المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[رجع السيوطي إلى حديث سؤال القبر] - عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد - مجلة الجامعة الإسلامية - ٧٣ - ٧٤

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌[رجع السيوطي إلى حديث سؤال القبر]

[رجع السيوطي إلى حديث سؤال القبر]

قوله (فذكر لنا أنه يُفسحُ له في قبره سبعون ذراعاً) i

قلت: كذا في الرواية "سبعون" بالواو، على أنه النائب عن الفاعل. قال الشيخ بهاء الدين ii في التعليقة:"إذا اجتمع فضلات وليس فيها مفعول مُسَرَّح iii، اختلف النحاة فيها، فمنهم من قال: يجوز إقامة أيها شئت على السواء، ومنهم من قال برجحان بعضها. ثم اختلفوا؛ فقال المغاربة وبعض المشارقة المصدر المختص أرجح، وعللوه بأن الفعل وصل إليه بنفسه، ولا كذلك المفعول المقيد". وقال ابن معط iv: "المفعول المقيد أولى ثم بعده المصدر. ثم لم يتعرضوا لما بعد ذلك. والذي ظهر لي أن الأولى إقامة المفعول المقيد، ثم ظرف المكان، ثم ظرف الزمان، ثم المصدر المختص. وذلك المفعول المقيد لا يحتاج إلى مجاز في كونه مفعولا به، وغيره يحتاج إلى التوسّع فيه بجعله مفعولا، فكان المفعول المقيد أولى من غيره لذلك". انتهى.

وقال الطيبي: "الأصل يفسح له قبره مقدار سبعين ذراعاً، فجعل القبر ظرفاً للسبعين، وأسند الفعل إلى سبعين مبالغة"v.

قوله (فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْت) vi.

قال أبو البقاء: "لا درَيت " بفتح الراء لا غير، من دَرى يدري، مثل رمى يرمي"vii. انتهى.

وقال الخطابي: "قوله "ولا تليت" هكذا يرويه المحدثون، وهو غلط، والصواب "ولا ائتَلَيْت" على وزن افتعلت، من قولك ما ألوت هذا الأمر، أي ما استطعته"viii.

i الرواية في صحيح مسلم بشرح النووي 17/203.

ii محمد بن إبراهيم بهاء الدين بن النحاس الحلبي النحوي، شيخ الديار المصرية في علم اللسان، تخرّج به جماعة من الأئمة والفضلاء، له شرح على المقرّب يسمى التعليقة. مات سنة 698 هـ.

iii مسرّح أي غير مقيد بحرف جر، فإذا وجد المفعول به فلا يجوز أن ينوب غيره عن الفاعل، وأجاز الكوفيون إقامة غير المفعول به مع وجوده. وإن لم يوجد المفعول به فقال الجزولي تساوت البقية، واختار أبن عصفور إقامة المصدر وأبو حيان طرف المكان وابن معط المجرور. انظر: التصريح على التوضيح 1/ 291.

iv يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي، عالم بالعربية والأدب، أقام في القاهرة ودرس بها، من مصنفاته الدرة الألفية في علم العربية، الفصول الخمسون. توفى سنة 628 هـ.

v شرح مشكاة المصابيح. مخطوط ج1 ورقة 129.

vi لنظر في "لا دريت ولا تليت" الفاخر 38، الزاهر 1/268.

vii إعراب الحديث النبوي، الحديث رقم 83.

viii غريب الحديث للخطابي 3/263.

ص: 89

وقال صاحب الفائق: "معناه ولا اتَّبعت الناس بأن تقول شيئا يقولونه، وقيل لا قرأت، فقلبت الواو ياء للمزاوجة i"ii

وقال ابن بطال: "الكلمة من بنات الواو، لأنها من تلاوة القرآن، لكنها لما كانت مع "دريت" تكلم بها بالياء ليزدوج الكلام، ومعناه الدعاء عليه، أي لا كنت داريا ولا تاليا". وقال ابن بري iii: "من روى "تليت" فأصله "ائتليت" بالهمز، فحذفت تخفيفا، فذهبت همزة الوصل، وسهلت لمزاوجة "دريت".

وقال الطيبي: "يجوز أن يكون من قولهم: تلا فلان تلو غير عاقل، إذا عمل عمل الجهّال، أي لا علمت ولا جهلت، يعني هلكت فخرجت من القبيلين"iv.

وقال الجوهرى: "اتْلَت الناقةُ إذا تلاها ولدها. ومنه قولهم: لا دريت ولا أتْليت، يدعو عليه بأن لا تُتْلى إبله، أي لا يكون لها أولاد"v.

وقال الأزهرى: "يروى "ولا ائْتليْت " يدعو عليه"vi.

وفي فتح الباري: "قال ثعلب "ولا تليت" أصله تلوت، أي لا فهمت ولا قرأت القرآن. والمعنى لا دريت ولا اتبعت من يدري. وإنما قاله بالياء لمؤاخاة "دريت"vii.

وقال ابن السكيت viii: "قوله "ولا تليت" إتباع ولا معنى له. وقيل صوابه "ولا ائْتَليْت " بزيادة همزة قبل المثناة بوزن افتعلت ix [من قولهم: ما ألوت أي ما استطعت، حكى ذلك عن الأصمعي] وبه جزم الخطابي.

i في الفائق "للازدواج ".

ii الفائق في غريب الحديث للزمخشري 1/153.

iii عبد الله بن برّي بن عبد الجبار المقدسي الأصل، المصري، من علماء العربية النابهين، ولد ونشأ وتوفى بمصر سنة 582 هـ من مصنفاته: شرح شواهد الايضاح، حواشي على صحاح الجوهري. انظر: الأعلام 4/73.

iv شرح مشكاة المصابيح ج1 ورقة 126.

v الصحاح مادة (تلا) .

vi قال الأزهري في تهذيب اللغة 14/ 320: وكان يونس يقول إنما هو ولا أتليت في كلام العرب، معناه ألا يُتلي إبله، أي لا يكون لها أولاد تتلوها. وقال غيره إنها هو لا دريت ولا اتّليت على افتعلت، من ألوت أي أطقت واستطعت، كأنه قال لا دريت ولا استطعت

vii فتح الباري لابن حجر 3/ 239 وما بين المعقوفات منه.

viii يعقوب بن إسحاق أبو يوسف بن السكيت، كان عالما بنحو الكوفيين وعلم القرآن واللغة والشعر، راوية، ثقة، أخذ عن البصريين والكوفيين، وله تصانيف كثيرة في النحو ومعاني الشعر وتفسير دواوين العرب. توفى سنة 244هـ. انظر بغية الوعاة 2/349.

ix قال ابن السكيت في إصلاح المنطق ص ا 32: وقولهم "لا دريت ولا تليت" لما يدعو عليه بأن لا تُتلي إبله، أي لا يكون لها أولاد. عن يونس. ويقال "لادريت ولا ائتليت" هي افتعلت من قولك: ما ألوت هذا ولا استطعته، أي ولا استطعت. وقال: بعضهم يقول: "لا دريت ولا تليت" تزويجا للكلام.

