الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّبَقَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة التَّاسِعَة
711 -
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن أَيُّوب الأبناسي برهَان الدَّين أَبُو مُحَمَّد الْعَالم الْفَقِيه العابد ولد بأبناس بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة بعْدهَا نون وَفِي آخرهَا سين مُهْملَة وَهِي قَرْيَة صَغِيرَة بِالْوَجْهِ البحري سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا كَذَا نقل من خطه وَقدم الْقَاهِرَة وَله بضع وَعِشْرُونَ سنة وَسمع بهَا وبدمشق من جمَاعَة وَخرج لَهُ الْحَافِظ ولي الدَّين ابْن الْعِرَاقِيّ مشيخة وَتخرج فِي الْفِقْه على الشَّيْخَيْنِ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَولي الدَّين المنفلوطي وَغَيرهمَا وَتخرج فِي الحَدِيث بمغلطاي قَالَ المؤرخ نَاصِر الدَّين ابْن الْفُرَات كَانَ شيخ الديار
المصرية مربيا للطلبة وَله مصنفات فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وَحج وجاور مَرَّات قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ فِيمَا كتب إِلَيّ أَنه مهر فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وشغل فِيهَا وَبنى زَاوِيَة بالمقس ظَاهر الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا يحسن إِلَى الطّلبَة ويجمعهم على التفقه ويرتب لَهُم مَا يَأْكُلُون وَيسْعَى لَهُم فِي الرزق خُصُوصا الواردين من الضواحي فَصَارَ أَكثر الطّلبَة بِالْقَاهِرَةِ من تلامذته وَتخرج بِهِ مِنْهُم خلق كثير وَكَانَ حسن التَّعْلِيم لين الْجَانِب متواضعا بشوشا متعبدا متقشفا مطرح التَّكَلُّف وَقد درس بمدرسة السُّلْطَان حسن وبالأثار النَّبَوِيَّة وبالجامع الْأَزْهَر وَقد عين للْقَضَاء مرّة فتوارى وَذكر أَنه فتح الْمُصحف فَخرج {قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} وَلم يزل مستمرا على طَرِيقَته وإفادته ونفعة الى أَن حج فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة فَمَاتَ رَاجعا فِي الْمحرم بعيون الْقصب بِالْقربِ
من عقبَة أَيْلَة وَدفن هُنَاكَ ورثاه صديقه شَيخنَا الْعِرَاقِيّ بقصيدة دالية طَوِيلَة وَأثْنى عَلَيْهِ فِيهَا كثيرا رحمهمَا الله تَعَالَى
712 -
أَبُو بكر بن حُسَيْن بن عمر بن مُحَمَّد بن يُونُس بن أبي الْفَخر بن عبد الرَّحْمَن بن نجم الدَّين العثماني المراغي ثمَّ الْمصْرِيّ القَاضِي زين الدَّين نزيل الْمَدِينَة ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة أَو فِي أول الَّتِي يَليهَا وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الشّحْنَة فَكَانَ آخر من حدث عَنهُ فِي الدُّنْيَا بِالْإِجَازَةِ وَأَجَازَ لَهُ أَيْضا الْمزي والبرزالي وَآخَرُونَ من دمشق وحماة وحلب وَغَيرهَا وَتفرد بالرواية عَن أَكْثَرهم وَسمع بِالْقَاهِرَةِ من جمَاعَة وَخرج لَهُ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا وَقَرَأَ على
الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ شَيْئا من محفوظاته عرضا قبل أَن يَلِي الْقَضَاء وَحضر درس الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن اللبان ولازم الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقطعَة من شرح الْمِنْهَاج ثمَّ أكمل عَلَيْهَا وَأخذ عَن مغلطاي وَغَيره من الْمُحدثين ثمَّ تحول إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فسكنها وَحصل بهَا بعض جِهَات تقوم بِحَالهِ ولازم الإشغال بالروضة الشَّرِيفَة والتحديث إِلَى أَن صَار شيخها الْمشَار إِلَيْهِ ثمَّ ولي قضاءها بعد أَن شاخ وَانْهَزَمَ وَبلغ الثَّمَانِينَ فباشرها قَلِيلا ثمَّ عزل فتألم لذَلِك توفّي بِالْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة
713 -
أَبُو بكر بن سُلَيْمَان بن صَالح الشَّيْخ عماد الدَّين الذاذيخي تفقه على الشَّيْخ زين الدَّين الباريني وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن أبي عبد الله بن جَابر الضَّرِير وَأبي جَعْفَر الغرناطي ورحل إِلَى دمشق فَأخذ عَن الشَّيْخَيْنِ
عماد الدَّين ابْن كثير وشمس الدَّين الْموصِلِي وَغَيرهمَا وَمهر وبرع وبرع ودرس وَأفْتى بحلب توفّي فِي أحد الربيعين بِبَعْض أَعمال حلب سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فِي الْفِتْنَة وذاذيخ قَرْيَة بسرمين
714 -
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن صَالح الْجبلي بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون الْمُوَحدَة الْيَمَانِيّ الْفَقِيه الْمَعْرُوف بِابْن الْخياط قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ نَشأ بتعز وتفقه إِلَى أَن مهر ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الأشرفية وَغَيرهَا بتعز وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَكَانَ يُقرر دروسه من الرَّافِعِيّ بِلَفْظ الأَصْل ويشارك فِي غير فقه وَولي الْقَضَاء مُدَّة يسيرَة ثمَّ استعفى وَمَات فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة
715 -
أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر ابْن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن يَعْقُوب النَّاشِرِيّ الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ شهَاب الدَّين بن رَضِي الدَّين بن موفق الدَّين قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ شيخ أهل زبيد فِي الْفِقْه برع فِيهِ وشارك فِي غَيره وَتخرج بِهِ أهل الْبَلَد مُدَّة وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْفَتْوَى وَولي الحكم بهَا قَلِيلا وَكَانَ شَدِيدا على مبتدعة الصُّوفِيَّة وَكَانَ لَهُم شَوْكَة قَائِمَة وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ لَا يفتر عَن الْإِنْكَار عَلَيْهِم وَجمع فِي بَيَان فَسَاد مقالتهم شَيْئا كثيرا رَأَيْته بزبيد وَنعم الشَّيْخ كَانَ توفّي فِي الْمحرم سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة
716 -
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن خَليفَة بن عبد العال الشَّيْخ شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس بن الإِمَام الْعَلامَة عماد الدَّين ابْن الحسباني مولده سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل فِي صباه بِعلم الْفَرَائِض وأتقنها ثمَّ اشْتغل بِالْعَرَبِيَّةِ على أبي الْعَبَّاس العتابي فبرع فِيهَا وَطلب الحَدِيث وقرأه
قِرَاءَة حَسَنَة وَحصل الْكتب وَفضل فِي هَذَا الْعلم ورحل إِلَى الْقَاهِرَة وَسمع بهَا وبدمشق من جمَاعَة وَحصل الْأَجْزَاء وَضبط الْأَسْمَاء واعتنى بتحرير المشتبه مِنْهَا وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء نسخا وتصنيفا وَشرع فِي تَفْسِير كَبِير وقف عَلَيْهِ البُلْقِينِيّ وَأثْنى عَلَيْهِ وَكَانَ يحضرهُ عِنْد وَالِده فِي حَلقَة الْفِقْه وفهمه جيد صَحِيح ودرس بالأمينية والإقبالية وَغَيرهمَا وخطب بِجَامِع التَّوْبَة وَأفْتى وَحكم نِيَابَة مُدَّة ثمَّ بعد الْفِتْنَة وَولي قَضَاء الْقُضَاة اسْتِقْلَالا وشارك فِي الخطابة مشيخة الشُّيُوخ وَكَانَت نَفسه سامية وامتحن من جِهَة الدولة وَكَاد يهْلك وَجرى لَهُ مَعَ القَاضِي برهَان الدَّين ابْن جمَاعَة فتْنَة وآذاه ابْن جمَاعَة كثيرا وَكَانَ عَلَيْهِ مآخذ فِي دينه وَأكْثر الْفُقَهَاء يكرهونه مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة وَدفن بسفح قاسيون
717 -
أَحْمد بن حجي بن مُوسَى بن أَحْمد بن سعد بن غشم بن غَزوَان بن عَليّ بن مشرف بن تركي الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْحَافِظ الْمُحَقق ذُو الْخِصَال الزكية والأخلاق المرضية وَشَيخ الشَّافِعِيَّة شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس بن الإِمَام الْعَلامَة فَقِيه الشَّام عَلَاء الدَّين أبي مُحَمَّد السَّعْدِيّ الحسباني الدِّمَشْقِي مولده فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَحفظ التَّنْبِيه وَغَيره وَسمع الحَدِيث من خلائق وَأَجَازَ لَهُ خلق من بِلَاد شَتَّى وَقَرَأَ بِنَفسِهِ الْكثير وَكتب الْأَجْزَاء وَقد كتب أَسمَاء مشايخه محردا فِي بعض مجاميعه على حُرُوف المعجم وَأخذ الْفِقْه عَن وَالِده وَالشَّيْخ شمس الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وقاضي الْقُضَاة بهاء الدَّين أبي الْبَقَاء وَغَيرهم واستفاد من مَشَايِخ الْعَصْر مِنْهُم الْأَذْرَعِيّ والحسباني وَابْن قَاضِي الزبداني وَابْن خطيب يبرود والغزي وَالْقَاضِي تَاج
الدَّين السُّبْكِيّ وشمس الدَّين الْموصِلِي وَتخرج فِي عُلُوم الحَدِيث بالحافظين ابْن كثير وَابْن رَافع وَأخذ النَّحْو عَن أبي الْعَبَّاس العتابي وَغَيره ودرس وَأفْتى وَأعَاد وناب فِي الحكم وصنف وَكتب بِخَطِّهِ الْحسن مَا لَا يحصر كَثْرَة فَمن ذَلِك شرح على الْمُحَرر لِابْنِ عبد الْهَادِي كتب مِنْهُ قطعا ورد على مَوَاضِع من الْمُهِمَّات للإسنوي وعَلى مَوَاضِع من الألغاز لَهُ وَبَين غلطه فِيهَا وَجمع فَوَائِد فِي عُلُوم مُتعَدِّدَة فِي كراريس كَثِيرَة سَمَّاهَا جمع المفترق وكتابا سَمَّاهُ الدارس من أَخْبَار الْمدَارِس يذكر فِيهِ تَرْجَمَة الْوَاقِف وَمَا شَرطه وتراجم من درس بِالْمَدْرَسَةِ إِلَى آخر وَقت وَهُوَ كتاب نَفِيس يدل على اطلَاع كثير وَقد وقفت على كراريس مِنْهُ مخرمَة وَكتب ذيلا على تأريخ ابْن كثير وَغَيره بَدَأَ فِيهِ من سنة تسع وَسِتِّينَ فَكتب إِلَيّ قبيل وَفَاته بِيَسِير وَكَانَ قد أَوْصَانِي بتكميل الخرم الْمَذْكُور فأكملته وَأخذت التأريخ الْمَذْكُور وزدت عَلَيْهِ حوادث من تواريخ المصريين وَغَيرهم بِقدر مَا ذكره الشَّيْخ وتراجم أَكثر من التراجم الَّتِي ذكرهَا بِكَثِير وَبسطت الْكَلَام فِي ذَلِك وَجَاء إِلَى آخر سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة فِي سبع مجلدات كبار ثمَّ اختصرته فِي نَحْو نصفه وَقد ولي الشَّيْخ فِي أَوَاخِر عمره الخطابة ومشيخة الشُّيُوخ شَرِيكا لغيره وانتهت
المشيخة فِي الْبِلَاد الشامية إِلَيْهِ وَكَانَ يكْتب على الْفَتَاوَى كِتَابَة حَسَنَة وخطه مليح وَكَانَ يضْرب الْمثل بجودة ذهنه وَحسن إبحاثه وَكَانَ حسن الشكل دينا خيرا لَهُ أوراد من صَلَاة وَصِيَام وَعِنْده أدب كثير وحشمة وَحسن معاشرة وَعنهُ أخذت هَذَا الْفَنّ واستفدت مِنْهُ كثيرا توفّي فِي الْمحرم سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده على جادة الطَّرِيق رَحمَه الله تَعَالَى وجمعنا وإياه فِي مُسْتَقر رَحمته
718
