الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الأعمى، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم رخص لعتبان بن مالك رضي الله عنه حين قال: يا رسول الله إن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي، فأحب أن تأتيني في مكان من بيتي أتخذه مسجداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سنفعل". فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أين تريد؟ ". فأشار إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصففنا خلفه، فصلى بنا ركعتين.
وفي رواية إن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها تكون الظلمة، والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى
…
الخ1.
وقالوا أيضاً: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر رجلين صليا في رحالهما بإعادة الصلاة، ولم يبين لهما أن حضور الجماعة واجب وهذا وقت بيانه.
ثم الاستدلال بحديثي الأعمى وأبي هريرة على وجوب مطلق الجماعة ففيه نظر، لأن الدليل أخص من الدعوى إذ غاية ما في ذلك وجوب حضور جماعة النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده لسامع النداء.
وكان من جملة أدلتهم أيضاً حديث أبي موسى الأشعري مرفوعاً وهو "إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى، والذي ينتظر الصلاة يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام"2.
وأيضا حديث أبي هريرة بهذا المعنى3.
وأما حديث ابن عباس المتقدم بلفظ "من سمع النداء فلم يأت الصلاة فلا صلاة له إلا من عذر". فإن المراد به كاملة على أن في إسناده يحيى بن أبي حية أبو جناب ضعيف كما سبق. والله تعالى أعلم بالصواب.
1 رواه البخاري (2/157 مع الفتح) ومسلم (1/455) والنسائي (2/80) .
2 رواه البخاري (2/136 مع الفتح) ومسلم (1/460) .
3 رواه أبو داود (1/377) وابن ماجة (1/257) وأحمد (2/350، 428) بطرق عن ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عبد الرحمن بن سعد، عن أبي هريرة مرفوعا: ولفظه "الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا" وعبد الرحمن بن مهران –الهاشمي مولاهم- قال عنه الحافظ في التقريب: مجهول. وقال الخزرجي في الخلاصة: وثقه ابن حبان.
أقول لأنه مشى على قاعدته وهي توثيق المجاهيل، فإنه لم يرو عنه إلا ابن أبي ذئب.
الثاني:
كيف تحصل فضيلة الجماعة
؟
تحصل فضيلة الجماعة بالاثنين وأكثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق في قوله: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". فسوى الجماعات في الفضل سواء كثرت أم قلت.
وقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا صلى الرجل مع الرجل فهما جماعة، لهم التضعيف خمسا وعشرين1 انتهى.
ولكنه لا ينفي مزيد الفضل إذا كان أكثر، لاسيما مع وجود النص المصرح به وهو ما رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وغيره من حديث أبي بن كعب مرفوعا:"صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما أكثر فهو أحب إلى الله"2.
والصحيح أن الجماعة تحصل باثنين لما رواه مالك بن الحويرث قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي، فلما أردنا الإقفال من عنده قال:"إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم أقيما وليؤمكما أكبركما"3.
وقد بوب البخاري في صحيحه: الاثنان فما فوقهما جماعة. وهذه ترجمة مأخوذة من حديث ورد من طرق ضعيفة منها في ابن ماجه من حديث أبي موسى الأشعري وفي معجم البغوي من حديث الحكم بن عمير، وفي أفراد الدارقطني من حديث عبد الله بن عمر، وفي البيهقي من حديث أنس، وفي الأوسط للطبراني وعند أحمد من حديث أبي أمامة:"أنه رأى رجلا يصلي وحده فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل يصلي معه فقال: "هذان جماعة" والقصة المذكورة دون قوله "هذان جماعة" أخرجها أبو داود والترمذي من وجه آخر صحيح4.
وقال الإمام النووي: "قال أصحابنا: أقل الجماعة اثنان إمام ومأموم، فإذا صلى رجل برجل، أو بامرأته، أو أمته، أو بنته أو غيرهم أو بغلامه، أو بسيدته أو بغيرهم حصلت لهما فضيلة الجماعة التي هي خمس أو سبع وعشرون درجة، وهذا لا خلاف فيه، ونقل الشيخ أبو حامد وغيره فيه الإجماع"5.
وذلك بدون تفريق ما بين الفرض والنفل. وذهب الإمام أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا تنعقد الجماعة بصبي، وذهب هو في رواية، والإمام مالك إلى الصحة في النافلة دون الفرض.
1 المصنف (2/531) .
2 أحمد (5/140) وأبو داود (1/376) والنسائي (2/105) .
3 رواه البخاري (2/111 مع الفتح) ومسلم (1/465) وأبو داود (1/396) والترمذي (1/399) والنسائي (2/77) .
4 انظر فتح الباري (2/142) .
5 انظر شرح المهذب (4/81) .