أن يتواطئوا على الكذب، ما اتفقوا ولا زوروا في أنفسهم كلاماً يتفقون عليه، مع أنه لا يمتنع أن يتلبس الشيطان لجمع وإن كانوا في بلدان متباينة، ويلبس عليهم ويلقي في روعهم كذلك، يأتي إليه في المنام ويقول: إن كذا كذا، ولذا لا بد أن يكون مستند الخبر إلى شيء محسوس على ما سيأتي شرحه.

"بل تكون العادة قد أحالت تواطئهم على الكذب، وكذا وقوعه منهم اتفاقاً من غير قصد، ومنهم من عين العدد المطلوب للتواتر في الأربعة، وقيل: في الخمسة، وقيل: في السبعة، وقيل: في العشرة، وقيل: في الأربعين، وقيل: في السبعين، وقيل: غير ذلك، ولا دليل على واحد منها.

ص: 16