- أَحْمد بن رَاشد بن طرخان الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة مفتي الْمُسلمين أقضى الْقُضَاة شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الملكاوي الدِّمَشْقِي أحد الْأَئِمَّة الْعلمَاء المعتبرين وأعيان الْفُقَهَاء الشافعيين اشْتغل فِي الْفِقْه والْحَدِيث والنحو وَالْأُصُول على مَشَايِخ عصره بَلغنِي عَن الشَّيْخ شهَاب الدَّين الزُّهْرِيّ تغمده الله برحمته أَنه قَالَ مَا فِي بلد من أَخذ الْعُلُوم على وَجههَا غَيره وَكَانَ ملازما للأشغال والاشتغال وَتخرج بِهِ جمَاعَة وناب فِي الْقَضَاء ودرس بالدماغية وناب فِي الشامية الجوانية وَكَانَ فِي آخر عمره قد صَار مَقْصُودا بالفتاوى من سَائِر الأقطار وَكَانَ يكْتب عَلَيْهَا كِتَابَة حَسَنَة وخطه جيد وَكَانَ فِي ذهنه وَقْفَة وَعبارَته لَيست كقلمه وَكَانَ يرجع إِلَى دين وملازمة لصَلَاة الْجَمَاعَة لكنه كَانَ يمِيل إِلَى ابْن تَيْمِية كثيرا ويعتقد رُجْحَان
كثير من مسَائِله وَفِي أخلاقه حِدة وَعِنْده نفرة من النَّاس انْفَصل من الْوَقْعَة وَهُوَ متألم مَعَ ضعف بدنه السَّابِق وَحصل لَهُ جوع فَمَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَهُوَ فِي عشر السّبْعين ظنا وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس بطرفها الشمالي من جِهَة الْمغرب
719 -
أَحْمد بن عماد بن مُحَمَّد الشَّيْخ شهَاب الدَّين الأقفهسي الْمصْرِيّ ولد قبل الْخمسين واشتغل فِي الْفِقْه والعربية وَغير ذَلِك وَأخذ عَن الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ من أول الْمُهِمَّات إِلَى الْجِنَايَات وَكتاب أَحْكَام الخناثي وَقَرَأَ على شمس الدَّين ابْن الصَّائِغ الْحَنَفِيّ شرح الْبَزْدَوِيّ وَكَانَ يحضر عِنْد الشَّيْخَيْنِ البُلْقِينِيّ والعراقي
وَيتَكَلَّم ويفيده ويعظمه الشَّيْخَانِ قَالَ الْحَافِظ برهَان الدَّين ابْن العجمي فِي مشيخته وَكَانَ من الْعلمَاء الأخيار المستحضرين ولديه فَوَائِد فِي فنون عديدة دمث الْأَخْلَاق طَاهِر اللِّسَان حسن الصُّحْبَة قَالَ وَكتب على الْمُهِمَّات كتابا حافلا فِيهِ تعقبات نفيسة وصنف عدَّة تصانيف وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وَله تعقب على الْمُهِمَّات فِي قدرحجمه وَله نظم كثير سَمِعت مِنْهُ وَمن تصانيفه كتاب تسهيل الْمَقَاصِد لزوار الْمَسَاجِد وَهُوَ كتاب مُفِيد فِي بَابه وَكتاب التِّبْيَان فِيمَا يحل وَيحرم من الْحَيَوَان وَكتاب رفع الإلباس عَن وهم الوسواس والاقتصاد فِي الِاعْتِقَاد ونظم حوادث الْهِجْرَة وَشَرحه ونظم النَّجَاسَات المعفو عَنْهَا وَشَرحه وَالْقَوْل التَّام فِي أَحْكَام الْمَأْمُوم وَالْإِمَام توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة والأقفهسي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْهَاء
720 -
أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد الإِمَام الْعَالم الأوحد بدر الدَّين الطنبذي أحد مشاهير الشَّافِعِيَّة الْأَعْلَام بِالْقَاهِرَةِ اشْتغل كثيرا ولازم ابا الْبَقَاء والإسنوي والبلقيني وَغَيرهم وَأفْتى ودرس وَوعظ وَمهر فِي
الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير وَالْأُصُول وَالْفِقْه وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَكَانَ ذكيا فصيحا يلقِي على الطّلبَة دروسا كَامِلَة وَتخرج بهَا جمَاعَة مِنْهُم لكنه لم يكن مرضِي الدّيانَة سامحه الله تَعَالَى توفّي فِي ربيع الأول سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَقد أناف على السِّتين
721 -
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عماد بن عَليّ الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّيْخ شهَاب الدَّين ابْن الهائم ولد سنة ثَلَاث أَو سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة واشتغل بِالْقَاهِرَةِ وَمهر فِي الْفَرَائِض والحساب مَعَ حسن الْمُشَاركَة فِي بَقِيَّة الْعُلُوم وَلما ولي القمني تدريس الصلاحية أحضرهُ إِلَى الْقُدس واستنابه فِي التدريس وَصَارَ يعد من شُيُوخ المقادسة ثمَّ اسْتَقل بتدريس الصلاحية وَفِي آخر عمره أشرك الْأَمِير نوروز مَعَه فِي التدريس الْمَذْكُور شمس الدَّين الْهَرَوِيّ وَجمع فِي الْفَرَائِض والحساب تصانيف وَله العجالة فِي اسْتِحْقَاق الْفُقَهَاء أَيَّام البطالة وَكَانَ قد نَشأ لَهُ ولد
نجيب كَانَ نادرة الدَّهْر فأصيب بِهِ فَصَبر واحتسب وَكَانَت لَهُ محسن كَثِيرَة وَعِنْده ديانَة متينة وَكَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر ولكلامه وَقع فِي الْقُلُوب توفّي بالقدس فِي رَجَب سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة
722 -
أَحْمد بن مُحَمَّد بن نشوان بن مُحَمَّد بن نشوان بن مُحَمَّد بن أَحْمد الإِمَام الْعَالم شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الْحوَاري الدِّمَشْقِي مولده سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَخمسين وَسَبْعمائة قدم دمشق من بَلَده وَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ إِنَّه أَقرَأ وَلَدي الشَّيْخ شهَاب الدَّين الزُّهْرِيّ واشتغل فِي الْعلم مَعَهُمَا وبسببهما على الشَّيْخ شهَاب الدَّين ولازمه كثيرا وَحضر عِنْد مَشَايِخ الْعَصْر إِلَى أَن تنبه وَفضل وَحضر الدُّرُوس مَعَ الْفُقَهَاء وانْتهى فِي الشامية البرانية سنة خمس وَثَمَانِينَ وَظهر فَضله وَأذن لَهُ الشَّيْخ شهَاب الدَّين الزُّهْرِيّ بالإفتاء فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين ثمَّ نزل لَهُ الشَّيْخ شهَاب الدَّين ابْن حجي عَن إِعَادَة الشامية البرانية فِي ومضان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بعوض وَجلسَ للأشغال بالجامع وَلما كَانَ بعد الْفِتْنَة نَاب فِي الْقَضَاء
ولازم للأشغال بالجامع وانتفع بِهِ الطّلبَة وَقصد بالفتاوى وَكَانَ يكْتب عَلَيْهَا كِتَابَة حَسَنَة ودرس فِي آخر عمره بالعذراوية وَكَانَ عَاقِلا ذكيا يتَكَلَّم فِي الْعلم بتؤدة وَسُكُون وَعِنْده إنصاف وَله محاضرة حَسَنَة ونظم وَمِنْه قَوْله
…
واخجلتي وفضيحتي فِي موقف
…
صَعب المسالك وَالْخَلَائِق تعرض
…
... وتوقفي لمهدد لي قَائِل
…
أصحيفة سُودًا وشعرك أَبيض
…
وَكَانَ فِي يَده جِهَات كَثِيرَة وَمَات لم يحجّ وَكَانَ اشْتِغَاله على كبر وَلم يكن لَهُ مُخْتَصر يحفظه وَإِنَّمَا كَانَ يستحضر من التَّمْيِيز لِأَنَّهُ علق بعضه بخاطره لما أقرأه لوَلَدي الشَّيْخ مرض بالاستسقاء وَطَالَ مَرضه حَتَّى رأى العبر فِي نَفسه توفّي بالمارستان النوري فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء عشرَة وَثَمَانمِائَة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة عِنْد شَيْخه
723 -
أَحْمد بن نَاصِر بن خَليفَة بن فرج بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم المفنن قَاضِي الْقُضَاة خطيب الخطباء إِمَام
البلغاء نَاصِر الشَّرْع شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الناصري الباعوني ولد بقرية الناصرة من الْبِلَاد الصفدية سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن وَله عشر سِنِين وَحفظ الْمِنْهَاج فِي مُدَّة يسيرَة ثمَّ الْمِنْهَاج الْبَيْضَاوِيّ والألفية وَغير ذَلِك وَقدم دمشق وَعرض كتبه على جمَاعَة من الْعلمَاء مِنْهُم القَاضِي تَاج الدَّين السُّبْكِيّ والمشايخ ابْن خطيب يبرود وَابْن قَاضِي الزبداني وَابْن قَاضِي شُهْبَة والموصلي وَابْن الشريشي وَالزهْرِيّ وَغَيرهم وَأخذ عَنْهُم وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة من المسندين وَقَرَأَ النَّحْو على الشَّيْخ أبي عبد الله الْمَالِكِي وَأبي الْعَبَّاس العتابي وَمهر فِي ذَلِك وَكتب لَهُ العتابي إجَازَة بِخَطِّهِ الْحسن وترجمه بِمَا لَهُ من الفصاحة واللسن وَكتب الْخط الْمليح ثمَّ رَجَعَ إِلَى صفد بعد أَن قضى من طلب الْعلم أربه فاشتغل بِالْعلمِ وَأفْتى وفَاق فِي النّظم والنثر وَصَحب الْفُقَرَاء وَالصَّالِحِينَ ثمَّ توجه إِلَى الديار المصرية وَاجْتمعَ بِالْملكِ الظَّاهِر فولاه الخطابة بالجامع الْأمَوِي فَقدم فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين ثمَّ لما قدم السُّلْطَان فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين ولاه الْقَضَاء فِي ذِي الْحجَّة
فباشر بعفة ومهابة زَائِدَة وتصميم فِي الْأُمُور مَعَ نُفُوذ كلمة وَكَانَ يُكَاتب السُّلْطَان بِمَا يُرِيد فَيرجع الْجَواب بِمَا يختاره وانضبطت الْأَوْقَاف فِي أَيَّامه وَحصل للفقهاء معاليم كَثِيرَة ودرس التَّفْسِير وَالْفِقْه فِي مدارس الْقَضَاء وَغَيرهَا وَولي مشيخة الشُّيُوخ انتزعها من كَاتب السِّرّ ابْن أبي الطّيب فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ وَقعت لَهُ أُمُور أوجبت تغير خاطر السُّلْطَان عَلَيْهِ مِنْهَا أَنه طلب مِنْهُ أَن يقْرضهُ من مَال الْأَيْتَام شَيْئا فَامْتنعَ فَعَزله بعد مَا بَاشر سنتَيْن وَنصفا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَتِسْعين وكشف عَلَيْهِ وعقدت لَهُ مجَالِس وَحصل فِي حَقه تعصب ولفقت عَلَيْهِ قضايا بَاطِلَة أظهر الله تَعَالَى بَرَاءَته مِنْهَا وَلم يسمع عَنهُ مَعَ كَثْرَة أعدائه أَنه ارتشى فِي حكم من الْأَحْكَام ولاأخذ شَيْئا من قُضَاة الْبر كَمَا فعله من بعده من الْقُضَاة ثمَّ ولي خطابة الْقُدس مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ خطابة دمشق ومشيخة الشُّيُوخ عير مرّة ثمَّ ولاه النَّاصِر الْقَضَاء فِي صفر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة فَلم يُمكنهُ إِجْرَاء الْأُمُور على مَا كَانَ أَولا لتغير الْأَحْوَال وَاخْتِلَاف الدول ثمَّ صرفه الْأَمِير شيخ عِنْد استيلائه على دمشق فِي جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة وَفِي فتْنَة النَّاصِر ولي قَضَاء الديار المصرية مُدَّة الْحصار ثمَّ انْتقض وَكَانَ خَطِيبًا بليغا لَهُ الْيَد الطُّولى فِي النّظم والنثر مَعَ السرعة فِي ذَلِك وَكَانَ من أعظم أنصار الْحق وأعوانه أعز الله تَعَالَى بِهِ الدَّين وكف بِهِ أكف المفسدين وَكَانَ طَاهِر الدّيانَة كثير الْبكاء وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَجمع أَشْيَاء توفّي فِي أَوَائِل الْمحرم سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَدفن بالسفح بحوش بزواية الشَّيْخ أبي بكر بن دَاوُد رحم الله الْجَمِيع
724