ص: 90

وقال الفرّاء: "أي قصّرت، كأنه قيل: لا دريت ولا قصّرت في طلب الدراية، ثم أنت لا تدري".

وقال الأزهري: "الألو" يكون بمعنى الجهد، وبمعنى التقصير، وبمعنى الاستطاعة"

وحكى ابن قتيبة i [عن يونس بن حبيب] أن صواب الرواية "ولا أتليت " بزيادة ألف وتسكين المثناة، كأنه يدعو عليه بأن لا يكون له من يتبعه، وهو من الإتلاء. يقال: ما أتْلت إبله أي لم تلد أولاداً يتبعونها. وقال: قول الأصمعي أشبه بالمعنى، أي لا دريت ولا استطعت أن تدري ii

قوله (يَسْمعُها مَنْ يليه غيرَ الثقلين) .

قال الطيبي: "غير" منصوب على الاستثناء"iii.

159-

حديث (اعتدلوا في السجود ولا يَبْسُط أحدُكم ذراعيه انبساط الكلب) iv.

قال القرطبي: "هو مصدر على غير حدّه، وفعله ينبسط، لكن لما كان انبسط من بسط جاء المصدر عليه، كقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} v"

وقال الكرماني: " أي لا يبسط فينبسط انبساط الكلب، مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} . وقال بعضهم انبسط بمعنى بسط، كقوله اقتطع وقطع"vi.

وروي "ولا ينبسط".

160-

حديث (جاء رَجُلٌ فقال: يارسول الله إني أصبتُ حدّاً فأقِمْهُ عليّ) vii.

قال الطيبي: "فإن قلت: ما الفرق بين معنى "على" في قوله "فأقمه عليّ" و"في" في قوله "فأقمْ فيّ كتاب الله"؟ قلت: الضمير في قوله "فأقمه" يرجع إلى الحد، فحسن لذلك

i عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، من أئمة الأدب واللغة، له مصنفات كثيرة منها: أدب الكاتب، المعارف، الشعر والشعراء، تأويل مشكل القرآن. توفي ببغداد سنة 276 هـ.

ii انتهى الكلام من فتح الباري 3/ 239. وانظر غريب الحديث لابن قتيبة1/326 ولكن يبدو أن السيوطي أخذ عن فتح الباري لا عن غريب الحديث لابن قتيبة لاختلاف في الكلام.

iii شرح مشكاة المصابيح ج1 ورقة 127.

iv مسند أحمد 3/ 115 البخاري: كتاب الأذان. باب لا يفترش ذراعيه في السجود. فتح الباري 2/ 301.

v سورة نوح: آية 17 انبساط اسم مصدر زادت حروفه عن فعله، ونبات اسم مصدر نقصت حروفه عن فعله.

vi صحيح البخاري بشرح الكرماني 5/ 174.

vii البخاري: كتاب الحدود- باب إذا أقرّ بالحد ولم يبين- فتح الباري 12/133.

ص: 91

معنى الاستعلاء. و"كتاب الله" في قوله "فأقمْ فيّ كتاب الله" يراد به الحكم، فهو يوجب "في" بمعنى الاستقرار فيه، وكونه ظرفا مستقرا فيه أحكام الله

" i

161-

حديث (ليس في الخَضْراوات صَدَقة) ii.

قال ابن فلاح iii في المغني: "فَعْلاء أفعْل نحو حمراء وصفراء لا يجمع بالألف والتاء، كما لم يجمع مذكرّها بالواو والنون، لأن المؤنث تابع للمذكر في الجواز والمنع، ولأن الصفة ثقيلة لكونها مشتقة من الفعل، وهذا الجمع ثقيل، فجمعها يوجب زيادة في الثقل، فلذلك رفض جمعها. قال: وأما "الخضراوات" في هذا الحديث فإنه كالاسم، إذ كان صفة غالبة لا يذكر معها الموصوف". انتهى.

وقال ابن الأثير في النهاية: "قياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أن لا يجمع هذا الجمع، وإنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة نحو: صحراء وخنفساء. قال: وإنما جمع هذا الجمع لأنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة. تقول العرب لهذه البقول "الخضراء" لا تريد لونها. قال: ومنه الحديث "أتي بقدر فيها خَضِرات"iv بكسر الضاد، أي بقول، واحدها خضِرَة"v.

وقال الرضي: "أجاز ابن كيسان جمع فَعْلاء أفْعل وفَعْلى فَعْلان بالألف والتاء، ومنعه الجمهور. فإن غلبت الاسمية على أحدهما جاز اتفاقا كقوله عليه السلام: "ليس في الخضراوات صدقة"vi.

162-

حديث (اطلبوا العلم ولو بالصين) vii.

قال الرضي: "قد تدخل الواو على أن المدلول على جوابها بما تقدم، ولا تدخل إلا

i شرح مشكاة المصابيح ج1 ورقة 233.

ii161- سنن الدارقطني 2/95 باب ليس في الخضراوات صدقة. وقد ضعّفه أبو الطيب العظيم آبادي في التعليق المغني على الدارقطني. كما ضعّفه الترمذي- باب ما جاء في زكاة الخضراوات برقم 633. ورواه السيوطي في الجامع الكبير 1/682 واستشهد به المبرد في المقتضب 2/217، وابن يعيش في شرح المفصل 5/61.

iii منصور بن فلاح بن محمد، أبو الخير، تقي الدين نحوي يمني. من مؤلفاته الكافي في أصول الفقه، والمغني في النحو أربع مجلدات. توفي سنة 680 هـ. الأعلام 7/303.

iv البخاري- كتاب الآذان باب ما جاء في الثوم 2/ 339.

v النهاية في غريب الحديث 2/ 41.

vi شرح الكافية 2/187.

vii الحديث ضعِّفه الشيخ الألباني- انظر ضعيف الجامع الصغير برقم 1005، 1006. مشكاة المصابيح بتحقيق الألباني- برقم 218 الحاشية.

