الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صِفَةُ الْجَنَّةِ
4 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا أَبُو مُجَاهِدٍ سَعْدٌ الطَّائِيُّ ثنا أَبُو الْمُدَلَّهِ، مَوْلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا عَنِ الْجَنَّةِ، مَا بِنَاؤُهَا؟ قَالَ:«لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ، مَنْ يَدْخُلْهَا يَنْعَمْ لَا يَبْؤُسُ، وَيُخَلَّدْ لَا يَمُوتُ، لَا يَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ» حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سَعْدَانَ الْجُهَنِيِّ،
⦗ص: 34⦘
عَنْ أَبِي مُجَاهِدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي الْمُدِلَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ:«تُرَابُهَا الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ»
5 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ مُوسَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«وَاحَةُ الْجَنَّةِ خُبْزَةٌ بَيْضَاءُ»
6 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى الْعُكْلِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ:{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85] قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْوَفْدُ إِلَّا رَاكِبٌ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمِ اسْتُقْبِلُوا بِنُوقٍ بِيضٍ لَهَا أَجْنِحَةٌ عَلَيْهَا رِحَالُ الذَّهَبِ شُرُكُ نِعَالِهِمْ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ، كُلُّ خُطْوَةٍ
⦗ص: 36⦘
مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ فَيَنْتَهُونَ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ يَنْبُعُ مِنْ أَصْلِهَا عَيْنَانِ، فَإِذَا شَرِبُوا مِنْ إِحْدَاهُمَا جَرَتْ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ وَإِذَا تَوَضَّئُوا مِنَ الْأُخْرَى لَمْ تَشْعَثْ شُعُورُهُمْ أَبَدًا، فَيَضْرِبُونَ الْحَلْقَةَ لِيَفْتَحَهُ فَلَوْ سَمِعْتَ طَنِينَ الْحَلْقَةِ يَا عَلِيُّ، فَيَبْلُغُ كُلَّ حَوْرَاءَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ أَقْبَلَ فَتَسْتَخِفُّهَا الْعَجَلَةُ فَتَبْعَثُ قَيِّمَهَا لِيَفْتَحَ لَهُ الْبَابَ فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ عز وجل عَرَّفَهُ نَفْسَهُ لَخَرَّ سَاجِدًا مِمَّا يَرَى مِنَ النُّورِ وَالْبَهَاءِ، فَيَقُولُ: أَنَا قَيِّمُكَ الَّذِي وُكِّلْتُ بِأَمْرِكَ فَيَتْبَعُهُ فَيَقْفُو أَثَرَهُ، فَيَأْتِي زَوْجتَهُ فَتَسْتَخِفُّهَا الْعَجَلَةُ، فَتَخْرُجُ مِنَ الْخَيْمَةِ، فَتُعَانِقُهُ وَتَقُولُ: أَنْتَ حِبِّي، وَأَنَا حِبُّكَ، وَأَنَا الرَّاضِيَةُ فَلَا أَسْخَطُ أَبَدًا، وَأَنَا النَّاعِمَةُ فَلَا أَبْؤُسُ أَبَدًا، وَأَنَا الْخَالِدَةُ فَلَا أَظْعَنُ أَبَدًا، فَيَدْخُلُ بَيْتًا مِنْ أَسَاسِهِ إِلَى سَقْفِهِ مِائَةُ أَلْفِ ذِرَاعٍ مَبْنِيًّا عَلَى جَنْدَلِ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، طَرَائِقُ حُمْرٌ، وَطَرَائِقُ خُضْرٌ، وَطَرَائِقُ صُفْرٌ، لَيْسَ مِنْهَا طَرِيقَةٌ تُشَاكِلُ صَاحِبَتَهَا، فَيَأْتِي الْأَرِيكَةَ فَإِذَا عَلَيْهَا سَرِيرٌ عَلَى السَّرِيرِ سَبْعُونَ فِرَاشًا، عَلَيْهَا سَبْعُونَ زَوْجَةً عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً يُرَى مُخُّ سَاقَيْهَا مِنْ بَاطِنِ الْحُلَلِ، يَقْضِي جِمَاعَهُنَّ فِي مِقْدَارِ لَيْلَةٍ، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ مُطَّرِدَةً، أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ صَافٍ لَيْسَ فِيهِ كَدَرٌ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ للشَّارِبِينَ لَمْ تَعْصِرْهَا الرِّجَالُ بِأَقْدَامِهِمْ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ الْمَاشِيَةِ فَإِذَا اشْتَهَوُا الطَّعَامَ جَاءَتْهُمْ طَيْرٌ بِيضٌ تَرْفَعُ أَجْنِحَتَهَا، فَيَأْكُلُونَ مِنْ جَوَانِبِهَا مِنْ أَيِّ الْأَلْوَانِ شَاءُوا، ثُمَّ تَطِيرُ فَتَذْهَبُ وَفِيهَا ثِمَارٌ مُتَدَلِّيَةٌ إِذَا اشْتَهَوْهَا انْشَعَبَ الْغُصْنُ إِلَيْهِمْ فَيَأْكُلُونَ
⦗ص: 37⦘
مِنْ أَيِّ الثِّمَارِ اشْتَهَوْا إِنْ شَاءَ قَائِمًا، وَإِنْ شَاءَ مُتَّكِئًا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن: 54] وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ خَدَمٌ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ "
7 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ: " يُسَاقُ الَّذِينَ اتَّقُوا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا، حَتَّى إِذَا انْتَهَوْا إِلَى أَوَّلِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا وَجَدُوا عِنْدَهُ شَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ، فَعَمَدُوا إِلَى إِحْدَاهُمَا كَأَنَّمَا أُمِرُوا بِهَا فَشَرِبُوا مِنْهَا، فَأَذْهَبَتْ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ قَذَرٍ، وَأَذًى أَوْ بَأْسٍ، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى الْأُخْرَى فَتَطَهَّرُوا فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، فَلَمْ تُغَيَّرْ أَبْشَارُهُمْ، وَلَا تَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَلَمْ تَشْعَثْ أَشْعَارُهُمْ كَأَنَّمَا دُهِنُوا بِالدِّهَانِ، ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَى خَزَنَةِ الْجَنَّةِ فَقَالُوا:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، ثُمَّ تَلَقَّاهُمْ أَوْ تَلَقَّتْهُمُ الْوِلْدَانُ يُطِيفُونَ بِهِمْ كَمَا يُطِيفُ وِلْدَانُ أَهْلِ الدُّنْيَا بِالْحَمِيمِ يَقْدَمُ مِنْ غَيْبَتِهِ يَقُولُونَ لَهُ: أَبْشِرْ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ غُلَامٌ مِنْ أَهْلِ أُولَئِكَ الْوِلْدَانِ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَيَقُولُونَ: قَدْ جَاءَ فُلَانٌ
⦗ص: 38⦘
بِاسْمِهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَيَقُولُ: أَنَا رَأَيْتُهُ وَهُوَ ذَا بِأَثَرِي، فَيَسْتَخِفُّ إِحْدَاهُنَّ الْفَرَحُ حَتَّى تَقُومَ عَلَى أُسْقُفَةِ بَابِهَا، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى مَنْزِلِهِ نَظَرَ أَيَّ شَيْءٍ أَسَاسُ بُنْيَانِهِ، فَإِذَا جَنْدَلُ اللُّؤْلُؤِ وَفَوْقَهُ صَرْحٌ أَخْضَرُ وَأَصْفَرُ وَأَحْمَرُ وَمِنْ كُلِّ لَوْنٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى سَقْفِهِ فَإِذَا هُوَ مِثْلُ الْبَرْقِ، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ قَدَّرَ لَهُ أنْ لَا يَذْهَبَ بَصَرُهُ لَذَهَبَ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى أَزْوَاجِهِ، وَأَكْوَابٍ مَوْضُوعَةٍ، وَنَمَارِقَ مَصْفُوفَةٍ، وَزَرَابِيَّ مَبْثُوثَةٍ، فَنَظَرَ إِلَى تِلْكَ النِّعْمَةِ، ثُمَّ اتَّكَئُوا وَقَالُوا:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] الْآيَةَ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: تَحْيَوْنَ فَلَا تَمُوتُونَ أَبَدًا، وَتُقِيمُونَ فَلَا تَظْعَنُونَ أَبَدًا، وَتَصِحُّونَ، أُرَاهُ قَالَ: فَلَا تَمْرَضُونَ أَبَدًا "، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: هَكَذَا أَوْ نَحْوَهُ
8 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَسْلَمَ، ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا شُعَيْبٌ،
⦗ص: 39⦘
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَغَرَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ:«يُنَادَى أَهْلُ الْجَنَّةِ تَصِحُّونَ فَلَا تَمْرَضُونَ أَبَدًا، وَتَشْبَعُونَ فَلَا تَجُوعُونَ أَبَدًا، لَا تَشْعَثُ أَشْعَارُهُمْ، وَلَا تَغَيَّرُ بَشَائِرُهُمْ، وَلَا يَلْقَوْنَ فِيهَا بُؤْسًا»
⦗ص: 40⦘
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: كَانَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مِنَ الْوَاعِظِينَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّهُ لَذَّةُ أَسْمَاعِهِمْ فِي الْغُرَفِ الْعَدْنِيَّةِ يُدِيمُهُ زَجَلُ الْحُبُورِ، وَمُتَعُ أَبْصَارِهِمْ بِالنَّظَرِ إِلَى أَحْسَنِ صَرْحِ الزَّبَرْجَدِ فِي زَهْرِ رِيَاضِ السُّرُورِ، فَلَوْ تَوَهَّمْتَ مَبْدَأَ سُرَّةِ الْمَهْرَجَانِ لِهُبُوبِ رِيَاحِ آجَامِهَا وَارْفِضَاضِ دُرَّةِ السَّحَائِبِ الْمُرْتَشِحَاتِ فِي قُصُورِ الْمُلْكِ بِعَرَايِشِ خِيَامِهَا لَعَلِمْتَ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ تَوَسَّطُوا نَعِيمَ مَمْلَكَةٍ لَا تُغَيِّرُ دَوَائِرُ الْأَحْدَاثِ عَلَى دَوَامِهَا. أَنْعَمَ بِأَسْمَاعٍ حَاضِرَةٍ وَعَدَ اللَّهُ أَنْ يَأَهْلَ الْجَنَّةِ آنَ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا، وَأَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا، وَتَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا، وَتَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43] انْظُرْ لَوْ وَجَدَ مَلِكٌ تُرَى تَبَاشيِرُ الْجَمَالِ فِي أَسْرَارِ خَدِّهِ كَمَا سَمِعَ فِيهَا وَاسِطَ عَيْنِ الدَّعَةِ حَتَّى زَهَتْ بِهِ مَنَابِرُ النُّورِ فِي ذِرْوَةٍ فِي دَرَجِ عَلَالِيهَا، وَحُورٌ عَلَى أَرَائِكِ الْيَوَاقِيتِ، وَنَظَرَ إِلَى تِلْكَ النَّمارِقِ الْمَصْفُوفَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَبِهَا رَوْنَقٌ يُضْحِكُ الرَّائِيَ عِنْدَ تَلَأْلُؤِ حُسْنِهَا، فَإِذَا سَقْفُهُ لُؤْلُؤٌ يَكَادُ أَنْ يَخْطَفَ بَصَرَهُ التِمَاعُ نُورِهِ كَيْفَ اكْتَحَلَتْ مُقْلَتُهُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْزِلِهِ. تَأْسِيسُ بُنْيَانِهِ جَنادِلُ الدُّرِّ، وَصَفَائِحُ اللُّجَيْنِ، وَسَنَابِكُ الْعِقْيَانِ، لَوْلَا قُدْرَةُ التَّسْخِيرِ الَّتِي جَرَتْ بِالسَّلَامَةِ مِنْ مَكْرُوهٍ لِرَيْبِ الزَّمَانِ أُولَئِكَ خِلَالَ شَرَفِ الْمَنْزِلِ الْمَحْمُودِ، وَالْمُتَفَكِّهُونَ بِالْقَوَامِ الْمَبْرُودِ، فِي قِبَابِ الْخُلُودِ،