- تَاج بن مَحْمُود الأصفهندي السيخ تَاج الدَّين نزيل حلب قدم من بِلَاد الْعَجم حَاجا ثمَّ رَجَعَ فسكن بحلب وتصدى للاشغال بهَا وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ الرواحية وأقرأ الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وتكاثر عَلَيْهِ الطّلبَة فَلم يكن يتفرغ لغير ذَلِك بل يُصَلِّي الصُّبْح ويقرىء إِلَى الظّهْر بالجامع ثمَّ يقرىء من الظّهْر إِلَى الْعَصْر بِجَامِع منكلي بغا ثمَّ يجلس من الْعَصْر إِلَى الْمغرب بالرواحية للإفتاء وَكَانَ أعزب مَعَ الْعِفَّة والديانة وَعدم الْمعرفَة بِأُمُور الدُّنْيَا وَلما طرق التتار الْبِلَاد أسر مَعَ من أسر فاستنقذه صَاحب شماخي وَأَخذه إِلَى بَلَده مكرما فَأَقَامَ عِنْده إِلَى أَن مَاتَ فِي شهر ربيع الأول سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَثَمَانمِائَة عَن سبع وَسبعين سنة بِتَقْدِيم السِّين فيهمَا أَخذ عَنهُ غَالب أهل حلب وانتفعوا بِهِ وأقرأ الْحَاوِي وَقد شرح الْمُحَرر فِي الْفِقْه
725 -
الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي الإِمَام البارع الأديب بدر الدَّين ابْن قَاضِي أَذْرُعَات اشْتغل فِي الْفِقْه على الشَّيْخَيْنِ شرف الدَّين ابْن الشريشي وَنجم الدَّين بن الجابي وَغَيرهمَا وَأخذ النَّحْو عَن الشَّيْخ شرف الدَّين الْأَنْطَاكِي وَفضل فِي ذَلِك واشتهر بِهِ وَكَانَ يتَكَلَّم كلَاما حسنا وَعبارَته جَيِّدَة وَكتب الْخط الْحسن وَكَانَ يكْتب كل يَوْم كراسا وَكَانَ الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ لما قدم الشَّام أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وناب فِي الحكم وأشغل بالجامع وَأفْتى وَترك نِيَابَة الحكم فِي آخر عمره وانجمع عَن مُخَالطَة النَّاس وَكَانَ على طَريقَة حَسَنَة توفّي فِي صفر سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة شَهدا بالطاعون وَدفن بمقبرة الشَّيْخ رسْلَان
726 -
رسْلَان بن أبي بكر بن رسْلَان بن نصير بن صَالح الإِمَام الْعَالم
البارع الأوحد أقضى الْقُضَاة جمال الْفُقَهَاء بهاء الدَّين أَبُو الْفَتْح البُلْقِينِيّ الْمصْرِيّ ابْن أخي الشَّيْخ سراج الدَّين ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَأخذ عَن عَمه وَغَيره من مَشَايِخ الْقَاهِرَة ودرس وَأفْتى وأشغل وناب فِي الْقَضَاء وَكَانَ من أذكياء الْعَالم بَلغنِي أَنه كَانَ ينتصر للرافعي فِي مباحثات عَمه للرافعي فَيَقُول لَهُ عَمه كن فَقِيه عمك وَلَا تكن فَقِيه الرَّافِعِيّ قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي كَانَ من الْعلمَاء الْأَئِمَّة وحمدت سيرته فِي الْقَضَاء وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ تفقه على عَمه وَغَيره حَتَّى مهر فِي الْفِقْه وشارك فِي الْفُنُون وتصدى للاشغال والتدريس وانتفع بِهِ الطّلبَة وَأفْتى فَكثر النَّفْع بِهِ مَعَ الْوَقار وَحسن الْخلق والشكل مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة
727 -
سعد بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن سرُور بن نصر بن مُحَمَّد الشَّيْخ الإِمَام سعد الدَّين النواوي الدِّمَشْقِي مولده سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَعشْرين وَسَبْعمائة قدم دمشق صَغِيرا وَسمع الحَدِيث واشتغل ولازم الشَّيْخ تَاج الدَّين المراكشي مُدَّة وتفقه على الشَّيْخ شمس
الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وَقَرَأَ على الشَّيْخ عماد الدَّين ابْن كثير عُلُوم الحَدِيث الَّذِي أَلفه وَأذن لَهُ بالفتوى وأشغل بالجامع وَأعَاد بالناصرية والقيمرية وَكتب فِي الإجازات وعَلى الْفَتَاوَى ودرس فِي آخر عمره بِأم الصَّالح وناب فِي الْقَضَاء وَحصل لَهُ بعد الْفِتْنَة فاقة بعد مَا كَانَ مثريا توفّي فِي ربيع الآخر سنة خمس وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عليه السلام قَاضِيا بهَا وَكَانَ قد ولي ذَلِك مُدَّة يسيرَة
728 -
عبد الله بن مُحَمَّد بن طيمان الإِمَام الْعَالم المفنن البارع الناسك جمال الدَّين الطيماني الْمصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي مولده قبيل السّبْعين وَسَبْعمائة وَقَرَأَ الْحَاوِي الصَّغِير وَأخذ عَن الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ ولازمه مُدَّة وَأخذ الْأُصُول والنحو والعلوم الْعَقْلِيَّة عَن الشَّيْخ عز الدَّين ابْن جمَاعَة وَقدم دمشق مَرَّات بِسَبَب وقف عَلَيْهِ بِدِمَشْق أَولهَا فِي آخر أَيَّام الشَّيْخ نجم الدَّين بن الجابي ثمَّ إِنَّه فِي آخر أمره أَقَامَ بِالشَّام يشغل ويفتي
ويصنف ودرس بالركنية والعذراوية والظاهرية والشامية الجوانيتين وَولي خدمَة الخانقاه السميساطية وَشرع فِي جمع أَشْيَاء لم تكمل وَاخْتصرَ شرح الشَّيْخ شرف الدَّين الغزى على الْمِنْهَاج ولخص من كَلَام الْأَذْرَعِيّ وَغَيره أَشْيَاء على الْمِنْهَاج لم يشْتَهر لغلاقة لَفظه واختصاره قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي اشْتغل وَفضل وبرع وَقدم علينا دمشق طَالبا فَاضلا ولازم التَّحْصِيل والشغل للطلبة وَكَانَ يُفْتِي ويتصوف وَأخذ عني وَكَانَ تركي الشكل وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا معربا وعمامته صَغِيرَة وَلِلنَّاسِ فِيهِ عقيدة انْتهى وَلما قدم فِي الْمرة الْأَخِيرَة ظَهرت فضائله وعلومه وَأقر لَهُ مَشَايِخ الْبَلَد حضر مرّة عِنْد الشَّيْخ شرف الدَّين الْغَزِّي فشرع يستحضر كَلَام الْمُهِمَّات مرّة بعد أُخْرَى فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَنْت تحفظ الْمُهِمَّات البارحة كنت أطالع فِي هَذِه الْمَوَاضِع وَأَنت تحفظها أَكثر مني وَكَانَ يدرس دروسا مليحة مشحونة بفوائد الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ ومباحثه ويؤديها بفصاحة وتتعدد قتل بمنزله بالتعديل فِي الْفِتْنَة الَّتِي بَين النَّاصِر وغرمائه فِي صفر سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو سبع بِتَقْدِيم السِّين وَأَرْبَعين سنة وَدفن بمقابر الحموية بِالْقربِ من قبر عَاتِكَة إِلَى جَانب الشَّيْخ الزَّاهِد عَليّ بن أَيُّوب رحمهمَا الله تَعَالَى
729 -
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن خلف الفارسكوري الْمصْرِيّ الْعَلامَة زين الدَّين ولد سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَأخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخَيْنِ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وسراج الدَّين البُلْقِينِيّ وَغَيرهمَا قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر فِيمَا كتبه إِلَى أَجَاد الْخط وَمهر فِي الْفُنُون وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَقَرَأَ الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ وَسمع وَعمل شرحا على شرح ابْن دَقِيق الْعِيد للعمدة فِي أَربع مجلدات أَجَاد فِيهِ وَكَانَ لَهُ حَظّ من عبَادَة ومروءة وسعى فِي قَضَاء حوائج من يَقْصِدهُ وَلَا سِيمَا أهل الْحجاز وَكَانَ مقلا ثمَّ قرر فِي تدريس المنصورية وَنظر الظَّاهِرِيَّة وتدريسها فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فباشر ذَلِك أحسن مُبَاشرَة وعمرت الظَّاهِرِيَّة فِي أَيَّامه وَقد جاور بِمَكَّة عَاما وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة
730 -
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن لاجين الرَّشِيدِيّ زين
الدَّين بن شمس الدَّين بن الْعَلامَة برهَان الدَّين الموقت ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وانتفع على جمَاعَة وَسمع بِدِمَشْق من جمَاعَة وَحدث وَكَانَ عِنْده علم بالميقات وَولي رئاسة المؤذنين وَكَانَ يخْطب بِجَامِع أَمِير حُسَيْن ظَاهر الْقَاهِرَة قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ بارعا فِي الْحساب والفرائض والميقات وَشرح الجعبرية والأشنهية والياسمينية فِي الْجَبْر والمقابلة وَله مجاميع حَسَنَة انْتهى وَقد وقفت على شَرحه لفرائض عبد الْعَزِيز الأشنهي وَفِيه أَوْهَام عَجِيبَة صادرة عَن عدم تَأمل توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة
731 -
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن يُوسُف بن عبد الرَّحِيم المغربي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّيْخ الْعَالم الصَّالح زين الدَّين أَبُو هُرَيْرَة ابْن أبي أُمَامَة بن النقاش ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وأسمع من جمَاعَة قَالَ صَاحبه الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ حفظ الْمِنْهَاج ودرس بعد وَفَاة أَبِيه فِي جهاته واشتهر بالديانة وَالْأَمَانَة وَصدق اللهجة وجودة الرَّأْي والصدع
بِالْحَقِّ والصرامة ثمَّ ولي الخطابة بالجامع الطولوني فَكَانَ يعلن فِي خطبَته بِعَدَمِ الظُّلم وينكر مَا يُشَاهِدهُ أَو يسمع بِهِ من الوقائع وَجَرت لَهُ فِي ذَلِك خطوب مَعَ التّرْك والقبط وَهُوَ مَعَ ذَلِك مُعظم عِنْدهم وَكَانَ مقتصدا فِي ملبسه متفضلا على الْمَسَاكِين مِمَّن ينْسب إِلَى السّنة كثير الْإِقَامَة فِي منزله مُقبلا على شَأْنه عَارِفًا بِأَمْر دينه ودنياه يكْتَسب غَالِبا من الزِّرَاعَة وَمن كري الْعقار ويبر أَصْحَابه وَيقوم بحقوقهم مَعَ محبَّة الحَدِيث وَأَهله وَكَثْرَة الْحَج والمجاورة وَكَانَ بَيْننَا مَوَدَّة مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء عشرَة وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد بَاب القرافة على قَارِعَة الطَّرِيق بِوَصِيَّة مِنْهُ ليترحم عَلَيْهِ كل من مر بِهِ ثمَّ بنيت لَهُ هُنَاكَ مصطبة وَجعل على قَبره صندوق خشب وَدفن بجنبه جمَاعَة رَحمَه الله تَعَالَى
732
- عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم الْحَافِظ الْكَبِير الْمُفِيد المتقن الْمُحَرر النَّاقِد مُحدث الديار المصرية ذُو التصانيف المفيدة زين الدَّين أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ الأَصْل الْكرْدِي
نزيل الْقَاهِرَة ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة وَحفظ التَّنْبِيه وعدة كتب واشتغل فِي الْفِقْه والقراءات وَسمع فِي غُضُون طلبه للْعلم من جمَاعَة وَأخذ عَن الشَّيْخ برهَان الدَّين الرَّشِيدِيّ وشهاب الدي النَّحْوِيّ السمين وولع بتخريج أَحَادِيث الْإِحْيَاء ورافق الزَّيْلَعِيّ الْحَنَفِيّ فِي تَخْرِيجه أَحَادِيث الْكَشَّاف وَأَحَادِيث الْهِدَايَة فَكَانَا يتعاونان وَكَانَ مفرط الذكاء فَأَشَارَ عَلَيْهِ القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة بِطَلَب الحَدِيث لما رَآهُ مكبا على تَحْصِيله وعرفه الطَّرِيق فِي ذَلِك فَطَلَبه على وَجهه من سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسمع من جمَاعَة بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ أَكثر الترحال إِلَى الشَّام والحجاز وهم بالتوجه إِلَى بَغْدَاد ثمَّ فتر عزمه وَسمع بحلب وحماة وحمص وبعلبك وطرابلس وَغَيرهَا وَسمع بالإسكندرية وَأَرَادَ التَّوَجُّه إِلَى تونس فَلم يتَّفق لَهُ ذَلِك وَأخذ علم الحَدِيث عَن الشَّيْخ عَلَاء الدَّين بن التركماني الْحَنَفِيّ وَأخذ الْفِقْه عَن الْعَلامَة جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ
والعماد البلبيسي وَغَيرهمَا وَخرج أَرْبَعِينَ حَدِيثا متباينة الْبِلَاد وَأخذ عَنهُ ابْنه الشَّيْخ ولي الدَّين وَالشَّيْخ نور الدَّين الهيثمي وبرهان الدَّين الإبناسي وَكَمَال الدَّين الدَّمِيرِيّ وزين الدَّين الفارسكوري وجمال الدَّين بن ظهيرة وشهاب الدَّين بن حجر وبرهان الدَّين العجمي الْحلَبِي ودرس بالكاملية والفاضلية قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين بن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ لَكِن لم يكملها رَأَيْتهَا بِخَطِّهِ وَقد زَادَت على الثَّلَاثِينَ ثمَّ أقبل على التصنيف فنظم عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح ثمَّ شَرحه وَعمل نكتا على ابْن الصّلاح وَشرع فِي تَكْمِلَة شرح التِّرْمِذِيّ تذييلا على ابْن سيد النَّاس فَكتب مِنْهُ نَحْو عشر مجلدات
إِلَى دون ثُلثي الْجَامِع وَخرج أَحَادِيث الْإِحْيَاء وبيض مِنْهُ قدر مجلدين وَلَو كمل لَكَانَ فِي سِتَّة مَعَ أَن مسودته بهَا كَامِلَة بِخَطِّهِ ثمَّ اختصر هَذَا فِي مُجَلد سَمَّاهُ الْمُغنِي وَله نظم غَرِيب الْقُرْآن ونظم السِّيرَة النَّبَوِيَّة فِي ألف بَيت ونظم الْمِنْهَاج الْبَيْضَاوِيّ واستدرك على الْمُهِمَّات فِي الْفِقْه كتابا سَمَّاهُ تتمات الْمُهِمَّات وَعمل الوفيات ذيلا على ذيل أبي الْحُسَيْن بن أيبك وَعقد مجْلِس الْإِمْلَاء فِي كل ثلاثاء غَالِبا فأملى أَكثر من أَرْبَعمِائَة مجْلِس من حفظه كَثِيرَة الْفَائِدَة وَولي قَضَاء الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ فَأَقَامَ بهَا نَحْو ثَلَاث سِنِين قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي كَانَ مُحدث الديار المصرية انْتَهَت إِلَيْهِ معرفَة علم الحَدِيث وَكتب وَجمع وصنف وَخرج أَحَادِيث الْإِحْيَاء وَولي بِالْقَاهِرَةِ مشيخة الحَدِيث بعدة مَوَاضِع ثمَّ علت سنة ودرس بِالْقَاهِرَةِ بالفاضلية وَغَيرهَا وَكَانَ حسن الْوَجْه والشبيه وَقَالَ صَاحبه الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ صَار المنظور إِلَيْهِ فِي هَذَا الْفَنّ وَقد وَصفه بحافظ الْعَصْر الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ ذكره ذَلِك فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة ابْن سيد النَّاس وَفِي الْمُهِمَّات أَيْضا وَكَانَ شُيُوخ الْعَصْر يبالغون فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ بالمعرفة كالسبكي
والعلائي وَعز الدَّين بن جمَاعَة وَابْن كثير وَكَانَ مَعَ ذكائه سريع الْحِفْظ جدا أَخْبرنِي أَنه حفظ من الإِمَام فِي يَوْم وَاحِد أَرْبَعمِائَة سطر وَأَنه حفظ نصف الْحَاوِي فِي الْفِقْه فِي خَمْسَة عشر يَوْمًا أَو اثْنَي عشر الشَّك مني وَذكر جملَة من محاسنة ومآثره وَكَانَ لَا يتْرك قيام اللَّيْل وَإِذا صلى الصُّبْح ذكر الله فِي مَجْلِسه حَتَّى تطلع الشَّمْس وَيُصلي الضُّحَى وَلم أر فِي جَمِيع مشايخي أحسن صَلَاة مِنْهُ مَاتَ بعد خُرُوجه من الْحمام فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَدفن فِي تربة خَارج بَاب البرقية قَالَ رَفِيقه الشَّيْخ نور الدَّين الهيثمي رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي النّوم وَعِيسَى عليه الصلاة والسلام عَن يَمِينه وَالشَّيْخ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ عَن يسَاره
733 -
عبد اللَّطِيف بن أَحْمد الفوي الْمصْرِيّ ثمَّ الْحلَبِي سراج الدَّين ولد سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا واشتغل فِي الْقَاهِرَة على الشَّيْخَيْنِ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وشمس الدَّين الكلائي وَغَيرهمَا ثمَّ قدم دمشق وَصَحب القَاضِي فتح الدَّين ابْن الشَّهِيد وَالْقَاضِي ولي الدَّين بن أبي الْبَقَاء ثمَّ
دخل حلب فقطنها وشغل النَّاس بهَا بالجامع الْكَبِير وَولي قَضَاء الْعَسْكَر ثمَّ صرف عَنهُ ثمَّ ولي تدريس الظَّاهِرِيَّة فتوزع فِي نصفهَا قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي عِنْد ذكر قدومه دمشق وَعِنْده معرفَة بالأدب وَالشعر ثمَّ توجه إِلَى حلب وَأقَام بهَا ودرس وَكَانَ معدودا من علمائها وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين بن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ كَانَ ماهرا فِي الْفَرَائِض مشاركا فِي غَيرهَا سريع الْإِدْرَاك كثير الِاشْتِغَال قوي التَّصَرُّف لَهُ نظم ونثر وَلم يزل مُقيما بحلب إِلَى أَن خرج مِنْهَا وَقدم دمشق فِي أَوَاخِر الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة فَقتل فِي خَان غباغب وَلم يعرف قَاتله وَقيل إِنَّه تقبع فِي حلب
734 -
عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّيْخ فَخر الدَّين الْبرمَاوِيّ الْمصْرِيّ ولد سنة بضع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة اشْتغل بالفقه والْحَدِيث والعربية حَتَّى مهر فِيهَا ولازم الشَّيْخ فَخر الدَّين إِمَام جَامع الْأَزْهَر فِي الْقرَاءَات حَتَّى نبغ
وَاسْتقر بعد شيخة الْمَذْكُور فِي درس الْقرَاءَات بالظاهرية الجديدة وَولي مشيخة الإقراء أَيْضا بالشيخونية وَسمع الْكثير واستملى بعض مجَالِس من أمالي الْعِرَاقِيّ وناب فِي الحكم عَن القَاضِي جلال الدَّين وباشر قِرَاءَة البُخَارِيّ عَلَيْهِ بالقلعة مَاتَ فَجْأَة فِي شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة خرج من الْحمام فَمَاتَ
735 -
عَليّ بن أَحْمد الْيَمَانِيّ الْمَعْرُوف بالأزرق من أهل أَبْيَات حُسَيْن قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين بن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ كَانَ كثير الْعِنَايَة بالفقه مَشْهُورا بالذكاء جمع كتابا كَبِيرا وانتفع بِهِ أهل تِلْكَ الْبِلَاد مَاتَ فِي سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَمَانمِائَة
736 -
عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى الصرخدي الشَّيْخ عَلَاء الدَّين نزيل
حلب تفقه وَسمع الحَدِيث على الْمزي وَغَيره ثمَّ قطن حلب وَكَانَ يبْحَث مَعَ الْأَذْرَعِيّ كثيرا ويلازم منزله وَلَا يكْتب على الْفَتْوَى إِلَّا نَادرا ودرس آخرا بِجَامِع تغري بردى مَاتَ فِي فتْنَة التتار فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة
737
- عمر بن رسْلَان بن نصير بن صَالح بن شهَاب بن عبد الْخَالِق بن عبد الْحق الشَّيْخ الْفَقِيه الْمُحدث الْحَافِظ الْمُفَسّر الأصولي الْمُتَكَلّم النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ المنطقي الجدلي الخلافي النظار شيخ الْإِسْلَام بَقِيَّة الْمُجْتَهدين مُنْقَطع القرين فريد الدَّهْر أعجوبة الزَّمَان سراج الدَّين أَبُو حَفْص الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الأَصْل البُلْقِينِيّ المولد الْمصْرِيّ مولده فِي شعْبَان سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة ببلقينة من قرى مصر الغربية وَحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع سِنِين بِبَلَدِهِ وَحفظ الشاطبية وَالْمُحَرر للرافعي والكافية الشافية لِابْنِ مَالك ومختصر ابْن الْحَاجِب وَقدم الْقَاهِرَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَاجْتمعَ بِالْقَاضِي جلال الدَّين الْقزْوِينِي وَالشَّيْخ تَقِيّ الدَّين
السُّبْكِيّ وأثنيا عَلَيْهِ مَعَ صغر سنه ثمَّ قدمهَا فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَقد ناهز الِاحْتِلَام مستوطنا ودرس الْفِقْه على الشَّيْخ نجم الدَّين الأسواني وَابْن عَدْلَانِ وزين الدَّين الكتنائي وشمس الدَّين بن التَّاج وَحضر عِنْد الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ وَبحث مَعَه فِي الْفِقْه وَأخذ الْأُصُول عَن الشَّيْخ شمس الدَّين الْأَصْفَهَانِي وَأَجَازَهُ بالإفتاء وَأخذ النَّحْو وَالْأَدب عَن الشَّيْخ أبي حَيَّان وَتخرج بغيرهم من مَشَايِخ الْعَصْر وَسمع البُخَارِيّ من الشَّيْخ جمال الدَّين ابْن شَاهد الْجَيْش وَمُسلم من القَاضِي شمس الدَّين ابْن القماح وَسمع بَقِيَّة الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا من المسانيد وَغَيرهَا من جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ من دمشق الحافظان الْمزي
والذهبي وَابْن الْجَوْزِيّ وَابْن نباتة وَابْن الخباز وَغَيرهم واشتهر اسْمه وَعلا ذكره وَظَهَرت فضائله وبهرت فَوَائده وَاجْتمعت الطّلبَة للاشتغال عَلَيْهِ بكرَة وعشيا قَالَ وَلَده القَاضِي جلال الدَّين وَكَانَ يلقى الْحَاوِي فِي الْأَيَّام الْيَسِيرَة وَوصل فِي ذَلِك إِلَى أَنه أَلْقَاهُ فِي جَامع الْأَزْهَر فِي ثَمَانِيَة أَيَّام وَحج فِي سنة أَرْبَعِينَ مَعَ وَالِده وَاجْتمعَ بالشيخ صَلَاح الدَّين العلائي بالقدس ثمَّ حج فِي سنة تسع وَأَرْبَعين ثمَّ صاهر ابْن عقيل فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وناب عَنهُ لما ولي الْقَضَاء تِلْكَ الْمدَّة الْيَسِيرَة وَولي تدريس الزاوية بعد وَفَاة ابْن عقيل وَكَانَ قبل ذَلِك قد ولي تدريس الحجازية فَإِن واقفتها عمرتها لأَجله ثمَّ ولي قَضَاء الشَّام سنة سبع وَسِتِّينَ فباشره مُدَّة يسيرَة ثمَّ استعفى وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَولي تدريس الملكية بعد وَفَاة الْإِسْنَوِيّ وتدريس جَامع طولون بعد وَفَاة ابْني السُّبْكِيّ وَقَضَاء الْعَسْكَر بعد ابْن السُّبْكِيّ وَكَانَ قد ولي قبل سَفَره إِلَى الشَّام