ص: 92

إذا كان ضد الشرط المذكور أولى بذلك المقدّم، الذي هو كالعوض عن الجزاء من ذلك الشرط، كقولك: أكرمه وإنْ شتمني. فالشتم بعيد من إكرامك الشاتم، وضدّه وهو المدح أولى بالإكرام. وكذلكَ قوله "اطلبوا العلم ولو بالصين". والظاهر أن الواو الداخلة على كلمة الشرط في مثله اعتراضية. ونعني بالجملة الاعتراضية ما يتوسط بين أجزاء الكلام متعلقاً به معنى مستأنفاً لفظاً على طريق الالتفات، كقوله:

فأنت طلاقٌ - والطلاقُ أَليَّة-i

وقوله:

يرى كُلَّ مَنْ فيها- وحاشاكَ- فانيا ii

وقد يجيء بعد تمام الكلام، كقوله عليه السلام "أنا سيّد ولد آدم ولا فخر"iii فتقول في الأوّل: زيدٌ وإن كان غنياً بخيل، وفي الثاني: زيدٌ بخيل وإن كان غنياً. فجواب الشرط في مثله مدلول الكلام، أي إذا كان غنياً فهو بخيل، فكيف إذا افتقر، والجملة كالعوض من الجواب المقدّر، كما تقرر، ولو أظهرته لم تذكر الجملة المذكورة ولا الواو الاعتراضية، لأن جواب الشرط ليس جملة اعتراضية. وقال الجنزي iv: هو واو العطف، والمعطوف عليه محذوف، وهو ضدّ الشرط المذكور، الذي قلنا إنه [هو] الأولى بالجزاء المذكور. فالتقدير عنده: زيدٌ إن لم يكن غنياً وإن كان غنياً فبخيل. وقد تقرر أنه يجوز حذف المعطوف عليه مع القرينة، لكن يلزمه أن يأتي بالفاء في الاختيار، فتقول: زيدٌ وإن كان غنياً فبخيل، لأن الشرط لا يلغى بين المبتدأ والخبر اختيارا. وأما على ما اخترنا من أن الواو اعتراضية فيجوز، لأن الاعتراضية تفصل بين أي جزأين من الكلام كانا بلا تفصيل إذا لم يكن أحدهما حرفا. وعن الزمخشري أن الواو في مثله للحال، فيكون الذي هو كالعوض عن الجزاء عاملا في الشرط نصبا على أنه حال، كما عمل جواب "متى" عند بعضهم في "متى" النصب على أنه

i من الطويل، وعجزه: ثلاثا ومن يَخْرَقْ أعَقُّ وأظلَمُ.

وهذا البيت ثاني ثلاثة أبيات قيل كتب بها الرشيد إلى القاضي أبي يوسف يسأله عن حكم الطلاق فيها. انظر المسألة في خزانة الأدب 3/ 459 وما بعدها، مغني اللبيب ص 54، تذكرة النحاة لأبي حيان ص 148.

ii عجز بيت للمتنبي في مدح كافور، وصدره: وتحتقرُ الدنيا احتقار مُجرب.

انظر: العرف الطيب شرح حيوان أبي الطيب- 475.

iii مسند أحمد 1/281، 3/2، 144.

iv في بعض النسخ " الجزي" وفي شرح الكافية الجنزي، وهو عمر بن عثمان بن الحسين بن شعيب الجنزي، أبوحفص، إمام في النحو والأدب، قدم بغداد وصحب الأئمة، وكان حسن السيرة، صنف تفسيراً لم يتم. مات سنة 550 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/221.

ص: 93

ظرفه، ومعنى الحال والظرف متقاربان. ولا يصح اعتراض الجنزي عليه، فإن معنى الاستقبال الذي في "إنْ" يناقض معنى الحال الذي في الواو، لأن حالية الحال باعتبار عامله مستقبلاً كان العامل أو ماضيا نحو: اضربه غدا مجرداً، وضربته أمس مجردا، واستقبالية شرط "إنْ" باعتبار زمان المتكلم، فلا تناقض بينهما"i. انتهى.

وقال أبو حيان: "الذي يظهر لي أن الواو الداخلة على الشرط في مثل: أقوم وإنْ قُمتَ، وأَضْربُ زيدا وانْ أحسن إليك، للعطف، لكنها لعطف حال على حال محذوفة يتضمنها السابق، تقديره: أقومُ على كل حال وإنْ قمت، أَضربُ زيداً على كل حال وإن أحسن إليك، أي وفي هذه الحال. وكذلك حكمنا إذا دخلت على نحو "أعطوا السائل ولو جاء على فرس"ii "رُدّوا السائل ولو بِظِلْف"iii "أولمْ ولو بشاة"iv. المعنى: أعطوه كائنا مِنْ مَنْ كان ولو جاء..، أوْلم على كل حال ولو بشاة، ردّوه بشيء ولو بظلف. ولا تجيء هذه الحال إلا منبهة على ما كان يتوهم أنه ليحس مندرجاً تحت عموم الحال المحذوفة فأدرج تحته، ألا ترى أنه لا يحسن: أعطي السائل ولو كان فقيراً، ولا أضرب زيداً وإن ما.." انتهى.

ومن أمثلة ذلك حديث "لا تمنع المرأة زوجها وإن كانت على ظهر قَتَب"v

وحديث "إذا أراد أحدكم من امرأته حاجة فليأتها ولو كانت على تنُّور" vi

وحديث "إنّ الله يحبُّ السَّماحة ولو على تمرات، ويحب الشَّجاعة ولو على قتل حية" vii

وحديث "بعْها وِلو بضَفير" viii

وحديث "أَلا خمرْتَهُ ولو أن تَعْرُضَ عليه عوداً" ix

وحديث "تصدَّقْنَ ولو من حُليّكن" x. قال الطيبي: "لو" في هذا الحديث للمبالغة".