⦗ص: 41⦘
يَأَهْلَ الْجَنَّةِ مَا أَحْسَنَ اسْمَ دَارٍ تَبَوَّأْتُمْ أَسِرَّةَ غُرَفِ عَلَالِيهَا، وَأَبْهَجَ مَنَاظِرَهَا، وَأَقَرَّ عُيُونَ سَاكِنِيهَا، وَأَدْوَمَ سُرُورَ مَنْ نُجِّدَتْ مَقَاصِيرُهُ بِوَشْيِ نَمَارِقِهَا، وَبَهْجَةِ عَبْقَرِيِّهَا انْعَمُوا فَهِيَ الْجَنَّةُ حَطَطْتُمْ فِيهَا رِحَالَكُمْ لِحِفْظٍ، وَعَدْلًا يَهْتَدِي فِيهَا الزَّوَالُ مِنْهَا إِلَيْهَا
9 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ عز وجل يَنْعَمْ فَلَا يَبْؤُسُ، وَيَحْيَا فَلَا يَمُوتُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ»
10 -
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُرِّيُّ، ثنا
⦗ص: 42⦘
عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رِضَى اللَّهُ عَنْهُمَا: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: «مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَحْيَا فِيهَا فَلَا يَمُوتُ، وَيَنْعَمُ فِيهَا لَا يَبْؤُسُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِنَاؤُهَا؟ قَالَ:«لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، مِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، تُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ، حَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ»
11 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ:
⦗ص: 43⦘
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى مُحَمَّدٍ، إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَزْدَادُونَ جَمَالًا وَحُسْنًا، كَمَا يَزْدَادُونَ فِي الدُّنْيَا قَبَاحَةً وَهَرَمًا»
12 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَيَّارٍ، ثنا جَعْفَرُ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتَ الْبُنَانِيَّ، يَقُولُ:" لَقَدْ أُعْطِيَ أَهْلُ الْجَنَّةِ خِصَالًا لَوْ لَمْ يُعْطَوْهَا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَا: يَشِبُّونَ فَلَا يَهْرَمُونَ أَبَدًا، وَيشْبَعُونَ فَلَا يَجُوعُونَ أَبَدًا، وَيُكْسَوْنَ فَلَا يَعْرَوْنَ أَبَدًا، وَيَصِحُّونَ فَلَا يَسْقَمُونَ أَبَدًا رَضِيَ عَنْهُمْ، لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، وَيُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا "
13 -
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدًا، مُرْدًا بِيضًا، جِعَادًا مُكَحَّلِينَ أَبْنَاءَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، عَلَى طُولِ آدَمَ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي عَرْضِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ»
14 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ،
⦗ص: 44⦘
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً»
15 -
حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
⦗ص: 45⦘
16 -
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا هَمَّامُ
⦗ص: 47⦘
بْنُ يَحْيَى، ثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ، وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا دَرَجَةً، وَمِنْهَا تَخْرُجُ الْأَنْهَارُ الْأَرْبَعَةُ، وَالْعَرْشُ فَوْقَهَا، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ عز وجل فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ»
17 -
وَحَدَّثَنِي الْمُشْرِفُ بْنُ أَبَانَ، سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: قَالَ لَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: «حَسُنَتِ الْجَنَّةُ لِأَنَّ عَرْشَ رَبِّ الْعَالَمِينَ سَقْفُهَا»