إِفْتَاء دَار الْعدْل فِي سنة خمس وَسِتِّينَ رَفِيقًا لبهاء الدَّين السُّبْكِيّ وَهُوَ أول شَيْء وليه من المناصب وَولي تدريس الألجهية من واقفها وَولي تدريس الشَّافِعِي رضي الله عنه بعد عزل ابْن جمَاعَة فَلَمَّا عَاد ابْن جمَاعَة عوضه تدريس الْفِقْه بِجَامِع طولون ودرس بالظاهرية البرقوقية وَولي درس التَّفْسِير ومشيخة الميعاد بهَا ثمَّ نزل عَن بعض وظائفه لِوَلَدَيْهِ وَاسْتمرّ بِيَدِهِ الزاوية والظاهرية إِلَى حِين وَفَاته أَقَامَ مدرسا بالزاوية سِتَّة وَثَلَاثِينَ سنة يُقرر فِيهَا مَذْهَب الشَّافِعِي على أعظم وَجه وأكمله وَظهر لَهُ الأتباع وَالْأَصْحَاب وَصَارَ هُوَ الإِمَام الْمشَار إِلَيْهِ والمعول فِي الإشكالات والفتاوى عَلَيْهِ وأتته الفتاوي من الأقطار الْبَعِيدَة ورحل النَّاس من الأقطار النائية للْقِرَاءَة عَلَيْهِ وخضع لَهُ كل من ينْسب إِلَى علم من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَغَيرهَا وَخرج لَهُ الْحَافِظ ابْن حجر أَرْبَعِينَ حَدِيثا عَن أَرْبَعِينَ شَيخا وَخرج لَهُ الْحَافِظ ولي الدَّين ابْن الْعِرَاقِيّ مائَة حَدِيث من عواليه وأبداله وَقد أثنى عَلَيْهِ عُلَمَاء عصره طبقَة بعد طبقَة من قبل الْخمسين إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ الشَّيْخ شمس الدَّين الْأَصْفَهَانِي كثير التَّعْظِيم لَهُ وَأَجَازَهُ الشَّيْخ أَبُو حَيَّان وَكتب لَهُ فِي إِجَازَته مَا لم يكْتب لأحد قبله وسنه إِذْ ذَاك دون الْعشْرين وَكَانَ القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة يعظمه ويبالغ فِي تَعْظِيمه جدا وَكتب لَهُ ابْن عقيل على بعض تصانيفه أَحَق النَّاس بالفتوى فِي زَمَانه وَقَالَ لَهُ أَيْضا لم لَا
تكْتب على سِيبَوَيْهٍ شرحا هَذَا مَعَ اتِّفَاق النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان على ان ابْن عقيل هُوَ المرجوع إِلَيْهِ فِي علم النَّحْو وَذكر لَهُ وَلَده القَاضِي جلال الدَّين تَرْجَمَة فِي مجلدة مُشْتَمِلَة على مناقبه وفوائده وَأنْشد قَول الْقَائِل
…
وَلَيْسَ يَصح فِي الأذهان شَيْء
…
إِذا احْتَاجَ النَّهَار إِلَى دَلِيل
…
قَالَ وَقد ختم الْقُرْآن الْعَظِيم بمعياده وأتى فِيهِ من الْوَعْظ مَا يكون إِن شَاءَ الله تَعَالَى شَيْئا لإسعاده وَكَانَ من الْعُلُوم بِحَيْثُ يقْضى لَهُ فِي كل علم بِالْجمعِ وَكَانَ كثير الصَّدَقَة طارحا للتكلف قَائِما فِي الْحق ناصرا للسّنة قامعا لأهل الْبِدْعَة مُبْطلًا للمكوس والمظالم مُعظما عِنْد الْمُلُوك أبطل فِي دولة الْأَشْرَف مكس الملاهي وأبطل فِي دولة الْمَنْصُور مكس القراريط وَكَانَ مكس القراريط كثير البشاعة جدا وَعرض عَلَيْهِ الْملك الْمَنْصُور أَيَّام طشمتر قَضَاء الديار المصرية فَامْتنعَ غَايَة الِامْتِنَاع وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي طلب الْعلم فِي صغره وَحصل الْفِقْه والنحو والفرائض وشارك فِي الْأُصُول وَغَيره وفَاق الأقران فِي الْفِقْه ثمَّ أقبل على الحَدِيث وَحفظ متونه وَحفظ رِجَاله فحفظ من ذَلِك شَيْئا كثيرا
وَكَانَ فِي الْجُمْلَة أحفظ النَّاس لمَذْهَب الشَّافِعِي واشتهر بذلك وطبقة شُيُوخه موجودون وَبعد صيته ثمَّ قدم علينا قَاضِيا بِالشَّام وَهُوَ إِذْ ذَاك كهل فبهر النَّاس بحفظه وَحسن عِبَارَته وخضع لَهُ الشُّيُوخ فِي ذَلِك الْوَقْت واعترفوا بفضله ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده وَبنى مدرسة بِالْقَاهِرَةِ وأثرى وَكثر مَاله وتصدى للْفَتْوَى والإشغال وَكَانَ معول النَّاس فِي ذَلِك عَلَيْهِ ورحلوا إِلَيْهِ وَكثر طلبته فِي الْبِلَاد وأفتوا ودرسوا وصاروا شُيُوخ بِلَادهمْ فِي أَيَّامه وَكَانَ صَحِيح الْحِفْظ قَلِيل النسْيَان ثمَّ صَار لَهُ اختيارات يُفْتِي بهَا وَله نظم كثير متوسط فِي الحكم والمواعظ وَنَحْو ذَلِك وَله تصانيف كَثِيرَة لم تتمّ يصنف قطعا ثمَّ يَتْرُكهَا وقلمه لَا يشبه لِسَانه وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر بعد ذكر ابْتِدَاء أَمر الشَّيْخ وَصَارَ مُعظما عِنْد الأكابر كثير السمعة عِنْد الْعَامَّة وتصدى لتتبع الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ فِي خطابه حَتَّى كَانَ يتوقى الْإِفْتَاء هَيْبَة لَهُ وعول النَّاس عَلَيْهِ فِي الْإِفْتَاء فَكَانَ يتَصَدَّى لذَلِك من بعد صَلَاة الْعَصْر إِلَى الْمغرب غَالِبا وَلَا يفتر غَالِبا من الاشغال إِمَّا مطالعة وَإِمَّا تصنيفا وَإِمَّا إقراء وَكَانَ عَظِيم الْمُرُوءَة جميل الْمَوَدَّة كثير الِاحْتِمَال كثير المباسطة مَعَ مهابته وَكَانَ يعْمل مجْلِس الْوَعْظ وَيجمع عِنْده الْفُقَرَاء والصلحاء وَيحصل لَهُ خشوع وخضوع وَشهد جمع جم بِأَنَّهُ الْعَالم الَّذِي على رَأس الْقرن وَمِمَّنْ رَأَيْت خطه بذلك فِي حَقه شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ وَقَالَ الْحَافِظ برهَان الدَّين سبط ابْن العجمي سَأَلَني الشَّيْخ شهَاب الدَّين الْأَذْرَعِيّ عَن مولد الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ فَذَكرته لَهُ فَقَالَ أَنا أصلح أَن أكون وَالِده ثمَّ ذكر لي أَنه لم ير أحفظ مِنْهُ
لنصوص الشَّافِعِي انْتهى توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَدفن بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بدرب بهاء الدَّين ورثاه تِلْمِيذه الإِمَام الْحَافِظ أَبُو الْفضل أَحْمد بن حجر بقصيدة طنانة وَمن تصانيفه كتاب محَاسِن الِاصْطِلَاح وتضمين كتاب ابْن الصّلاح فِي عُلُوم الحَدِيث كتاب تَصْحِيح الْمِنْهَاج أكمل مِنْهُ الرّبع الْأَخير فِي خَمْسَة أَجزَاء وَكتب من ربع النِّكَاح تَقْدِير جُزْء وَنصف الْكَشَّاف على الْكَشَّاف وصل فِيهِ إِلَى اثناء سُورَة الْبَقَرَة فِي ثَلَاث مجلدات ضخمة وَشرح البُخَارِيّ كتب مِنْهُ نَحْو خمسين كراسا على أَحَادِيث يسيرَة إِلَى أثْنَاء الْإِيمَان ومواضع مفرقة سَمَّاهُ بالفيض الْبَارِي على صَحِيح البُخَارِيّ التدريب فِي الْفِقْه كتب مِنْهُ إِلَى الرَّضَاع والتأديب مُخْتَصر التدريب كتب مِنْهُ النّصْف ومنهج الْأَصْلَيْنِ أكمل مِنْهُ أصل الدَّين وَكتب مِنْهُ قَرِيبا من نصف أصُول الْفِقْه كتاب الْمَنْصُوص وَالْمَنْقُول عَن الشَّافِعِي فِي الْأُصُول كتب مِنْهُ قِطْعَة صَالِحَة تَرْتِيب الْأُم على الْأَبْوَاب وَقد أكمله وَلَكِن بَقِي مِنْهُ بقايا والفوائد الْمَحْضَة على الشَّرْح وَالرَّوْضَة كتب مِنْهُ أَجزَاء مفرقة الملمات برد الْمُهِمَّات كتب مِنْهُ أَجزَاء مفرقه الينبوع فِي إِكْمَال الْمَجْمُوع كتب مِنْهُ أَجزَاء من النِّكَاح الْعرف الشذي على جَامع
التِّرْمِذِيّ كتب مِنْهُ قِطْعَة صَالِحَة وَالسَّبَب فِي عدم إكماله لغالب مصنفاته اشْتِغَاله بالإشغال والتدريس والتحديث والإفتاء
738 -
عمر بن عبد الله بن عمر بن دَاوُد الشَّيْخ زين الدَّين ابْن الشَّيْخ جمال الدَّين الكفري الدِّمَشْقِي كَانَ فَقِيها فَاضلا فِي الْفِقْه مَوْصُوفا باستحضار الرَّوْضَة وَأذن لَهُ بالفتوى وتصدر بالجامع الْأمَوِي وَعرض عَلَيْهِ نِيَابَة الْقَضَاء فَامْتنعَ وَكَانَ يرجع الى دين وَعِنْده قُوَّة نفس قتل فِي أَوَاخِر ربيع الْأُخَر أَو أَوَائِل جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة على يَد التتار بقرية بَيت إيما وَكَانَ قد خرج إِلَيْهَا هَارِبا
739 -
عمر بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة عُمْدَة المصنفين سراج الدَّين أَبُو حَفْص الْأنْصَارِيّ الأندلسي الأَصْل الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الملقن كَانَ أَبوهُ نحويا مَعْرُوفا
بالتقدم فِي ذَلِك وَمَات وَولده صَغِير فرباه زوج أمه الشَّيْخ عِيسَى المغربي الملقن فَعرف بِهِ ولد فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة أَخذ عَن الْإِسْنَوِيّ ولازمه وَعَن غَيره من شُيُوخ الْعَصْر وَسمع الحَدِيث الْكثير حَتَّى إِنَّه ذكر مرّة أَنه سمع ألف جُزْء حَدِيثِيَّةٌ وَدخل دمشق سنة سبعين طَالبا للْحَدِيث وصنف قَدِيما فِي حَيَاة شَيْخه واشتهر بشرح الْمِنْهَاج الْكَبِير لَهُ ووقف عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيّ واستفاد مِنْهُ وَاعْتَرضهُ فِي مَوَاضِع وَقد مَاتَ الْأَذْرَعِيّ قبله بدهر ودرس وَأفْتى وصنف التصانيف الْكَثِيرَة فِي أَنْوَاع الْعُلُوم واشتهرت فِي حَيَاته ونقلت إِلَى الْبِلَاد ونفع الله تَعَالَى بهَا وَأولى علومه الحَدِيث وناب فِي الحكم ثمَّ سعى فِي الْقَضَاء على مستخلفه ابْن أبي الْبَقَاء وَجرى لَهُ فِي ذَلِك كائنة مَشْهُورَة قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وَتخرج فِي الحَدِيث بزين الدَّين الرَّحبِي وعلاء الدَّين مغلطاي وَكتب عَنْهُمَا الْكثير وَأكْثر من
تَحْصِيل الْأَجْزَاء وَسَمَاع الْكتب الْكِبَار وعني بالفقه فَأخذ عَن شُيُوخ عصره وَمهر فِي الْفُنُون وَكَانَ فِي أول أمره ذكيا فطنا رَأَيْت خطوط فضلاء ذَلِك الْعَصْر فِي طَبَقَات السماع توصفه بِالْحِفْظِ وَنَحْوه من الصِّفَات العلمية وَلَكِن لما رَأَيْنَاهُ لم يكن فِي الاستحضار وَلَا فِي التَّصَرُّف بِذَاكَ فَكَأَنَّهُ لما طَال عمره استروح وغلبت عَلَيْهِ الْكِتَابَة فَوقف ذهنه واعتنى بالتصنيف فشرح كثيرا من الْكتب الْمَشْهُورَة كالمنهاج والتنبيه وَالْحَاوِي فَلهُ على كل وَاحِد مِنْهَا عدَّة تصانيف يشْرَح الْكتاب شرحا كَبِيرا ووسطا وصغيرا ويفرد لغاته وأدلته وتصحيحه وَنَحْو ذَلِك وَمن محَاسِن تصانيفه شرح الْحَاوِي رَأَيْت مِنْهُ نُسْخَة كتبت عَنهُ فِي حُدُود سنة خمسين وَشرح البُخَارِيّ فِي عشْرين مجلدة وَعَمله فِي نصفه الأول أقوى من عمله فِي نصف الآخر وَقد ذكر أَن بَينهمَا مُدَّة عشْرين سنة ثمَّ شرح زَوَائِد مُسلم ثمَّ زَوَائِد أبي دَاوُد ثمَّ زَوَائِد التِّرْمِذِيّ ثمَّ زَوَائِد النَّسَائِيّ ثمَّ زَوَائِد ابْن ماجة كَذَا رَأَيْت بِخَطِّهِ وَلَكِن لم يُوجد ذَلِك بعده لِأَن كتبه احترقت قبل مَوته بِقَلِيل وزاح فِيهَا من الْكتب النفيسة الْمَوْقُوفَة وَغير الْمَوْقُوفَة شَيْء كثير وصنف فِي كل فن فشرح الألفية فِي الْعَرَبيَّة ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ ومختصر ابْن الْحَاجِب وَعمل الْأَشْبَاه والنظائر وَجمع فِي الْفِقْه كتابا سَمَّاهُ الْكَافِي أَكثر فِيهِ من النقول الغربية واشتهر اسْمه وطار صيته وَرغب النَّاس فِي تصانيفه لِكَثْرَة فوائدها وبسطها وجودة ترتيبها وَكَانَت كِتَابَته أَكثر من استحضاره فَلَمَّا دخل الشَّام فاتحوه فِي كثير من مشكلات تصانيفه فَلم يكن لَهُ بذلك شُعُور وَلَا أجَاب عَن شَيْء مِنْهُ فَقَالُوا فِي حَقه نَاسخ كثير الْغَلَط وَقد تغير قبل مَوته فحجبه وَلَده إِلَى أَن مَاتَ وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي تغمده الله برحمته صنف فِي أَيَّام
