المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن الأخبار التي فيها يذكر من اتخذ للنبي صلى الله عليه وسلم المنبر - عرف العنبر في وصف المنبر

[ابن ناصر الدين الدمشقي]

الفصل: ‌ومن الأخبار التي فيها يذكر من اتخذ للنبي صلى الله عليه وسلم المنبر

حَنِينَ الْخَشَبَةِ حَتَّى تَفَزَّعَ النَّاسُ وَكَثُرَ الْبُكَاءُ مِمَّا رَأَوْهَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سُبْحَانَ اللَّهِ أَلا تَرَوْنَ هَذِهِ الْخَشَبَةَ انْزِعُوهَا وَاجْعَلُوهَا تَحْتَ الْمِنْبَرِ» .

تَابَعَهُ مُخْتَصَرًا بِمَعْنَاهُ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، رضي الله عنه، قَالَ: قُطِعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلاثُ دَرَجَاتٍ مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ وَإِنَّ سَهْلا حَمَلَ خَشَبَةً مِنْهُنَّ حَتَّى وَضَعَهَا فِي مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ.

وَفِي حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ دَلِيلٌ لِمَنْ يَجْزِمُونَ بِأَنَّ صَانِعَ الْمِنْبَرِ يُقَالُ لَهُ: مَيْمُونٌ

‌وَمِنَ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا يُذْكَرُ مَنِ اتَّخَذَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ

وَهُوَ

مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النِّعَالِيُّ مُشَافَهَةً بِالإِجَازَةِ، عَنِ الْعَلامَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَزَارِيِّ، أَخْبَرَنَا الْعَلَّامَةُ الإِمَامُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَوْصِلِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَهْمِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ، رضي الله عنه، قَالَ لرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا أَسَنَّ وَثَقُلَ، أَلا أَتَّخِذُ لَكَ مِنْبَرًا يَحْمِلُ، أَوْ قَالَ: يَجْمَعُ يَعْنِي: عِظَامَكَ

ص: 380

أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، فَاتَّخَذَا لَهُ مِرْقَاتَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً يَجْلِسُ عَلَيْهَا.

قَالَ: فَصَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَحَنَّ جِذْعٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاحْتَضَنَهُ وَقَالَ شَيْئًا لا أَدْرِي مَا هُوَ ثُمَّ صَعَدَ الْمِنْبَرَ وَكَانَ أَسَاطِينُ الْمَسْجِدِ جُذُوعًا وَسَقَائِفُهُ جَرِيدًا.

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي «سُنَنِهِ» عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا إِلَى قَوْلِهِ «مِرْقَاتَيْنِ» دُونَ مَا بَعْدَهُ.

وَأَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَاكِمُ.

وَأَبُو عَاصِمٍ هُوَ النَّبِيلُ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ الْبَصْرِيُّ الإِمَامُ أَحَدُ الْحُفَّاظُ الثِّقَاتُ الأَعْلَامُ.

وَابْنُ أَبِي رَوَّادٍ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَاسْمُ أَبِي رَوَّادٍ مَيْمُونٌ فِيمَا جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ، وَقِيلَ: أَيْمَنُ بْنُ بَدْرٍ مَوْلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الْمَكِّيِّ.

وَابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ كَانَ يَرَى الإِرْجَاءَ فِيمَا قَالَهُ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، وَكَانَ ثِقَةً عَابِدًا تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

فَإِسْنَادُ الْحَدِيثِ كُلٌّ مِنْ رُوَاتِهِ ثِقَةٌ لَكِنَّ ابْنَ أَبِي رَوَّادٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ مَقَالٌ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ: «رَوَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُمَرَ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً، انْتَهَى.

ص: 381

وَلَوْ كَانَ هَذَا كَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ النُّسْخَةَ مَوْضُوعَةً مَا عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ فِي» صَحِيحِهِ " مِنْهَا شَيْئًا فَقَدْ عَلَّقَ الْحَدِيثَ إِسْنَادًا لا مَتْنًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، فَقَالَ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ أَنْ خَرَّجَ فِي أَصْلِهِ حَدِيثَ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الْعَلاءِ سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: " وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا، وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، هَكَذَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَتَقَدَّمَ وَصْلَهُ.

وَحَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ فَالْتَزَمَهُ ".

تَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ وَبَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلاءِ، قِيلَ: مُعَاذُ أَصَحُّ مِنْ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 382

وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فِي «مُسْنَدِهِ» .