وحديث "إذا صلى أحدُكم فليستتر لصلاته ولو بسهم" xi.

i شرح الكافية للرضي 2/257.

ii الفتح الكبير 1/199، الجامع الكبير للسيوطي 1/ 120.

iii صحيح الجامع الصغير رقم 3496. مسند أحمد 4/ 70.

iv صحيح البخاري/ كتاب النكاح- فتح الباري 9/ 116.

v الجامع الكبير للسيوطي 1/906. والقتب: الرحل الصغير على قدر سنام البعير.

vi صحيح الجامع الصغير رقم 298. مسند أحمد 4/23 وفي النسخ المخطوطة "وإن كانت.." والتنوّر: الفرن.

vii تذكرة الموضوعات- الفتني ص 64. وهو حديث موضوع. قاله الصغاني [طبعة بيروت] .

viii مسند أحمد 4/117. والضفير: الحبل.

ix مسلم بشرح النووي 13/183، باب استحباب تغطية الإناء- وخمرته: أي غطيته.

x مسلم بشرح النووي 7/ 88.

xi مسند أحمد 3/404.

ص: 94

وحديث "إذا أتى أحدكم أهلَه فلْيُطْرِفْهم ولو حجارة" i.

وحديث "لا تشْتره وان أعطاكه بدرهم" ii.

وحديث "اغتسل يوم الجمعة ولو كأساً بدينار" iii.

وحديث "التمس ولو خاتما من حديد" iv قال التوربشتى: "هذا للمبالغة".

وحديث "اعتزلوهم ولو أن تعضَّ بأصل شجرة" v. قال الطيبي: "هذا شرط تعقب به الكلام تتميماً ومبالغة، أي اعتزل الناس اعتزالاً لا غاية بعده، ولو قنعت فيه بعضّ أصل الشجر فإنه خير لك".

وحديث "تسّحروا ولو بجرعة من ماء" vi.

وحديث "تعشوا ولو بكفّ من حَشَف" vii.

وحديث "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تُعْطى صِلَة الحبْل، ولو أن تعطي شِسْع النَّعل، ولو أن تُفْرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحيّ الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تأتي أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض" viii.

وحديث "من بنى لله مسجدا ولو مفْحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة" ix.

وحديث "بلّغوا عني ولو آية" x.

وحديث "أفي الوضوء إسراف؟ قال نعم وإنْ كُنت على نهر جارٍ" xi.

i في الفتح الكبير 1/ 140 "إذا قدم أحدكم على أهله من سفر فليُهد لأهله، فليُطْرفهم ولو كان حجارة".

ii البخاري/ كتاب الهبة. فتح الباري 5/ 235. مسند أحمد 1/ 40 وفيه "لا تبتعه

".

iii الجامع الكبير للسيوطي 1/125.

iv صحيح الجامع الصغير برقم 1252 مسند أحمد 5/ 336 0 البخاري كتاب اللباس 10/323.

v سنن ابن ماجه- كتاب الفتن 2/1317.

vi ضعيف الجامع الصغير برقم 2432.

vii ضعيف الجامع الصغير برقم 2446.

viii مسند أحمد 3/483 0 الجامع الكبير للسيوطي 1/883.

ix صحيح الجامع الصغير برقم 6604، مسند أحمد 1/ 241.

x صحيح الجامع الصغير برقم 2834.

xi مسند أحمد 2/ 221. ابن ماجه- كتاب الطهارة 1/147.

ص: 95

163 -

حديث (اتخذ خاتماً من فضّة نقشُه محمدٌ رسولُ الله) i.

قال الكرماني: "نقشه" مبتدأ، و"محمد رسول الله" جملة خبره. فإن قلت: أين العائد في الجملة إلى المبتدأ؟ قلت: إذا كان الخبر عن المبتدأ فلا حاجة إلى العائد، هو في تقدير المفرد، أي الكلمة مثلا، كأنه قال: نقشه هذه الكلمة، وإعراب أمثاله يكون بحسب المنقول لا بحسب المنقول إليه"ii.

وقال الحافظ زين الدين العراقي: "قوله "رسولُ الله" صفة لقوله "محمد" لا خبر له، ويكون خبر المبتدأ محذوفاً، أي صاحبه أو مالكه رسول الله"iii.

164 -

حديث (كان أبو طلْحةَ أكثرَ أنصاريّ بالمدينة مالا) iv.

قال الزركشي: "نصب "أكثر" نصب خبر كان، و"مالا" نصبٌ على التمييز".

وقال الكرماني: "فإن قلت: القياس يقتضي أن يقال أكثر الأنصار. قلت: أراد التفضيل على التفصيل، أي أكثر من كل واحد من الأنصار"v.

قوله (وكان أحبّ الأموال إليه بَيْرُحا) .

قال التيمي: "بيرُحا" بالرفع اسم كان، و"أحبَ" بالنصب خبرها، ويحوز العكس"vi.

i163- مسند أحمد 3/198. البخاري. كتاب العلم/ باب ما يذكر في المناولة 1/155. لبخاري: كتاب اللباس/ باب نقش الخاتم 10/323.

ii صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/23.

iii أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين، زين الدين العراقي، كان حافظ العصر. من مصنفاته: التقييد والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح، تكملة شرح الترمذي. توفي سنة 806 هـ. انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي 539.

iv الحديث عن أنس وفيه (كان أبو طلحة أكثر أنصاريّ بالمدينة مالاً، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء فقال يارسول الله إن الله تعالى يقول "لن تنالوا البّر حتى تنفقوا مما تحبون" "وإن أحبّ أموالي إليّ بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها فضعها يارسول الله حيث شئت. فقال: بخ، ذلك مال رابح

) . البخاري: كتاب الوكالة 4/493 كتاب الزكاة 3/ 325. مسلم 7/ 84 فضل النفقة على الأقربين. مسند أحمد 3/ 141.

v صحيح البخاري بشرح الكرماني 10/ 146.

vi في النسخ "التميمي" والتصويب من شرح الكرماني 8/ 4.

