الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الأندلسي1 في شرح المفصَّل: "قط" مخففة ومشدّدة. فالمخففة معناها. حَسْب، وهي مسكنّة مبنيّة لوقوعها موقع فعل الأمر. والمشدّدة معناها ما مضى من الزمان. وبُنيت لأنها أشبهت الفعل الماضي، إذ لا تكون إلا له، ولأنها تضمنت معنى "في"، لأن حكم الظرف أن يحسن فيه "في"، ولماّ لم يحسن ظهوره هنا مع أنه اسم زمان دل على أنها مضمنة لها، وحرِّكت لالتقاء الساكنين، وضمّت لأنها أشبهت "مُنْذُ" لأنها في معناها، فإذا قلت: ما رأيتُه قطُّ، فمعناه: ما رأيته منذُ كنت. انتهى.
10-
حديث: "أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر، وكان رجال يكتبون، وُيمِلُّ عليهم.."2.
قال أبو البقاء3: "يُملُّ" لما بضمِ الياء لا غير، وماضيه أمَلَّ. وفي القرآن "أولا يَسْتطيع أنْ يُملَّ هو"4. وفيه لغة أخرى: أمْلى يُمْلي، ومنه قوله تعالى:{فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ} 5.
قلت: ذكر أن أملَّ يُمِلّ لغة الحجازيين، وأمْلى يُمْلي لغة [تميم]6.
11-
حديث: "لمّا كان يومُ الفتْح قال رجل: لا قُريْشَ بعْدَ اليوم"7.
1 القاسم بن أحمد اللورقي الأندلسي (575-661 هـ) إمام في العربية، عالم بالقراءات، يعرف الفقه والأصول. شرح المفصل في أربعة مجلدات، وسماه الموصّل. كما شرح الجزولية والشاطبية. انظر: بغية الوعاة 2/ 250، كثف الظنون 2/1770.
2 -
مسند أحمد 5/134 والرواية فيه "ويملي عليهم".
3 إعراب الحديث: رقم 10.
4 البقرة آية 282.
5 الفرقان آية5.
6 قال أبو حيان: أملَّ وأملى لغتان الأولى لأهل الحجاز وبني أسد، والثانية لتميم. البحر المحيط 2/ 342.
[دخول لا النافية للجنس على المعرفة]
قلت: هو من مشاهير الأحاديث التي تكلمت النحاة على تخريجها، لدخول "لا" فيه على المعرفة، وبنائها معها على الفتح، وذلك على خلاف القاعدة. ومثله قول عمر بن الخطاب "قضية ولا أبا حسنٍ لها" في أشياء أخر. ونسوق كلام النحاة في ذلك.
قال ابن مالك في شرح الكافية: "يُتَأوَّل العلم بنكرة فيجعل اسم لا مركباً معها إن كان مفردًا، كقول الشاعر:
7 - مسند أحمد 5/135.
أرى الحاجاتِ عنْدَ أبي خُبيْبٍ
نكِدْن ولا أميَّة في البلاد1
وكقول آخر:
لا هَيْثَمَ الليلةَ للمطيِّ 2
ومنصوباً بها إن كان مضافاً، كقولهم: قضيةٌ ولا أبا حسن لها3. ولابدَّ من نزع الألف واللام مما هما فيه، ولذلك قالوا: ولا أبا حسنٍ، ولم يقولوا: ولا أبا الحسن. فلو كان المضاف مضافاً إلى ما يلازمه الألف واللام [كعبد الله] 4 لم يجز فيه هذا الاستعمال5.
وللنحويين في تأويل العلم المستعمل هذا الاستعمال قولان: أحدهما أنه على تقدير إضافة "مِثْل" إلى العلم، ثم حُذف "مِثْل" فخلفه المضافُ إليه في الإعراب والتنكير. والثاني أنه على تقدير: لا واحد من مسمّيات هذا الاسم. وكلا القولين غير مرضي، أما الأول فيدل على فساده أمران: أحدهما التزام العرب تجرد المستعمل ذلك الاستعمال من الألف واللام، ولو كانت إضافة "مثل" منوية لم يحتج إلى ذلك. الثاني: إخبار العرب عن المستعمل ذلك الاستعمال بمثل، كقول الشاعر:
تُبكّي على زيْدٍ ولا زيْدَ مِثْلهُ
برئ من الحُمَّى سليمُ الجوانح6
فلو كانت إضافة "مثل" منوية لكان التقدير: ولا مثل زيد مثله. وذلك فاسد.