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ جِذْعُ نَخْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ يَسْنِدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ حَدَثَ أَمْرٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَ النَّاسَ، فَقَالُوا: أَلا تَجْعَلُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْئًا كَقَدْرِ قِيَامِكَ؟ قَالَ: «لا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا» .

فَصَنَعُوا لَهُ مِنْبَرًا ثَلاثَ مَرَاقٍ، قَالَ: فَجَلَسَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَخَارَ الْجِذْعُ كَمَا تَخُورُ الْبَقَرَةُ جَزَعًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَالْتَزَمَهُ وَمَسَحَهُ حَتَّى سَكَنَ.

أَبُو جَنَابٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ الْكُوفِيُّ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمِنْهُ.

وَأَبُوهُ اسْمُهُ: حَيٌّ، تَابِعِيٌّ كُوفِيٌّ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ فِيمَا قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.

وَأَنْبَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الذَّهَبِيِّ وَآخَرُونَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ الْحَاكِمِ وَأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الدِّمَشْقِيِّ، قَالَ سُلَيْمَانُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ، إِجَازَةً، وَقَالَ الآخَرَانِ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَكْرِيُّ، قَالَ هُوَ وَالْحَرَّانِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي ابْنُ الْبَطِّيِّ، وَعَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ

ص: 383

الْيُوسُفِيُّ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ يَحْيَى الْعَدَّاسُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ، قَالَ ابْنُ الْبَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ابْنُ خَيْرُونٍ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ الْعَدَّاسُ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ الْعَدَّاسُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْفَرَجِ الدُّورِيُّ، قَالَ الثَّلاثَةُ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ.

وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خَيْرُونٍ، إِذْنًا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوِيَةَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْخَشَّابُ، أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَعْنٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ أَيْضًا: وَحَدَّثَنِي غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيْضًا بِبَعْضِ ذَلِكَ قَالُوا: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ قَائِمًا، فَقَالَ:«إِنَّ الْقِيَامَ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ» ، فَقَالَ لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ: أَلا أَعْمَلُ لَكَ مِنْبَرًا كَمَا رَأَيْتُ يُصْنَعُ بِالشَّامِ فَشَاوَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَرَأَوْا أَنْ يَتَّخِذَهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، رضي الله عنه: إِنَّ لِي غُلامًا يُقَالُ لَهُ: كِلابٌ أَعْمَلُ النَّاسِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرْهُ فَلْيَعْمَلْهُ» فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَثْلَةٍ بِالْغَابَةِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ عَمِلَ مِنْهَا دَرَجَتَيْنِ وَمَقْعَدًا، ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ الْيَوْمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:«مِنْبَرِي هَذَا عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ، وَقَوَائِمُ مِنْبَرِي رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ» ، وَقَالَ:«مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» ، وَقَالَ:«مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَبَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» .

ص: 384

وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ.

وَفِيهِ أَنَّ صَانِعَ الْمِنْبَرِ كِلابٌ مَوْلَى الْعَبَّاسِ

وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ اسْمَ غُلامِ الْعَبَّاسِ الَّذِي صَنَعَ الْمِنْبَرَ صَبَاحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنُ بَشْكُوَالٍ.

وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ صَانِعَ الْمِنْبَرِ غُلامُ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.

وَفِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ الْمَكِّيِّ الْمَخْزُومِيِّ مَوْلاهُمْ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ، رضي الله عنه، أَنَّ امْرَأَةً، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلامًا نَجَّارًا، قَالَ:«إِنْ شِئْتِ» فَعَمِلَتِ الْمِنْبَرَ.

وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى امْرَأَةٍ:«مُرِي غُلامِكِ النَّجَّارَ يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ» .

وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ لا يُعْرَفُ اسْمُهَا الَّذِي حَفِظَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رضي الله عنهما، فَسَمَّاهَا بِهِ لأَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ، وَنَسِيَهُ أَبُو حَازِمٍ وَهِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الأَنْصَارِ.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ابْنُ زَبَالَةَ إِنَّهَا مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ قَوْمِ سَهْلٍ رَاوِي قِصَّتَهَا.

وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ غُلامِهَا.

فَقِيلَ: مِينَا.

ص: 385

رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: الَّذِي عَمِلَ الْمِنْبَرَ غُلامُ الأَنْصَارِيِّ وَاسْمُهُ مِينَا.