شَيْخه الْإِسْنَوِيّ قَدِيما شرح الْمِنْهَاج ثمَّ صنف تَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ ورد علينا دمشق فِي سنة سبعين طَالبا لسَمَاع الحَدِيث فاعتنى بِهِ القَاضِي تَاج الدَّين لما ورد عَلَيْهِ وَكتب لَهُ على مُؤَلفه وأرسله إِلَى الشَّيْخ عماد الدَّين بن كثير فَكتب لَهُ أَيْضا وَإِنَّمَا اسْتَعَانَ بِكِتَاب القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة ثمَّ كتب بعد ذَلِك كتبا عديدة والمصريون ينسبونه إِلَى سَرقَة تصانيفه فَإِنَّهُ مَا كَانَ يستحضر شَيْئا وَلَا يُحَقّق علما ويؤلف المؤلفات الْكَثِيرَة على معنى النّسخ من كتب النَّاس وَقَالَ غَيره كَانَ فريد الدَّهْر فِي كَثْرَة التواليف وحسنها وَعبارَته حَسَنَة وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس جدا وَكَانَ من أعذب النَّاس ألفاظا وَأَحْسَنهمْ خلقا وأجملهم صُورَة كثير الْمُرُوءَة وَالْإِحْسَان والتواضع وَكَانَ موسعا عَلَيْهِ كثير الْكتب جدا ثمَّ احْتَرَقَ غالبها قبل مَوته توفّي فِي ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش الصُّوفِيَّة خَارج بَاب النَّصْر وَمن الْعَجَائِب أَن الْمَشَايِخ الثَّلَاثَة هُوَ والبلقيني والعراقي كَانُوا أعجوبة هَذَا الْعَصْر على رَأس الْقرن الشَّيْخ فِي التَّوَسُّع فِي معرفَة مَذْهَب الشَّافِعِي وَابْن الملقن فِي كَثْرَة التصانيف والعراقي فِي معرفَة الحَدِيث وفنونه وكل من الثَّلَاثَة ولد قبل الآخر بِسنة وَمَات قبله بِسنة وَمن تصانيفه تَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ سَمَّاهُ الْبَدْر الْمُنِير فِي سِتّ مجلدات وَاخْتَصَرَهُ فِي نَحْو عشرَة سَمَّاهُ الْخُلَاصَة ثمَّ اخْتَصَرَهُ فِي تصنيف لطيف وَسَماهُ الْمُنْتَقى وَتَخْرِيج أَحَادِيث الْمُهَذّب وَتَخْرِيج أَحَادِيث الْوَسِيط شرح الْعُمْدَة سَمَّاهُ الْإِعْلَام بفوائد عُمْدَة الْأَحْكَام وَهُوَ من أحسن
مصنفاته تَلْخِيص مُسْند الإِمَام أَحْمد وصحيح ابْن حبَان الِاعْتِرَاض على مُسْتَدْرك الْحَاكِم الإشراف على أَطْرَاف الْكتب السِّتَّة الْمقنع فِي عُلُوم الحَدِيث مُخْتَصر دَلَائِل النُّبُوَّة عُمْدَة الْمُحْتَاج إِلَى كتاب الْمِنْهَاج فِي ثَمَان مجلدات والعجالة شرح مُخْتَصر فِي ثَلَاث مجلدات الِاعْتِرَاض على الْمِنْهَاج مُجَلد شرح التَّنْبِيه الْكَبِير شرح ثَانِي متوسط نَحْو الزنكلوني وَآخر صَغِير والأمنية على أسلوب نكت النشائي وطبقات الْمُحدثين وطَبَقَات الشَّافِعِيَّة وطبقات الْقُرَّاء وطبقات الصُّوفِيَّة وتاريخ دولة التّرْك وَشرح الْحَاوِي فِي ثَلَاث مجلدات ونكت عَلَيْهِ جُزْء وَشرح الْمِنْهَاج الْبَيْضَاوِيّ وَغَايَة السول فِي خَصَائِص الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَغير ذَلِك وَقَالَ بَعضهم بلغت مصنفاته نَحْو ثَلَاثمِائَة مُصَنف وَاخْتصرَ تَهْذِيب الْكَمَال للمزي وَرِجَال الْكتب السِّتَّة الزَّائِدَة على ذَلِك مُسْند أَحْمد وصحيحي ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان ومستدرك الْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ
740 -
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن قَاضِي الْقُضَاة صدر الدَّين أَبُو الْمَعَالِي السّلمِيّ الْمَنَاوِيّ الْمصْرِيّ مولده فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأَبوهُ حِينَئِذٍ يَنُوب عَن القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة وَنَشَأ فِي سَعَادَة وَحفظ التَّنْبِيه وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَجمع لَهُ الْحَافِظ أَبُو زرْعَة مشيخة فِي خَمْسَة أَجزَاء وناب فِي الحكم وَهُوَ
شَاب ودرس وَأفْتى وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل وتدريس الشيخونية والمنصورية ثمَّ ولي قَضَاء الْقَاهِرَة اسْتِقْلَالا أَربع مَرَّات نَحْو خمس سِنِين فِي مُدَّة إِحْدَى عشرَة سنة وَنصف قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وَكتب شَيْئا على جَامع المختصرات وَخرج أَحَادِيث المصابيح وَتكلم على مَوَاضِع مِنْهُ وَحدث وَحَضَرت بعض المجالسين عَلَيْهِ وَكَانَ كثير التودد إِلَى النَّاس مهابا شهما مُعظما عِنْد الْخَاص وَالْعَام لَهُ صُورَة كَبِيرَة وحشمة بَالِغَة وَكلمَة نَافِذَة ويسار ظَاهر وَكَانَ مُنْذُ نَشأ يسْلك طَرِيق برهَان الدَّين ابْن جمَاعَة فِي التعاظم ثمَّ الان جَانِبه بعد الِاسْتِقْلَال وَكَانَت لَهُ عناية بتحصيل الْكتب النفيسة فَحصل مِنْهَا شَيْئا كثيرا عرفت بعده وَكَانَ يهاب الْملك الظَّاهِر فَلَمَّا مَاتَ أَمن على نَفسه وَتحقّق أَنهم لَا يقدمُونَ على عَزله لما تقرر لَهُ فِي الْقُلُوب من المهابة فسافر مَعَ الْعَسْكَر إِلَى قتال تنم فازدادت حرمته وَعظم فَوق مَا فِي نَفسه ثمَّ سَافر مَعَهم إِلَى قتال اللنك فانعكس الْأَمر وَأسر وأهين جدا وسافروا بِهِ وَهُوَ فِي قيد فغرق فِي نهر الزاب فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة بعد أَن قاسى أهوالا وَمن الْعَجَائِب أَنه كَانَ يهاب ركُوب الْبَحْر فَكَانَ لَا يتَوَجَّه إِلَى منزلهم بالروضة بِجَانِب المقياس أَيَّام زِيَادَة النّيل خشيَة من ركُوب الْبَحْر فاتفق أَنه لم يمت إِلَّا غريقا رَحمَه الله تَعَالَى
741 -
مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعد الله بن جمَاعَة الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْمُحَقق المفنن الْجَامِع بَين أشتات الْعُلُوم فريد الْعَصْر عز الدَّين أَبُو عبد الله بن الشَّيْخ شرف الدَّين بن قَاضِي الْقُضَاة عز الدَّين بن قَاضِي الْقُضَاة بدر الدَّين الْكِنَانِي الْحَمَوِيّ الأَصْل الْمصْرِيّ شيخ الديار المصرية فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بطرِيق يَنْبع وأحضر إِلَى أبي الْفَتْح الْمَيْدُومِيُّ وَأبي الْحسن القرمي وَأبي عبد الله الْبَيَانِي وَسمع على جده وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة من شُيُوخ مصر وَالشَّام باستدعاء الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ وحبب إِلَيْهِ الِاشْتِغَال فأكب عَلَيْهِ وَلم يلْتَفت إِلَى شَيْء من الْأَشْيَاء إِلَّا إِلَيْهِ فمهر فِي النَّحْو والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وتوغل فِي الْكَلَام والطب والتشريح وَكَانَ آيَة من الْآيَات فِي معرفَة الْعُلُوم الأدبية والعقلية والأصلين وَأخذ عَنهُ غَالب
أهل مصر قَالَ الشَّيْخ جمال الدَّين الطيماني رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّه كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ وَيسمع دروسه وَكَانَ إِذْ ذَاك نَحْو خمسين درسا فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة فِي دقائق الْعُلُوم قَالَ وَكَانَ يستحضر الْكِفَايَة لِابْنِ الرّفْعَة وَمَعَ ذَلِك فَلَيْسَ هُوَ مِمَّن يشار إِلَيْهِ فِي علم الْفِقْه وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ فِيمَا كتب بِهِ إِلَيّ إِنَّه فاق الأقران بذكائه وَقُوَّة حافظته وَحسن تَقْرِيره وتصدى للإشغال فَكَانَ لَا يمل مَعَ اطراح التَّكَلُّف وَعدم الْحِرْص والتقنع باليسير وصنف التصانيف الْكَثِيرَة المبسوطة والمختصرة مِنْهَا شرح جمع الْجَوَامِع وحاشية على الْعَضُد وَقد جمع تصانيفه فِي نَحْو من عشْرين فَنًّا ورتبها وَهِي تزيد على مِائَتي مُصَنف ضَاعَ أَكْثَرهَا بأيدي الطّلبَة وَلم يكن يقرىء كتابا إِلَّا وَيكْتب عَلَيْهِ حَاشِيَة وَمَا سمع أحد شَيخا فِي عصره يُقرر أحسن من تَقْرِيره وَقد صنف فِي الْعرُوض وفنون الْأَدَب وَلم يكن لَهُ ملكة فِي النّظم وَلَا فِي حسن الِاخْتِصَار وَكَانَ من علو همته لَا ينظر شَيْئا إِلَّا وَأحب أَن يقف على أَصله ويشارك فِيهِ حَتَّى أَن لَهُ تصنيفا فِي الرمل وَفِي لعب الرمْح والنشاب وتركيب النقط وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ من الْعُلُوم بِحَيْثُ يقْضى لَهُ فِي كل علم بِالْجَمِيعِ وَبَلغنِي أَنه كَانَ يتحَرَّى أَن لَا يكون إِلَّا على طَهَارَة وَلَا يُمكن أحدا عِنْده من الْغَيْبَة مَعَ مَا هُوَ فِيهِ من ممازحة الطّلبَة ومفاكهتهم والتواضع المفرط مَاتَ فِي شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة شَهِيدا بالطاعون وَلم يخلف بعده مثله
742
- مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَلِيل الغراقي بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وَبعد الْألف قَاف نِسْبَة إِلَى بعض قرى الديار المصرية الشَّيْخ شمس الدَّين ولد قبل السِّتين وَسَبْعمائة وَقدم الْقَاهِرَة وَأخذ عَن الشَّيْخَيْنِ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وسراج الدَّين البُلْقِينِيّ وَغَيرهمَا ولازم الإشتغال إِلَى أَن برع قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ إنتهت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي معرفَة الْفَرَائِض وقصده الطّلبَة لذَلِك حَتَّى صَار غالبهم الْآن من طلبته وَكَانَ منتصبا للإشغال فِي الْجَامِع الْأَزْهَر مَعَ الدَّين وَالْخَيْر وَحسن السمت والتواضع وَالصَّبْر على الطّلبَة وباشر الْإِمَامَة بالجامع الْمَذْكُور نِيَابَة وَكَانَ قد سمع الحَدِيث من القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة وَغَيره وَحدث قَلِيلا انْتهى وَقَالَ غَيره كَانَ كثير النَّفْع يلازم تِلَاوَة الْقُرْآن قيل إِنَّه كَانَ يخْتم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ختمة وَإنَّهُ حج وجاور وَكَانَ يعْتَمر كل يَوْم أَربع عمر توفّي فِي شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة
743 -
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان المعري ثمَّ الْحلَبِي الشَّيْخ
بدر الدَّين بن الرُّكْن ولد سنة بضع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وتفقه بزين الدَّين الْفَارِسِي وتاج الدَّين ابْن الدريهم وَأخذ عَن القَاضِي تَاج الدَّين السُّبْكِيّ وَكتب بِخَطِّهِ شَيْئا كثيرا وَهُوَ متقن لكنه ضَعِيف وخطب بِجَامِع حلب مُدَّة وَأَنْشَأَ خطبا فِي مجلدة وَجمع كتابا سَمَّاهُ روض الأفكار فِي الحكايات وَالْأَخْبَار فِي مُجَلد فِيهِ فَوَائِد وغرائب وَكَانَ لَهُ نظم ونثر وإيثار مَعَ حِدة خلق أَخذ عَنهُ الحلبيون وَمَات فِي فتْنَة التتار سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة
744 -
مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْقُدس وعالم تِلْكَ النواحي شمس الدَّين أَبُو عبد الله بن الشَّيْخ الْعَلامَة شيخ الشَّافِعِيَّة بالقدس تَقِيّ الدَّين القلقشندي ولد سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وأسمع على أبي الْفَتْح الْمَيْدُومِيُّ وَأخذ عَن أَبِيه وجده لأمه الْحَافِظ صَلَاح الدَّين العلائي قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ اشْتغل وَمهر وساد حَتَّى صَار شيخ الْقُدس فِي الْفَتْوَى والتدريس وَسمعت مِنْهُ
مَاتَ فِي شهر رَجَب سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَمَانمِائَة بالقدس وَدفن بمقبرة ماملا عِنْد وَالِده وأخيه فِي الحوش الْمُقَابل لزاوية القلندرية وتربة بهادر أَخُوهُ هُوَ الشَّيْخ برهَان الدَّين لَا أحفظ وَقت وَفَاته وَقد حكى لي الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي تغمده الله برحمته أَنه قدم دمشق أَيَّام بن جمَاعَة وَحضر الدُّرُوس قَالَ فجَاء عَلَيْهِ أَنه يحفظ جملَة كتب وَعَجِيب كَيفَ لم يعتن بِوَقْت وَفَاته وتحرير تَرْجَمته