18 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْبَزَّارُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْكَلْبِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَلَقَ اللَّهُ عز وجل جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، لَبِنَةً مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، وَلَبِنَةً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، وَلَبِنَةً مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، مِلَاطُهَا الْمِسْكُ، حَشِيشُهَا الزَّعْفَرَانُ، حَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ، وَتُرَابُهَا الْعَنْبَرُ، ثُمَّ قَالَ لَهَا:«انْطِقِي» ، قَالَتْ:
⦗ص: 49⦘
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]، قَالَ عز وجل:«وَعِزَّتِي لَا يُجَاوِرُنِي فِيكِ بَخِيلٌ» ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]
19 -
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
⦗ص: 50⦘
غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا، مُرْدًا، مُكَحَّلِينَ، بَنِي ثَلَاثِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً» وَقَالَ هُوَ أَحَدُهُمَا
20 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عُمَرَ، ثنا الْحَكَمُ يَعْنِي ابْنَ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما قَالَ:«إِذَا سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ نَوَّرَ سَقْفَ مَسَاكِنِهِمْ نُورُ عَرْشِهِ»
21 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:«إِنَّمَا سُمِّيَتْ عَدْنٌ لِأَنَّهَا الْعَرْشُ، وَمِنْهَا تَتَفجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَلِلْحُورِ الْعَدْنِيَّةِ الْفَضْلُ عَلَى سَائِرِ الْحُورِ»
22 -
حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ:
⦗ص: 52⦘
" ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ صُوِّرَ صُورَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأُلْبِسَ لِبَاسَهُمْ، وَحُلِّيَ حُلِيَّهُمْ، وَأُرِيَ أَزْوَاجَهُ وَخَدَمَهُ، تَأْخُذُهُ سَوَارِي فَرَحٍ، فَلَوْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمُوتَ لَمَاتَ مِنْ سَوَارِي فَرَحِهِ، يُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ سَوَارِيَ فَرْحَتِكَ هَذِهِ، فَإِنَّهَا تَأْخُذُ لَكَ أَبَدًا "
23 -
حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي زُهْرَةُ بْنُ عَبْدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ:«إِنَّ الْعَبْدَ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَتَلَقَّاهُ سَبْعُونَ أَلْفَ خَادِمٍ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ»
24 -
حَدَّثَنَا حَمْزَةُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ، قَالَ:«إِنَّهُ لَيُصَفُّ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِمَاطَانِ لَا يُرَى طَرْفَاهُمَا مِنْ غِلْمَانِهِ حَتَّى إِذَا مَرَّ مَشَوْا وَرَاءَهُ»
25 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ،
⦗ص: 53⦘
عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:" إِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ الْجَنَّةَ دَخَلَ أَمَامَهُ مَلَكٌ فَأَخَذَ بِهِ فِي سِكَكِهَا، فَيَقُولُ لَهُ: انْظُرْ مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَكْثَرَ قُصُورٍ رَأَيْتُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَأَكْثَرَ أَنِيسٍ فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ: فَإِنَّ هَذَا أَجْمَعَ كُلُّهُ لَكَ، حَتَّى إِذَا دُفِعَ إِلَيْهِمُ اسْتَقْبَلُوهُ مِنْ كُلِّ بَابٍ وَمِنْ كُلِّ مَكَانٍ نَحْنُ لَكَ نَحْنُ لَكَ، يَقُولُ: امْشِ فَيَقُولُ: مَاذَا تَرَى؟ فَيَقُولُ أَرَى أَكْثَرَ عَسَاكِرَ رَأَيْتُهَا مِنْ خِيَامٍ رَأَيْتُهَا وَأَكْثَرَ أَنِيسٍ، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا أَجْمَعَ كُلُّهُ لَكَ فَإِذَا دُفِعَ إِلَيْهِمُ اسْتَقْبَلُوهُ يَقُولُونَ: نَحْنُ لَكَ، نَحْنُ لَكَ "
26 -
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ وَرَازٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَرْضُ الْجَنَّةِ بَيْضَاءُ، عُرْصَتُهَا صُخُورُ الْكَافُورِ، وَقَدْ أَحَاطَ بِهِ الْمِسْكُ مِثْلَ كُثْبَانِ الرَّمْلِ، فِيهَا أَنْهَارٌ مُطَّرِدَةٌ فَلْيَجْتَمِعْ فِيهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ أَدْنَاهُمْ وَآخِرُهُمْ فَيَتَعَارَفُونَ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عز وجل رِيحَ الرَّحْمَةِ فَتُهِيجُ عَلَيْهِمْ رِيحَ ذَلِكَ الْمِسْكِ، فَيَرْجِعُ الرَّجُلُ إِلَى زَوْجَتِهِ وَقَدِ ازْدَادَ طِيبًا وَحُسْنًا، فَتَقُولُ لَهُ: قَدْ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي، وَأَنَا بِكَ مُعْجَبَةٌ وَأَنَا بِكَ الْآنَ أَشَدُّ عُجْبًا "
27 -