وأما القول الثاني فضعفه بينِّ لأنه يستلزم أن لا يستعمل هذا الاستعمال إلاّ علم مشترك فيه كزيد، وليس ذلك لازماً، كقولهم: لا بَصْرَةَ لكم، ولا قُريْشَ بعد اليوم، وكقول
1 لفضالة بن شريك الأسدي، وقيل لابن الزبير الأسدي من أبيات يهجو بها عبد الله بن الزبير. وأبو خُبيب كنية عبد الله بن الزبير، وكان بخيلا. انظر: سيبويه 2/297، شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي 1/ 569، الأصول لابن السراج 1/ 466، المقتضب للمبرد 4/ 362، همع الهوامع 2/ 195، شرح الأشموني 2/ 4.
2 شطر رجز لم يعرف قائله، وهو من شواهد سيبويه 2/ 296، والمقتضب 4/ 362، والأصول لابن السراج 1/ 465 وهمع الهوامع 2/ 195 والأشموني 2/ 4 وخزانة الأدب 2/ 57.
3 انظر سيبويه 297/2. وقال الأشمونى 2/ 4: هو نثر من كلام عمر في حقّ علي رضي الله عنهما كما في شرح الجامع، لشطر بيت، ولهذا لم يذكره العيني في شواهده، وصار مثلا يضرب عند الأمر العسير
…
4 أثبتها من شرح الكافية الشافية.
5 قال البغدادي لا الخزانة 4/58: رأيت في (تذكرة أبي حيان) ما نصّه: قال الفرّاء: من قال قضية ولا أبا حسن لها لا يقول ولا أبا الحسن، بالألف واللام، لأنها تمحض التعريف في ذا المعنى وتبطل مذهب التنكير. وقال: إنما أجزنا "لا عبدَ الله لك" بالنصب لأنه حرف مستعمل، يقال لكل أحد عبد الله، ولا نجيز لا عبدَ الرحمن ولا عبدَ الرحيم، لأن الاستعمال لم يلزم هذين كلزومه الأول وكان الكسائى يقيس عبد الرحمن وعبد العزيز على عبد الله، وما لذلك صحة. أهـ.
6 قائله مجهول، انظر: همع الهوامع 2/196، حاشية يس على التصريح 1/236.
النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده"1.
وإنما الوجه في هذا الاستعمال أن يكون على قصد: لا شيء يصدق عليه هذا الاسم كصدقه على المشهور به، فضمّن العلم هذا المعنى، وجُرِّد لفظُه مما ينافي ذلك.
انتهى كلام ابن مالك في شرح الكافية.
وقال في شرح التسهيل2: قد يؤوّل العلم بنكرة، فيركبّ مع "لا" إن كان مفرداً، وينصب بها إن لم يكن مفرداً، فالأوّل كقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده" وكقول الشاعر:
أرى الحاجات عند أبي خُبيبٍ
نكدْن ولا أميَّة بالبلاد3
وكقول الراجز:
إنَّ لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم 4
والثاني نحو: "قضيةٌ ولا أبا حسنٍ لها". لما أوقعوا العلم موقع نكرة جرّدوه من الألف واللام إذ كانتا فيه، كقوله: ولا عُزَّى لَكم. أو فيما أضيف إليه كقولهم: ولا أبا حسن. فلو كان العلم "عبد الله" لم يعامل بهذه المعاملة للزوم الألف واللام، وكذا عبد الرحمن على الأصحّ لأن الألف واللام لا ينزعان منه إلا في النداء.
وقدّر قوم العلم المعامل بهذه المعاملة مضافاً إليه ["مثل" ثم] 5 حذف مضافه وأقيم العلم مقامه في الإعراب والتنكير، كما فُعل بأيدي سبا في قولهم:"تفرّقوا أيدي سبا"6 يريدون مثل أيدي سبا، فحذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه في النصب على الحال. وقدّره آخرون بلا مسمَّى بهذا الاسم، أو بلا واحد من مسمّيات هذا الاسم. ولا يصحّ واحد من التقديرات الثلاثة على الإطلاق.
أما الأول فممنوع من ثلاثة أوجه: أحدهما: ذكَر "مثْل" بعده كقول الشاعر:
1روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " انظر فتح الباري 6/219.
2 شرح التسهيل لابن مالك مصور في الجامعة الإسلامية عن مخطوطة دار الكتب ورقة 75-76.