745
- مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر القليوبي الشَّيْخ شمس الدَّين قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ اشْتغل وَتقدم وَمهر وَفضل وشغل النَّاس واشتهر بِالدّينِ وَالْخَيْر وَكَانَ متقللا فَلَمَّا كَانَ فِي أَوَاخِر عمره قرر فِي مشيخة الناصرية بسرياقوس فصلح حَاله وَكَانَ متواضعا لين
الْجَانِب صحب الشَّيْخ ولي الدَّين الملوي وتأدب بآدابه مَاتَ فِي جمادي الأولى سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة
746 -
مُحَمَّد بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة بن مَرْزُوق بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عليان بن قَاسم الْقرشِي المَخْزُومِي الْمَكِّيّ القَاضِي الْعَالم قَاضِي مَكَّة وخطيبها وفقيه الْحجاز ومفتيه وحافظه جمال الدَّين أَبُو حَامِد ولد لَيْلَة عيد الْفطر سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع على الشَّيْخ خَلِيل الْمَالِكِي وعَلى الشَّيْخ عبد الله اليافعي وعَلى القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة ورحل إِلَى الْقَاهِرَة
ودمشق وحلب والإسكندرية وَغَيرهَا وَسمع من جمَاعَة كثيرين وتفقه بِمَكَّة بقاضيها أبي الْفضل النويري وبدمشق والقاهرة على قاضيهما أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وبدمشق على عماد الدَّين الحسباني وبحلب على الشَّيْخ شهَاب الدَّين الْأَذْرَعِيّ وَأخذ عَن الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ وَأَجَازَهُ بأَرْبعَة عُلُوم الحَدِيث وَالْفِقْه وأصوله والعربية وَعَن الشَّيْخ سراج الدَّين ابْن الملقن وَأَجَازَهُ بالفتوى والتدريس وَأفْتى وتصدى للتدريس نَحْو أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ ولي قَضَاء مَكَّة من سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة إِلَى أَن مَاتَ إِلَّا أَنه صرف مرَارًا وأعيد وَمَات وَهُوَ على الْقَضَاء قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ اشْتغل بالفقه والفنون وعني بِالْحَدِيثِ فَرَحل فِيهِ مرَارًا إِلَى دمشق وحلب ومصر والقدس وَحصل الْأَجْزَاء وفوائد الشُّيُوخ وَكتب بِخَطِّهِ الدَّقِيق الْحسن كثيرا وَأثبت أَسمَاء من سمع مِنْهُ وثبته كثير وتصدى للإفادة قَدِيما
وَاسْتمرّ على ذَلِك مَعَ الدَّين وَالْخَيْر وَالصَّبْر على الطّلبَة وَكَانَ كتب شَيْئا على الْحَاوِي وَخرج لَهُ الْحَافِظ صَلَاح الدَّين الأقفهسي معجما جيدا وَحدث بالكثير وَكَانَ كثير الأوراد حسن السمت ظَاهر الْوَقار قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه وَقَالَ الْحَافِظ تَقِيّ الدَّين الفاسي فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ كَانَ بارعا فِي الْفِقْه والنحو مشاركا فِي الْأُصُول وَغير ذَلِك حَافِظًا لأسماء الروَاة عَارِفًا بالعالي والنازل وَغير ذَلِك من متعلقات الحَدِيث ويستحضر كثيرا من شرح مُسلم فِيمَا يتَعَلَّق بغريب الحَدِيث وَالْفِقْه وَكَانَ حسن السِّيرَة فِي قَضَائِهِ ذَا حَظّ من الْعِبَادَة وَالْخَيْر وَقد أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء عماد الدَّين الحسباني وَالشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ وَالشَّيْخ سراج الدَّين ابْن الملقن وَأخذ علم الحَدِيث عَن الْحَافِظ زين الدَّين ابْن الْعِرَاقِيّ وَكتب على الْحَاوِي من البيع إِلَى الْوَصَايَا ذكر فِيهِ فروعا كَثِيرَة وَجمع جُزْءا فِيمَا يتَعَلَّق بزمزم ونظم قَوَاعِد الْإِعْرَاب لِابْنِ هِشَام وَله شعر كثير حسن توفّي فِي رَمَضَان سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة
747
- مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب النابلسي ثمَّ الْحلَبِي الشَّيْخ شمس
الدَّين ولد سنة بضع وَخمسين وَسَبْعمائة وَحفظ التَّنْبِيه ثمَّ حفظ الْمِنْهَاج ثمَّ حفظ التَّمْيِيز وَشرع فِي حفظ الْحَاوِي وَحفظ الشاطبية والتسهيل ومختصر ابْن الْحَاجِب ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ وَغير ذَلِك وتفقه وَمهر ودرس وَكَانَ يُكَرر على محفوظاته قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين كَانَ سريع الْإِدْرَاك محافظا على الطَّهَارَة شَدِيد الْوَرع سليم اللِّسَان صَحِيح العقيدة لَا أعلم بحلب أحدا على طَرِيقَته توفّي فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة
748
- مُحَمَّد بن عَليّ الشَّيْخ شمس الدَّين الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْقطَّان ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ أَبوهُ قطانا دَاخل بَاب زويلة فَنَشَأَ وَلَده هَذَا فِي طلب الْعلم ولازم الشَّيْخ بهاء الدَّين بن عقيل فَتقدم عِنْده وَلما بنى بدر الدَّين الْجُزُولِيّ مدرسته على شاطىء النّيل قَرَّرَهُ فِيهَا إِمَامًا وَابْن عقيل مدرسا وَتزَوج شمس الدَّين ابْنة بهاء الدَّين وَقَرَأَ فِي الْأُصُول على عماد الدَّين الإسنائي والعربية على الشَّيْخ شمس الدَّين بن الصَّائِغ قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ فِي الوفيات
الَّتِي كتبهَا لي طلب الْعلم وجد إِلَى أَن وجد وَمهر فِي الْفِقْه والعربية وَفِي الْقرَاءَات وصنف فِيهَا وعلق على الألفية شرحا وَرَأَيْت بِخَطِّهِ شرح الْحَاوِي لشَيْخِنَا ابْن الملقن فِي مجلدين كتبه عَن مُؤَلفه فِي سنة خمسين ودرس فِي عدَّة أَمَاكِن وَأفْتى وَكَانَ قد انْفَرد فِي مصر بذلك حَتَّى كَانَ كثير من الرؤساء يقدمهُ على كثير من الْمَشَايِخ لقُوَّة ذهنه وكثره استحضاره ثمَّ نَاب فِي الحكم بِآخِرهِ عَن القَاضِي جلال الدَّين وَمَات على ذَلِك فِي شَوَّال سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة وَهُوَ أول شيخ اشتغلت عَلَيْهِ وَكَانَ أبي قد جعله أحد الأوصياء فتصرف تَصرفا عجيبا سامحه الله تَعَالَى
749
- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخضر بن شمري الزبيرِي الْأَسدي العيزري الشَّيْخ شمس الدَّين نزيل غَزَّة ولد فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة اشْتغل بِالْقَاهِرَةِ فَأخذ عَن الشَّيْخ شمس الدَّين بن عَدْلَانِ وبرهان الدَّين الحكري وَغَيرهمَا وانتقل إِلَى عزة سنة أَربع وَأَرْبَعين فقطنها
وارتحل إِلَى دمشق فَأخذ عَن الشَّيْخ بهاء الدَّين الإخميمي والقطب التحتاني وَالشَّيْخ عماد الدَّين ابْن كثير وَالْقَاضِي تَاج الدَّين السُّبْكِيّ قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وَسَأَلَ القَاضِي تَاج الدَّين عَن مَوَاضِع فِي جمع الْجَوَامِع أَجَابَهُ عَنْهَا وسماها منع الْمَوَانِع وَكتب إِلَى أَنه علق على الشَّرْح الْكَبِير ونظم أرجوزة فِي الْعَرَبيَّة وَغير ذَلِك وَصَارَ الْمشَار إِلَيْهِ فِي الْعلم بِبِلَاد غَزَّة انْتهى وَقد وقفت لَهُ على مصنفات كَثِيرَة بِخَطِّهِ فِي عُلُوم مُتعَدِّدَة مِنْهَا مُخْتَصر الْقُوت وقفت على الرّبع الْأَخير مِنْهُ وَعبارَته عقدَة للشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ وَقد وقف عَلَيْهَا القَاضِي جلال الدَّين ابْن الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ وَقد وقف عَلَيْهَا القَاضِي جلال الدَّين ابْن الشَّيْخ فَرد مَا قَالَه وأرسله إِلَيْهِ فَعَاد وَاعْترض مَا قَالَه القَاضِي جلال الدَّين وَقد وقفت لَهُ على كراسة جمع فِيهَا تَرْجَمَة لنَفسِهِ وَعدد فِيهَا تصانيفه وَهِي كَثِيرَة مِنْهَا الظهير على فقه الشَّرْح الْكَبِير فِي خمس مجلدات وكنز الْمُحْتَاج إِلَى إِيضَاح الْمِنْهَاج والسراج الْوَهَّاج فِي حل الْمِنْهَاج وأوضح المسالك فِي الْمَنَاسِك وأسنى الْمَقَاصِد فِي الْقَوَاعِد وَشرح الْمُخْتَصر لِابْنِ حَاجِب وَشرح الألفية وَشرح الحاجبية توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة
750
- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْبر بن يحيى بن عَليّ بن تَمام قَاضِي الْقُضَاة بدر الدَّين أَبُو عبد الله بن قَاضِي الْقُضَاة بهاء الدَّين أبي الْبَقَاء بن القَاضِي سديد الدَّين بن القَاضِي صدر الدَّين الْأنْصَارِيّ الخزرجي السُّبْكِيّ مولده فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَسمع من جمَاعَة وَأخذ عَن وَالِده وَغَيره من عُلَمَاء الْعَصْر وَفضل فِي عدَّة فنون وأشغل ودرس وَأفْتى وَحدث بِمصْر وَالشَّام وَغَيرهمَا ودرس بِدِمَشْق بالأتابكية والرواحية وَغَيرهمَا وناب عَن وَالِده فِي الْقَضَاء بِالْقَاهِرَةِ وباشر عدَّة وظائف وَولي مشيخة الحَدِيث بالقبة المنصورية وَلما انْتقل وَالِده إِلَى قَضَاء الشَّام ولي عوضه تدريس الشَّافِعِي والمنصورية ثمَّ ولي الْقَضَاء عوضا عَن ابْن جمَاعَة فِي شعْبَان سنة تسع وَسبعين عقب قتل الْأَشْرَف وَكثر القَوْل فِيهِ لكَونه ولي بِمَال بذله وَأعْطيت قبَّة الشَّافِعِي للبلقيني والمنصورية للقرمي فباشر سنة نَحْو أَرْبَعَة أشهر ثمَّ عزل وأعيد ابْن جمَاعَة وَاسْتمرّ بطالا لَيْسَ بِيَدِهِ وَظِيفَة أَزِيد من ثَلَاث سِنِين ثمَّ أُعِيد إِلَى الْقَضَاء فِي صفر سنة أَربع وَثَمَانِينَ فباشر خمس سِنِين وَنَحْو خَمْسَة أشهر ثمَّ عزل فَلَمَّا توفّي ابْن جمَاعَة ولي خطابة الْجَامِع الْأمَوِي وتدريس الغزالية ثمَّ صرف فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَتِسْعين ثمَّ
ولي الْقَضَاء بِالْقَاهِرَةِ مرَّتَيْنِ عَن القَاضِي صدر الدَّين الْمَنَاوِيّ وعزل فِي الْمَرَّتَيْنِ بِهِ وَمُدَّة مُبَاشَرَته فِي ولاياته الْأَرْبَع ثَمَان سِنِين وَنصف فِي مُدَّة ثَمَانِيَة عشر سنة وَولي فِي آخر وَقت تدريس الشَّافِعِي واستمرت بِيَدِهِ إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ لينًا فِي مُبَاشَرَته وَفِي لِسَانه رخاوة وَكَانَ وَلَده جلال الدَّين غَالِبا على أمره فمقته النَّاس قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ اشْتغل فِي الْفِقْه وَغَيره فمهر وَكَانَ لين الْجَانِب قَلِيل المهابة بَخِيلًا بالوظائف حسن الْخلق كثير الفكاهة منصفا فِي الْبَحْث وَكَانَ أعظم مَا يعاب بِهِ تَمْكِينه من وَلَده جلال الدَّين من أُمُور توفّي فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَدفن خَارج بَاب النَّصْر
751 -
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عِيسَى الدَّمِيرِيّ الْمصْرِيّ كَمَال الدَّين ولد فِي حُدُود الْخمسين وتكسب بالخياطة ثمَّ خدم الشَّيْخ بهاء الدَّين السُّبْكِيّ وَأخذ عَنهُ وَعَن الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَلما صنف الْإِسْنَوِيّ التَّمْهِيد
