المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الجمعة - عجالة الإملاء على الترغيب والترهيب - ط المعارف - ناقصة - جـ ٢

[برهان الدين الناجي]

الفصل: ‌ كتاب الجمعة

وكذا عند النسائي (ورواية للبخاري "إن كنت بلا فاء" وعند النسائي) في آخره "ثم أرضني" وعند ابن ماجة "اللهم إن كنت تعلم هذا الأمر فيسميه ما كان من شيء خيراً لي" وعنده "حيث ما كان" وعنده وعند أبي داود "وبارك لي فيه".

365 -

قوله في أول‌

‌ كتاب الجمعة

"وزيادة ثلاثة أيام" في

ص: 671

موضعين "وذلك الدهرَ كلَّه" بنصب الجميع على الظرف.

366 -

قوله وعن يزيد بن أبي مريم.

هو ضد ينقص، ويشتبه بُبريد بن أبي مريم تصغير برد،

ص: 672

وسيأتي في الجهاد أبسط من هذا.

367 -

قوله رواه أحمد والطبراني من رواية حرب عن أبي الدرداء.

كان يتعين على المصنف أن ينسبه تمييزاً له، كما فعل قريباً في الترهيب من الكلام والإمام يخطب، وهو ابن قيس من رجال المسند، وقد ذكر البخاري عن عمارة بن غزيه أن حرباً هذا كان رِضَىً.

وذكره ابن حبان في الثقات.

قال المصنف هنا، وفي الإنصات للخطبة لم يَسْمع من أبي الدرداء.

يعني: أنه روي عنه مرسلاً.

ص: 673

قال أبو حاتم الرازي: لم يُدركه، والحديث مرسل، وهو في سنن مالك بن أنس.

368 -

قوله: ثم روى يعني: ابن خزيمة بإسناده الصحيح إلى طاووس قال: قلت لابن عباس زعموا.

هذا الحديث رواه البخاري والنسائي، وغيرهما.

369 -

قوله في حديث

ص: 674

أوس بن أوس الذي فيه: "فأكثروا علي من الصلاة فيه" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان.

قلت: وكذا الحاكم في "المستدرك" وغير واحدٍ، وقد أورده المصنف في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم آخر كتاب الذكر أيضاً، وعزاه إلى أحمد والحاكم أيضاً، وأنه صححه لكنه أسقط هناك النسائي.

وكلهم رووه من طريق حسين الجعفي، وعنه رواه الإمام

ص: 675

أحمد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني عنه به.

لكن رواه ابن ماجة كالجماعة آخر كتاب الجنائز في باب الوفاة النبوية. وقد أورده قبل ذلك في باب فضل الجمعة من كتاب الصلاة بإسناده ولفظه حرفاً حرفاً لكنه قال عن شداد بن أوس.

قال الحافظ المزي في "الأطراف" ذلك وهم منه والصواب عن أوس بن أوس كما رواه في الجنائز.

كذا نبه عليه في موضعين من زيادته.

ورواة حديث أوس المذكورون ثقات مشهورون، لكن أعله جماعة من الحفاظ كما ذكر ذلك المصنف في حواشي مختصره لأبي داود، وأشار إليه هنا، وكذا غيره بأن حسيناً الجعفي لم يَسْمع من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وإنما سمع من عبد الرحمن بن

ص: 676

يزيد بن تميم، وهو ضعيف لا يحتج به فلما حدث به حسين غَلِطَ في اسم الجد فقال: ابن جابر.

قال البخاري في "تأريخه الكبير" عبد الرحمن بن يزيد بن تميم السلمي الشامي، عن مكحول سمع منه الوليد بن مسلم "عنده مناكير" قال:"ويقال هو الذي روى عنه أهل الكوفة أبو أسامة وحسين فقالوا: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وابن تميم أصح".

وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم فقال: "عنده مناكير يقال في الذي روى عنه أبو أسامة، وحسين الجعفي، وقالا: هو ابن يزيد بن جابر، وغلطا في نسبه، ويزيد بن تميم أصح وهو ضعيف الحديث".

وقال الوليد: كان عند عبد الرحمن كتاب أبي الأشعث الصنعاني، وأبي كبشة السلولي.

ص: 677

وقال الخطيب: "روى الكوفيون أحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، عن ابن جابر، ووهموا في ذلك، فالحمل عليهم في تلك الأحاديث، ولم يكن ابن تميم ثقة، وقال موسى بن هارون الحمال: روى أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وكان ذلك وهماً منه رحمه الله هو لم يلق ابن جابر وإنما لقي ابن تميم، فظن أنه ابن جابر، وابن جابر ثقة، وابن تميم ضعيف".

وقد أشار غير واحد من الحفاظ إلى ما ذكره هؤلاء الأئمة، لكن يُجاب عنه بأن حسيناً الجعفي قد صرح بسماعه له من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

فقال ابن حبان في "صحيحه" حدثنا ابن خزيمة حدثنا أبو كريب، حدثنا حسين بن علي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فصرح بسماعه له منه.

وكذا رواه أحمد بن حنبل في المسند عن حسين عن ابن جابر بالعنعنة.

ثم روى بعد ذلك حديثين آخرين قال فيهما حسين حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

وقولهم إنه ظن أنه ابن جابر، وإنما هو ابن تميم، فغلط في اسم جده بعيد، فإنه لم يكن يشتبه على حسين هذا بهذا مع نقده

ص: 678

وعلمه بهما، وسماعه منهما.

فإن قيل فقد قال ابن أبي حاتم في كتاب "العلل" سمعتُ أبي يقول: "عبد الرحمن بن يزيد بن جابر لا أعلم أحداً من أهل العراق يحدث عنه، والذي عندي أن الذي يروي عنه أبو أسامة، وحسين الجعفي واحد وهو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، لأن أبا أسامة روى عن عبد الرحمن بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة خمسة أحاديث أو ستة أحاديث منكرة، لا تحتمل أن يحدث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بمثله، ولا أعلم أحداً من أهل الشام روى عن ابن جابر من هذه الأحاديث شيئاً، وأما حسين الجعفي، فإنه يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث، عن أوس بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة أنه قال: "أفضل الأيام يوم الجمعة فيه الصعقة، وفيه النفخة، وفيه كذا".

وهو حديث منكر لا أعلم أحداً رواه غير حسين الجعفي، وأما عبد الرحمن بن يزيد بن تميم فهو ضعيف الحديث، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثقة". انتهى كلامه.

قيل: قد تكلم في سماع حسين الجعفي وأبي أسامة من ابن جابر فأكثر أهل الحديث أنكروا سماع أبي أسامة منه.

ص: 679

قال يعقوب بن سفيان قال محمد بن عبد الله بن نمير، وذكر أبا أسامة فقال: روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ونرى أنه ليس بابن جابر المعروف، ذكر لي أنه رجل يسمى باسمه.

قال يعقوب: صدق هو عبد الرحمن بن فلان بن تميم، فدخل عليه أبو أسامة، فكتب عنه هذه الأحاديث، فروى عنه، وإنما هو إنسان يسمى باسم ابن جابر.

قال يعقوب: وكأني رأيتُ ابن نمير يتهم أبا أسامة أنه علم ذلك، وعرف ولكن تغافل عن ذلك، قال: وقال لي ابن نمير: أما ترى روايته لا تشبه سائر حديثه الصحاح الذي روى عنه أهل الشام وأصحابه.

وقال ابن أبي حاتم: سألتُ محمد بن عبد الرحمن بن أخي حسين الجعفي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر (فقال: قدم

ص: 680

الكوفة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ويزيد بن يزيد بن جابر)، ثم قدم عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بعد ذلك بدهر، والذي يحدث عنه أبو أسامة ليس هو ابن جابر هو ابن تميم.

وقال أبو بكر بن أبي داود سمع أبو أسامة من ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي، وجميعاً يحدثان عن مكحول وابن جابر أيضاً دمشقي فلما قدم ابن تميم الكوفة قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد الدمشقي، وحدث عن مكحول فظن أبو أسامة أنه ابن جابر، الذي روى عنه ابن المبارك، وابن جابر ثقة مأمون، وابن تميم ضعيف.

وقال أبو داود: متروك الحديث حدث عنه أبو أسامة، وغلط في اسمه فقال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الشامي، وكل ما جاء عن أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد فإنما هو ابن تميم، انتهى.

وأما رواية حسين الجعفي عن ابن جابر، فقد ذكرها الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" وقال: روى عنه حسين بن علي الجعفي، وأبو أسامة حماد بن أسامة إن كان محفوظاً، فجزم برواية حسين عنه، وتردد في رواية أبي أسامة.

ص: 681

وقد ذكر الدارقطني ذلك نصاً في كلامه على كتاب أبي حاتم في "الضعفاء" فقال: قوله حسين الجعفي روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو أسامة يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، فيغلط في اسم جده. هذا كلامه.

ثم للحديث علة أخرى، وهي أن عبد الرحمن بن يزيد لم يذكر سماعه من أبي الأشعث.

قال القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتابه "الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ".

حدثنا علي بن عبد الله -يعني: ابن المديني- قال: حدثنا الحسين بن علي الجعفي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر سمعته يذكر عن أبي الأشعث الصنعاني بن أوس فذكره.

ص: 682

وليس هذه بعلة قادحة، فإن للحديث شواهد من حديث جماعات وقد خرجنا عن الحد المقصود في هذا، ولولا أن المصنف أشار إليه لما تعرضنا له، والله أعلم.

370 -

وضبْطُه بعده هنا، وكذا فيما سيأتي في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم -لفظة "أَرَمْت"، زاد في حواشي مختصره لسنن أبي داود "بوزن ضربت".

ثم أخذ عبارة الخطابي في "المعالم" فقال "وأصله

ص: 683

أَرْمَمْتَ، أي: بَلِيت، وصرتَ رميماً، حذفوا إحدى الميمين وهي لغة كما قالوا ظلْتُ أفعل كذا، أي: ظلِلْت، وأحستُ كذا، أي: أحسستُه في نظائر لذلك".

قال هنا في الأصل: "وروي أُرِمت بضم الهمزة، وكسر الراء".

قلت: والذي حكاه الحافظ ابن دحية فيما نقله عنه صاحب "سلاح المؤمن" إنما هو فتح الهمزة لا ضمها.

نعم قال ابن الأثير في "جامع الأصول""قالوا ويجوز أن يكون معناه أُرمت: بضم الهمزة بوزن أُمرت".

قال المصنف في حواشيه وقال الحربي "الصواب أَرَمَّتْ".

أي: بفتح الهمزة، والراء المخففة، والميم المشددة، وإسكان التاء.

قال: وتكون التاء لتأنيث العظام، أو رممت، أي: صرت رميماً

ص: 684

قال: وقد قيل فيها غير هذين قال: "والأول هو الذي يرويه أصحاب الحديث، ووجهه ظاهر" انتهى كلامه.

371 -

قوله بعده بحديث وعن أنس بن مالك قال: "إن الله ليس بتارك أحداً" إلى آخره. رواه الطبراني في الأوسط مرفوعاً فيما أرى بإسناد حسن، انتهى.

كذا وقع لي شكاً منه، ولا شك في رفعه عند الطبراني في معجميه الأوسط والصغير، كما عزاه إليه الحافظ الهيثمي في "مجمعه" وقال:"إن رجاله رجال الصحيح".

372 -

قوله بعده في حديث أبي هريرة وحذيفة "وهو في

ص: 685

مسلم بنحو اللفظ الأول من حديث حذيفة وحده".

قلت: ليس كذلك، بل أخرجه مسلم عنهما، ثم ساقه قريباً منه من حديث حذيفة وحده.

373 -

قوله ذكر يوم الجمعة فقال: "فيها ساعة".

هذا سبق قلم وإنما "فيه"، إذ الضمير عائد إلى اليوم، وهو مذكر، وذا واضح غير خاف.

374 -

قوله في الترغيب في الغسل يوم الجمعة في حديث أبي

ص: 686

سعيد في الغسل والسواك والتطيب، رواه مسلم وغيره.

وقد رواه هو والبخاري بذكر الغسل وحده من طريق آخر.

375 -

قوله في الترغيب في التبكير يوم الجمعة في حديث ابن مسعود "فيكونوا منه في القرب".

كذا وُجِدَ بحذف النون، وإنما هو "فيكونون" بإثباتها، وقد وقع مثل ذلك في مواضع.

ص: 687

376 -

قوله في حديث سمرة آخر الباب "احضروا الجمعة" إلى آخره رواه الطبراني والأصبهاني وغيرهما.

هذا عجيب، فالحديث رواه أبو داود بنحوه ولفظه

ص: 688

"احضروا الذكر، وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخّر في الجنة وإن دخلها".

377 -

قوله الترهيب من تخطى الرقاب.

التخطي بلا همز من خَطا يَخطو خطواً، ومن همزه أخطأ.

قال الجوهري "يقال تخطيتُ رقاب الناس، وتخطيت إلى كذا، أي: جاوزته" قال: "ولا تقل تخطأت بالهمزة، يعني: فيهما.

378 -

والجِسْر بفتح الجيم

ص: 689

وكسرها هو الذي يُعبر عليه.

وجسر جهنم هو الصراط، وفي رواة الحديث جَسْرٌ وجَسْرَة.

379 -

ذكر أول الإنصات للخطبة حديث أبي هريرة المشهور في ذلك من البخاري، وعزاه إلى أصحاب الكتب الستة، ومراده أصل الحديث وإن كان في لفظه تقديم وتأخير وزيادة ونقصان.

ص: 690

وقد صنفتُ في ألفاظ هذا الحديث جزءاً أطرفتُه وطرقتُه من الكتب الستة، والموطأ ومسندي الشافعي وأحمد والدارمي، فليراجعه من أراد فإنه مفيد جداً.

380 -

قوله في الترهيب من ترك الجمعة في حديث جابر "أَلَا ولا صلاة له ولا زكاة له" وما بعده.

في أكثر النسخ لفظه "أَلَا" في الأولى والثانية فقط، وفي بعضها في الخمسة، والذي في ابن ماجة في الأولى فقط.

381 -

قوله في الترغيب في قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة

ص: 691

ويومها في حديث أبي سعيد في ذلك رَوَاهُ النسائي والبيهقي مرفوعاً، والحاكم موقوفاً ومرفوعاً أيضاً والدارمي موقوفاً.

قلتُ: النسائي في اليوم والليلة على القاعدة المقررة المتكررة لا في السنن، وكلام المصنف يقتضي أنه لم يروه النسائي إلا مرفوعاً.

وقد رواه مرفوعاً وموقوفاً كالحاكم وقريباً من لفظه الآتي في قراءة سورة الكهف من غير تقييدٍ عندهما، وغفل هناك فلم يعزه إلى النسائي أصلاً، بل إلى الحاكم، وذكر عنه أن ابن مهدي وقفه على أبي هاشم الروماني المذكور هو، =

ص: 692

ونُعيم بن حماد في رواة الترغيب آخراً، يعني: عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد قولَه.

وقد رواه الدارمي في أواخر مسنده كذلك باللفظ المذكور من طريق هشيم عن أبي هاشم.

ورواه النسائي في اليوم والليلة كذلك في قراءة سورة الكهف كما أُنزلت من غير تقييد من طريق غندر، وابن مهدي، كلاهما عن شعبة عن أبي هاشم.

ورواه مرفوعاً من طريق أبي غسان يحيى بن كثير عن شعبة عنه.

ص: 693

وروى فيه أيضاً حديثه الآخر "من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك".

وقد تقدم في أواخر الوضوء من طريق أبي غسان المذكور عن شعبة عن أبي هاشم مرفوعاً.

ومن طريق غُندَر عن شعبة، وكذا من طريق ابن المبارك عن الثوري، كلاهما عن أبي هاشم موقوفاً.

وقد أشار المصنف هناك إلى أن النسائي صَوَّب وقْفه.

وذكر غيره عنه أن الرفع خطأ، وأن الصواب موقوف.

ووقع للمصنف هنا توهم أن الكل رووه من طريق أبي هاشم المذكور سوى الحاكم فوهم، والفرض أنه لا يدور الحديث إلا عليه، لكن رواه بعض الرواة عنه موقوفاً، وبعضهم مرفوعاً كما ترى.

382 -

قوله في الترغيب في أداء الزكاة "وروي عن علقمة أنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

ص: 694

علقمة هذا هو ابن سفيان بن عبد الله الثقفي، وقيل: علقمة بن سهيل صحابي، والضمير المذكور بعد راجع إلى قومه، وهم ثقيف. والله أعلم.

383 -

قوله الغَاضِري: هو بالغين المعجمة المفتوحة، والضاد المعجمة المكسورة والراء.

وغاضرة قبيلة من بني أسد، وحي من بني صعصعة، وبطن من ثقيف.

384 -

قوله في حديث

ص: 695

عمير الليثي الذي رواه الطبراني وعند أبي داود بعضه.

كذا عند النسائي، وهو ذكر الكبائر فقط دونما قبله.

وما بعده، روياه بمعناه بإسناد واحد.

وكذا أخرجه الحاكم وابن أبي حاتم وغيرهما.

ص: 696

385 -

قوله في الترهيب مع منع الزكاة في حديث أبي هريرة في

ص: 697

صاحب الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم، وذكر الخيل والحمر، رواه البخاري.

قلت: لم يُخْرجهُ من هذا الوجه، إنما رَوى ذكر الخيل وحده.

وروى في إثم مانع الزكاة من حديثه "تأتي الإبلُ على صاحبها" وذكر في الغنم مثل ذلك، وليس فيه جَعلُ الذهب والفضة صفائح، إنما ذاك لمسلم.

وأخرجه في كتاب الحيل من وجه آخر، ولفظُه "يكون كنزُ أحدكم" إلى آخره وفيه أيضاً "إذا ما ربُّ النعمِ لم يعط حقها" الحديث.

386 -

وقوله فيه: "حلَبها يوم ورودها" لم يتعرض لضبط اللام هنا، ولا في حاشية مختصره لمسلم.

وقد فتحها أبو عبيد، والجوهري، وابن الأثير

ص: 698

والنووي وقال: هي اللغة المشهورة.

قال في المشارق "وبه ضبطناه أيضاً في ترجمة الباب في البخاري أي: في قوله باب حلب الإبل على الماء قال: "وهو الذي حكاه النحاة في قولهم احلب حلباً لك شطره" أي: أنه مصدر.

قال النووي: وحُكي إسكان اللام، وهو غريب ضعيف، وإن كان هو القياس.

قلت: وبالإسكان جزم القرطبي، وبدأ به صاحبا المشارق والمطالع والله أعلم.

387 -

قوله في تفسير الشجاع الأقرع إنه الذي ذهب شعر رأسه من طول عمره. هذا التفسير منكر، وإنما المشهور أنه الذي ذهب لكثرة سمه. وقد جزم به المصنف نقلاً عن أبي داود صاحب السنن

ص: 699

مقتصراً عليه في الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل ماله فيبخل عليه من هذا الكتاب، فتناقض كلامه.

وقد قال الجوهري: "الحية الأقرع إنما يتمعط شعرُ رأسه -زعَمُوا- لقَرئه السم فيه".

وكذا ذكر أبو عبيد في "غريبه" "إنما سمي أقرع، لأنه يَقْرِي السُّم ويجمعُه، حتى يتَمَعط شعره.

قال الشاعر -يذكر حيَّة ذكراً-:

قَرَى السمَّ حتى انمازَ فروةُ رأسِه

عن العَظْمِ صِلٌّ فاتِك اللَّسع مَارِدُ

388 -

عزوه حديث علي في لعن آكل الربا، ومن معه إلى الإصبهاني.

عجيب، فالحديث رواه أحمد وغيره من طريق

ص: 700

الحارث الأعور منه.

389 -

عزوه بعده بحديث أبي هريرة "عُرض علي أول ثلاثة" إلى ابن خزيمة بتمامه، وإلى ابن حبان مفرقاً في موضعين.

كذا رواه أحمد بتمامه، وعنده "وعبد مملوك لم يشغله رق

ص: 701

الدنيا عن طاعة ربه".

وعند الترمذي أوله وهو ذكر أهل الجنة فقط، وحسنه وليس عنده "ذو عيال"، ويأتي لفظه قبيل العتق.

390 -

قوله في حديث ثوبان الذي رواه البزار "من تركَ

ص: 702

بعده كنزاً" إلى أن قال فيقول: "من أنت".

لفظ البزار يقول "ويْلَك ما أنت" إلى أن قال: "الذي خلَّفْتَ" لفظ البزار "كنزتَ".

391 -

قوله بعده بحديث في حديث أبي هريرة الذي فيه "ثم يأخذ بلهْزَمتَيْه" وفي نسخة "بلهْزمَيْه" رواه البخاري والنسائي.

ص: 703

كذا في أكثر النسخ، وهو الصواب، وفي بعضها ومسلم بدل النسائي، وهو خطأ بلا شك، إذ لم يرو مسلم هذا الحديث.

392 -

قوله في حديث عائشة "ما خالطت الصدقة أو قال الزكاة مالاً إلا أفسدته" وعزوه له إلى البزار والبيهقي ثم تفسيره. بما في الأصل.

كذا رواه الشافعي والبخاري في "تأريخه" وشيخه الحميدي في مسنده بلفظ: "ما خالطت الصدقة مالاً قط إلا أهلكته".

ص: 704

وزاد الحميدي قال: "يكون قد وجب عليك في مالك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال".

393 -

قوله: "السنين" جمع سنة بعد أن ذكر "أخذوا بالسنين". هذا منصوب على الحكاية.

394 -

قوله في حديث الأحنف: "فيتزلزل" "ليس في

ص: 705

الصحيحين فاء، وأظنها مُقحمة.

395 -

قوله آخر الفصل في حديث بريدة الذي فيه: "ولا تُتِمَّه مثقالاً" إنه في الترمذي والنسائي وصحيح ابن حبان.

فاته أبو داود وسكوته عليه واستدلاله به احتجاج به، وفي إسناده ضعف، فإنه من طريق عبد الله بن مسلم أبي طيبة -بالطاء

ص: 706

المهملة وتقديم الياء الأخيرة على الموحدة- السُلمي المروزي قاضيها.

ذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين.

وقال ابن حبان: "يُخطىء ويُخالف"، وقال أبو حاتم الرازي:"لا يُحتج به" وقواه غيرهما، وقال الترمذي: فيه حديث غريب، وفي بعض نسخ النسائي:"هذا حديث منكر".

وقد أشار الشيخ محيي الدين النووي في الكلام على خاتم الحديد من "شرح مسلم" إلى الحديث المذكور، وأنه ضعيف، وأورده بتمامه فيه في "شرح المهذب" وقال:"في إسناده رجل ضعيف" يعني: أبا طيبة هذا.

وأما الشيخ سراج الدين البلقيني فاحتج به في "فتاويه"؛ لكون أبي داود رواه وسكت عليه، فيكون صالحاً للاحتجاج به

ص: 707

عنده، ولتقوية غير أبي حاتم لراويه، وقول بعضهم: إنه صالح الحديث.

واعلم أن لفظ الترمذي في هذا الحديث أتمُّ من لفظ أبي داود والنسائي وتتمته بعد ذكر خاتم الحديث: "ثم جاءه، وعليه خاتم من صفر فقال: ما لي أجدُ منك ريحَ الأصنام؟ ثم أتاه، وعليه خاتم من ذهب فقال: ما لي أرى عليك حِلية أهل الجنة قال: من أي شيء أتَّخِذُه؟ قال: من فضة ولا تتمه مثقالاً".

ص: 708

وعند النسائي: "من شبه" بدل "صفر" وليس عنده ذكر اتخاذه من ذهب، وعنده: في الحديد والشبه "فطرحه".

وكذا عند أبي داود لفظ الشبه والطرح، وأسقط الذهب لكن قدم الشبه على الحديد.

وقد ذكر القونوي في "شرح الحاوي" أنه لا يحل للرجل اتخاذ خاتم ثقيل.

وقال الأذرعي في "القوت": الصواب ضبط مقداره بما نص عليه الحديث، قال:"وليس في كلام الأصحاب ما يخالفه".

قلت: وترجم النسائي -وهو معدود من الشافعية- على

ص: 709

الحديث المذكور "مقدار ما يجعل في الخاتم من الفضة".

وقد عزا الأذرعي في "القوت" الحديث إلى أبي داود وابن حبان، لكنه وقع له في شيء، لم أره وقع لغيره حيث قال: إنه من حديث أبي هريرة ثم قلده بعض الشراح، وهو خطأ قبيح، بلا خلاف عند جميع أهل هذا الفن، وهو في نفس الحديث عند الكل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه وهو بريدة بن الحصيب الأسلمي أحد مشاهير الصحابة، لا ذكر لأبي هريرة فيه أصلاً، ولا ما يقاربه، لكن تحرف عليه وتصحف، ولا أدري سبب حصول ذلك له، فلهذا نبهتُ عليه؛ لئلا يغتر به، فاحذره.

396 -

قوله في الترغيب في العمل على الصدقة بالتقوى في حديث أبي موسى: "الذي يَنقلُ ما أُمر به".

كذا وُجدَ في النسخ "ينقل" بالقاف واللام من النقل، وهو تصحيف بلا شك، وإنما هو "ينفذ" بضم الياء وفتح النون وتشديد الفاء وكسرها وروي بإسكان النون وتخفيف الفاء بلا تشديد، والتشديد أشهر وآخره ذال معجمة، لكن صحفت بما ترى، وطولت الدال فصارتْ لاماً.

ص: 710

والحديث المذكور أورده البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في الزكاة.

ثم أورده البخاري أيضاً في الوكالة والإجارة، وقد فات المصنف عزوه إلى النسائي، ولفظ الشيخين في الزكاة قريب من لفظ الأصل لكن عند البخاري:"الخازن الأمين" وعنده "طيب" وفي بعض النسخ "طيباً" وعندهما "الذي ينفذ وربما قال: يعطي" وعندهما "إلى الذي أُمر له به" ولفظ أبي داود: "إن (الخازن الأمين) الذي يعطي ما أُمر به كاملاً" وعنده: "حتى يدفعه" وعند البخاري في الوكالة: "الخازن الأمين الذي ينفق وربما قال الذي يعطي طيباً" وعنده في الإجازة: "الخازن الأمين الذي يؤدي ما أُمر به طيبة نفسه أحد المتصدقين". ولفظ النسائي "الخازن الأمين الذي يعطي ما أُمر به طيباً نفسه أحد المتصدقين".

واعلم أن الرواية في المتصدقين بالتثنية.

ص: 711

قال أبو العباس القرطبي في "المفهم": "ويجوز

المتصدقين على الجمع"، أي: هو متصدق من المتصدقين.

397 -

إيراده بعده حديث: "خير الكسب كسب العامل إذا نَصح" بالصاد.

تخيلاً أن المراد بالعامل على الصدقة، والذي يظهر أنه العامل بيده تكسباً، وحينئذ يكون محله كتاب البيع، وهناك ذكره الهيثمي في "مجمعه" أول البيوع وبوَّب عليه "باب نصح الأجير"، فينبغي تحويله إلى محله، وذكره مع ما يشبهه من الأحاديث في هذا الكتاب.

398 -

ضبط قوله: "تَيْعَر" بفتح العين، ثم قال: وقد تكسر.

ص: 712

وكان ينبغي له أن يعكس، إذ الكسر هو المقدم، ولم يذكر بعضهم غيره، وماضيه يَعَرتْ بوزن ضربت، ولم يضبط "اليعار"، ولا شك أنه بضم أوله مثل ما قبله من الثغاء، والرغاء، والخوار.

399 -

ذكر الحديث فيه "يحمل سقاء من أدم" واللفظ الآخر بعده "يحمل قشعاً" ثم قال: "القشع: مثلثة القاف، وبفتح المعجمة: هو هنا: القِربة اليابسة، وقيل: بيت من أدم، وقيل: هو النطع، وهو محتمل للثلاثة غير أنه بالقربة أمس".

هذا كلامه وفيه أمور: منها ادعاء تثليث القاف، وفتح الشين، وخَلْطُ لفظةٍ مفردة بأخرى جمع، وغير ذلك مما ستعرفه.

ص: 713

فأما القَشْع المفرد المراد ونظيره: فهو بإسكان الشين، وفتح القاف.

قال النووي: وكسرها ذكره في شرح مسلم عند حديث سلمة بن الأكوع "امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم".

وعلى الفتح اقتصر صاحب "المشارق" وغيره.

قال الراوي في مسلم: القشع: النطع.

وقال في "المشارق": أي: جلد ألبسته، وقال في "النهاية" قيل: أراد به الفَرْو الخَلَق.

قلت: ولم أَر أحداً ضم قافه، وأظنه من تصرف المصنف.

وقال ابن الأثير في قوله: "يحمل قَشْعاً من أدم"، أي: جلداً يابساً، وقيل: نطعاً، وقيل: أَراد القِربة البالية.

وهذه اللفظة حرفها المصنف باليابسة.

قال ابن الأثير: وهو إشارة إلى الخيانة في الغنيمة أو غيرها من

ص: 714

الأعمال قال: ومنه حديث سلمة، وذكر ما ذكرناه عنه.

وأما القِشَع بكسر القاف، وفتح الشين في حديث أبي هريرة:"لو حدثتكم بكل ما أعلم لرميتموني بالقشع".

فقال الجوهري: "قال الأصمعي: الجلود اليابسة الواحدة قَشْع -أي: بفتح أوله، وإسكان ثانيه- على غير قياس، لأن قياسه قشعة مثل بَدْرة وبِدَر، إلا أنه هكذا يقال".

قال: "والقشع بيت من جلد، فإن كان من أدم فهو الطراف -أي: بالفاء-" قال: "والطوارف من الخباء ما رفعت من جوانبه للنظر إلى خارج". انتهى كلام الصحاح.

وقال في "النهاية" في حديث أبي هريرة: "لرميتموني".

والقِشْع هي: جمع قَشْع على غير قياس قال: وقيل: هي جمع قَشْعَةٍ، وهي ما يقشع عن وجه الأرض من المدر والحجر، أي: يقلع كبدْرةٍ وبِدَر وقيل: القشعة النخامة التي يقتلعها الإنسان من صدره، أي: لبزقتم في وجهي استخفافاً بي، وتكذيباً لقولي.

قال: ويروى "لرميتموني بالقِشْع" على الإفراد، وهو الجلد، أو من القشع الأحمق، أي: لجعلتموني أحمق". انتهى كلامه.

فالمصنف ركَّب ما ذكره من كلام النهاية والصحاح، وحرف بعضه، وحذف بعضه، وتصرف من عنده، وخلط لفظه في غيرها، كما ترى وكأنه رأى على القشع المفرد في النهاية بالقلم النصب والكسر معاً، فحسب أن القاف مثلثة، وإنما الأمر على ما قررتُه وحررتُه.

ص: 715

400 -

قوله في فصل المكاسين والعشَّارين والعرفاء في حديث المقدام: "ضرب على منكبيه" بالتثنية، وإنما هو بالإفراد.

401 -

قوله فيه: وعن مودود بن الحارث بن يزيد بن كريب بن يزيد بن سيف بن حارثة اليربوعي عن أبيه عن جده في ذم العريف.

ص: 716

لم يُبين جده المذكور وهو: يزيد بن سيف كما في "تجريد الصحابة" للذهبي وغيره، وهو من المهمات المطلوبة فاستفده.

452 -

وقوله فيه: "هل لك أن تَعْرُف على قومك "هو بفتح التاء، وإسكان العين وضم الراء آخره فاء".

"أولاً أُعرفُك" بضم الهمزة، وباقيه مثل الأول بلا تشديد.

453 -

قوله في الترهيب من المسألة: ابن حُبْشِي بضم الحاء المهملة، وإسكان الموحدة وكسر الشين المعجمة، وتشديد الياء، وكذلك هو اسم جبل أيضاً.

ص: 717

404 -

قوله: فيه طَرفة العَبْدي هو بتحريك الطاء، والراء، والفاء.

وقوله: العبدي، كذا وقع في أكثر نسخ هذا الكتاب بياء النسب المشددة آخره، وإسقاط لفظة "ابن" قبله مضافاً، وهو بلا شك وهم قبيح، وخطأ فاحش، ولعله من بعض النساخ، فإن العبدي نسبة إلى عبد القيس ابن أفصى -بالفاء- ابن دُعمِيّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.

ولا نزاع أن طَرفة ليس من هذه القبيلة، إنما هو من بني بكر بن وائل، كما سأذكره.

لا جرم كان في نسختي بدل العبديّ "ابن العبد" بزيادة "ابن" وجر "العبد" بالإضافة من غير ياء النسب، وهو الصواب المتعين

ص: 718

المقطوع به الذي لا يجوز غيره، وقد ذكره كذلك من لا يحصى من المصنفين، ومنهم المصنف في حواشي مختصره لسنن أبي داود، وكذا غيره من الأئمة حتى الجوهري في مادة طرف من "الصحاح".

وبالجملة فلا يقال له: العبدي، إنما هو طَرفة بن العبد بن سفيان بن مالك بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكاية بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.

وهو أحد شعراء الجاهلية أصحاب القصائد السبع المعلقات بالكعبة المشهورة، لا نطيل بذكره، وهو ابن أخت المتلمس المذكور في الأصل، والله أعلم.

405 -

قوله في تفسير الرُفْغ: "إنه الإبط، وقيل: وسخ الثوب".

أما وسخ الثوب فلا يسمى رفغاً عند أحد من أهل اللغة كما

ص: 719

أوهمه المصنف، وإنما سبق القلم من لفظ الظفر كما سيأتي، وكذا حكاه صاحب جامع الأصول وغيره إلى الثوب.

وفي كتاب العين "الرفغ كل موضع يجتمع فيه الوسخ".

وقال أبو زيد: "الرفغ أصل الفخذ" وقال غيره: "الأرفاغ أصول المغابن، وأصله ما ينطوي من الجسد، وكلها أرفاغ".

وقال الجوهري: "الأرفاغ المغابن من الآباط ، وأصول الفخذين". وفي الحديث: "عشر من السنة منها نتف الرفغين" يعني: الإبطين.

وفي الحديث الآخر: "ورفغُ أحدكم بين ظفره وأنملته".

قال أبو عبيد: "أي: ما بين الأنثيين، وأصول الفخذين".

ص: 720

قال: ومنه حديث عمر "إذا التقى الرفغان، فقد وجب الغسل".

وقال الليث: الرفغ هنا وسخ الظفر، كأنه أراد وسخ رفغ أحدكم، فاختصر الكلام، وأراد عليه الصلاة والسلام أنكم لا تقلمون أظفاركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيعلق بها في الأرفاغ.

والليث المذكور قبل من أهل اللغة يطلق غالباً وهو الليث بن المظفر.

وقد نقل النووي في لغات السواك من "شرحه للمهذب" عن الإمام الأزهري أنه نسبه هكذا، إذ غلطه في تأنيثه السواك، وبكلامه يصدر غالب مواد كتابه "تهذيب اللغة" وهو عدة مجلدات.

وكذا نقل عنه في "شرح ألفاظ مختصر المزني" أنه روى عن الخليل في ضبط "اللقطة".

وكذا قال النووي: "إن أهل المعرفة من اللغويين غلطوه هو، والجوهري في تجويزهما لفظ التشويش.

ص: 721

وإنما يقال: التهويش بالهاء".

قلتُ: ومن تخيَّل أنه الليث بن سعد المصري الإمام العالم المشهور فقد أخطأ خطأ فاحشاً، ووهم وهماً قبيحاً.

406 -

عزوه حديث عبد الرحمن بن عوف الذي فيه: "ولا يَفْتحُ عبد باب مسألة" إلى البزار.

ص: 722

له عنده طريق آخر عن أبي سلمة عن أبيه المذكور وقال: إن هذه الرواية أصح.

407 -

قوله: ورواه الطبراني من حديث أم سلمة في الصغير.

كذا في الأوسط.

408 -

قوله بشوص السواك.

ص: 723

قال في "النهاية"، أي: بغسالته، وقيل: بما يتفتت منه عند السواك" انتهى.

409 -

عزوه حديث "عُرض على أول ثلاثة" إلى ابن خزيمة وإشارته إلى مضيه بتمامه في منع الزكاة.

لكن هناك زاد ابن حبان رواه مفرقاً في موضعين، وزدنا نحن

في تخريجه ثمَّ عليه.

410 -

قوله في حديث أبي سعيد: "ومن استعفَّ يُعفَّه الله".

ص: 724

هكذا وُجِدَ، وإنما هو يستعفف، ورواية الترمذي للبخاري "يستعف".

"ويُعفَّه" بفتح الفاء جزم به الكرماني.

وقال القاضي عياض في "المشارق" قوله: "لم نرده عليك" ولم يضره الشيطان وكل ما جاء من مثل هذا كقوله: "لم تمسه النار" ونحوه.

ص: 725

فالأوجه فيه الضم على مذهب سيبويه في المضاعف المذكر إذا دخلته الهاء، والرواية بالفتح ومثله "من يستعفف يعفه الله""وأذهب فردَّه" كل هذا سواء انتهى ملخصاً.

والفتح للخفة، والضم للإتباع.

411 -

عزا حديث "ليس الغنى عن كثرة العرض" إلى الخمسة، وبقي عليه ابن ماجة.

ص: 726

412 -

قوله في حديث أبي أمامة: "إنك أن تبذلَ الفضل خير لك وأن تمسكَه شر لك".

قال النووي في "شرح مسلم" هو بفتح همزة أن -أي: الخفيفة- فيهما التي نصبت لام "تبذل" وكاف "تمسكه" مثل قول الله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وقوله تعالى: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} وقوله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} والحديث: "إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة"، وغير ذلك.

ومن كسر همزة "أن" في الموضعين، ولام "تبذل" ظناً منه أنه لالتقاء الساكنين وجزم كاف "تمسكه"، فقد وقع في التحريف

ص: 727

والكذب.

413 -

قوله في ترغيب من نزلت به فاقة في حديث ابن مسعود في ذلك: إن الترمذي (قال فيه: حسن صحيح ثابت.

كذا وجدتْ هذه اللفظة الأخيرة هنا، وذلك تصحيف، وإنما هي غريب لا ثابت.

414 -

قوله بعده في الترهيب من أخذ ما دُفع من غير طيب نفس المعطي: "في حِضْنه" هو بكسر المهملة، وإسكان الضاد المعجمة، ما دون الإبط إلى الكشح.

ص: 728

415 -

ذكر في السؤال بوجه الله -تعالى- حديث أبي أمامة في قصة الخضر عليه السلام مع الذي سأله بذلك فباع نفسه لأجله ثم مع الذي اشتراه. وقد ذكر الحكيم الترمذي في كتابه "نوادر الأصول" عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن جده لأمه وهب بن منبه: أن اسم الذي اشتراه ساجم بن أرقم.

وقد عزا المصنف حديث الأصل إلى الطبراني وغيره، وذكر أن بعض مشايخه حسَّن إسناده لكن استبعد ذلك فأجاد.

وقد رواه الطبراني وعنده تلميذه أبو نُعيم في كتابه "الحلية".

ص: 729

حدثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي، حدثنا محمد بن الفضل بن عمران الكندي -وهما مجهولان- حدثنا بقية بن الوليد -وهو أحد المدلسين وقد عنعن فيه- عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة الباهلي.

قال شيخنا ابن حجر في جزئه في الخضر: "وسند هذا الحديث حسن لولا عنعنة بقية".

وذكر الذهبي في "ميزانه" من مناكير بقية: حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة مرفوعاً هذا الحديث.

ثم قال: قال ابن جوصاء: سألتُ محمد بن عوف عنه فقال: هو موضوع فسألتُ أبا رزعة عنه فقال: حديث منكر.

قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن بقية غير سليمان بن

ص: 730

عبيد الله الرقي، وقد ادَّعاه عبد الوهاب بن الضحاك العُرضي وهو متهم.

قلت: هو من رجال ابن ماجة يروي عن بقية وإسماعيل بن عياش، وسليمان من رجال الترمذي وابن ماجة.

قال: وأما سليمان فقال فيه ابن معين: ليس بشيء فسلم منه بقية، انتهى.

وأما ابن كثير فادّعى في "تاريخه" أن رفعه خطأ، وأن الأشبه أن يكون موقوفاً قال: وفي رجاله، أي: إلى بقية من لا يُعرف.

وقد أسنده ابن الجوزي في "عجالته في الخضر" من طريق

ص: 731

ابن شاهين عن الباغندي، عن عبد الوهاب بن الضحاك -ثم جرحه- عن بقية فذكر طرفاً منه.

وأسنده الشيخ أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي النقاش في كتابه "فنون العجائب".

وليس هو النقاش المقرئ المفسر ذاك أبو بكر محمد بن

ص: 732

الحسن بن محمد بن زياد الموصلي البغدادي.

فقال: أخبرنا أبو الحسن المحمودي محمد بن محمود بن عبد الله الفقيه، حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن هشام ح، وحدثنا جدي أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أيوب النقاش، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن الضحاك -يعني ابن أبي عاصم- حدثنا محمد بن علي بن ميمون العطار، حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة.

فذكر بنحوه، وعنده أن الرجل الذي اشتراه قال:"شققتُ عليك يا رسول الله، ولم أعلم" وقال أيضاً: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله احكم في أهلي ومالي، ما أراك الله أو أُخلي سبيلك" ثم قال: قال أبو بكر بن أبي عاصم: هذا خبر ثابت من جهة النقل.

هذا ما ذكره النقاش المذكور لكنه هو ومن بعده إلى محمد بن زياد التابعي ليسوا في كتابي "الميزان" و"الضعفاء" للذهبي، بل ولا في كتاب شيخه المزي "تهذيب الكمال" غير أبي بكر عمرو بن

ص: 733

أبي عاصم شيخ ابن ماجة دون ابنه أحمد المذكور، فإنه من قبيل من قبله لا يعرفون بجرح ولا تعديل، والله أعلم بحالهم وبكل شيء.

416 -

قوله أوائل الترغيب في الصدقة: وفي رواية صحيحة للترمذي "إن الله يقبل الصدقة" إلى آخره.

هذا قلد فيه الترمذي، وليس بمسلم لهما، ولو قال: صححها الترمذي؛ لكانت العهدة عليه دونه، لكنه اغتر بقوله: هذا حديث صحيح ولم ينظر في السند، وكيف يصحح، وفيه عبَّاد بن

ص: 734

منصور النَّاجي، بالنون والجيم، وآخره مشدد وهو ضعيف من الرواة المتكلم فيهم المذكورين في آخر هذا الكتاب، فانظر ترجمته هناك، وقول المصنف: إن الترمذي حسن له غير ما حديث، وكيف يجزم هنا بصحة هذه الرواية.

417 -

قوله في حديث أبي هريرة: "أَوْ أَعطى فاقتنَى".

قال الشيخ محيي الدين النووي في شرح مسلم: "كذا هو في معظم النسخ، ولمعظم الرواة بالتاء".

قال: "ومعناه ادخره لآخرته، أي: ادخر ثوابه، وفي

ص: 735

بعضها "فأقنى" بحذف التاء، أي: أرضى" انتهى.

ولم يتعرض المصنف في حاشية مختصره لمسلم لهذا، وقوله: رواه مسلم، أي: منفرداً به.

418 -

قوله بعد سياق حديث عدي بن حاتم: "ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله" وفي رواية "من استطاع منكم أن يستتر من النار" ثم قال: رواه البخاري ومسلم.

هذا ليس بجيد، فإن الرواية الثانية انفرد بها مسلم فرواها من غير طريق الرواية الأولى.

فالصواب أن يُعزى بعد الأولى، ثم يُقال: وفي رواية لمسلم وتذكر، لكن كثيراً ما يفعل هكذا فيوهم عود الضمير إليهما، كما نبهتُ عليه في مواضع.

ص: 736

419 -

مِيتة السوء ومِيتة جاهلية بكسر أولهما.

قال ثعلب في "فصيحه"؛ "هو حسن الرِكبة والمِشية والجِلسة والقِعدة، تعني: الحال التي تكون عليها، وكذلك ما أشبهه".

وزاد الجعد عليه: العِمة والعِصبة والخِمرة والنِقبة واللِحفة واللِثمة والبِيعة من البيع والكِيلة والوِزنة والطِعمة والشِربة واللِعبة والنِيمة من النوم والجِيبة من الجواب والضِجعة واللِبسة والكِبسة.

قلت: وكذا الإزرة والقِتلة والذِبحة، ونظائرها مما لا يحصى.

420 -

قوله في أثر عائشة المذكور في الموطأ بلاغاً: فقالت

ص: 737

لمولاةٍ لها: "أَعطها إياه" يعني: الرغيف.

كذا وجد في أكثر النسخ في الموضعين، ولفظ الموطأ الذي هو الصواب:"أعطيه إياه" بالياء، لأنه أمر للأنثى، والرغيف مذكر، وذلك ظاهر.

421 -

وقوله: "ما كان يهدى لها" إنما هنا "لنا".

422 -

وقوله: قال مالك: وبلغني أن مسكيناً استطعم عائشة ثم قال: ذكره في الموطأ هكذا بلاغاً بغير سند.

أي: ذكر هذا، والذي قبله بلاغاً واحداً بعد الآخر.

423 -

قوله: في حديث عقبة: "كل امرئ في ظِل صدقته"

ص: 738

قال يزيد: هو ابن أبي حبيب) المذكور في الرواية الثانية.

وقوله فكان أبو الخير مَرْثد هو المنسوب في الرواية الأخرى، وهو بالراء المهملة الساكنة والمثلثة المفتوحة، واليَزني، بفتح الياء الأخيرة والزاي المعجمة وبالنون.

424 -

قوله بعد مرسل الحسن البصري الآلهي "يا ابن آدم أفرغ من كنزك عندي" الذي رواه البيهقي.

وقد روينا عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله إذا استُودع شيئاً حفظه".

قائل هذا هو البيهقي لا المصنف، وهذا الحديث المذكور

ص: 739

شاهداً. رواه الإمام أحمد وغيره.

ص: 740

وروى النسائي في اليوم والليلة أن ابن عمر قال لقزعة وأبي غالب لما شيعاه إن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا أن لقمان الحكيم قال: هذا الكلام ثم قال: وإني أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم عملكم.

425 -

ذكر حديث أنس في قضية أبي طلحة وحديقته "بَيْرَحَا"، ثم قال: رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي مختصراً، ثم ضبط "بيرحا" وأشار إلى ضبط "مال رابح".

ص: 741

ولا بد من تحرير العزو، والضبط توسطاً.

فالحديث مشهور في الأصول كالصحيحين، والسنن وغيرها من طُرق منها السياق المذكور وقد حذف المصنف تتمته، وكأنهُ فعلَ ذلك للاختصار وهي "وقد سمعتُ ما قلتَ، وإني أرى أن تجعلَها في الأقربين.

فقال أبو طلحة: أفعلُ يا رسول الله فقسمها في أقاربه وبني عمّه".

رواه الشيخان والنسائي من طريق الإمام مالك وهو رواه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بنحوه.

وقد أورده البخاري أيضاً من غير طريق مالك بزيادة.

ورواه مسلم أيضاً والنسائي من طريق بَهْز عن حماد بن

ص: 742

سلمة عن ثابت عن أنس قال: لما نزلت {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} .

قال أبو طلحة: "أرى ربنا يسألنا من أموالنا، فأشهدك يا رسول الله أني قد جعلت أرضي بَرِيحاءَ لله".

كذا لفظ مسلم وعند النسائي "أرضي لله" بلا تَسمية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلها في قرابتك" قال: فجعلها في حسان بن ثابت وأبي ابن كعب.

وكذا رواه أبو داود عن التبوذكي عن حماد لكن عنده "فإني أشهدك أني قد جعلتُ أرضي باريحا له" يعني: لله وذكر باقيه.

ورواه الترمذي عن إسحاق بن منصور عن عبد الله بن بكر عن حميد عن أنس قال: لما نزلتْ هذه الآية أو {مَنْ ذَا الَّذِي

ص: 743

يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}.

قال أبو طلحة وكان له حائط فقال: يا رسول الله حائطي لله ولو استطعت أن أسرَّه لم أعلنه فقال: "اجعله في قرابتك أو أقربيك".

ثم أشار الترمذي إلى الطريق الأولى فقال: "وقد رواه مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس" انتهى.

426 -

وأمّا بيرحاء فقد ضبطها المصنف هنا بكسر الباء وفتحها ممدودة، ولم يتعرض للراء، وهي بالفتح والضم، ثم ذكر عن بعض مشايخه أن صوابها فتح الباء والراء مع القصر على فيْعَلَى وقد قدمْتُ رواية بَرِيحاء وبَاريحا.

قال القاضي عياض في "شرح مسلم":

وأكثر رواياتهم في هذا الحرف بالقصر، ورويناه عن بعض شيوخنا بالوجهين.

قال: وبالمد وجدتُه بخط الأصيلي.

ولم يتعرض المصنف هنا للفظة "بَخٍ".

وقال في مختصره "كفاية المتعبد": "يقال: بالتسكين، وبالكسر مع التنوين" أي: مخففاً، وبالكسر دون تنوين وضم الخاء

ص: 744

مع التنوين.

قلتُ: وحُكي فيه التشديد أيضاً، وقال الخطابي:"الاختيار إذا كررت تنوين الأولى وتسكين الثانية".

قال المصنف في "كفايته": قال الخليل: "يقال ذلك للشيء إذا رضيتُه، ويقال لتعظيم الأمر".

427 -

وأشار هنا إلى قوله: إن "مال رابح" روي بالباء الموحدة، وبالياء الأخيرة، وأوضحه في كفايته.

قال القاضي عياض: روايتنا فيه في كتاب مسلم رابح بالموحدة، واختلفتْ الرواة فيه عن مالك في البخاري والموطأ، وغيرهما فمن رواه بالموحدة فمعناه ظاهر من الربح بالأجر، وجزيل الثواب، أي: ذو ربح- قال في الغريبين: كقولك تامر ولابن ومن رواه رايح بالياء المهموزة فهو من الرواح عليه بالأجر ما بقيت أصوله وثماره. وقال الهروي: "أراد أنه قريب العائدة".

زاد الزركشي: "يصل نفعه إلى صاحبه كل رواح لا يحتاج

ص: 745

أن يتكلف فيه المشقة والسير.