3 ما بين المعقوفتين من شرح التسهيل لابن مالك وقد مرّ ذكر البيت قريباً.
4 قاله أبو سفيان به حرب بعد انتهاء غزوة أحد، وهو يومئذ مع المشركين. انظر: فتح الباري 7/ 349 كتاب المغازي، ولم يذكر إنَّ في أوله. وذكره أبن مالك في شرح التسهيل 1/195 من المطبوع هكذا: إنّ لنا عُزّى ولا عزّى لكم.
5 ما بين المعقوفين من شرح التسهيل- المخطوط.
6 في القاموس (مادة سبأ) : تفرقوا أيدي سبا وأيادي سبا تبدّدوا. ضرب المثل بهم لأنه لما غرق مكانهم وذهبت جناتهم تبددوا في البلاد.
تبكى على زَيْدٍ ولا زيْدَ مِثْله
فتقدير"مثل" قبل زيد مع ذكر"مثل" بعده وصفاً أو خبراً يستلزم وصف الشيء بنفسه، أو الاخبار عنه بنفسه وكلاهما ممتنع. الثاني: أن المتكلم بذلك إنما يقصد نفي مسمَّى العلم المقرون بلا، فإذا قدّر"مثل" لزم خلاف المقصود، لأن نفي مثل الشيء لا تعرّض فيه لنفي ذي المثل. الثالث: أن العلم المعامل بها قد يكون انتفاء مثله معلوماً لكل أحد فلا يكون في نفيه فائدة نحو: لا بصرة لكم.
[وأما التقدير الثاني والثالث فلا يصح اعتبارهما مطلقا، فإنّ] 1 من الأعلام المعاملة بذلك ماله مسمّيات كثيرة كأبي حسن، وقيصر. فتقدير ما كان هكذا بلا مسمَّى لهذا الاسم أو بلا واحد من مسمّياته لا يصح لأنه كذب.
فالصحيح أن لا يقدّر هذا النوع بتقدير واحد، بل يقدّر ما ورد منه بما يليق به وبما يصلح له، فيقدر"لا زيد مثله" بلا واحد من مسميات هذا الاسم مثله، ويقدّر"لا قُريش بعد اليوم" بلا بطن من بطون قريش بعد اليوم، ويقدّر"لا أبا حسن لها" و"لا كسرى بعده" و"لا قيصر بعده" بلا مثل أبي حسن، ولا مثل كسرى ولا مثل قيصر، وكذا لا أمية ولا عُزَّى. ولا يضرّ في ذلك عدم التعرّض لنفي المثل. فإن سياق الكلام يدلّ على القصد.
انتهى.
وقال الرضيّ2: أعلم أنه قد يؤول العلم المشتهر ببعض الخلال بنكرة فينصب بـ "لا" التبرئة، وينزع منه لام التعريف إن كان فيه، نحو:"لا حسنَ" لا الحسن البصري، و"لا صَعِقَ" في الصَّعق3. أو مما أضيف إليه نحو:"لا أمرأ قيس" و"لا ابنَ زبير". ولا تجوز هذه المعاملة في لفظي عبد الله وعبد الرحمن، إذ الله والرحمن لا يطلقان على غيره تعالى حتى يقدّر تنكرهما قال:
لا هيثمَ الليلةَ للمطيّ
وقال:
أرى الحاجاتِ عند أبي خُبيبٍ
نكدْنَ ولا أميةَ في البلاد
1 ما بين المعقوفتين من شرح التسهيل.
2 شرح الكافية 1/259-260.
3 الصَّعِق. الشديد الصوت. ولقب خويلد بن نُفيل، فارسي لبني كلاب (القاموس المحيط. صعق) .
ولتأويله بالمنكر وجهان: إما أن يقدر مضاف هو"مثل"، فلا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام، وإنما يجعل في صورة المنكر بنزع اللام، وإن كان المنفي في الحقيقة هو المضاف المذكور، الذي لا يتعرف بالِإضافة إلى أي معرف كان، لرعاية اللفظ وإصلاحه. ومن ثمّ قال الأخفش1 على هذا التأويل يمتنع وصفه لأنه في صورة النكرة، فيمتنع وصفه بمعرفة، وهو معرفة في الحقيقة فلا يوصف بنكرة. وإما أن يجعل العلم لاشتهاره بتلك الخلة كأنه اسم جنس موضوع لإفادة ذلك المعنى، لأن معنى "قضية ولا أبا حسن لها": ولا فَيْصلَ لها، إذ عليّ رضي الله عنه كان فيصلا في الحكومات على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أقضاكم عليّ"2 فصار اسمه كالجنس المفيد لمعنى الفصل والقطع، كلفظ الفيصل، وعلى هذا يمكن وصفه كالمنكر. وهذا كما قالوا:"لكل فرعون موسى"، أي لكل جبّار قهّار، فيصرف موسى وفرعون لتنكيرهما بالمعنى المذكور. انتهى.