والتيمي هو إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصفهاني، الملقب بقوام السنة، من أعلام الحفاظ، كان إماماً في

التفسير والحديث واللغة. من مصنفاته: الجامع في التفسير، الترغيب والترهيب، شرح الصحيحين، إعراب القرآن. وتوفي سنة 535 هـ. انظر: الأعلام 1/323.

ص: 96

قال الزركشي: "والأوّل أحسن، لأن المحدّث عنه "بيرحا" فينبغي أن تكون هي الاسم".

ثم قال التيمي: "وجاء مقصوراً، كذا المحفوظ، ولا يظهر فيه إعراب".

قال الكرماني: "أي فهو كلمة واحدة، لا مضاف ومضاف إليه. قال: ويجوز أن يمدّ في اللغة"i.

وقال عياض: "رواية المغاربة بضم الراء في الرفع وبفتحها في النصب وبكسرها في الجر مع الإضافة إلى حاء على حرف المعجم"ii.

قوله (بخ) .

قال الداودي: "هي كلمة تقال عند المدح، وللرفق بالشيء، وتكرّر للمبالغة".

وقال النووي: "قال أهل اللغة يقال "بخ" بإسكان الخاء وتنوينها مكسورة"iii.

وحكى القاضي عياض الكسر بلا تنوين. وحكى الأصمعي iv التشديد فيه.

قال القاضي: "وروي بالرفع. وإذا كررت فالاختيار تحريك الأوّل منوّناً وإسكان الثاني".

وقال ابن دريد: "معناه تعظيم الأمر وتفخيمه. وسكنت الخاء فيه كسكون اللام في هَلْ وبَلْ. ومن نوّنه شبّهه بالأصوات كصه ومه".

وقال ابن السكيت: "بخ بخ وبه به بمعنى واحد"vvi

قوله (ذلك مالٌ رابح) .

معناه ذو ربح، كـ"الابن" و"تامر"vii. وقيل: هو فاعل بمعنى مفعول أي مربوح فيه.

i شرح صحيح البخاري 8/ 4. يعني ليس "بير" مضافاً و"حا" مضافا إليه.

ii قال القاضي عياض في مشارق الأنوار 1/ 115: (بيرحا) اختلف الرواة في هذا الحرف وضبطه فرويناه بكسر الباء وضم الراء وفتحها والمد والقصر، وبفتح الباء والراء معا، ورواية الأندلسيين والمغاربة بيرحا بضم الراء وتصريف حركات الإعراب في الراء، وكذا وجدتها بخط الأصيلي، وقالوا إنها بير مضافة إلى حاء..

iii صحيح مسلم بشرح النووي 7/ 85.

iv في شرح النووي "الأحمر" بدل الأصمعي.

v إصلاح المنطق لابن السكيت 292. وابن السكيّت هو يعقوب بن إسحاق، روى عن الأصمعي وأبي عبيدة والفراء وغيرهم. كان عالما بنحو الكوفية، وعلم القرآن واللغة والشعر. مات سنة 244 هـ. بغية الوعاة 2/ 349.

vi من قوله "قال النووي" إلى هنا- الكلام مأخوذ من النووي 7/ 85-88. ومن شرح الكرماني.

vii لابن وتامر من صيغ النسب السماعية أي صاحب لبن وتمر. انظر سيبويه 3/381 الأشموني 4/200.

ص: 97

165 -

حديث (أنّه رأى عبد الرَّحمن بن عَوْف وعليه وضَرٌ من صُفْرة، فقال: مَهْيَم) i.

قال أبو البقاء: " [مهيم] هو اسم للفعل، والمعنى ما يمّمْت، أي ماقصدت؟ وقيل تقديره ما وراءك؟ " ii انتهى.

وقال ابن الجوزي: "معناه ما حالك؟ " iii.

وقال ابن مالك في التوضيح: "مهيم" اسم فعل بمعنى أخبرني"iv.

وقيل هي كلمة يمانية v

وفي حديث البخاري في قصة إبراهيم وسارة "فأتته وهو قائم يصلى، فأومأ بيده مهيا"vi وفي رواية ابن السكن vii: "والقياس مَهْين بالنون بدلاً من الميم".

قال الزركشي: "وكأنه لما سمعه منوّناً ظن التنوين نوناً".

166 -

حديث "فرأيت الماء ينبعُ من تحت أصابعه حتى توضؤوا مِنْ عند آخرهم" viii.

قال العلامة شمس الأئمة الكرماني في شرح البخاري: "حتى" للتدريج. و"من" للبيان، أي توضأ الناس، حتى توضأ الذين هم عند آخرهم وهو كناية عن جميعهم. و"عند" بمعنى في. لأن "عند" وإن كانت للظرفية الخاصة، لكن المبالغة تقتضي أن تكون لمطلق الظرفية، فكأنه قال الذين هم في آخرهم"ix.

وقال النووي: "مِنْ" في "مِنْ عند آخرهم" بمعنى إلى، وهي لغة.

i البخاري- كتاب مناقب الأنصار 7/ 112- مسند أحمد 3/ 190.

ii إعراب الحديث النبوي رقم 39.

iii عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي البغدادي أبو الفرج علامة عصره في التاريخ والحديث له مصنفات كثيرة منها: تلبيس إبليس، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، صيد الخاطر، جامع المسانيد. توفي سنة 597 هـ.

iv شواهد التوضيح 216.

v الفائق للزمخشري 4/ 65.

vi البخاري- كتاب الأنبياء، والرواية فيه "مهيم" قال ابن حجر 6/ 394: في رواية المستملي "مهيا" وفي رواية ابن السكن "مهين" بنون وهي بدل الميم، وكان المستملي لما سمعها بنون ظنها نون تنوين. ويقال: إن الخليل أول من قال هذه الكلمة ومعناها: ما الخبر؟.

vii سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي، من حفاظ الحديث، نزل بمصر وتوفي بها سنة 353 هـ. انظر: الأعلام 3/98.

viii عن انس وأوله (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه

) البخاري- كتاب الوضع- باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة- فتح الباري 1/ 271.

ix صحيح البخاري بشرح الكرماني ج3 ص 5.

ص: 98

قال الكرماني: "وُرود "مِنْ" بمعنى إلى شاذ لم يقع في فصيح الكلام، ثم إنّ "إلى" لا يجوز أن تدخل على عند. ثم إن ما بعد "إلى" مخالف لما قبلها، فيلزم خروج "من عند آخرهم" عنه.