قَالَ الْخَطِيبُ: «مَوْلاتُهُ لا نَعْلَمُ أَحَدًا سَمَّاهَا» .

وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى فُلانَةٍ امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَقِيلَ: اسْمُ الْغُلامِ بَاقُولُ، وَقِيلَ: بَاقُومُ بِالْمِيمِ بَدَلَ اللامِ.

وَرَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، أَنَّ بَاقُولَ مَوْلَى الْعَاصِي بْنِ أُمَيَّةَ صَنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْبَرَهُ مِنْ طَرْفَاءِ ثَلاثِ دَرَجَاتٍ.

قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مَسْمُولٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ السَّبْرِيُّ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، حَدَّثَنِي بَاقُومُ مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي، قَالَ:«صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْبَرًا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ثَلاثَ دَرَجَاتٍ، الْقَعْدَةِ وَدَرَجَتَيْهِ» .

ص: 386

وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ اسْمَهُ: مَيْمُونٌ.

وَقِيلَ: اسْمُ الَّذِي عَمِلَ الْمِنْبَرَ قَيْصَرُ الْمَخْزُومِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلا أَعْرِفُ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ قَيْصَرُ سِوَى أَبِي إِسْرَائِيلَ صَاحِبِ النَّذْرِ فِي الصَّوْمِ وَتَرْكِ الاسْتِظْلالِ وَالْكَلامِ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي إِفْرَادِ الْكُنَى وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي عَمِلَ الْمِنْبَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقِيلَ: اسْمُ صَانِعِ الْمِنْبَرِ إِبْرَاهِيمُ.

رَوَى أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيُّ فِي كِتَابِهِ «التَّتِمَّةِ» مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَةُ أَبُو قِلابَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: " إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الإِسْلامَ قَد انتهى عَلَيْهِ وَكَثُرَ النَّاسُ وَتَأْتِيكَ الْوُفُودُ مِنَ الأَفَاقِ فَلَوْ أَمَرْتَ بِصُنْعِ شَيْءٍ تُشَخِّصُ عَلَيْهِ فَدَعَا رَجُلا فَقَالَ: أَتَصْنَعُ الْمِنْبَرَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلانٌ، قَالَ: لَسْتُ صَاحِبُهُ، ثُمَّ دَعَا آخَرَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَدَعَا آخَرَ، فَقَالَ: أَتَصْنَعُ الْمِنْبَرَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: فِي صَنْعَتِهِ فَلَمَّا صَنَعَهُ صَعِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَنَّ جِذْعُ النَّخْلَةِ الَّتِي كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا حَنِينَ النَّاقَةِ فَسَمِعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ صَوْتَهَا شَوْقًا إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَ فَالْتَزَمَهَا، وَقَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَرَكْتُهَا لَحَنَّتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

ص: 387

كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ وَالأَشْبَهُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، رضي الله عنه، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ نَحْوَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ غَيْرَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْ جَابِرٍ.

أَنْبَأَنَا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ مَنَعَةُ الْقَنَوِيِّ سَمَاعًا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِ مِائَةٍ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَرَكَاتٍ الْخُشُوعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ إِمْلاءً، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْحُسَيْنُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ الْحُسَيْنِ الصَّالِحَانِيُّ، وَأُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْبَغْدَادِيِّ الأَصْبَهَانِيَّانِ، قَالا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَرْبٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ:

ص: 388

" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ إِلَى خَشَبَةٍ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا يَخْطُبُ كُلَّ جُمُعَةٍ، حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتُ لَكَ شَيْئًا إِذَا قَعَدْتَ عَلَيْهِ كُنْتَ كَأَنَّكَ قَائِمٌ.

قَالَ: فَجَعَلَ لَهُ الْمِنْبَرَ فَلَمَّا جَلَسَ عَلَيْهِ حَنَّتِ الْخَشَبَةُ حَنِينَ النَّاقَةِ عَلَى وَلَدِهَا، حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رُئِيتْ قَدْ حُوِّلَتْ، فَقُلْنَا، مَا هَذَا؟ قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما فَحَوَّلُوهَا.

تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَافِظُ

وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُحْتَسِبِ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَتْ: أَنْبَانَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خَيْرُونٍ إِذْنًا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:

ص: 389

حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما، يَقُولُ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ مَنْصُوبٍ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الْمِنْبَرَ شَاوَرَ ذَوِي الرَّأْيِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَرَأَوْا أَنْ يَتَّخِذَهُ، فَاتَّخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَمَا فَقَدَهُ الْجِذْعُ حَنَّ حَنِينًا أَفْزَعَ النَّاسَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهِ وَمَسَّهُ فَهَدَأَ، ثُمَّ لَمْ يُسْمَعْ لَهُ حَنِينٌ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ

وَبِهِ إِلَى ابْنِ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما، يَقُولُ: " كَانَ الْمَسْجِدُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ فَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْتُ لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ حَتَّى جَاءَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَسَكَنَ.

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ هُوَ أَخُو أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ فَذَكَرَهُ

وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ مُشَافَهَةً بِالإِجَازَةِ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَيُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ سَمَاعًا، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ اللُّغَوِيُّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى.

وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْعَةَ سَمَاعًا، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَرَكَاتٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ مِنْ

ص: 390

لَفْظِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ابْنُ الْبَنَّا، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ابْنُ الْفَرَّاءِ.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَافِظُ أَيْضًا: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْوَزِيرُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سَالِمٍ الشَّاشِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا وَكَانَ يَخْطُبُ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقُومُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَرَاكَ النَّاسُ وَيَسْمَعُ النَّاسُ خُطْبَتَكَ.

فَقَالَ: «نَعَمْ» .

فَصُنِعَ لَهُ ثَلاثُ دَرَجَاتٍ فَقَامَ عَلَيْهَا كَمَا كَانَ يَقُومُ فَأَصْغَى إِلَيْهِ الْجِذْعُ فَقَالَ لَهُ: اسْكُنْ، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَقَالَ:«إِنْ تَشَأْ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْجَنَّةِ فَيَأْكُلُ مِنْكَ الصَّالِحُونَ، وَإِنْ تَشَأْ أَنْ أُعِيدَكَ رَطْبًا كَمَا كُنْتَ» .

فَاخْتَارَ الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ إِلَى أُبَيٍّ حَتَّى أَكَلَتْهُ الأَرَضَةُ

ص: 391

«وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي كِتَابِ» الطَّبَقَاتِ الْكَبِيرِ " فَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو، عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، رضي الله عنه، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ إِذْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا، وَكَانَ يَخْطُبُ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ لَكَ أَنْ أَعْمَلَ لَكَ مِنْبَرًا تَقُولُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَرَاكَ النَّاسُ وَتُسْمِعَهُمْ خُطْبَتَكَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» .

فَصَنَعَ لَهُ ثَلاثَ دَرَجَاتٍ هُنَّ اللاتِي عَلَى الْمِنْبَرِ أَعْلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ وَوُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُومَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَمَرَّ إِلَيْهِ فَخَارَ الْجِذْعُ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ حَتَّى سَكَنَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَّى إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ وَغُيِّرَ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَكَانَ عِنْدَهُ فِي دَارِهِ حَتَّى بَلِيَ وَأَكَلَتْهُ الأَرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتًا ".

وَخَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِنَحْوِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

وَفِي غَالِبِ طُرُقِ أَحَادِيثِ الْمِنْبَرِ أَنَّ دَرَجَهُ ثَلاثُ دَرَجٍ بِالْمَقْعَدَةِ.

وَكَانَ لَهُ رُمَّانَتَانِ الَّتِي تَلِي الْحُجْرَةَ الشَّرِيفَةَ مِنْهَا هِيَ الَّتِي كَانَ يَمْسِكُهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَمِينِهِ إِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيُقَالُ لَهَا: " الصَّلْعَاءُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ، قَالا:

ص: 392

حَدَّثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَوْلَى الْهُذَيْلِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَلا الْمَسْجِدُ أَخَذُوا بِرُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ الصَّلْعَاءِ الَّتِي تَلِي الْقَبْرَ بِمَيَامِنِهِمْ ثُمَّ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الصَّلْعَاءَ وَلَمْ يَذْكَرْهَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ " انْتَهَى

وَأَخْبَرَنَا الصَّلاحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ التَّقِيِّ أَحْمَدَ بْنِ الْعِزِّ، إِذْنًا عَامًّا، وَقَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْهُ سَمَاعًا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا. . .

ص: 393