12-
حديث: "إن مَطْعَمَ ابْنِ آدمَ جُعِلَ مثلا للدُّنيا، وإنْ قزَّحَهُ3 وملَّحَهُ، فانظروا إلى ما يصير"4.
قلت: "ما" موصولة وعائدها محذوف، لأنه جُرّ بمثل الحرف الذي جرّ الموصول به، والتقدير: إلى ما يصير إليه، ونظر به يتعدى.
13-
حديث: "جاءت الرّاجفةُ تتْبعُها الرادفة"5.
قلت: هذه الجملة الفعلية حال من الراجفة.
وقوله: "جاء الموت بما فيه".
جملة الجار والمجرور حال من الموت، والباء للمصاحبة.
1 أبو الحسن سعيد بن مسعدة، الأخفشي الأوسط، سكن البصرة وقرأ النحو على سيبويه دخل بغداد وناظر الكسائي. من مصنفاته: معاني القرآن. انظر بغية الشاة 1/ 590، معاني القرآن للأخفشي تحقيق د. فايز فارس جـ 1/ الدراسة.
2 قال عبد القادر البغدادي في تخريج أحاديث شرح الكافية ورقة 19: "أقضاكم علي" أخرجه ابن ماجة عن ابن عمر لكن بلفظ أرحم أمتي أبو بكر وأقضاهم على. وقال السخاوي في المقاصد: لم أقف على حديث "أقضاكم على" مرفوع. ويروي في المرفوع عن أنس "أقضى أمتي على". ما أورده البغوي في المصابيح وأخرجه الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علىّ. وقال إنه صحيح ولم يخرجاه.
أقول وفي البخاري8/167 من فتح الباري، ومسند أحمد 5/113 قال عمر:" أقرؤنا أبي وأقضانا عليّ ".
3 قال ابن الأثيرفي النهاية 4/58: "وإن قزًحه وملّحه " أي توبله من القزح وهو التابل الذي يطرح في القدركالكموّن والكًزبرة ونحو ذلك. يقال: قزّحت القدر إذا تركت فيها الأبازير.
4 -
مسند أحمد 5/136.
5 -
مسند أحمد 5/136، وفي الترمذي: أبواب صفة القيامة 4/53 رقم الحديث 2574.
14-
وقوله: "أرأيتَ إن جَعَلْتُ صَلاتي كلّها عليك". "أرأيت" هنا بمعنى أخبرني. وقوله: "إذنْ يكْفِيَك الله ما أهمّك مِنْ دنياك وآخرتِك"1. "إذن" هنا للجواب والجزاء معا، وهي ناصبة للفعل لاستيفائها الشروط من التصدّر وغيره 2.
15-
حديث: "مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحْسَنها وأكْمَلَها وتركَ فيها مَوْضِعَ لَبِنَةٍ لم يَضَعْها، فجعل الناسُ يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون: لو تمَّ موضعُ اللبنة"3.
قلت: "جعل" لها معان: أحدها: الشروع في الفعل، كأنشأ وطفق، ولها اسم مرفوع وخبر منصوب، ولا يكون غالبا إلا فعلا مضارعا مجرّدا من أنْ، وهي في هذا الحديث بهذا المعنى. قال ابن مالك4: وقد يجيء جملة فعلية مصدرة بإذا كقول ابن عباس: "فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا"5.
الثاني: بمعنى اعتقد، فتنصب مفعولين نحو:{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} 6.
الثالث: بمعنى صيرّ، فتنصب مفعولين أيضاً، نحو:{فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} 7.
الرابع: بمعنى أوجد وخلق، فتتعدى إلى مفعول واحد، نحو:{وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} 8.
الخامس: بمعنى أوجب، نحو: جعلتُ للعامل كذا.
السادس: بمعنى ألقى، كجعلتُ بعض متاعي على بعض.
16-
حديث: "قال مَعْبَد: أيْ رسولَ الله، يُخْشى علىَّ مِنْ شبهه"9.