مدح الْإِسْنَوِيّ بِأَبْيَات فَكتب لَهُ الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا وَتخرج وَمهر فِي الْفُنُون وَقَالَ الشّعْر وَولي تدريس الحَدِيث بالقبة الركنية بِالْقربِ من بَاب النَّصْر وَحج مرَارًا وجاور وَتكلم على النَّاس فِي جَامع الظَّاهِر بالحسينية وَكَانَ ذَا حَظّ فِي الْعِبَادَة والتلاوة لَا يفتر لِسَانه غَالِبا عَنْهُمَا وَله شرح الْمِنْهَاج فِي أَربع مجلدات ضمنه فَوَائِد كَثِيرَة خَارِجَة عَن الْفِقْه والديباجة فِي شرح سنَن ابْن ماجة فِي أَربع مجلدات وَجمع كتابا سَمَّاهُ حَيَاة الْحَيَوَان أَجَاد فِيهِ ذكر فِيهِ جملا من الْفَوَائِد الطبية والخواص والأدبية والحديثية وَغير ذَلِك وَله خطب مدونة جمعية وعظية قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر فِي المعجم وَكَانَ لَهُ حَظّ من الْعِبَادَة تِلَاوَة وصياما وقياما ومجاورة بِمَكَّة وَالْمَدينَة واشتهرت عَنهُ كرامات وأخبار بِأُمُور مغيبات يسندها إِلَى المنامات تَارَة وَإِلَى بعض الشُّيُوخ أُخْرَى وغالب النَّاس يعْتَقد أَنه يقْصد بذلك السّتْر توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة
752 -
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن إِدْرِيس بن فضل الله الشِّيرَازِيّ الفيروزابادي القَاضِي مجد الدَّين أَبُو الطَّاهِر إِمَام عصره فِي اللُّغَة كَانَ يرفع نسبه إِلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق صَاحب التَّنْبِيه وَيَقُول إِن جده فضل الله ولد الشَّيْخ أبي إِسْحَاق وَلَا يُبَالِي بِمَا يشاع بَين النَّاس أَن الشَّيْخ لم يتَزَوَّج فضلا عَن أَن يعقب ولد فِي سنة تسع وَعشْرين بكارزين من أَعمال شيراز وتفقه ببلاده وَطلب الحَدِيث وَسمع من الشُّيُوخ وَمهر فِي اللُّغَة وَهُوَ شَاب وَسمع من جمَاعَة وَقدم الشَّام بعد الْخمسين إِمَّا سنة خمس أَو فِي السّنة الَّتِي بعْدهَا وَسمع بهَا الحَدِيث وَدخل الْقُدس وَسمع من الْحَافِظ صَلَاح الدَّين العلائي ثمَّ دخل مصر وَسمع بهَا وَقدم مَكَّة وَسمع بهَا وَلَقي جمَاعَة من الْفُضَلَاء وَأخذ عَنْهُم وَأخذُوا عَنهُ واشتهرت فضائله وَكتب النَّاس تصانيفه وَذكره الصَّفَدِي فِي تَذكرته وعظمه وَكتب عَنهُ بَيْتَيْنِ فِي سنة سبع وَخمسين بِدِمَشْق وجال فِي الْبِلَاد الشمالية والشرقية وَدخل الرّوم ثمَّ
الْهِنْد وَله مجاورة فِي الْحَرَمَيْنِ وَكَانَ كثير الْكتب جدا وَلَا يُسَافر إِلَّا وَهِي مَعَه فِي عدَّة أعدال على عدَّة جمال ويفتحها فِي غَالب الْمنَازل ويطالع فِيهَا وَاتفقَ أَنه قدم الْيمن بعد التسعين من الْهِنْد عقب وَفَاة القَاضِي جمال الدَّين الريمي شَارِع التَّنْبِيه فقرره الْملك الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل فِي الْقَضَاء بالبلاد اليمنية فَلم يزل ذَلِك باسمه إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ قد جاور فِي غُضُون ذَلِك بِمَكَّة مرَارًا ثمَّ يرجع وَكَانَ الْأَشْرَف يكرههُ كثيرا قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ أَخذ عَن القَاضِي تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ وَعَن وَلَده تَاج الدَّين وَعَن القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة وَفِي شُيُوخه كَثْرَة وَقد خرج لَهُ الْحَافِظ شمس الدَّين مُحَمَّد بن مُوسَى المراكشي ثمَّ الْمَكِّيّ مشيخة عَن جمع كثير من شُيُوخه وَأما مَعْرفَته باللغة واطلاعه
على نوادرها فَأمر مستفيض وَكَانَ يَقُول مَا كنت أَنَام حَتَّى أحفظ كَذَا وَكَذَا سطرا ذكرهَا وَكَانَ يعاب بالسهو فِي الْعبارَة إِلَّا أَنا مَا جربنَا عَلَيْهِ فِي نَقله شَيْئا توفّي بزبيد فِي شَوَّال سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين عشرَة وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربة الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الجبرتي وَهُوَ آخر من مَاتَ من الرؤساء الَّذين انْفَرد كل مِنْهُم بفن فاق فِيهِ أقرانه على رَأس الْقرن الثَّامِن وهم الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَالشَّيْخ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَالشَّيْخ سراج الدَّين ابْن الملقن فِي كَثْرَة التصانيف فِي فني الْفِقْه والْحَدِيث وَالشَّيْخ شمس الدَّين الغماري فِي الْعَرَبيَّة وَالشَّيْخ أَبُو عبد الله بن عَرَفَة فِي فقه الْمَالِكِيَّة وَفِي سَائِر الْعُلُوم بالمغرب وَالشَّيْخ مجد الدَّين الشِّيرَازِيّ فِي اللُّغَة وَذكر لَهُ الْحَافِظ برهَان الدَّين فِي مشيخته تَرْجَمَة طَوِيلَة وَقَالَ كَانَ فِي اللُّغَة بَحر علم لَا يكدره
الدلاء وَألف فِيهَا تواليف حَسَنَة قَالَ وَكَانَ مُعظما عِنْد الْمُلُوك أعطَاهُ تيمور لنك خَمْسَة آلَاف دِينَار وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ قَلِيل المَال لسعة نفقاته وَكَانَ سريع الْحِفْظ يحْكى عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول مَا كنت أَنَام حَتَّى أحفظ مِائَتي سطر وعد تصانيفه وَهِي بضع وَأَرْبَعُونَ مصنفا وَمن تصانيفه الْقَامُوس الْمُحِيط فِي اللُّغَة بَالغ فِي اختصاره وتحريره وميز مَا زَاده على الصِّحَاح بالحمرة وَهِي شَيْء كثير جدا لَعَلَّه لَو جرد كَانَ قدرالصحاح إِلَّا أَنه مَحْذُوف الشواهد وَشرع فِي شرح مطول على البُخَارِيّ ملأَهُ بِغَرَائِب المنقولات ونوادر اللُّغَات كمل مِنْهُ ربع الْعِبَادَات فِي عشْرين مجلدا وشوارق الْأَسْرَار فِي شرح مَشَارِق الْأَنْوَار أَربع مجلدات وصنف للأشرف كتابا سَمَّاهُ الإصعاد إِلَى رُتْبَة الِاجْتِهَاد فِي أَرْبَعَة أسفار وصنف لوَلَده النَّاصِر كتابا سَمَّاهُ تسهيل الْوُصُول إِلَى الْأَحَادِيث الزَّائِدَة على جَامع الْأُصُول أَربع مجلدات وبصائر ذَوي التَّمْيِيز فِي لطائف الْكتاب الْعَزِيز مجلدان وَشرح عدَّة الْأَحْكَام مجلدان وَكتاب الْمرقاة الأرفعية فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة وَكتاب الْمرقاة الرّقية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة وَألف كتابا على الْمُجْمل لِابْنِ فَارس أَخذ عَلَيْهِ فِيهِ ألف مَكَان وَمَعَ هَذَا كَانَ يثني على صَاحبه ابْن فَارس
753 -
مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جُمُعَة الْأنْصَارِيّ السَّعْدِيّ
الْعَبَّادِيّ القَاضِي شرف الدَّين أَبُو البركات قَاضِي حلب ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي حجر عَمه شهَاب الدَّين خطيب حلب وَقَرَأَ وتفقه ببلاده ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وَأخذ عَن الشَّيْخَيْنِ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَولي الدَّين المنفلوطي وَغَيرهمَا قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وَحصل من كل فن طرفا صَالحا وأدمن الإشتغال ودرس وَأفْتى وَكَانَ فَاضلا دينا خيرا شرح الْغَايَة القصوى للبيضاوي لكنه لم يكمله وخطب بِجَامِع حلب ثمَّ ولي الْقَضَاء مرَارًا وَقَالَ الْحَافِظ برهَان الدَّين الْحلَبِي كَانَ عَالما بأصول الْفِقْه والنحو والحساب والفرائض والمعاني وَعِنْده فَوَائِد جمة وَكَانَ يلقِي دروسا مُطَوَّلَة فِي الْفِقْه والْحَدِيث بِسُرْعَة كَأَنَّهُ يحفظها عَن ظهر قلب صَحِيح الذِّهْن من قُضَاة الْعدْل فِي وقتنا وَصَارَ محط رجال طلبة الْعلم بحلب ثمَّ أسر مَعَ اللنكية فَلَمَّا عَادوا أطلق وَذَلِكَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فَتوجه إِلَى أرِيحَا وَهُوَ موعوك فَمَاتَ فِي شهر رَمَضَان وَدفن بهَا ثمَّ نقل إِلَى حلب فَدفن خَارج بَاب الْمقَام
754 -
يُوسُف بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مَسْعُود بن عَليّ بن عبد الله الْحَمَوِيّ الشَّيْخ جمال الدَّين خطيب المنصورية وَشَيخ الْبِلَاد الشمالية فِي عصره وعالمها ومفتيها ولد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة واشتغل وتميز إِلَى أَن فاق الأقران خُصُوصا فِي الْعَرَبيَّة وَكَانَ يذكر مَعَ الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ وَسمعت الشَّيْخ ذكره فِي وَقت وَأثْنى عَلَيْهِ وَاجْتمعَ بِهِ الشَّيْخ جمال الدَّين الطيماني بعد الْفِتْنَة بطرابلس وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَكَانَ رجلا حسنا متواضعا دينا ريض الْأَخْلَاق متواضعا على طَريقَة السّلف رحلت إِلَيْهِ الطّلبَة من الْبِلَاد وَأذن لجَماعَة بالإفتاء مِنْهُم القَاضِي نَاصِر الدَّين الْبَارِزِيّ وَالْقَاضِي عَلَاء الدَّين ابْن خطيب الناصرية وَذكره فِي ذيل تَارِيخ حلب وَقَالَ أَخذ الْأُصُول عَن بهاء الدَّين الإخميمي
وَالْفِقْه عَن القَاضِي تَاج الدَّين السُّبْكِيّ وجمال الدَّين ابْن الشريشي وَصدر الدَّين ابْن الخابوري وَقَرَأَ النَّحْو واللغة والْحَدِيث وَالْبَيَان والفرائض على القَاضِي سري الدَّين الْمَالِكِي ودأب وَحصل وَكَانَ شَيخا عَالما متقنا حاذقا عَارِفًا بالفقه وَالْأُصُول وَالْبَيَان وَالتَّفْسِير والنحو وَغير ذَلِك وَأفْتى وشغل ودرس بحماة بالعصرونية وصنف مصنفات مِنْهَا شرح الإِمَام فِي أَحَادِيث الْأَحْكَام سِتّ مجلدات كبار وَشرح ألفية ابْن مَالك فِي مجلدين وَشرح فَرَائض الْمِنْهَاج فِي مُجَلد وَكَانَ يحفظ كثيرا من أشعار الْعَرَب وَله نظم توفّي بحماة فِي شَوَّال سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَمَانمِائَة
755 -
يُوسُف بن الْحُسَيْن بن مَحْمُود السرائى الأَصْل التبريزي الْفَقِيه عز الدَّين الحلوائي ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وتفقه ببلاده وَقَرَأَ على الشَّيْخ جلال الدَّين الفريدسي وَالشَّيْخ بهاء الدَّين الخونجي وَالْقَاضِي عضد
الدَّين وَأخذ عَن الشَّيْخ شمس الدَّين الْكرْمَانِي شَرحه على البُخَارِيّ قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وتفنن فِي الْعُلُوم وَمهر ودرس وَشرح منهاج الْبَيْضَاوِيّ ثمَّ تحول من تبريز لما أخربها أَتبَاع طقتمر خَان إِلَى ماردين فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى تبريز فَأكْرمه صَاحبهَا حِينَئِذٍ وَكتب على الْكَشَّاف حَوَاشِي مفيدة وَشرح الْأَرْبَعين النووية وَكَانَ زاهدا عابدا معرضًا عَن أُمُور الدُّنْيَا مُقبلا على الْعلم وَلما حج وزار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة أَقَامَ بهَا سنة وَكَانَ لَا يكترث بِمَا يعرض لَهُ من عوارض الدُّنْيَا بل لَا يزَال منشرحا وتحول من تبريز لما كثر الظُّلم بهَا فسكن جَزِيرَة ابْن عمر إِلَى أَن مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانمِائَة