المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبهاتحول الاحتفالبعيد شم النسيم - شم النسيم هل نحتفل

[شحاتة صقر]

الفصل: ‌شبهاتحول الاحتفالبعيد شم النسيم

‌شبهات

حول الاحتفال

بعيد شم النسيم

الشبهة الأولى:

الذين يحتفلون بهذا اليوم لا يتقربون بذلك إلى الله ولا يعتبرونه قربة ولا عبادة سواء المسلمين أو النصارى.

الجواب:

أولًا: لا يشترط لكون الفعل تشبهًا بالكفار أن يقصد به القربة والعبادة فلو أن مسلمًا لبس صليب النصارى ولم يقصد العبادة والقربة فهل يقول هؤلاء إن ذلك جائز مع أنه شعار النصارى ودليل على أن لابسه راضٍ بانتسابه إليهم، والرضا بما هم عليه كفر (1)؟ فكذلك الاحتفال بأعيادهم محرم ولا يشترط

(1) انظر فتاوى اللجنة الدائمة (2/ 119).

ص: 53

فيه قصد القربة والعبادة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «لا يرخص في اللعب في أعياد الكفار، كما يرخص في أعياد المسلمين

فلا يجوز لنا أن نفعل في كل عيد للناس من اللعب ما نفعل في عيد المسلمين

ومن المعلوم أن هؤلاء ـ أي اليهود والنصارى والفرس ـ كانت لهم أعياد يتخذونها، ومن المعلوم أيضًا أن المقتضي لما يُفعل في العيد: من الأكل والشرب، واللباس والزينة، واللعب والراحة ونحو ذلك، قائم في النفوس كلها إذا لم يوجد مانع خصوصًا نفوس الصبيان والنساء وأكثر الفارغين من الناس.

ثم من كان له خبرة بالسِّيَر عَلِم يقينًا أن المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم، ولا يغيرون لهم عادة في أعياد الكافرين، بل ذلك اليوم عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسائر المسلمين يوم من الأيام لا يختصونه بشيء أصلًا إلا ما قد اختُلف فيه من مخالفتهم فيه، كصومه» (1).

ثانيًا: هذا اليوم مرتبط بدين النصارى وأعيادهم بدليل أنه

(1) اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 445 - 449) بتصرف.

ص: 54

ليس له يوم محدد في السنة بالتقويم الميلادي، فشم النسيم هو اليوم التالي لعيد القيامة ـ يوم الأحد ـ ويسبق هذا العيد سبت النور ويسبقه الجمعة الحزينة، فيوم شم النسيم ليس مرتبطًا فقط بأعياد الفراعنة بل له علاقة بأعياد النصارى.

ثالثًا: لو أن إخواننا المسلمين في فلسطين المحتلة احتفلوا كل عام يوم (15أبريل) بعيد الفصح (عيد اليهود) ولم يتقربوا إلى الله بذلك ولم يعتبروه قربة وعبادة، فهل هذا الاحتفال بدعة ومحرم كما يقول علماء الإسلام أم لا؟

فكذلك الاحتفال بشم النسيم.

الشبهة الثانية:

عيد شم النسيم تحول إلى عادة.

الجواب:

كَوْن عيد شم النسيم تحول إلى عادة كما يقوله كثير من المحتفِلين به وهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده أهل الديانات الأخرى لا يبيح الاحتفال به.

ودليل ذلك ما رواه ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «إِنِّى نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ» . فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «

ص: 55

هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟». قَالُوا: «لَا» . قَالَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» . قَالُوا: «لَا» . قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِى مَعْصِيَةِ اللهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» . (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

فيلاحظ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتبر أصل البقعة، ولم يلتفِتْ إلى نية هذا الرجل في اختيار هذه البقعة بعينها، ولا سأله عن ذبحه لمن يكون: أهو لله سبحانه وتعالى أم للبقعة؛ لأن ذلك ظاهر واضح، وإنما سأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تاريخ هذه البقعة:«هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟» ، «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» . فلما أجيب بالنفي أجاز الذبح فيها لله تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذورًا فكيف نفس عيدهم؟» (1).

وعيد شم النسيم ليس في زمان العيد ومكانه فحسب، بل هو العيد الوثني الفرعوني عينه في زمانه وشعائره ومظاهر

(1) اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 443).

ص: 56

الاحتفال به، فحرم الاحتفال به دون النظر إلى نية المحتفل به وقصده، كما يدل عليه هذا الحديث العظيم.

الشبهة الثالثة:

لا مانع أن يُنتفَع بيوم عطلة شم النسيم بالتنزه الخالي من المظاهر الموروثة.

الجواب:

1 -

كيف يُنتفَع بيوم العطلة (الأجازة) فيه للفسح والتنزه الخالي من المظاهر الموروثة وطبيعة الاحتفال أصلًا هي التنزه حيث يخرج الناس للمزارع والحدائق للاحتفال بهذا اليوم.

2 -

كيف يتميز المسلم الذي يريد أن يتنزه بعيدًا عن المظاهر الموروثة عن المسلم الآخر الذي يحتفل بهذه البدعة؟ هل يأخذ معه في الحدائق التونة بدلًا من الفسيخ، والفول السوداني بدلًا من الترمس، والبيض غير الملون بدلًا من الملون، أم ماذا يفعل ليتميز؟ فمجرد الخروج للتنزه في هذا اليوم مشاركة في هذا الاحتفال وتكثير لسواد النصارى ومن يتشبهون بهم.

3 -

أليس حضور المسلم هذه الأماكن فتنة للآخرين الذين يحتفلون بهذا اليوم بالطريقة المبتدعة؟ فكيف يعرف الناس أن هذا يتنزه بالمظاهر الموروثة وذاك يتنزه بالمظاهر غير الموروثة؟

ص: 57