1 - عن أبي قال (قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلّها عليك. قال: إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما من دنياك وآخرتك) . انظر: مسند أحمد 5/136.
2 شروط النصب بإذن ثلاثة: الأول: أن يكون الفعل مستقبلا، الثاني: أن تكون مصدرة. الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفعل بغير القسم. انظر شرح الأشموني 4/ 287 ـ 288.
3 ـ تكملته " فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة" الترمذي: المناقب 5/246 رقم الحديث 3692. مسند أحمد 5/137.
4 انظر شواهد التوضيح ص 78.
5 البخاري: كتاب التفسير/ سورة الشعراء. انظر فتح الباري 8/501.
6 1لزخرف:19.
7 الفرقان: 23.
8 1لأنعام:1.
9-
حديث طويل في مسند أحمد 5/137 ـ 138.
قال أبو البقاء 1: "أيْ" بفتح الهمزة وتخفيف الياء، مقلوب "يا" وهو حرف نداء.
17-
حديث شرح الصدور2.
قال أبو البقاء3: "قوله: فرجعتُ بها أغدو بها رقّةً على الصغير ورحمةً للكبير" تقديره ذا رقة وذا رحمة. وهو منصوب على أنه خبر أغدو، وهى من أخوات كان، فحذف المضاف ونصب المضاف إليه".
قلت: ويجوز أن يكون النصب على الحال.
18-
حديث: "إذا كان يومُ القيامة كنتُ إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر"4.
قلت: "كان" في أول الحديث تامة بمعنى وجد. و"يومُ القيامة" بالرفع فاعلها. و"كان" الثانية ناقصة. والتاء اسمها. و"إمام" خبرها وقوله "غير فخر" منصوب على الحال. قال التوربشتي: "إمام النبيين" بكسر الهمزة. والذي يفتحها وينصبه على الظرف لم يصب.
وقال الرافعي في تاريخ قزوين5: "قوله وصاحب شفاعتهم" يجوز أن يقال معناه: وصاحب الشفاعة العامة بينهم. ويجوز أن يريد وصاحب الشفاعة لهم".
19-
حديث: "يوشك الفراتُ أن يحْسرَ عنْ جبل من ذهب"6.
قال ابن مالك: "اقتران خبر "أوشك" بأنْ أكثر من تجريده منها، بعكس كاد، كقوله:
ولو سُئِلَ الناسُ التراب لأوشكوا
إذا قيل هاتوا أن يَملُّوا وَيمْنَعُوا 7
1 إعراب الحديث: رقم 11.
2 ـ حديث طويل عن أبي، انظر مسند أحمد 5/139.
3 إعراب الحديث: رقم 12.
4 -
مسند أحمد 137/5، 138. وفي الترمذي: المناقب 5/247 برقم 3692 وفي ابن ماجة برقم4314.
5 التدوين في أخبار قزوين للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني المتوفى السنة 623 هـ. انظر كشف الظنون 382-383.
6 ـ مسند أحمد 5/ 139-140. وفي البخاري. كتاب الفتن13 /78 من فتح الباري. وفي مسلم بشرح النووي: كتاب الفتن 18/19.
7 استشهد به ابن مالك في شرح عمدة الحافظ ص 817. وهو من شواهد الأشموني 1/261 وأوضح المسالك1/311 وهمع الهوامع 2/140.
ومثال التجريد قوله:
يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِه
في بَعْضِ غِرَاتِه يُوافِقُها 1
قال: "واختص كاد وأوشك باستعمال مضارعهما. وسائر أفعال المقاربة لزمت لفظ الماضي"2.
قلت: ففي الحديث شاهد للأمرين معاً.
20-
حديث: "صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصُّبح فقال: شاهدٌ فلان؟ فقالوا: لا"3.
قال أبو البقاء4: "يريد الهمزة فحذفها للعلم بها. وهو مرفوع بأنه خبر مقدّم. و"فلان" مبتدأ، ويجوز أن يكون "شاهد" مبتدأ لأن همزة الاستفهام فيه مرادة. ولو ظهرت لكان مبتدأ البتة، و"فلان" فاعل يسدّ مسدّ الخبر". انتهى.
قلت: الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بلفظ "أشاهد" بإثبات الهمزة فعرف أن إسقاطها من تصرّف الرواة.
وقوله: "صلّى بنا".
قال الِطّيبي5: "أي أمَّنا. والباء إما للتعدية أي جعلنا مصلين خلفه، أو للحال أي صلى ملتبساً بنا".
