الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موارد الكتاب
من العسير في كتاب لمصنف في القرن الثامن تعيين جميع موارده، وما سيُذكر هاهنا لا يمثل جميع موارد المؤلف في كتابه.
والسمة الظاهرة في سائر مصنفات ابن قيم الجوزية وفي كتابنا هي كثرة الموارد وتنوعها في أصناف العلوم، وعلوّها وأصالتها في أبوابها.
ثم إنه رحمة الله عليه تارة ينقل مباشرة من المصدر، وأخرى ينقل بواسطة، يظهر هذا عند مقارنة الاقتباسات بمصادرها الأصيلة والوسيطة. وربما يسمّي الكتاب عند النقل، أو يكتفي باسم مؤلفه، أو يقتبس دون عزو، وقد يكتفي حينًا بالعزو في موضع واحد عند تعدده.
وفيما يأتي عرض مجمل لأبرز تلك الموارد بحسب مجيئها في كل فن، وتمامه في فهرست المصنفات والأعلام بملاحق الكتاب:
تقدمت الإشارة إلى اهتمام المؤلف بحشد الآيات القرآنية في مواطن الاستدلال وتأصيل القواعد، وكثيرًا ما يتبع تلك الآيات باقتباسات من تفسير الصحابة فمن بعدهم ومن بيان أهل اللسان؛ تعضيدًا لاستدلاله، ومورده الرئيس في علم التفسير هو كتاب "التفسير البسيط" لأبي الحسن الواحدي، ومع أن المصنف لم يصرّح باسم مؤلفه إلا مرتين فقط إلا أن مقابلة النقول المقتبسة وحكاية الأقوال، بل ومتابعته للواحدي في سياق الشواهد بحروفها تؤكد الأمر دون شك.
ولعل النقل من تفاسير مقاتل ومجاهد و "معاني القرآن" للفراء وابن
قتيبة في "تفسير الغريب القرآن" و"تهذيب اللغة" للأزهري ومن أبي علي الفارسي؛ كلها بواسطة الواحدي.
ويعد كتابا "معاني القرآن" للزجاج و "تفسير الطبري" من مصادره الرئيسة التي أكثر عنها مصرّحًا باسمي مؤلفيها.
ومن موارد التفسير التي ذكر أصحابها عند الاقتباس: "التحصيل لفوائد كتاب التفصيل" للمهدوي، و "الكشف والبيان" للثعلبي، و "معالم التنزيل" للبغوي، و "الكشاف" للزمخشري، و "زاد المسير" لابن الجوزي.
كما أن المصنف اقتبس كثيرًا في بيان المعاني وشرح الألفاظ من "الصحاح" للجوهري، تارة يسمي الكتاب وأخرى ينسبه إلى قائله.
وفي باب الرواية وسَوْق المرويات بأسانيدها وألفاظها عند الحاجة اعتمد المؤلف على أمّات كتب السنة المشهورة "مسند أحمد" و "إسحاق" والسنن الأربعة ــ وخاصة "الكبرى" للنسائي ــ وغيرها من دواوين الإسلام.
غير أنه في الأبواب الخمسة الأُوَل استند كثيرًا على كتابي "القدر" لابن وهب و "القدر" لأبي داود السجستاني ــ وهذا الأخير لم يصل إلينا ــ، و "القدر" و "الأسماء والصفات" كلاهما للبيهقي، وساق بعض المرويات بأسانيدها من كتابٍ لمحمد بن نصر المروزي، يظهر أنه كتاب خاص في القَدَر لم يصل إلينا، ونقل عددًا من الآثار من "تفسير ابن أبي حاتم" مصرّحًا باسمه.
وفي شروح السنة ومعاني الحديث استند على كتابي "الاستذكار" و"التمهيد" لابن عبد البر، مصدّرًا للنقل بقوله:"قال أبو عمر".
على أنه ربما حكى أقوال أبي عمر وتحريراته بواسطة "درء التعارض"، كما صنع ذلك في عدة مواضع أثناء بحثه لحديث "كل مولود يولد على الفطرة" في الباب الثلاثين (2/ 404) وما بعدها، وقد نبهت عليها في محالها.
وحين استطرد في بيان مظاهر هداية الحيوانات (1/ 222) اقتبس الكثير من "الحيوان" للجاحظ مصرّحًا باسمه في موضعين، ويظهر أن أكثر مباحث الباب مقتبس منه.
ومثل ذلك وقع عند ذكر ما في الكون وأجرامه من أسرار وغايات دالة على وجود الصانع، فقد أفاد فيما يظهر من "الدلائل والاعتبار" المنسوب للجاحظ، بيد أنه لم يسمّه.
أما موارده التي صرّح بها في علم الكلام ــ ومذهب الأشاعرة خصوصًا ــ ففي مقدمتها مؤلفات الرازي "المباحث المشرقية" و "الأربعين"، إضافة إلى "مقالات الإسلاميين" للأشعري، وتجريدها لابن فورك، و "النظامية" للجويني، و "شرح الإرشاد" للأنصاري وغيرها.
وهنالك عدة مواضع في تعريف "الكسب" وأقوال الناس فيه لم يفصح فيها عن مورده، ويغلب على الظن أنها من "نهاية الإقدام" للشهرستاني، و"المطالب العالية" للرازي.
وليس بغريب على ابن قيم الجوزية أن يكون معتمده في مواطن عديدة على مصنفات شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليهما إفادة واقتباسًا، "وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه"
(1)
.
(1)
"الدرر الكامنة"(3/ 401).
وأكثر كتب شيخه التي ظهر لي اعتماده عليها هنا "درء تعارض العقل والنقل"، كما تراه في شرح حديث "فحج آدم موسى"، وحديث "كل مولود يولد على الفطرة" وغيرها، ونقل مباحث من رسالة "الرد على من قال بفناء الجنة والنار"، وفي بعض هذه المواضع جاء التصريح بنسبتها إلى شيخه بقوله:"قال شيخنا" ونحو ذلك.
وتبقى مواضع استفادة أخرى مبثوثة في ثنايا الكتاب لم يعزها المؤلف يظهر أنها مستفادة من كتب شيخ الإسلام، كـ "منهاج السنة" في (2/ 70)، وفي (2/ 33) من "فصل في قوله تعالى:{مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} " ضمن "مجموع الفتاوى" (14/ 246 - 281)، وغيرها مما أمكن الوقوف عليه والتنبيه في حواشي الكتاب، والله أعلم.
* * *