428 -

قوله في رواية البيهقي بحديث أبي ذر "أن ترضخَ مما خولك الله وترضخَ مما رزقك الله".

كذا وُجدَ بإسقاط الألف بين اللفظين، ولابد منها، فإن الراوي شك هل قال صلى الله عليه وسلم هذا أو هذا، وهو ظاهر.

429 -

قوله في حديث رافع بن مُكيث: "والصدقة تدفع

ص: 746

ميتة السوء".

كذا في كثيرٍ من نسخ الترغيب، وفي بعضها "تَقي مِيتة السوء" وهو الصواب.

وليس في "مجمع الهيثمي" سواه، وفي بعض نسخ الترغيب قبل ذلك زيادة الظاهر أنها من بعض النساخ، والله أعلم.

430 -

قوله آخر حديث: "من جمع مالاً حراماً" عن ابن حُجَيرة.

هو بضم المهملة وفتح الجيم تصغير حجرة.

431 -

قوله بعده في حديث أبي هريرة الذي عزاه إلى

ص: 747

ابن خزيمة: "تقول امرأتك: أنفق علي أو طلقني" إلى آخره لعله مدرج في المرفوع.

هو كذلك عند البخاري مصرح بإدراج آخره في كتاب النفقات بلفظ: "أفضل الصدقة ما ترك غنىً" وفيه " تقول المرأة: إما أن تطعمني، وإما أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: أطعمني إلى من تدعني".

فقالوا: يا أبا هريرة سمعتَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا هذا من كيس أبي هريرة".

وكذا رواه (أحمد و) النسائي أيضاً.

ص: 748

نعم روى الدراقطني وغيره من طريق شيبان عن حماد

-وهو ابن سلمة- عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة تقول لزوجها أطعمني أو طلقني" الحديث.

وكذا رواه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح.

ص: 749

وأوله "خير الصدقة ما كان منها عن ظهر غنىً".

وفيه قال: ومن أعول يا رسول الله قال: امرأتك تقول: أطعمني وإلا فارقني، خادمك يقول: أطعمني واستعملني، ولدك يقول: إلى من تتركني".

والمصنف لم يقف على ما ذكرته، فلهذا تخيل ما تخيل، وأبعد النجعة فعزاه إلى ابن خزيمة.

432 -

قوله بعده هنا وفي الباب الذي يليه: "جُهد المقل" هو بضم الجيم.

قاله ابن الأثير (في نهايته) وغيره، ومنه قول الله -تعالى-:{لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} .

والدعاء "هذا الجهد" والمقل ضد المكثر.

ص: 750

433 -

وأم بُجَيد: بضم الموحدة وفتح الجيم، مصغّر، وكنية عمران بن حصين أبو نجيد أوله نون.

434 -

قوله آخر الباب: وعن المغيرة بن عبد الله الجعفي قال: جلسنا إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: خصفة أو ابن خصفة في حديث "تدرون ما الشديد والرقوب والصعلوك" إنَّ البيهقي رواه.

ص: 751

كذا رواه بنحوه وأتم منه الإمام أحمد وغيره، وسأذكر لفظه، لكن راويه عند البيهقي الصحابي المذكور بالشك، وهو بتحريك الخاء المعجمة والصاد المهملة، والفاء آخره هاء تأنيث.

وقد ذكر الهيثمي في "مجمعه" الحديث من المسند في موت الأولاد من كتاب الجنائز ثم قال: "وفيه أبو حصبة أو ابن حصبة" يعني: بالحاء المهملة والصاد الساكنة والباء الموحدة فيهما.

ثم قال: "قال الحسيني: مجهول وبقية رجاله ثقات.

ثم أعاد الهيثمي الحديث في باب الغضب، وقال: وفيه أبو

ص: 752

خصفة أو ابن خصفة، يعني: مثل الأول قال: ولم أعرفه.

كذا رأيته في النسخة مبايناً للأول موافقاً للأصل.

ولم يذكر الشريف الحسيني في رجال المسند هذا الرجل إلا في حرف الحاء المهملة مع الصاد والموحدة.

فقال في الكنى: أبو حصبة أو ابن حصبة عن رجل شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وعنه عروة بن عبد الله الجعفي "مجهول" انتهى.

يعني: صاحب الترجمة، لا الراوي عنه.

وتتمة لفظ المسند الذي أشار إليه الحسيني بعد قوله يخطب فقال: "تدرون ما الرقوب؟ قالوا: الذي لا ولد له، قال: الرقوب كل الرقوب، الرقوب كل الرقوب، الرقوب كل الرقوب الذي له ولد فمات، ولم يقدم منهم شيئاً، قال: أتدرون ما الصعلوك؟ قالوا: الذي ليس له مال، قال: الصعلوك كل الصعلوك، الصعلوك كل الصعلوك، الصعلوك كل الصعلوك، الذي له مال فمات، ولم يقدم منه شيئاً، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ما الصرعة؟ قال: قالوا: الصريع، فقال: الصرعة كل الصرعة، الصرعة كل الصرعة، الصرعة كل الصرعة، الذي يغضب فيشتد غضبه، ويحمر وجهه، ويقشعر جلده فيصرع غضبه.

واعلم أن الذي وقع في الترغيب أن راوي هذا الحديث

ص: 753

المغيرة بن عبد الله الجعفي، والذي في المسند إنما هو عروة بدل المغيرة، وليس لهم أحد اسمه المغيرة بن عبد الله الجعفي، إنما لهم المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل اليشكري الكوفي فقط.

وأما عروة فهو ابن عبد الله بن قشير الجعفي الكوفي أبو مَهَل بتحريك الميم والهاء، روى له أبو داود وابن ماجة والترمذي في الشمائل.

ثم مقتضى سياق الترغيب أن المغيرة المذكور تابعي وأن الصحابي خصفة أو ابن خصفة، وسياق المسند مصرح بأن عروة رواه عن أبي حصبة أو ابن حصبة عن رجل مبهم شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب.

وقد أشار المصنف في الترهيب من الغضب إلى ذلك، وذكر منه فصل الغضب فقط، فقال: ورواه أحمد في حديث طويل عن رجل شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ولم يُسمه، وقال: فيه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما الصرعة إلى آخره.

وقال الحافظ الذهبي في "تجريد الصحابة": خصفة أو ابن خصفة مجهول يروى عنه الذي يملك نفسه عند الغضب" انتهى.

والله أعلم بالصواب.

ص: 754

435 -

قوله في حديث أبي هريرة حديث السبعة أول الترغيب في صدقة السر: "رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة هكذا، وروياه أيضاً ومالك والترمذي عن أبي هريرة أو أبي سعيد على الشك" انتهى.

كذا وُجِدَ في النسخ لفظة "روياه" بالتثنية، والضمير عائد إلى البخاري ومسلم، وهو خطأ على البخاري بلا شك كما ستعرفه، ولعله من بعض النساخ.

وقد كان في نسختي أولاً، وهو الصواب الذي لا يجوز غيره.

ورواه أيضاً ومالك والترمذي بالإفراد، فيكون الضمير عائداً إلى أقرب مذكور وهو مسلم دون البخاري، فإنه لم يروه بالشك قطعاً كغيره ممن رواه من طريق الإمام مالك، ورواية مالك في الموطأ هي التي فيها الشك دون طريق عبيد الله بن عمر العمري، عن خاله

ص: 755

خبيب بن عبد الرحمن عن جده لأبيه حفص بن عاصم (بن عمر بن الخطاب)، فإن فيها الجزم بأبي هريرة وحده، وقد رواها عن عبيد الله يحيى القطان وابن المبارك.

والبخاري روى الحديث في ثلاثة مواضع من صحيحه من طريق القطان، وفي موضع منه من طريق ابن المبارك، ومن طريقه أيضاً رواه النسائي كلاهما عن خبيب (عن حفص ورواه مسلم أولاً من طريق القطان عن خبيب التي لا شك فيها كما فعل المصنف هنا في الترغيب، ثم رواه ثانياً من طريق مالك عن خبيب) بالشك.

ص: 756

وكذا رواه الترمذي من الطريقين المذكورين وقال: "هكذا روي هذا الحديث عن مالك بن أنس من غير وجه مثل هذا وشك فيه، وقال: عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد" قال: "وعبيد الله بن عمر رواه عن خبيب بن عبد الرحمن ولم يشك فيه، فقال: عن أبي هريرة".

انتهى كلام الترمذي.

وقال ابن عبد البر في كتابه: "التقصي لأحاديث الموطأ" بعد أن ساق الحديث (لمالك عن خبيب، عن حفص، عن أبي سعيد أو عن أبي هريرة "هكذا روى مالك هذا الحديث") على الشك في أبي سعيد أو أبي هريرة.

قال: "وكذلك هو في الموطأ عند جميع الرواة فيما علمتُ إلا أبا قرة موسى بن طارق، فإنه قال فيه: عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: "والحديث محفوظ لأبي هريرة بلا شك، كذلك رواه عبيد الله بن عمر أحد أئمة أهل المدينة في الحديث عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة" انتهى.

وبالجملة فالذي ينبغي أن يقال بعد سياق الحديث: رواه

ص: 757

البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة وحده، ورواه مالك في الموطأ عن أبي هريرة أو أبي سعيد على الشك، ومن طريقه رواه أيضاً مسلم والترمذي، والله أعلم.

436 -

قوله: ابن حَيْدَة هو بفتح الحاء المهملة، وإسكان الياء الأخيرة وبالدال المهملة.

437 -

قوله في حديث أبي ذر: "ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة

ص: 758

يبغضهم الله". رواه أبو داود وابن خزيمة واللفظ لهما.

أما ذكر أبي داود فهو توهم عجيب، ووهم قطعي، إذ ليس

ص: 759

فيه شيء من هذا لا مطولاً ولا مختصراً، ولا أدري سبب توهمه لهذا وأشباهه.

438 -

قوله في الترغيب في القرض: "أو هَدَّى صلى الله عليه وسلم زقاقاً".

ضَبطَ شيخنا ابن حجر في شرحه للبخاري في حديث حق الطريق هذه اللفظة بتشديد الدال.

قلتُ: ومنه قول الله -تعالى-: {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} على قراءة التشديد. "والزقاق" معروف مفسر، في الأصل من كلام

ص: 760

الترمذي، وهو أحد الأزقة.

439 -

قوله: "والقرض بثمانية عشر" الحديث.

قلتُ: تتمته: "فقلتُ: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة قال: قال: لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة" انتهتْ التتمة.

وليتَ شعري لأي شيء أسقطها المصنف، ولابد منها، وهذا الكتاب موضوعها، والشيخ عز الدين بن عبد السلام ذكر في كتابه "الفوائد" وهو غير كتاب "القواعد" الحكمة في كون القرض بثمانية عشر أن الحسنة بعشر أمثالها حسنة عدل، وتسعة فضل، ولما كان المقرض يرد إليه ماله سقط سهم العدل مع ما يقابله، وبقيت سهام الفضل وهي تسعة، وضوعفت في مثلها بسبب حاجة المقرض فكانت ثمانية عشر.

ص: 761

440 -

ذِكره آخر الباب حديث أبي هريرة: "من نَفَّس عن مسلم، ومن يَسَّر على مسلم ومن ستر على مسلم، والله في عون العبد" معزواً إلى مسلم والأربعة وأن اللفظ للترمذي وأن النسائي وابن ماجة روياه مختصراً.

لا شك أن لفظ الأصل هو أحد لفظي الترمذي وأبي داود.

وأما ابن ماجة فإنه رواه تاماً لا مختصراً، وكذا مسلم بنحوه، ورواه أبو داود والترمذي تاماً ومختصراً.

وقد أشرتُ في أوائل كتاب العلم من هذا الإملاء إلى تخريج هذا الحديث من كتب المذكورين وألفاظهم فيه، حيث ساقه المصنف بتمامه أول موضع ذكر فيه.

441 -

قوله أول الترغيب في التيسير على المعسر: "قال:

ص: 762

آلله قال: الله".

الأول بهمزة ممدودة على الاستفهام، والثاني بلا مد، والهاء فيهما مكسورة وسيأتي مبسوطاً في كتاب الذكر.

442 -

قوله في الحديث: "أن يُنجيَه الله من كُرب يوم القيامة" هي: بضم الكاف، وفتح الراء جمع كُرْبة بسكونها.

443 -

سياقه فيه حديث أبي اليَسر في ذلك من مستدرك الحاكم، وتصحيحه له على شرط مسلم، وعزو الحديث إلى ابن ماجة.

عجيب منه بل ومن الحاكم كيف يَخفى عليهما مثل هذا،

ص: 763

والحديث قد رواه مسلم في آخر صحيحه، لكن بسياق مطول جداً من طريق حاتم بن إسماعيل عن يعقوب بن مجاهد أبي حَزْرة -بحاء مهملة مفتوحة، ثم زاي معجمة ساكنة، ثم راء مهملة، ثم هاء تأنيث- عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا منهم أبو اليَسر، وعليه بردة ومعافري، وعلى غلامه مثله

الحديث.

وفيه قصته مع غريمه وغلامه قال: ثم مضينا حتى أتينا جابر بن عبد الله في مسجده، وهو يصلي في ثوب واحد مشتملاً به

الحديث بطوله عن جابر وفي أوله قصة النخامة في المسجد التي ذكرها المصنف في محلها، وعزا الحديث إلى أبي داود وغيره، وخفي عليه كونه في صحيح مسلم، وقد أشرتُ إلى ذلك في

ص: 764

كتاب الصلاة أيضاً.

444 -

قوله فيه: "وأشار إلى نِياط قلبه" وهذه رواية العذري من رواة مسلم والنِياط بكسر النون: عرق معلق بالقلب معروف.

ولغير العذري "مَناط قلبه" بفتح الميم.

وحديث أبي اليَسر عند ابن ماجة مختصر، ومن غير طريق مسلم.

ولفظه: "من أحب أن يُظِله الله في ظلِه فليُنظِرْ معسراً أو ليضعْ عنه".

445 -

قوله في الترغيب في الإنفاق "بِجَنبَيها " هي: بفتح

ص: 765

الجيم والنون والمثناة تثنية جَنَبة "وآبت الشمس" بالمد لغة في غابت.

446 -

قوله: "صبر من تمر" أي: كُوَم جمع صبرة، وكُومَة بضم أولها في الجمع والإفراد، وثانيهما مفتوح في الجمع وساكن في الإفراد.

447 -

قوله بعد حديث

ص: 766

أسماء: وفي رواية: "أنفِقي وانفَحي وانضِحِي".

كذا وقع في كثير من النسخ، والصواب "أو" في اللفظتين، والشك من الراوي، لكن المصنف أسقط الألفين، ولا بد منهما، وأيضاً فهذا اللفظ لمسلم وحده.

وانفَحي بفتح الفاء، وانضِحي بكسر الضاد وكلاهما همزته للوصل.

قال القاضي عياض في فصل الاختلاف والوهم في "مشارقه": "كذا رويناه هنا بالنون، والضاد المعجمة، أي: أعطي، قال بعضهم: صوابه "ارضخي"، وما في الكتاب تصحيف".

ثم قال: "وهو مما يبعد عندي، والصواب الرواية، لأن النضح جاء في معنى الصَب، واستعمال هذا في العطاء معلوم

ص: 767

واستعارته فيه كثيرة" انتهى.

ونص الشيخ محيي الدين النووي في "شرح مسلم" على أن انضحي هنا بكسر الضاد.

وقال: "معنى انفحي وانضحي أعطي" قال: "والنفح والنضح العطاء. قال: "ويطلق النضح أيضاً على الصَبِّ، فلعله المراد هنا، ويكون أبلغ من النفح" انتهى.

وقال أهل اللغة ومنهم الجوهري "نضَحْتُ البيت أنضِحُه بالكسر".

وقال النووي في حديث دم الحيض المتفق عليه:

ص: 768

وتنضِحه "أي: تغسله".

قال: "وهو بكسر الضاد قاله الجوهري وغيره" انتهى.

وكذا ذكره غير النووي بالكسر، وفي السيرة النبوية أنه عليه الصلاة والسلام قال يوم أحدٍ لأمير الرماة:"انضِح الخيل عنا بالنبل".

وهذه اللفظة أيضاً بالكسر.

قال الجوهري: "أي ارمهم" إلى أن قال: "وهو يَنضِح عن فلان، أي: يذب عنه ويدفع".

فهذه المادة، وإن كانت مشتركة، فإنها مكسورة الأمر والنهي والمضارع (بلا خلاف عند أهل اللغة) من قاعدة التصريف المقررة ضرب يضرب.

بخلاف مضارع قولك: نضَح الإناء ونحوه ينضَح، أي: رشح، فإنه بالفتح، كما نقله الجوهري عن ابن السكيت من باب منع يمنَع.

ص: 769

وكأنَّ شيخنا ابن حجر في شرحه للبخاري عند حديث دم الحيض "وتنضحه" أراد أن ينقل عن أهل اللغة أن مضارع هذه اللفظة بالكسر، فسبق قلمه أووهمه إلى الفتح، وإنما تعرضتُ، لهذا خوفاً من الوقوع فيه، والاغترار به تقليداً.

فاستفدْ هذه القواعد المهمات النفائس، وادع لممليها ومفيدها.

448 -

قوله بعد أن ساق حديث ابن مسعود: "لا حسد إلا في اثنتين" إلى آخره. وفي رواية "رجل آتاه الله القرآن" الحديث ثم قال: رواه البخاري ومسلم.

هذه العبارة توهم أن كلا الروايتين من حديث ابن مسعود، وليس كذلك بل الثانية من حديث ابن عمر من رواية ابنه سالم عنه.

والحديثان متفق عليهما، وقد نبهتُ على شيء يتعلق بهذا

ص: 770

في أثناء قيام الليل.

449 -

ذكر من الطبراني حديث سهل بن سعد في ذكر الدنانير والمصباح فقالت: "أَهْدِي لنا في مصباحنا".

(كذا رواه ابن سعد في "طبقاته" لكن عنده: "أَقطِرِي لنا".

ص: 771

450 -

ثم ذكر المصنف أن ابن حبان) رواه بمعناه من حديث عائشة، وإنما روى القصة الأولى، دون الثانية.

وكذا ابن سعد أيضاً والإمام أحمد وهنَّاد بن السَرِي في الزهد وغيرهم.

451 -

قوله في حديث أنس: "كان لا يدخر شيئاً لغد" رواه

ص: 772

ابن حبان والبيهقي من رواية جعفر الضبعي عن ثابت وهو البُناني عنه.

هذا إبعاد للنُجعة، فالحديث رواه الترمذي هكذا واستغربه، ثم ذكر أنه روى عن جعفر عن ثابت مرسلاً.

452 -

ذكره: "ما أُحِبُّ أن لي أُحداً ذهباً" وما في معناه من

ص: 773

حديث أبي سعيد وهو من رواية عطية العَوفي ومن حديث ابن عباس.

وهو في الصحيح من حديث أبي ذر وأبي هريرة عجيب.

453 -

قوله: "فإذا فيه أَلْفٌ أو أَلْفَين".

ص: 774

كذا في بعض النسخ، ولعله من النساخ، وفي بعضها "ألفان" وهو ظاهر.

454 -

قوله في حديث سلمة بن الأكوع في الذي ترك ثلاثة دنانير: فقال: "بأصابعه ثلاث كَيَّات" المساق من مسند أحمد إن البخاري رواه بنحوه.

ينبغي حذف ذكر البخاري، أو استثناء المذكور من الحديث أنه ليس عنده.

455 -

عزوه أواخر ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها" إلى الترمذي.

ص: 775

وهم بلا شك، إذ ليس فيه بل ولا في غيره قطعاً، إنما الذي فيه حديث أبي أمامة المذكور هنا بعده صَدَّر به باب نفقة المرأة من بيت زوجها.

ثم قال: "وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص وأسماء بنت أبي بكر وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وعائشة".

ثم ثنى بحديث عائشة فساقه من طريق عمرو بن مرة عن أبي وائل عنها: "إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كان لها أجر، وللزوج مثل ذلك، وللخازن مثل ذلك ولا ينقص كل واحد منهم

" إلي آخره.

وهذا اللفظ المذكور الذي انقلب على المصنف بلا تردد، وقد أسقط منه أيضاً ذكر الخازن، فلهذا ثني، ولا بد من التثليث، كما في رواية أول الباب بل هذا أحد ألفاظها وحسنه

ص: 776

الترمذي.

ثم ثلث فساقه أيضاً من طريق منصور عن أبي وائل عن مسروق عنها لكن بلفظ: "إذا أعطت المرأة من بيت زوجها بطيب نفس غير مفسدة، كان لها مثل أجره لها مانوتْ حسناً، وللخازن مثل ذلك" ثم قال فيه: "حسن صحيح وهو أصح من حديث عمرو بن مرة عن أبي وائل".

يعني: لكونه لم يذكر مسروقاً.

فانتقل نظر المصنف، أو فكره لما رأى قبيله ذكر عبد الله بن عمرو في حديث "لا يجوز لامرأة عطية"، وأنه من طريق عمرو ابن شعيب إلى لفظ حديث عائشة المذكور.

ص: 777

وحصل ما ترى من الخلط والخبط والانقلاب والإيهام.

وما الأمر إلا ما ذكرتُه محرراً بلا ارتياب، والله الموفق الهادي العالم بالصواب.

456 -

قوله آخر حديث أبي سعيد في إطعام الطعام وسقي الماء: "كساه الله يوم القيامة من حلل الجنة" وأنه لفظ الترمذي.

هذا مما قلد فيه رزينا وجامع الأصول، وزاد "يوم القيامة" على الترمذي وأبدل "خضر الجنة" بحللها، وإنما لفظه كذا.

ولفظ أبي داود في اللفظ الآتي في الصدقة على الفقير بما يلبسه من كتاب اللباس: "من خضر الجنة".

وقد قال الترمذي بعد أن ساقه من طريق أبي الجارود الأعمى

ص: 778

عن عطية العوفي عن أبي سعيد (مرفوعاً واستغربه: "وقد روي هذا عن عطية عن أبي سعيد) موقوف، وهو أصح عندنا وأشبه".

ورواه أبو داود باللفظ الآتي في اللباس بمعناه بتقديم الكسوة علي الإطعام، والسقي.

من طريق أبي خالد الدالاني عن نُبيْح العَنزي -بالنون والباء مصغر- عن أبي سعيد مرفوعاً.

457 -

وقوله بعده: ورواه

ص: 779

ابن أبي الدنيا موقوفاً على ابن مسعود ولفظه: "يحشر الناس يوم القيامة".

ليس بجيد إذ الثاني حديث مستقل ينبغي قطعه عن الأول.

458 -

قوله في حديث أبي هريرة: "من أصبح منكم اليوم صائماً" رواه ابن خزيمة هذا إبعاد للنُجعة فالحديث رواه مسلم وغيره.

وكذا ذكره المصنف في عيادة المريض من أواخر الكتاب، وعزاه إلى ابن خزيمة أيضاً.

ويأتي التنبيه عليه هنالك إن شاء الله.

459 -

"والنُجْعة" بضم النون، وإسكان الجيم: طلب الكلأ في موضعه ويتكرر التعبير بهذه اللفظة.

ص: 780

460 -

قوله: وأبو ظلال اسمه هلال بن سويد أو ابن أبي سويد.

أما تسميته هلالاً فمسلم، أما كنية أبيه: فأبو هلال، ويقال: أبو مالك، ويقال: أبو سويد، واسمه ميمون، ويقال: سويد، ويقال: يزيد، ويقال: زيد، كذا في "الكمال""وتهذيبه".

وقال الذهبي في موضع من "الميزان" في أبي ظلال، هلال بن سويد قال: ويقال: ابن أبي سويد.

وفي موضع آخر قال: هلال بن ميمون قال: وهو هلال بن أبي سويد.

461 -

قوله في حديث أنس: "سبع تجري للعبد بعد موته" تقدم أن ابن ماجة رواه من حديث أبي هريرة.

ص: 781

أي: في أوائل هذا الكتاب في نشر العلم.

462 -

قوله في قصة الحاكم آخر الباب: "فسأل الأُستاذ" هو بضم الهمزة، وآخره ذال معجمة، ضبطه ابن السمعاني في "الأنساب" وابن الجواليقي في "المعرّب" ووصف به غير واحد، وليس بعربي، وهو الماهر بصنعته.

والعجب من شيخنا ابن حجر في تحرير مشتبه الذهبي، كيف لم يتعرض لإعجام ذاله وكَسَرَ أولَه، فَوهِم.

463 -

قوله فيها: "وطرح الجَمْد" هو بفتح الجيم، وسكون الميم نقيض الذوب، وهو ما جمد من الماء لشدة البرد.

ص: 782

464 -

قوله في الفصل الذي بعده: بُهيسة: هي بضم الموحدة، وفتح الهاء، وإسكان المثناة التحتانية، وبالسين المهملة آخرها هاء تأنيث.

465 -

قوله في حديث عائشة: "فكأنما تصدق بجميع ما طيبتْ تلك الملح" هكذا الرواية بالتأنيث، والله أعلم.

466 -

وقوله في الحديث: "يا حميراء" كل حديث فيه هذا اللفظ مثل هذا، والحديث الذي في ليلة النصف من شعبان

ص: 783

والحديث الذي في أكل الطين، والحديث الذي في الماء

ص: 784

المشمس وغير ذلك فهو ضعيف.

ص: 785

ومنهم من يجعل الأخير موضوعاً إلا حديثها في نظرها إلى الحبشة ولعبهم، وفيه أنه قال لها:"يا حميراء" فهو صحيح رواه النسائي في سننه الكبرى.

ص: 786

467 -

قوله في حديث "المسلمون شركاء" وفي آخره: قال أبو سعيد: يعني الماء الجاري ثم عزا الحديث إلى ابن ماجة.

أبو سعيد المذكور هو شيخ ابن ماجة، بل شيخ السنة مشهور بكنيته ولقبه، وهو عبد الله بن سعيد الأشج.

468 -

قوله في أول الترغيب في شكر المعروف: "ومن آتى إليكم معروفاً""آتى" هنا بمد الهمزة أَعطى، ومنه حديث علي

ص: 787

في البخاري: آتى إليّ النبي صلى الله عليه وسلم حلة سيراء" وغيره.

469 -

قوله في حديث جابر: "ومن كتم فقد كفر" قال الترمذي: "يقول: كفر تلك النعمة".

470 -

قوله في حديث أسامة: "من صُنع إليه معروف" رواه

ص: 788

الترمذي وقال قبل عزوه إليه: وفي رواية "من أولى معروفاً، أو أُسدي إليه معروف".

هذا يوهم أن الترمذي رواه باللفظين المذكورين، وإنما رواه بالأول فقط، ختم به كتاب البر والصلة من جامعه.

وأخرجه هو، والنسائي في عمل اليوم والليلة عن إبراهيم بن سعيد الجوهري زاد الترمذي والحسين بن الحسن المروزي، قالا: حدثنا الأحوص بن جَوَّاب عن سعير بن

ص: 789

الخمس، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي عن أسامة به.

وقال الترمذي: "حسن صحيح غريب لا نعرفه من حديث أسامة إلا من هذا الوجه.

قال: "وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله" انتهى.

وأما اللفظ الثاني المذكور فلا أدري لمن هو.

ثم قال المصنف: وقد أُسقط من بعض نسخ الترمذي.

قلتُ: هو ثابت في نسخنا، وفي الأطراف، والله أعلم.

471 -

قوله بعد حديث أبي هريرة: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" إنه روي برفع اسم الله والناس، وبنصبهما، وبرفع الله ونصب الناس، وبعكسه أربع روايات.

ص: 790

قال في حواشي السنن: فمن رفعهما فمعناه من لا يشكره الناسُ لا يشكره الله، وإذا نصبهما فمعناه من لا يشكر الناسَ بالثناء عليهم لا يشكر الله -تعالى-، فإن العبد قد أُمر بذلك، وإذا رفعت قولك: الناس ونصب قولك: الله فمعناه لا يكون من الناس شكر إلا لمن كان لله شاكراً، وذلك بالثناء عليه بنعمه، وإذا رفعت قولك: الله، ونصبت الناس، كان معناه لا يكون من الله شكر إلا لمن كان شاكراً للناس. انتهى كلامه رحمه الله.

472 -

قوله في آخر حديث أنس -والمكافأة بهمز آخرها- قال: المهاجرون: ذهب الأنصار بالأجر كله (رواه أبو داود والنسائي، أي: في اليوم والليلة لا في السنن على ما عُرف في غالب هذا الكتاب أو كله).

ص: 791

وكذا رواه أحمد والترمذي وقال: حديث صحيح غريب.

473 -

قوله في أول الترغيب في الصوم في حديث أبي هريرة الآلهي: "كل عمل ابن آدم له" إلى أن قال في من رواه: وأبو داود.

ص: 792

الذي عند أبي داود: "إذا كان أحدكم صائماً فلا يرفُثْ، ولا يَجهلْ، فإن امرؤ قاتله، أو شاتمه، فليقلْ: إني صائم إني صائم.

فلا فائدة في عزوه إليه هنا مع سياق الجماعة، إنما محله في ترهيب الصائم من الغيبة، والفُحش الآتي.

474 -

قوله في تفسير الحديث المتقدم: "ولخلوف فم الصائم""الخلوف بفتح الخاء المعجمة".

قلتُ: ضم الخاء في هذا اللفظة هو المعروف في كتب اللغة والغريب، وهو الذي ذكره الخطابي وغيره بل هو الصواب.

وذكر القاضي عياض أنه الذي قيده عن المتقنين وأنه الرواية الصحيحة.

قال: وكثير من الشيوخ، وأكثر المحدثين يروونه بفتح الخاء قال: وهو خطأ عند أهل العربية.

وكذا قال الخطابي: "إن الفتح خطأ" وعدَّه في غلطات المحدثين وأنه إنما هو بالضم "مصدر خَلَفَ فمُه يَخلُف خُلُوفاً".

قال الزمخشري في

ص: 793

"الفائق""وخُلُوفةً".

قال المنذري المصنف في حواشيه على مختصره لمسلم: "وخُلْفةً" أي: بضم الخاء. قلتُ: أخذها من رواية لمسلم والنسائي "لَخُلْفَة فم الصائم". ثم قال: "وأخلَفَ يُخلِفُ إخلافاً إذا تغيَّرتْ رائحتُه" انتهى.

وقد أورد الأصبهاني في "ترغيبه" من طريق ابن مردويه بعض طرق حديث أبي هريرة هذا وفيه: "ولَخُلُوف فم الصائم إذا هو أخْلَف" الحديث.

ثم قال: كذا في كتابي أخلَفَ، وهو لغة، واللغة المشهورة خلف. انتهى.

وقال ناظم المطالع:

خلَفَ خُلْفةَ الخُلُوفِ رِيح

للقابِسي اضمُمْ وافتَحِ الفَتْح قبيحُ

ص: 794

قال القاضي عياض: وأهل المشرق يقوله: بالوجهين، وبهما ضبطناه عن القابسيّ، والصواب الضم.

وبالغ النووي في "شرح المهذب" فقال: "لا يجوز فتح الخاء".

واحتج غيره لذلك بأن المصادر التي جاءت على فعول -بفتح أوله- قليلة ذكرها سيبويه وغيره وليس هذا منها.

قال الخطابي: "والخَلوف -بالفتح- الذي يعد ويخلف".

قال الشاعر:

جزى الله عني جمرةَ ابنةَ نوفلٍ

جزاءَ خَلُوفٍ بالخَلالةِ كاذبِ

انتهى.

وجمرة هذه بالجيم على اسم جمرة النار.

وغلَّط ابن دقيق العيد في شرح كتابه "الإلمام" من قاله بالفتح وقال: "لأنه ينقل المعنى إلى غير المراد به المستحيل إرادته

ص: 795

ها هنا، فإن الخلوف الشخص الذي يكثر إخلافه لوعده".

وقال أبو البقاء العُكبري في "إعراب الحديث" له: الخاء مضمومة لا غير، وهو مصدر خَلَف فوه يخلُف إذا تغيرتْ ريحه" قال:"وهو مثل قعد قعوداً، وخرج خروجاً والفتح خطأ" انتهى.

وكذا قال المطرزي الحنفي في "المغرب": إن الخلوف بالضم لا غير.

مع أن المصنف أعني المنذري عكس ضبطه هنا في "كفاية المتعبد".

وجرى على الصواب المشهور الذي جزم به الجمهور.

فقال: "وخلوف فم الصائم بضم الخاء هو ما يخلف بعد الطعام في الفم من ريح كريهة" وكذا ضبطه بالضم كما قدمناه عنه في حواشي مختصره لمسلم. والله أعلم.

475 -

عزوه حديث عثمان بن أبي العاص "الصيام جُنة من

ص: 796

النار" إلى ابن خزيمة كذا رواه الإمام أحمد وغيره.

476 -

قوله: وعن سلمة بن قيصر ثم ذكر أن الطبراني سماه سلامة.

ص: 797

هذا وما بعده يقتضي أنه صحابي، ويرد قول الذهبي في "التجريد":"الأصح أنه تابعي".

قال: "وله حديث في الصوم لا يثبت"، وذكر أنه حضرمي، والخلاف في اسمه.

وذكر الترمذي في باب فضل الصوم من جامعه (في الباب عن جماعة)(3) من الصحابة منهم سلامة بن قيصر هذا.

بل في رواية حميد بن زنجويه من "ترغيبه".

سلامة بن قيصر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم روى حديثه المذكور في الأصل من طريق ابن لهيعة عن زبان بن خالد عن لهيعة بن عقبة

ص: 798

عن عمرو بن ربيعة عنه.

وكذا رواه أبو يعلى من هذا الطريق لكن سماه سلمة.

وفيهما التصريح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم.

وأفاد الخطيب البغدادي في كتابه "تلخيص المتشابه في

ص: 799

الرسم" أن زبّان بن خالد المار مولىً لبني أمية، وأنه بالزاي المعجمة والموحدة، فإنه قد قيل فيه: "ريان" أي: بالمهملة والياء الأخيرة.

قال: "إلا أن الأول أصح".

وأنه يروى عن لهيعة والد عبد الله الراوي عن زبان هذا الحديث الواحد، وأنه حدث به عن ابن لهيعة عن زبان المذكور، ابن وهب، وعبد الله بن عبد الحكم المصريان وعبد الله بن يوسف التنيسي، وكامل بن طلحة البصري إلا أن التنيسي لم ينسب

ص: 800

زبان.

وقال ابن وهب: فيه سلمة بن قيصر قال: ورواه سعيد بن عفير عن ابن لهيعة عن ريان بن خلدة.

قال: "ورواه أبو عبد الرحمن المقرئ عن ابن لهيعة فقال فيه: عن لهيعة عن أبي الشعثاء (عن سلامة قال: وأبو الشعثاء) هو عمرو بن ربيعة.

قال: ورواه إسحاق بن الطباع عن ابن لهيعة فقال فيه: عمرو بن راشد بدل ابن ربيعة، وذلك وهم منه.

وقد يلتبس زبان بن خالد هذا بزبان بن فائد الذي يروي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه نسخة وروى عنه ابن لهيعة والليث بن سعد، وسعيد بن أبي أيوب ويحيى بن أيوب

ص: 801

ورشدين بن سعد وكلاهما مصري، يروي عن ابن لهيعة.

ثم أخرج الحديث المذكور من طريق ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة إلى سلامة بن قيصر مرفوعاً.

وقال في "التجريد"سلمة بن قيصر يقال له: سلامة.

وقال في "التلقيح": سلامة بن قيصر وقيل: سلمة الحضرمي. انتهى.

وقال ابن يونس: سلمة بن قيصر الحضرمي، وأهل الشام يقولون: سلامة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم روى عنه أبو الخير اليزني وأبو الشعثاء عمرو بن ربيعة الحضرمي.

(قال: وحديثه المسند معلول ثم ذكر الاختلاف فيه".

وقد رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن يزيد المقرئ عن ابن لهيعة عن زبان عن لهيعة والد الذي قبله عن رجل سماه، وهو عمرو بن ربيعة المسمى في رواية غيره عن سلمة بن قيصر) عن أبي هريرة بنحوه.

ص: 802

وبهذا أعله ابن أبي حاتم في "مراسيله" وقال فيه هو وأبوه: الحضرمي الشامي وسمياه هما وأبو زرعة: سلامة، ونقل عن أبيه أنه قال:"ليس حديثه من وجه يصح ذكر صحبته".

وعن أبي زرعة قال: "ليست له صحبة روى عن أبي هريرة روى عنه عن عمرو بن ربيعة" انتهى.

وهذا مستند الذهبي في كلامه السالف ومن تبعه، وصوب

أحمد بن صالح المصري أن الحديث عن ابن قيصر عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة أبي هريرة، وأن المقرئ شيخ الإمام أحمد فيه حَسِبَ أن في المسند أبا هريرة، وأن ابن قيصر له صحبة.

وكذا ذكره في الصحابة الحسن بن سفيان وأبو يعلى والطبراني وابن حبان وابن منده وغيرهم.

ص: 803

477 -

قوله في حديث أبي أمامة: "دُلني على عمل أدخل به الجنة" إلى آخره رواه ابن حبان.

كذا أحمد.

ص: 804

478 -

قوله بعده في حديث أبي سعيد: "ما من عبد يصوم يوماً". رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. كذا ابن ماجة.

479 -

قوله في الفصل بعده في حديث عبد الله بن عمرو:

ص: 805

"اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعتْ كل شيء أن تغفر لي" زاد في رواية: "ذنوبي" إن البيهقي رواه. كذا رواه ابن ماجة به دون

ص: 806

الزيادة.

480 -

قوله بعده في حديث أبي هريرة: "ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر". رواه أحمد في حديث، والترمذي وحسنه، واللفظ له، وابن ماجة، وابن خزيمة وابن

ص: 807

حبان إلا أنهم -يعني من بعد الترمذي- قالوا: "حتى يفطر".

كلامه هنا يقتضي أن لفظ الترمذي: "حين يفطر" ولفظ الباقين: "حتى"، وليس كذلك.

فالحديث أخرجه الترمذي في موضعين من جامعه.

ثانيهما: في الدعوات بهذا اللفظ المذكور المستقل من طريق سعدَان الجهني، عن سعد الطائي، عن أبي مُدِلَّة بضم الميم، وكسر الدال المهملة، وتشديد اللام المفتوحة، آخرها هاء تأنيث -وهم ثقات- عن أبي هريرة.

ص: 808

وهذه الطريق هي التي حسنها الترمذي، ونسخ كتابه متفقة على لفظة "حتى" بالتاء المثناة فوق.

بل جزم النووي بأن الرواية هكذا.

(وكذا قال ابن الملقن في "غريب ألفاظ كتابه": "أدلة المنهاج" "كذا هو" حتى "بالتاء وإياك أن تصحفَه بـ "حين").

ثم من الطريق المذكور أخرج الجماعة المذكورون الحديث المذكور مختصراً، والإمام أحمد مطولاً.

وقد أخرجه الترمذي أيضاً مطولاً نحو سياق أحمد في صفة الجنة لكن من طريق حمزة الزيات عن زياد الطائي -وهو واهٍ-

ص: 809

عن أبي هريرة بطوله.

ثم قال: "ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل" هذا كلام الترمذي.

ولو اطلع المصنف على هذه الرواية المطولة لم يعزها إلى الإمام أحمد وحده في الصيام في موضعين، وفي العدل والظلم في موضعين آخرين.

وهذه الرواية المطولة يوجد فيها في بعض نسخ الترمذي "حين يفطر" وفي المعتمد منها "حتى"، وكان في بعضها "حتى"، فعملت "حين" والظاهر أنه من النساخ، وأن كلتا الروايتين "حتى".

ورأيت في حاشية نسخة مغربية قريبة من الصحة قرأها شيخنا حافظ دمشق في عصره ابن ناصر الدين على الحافظ ابن الشرايحي: "حتى يفطر"، ومصحح عليها مرتين، وفي الأصل "حين"، ومكتوب عليها نسخة.

ص: 810

ثم على تقدير ثبوت "حين" في بعض نسخ الترمذي، فإنما هي في الرواية المطولة المتكلم في إسنادها، ولم يطلع عليها المصنف كما عَلِمت لا في الرواية المستقلة المختصرة المحسَّن إسنادها، فإن كانت لفظة "حين" فيها في نسخة المصنف بالترمذي فذاك، وإلا فلا أدري ما الذي أوجب له هذا؟. والله أعلم.

481 -

قوله هنا في الترغيب في صيام رمضان في حديث أبي هريرة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرَغِّب في قيام رمضان" رواه البخاري.

هذا ليس بجيد، إذ ليس ذلك عند البخاري، إنما عنده "من قام رمضان" إلى آخره، ومن طريق آخر أيضاً.

482 -

قوله في حديث ابن عباس في فضل صيام رمضان بمكة المعزو إلى ابن ماجة: ولا يحضرني الآن سنده.

ص: 811

قلت: رواه عن ابن أبي عمر العدني، عن عبد الرحيم بن زيد العَمِّي -وهو متروك قاله البخاري والنسائي وغيرهما- عن أبيه.

وله ترجمة في الرواة المختلف فيهم في آخر هذا الكتاب - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

ولكونه لم يستحضر حال سنده صدره "بعن"، ولم يصدر بلفظ "روى".

ص: 812

483 -

قوله في حديث أبي سعيد المساق من البيهقي: "وليس عبد مؤمن يصلي في ليلة فيها".

كذا رواه أبو الشيخ في "كتاب الثواب" بمعناه لكن عنده: "في ليلة منها" يعني من ليالي شهر رمضان، وهو الصواب المتعين، ولعل لفظة:"فيها" الموجودة في الترغيب تصحفت بها لقربها منها.

484 -

قوله في حديث سلمان الطويل المعزو إلى ابن

ص: 813

خزيمة والبيهقي الذي في أوله: "قد أظلكم شهر عظيم مبارك""ومن أسقى صائماً".

كذا وقع هنا، ولعله من بعض النساخ، ولفظ الحديث، وهو الصواب الذي لا يجوز غيره:"ومن أشبع".

485 -

قول عقبه: "ورواه ابن خزيمة أيضاً والبيهقي باختصار عنه من حديث أبي هريرة وفي إسناده كثير بن زيد"، ثم قال:

ص: 814

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أظلكم شهركم هذا" الحديث. ثم قال: رواه ابن خزيمة وغيره، انتهى.

قلت: الظاهر والله أعلم أنه أراد أن يعطف على حديث سلمان حديثَ أبي هريرة الثاني: "أظلكم شهركم هذا"، وهو الذي في إسناده كثير بن زيد الأسلمي، وله ترجمة في الرواة المختلف فيهم في آخر هذا الكتاب فَتَخَيَّل التعدد، ووقع له ما ترى، ولا ريب أن حديث سلمان مباين لحديث أبي هريرة إسناداً ومتناً، فإنه من طريق علي بن زيد بن جدعان كما أشار إليه عن ابن المسيب عنه.

وحديث أبي هريرة من طريق كثير بن زيد عن عمرو بن تميم عن أبيه عن أبي هريرة. وقد رواه غير ابن خزيمة جماعة منهم أحمد بن حنبل في مسنده والطبراني في معجمه الأوسط، وغيرهم من هذا الطريق.

والحاصل أن هذا خلط وخبط يتعين اطراحه.

ص: 815

ورواه الأصبهاني، وعنده أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دنا رمضان يقول:"أظلكم شهركم هذا، ومحلوف أبي القاسم الذي يحلف به ما مر على المسلمين، وكذا على المنافقين" إلى أن قال: "ومحلوف أبي القاسم الذي يحلف به إن الله ليكتب" إلى أن قال: "وذلك أن المؤمن يعد نفقته وقوته للعبادة: وأن الفاجر يعد لغفلة المسلمين وعورتهم، فهو غُنم للمؤمن، نقمة للفاجر" كذا وجدت في آخره.

وقد قال الشريف الحسيني في رواة المسند: "عمرو بن تميم المازني مولاهم عن أبيه عن أبي هريرة، وعنه كثير بن زيد، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري: "في حديثه نظر"، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: عمرو بن تميم هذا أحسبه عمرو بن تميم الذي رأى ابن الزبير "ركع دون الصف" الذي

ص: 816

روى عنه عثمان بن الأسود، انتهى.

وقال ابن حزم في "المحلى" في عمرو "منكر الحديث".

وقال الحسيني في رجال المسند أيضاً: "تميم المازني عن أبي هريرة، وعنه ابنه عمرو "مجهول".

وقال في كتابه رجال العشرة وهي مع الستة الموطأ ومسند أبي حنيفة والشافعي وأحمد: "لا يدرى من هو".

فتعقب عليه شيخنا ابن حجر فقال: "أخرج له ابن خزيمة في صحيحه الحديث المذكور، وقال: "عمرو ابنه يقال له: مولى بني رمانة، وهو مدني".

قال: "وصرح ابن المبارك عن كثير بن زيد عن عمرو عن أبيه

ص: 817

بسماعه من أبي هريرة" انتهى ما نقله عن ابن خزيمة.

وقال الهيثمي في "مجمعه": "تميم مولى ابن رمانة، ولم أجد من ترجمه". كذا قال.

486 -

قوله بعده في حديث أبي هريرة المعزو إلى الصحيحين: "إذا جاء رمضان" وفي آخره "وصُفدت الشياطين".

هذه الرواية والتي بعدها لمسلم، لكن أول الثانية عنده:"إذا كان رمضان".

ثم ذكر بعدها ثالثة، أولها:"إذا دخل رمضان" وأحال باقيها على ما قبلها.

وللبخاري ثنتان في حديث محول، الأولى:"إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة".

والثانية: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء".

والباقي مثل رواية مسلم الثانية المذكورة في الأصل.

487 -

وقوله في لفظ الترمذي وابن ماجة

ص: 818

وابن خزيمة والبيهقي المساق من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عنه مرفوعاً.

وقد رواه الترمذي وابن ماجة كلاهما عن أبي

ص: 819

كريب عن أبي بكر به لكن عند ابن ماجة: "من رمضان" وعنده: "ونادى مناد" وعنده: "في كل ليلة".

وزاد الترمذي بعد استغرابه له: لا نعرفه إلا من حديث أبي بكر. قال: "وسألتُ محمد بن إسماعيل، يعني: البخاري عن هذا الحديث فقال: حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن مجاهد قوله: "إذا كان أول ليلة من شهر" وذكر الحديث.

ثم قال: قال محمد: "وهذا أصح عندي من حديث أبي بكر بن عياش" انتهى.

ص: 820

488 -

قوله في حديث عبادة الذي رواه الطبراني في الكبير: "أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه (فينزل الرحمة، ويحط الخطايا").

كذا رأيتُ هذه اللفظة الأخيرة في نسخ هذا الكتاب، ولا معنى لها وأظنها تصحيفاً.

وقد ذكره الهيثمي في "مجمعه" من الطبراني بلفظ: "يغنيكم الله به".

(وأخرجه تاج الإسلام أبو بكر بن السمعاني في "أماليه" من الطريق المذكورة في الأصل بلفظ: "يغشيكم الله بتنزل الرحمة، ويحط فيه الخطايا ومن طريق آخر غريب بلفظ: "يغشيكم

ص: 821

الله فيه الرحمة") وهو ظاهر.

489 -

والمصنف أيضاً قال: "إن رواة هذا الحديث ثقات سوى محمد بن قيس، فإنه مجهول عنده، والهيثمي حذف ذكر التوثيق، وذكر أن في السند محمداً المذكور لكن زاد فيه أداة الكنية.

فقال: " ابن أبي قيس" وقال: "ولم أجد من ترجمه".

وشيخنا الحافظ ابن حجر أفاد بخطه على حاشية نسخته بمجمع الهيثمي أن محمداً المذكور هو المصلوب، وهو محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي الشامي روى له الترمذي وابن ماجة.

كذا نسبه في تهذيب الكمال وتهذيبه وتقريبه.

وقد قيل: إنهم قلبوا اسمه على مائة وجه، ليخفى.

فقال شيخنا: قلت: "محمد بن أبي قيس هذا هو محمد بن سعيد المصلوب، وهو متروك متهم بالكذب.

قال: "وقد ذكر المزي في "التهذيب": أن أحد ما غير به المدلسون محمد بن سعيد المذكورَ محمد بن أبي قيس".

قال: فالعجب من المؤلف -يعني: شيخه الهيثمي- كيف خفي عليه ذلك مع أن عمدته مؤلف المزي غالباً، انتهى استدراكه.

ص: 822

ولكن لا أدري الذي عند الطبراني في هذا الحديث هل هو ابن قيس أو ابن أبي قيس.

فإن في "التذهيب""والميزان" أنه يقال في نسبه: هكذا وهكذا، لا سيما وشيخنا ابن حجر في "تهذيبه" "وتقريبه" قدم الأول وابن الجوزي في كتابه "الضعفاء والمتروكين" قال: محمد بن سعيد بن أبي قيس.

ونقل فيه وفي "التلقيح" أن مروان بن معاوية الفزاري يقول في الرواية عنه: محمد بن أبي قيس. والله أعلم بالصواب.

ص: 823

490 -

قوله في حديث ابن عباس: "إن الجنة لتجدد" إلى أن قال: "ولله في كل يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار".

هنا عند أبي الشيخ وغيره تتمة، الظاهر أنها سقطتْ من الترغيب وهي:"فإذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة أعتق في كل ساعة منها ألف ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا العذاب" وبعده فإذا كان آخر يوم إلى آخره.

491 -

قوله رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب.

(أي: من قوله: "يقول الله في كل ليلة من شهر رمضان لمناد" إلى قوله: "من أول الشهر إلى آخره" دونما قبله وما بعده، فكان ينبغي أن يقال: روى بعضه).

492 -

عزوه إليه، بعده حديث أبي سعيد:"إن شهر رمضان شهر أمتي يمرض مريضهم فيعودونه، فإذا صام مسلم".

ص: 824

فيه أمران:

أحدهما: أنه لم يرو هذا الحديث، إنما روى حديثه:"ليس من عبد يصلي في ليلة منها" يعني: من ليالي شهر رمضان المساق بتمامه من البيهقي في هذا الباب قبل حديث سلمان، فانتقل فكر المصنف، أو نظره إلى هذا المذكور، وساقه من حفظه، وعزاه إليه توهماً أنه فيه وإنما هو في مسند الفردوس وغيره.

الأمر الثاني: أن لفظ الفردوس ومسنده فيه: "شهر رمضان شهر أمتي ترمض فيه ذنوبهم، فإذا صامه عبد مسلم" إلى آخره.

والأقرب الأشبه ترمض فيه ذنوبهم، أي: تحترق، وقد يكون ما في الترغيب تصحيفاً حصل من تصرف المصنف.

ويدل عليه استئناساً ما رواه أبو الشيخ في كتابه الثواب من طريق زياد بن ميمون -وهو ضعيف- عن أنس مرفوعاً: "إنما

ص: 825

سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب"، أي: يحرقها، ويقال: رمضت قدماه من الرمضاء ترمض، أي: احترقت، وأرمضتني الرمضاء، أي: أحرقتني.

وفي الحديث الصحيح: "إن الأوابين يصلون الضحى حين ترمض الفصال"، أي: تحترق أخفاف صغار أولاد الإبل بالرمضاء، وهي الرمل الذي اشتدت حرارته بوقوع الشمس عليه. والله أعلم بالصواب.

493 -

قوله في حديث أنس المعزوّ إلى ابن خزيمة

ص: 826

والبيهقي: "ماذا يستقبلكم وتستقبلون".

كذا رواه الطبراني في الأوسط وزاد في أوله "سبحان الله ماذا استقبلكم" وعنده في آخره فقال: "إن المنافق كافر، وليس لكافر في ذلك شيء".

وعبارة الهيثمي في "مجمعه""وفيه خلف أبو الربيع"، ولم أجد له راوٍ غير عمرو بن حمزة كما ذكر ابن أبي حاتم.

وبخط تلميذه شيخنا ابن حجر على حاشية نسخته بالمجمع: لم أر لأحد فيه، أي: في خلف المذكور تضعيفاً إلا للعقيلي، فإنه قال:"إنه منكر الحديث".

ص: 827

494 -

قوله في الترهيب من إفطار شيء من رمضان: "ابن المُطَوّس وقيل: أبي المُطَوّس". هو بضم الميم، وفتح الطاء المخففة، والواو المشددة آخره سين مهملة.

قال في "القاموس": "المطوس كمُعَظَّم الشيءُ الحسنُ".

وكذا رأيت - في نسخة معتمدة "بتأريخ البخاري" مطوّس، وهو والد المذكور في الأصل مفتوح الواو بالقلم.

ووجدتُه في "تهذيب الكمال" وغيره بالقلم مكسور الواو.

وكذلك ضبطه شيخنا ابن حجر بالحروف مكسوراً في كتابه "تقريب التهذيب" والظاهر أنه من عنده بلا مستند يُعتمد، وذكر

ص: 828

المصنف عن الترمذي عن البخاري أن أبا المطوس اسمه يزيد بن المطوس.

وكذا قال في "التأريخ" في ترجمة أبيه: روى عنه ابنه يزيد.

ونقل صاحبه "تهذيب الكمال" عن ابن معين قال: "اسمه عبد الله بن المطوس أراه كوفياً ثقة"، وعن أبي حاتم، يعني: الرازي، قال:"لا يسمى".

وقال أبو داود في "سننه" بعد أن روى الحديث عن سليمان بن حرب عن شعبة، وعن محمد بن كثير، عن شعبة،

ص: 829

قال سليمان: عن ابن المطوس. وقال ابن كثير: عن أبي المطوس.

ثم رواه عن أحمد بن حنبل عن يحيى القطان عن الثوري وقال: عن أبي المطوس. ثم قال: "اختلف على سفيان وشعبة فيه ابن المطوس وأبو المطوس" انتهى.

وقال شيخنا ابن حجر في "تقريبه": المطوس "مجهول" وابنه "لين الحديث" وقال الذهبي في "ميزانه" في ترجمة الابن، وسماه يزيد:"ضعيف تفرد بحديثه عن أبيه عن أبي هريرة"، يعني: الحديث المذكور، قال:"ولا يعرف هو ولا أبوه" انتهى.

روى لهما الأربعة هذا الحديث الذي علقه البخاري بصيغة

ص: 830

التمريض فقال: ويُذكر عن أبي هريرة رفعه وذكره، والله أعلم.

495 -

عزوه هنا وفي الترهيب من الزنا حديث أبي أمامة: "بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبْعيَّ فأتيا بي جبلاً (وعْراً) " وهو، والضبع ساكنان إلى ابن خزيمة وابن حبان.

مع كونه في النسائي الكبير عجيب، لكن قال بعد قوله:"فأخذا بضبعي" وساق الحديث.

وقال وفيه: "ثم انطلقا بي فإذا قوم معلقون".

ص: 831

وذكره إلى قوله: "تحلّة صومهم" فقال: خابت اليهود والنصارى، قال سليم: يعني: ابن عامر راويه عن أبي أمامة: "فلا أدري شيء سمعه أبو أمامة من النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء من رأيه". مختصر.

هذه عبارته رواه في الصوم عن محمود بن غيلان عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سليم بن عامر عن أبي أمامة. والمصنف ذكر الحديث هنا مختصراً، وهناك مطولاً، وثمَّ بسطتُ الكلام في ألفاظه فراجعه.

496 -

ذكر بعده الترغيب في صوم ست من شوال، وأَخلَّ بذكر نفس شوال.

ص: 832

لكنه ذكر فيما سيأتي في الترغيب في صوم الأربعاء حديثاً فيه: "صم رمضان والذي يليه".

وروى ابن ماجة بإسناد منقطع عن محمد بن إبراهيم -وهو التيمي- أن أسامة بن زيد كان يصوم أشهر الحرم، فقال له

ص: 833

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صم شوال فترك أشهر الحرم، ثم لم يزل يصوم شوال حتى مات".

ورواه أبو يعلى بإسناد متصل عنه، ولفظه: قال: "كنت أصوم شهراً من السنة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين أنت من شوال".

فكان أسامة إذا أفطر أصبح الغد صائماً من شوال حتى يأتي على آخره.

497 -

قال الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه "صناعة الكتاب": "جاء من المشهور ثلاثة مضافات: شهر رمضان، وشهرا ربيع" والباقي غير مضافات وكذلك فعل المصنف حيث قال: شوال، وهو مصروف، وشعبان، ولم يأت قبلهما بلفظ شهر.

وهكذا يقال في بقية الأشهر ما عدا الثلاثة المذكورة مع أنه يجوز الإتيان برمضان غير مضاف إلى شهر كما تقدم مكرراً، وبوَّب له البخاري وغيره، وأضاف

ص: 834

المصنف فيما يأتي المحرم إلى الله إتباعاً للحديث، وهو غير وارد على القاعدة، إذ الكلام إنما هو في الإتيان بلفظة الشهر قبله.

قال النحاس:"وأُدخلت الألف واللام في المحرم دون غيره من المشهور".

498 -

ذكر أول صيام يوم عرفة حديث أبي قتادة أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه قال: "يكفر السنة الماضية والباقية".

ص: 835

ثم قال: رواه مسلم واللفظ له وأبو داود والنسائي وابن ماجة والترمذي. ولفظه: "صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده، والسنة التي قبله".

ثم ذكر أول صوم عاشوراء حديثه أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن صومه فقال: "يكفر السنة الماضية".

ثم قال: رواه مسلم وغيره وابن ماجة ولفظه:

"صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده" وفي بعض نسخ الترغيب "بعدها" انتهى.

في هاتين الجملتين أمور منها: أنه وقع له في اللفظ الأول في يوم عرفة: "قال" بإسقاط الفاء منها، ومنها تخيله أن اللفظ المذكور في عرفة وعاشوراء لمسلم فقط.

وله لفظان هذا أحدهما في جملة سياق مطول: "في أنواع من الصيام هي من موضوع الترغيب أسقطها المصنف.

ولم يذكر منها هنا سوى هذين، وذكر منها في صيام ثلاثة أيام من كل شهر ذلك وعزاه إلى مسلم وأبي داود والنسائي.

ولمسلم لفظ آخر مطول نحو المشار إليه وفيه: "وصيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي

ص: 836

بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".

وكذا لفظ أبي داود مطول، وفيه فيهما:"إني أحتسب"، وهذا لفظ الترمذي وابن ماجة المختصرين مفرقاً بسند واحد لابن ماجة عن أحمد بن عبده.

وللترمذي عنه وعن قتيبة.

وأما ما وقع للمصنف في سياق لفظ ابن ماجة في عاشوراء: "يكفر السنة التي بعده" فخطأ عليه، وانقلاب وتحريف حصل من طغيان القلم، إنما هو "التي قبله" بلا خلاف.

وأما النسائي، فإنه ذكر من حديث أبى قتادة قطعة ليس فيها ذكر عرفة ولا عاشوراء أصلاً.

فيتعين إسقاط عزوه إليه فيهما، وإنما أشير إلى هذه الأشياء، ليعلم الطالب أنه لا يقدر أن ينقل من هذه الكتب التي بهذه المثابة شيئاً لا سيما وهو كثير جداً متكرر، ولهذا قدمتُ ما وقع في يوم عاشوراء إلى هنا.

ص: 837

499 -

قوله في حديث أبي هريرة في النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة: رواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة.

كذا رواه أحمد وابن ماجة والحاكم في "المستدرك" والبيهقي وغيرهم.

ص: 838

500 -

ذكر أول صيام المحرم حديث أبي هريرة: "أفضل الصيام بعد رمضان "وأفضل الصلاة بعد الفريضة" من مسلم والسنن وأنه لفظ مسلم.

ولا شك أن له لفظاً آخر، وكذا للنسائي في الكبير، وهو "سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟، وأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ " الحديث. وذكر أن ابن ماجة رواه باختصار ذكر "الصلاة".

كذا مسلم في رواية له أشار إليها، وكذا النسائي في الكبير في روايتين والجميع من رواية حميد بن عبد الرحمن الحميري عنه، وفي رواية للنسائي بالفضلين عن حميد المذكور مرسلاً.

ص: 839

501 -

ثم ذكر المصنف بعد حديث معنى الفضلين من حديث جندب بن سفيان: وأن النسائي والطبراني روياه بإسناد صحيح.

كذا رواه البيهقي وهو من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الملك بن عمير عنه.

ص: 840

لكن النسائي إنما رواه في الكبير بفضل الصيام دون الصلاة، فليعرف ذلك كله.

502 -

قوله في حديث ابن عباس في عاشوراء: "ما علمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً" رواه مسلم.

كذا البخاري، لكن لفظه:"ما رأيتُ النبي- صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان".

503 -

قوله في حديث التوسعة يوم عاشوراء: رواه البيهقي وغيره من طرق وعن جماعة من الصحابة، ثم ذكر كلام البيهقي في أسانيد الحديث.

الحديث والقول المذكور من شعب الإيمان، والحديث

ص: 841

(ساقه عن الماليني عن) ابن عدي صاحب الكامل، وفي السند لين وله طريق أخرى مطولة تالفة.

وقد روى معنى ذلك من حديث ابن مسعود.

رواه في "الشعب" أيضاً، والطبراني في "الكبير".

ص: 842

ومن حديث أبي سعيد رواه في "الشعب" أيضاً.

ص: 843

ومن حديث ابن عمر رواه الدارقطني في "الإفراد".

ومن حديث جابر رواه في "الشعب" أيضاً من رواية ابن المنكدر عنه. وقال:" إسناده ضعيف".

ورواه ابن عبد البر في "الاستذكار" من رواية

ص: 844

أبي الزبير عنه، وهي أصح طرقه، لكن لم تقع للبيهقي.

ورواه في "الاستذكار" من رواية ابن المسيب عن عمر موقوفاً، لكن اختُلف في سماعه منه.

ورواه أيضاً في "الشعب" من قول إبراهيم بن محمد بن المنتشر.

504 -

قوله في الترغيب في صوم شعبان في حديث عائشة

ص: 846

الذي عزاه إلى الترمذي والنسائي "ما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياماً منه في شعبان".

كذا هو عند مسلم في حديث بنحو هذه الرواية أيضاً. (وعند البخاري بمعناه في حديث آخر).

505 -

قوله: "خاس به: إذا غدره".

ص: 847

كذا وقع، وإنما هو "غدر به"، لكن خُلِطتْ الباء أو خفيت.

506 -

قوله: الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض.

كذا وجد بتعريف الأيام وكذلك يقع في كثير من كتب الفقه. قال النووي وغيره.

وهو خطأ عند أهل العربية معدود في لحن العوام، لأن الأيام كلها بيض، وإنما صوابه أيام البيض -بإضافة البيض إلى أيام- أي: أيام الليالي البيض".

وقال الشيخ تاج الدين الفزاري في "إقليده":

"إن بعض أهل العصر قال: يجوز الأيام البيض على تقدير الأيام البيض لياليها، فحذفتْ لياليها من الكلام".

قال ولده الشيخ برهان الدين: ويشهد لذلك قوله تعالى:

ص: 848

{اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} أي: عاصف الريح ريحه، ثم حذفت الريح، وجعلت الصفة لليوم مجازاً.

كما قاله أبو البقاء في "إعرابه".

وأيام البيض الصحيح المشهور أنها الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.

وقيل: الثاني عشر بدل الخامس عشر.

حكاه جماعة، لكنه شاذ، فالاحتياط صوم الأربعة.

507 -

قوله في حديث عبد الله بن عمرو:

ص: 849

"إن لي قوة" هو بالباء، لكن طولت فصارت لاماً.

508 -

قوله في الترغيب في صوم الإثنين والخميس من حديث أسامة في ذلك: "ذلك يومان".

كذا وجد في أكثر النسخ، ولعله من النساخ، وصوابه "ذانك"، لكن تصحف بذلك، إذ اللفظتان متقاربتان خطاً، وفي القرآن {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} .

509 -

ذكره في الترغيب في صوم الأربعاء والخميس حديث

ص: 850

مسلم القرشي: "صم رمضان والذي يليه وكل أربعاء وخميس".

للإمام أحمد والنسائي عن رجل من قريش سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من صام رمضان وشوالاً والأربعاء والخميس دخل الجنة".

510 -

قوله في حديث عبد الله بن بُسْر عن

ص: 851

أخته الصماء: "لا تصوموا يوم السبت" "ورواه

ص: 852

النسائي أيضاً وابن ماجة وابن حبان عن عبد الله دون ذكر أخته". ثم ساقه ابن ماجة عنه عنها أيضاً.

511 -

عزوه حديث أم سلمة في صيام يوم السبت والأحد إلى

ص: 853

ابن خزيمة وغيره. كذا رواه أحمد والنسائي وابن حبان.

512 -

قوله في الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم في حديث

ص: 854

عبد الله بن عمرو في رواية: "قال: إني أجد أقوى".

كذا وجد وإنما هي "أجدني" لكن سقط بقيتها.

513 -

قوله في ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه عند أحمد بلفظ: "ليس من ام بر ام صيام في ام سفر".

هذه لغة لبعض أهل اليمن يجعلون لام التعريف ميماً، ويحتمل أن

ص: 855

يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها كعب بن عاصم الأشعري راوي هذا الحديث كذلك، لأنها لغته ويحتمل أن يكون هذا الأشعري نطق بها على ما ألف من لغته فحملها عنه الراوي وأداها باللفظ الذي سمعها منه.

قال شيخنا ابن حجر في "تلخيصه تخريج أحاديث الرافعي" لابن الملقن: "وهذا الثاني أوجه عندي".

وقال الحافظ دعلج بن أحمد في "مسند المقلين" من الصحابة رضي الله عنهم بعد أن رواه باللغة المذكورة من الطريق التي ذكرها المصنف من مسند أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي عن أم الدرداء -وهي الصغرى- عن كعب الأشعري.

ص: 856

ورواه على اللغة المشهورة ابن جريج والليث وسفيان، يعني: ابن عيينة ويونس ومالك عن الزهري قال: ورواه يزيد بن زريع عن معمر عن الزهري كذلك.

514 -

قوله في حديث أنس الذي في آخره: "ذهب

ص: 857

المفطرون اليوم بالأجر" رواه مسلم.

كذا البخاري والنسائي، وغيرهما بنحوه.

515 -

قوله: ثاني حديث في الترغيب في السحور وعن عمرو بن العاص قال: "فصل".

كذا وجد في هذا الكتاب، وقد سقط منه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد منه إذ الحديث مرفوع في نفس الرواية عند من رواه ولا أدري ما سبب إسقاط رفعه، وكذا وقع قريب من هذا في غير هذا الموضع، وهو خطأ بلا شك.

516 -

قوله في حديث أبي سعيد: "السحور كله بركة" رواه أحمد وإسناده قوي.

ص: 858

ليس كذلك بل هو ضعيف، لمكان عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فإن أحمد رواه عن إسحاق بن عيسى -وهو ابن الطباع- عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه (عن عطاء بن

ص: 859

يسار) عنه.

517 -

قوله في الترغيب في إطعام الصائم في حديث سلمان: "وصافحه جبريل ليلة القدر، ومن صافحه جبريل يرق قلبه، وتكثر دموعه" وعزاه إلى أبي الشيخ.

كذا رواه الأصبهاني في "ترغيبه" لكن لفظه: "وصافحه

ص: 860

جبريل ليلة القدر وسلم عليه، ودعا له ومن صافحه جبريل ليلة القدر ودعا له وسلم عليه رزق دموعاً ورقة" الحديث.

518 -

قوله في ترهيب الصائم من الغيبة وما معها في حديث أبي هريرة: "من لم يدع قول الزور" إن عند ابن ماجة: "والجهل والعمل به" وأنه رواية للنسائي.

كذا عند البخاري لكن بتأخير "الجهل".

519 -

والخنا -مقصور-

ص: 861

الفحش.

520 -

قوله في الترغيب في الاعتكاف في حديث ابن عباس: "من مشى في حاجة أخيه، وبلغ فيها كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين". إن هذا لفظ البيهقي وإن

ص: 862

الحاكم رواه مختصراً.

ذكر المصنف في الترغيب في قضاء حوائج المسلمين أن لفظه: "لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته -وأشار بأصبعه- أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين".

وروى ابن ماجة من حديث ابن عباس مرفوعاً في

ص: 863

المعتكف: "هو يعكف الذنوب، ويجري له من الحسنات كعامل الحسنات".

زاد أبو الشيخ في الثواب "كلها" لكن في السند فرقد السبخي وروى أبو الشيخ في فضله آثاراً.

521 -

قوله في الترغيب في صدقة الفطر:

ص: 864

ابن أبي صعير.

كذا وجد والصواب إسقاط أداة الكنية، وأما إثباتها فخطأ، وصعير -بالمهملات- مصغر.

522 -

قوله في الترغيب في الأضحية في حديث عائشة المعزّو إلى ابن ماجة والترمذي من إهراق الدم.

ص: 865

لفظ ابن ماجة: "هراقة دم وإنه لتأتي" ولفظ الترمذي "إنها" إلى أن ذكر عن الترمذي أنه قال: "ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الأضحية لصاحبها بكل شعرة حسنة" بقي عليه قال: "ويروى بقرونها".

523 -

قوله في حديث علي: "يا فاطمة قومي فاشهدي

ص: 866

أضحيتك" فقال أبو سعيد: "هذا لآل محمد خاصة".

أخرجه السمرقندي في "تنبيهه" عن سالم بن أبي الجعد مرسلاً بمعناه وفيه أن القائل: هو عمران بن الحصين.

وقد روى ذلك الطبراني في الكبير والأوسط من حديث عمران.

ص: 867

524 -

قوله في حديث أبي هريرة: من وجد سعة لأن يضحي، رواه الحاكم مرفوعاً وموقوفاً.

كذا رواه أحمد وابن ماجة وغيرهما بنحوه مرفوعاً.

ص: 868

525 -

قوله بعد سياق حديث "من باع جلد أضحيته" من المستدرك: إنه جاء في غير ما حديث نبوي النهي عن ذلك.

ص: 869

لا أستحضر الآن في هذا المعنى غير الحديث المذكور من طريق عبد الله. وقد رواه ابن جرير من طريقه موقوفاً على أبي هريرة.

وحديث سيدنا علي ما في الصحيحين وغيرهما أن الشارع أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسم لحومها وجلودها وجلالها.

زاد مسلم "في المساكين" وفي رواية له: "وأن يتصدق بها". وفي مسند الإمام أحمد معناه من حديث ابن عباس.

ص: 870

وفيه أيضاً من حديث قتادة بن النعمان أنه عليه الصلاة

ص: 871

والسلام قام، أي: خطيباً، فقال:"ولا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي، وكلوا وتصدقوا، واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها".

وقال سعيد بن منصور: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جلود الضحايا فقال: "تصدقوا بها، ولا تبيعوها".

وهذا مرسل ضعيف.

526 -

ذكر أول الترهيب من المثلة بالحيوان حديث شداد بن أوس من الكتب الخمسة وفيه: "فأحسنوا القِتْلة والذِبْحة".

قد رواه أبو داود عن شيخه

ص: 872

مسلم بن إبراهيم بلفظ: "فأحسنوا" فقط.

ثم قال غيره: يقول: "القِتلة" وعنده: "فأحسنوا الذبح" بفتح الذال وإسقاط الهاء، واتفقتْ روايةُ الباقين على إثبات "القتلة" مكسورة القاف.

وأما "الذبحة " فهي رواية الترمذي، ورواية للنسائي، وله قبلها ثلاث روايات:"الذبح".

وكذا رواية ابن ماجة "الذبح" وفي بعض نسخه "الذبحة"، ولم يذكر القاضي عياض وابن قرقول وغيرهما لمسلم غير "الذبح".

وقال النووي في شرحه له: "وقع في كثير من نسخه أو أكثرها "الذبح"، وفي بعضها " الذِبحة"، أي: بكسر الذال، وهاء التأنيث، والمراد بهما الهيئة والحالة، مثل الجِلسة والرِكبة والنِقبة والعِمة، وما في الصحيحين من تشبيه مشية سيدتنا

ص: 873

فاطمة بمشية أبيها، والنهي عن بِيعتين ولبستين، وما في البخاري عن

ص: 874

ربيب الحبيب: "فما زالت تلك طِعمتي بعد".

وما سيأتي في هذا الكتاب "إزرة المؤمن""وقِعدة المغضوب عليهم""وإخذة على غضب" وغير ذلك كله بكسر أوله لا بفتحه.

ص: 875

527 -

قوله في هذا الباب: وعن ابن عمر أيضاً حديث "ما من إنسان يقتل عصفوراً".

كذا وقع له في الترغيب في الشفقة، لكن هناك في بعض النسخ كما هنا، وفي أكثرها "عمرو" بالواو وهو الصواب كما سأُنبّه عليه ثمَّ، وهنا أسقط نسبته، ولا شك أن الحديث من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص.

رواه النسائي في الصيد، وفي الذبائح أيضاً وغيره من الأئمة، وهذا لا يخفى على أهل الفن.

528 -

ذكره بعده

ص: 876

الوضِين هو: بالضاد المعجمة، وآخره نون على وزن فعيل.

من أتباع التابعين، روى له أبو داود وابن ماجة.

529 -

ذكره بعده حديث "من مثّل بذِي روح مثّل الله به".

ففاته ما ذكره البخاري تعليقاً من حديث ابن عمر قال: لعن

ص: 877

رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل بالحيوان.

وما رواه مسلم وغيره في حديث من رواية بريدة: "ولا تمثلوا".

وما رواه ابن ماجة من حديث أبي سعيد قال: "نهى رسول

ص: 878

الله صلى الله عليه وسلم أن يمثل بالبهائم".

قال ابن الأثير في "النهاية": "أي: تنصب فترمى، أو تقطع أطرافها وهي حية".

وزاد الهروي في "غريبه"، والزمخشري في "فائقه":"وأن تؤكل الممثول بها" قال الزمخشري: "وفي حديث آخر" لا تمثلوا بنامية الله، أي: بخلقه".

وما في مسند أحمد من حديث يعلى بن مرة الثقفي

ص: 879

مرفوعاً، قال الله:"لا تمثلوا بعبادي".

ومن جملة ألفاظ هذه المادة ما في البخاري في قصة أنس بن النضر: "وقد مثل به المشركون".

وفي الصحيحين في والد جابر "وقد مُثِّل به".

وفي السيرة النبوية في سهيل بن عمرو: "لا أمثل به فيمثل الله في". وأن نساء المشركين يوم أحد وقعن يمثلن بالقتلى من الصحابة رضي الله عنهم.

وأن المصطفى صلى الله عليه وسلم وجد عمه حمزة رضي الله عنه قد مُثِّل

ص: 880

به، وأنه قال:"لئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثُلن بثلاثين رجلاً منهم"، وأن المسلمين قالوا:"والله لئن أظفرنا الله بهم يوماً من الدهر لَنمثُلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب"، وأن الله أنزل عليه:{وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} فعفا وصبر، ونهى عن المَثْلِ، وأنه كان بعد ينهى عن المُثلة.

وأن صفية أخت حمزة قالت: "وقد بلغني أن قد مُثِل بأخي". وأن عبد الله بن جحش كان قد مُثِل به قريباً مما مثل

ص: 881

بحمزة.

وفي البخاري أيضاً النهي عن المثلة، وفيه قول أبي سفيان:"إنكم ستجدون في القوم مثلة"، إلى غير ذلك مما تطول الإشارة إلى ذكره.

530 -

ولم يتعرض المصنف لضبط هذه اللفظة مع كونه مهما متعيناً يضطر إليه لتكرره.

وقد أتقنه الشيخ محيي الدين النووي في "تهذيبه""وشرحه لمسلم" ونقل عن أهل اللغة أنه بالتخفيف في الجميع فيقال: مَثَلَ بالحيوان، والقتيل يَمْثل مَثْلاً، مِثْلُ قتل يقتُل قتلاً، وكذا مُثِلَ به يُمثَلُ مثلاً.

زاد الزمخشري في "فائقه""ومُثْلَة" إذا قُطِعتْ أطرافُه ونحوها وشُوِّه به.

وقال في "المشارق" وتبعه في "المطالع" "قال أبو

ص: 882

عمرو: المُثْلَة، والمَثْلُ بفتح الميم قطع الأنف والأذن.

وقال الجوهري: "مَثَلَ بالقتيل جَدَعه، قال: ومَثَلَ به يَمْثُل، أي: نكَّل به، والاسم المُثلَة بالضم" انتهى.

ومنه "من مَثَلَ بعبده" أي: نكل به بعقوبة شنيعة ذكره في "المشارق" وتبعه في "المطالع".

ولم يتعرض النووي لضبط قوله: "ولا تُمثلوا" الذي وقع في أول الجهاد من صحيح مسلم متقدماً على حديث والد جابر الذي في المناقب، لكنه قال: في هذا الحديث كراهةُ المثلة.

ص: 883

وقد يؤخذ من هذه العبارة التخفيف لما قرره في تصريف المادة، وكأنه غفل عن تقرير ذاك هناك، وإلا كان قدمه أول ما وقع ثم أحال عليه بعد.

ومقتضى النهي عنه: "لا تَمثُلْ" بوزن لا تقتُل، والأمر امثُلْ، مِثلُ اقتل.

ثم مع تقرير الشيخ في "التهذيب" ومنقَبة والد جابر من "الشرح" التخفيف. قد قال: "وأما مَثَّل بالتشديد، فهو للمبالغة" وهذه الزيادة أخذها من "نهاية ابن الأثير".

ثم أفاد هو في "الشرح" أن الرواية هنا بالتخفيف.

وأظنُ أن هذه اللفظة لم تقع في مسلم إلا في قوله: "مُثِلَ به""ولا تمثلُوا".

وليتَه حذف الزيادة المذكورة، واقتصر على قاعدته المقررة، كما فعل العلامة الكرماني في "شرحه للبخاري" عند حديث "لعن من مَثَل بالحيوان" والنهي عن المثلة وكذا في الجنائز، والجهاد في قصتي والد جابر وأنس بن النضر، فلم يذكر سوى التخفيف، وكذا غيره.

ص: 884

وليس في الغريبين والمجمل والصحاح والفائق وغيرها سواه.

وفي قوله في الأثر السابق: "وأن توكل الممثول بها"، ولم يقل الممثل، دليل على التخفيف، ويحتمل أن تكون الرواية كما قاله النووي بالتخفيف والتشديد للمبالغة جائزاً في اللغة.

وقد فسر صاحب القاموس "مَثَلَ بفلان مَثْلاً ومُثْلةً -الذي هو الجادة ولم يذكر الجمهور غيره- بنكَّل، ثم قال: "كَمثَّل تمثيلاً".

وإنما يقال: مثل له تمثيلاً إذا صوَّر له المثال بالكتابة، وغيرها، وليس هذا من مادتها بلا شك.

وكذا ضبط في "المشارق" قوله: "ولا تُمثِّلوا" بالتشديد، وضبط بالقلم قوله:"من مثل بعبده" كذلك، وقال أي: نكل به بعقوبة شنيعة.

ص: 885

وحكي عن أبي عمرو أنه يُقال: المُثْلَة والمَثْل).

ولم يتعرض في شرحه لمسلم لضبط قوله: "وقد مثِل به"، ولا قوله:"ولا تمثلُوا". والله أعلم بالصواب.

531 -

ذكر بعده من ابن حبان حديث مالك بن نَضْله، ويقال فيه: مالك بن عوف بن نضلة الجشمي، روى عنه أبو الأحوص عوف حديثَه المذكور.

وقد رواه أحمد وعنده: "هل تُنتَجُ إبل قومك صحاحاً

ص: 886

آذانُها فتعمد إلى الموسى فَتُقَطِّعها، أو تَقْطَعُها وتقول: هذه بُحْرٌ وتشقُها أو تشق جلودها وتقول: هذه صُرْم" إلى أن قال: "فكل ما آتاك الله لك حِلٌّ وساعد الله أشد، وموسى الله أَحَدّ" قال الراوي:"وربما قالها، وربما لم يقلها، وربما قال: ساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أحد من موساك".

وفي رواية له قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصعّد في النظر وصَوّبه وقال: أرب إبل أنت أم رب غنم؟ قال: من كل قد آتاني الله، فأكثر وأطاب قال: فتَنتِجُها وافيةً أعينُها وآذانُها فتجدع هذه فتقول: صرماً.

قال الإمام أحمد: "ثم تكلم سفيان -يعني ابن عيينة شيخه- بكلمة لم أفهمها وتقول: بحيرة، فساعد الله أشد وموساه أحد، ولو شاء أن يأتيك بها صرماً آتاك".

وكذا رواه النسائي في الكبير بنحو هذا اللفظ وآخره:

ص: 887

"فتجدع هذه وتقول: بحيرة، وتحز هذه، ساعد الله أشد، وموساه أحد".

ورواه البيهقي في كتابه "الأسماء والصفات" بمعناه، ثم أول الساعد الإلهي، وموساه بما يليق ويناسب.

ولفظ ابن أبي حاتم عنه فقال: تُنتجُ إبلك وافية آذانها؟ قال قلتُ: نعم، وهل: تُنْتَجُ الإبل إلا كذلك؟ قال: فلعلك تأخذ الموسى فتقطع آذان طائفة منها، وتقول: هذه بحر، وتشق آذان طائفة منها، وتقول: هذه صرم؟ قلت: نعم قال: فلا تفعل إن كل ما آتاك الله لك حل.

وقد سقط من سياق الأصل ذكر "البحيرة" كما ترى وقبله "صحاحاً آذانها" وبعده "آتاك الله لك حل، "وساعد الله" وآخره "وموسى الله أحد".

وقد صُحفت في الترغيب "بأسدّ".

532 -

وليس لذكر هذا الحديث هنا كبير مناسبة، وذكره في تفسير القرآن عند ذكر البحيرة وما معها أنسب كما فعل النسائي وابن أبي حاتم وتبعهما ابن كثير، وكذا ذكره صاحب الغريبين في مادة بحر وصرم، ومنه أخذ المصنف بالقلم الصرم والبحر بإسكان ثانيهما.

ص: 888

والأزهري في تفسير "غريب مختصر المزني" ذكر هذا الحديث استطراداً وقال: فيه وتقول: هذه بحر، وتشق طائفة، وتقول: هذه وصلٌ، يعني: جمع وصيلة، وضبطهما بالقلم بالضم، وعنده في أوله "فقال تَنتِج إبلَك"، ثم فسر تنتجها.

وحاصله أنه إذا قرئ لفظ الأصل وما يوافقه "تُنتَج إبلُ قومك"، "وهل تُنتَج الإبلُ" فإنه يقرأ بضم تائه الأولى، وفتح الثانية، ورفع لام الإبل مبيناً للمجهول وإذا قرئ "تَنتج إبلَك"، واللفظ الآخر "فتَنتِجها" فإنه يقرأ بفتح التاء الأولى، وكسر الثانية، ونصب لام إبلك.

تقول نَتجْتُ الناقة ونحوها، أنتجُها نتْجاً، فأنا ناتج، أي: ولَّدتها فوليتُ نتاجَها بوزن ضربتُها أضربها ضرباً، فأنا ضارب، والناتج للبهيمة كالقابلة للمرأة. قال المطرزي الحنفي في "المغرب" والأصل نتَج ناقته ولداً معدىً إلى مفعولين، فإذا بُني المفعول الأول قيل: نتجت ولداً، إذا وضعته، ثم إذا بني المفعول الثاني قيل: نتج الولد" انتهى ملخصاً.

* * *

ص: 889