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:" خَلَقَ اللَّهُ عز وجل جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ فَاطَّلَعَ فِيهَا فَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] ثُمَّ أُغْلِقَتْ فَلَمْ يَدْخُلْهَا إِلَّا مَنْ شَاءَ وَهِيَ تُفْتَحُ كُلَّ سَحَرٍ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْبَرَدَ الَّذِي يَجِيءُ سَحَرًا مِنْهَا "
28 -
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا جَرِيرٌ، وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«جَنَّاتِ عَدْنٍ بُطْنَانُ الْجَنَّةِ»
29 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ
⦗ص: 55⦘
صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَجْمَعُ اللَّهُ عز وجل الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، قِيَامًا أَرْبَعِينَ سَنَةً شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ الْقَضَاءِ، قَالَ: وَيَنْزِلُ اللَّهُ عز وجل فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ مِنَ الْعَرْشِ إِلَى الْكُرْسِيِّ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ أَلَمْ تَرْضَوْا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَرَزَقَكُمْ، وَأَمَرَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ وَيَعْبُدُ فِي الدُّنْيَا، أَلَيْسَ هَذَا عَدْلًا مِنْ رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: بَلَى. قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ، وَيُمَثَّلُ لَهُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْطَلِقُ إِلَى الشَّمْسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْطَلِقُ إِلَى الْقَمَرِ، وَإِلَى الْأَوْثَانِ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَأشْبَاهِ مَا كَانُوا يَعْبُدونَ. قَالَ: وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عِيسَى شَيْطَانُ عِيسَى وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عُزَيْرًا شَيْطَانُ عُزَيْرٍ، وَيَبْقَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتُهُ. قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الرَّبُّ عز وجل فَيَقُولُ لَهُمْ: «مَالَكُمْ لَا تَنْطَلِقُونَ كَمَا انْطَلَقَ النَّاسُ؟» قَالَ: فَيَقُولُونَ: إِنَّ لَنَا إِلَهًا مَا رَأَيْنَاهُ بَعْدُ، فَيَقُولُ:«وَهَلْ تَعْرِفُونَهُ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ؟» فَيَقُولُونَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَلَامَةٌ إِذَا رَأَيْنَاهَا عَرَفْنَاهُ، فَيَقُولُ:«وَمَا هِيَ؟» فَيَقُولُونَ: يَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ، قَالَ: فَيَخِرُّ كُلُّ مَنْ كَانَ لِظَهْرِهِ طَبَقٌ، وَيَبْقَى قَوْمٌ ظُهُورُهُمْ كَصَيَاصِي الْبَقَرِ، يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ، وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ، ثُمَّ يَقُولُ:«ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ» قَالَ: فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ، فَيُعْطِيهِمْ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَمِينِهِ،
⦗ص: 56⦘
وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ رَجُلًا يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ مَرَّةً وَيُطْفِئُ مَرَّةً، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَمَهُ مَشَى، وَإِذَا انْطَفَأَ قَامَ عَلَى الصِّرَاطِ، قَالَ: وَالرَّبُّ عز وجل أَمَامَهُمْ حَتَّى يَمُرَّ فِي النَّارِ فَيَبْقَى أَثَرُهُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضَ مَزِلَّةٍ، فَيَقُولُ:«مُرُّوا» ، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ نُورِهِمْ، مِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ السَّحَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الْفَرَسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَمَثَلِ الرَّجُلِ، حَتَّى الرَّجُلِ الَّذِي نُورُهُ عَلَى قَدْرِ إِبْهَامِ قَدَمِهِ يَحْبُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، يَجُرُّ يَدًا وَيُعَلِّقُ يَدًا، وَيَجُرُّ رِجْلًا وَيُعَلِّقُ رِجْلًا، وَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ. قَالَ: فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَخْلُصَ، فَإِذَا خَلَصَ، وَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانِي لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ عز وجل مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا، إِذْ نَجَّانِي مِنْهَا بَعْدَ أَنْ رَأَيْتُهَا. قَالَ فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى غَدِيرٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُ مِنْهُ، قَالَ: فَيَعُودُ إِلَيْهِ رِيحُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَلْوَانُهُمْ، قَالَ: وَيَرَى مَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ خِلَالِ الْبَابِ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل لَهُ:«أَتَسْأَلُ الْجَنَّةَ وَقَدْ نَجَّيْتُكَ مِنَ النَّارِ؟» فَيَقُولُ: رَبِّ اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَابًا لَا أَسْمَعُ حَسِيسَهَا قَالَ: فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَرَى أَوْ يُرْفَعُ لَهُ مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ إِلَيْهِ حُلْمٌ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْطِنِي ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، قَالَ: فَيَقُولُ لَهُ: «فَلَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ تَسْأَلُ غَيْرَهُ» . قَالَ: فَيَقُولُ: وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ يَكُونُ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: فَيُعْطَاهُ، فَيَنْزِلُهُ، قَالَ وَيَرَى أَمَامَ ذَلِكَ مَنْزِلًا كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ إِلَيْهِ حُلْمٌ قَالَ: رَبِّ أَعْطِنِي ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُ: «فَلَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ تَسْأَلُ غَيْرَهُ» ، فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ يَكُونُ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَيُعْطَاهُ، فَيَنْزِلُهُ، وَقَالَ: وَيَرَى أَوْ يُرْفَعُ لَهُ أَمَامَ ذَلِكَ مَنْزِلٌ آخَرُ كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ إِلَيْهِ حُلْمٌ، فَيَقُولُ:«رَبِّ أَعْطِنِي ذَلِكَ الْمَنْزِلَ» ، قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُ: «فَلَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ تَسْأَلُ غَيْرَهُ» ، قَالَ: لَا وَعِزَّتِكَ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ يَكُونُ أَحْسَنَ مِنْهُ؟ فَيُعْطَاهُ فَيَنْزِلُهُ، قَالَ: ثُمَّ يَسْكُتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل:«مَا لَكَ لَا تَسْأَلُ؟» فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ سَأَلْتُكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُكَ وَأَقْسَمْتُ لَكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُكَ، فَيَقُولُ:«أَمَا تَرْضَى أَنْ أُعْطِيَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتُهَا إِلَى يَوْمِ أَفْنَيْتُهَا وَعَشَرَةَ أَضْعَافِهَا» ، فَيَقُولُ: تَسْتَهْزِئُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: فَيَضْحَكُ الرَّبُّ عز وجل مِنْ قَوْلِهِ فَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ إِذَا بَلَغَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ضَحِكَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ سَمِعْتُكَ تُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِرَارًا كُلَّمَا بَلَغْتَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ضَحِكْتَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِرَارًا كُلَّمَا بَلَغَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ضَحِكَ حَتَّى يَبْدُو خَيْرُ أَضْرَاسِهِ قَالَ: فَيَقُولُ الرَّبُّ عز وجل: «لَا وَلَكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ، سَلْ» فَيَقُولُ: رَبِّ أَلْحِقْنِي بِالنَّاسِ، فَيَقُولُ:«الْحَقْ بِالنَّاسِ» . فَيَنْطَلِقُ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ النَّاسِ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ فَيَخِرُّ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لَهُ ارْفَعْ رَأْسَكَ مَا لَكَ؟ فَيَقُولُ: رَأَيْتُ رَبِّي أَوْ تَرَاءَى لِي رَبِّي، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِكَ، قَالَ: ثُمَّ يَلْقَى رَجُلًا فَيَتَهَيَّأُ لِيَسْجُدَ، فَيَقُولُ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَيَقُولُ رَأَيْتُ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ مِنْ خُزَّانِكَ، عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِكَ، تَحْتَ يَدَيَّ أَلْفُ قَهْرَمَانٍ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ، قَالَ: فَيَنْطَلِقُ أَمَامَهُ حَتَّى يَفْتَحَ لَهُ الْقَصْرَ، قَالَ: وَهُوَ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ سَوَاقِفُهَا وَأَبْوَابُهَا وَأَغْلَاقُهَا وَمَفَاتِيحُهَا