الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعموم الأحاديث قاضية على هذا الخلاف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين بأن الجماعة لا تنعقد مع صبي فالأمر على الأصل حتى يثبت بالدليل ما يخالفه.
الثالث:
العدد الصحيح لمضاعفة فضل صلاة الجماعة على الفذ
قال الترمذي: عامة من روى هذا الحديث قالوا خمساً وعشرين إلا ابن عمر فإنه قال: سبعا وعشرين.
قال الحافظ: لم يختلف عليه في ذلك إلا ما وقع عند عبد الرزاق1عن عبد الله العمري عن نافع فقال فيه: خمس وعشرون. لكن العمري ضعيف. ووقع عند أبي عوانه في مستخرجه من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع فإنه قال فيه: بخمس وعشرين وهي شاذة مخالفة لرواية الحفاظ من أصحاب عبيد الله وأصحاب نافع وإن كان راويها ثقة2. وأما ما وقع عند مسلم من رواية الضحاك ابن عثمان عن نافع بلفظ بضع وعشرين فليست مغايرة لرواية الحفاظ لصدق البضع على السبع وأما غير ابن عمر، فصح عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن مسعود، عند أحمد وابن خزيمة، وعن أبي بن كعب عند ابن ماجة، والحاكم، وعن عائشة وأنس عند السراج، وورد أيضاً من طرق ضعيفة عن معاذ وصهيب وعبد الله بن زيد بن ثابت وكلها عند الطبراني، واتفق الجميع على خمس وعشرين سوى رواية أبي فقال: أربع أو خمس على الشك وسوى رواية أبي هريرة عند أحمد فقال فيها: سبع وعشرون، وفي إسنادها شريك القاضي وفي حفظه ضعف، وفي رواية لأبي عوانة بضعا وعشرين، وليست مغايرة أيضا لصدق البضع على الخمس، فرجعت الروايات كلها إلى الخمس والسبع إذاً لا أثر للشك، واختلف في أيهما أرجح فقيل: رواية الخمس لكثرة رواتها، وقيل رواية السبع لأن فيها زيادة من عدل حافظ3.
1 المصنف: (1/524) إلا أنه رواه عن عبيد الله بن عمر العمري: (وهو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب) وهو ثقة غير أن أخاه عبد الله بن عمر ضعيف.
2 أقول: ومن أصحاب عبيد الله، شعيب، رواه البخاري عنه، ويحيى بن سعيد الأنصاري رواه مسلم والدارمي وابن ماجة، وأبو أسامة وابن نمير رواه عنهما مسلم، وأيوب بن أبي تميمة السختياني عند البيهقي، وعبدة عند الترمذي وعبد الوهاب بن عبد المجيد عند ابن خزيمة، هؤلاء كلهم رووا عن عبيد الله بن عمر. فقالوا: خمس وعشرون إلا الضحاك عند مسلم فقال: بضع وعشرون.
ولقد استقصيت هذه الطرق في كتابي أبو هريرة في ضوء مروياته (غير مطبوع) .
3 ذكرت أحاديث بعض هؤلاء في الجزء المطبوع من: أبو هريرة في ضوء مروياته ص 134- 137.
ثم قال: وقد جمع بين روايتي الخمس والسبع بوجوه:
منها: أن ذكر القليل لا ينفي ذكر الكثير، وهذا قول من لا يعتبر مفهوم العدد.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بالخمس ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل، فأخبره بالسبع وتعقب بأنه يحتاج إلى التاريخ وبأن دخول النسخ في الفضائل مختلف فيه.
ومنها: الفرق باعتبار قرب المسجد وبعده.
ومنها: بحال المصلي كأن يكون أعلم وأخشع.
ومنها: إيقاعها في المسجد وغيره.
ومنها: الفرق بالمنتظر للصلاة وغيره.
ومنها: الفرق بإدراك كلها أو بعضها.
ومنها: الفرق بكثرة الجماعة وقلتهم.
وقد رجح الحافظ دخول مفهوم الخمس تحت مفهوم السبع.
وقال: الحكمة في هذا العدد الخاص غير محققة المعنى، ونقل الطيبي عن التوربشتي ما حاصله: إن ذلك لا يدرك بالرأي بل مرجعه إلى علم النبوة التي قصرت علوم الألباب عن إدراك حقيقتها كلها. انتهى كلام الحافظ من الفتح.
وقد أطال الحافظ الكلام في هذا الحديث وبيان المفهوم المراد من العدد، فمن أحب الإطلاع عليه فليرجع إليه.
والذي يظهر لي أن بيان فضائل الأعمال بالأعداد أمر معروف وشائع في الشريعة الإسلامية في مثل فضائل التسبيح والتهليل والتحميد وهو أمر متعارف أيضا بين الناس في المسابقة والمناقشة لتعيين أجر معدود لمن فعل كذا ولمن فعل كذا
…
والله تعالى أعلم بالصواب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وإلى حلقة أخرى إن شاء الله تعالى.
تصحيح
جاء في العدد 58 في مقال (صلاة المسافر) ص 77 أن أنس بن مالك هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصواب أنه أنس بن مالك الكعبي، وليس له في كتب الحديث إلا هذا الحديث
الذي ذكر في المقال.. فليتنبه.