وقوله: "ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبْوا".
يحتمِل أن يكون من باب حذف كان واسمها بعد لو وهو كثير، والتقدير: ولوكان الإتيان حبوًا. ذكره الطّيبي قال: "ويجوز أن يكون التقدير: ولو أتوهما حابين، تسمية بالمصدر مبالغة".
قوله: "وإنّ الصف الأول على مثل صفّ الملائكة".
قال الطيبي6: "قوله "على مثْل " خبر إنّ، والمتعلق كائن".
1 البيت لأمية بن أبي الصلت. وقد استشهد به ابن مالك في شرح الكافية 1/456 وفي شواهد التوضيح ص 144 وهو من شواهد سيبويه 3/ 161 والأشموني 1/ 262 وهمع الهوامع 2/ 135.
2 شرح عمدة الحافظ ص 823.
3 ـ مسند أحمد 5/140، 141. أبو داود: فضل صلاة الجماعة رقم522.
4 إعراب الحديث: رقم 13.
5 شرح مشكاة المصابيح مخطوط في المكتبة المحمودية برقم 613 ج 2 ورقة 3.
6 شرح مشكاة المصابيح جـ2 ورقة 3.
21 -
حديث الصدقة1.
قوله: "فلما جمع إليّ ماله لم أجد عليه فيه إلاّ ابنة مخاض، فأخبرته أنها صدقته فقال: ذاك ما لا لَبَنَ فيه ولا ظَهْر".
قلت: الإشارة بذاك وهو صيغة المذكر إلى ابنة مخاض وهي مؤنث. وكذا ضمير "فيه" عائد إليه. لأنه قد ينزل المؤنث منزلة المذكر على إرادة معنى الشخص.
وقوله: "وقد عرضتُ عليه ناقةً فتيةً سمينةً ليأخذها، فأبى وردّها عليّ، وها هي ذه قد جئتُك بها".
قال ابن مالك في شرح التسهيل2: "تفصل هاء التنبيه من اسم الإشارة المجرد بأنا وأخواته كثيراً كقولك: ها أنا ذا، وها نحن أولاء إلى ها هن أولاء. ومنه قول السائل عن وقت الصلاة "ها أنا ذا يا رسول الله"3 وقوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ} 4"0 انتهى.
وفي حديث جابر في الذي اخترط سيفه: "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال لي: مَنْ يمنَعُك منّي؟ قلت: الله. فها هو ذا جالساً"5. وفي حديث جُليبيب فقال: "يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه"6.
وقال الأندلسي في شرح المفصل: "وأما قولهم "ها أنا" ونحوه، فـ"ها" عند سيبويه7داخله على الأسماء المضمرة. وعند الخليل8 مع الأسماء المبهمة في التقدير، على أنهم أرادوا أن يقولوا "هذا أنا" فجعلوا أنا بين ها وذا".
وقال السيرافي9:" "ها" في هذه الحروف للتنبيه، والأسماء بعدها مبتدآت، والخبر أسماء الإشارة ذا ونحوه. وإن شئت جعلت أنت ونحوه الخبر والإشارة هي الاسم". قال:
1 - الحديث عن أبي، وفيه قال: "بعثتي رسول الله عليه وسلم مصدقاً على بلى وعذرة وجميع بني سعد
…
) . مسند أحمد5/ 142. أبو داود: زكاة السائمة برقم 1521.
2 شرح التسهيل لابن مالك 1/375.
3 في البخاري السائل عن الساعة قال "ها أنا يا رسول الله" فتح الباري 1/142 وفي مسلم بشرح النووي 4 /115بريدة أن السائل عن وقت الصلاة قال "أنا يا رسول الله ".
4 آل عمران 119.
5 رواه البخاري في كتاب الجهاد وكتاب المغازي عن جابر برواية "فها هو ذا جالس" انظر فتح الباري 6/97، 7/ 426.
6 مسند أحمد 4/422.
7 كتاب سيبويه 2/353.
8 كتاب سيبويه 2/ 354.
9 كتاب سيبويه2 /353 الحاشية. والسيرافي هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرِزبان نسب إلى سيراف مدية بفارس، كان إماماً في النحو والفقه واللغة والشعر أخذ النحو عن ابن السراج شرح كتاب سيبويه شرحاً لم يسبق إلى مثله، توفى سنة 368 هـ انظر بغية الوعاة 1/507.