وقال التيمي i: "المعنى توضؤوا كلّهم حتى وصلت النوبة إلى الآخر".

وقال الحافظ ابن حجر: "ما قاله الكرماني في تعقبه على النووي من أن "إلى" لا تدخل على "عند" لا يلزم مثله في "من" إذا وقعت بمعنى إلى. وعلى توجيه النووي يمكن أن يقال "عند" زائدة"ii.

وقال الكرماني في موضع آخر في هذا الحديث: "كلمة "من" هنا بمعنى إلى، وهي لغة، والكوفيون iii يجيزون مطلقاً وضع حروف الجر بعضها مقام بعض".

167 -

حديث (نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} iv مرجعه من الحديبية) v.

قال أبو البقاء: "بالنصب للمرجع، مصدر مثل الرجوع، والتقدير: نزلت عليه وقت رجوعه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه"vi.

168 -

حديث "إن الله تعالى وكّل بالرحم ملكاً يقول: أيْ ربّ نُطْفة، أيْ ربّ علقة، أيْ رب مُضْغة" vii.

قال الكرماني: " [نُطفة] بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي هذه نطفة. وبالنصب أي جعلت أنا المنيَّ نطفة في الرحم، أو صار نطفة، أو خلقت أنا نطفة. وقوله: "فإذا أراد أن

i في النسخ المخطوطة "التميمي"، والتصويب من شرح الكرماني 3/6 والكلام منه.

ii فتح الباري بشرح صحيح البخاري 1/ 271.

iii الصبّان 2/ 210: "اعلم أن مذهب البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض قياساً

وجوّز الكوفيون، واختاره بعض المتأخرين نيابة بعضها عن بعض قياسا". وانظر التصريح للشيخ خالد 2/ 4-7.

iv سورة الفتح آية 2.

v167- مسند أحمد 3/215، 134.

vi إعراب الحديث النبوي رقم 40.

vii68 1- البخاري- كتاب الحيض- باب مخلقة وغير مخلقة418/1، كتاب الأنبياء 6/363- كتاب القدر 11/477 مسلم بشرح النووي 16/ 195.

ص: 99

يقضي خلقه قال أذكر أم أنثى شقيّ أم سعيد؟ " فإن قلت: "ذكر" مبتدأ أو خبر؟ قلت: مبتدأ. وقد تخصصّ بثبوت أحدهما إذ السؤال فيه عن التعيين، فصلح الابتداء به. وروي "أذكراً" بالنصب أي أتريد أو أتخلق؟ فإن قلت: أم المتصلة ملزومة بهمزة الاستفهام فأين هي؟ قلت: مقدّرة وجوباً، ووجودها في قرينتها يدل عليه"i.

169ii - حديث "عَجبتُ للمؤمن إنّ الله تعالى لم يَقْض له قضاء إلا كان خيراً له".

قال أبو البقاء: "الجيد "إنّ" بالكسر على الاستئناف. ويجوز الفتح على معنى في أن الله، أومن أن الله"iii.

170-

حديث (مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم ببدنة، فقال: ارْكَبْها، قالوا: إنها بَدَنَة. قال: وإِنْ) iv.

قال النووي: "هكذا في جميع النسخ "وإنْ" فقط، أي وإن كانت بدنة"v.

171-

حديث (قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، وكُنَّ أًمَّهاتي يَحْثُثْنني على خدمته) الحديث vi.

قال أبو البقاء: "النون في "كنّ" حرف يدل على جمع المؤنث، وليست اسما مضمراً، لأن "أمهاتي" هو اسم كان، فلا يكون لها اسمان، ونظير النون هنا الواو في قوله: أكلوني البراغيث، والنون في قول الشاعر:

ولكنْ دِيافيٌ أبوه وأمّهُ

بِحَوْرانَ يعْصِرْن السَّليطَ أقاربه vii

وقوله في الحديث (الأيمن فالأيمن) منصوب بفعل محذوف تقديره: قدّموا الأيمن فالأيمن"viii انتهى.

i الكلام كلّه مر شرح الكرماني 3/187.

ii مسند أحمد 3/117.

iii إعراب الحديث النبوي برقم 41.

iv مسند أحمد 3/167، 141. مسلم 9/ 75.

v صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 75.

vi الحديث عن أنس في البخاري كتاب المساقاة 5/ 30. مسند أحمد 3/ 110. صحيح مسلم بشرح النووي 13/ 200.

vii البيت للفرزدق من أبيات يهجو بها عمرو بن عفراء الضبي. والديافيّ: منسوب إلى دياف، وهي قرية بالشام يسكنها النبط، يذكر أنه نبطي غير خالص العربية. وحوران: منطقة، جنوب الشام. والسليط: الزيت. انظر الشاهد في: الكتاب لسيبويه 2/40، شرح أبيات سيبويه 1/ 491 بتحقيق د/ محمد سلطاني. خزانة الأدب 5/ 234، ابن يعيش 3/ 89.

viii إعراب الحديث النبوي- برقم 43.

ص: 100

وقال ابن مالك في توضيحه: "اللغة المشهورة تجريد الفعل من علامة تثنية وجمع عند تقديمه على ما هو مسند إليه، استغناء بما في المسند إليه من العلامات نحو: حضر أخواك، وانطلق عبيدُك وتبعهم إماؤك، ومن العرب من يقول: حضر أخواك وانطلقوا عبيدُك وتبعتهم إماؤك. والسبب في هذا الاستعمال أن الفاعل قد يكون غير قابل لعلامة تثنية ولا جمع كـ"من" فإذا قصدت تثنيته أو جمعه، والفعل مجرد، لم يُعلم القصد. فأراد أصحاب هذه اللغة تمييز فعل الواحد عن غيره. فوصلوه عند قصد التثنية والجمع بعلامتيهما، وجرّدوه عند قصد الإفراد، فرفعوا اللبس، ثم التزموا ذلك فيما لا لبس فيه ليجري الباب على سنن واحد. وعلى هذه اللغة قول من روى "كُنّ نساءُ المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر"i وقول أنس "فكنّ أمهاتي يحثثنني" وقوله صلى الله عليه وسلم "يتعاقبوِن فيكم ملائكة" ii، وقول الشاعر:

رأيْنَ الغواني الشيبَ لاحَ بعارضي

فَأعْرضْنَ عنّي بالخدُودِ النَّواضرِ iii"iv انتهى.

