الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُوقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ الْقِدْحُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثم الْفَرْثُ وَالدَّمُ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ"، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ، فَوُجِدَ، فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي نَعَتَ. [6741]
ذِكْرُ خَبَرٍ شَنَّعَ بِهِ بَعْضُ الْمُعَطِّلَةِ وَأَهْلُ الْبِدَعِ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ حَيْثُ حُرِمُوا تَوْفِيقَ الإِصَابَةِ لِمَعْنَاهُ
.
4852 -
أَخبَرنا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدثنا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخبَرنا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَدُورُ رَحَى الإِسْلَامِ عَلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ هَلَكُوا، فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِنْ بَقُوا بَقِيَ لَهُمْ دِينُهُمْ سَبْعِينَ سَنَةً".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: هَذَا خَبَرٌ شَنَّعَ بِهِ أَهْلُ الْبِدَعِ عَلَى أَئِمَّتِنَا، وَزَعَمُوا أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ حَشَوِيَّةٌ، يَرْوونَ مَا يَدْفَعُهُ الْعِيَانُ وَالْحِسُّ وَيُصَحِّحُونَهُ، فَإِنْ سُئِلُوا عَنْ وَصْفِ ذَلِكَ قَالُوا: نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُفَسِّرُهُ، وَلَسْنَا بِحَمْدِ اللهِ وَمَنِّهِ مِمَّا رُمِينَا بِهِ فِي شَيْءٍ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مَا خَاطَبَ أُمَّتَهُ قَطُّ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْقَلْ عَنْهُ، وَلَا فِي سُنَنِهِ شَيْءٌ لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ السُّنَنَ إِذَا صَحَّتْ يَجِبُ أَنْ تُرْوَى وَيُؤْمَنُ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفَسَّرَ وَيُعْقَلَ مَعْنَاهَا فَقَدْ قَدَحَ فِي الرِّسَالَةِ، اللهُمَّ إِلَاّ أَنْ تَكُونَ السُّنَنُ مِنَ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا صِفَاتُ اللهِ جَلَّ وَعَلَا الَّتِي لَا يَقَعُ فِيهَا التَّكْيِيفُ، بَلْ عَلَى النَّاسِ الإِيمَانُ بِهَا.
وَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ عِنْدَنَا مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا: إِنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ اسْمَ الشَّيْءِ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهِ، وَتُطْلِقُ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهَا اسْمَ النِّهَايَةِ عَلَى بِدَايَتِهَا، وَاسْمَ الْبِدَايَةِ عَلَى نِهَايَتِهَا، أَرَادَ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ:"تَدُورُ رَحَى الإِسْلَامِ عَلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ"، زَوَالَ الأَمْرِ عَنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، لأَنَّ الْحُكْمَيْنِ كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، فَلَمَّا تَلَعْثَمَ الأَمْرُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَشَارَكَهُمْ فِيهِ بَنُو أُمَيَّةَ أَطْلَقَ صلى الله عليه وسلم اسْمَ نِهَايَةِ أَمْرِهِمْ عَلَى بِدَايَتِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا اسْتِخْلَافَهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنْ مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ،
وَبَايَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ اليوم يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَتُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِبَلْقَاءَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَبَايَعَ النَّاسُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَاهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَوَلَّى هِشَامٌ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْقَسْرِيَّ الْعِرَاقَ، وَعَزَلَ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ، وَظَهَرَتِ الدُّعَاةُ بِخُرَاسَانَ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، وَبَايَعُوا سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ الْخُزَاعِيَّ الدَّاعِيَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، فَخَرَجَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ إِلَى مَكَّةَ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ لِبَنِي هَاشِمٍ، فَكَانَ ذَلِكَ تَلَعْثُمَ أُمُورِ بَنِي أُمَيَّةَ حَيْثُ شَارَكَهُمْ فِيهِ بَنُو هَاشِمٍ، فَأَطْلَقَ صلى الله عليه وسلم اسْمَ نِهَايَةِ أَمْرِهِمْ عَلَى بِدَايَتِهِ، وَقَالَ:"وَإِنْ بَقُوا بَقِيَ لَهُمْ دِينُهُمْ سَبْعِينَ سَنَةً"، يُرِيدُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ. [6664]