مِنْهَا، فَتَسْتَقْبِلُهُ جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ مُبَطَّنَةٌ بِحَمْرَاءَ، كُلُّ جَوْهَرَةٍ تُفْضِي إِلَى جَوْهَرَةٍ عَلَى غَيْرِ لَوْنِ الْأُخْرَى، فِي كُلِّ جَوْهَرَةٍ سُرُرٌ وَأَزْوَاجٌ وَوَصَائِفُ، أَدْنَاهُنَّ حَوْرَاءُ عَيْنَاءُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ فِي عَيْنِهِ سَبْعِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ لَهَا: وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتِ فِي عَيْنِي سَبْعِينَ ضِعْفًا، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: أَشْرِفْ فَيُشْرِفُ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: مُلْكُ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ يُنْفِذُ بَصَرَكَ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يُحَدِّثُنَاهُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ يَا كَعْبُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ فَكَيْفَ أَعْلَاهُمْ؟ فَقَالَ كَعْبٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أَذُنٌ سَمِعَتْ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ لِنَفْسِهِ
⦗ص: 57⦘
دَارًا فَجَعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالثَّمَرَاتِ وَالَأشْرِبَةِ، ثُمَّ أَطْبَقَهَا، ثُمَّ لَمْ يَرَهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ لَا جِبْرِيلُ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] قَالَ: وَخَلَقَ اللَّهُ دُونَ ذَلِكَ جَنَّتَيْنِ زَيَّنَهُمَا بِمَا شَاءَ، وَأَرَاهُمَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَ: فَمَنْ كَانَ كِتَابُهُ فِي عِلِّيِّينَ نَزَلَ تِلْكَ الدَّارَ الَّتِي لَمْ يَرَهَا أَحَدٌ، حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ لَيَخْرُجُ فَيَسِيرُ فِي مِلْكِهِ فَمَا تَبْقَى خَيْمَةٌ مِنْ خِيَامِ الْجَنَّةِ إِلَّا دَخَلَهَا ضَوْءٌ مِنْ ضَوْءِ وَجْهِهِ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِرِيحِهِ، وَيَقُولُونَ: وَاهًا لِهَذِهِ الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ، وَهَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ قَدْ خَرَجَ يَسِيرُ فِي مِلْكِهِ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ يَا كَعْبُ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ قَدِ اسْتَرْسَلَتْ فَاقْبِضْهَا. فَقَالَ كَعْبٌ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ لِجَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ إِلَّا يَخِرُّ لِرُكْبَتَيْهِ حَتَّى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي، وَحَتَّى لَوْ كَانَ لَكَ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا إِلَى عَمَلِكَ لَظَنَنْتَ أَنَّكَ لَا تَنْجُو
30 -
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ آخِرَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَرَجُلٌ يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ فَيَنْكَبُّ مَرَّةً، وَيَمْشِي مَرَّةً، وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فَإِذَا جَاوَزَ الصِّرَاطَ الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ، لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ عز وجل مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنَ
⦗ص: 59⦘
الْعَالَمِينَ، فَيُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، فَيَقُولُ:«أَيْ عَبْدِي، فَلَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا» . قَالَ: فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، وَيُعَاهِدُهُ أَلَّا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَالرَّبُّ عز وجل يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْأَلُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا، فَيَقُولُ: رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَيَقُولُ لَهُ كَمِثْلِ ذَلِكَ، وَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ الْجَنَّةَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ:«أَيْ عَبْدِي أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَلَّا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا؟» فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ تبارك وتعالى اسْمُهُ:«مَا يَصْرِينِي مِنْكَ؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ يَقْطَعُنِي «عَبْدِي أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟» فَيَقُولُ: أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ قَالَ: فَضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي لِمَ ضَحِكْتُ؟ قَالُوا: لِمَ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: ضَحِكُ الرَّبِّ تبارك وتعالى حِينَ قَالَ أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْكَلَامُ أَفْهَمَنِيهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ
31 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَمَنْ يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ عز وجل فَيُقَالُ لَهُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ»
32 -
حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الرَّمْلِيُّ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، أُرَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «
⦗ص: 61⦘
إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَرَجُلٌ لَهُ أَلْفُ قَصْرٍ بَيْنَ كُلِّ قَصْرَيْنِ مَسِيرَةُ سَنَةٍ يُرَى أَقْصَاهَا كَمَا يُرَى أَدْنَاهَا فِي كُلِّ قَصْرٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْوِلْدَانِ، مَا يَدْعُو بِشَيْءٍ إِلَّا أُتِيَ بِهِ»
33 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ: " سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ تبارك وتعالى قَالَ: أَيْ رَبِّ أَيُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَدْنَى مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَأْتِي بَعْدَمَا أَخَذَ النَّاسُ أَخَذَاتِهِمْ وَنَزَلُوا مَنَازِلَهُمْ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ أَدْخَلُ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ، فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَا كَانَ لِمَلِكٍ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، قَالَ: فَيُقَالُ: لَكَ هَذَا وَخَمْسَةُ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ يَا رَبِّ وَفُزْتُ، قَالَ: فَإِنَّ لَكَ هَذَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيتُ. فَيُقَالُ فَإِنَّ لَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ، قَالَ: يَا رَبِّ فَمَنْ
⦗ص: 62⦘
أَفْضَلُهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ وَسَأُخْبِرُكَ: غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا. فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] "
34 -
حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ:«إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يُقَالُ لَهُ تَمَنَّ، وَيُذَكِّرُهُ أَصْحَابَهُ فَيُقَالُ لَهُ هُوَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» . قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَعِنْدَ اللَّهِ الْمَزِيدُ»
35 -
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ:" لَمَّا نَظَرَ اللَّهُ عز وجل إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ لَهَا: طُوبَى لِأَهْلِكِ، فَتَزْدَادُ ضِعْفًا حَتَّى يَدْخُلَهَا أَهْلُهَا "
36 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَزِيدُ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ
⦗ص: 63⦘
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعْدٍ الطَّائِيِّ، قَالَ:" أُخْبِرْتُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل قَالَ لَهَا: تَزَيَّنِي فَتَزَيَّنَتْ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: طُوبَى لِمَنْ رَضِيتَ عَنْهُ "
37 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ حُسَامِ بْنِ مِصَكٍّ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:" لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عز وجل الْجَنَّةَ قَالَ لَهَا تَكَلَّمِي، قَالَتْ: طُوبَى لِلْمُتَّقِينَ "
38 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«إِنَّ الْجَنَّةَ سَجْسَجٌ، لَا قَرَّ فِيهَا وَلَا حَرَّ، وَلَهُمْ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ»
39 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ:
⦗ص: 65⦘
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَلَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ: خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وَغَرَسَ الْفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يَدْخُلُهَا مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا الدَّيُّوثُ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْنَا مُدْمِنَ الْخَمْرِ فَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ: الَّذِي يُقِرُّ السُّوءَ فِي أَهْلِهِ