وقال النووي: "ضبط "الأيمن فالأيمن" بالنصب على تقدير: أعط الأيمن، وبالرفع على تقدير: الأيمنُ أحقّ"v.

وقال الزركشي: "يجوز رفعه على الابتداء وخبره محذوف، أي أولى، والنصب بتقدير اسقوا".

172-

حديث (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتين) الحديث vi.

قال ابن مالك في توضيحه: "لا يمتنع الابتداء بالنكرة على الإطلاق، بل إذا لم يحصل بالابتداء بها فائدة، نحو: رجلٌ تكلّم، وغلامٌ احتلم، وامرأةٌ حاضت. فمثل هذا

i البخاري- كتاب مواقيت الصلاة- باب وقت الفجر 2/ 54.

ii البخاري- كتاب مواقيت الصلاة- باب فضل صلاة العصر 2/33.

iii من البحر الطويل، وقائله أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان، والغواني جمع غانية وهي المرأة التي غنيت بجمالها.

والبيت من شاهد الأشموني 2/47، ابن مالك في الكافية الشافية 582، ابن عقيل في المساعد 1/393.

iv شواهد التوضيح 191.

v صحيح مسلم بشرح النووي 13/202، وهذا الجزء تتمة الحديث السابق (

فشرب رسول الله، فقال عمر: أعط أبا بكر، فناول الأعرابي وقال: الأيمن فالأيمن) .

vi عن أنس (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا؟ قالوا لزينب تصلي فإذا كسلت أو فترت أمسكت به، فقال: حلّوه، ليصلّ أحدكم نشاطه

) مسلم 6/72. مسند أحمد 3/ 101 البخاري كتاب التهجد 3/36. أبو داود: النعاس في الصلاة.

ص: 101

من الابتداء بالنكرة يمنع لخلوّه من الفائدة، إذ لا تخلو الدنيا من رجل يتكلم ومن غلام يحتلم ومن امرأة تحيض. فلو اقترن بالنكرة قرينة تتحصّل بها الفائدة، جاز الابتداء بها. فمن القرائن التي تتحصل بها الفائدة الاعتماد على واو الحال كقولك: انطلقتُ وسبعٌ في الطريق، وأتيتُ فلانا ورجلٌ يخاصمُه. ومنه {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} i ومنه "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبلٌ ممدود" وقول عائشة "دخل رسوله الله صلى الله عليه وسلم وبُرْمَةٌ على النار"ii ومنه قول الشاعر:

سريْنا ونجمٌ قد أضاء فمذ بدا

مُحيّاك أخفى ضَوؤه كُلَّ شارق iii

وكذا الاعتماد على "إذا" المفاجأة، نحو: انطلقتُ فإذا سبعٌ في الطريق، ومنه قول بعض الصحابة "إذا رجُلٌ يصلي"iv. انتهى.

قوله: "ليُصلِّ أحدُكم نشاطه".

قال أبو البقاء: "أي مدة نشاطه، فحذف الظرف وأقام المصدر مقامه"v.

وقال الأشرفي vi في شرح المصابيح: "يجوز أن يكون "نشاطه" بمعنى الوقت، وأن يراد به الصلاة التي نشط لها".

وقال الطيبي: "يجوز أن يكون نصبه على المصدر من حيث المعنى، يعني انشطوا في صلاتكم النشاط الذي يليق بحالكم"vii.

173 -

حديث "ذَهبْتُ بعَبْد الله بنْ أبي طلْحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وُلد، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهْنا viii بعيراً له، فقال: هل معك تمر؟ فقلت: نعم. فناولته تمرات فألقاهنّ في فيه، فلاكهن ثم فغر فا الصبيّ فمجهّ في فيه، فجعل الصبيّ يتلمظه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حب الأنصار التمر" ix.

i سورة آل عمران: آية 154.

ii البخاري- كتاب النكاح- باب الحرة تحت العبد 9/138.

iii من البحر الطويل، ولم ينسب لقائل. والسرى: السير ليلا. والمحيّا: الوجه والبيت من شواهد الأشموني 1/ 206 مغني اللبيب 523، تخليص الشواهد لابن هشام 193.

iv شواهد التوضيح 45.

v إعراب الحديث النبوي برقم 44.

vi الشيخ أبو عبد الله إسماعيل بن محمد بن عبد الملك بن عمر المدعو بالأشرف له شرح على مصابيح السنة للِإمام البغوي المتوفي سنة 516 هـ.

vii شرح مشكاة المصابيح ج2 ورقة 24.

viii يهنأ بعيرا: أي يطليه بالقطران.

ix مسلم بشرح النووي 14/123.

ص: 102

قال النووي: [حبّ] روي بضمّ الحاء وكسرها. فالكسر بمعنى المحبوب كالذِّبح بمعنى المذبوح. وعلى هذا فالباء مرفوعة، أي محبوبُ الأنصار التمر. وأما من ضمّ الحاء فهو مصدر، وفي الباء على هذا وجهان: النصب وهو الأشهر، والرفع؛ فمن نصب فتقديره: انظر حُبَّ الأنصار التمر، فينصب التمر أيضاً. ومن رفع قال هو مبتدأ حذف خبره، أي حبّ الأنصار التمر لازم، أو هكذا، أو عادة من صغرهم"i.

174-

حديث "لبَّيْك حقَّاً حقَّا، تعبُّداً ورقاً" ii.

قال في النهاية: "حقا" مصدر مؤكد لغيره iii، أي إنه أكّد به معنى ألْزَمُ طاعتك، الذي دلّ عليه لبّيْك، كما تقول: هذا عبْدُ الله حقاً، فتؤكده به. وتكريره لزيادة التأكيد. و"تعبّداً" مفعول له"iv.

175-

حديث "أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها" v.

قال ابن مالك في شرح الكافية: "يجوز كسر "إنّ" بعد "أَما" مقصوداً بها معنى "ألا" الاستفتاحية. وإن قصد بها معنى حقا فتحت"vi.

وقال في شرح التسهيل: "روى سيبويه نحو أما إنك ذاهب، بالكسر على جعل "أما" استفتاحية بمنزلة ألا، والفتح على جعل "أما" بمعنى حقا. وتكون "أما" مع الفتح على مرادفة الاستفتاح أيضاً، وما بعدها مبتدأ خبره محذوف، كأنه قال أما معلوم أنك ذاهب. وقد يقع بين "أما" و"إن" يمين فيجوز أيضا الفتح على مرادفة "أما" "حقا"، والكسر على مرادفتها "ألا" ذكر ذلك سيبويه vii". انتهى.

176-

حديث "حَسْبُك مِنْ نساء العالمين مَرْيَمُ بنتُ عِمْران" الحديث viii.

قال الطيبي: "حَسبُك" مبتدأ، و"من نساء العالمين" متعلق به، و"مريم" خبره.

i شرح صحيح مسلم للنووي 14/123.

ii الجامع الكبير للسيوطي 1/638.

iii المصدر المؤكد لغيره هو الواقع بعد جملة تحتمل غيره فتصير به نصا. انظر التفصيل في الأشموني والصبان 2/119.

iv النهاية في غريب الحديث 1/413.

v البخاري- كتاب مواقيت الصلاة 2/ 51.

vi شرح الكافية الشافية لابن مالك 1/487.

vii الكتاب لسيبويه 3/ 122.

viii الترمذي- أبواب المناقب5/367 صحيح الجامع الصغير برقم 3138.

ص: 103

والخطاب إما عام أو لأنس. أي كافيك معرفتك فضلهن من معرفة سائر النساء"i.

177 -

حديث "وما رياضُ الجنة؟ قال: حلق الذكر" ii.

قلت: في النهاية iii "حِلَق" بكسر الحاء وفتح اللام. جمع حَلْقة، مثل قَصْعة وقصَع.

وقال الجوهري iv: "جمع الحَلقة حَلَق بفتح الحاء على غير قياس. وحكى عن أبي عمرو أن الواحد حَلَقة بالتحريك والجمع حَلَق بالفتح. وقال ثعلب: "كلّهم يجيزه على ضعفه". وقال أبو عمرو الشيباني v: "ليس في الكلام حَلَقة بالتحريك إلا جمع حالق".

178 -

حديث "يقولُ الله لأهْوَن أهل النار عذاباً يوم القيامة، لو أنَّ لك ما في الأرْض مِنْ شيء" vi.

قال الطيبي: "أي لو ثبت. لأن "لو" يقتضي الفعل الماضي، وإذاَ وقعت "أن" المفتوحة بعد "لو" كان حذف الفعل واجباً، لأن ما في "أن" من معنى التحقيق والثبات مُنزَّل منزلة الفعل المحذوف. وقوله: "فأَبَيْت إلا أنْ تُشرك بي" استثناء مفرّغ. وإنما حذف المستثنى منه مع أنه كلام موجب vii لأنّ في الإباء معنى الامتناع، فيكون نفيا معنى، أي ما اخترت إلا الشرك"viii.

179 -

حديث (مرَّ على امْرأة وهى تبكي على قبر، فقال لها: اتّقي الله واصْبري، فقالت له: إليْك عنّي، فإنك لاتُبالي مُصيبتي) ix.

"إليك" اسم فعل بمعنى تنحَّ. وفي حديث المغيرة بن شعبة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل طعاماً ثم أقيمت الصلاة، [فقام] وقد كان توضأ قبل ذلك. فأتيته بماء ليتوضأ منه فانتهرني

i شرح مشكاة المصابيح 4/ 321.

ii عن أنس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر) . مسند أحمد 3/ 0150 الترمذي 5/ 194.

iii النهاية في غريب الحديث 1/426.

iv الصحاح (حلق) .

v إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني الكوفي، كان راوية أهل بغداد، واسع العلم باللغة والشعر، ثقة في الحديث، عالماً بكلام العرب من مصنفاته: كتاب الجحيم، النوادر، غريب الحديث. مات سنة 206 هـ. بغية الوعاة 1/ 440.

vi الحديث عن أنس، وتكملته (.. كنت تفتدي به، فيقول نعم. فيقول: قد أردت منك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا أن تشرك بي) مسند أحمد 3/ 129 0 البخاري 6/363، 11/416.

vii شرط الاستثناء المفرّغ أن يكون الكلام غير موجب. قال ابن هشام: فأما ما قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} فحمل "يأبى" على لا يريد، لأنهما بمعنى- انظر: أوضح المسالك 2/253.

viii شرح مشكاة المصابيح ج4 ورقة 227.

ix البخاري- كتاب الجنائز- باب زيارة القبور 3/148. مسلم 6/ 227.

ص: 104

وقال: وراءك" i وفي حديث أبي هريرة "أقيمت الصلاةُ وعُدّلت الصفوفُ قياماً فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام في مُصلاّه ذكر أنه جُنُب، فقال لنا مكانكم، ثم رجع فاغتسل" ii.

قال الزمخشري في المفصّل: "من أسماء الفعل: دُونَك زيدا أي خذه، وعندك عمراً أي الزمه، ومكانك iii إذا قلت تأخر وحذّرته شيئاً خلفه، وأمامك إذا حذَّرته من بين يديه شيئاً، أو أمرته أن يتقدّم، ووراءك أي انظر إلى خلفك إذا أبصرته شيئاً"iv.

وقال الأندلسي: "موضع هذا الباب للمبالغة، لأن من شأن العرب إذا أرادت معنى زائداً على ما يعطيه اللفظ غّيرته وأزالته عن موضعه المعهود، كما تراهم يفعلون في ضارب وضرّاب وراحم ورحمان. وفيه أيضاً اختصار وإيجاز إلا أنه لا يخلو عن توسّع وتجوّز. أما الاختصار فلأن الأصل في قولك: "دونك زيدا": خُذ من دونك زيداً، فحذف حرف الجر والفعل، وضمّن الظرف معناهما. وأما التجّوز فلأنهم حذفوا أحد اللفظين وجعلوا الآخر نائباً منابه وسادا مسدّه. وإقامة الشيء مقام غيره وحلوله في غير محلّه تجّوز وتوسّع. ثم الألفاظ المستعملة فيه ثلاثة ضروب: عليك وإليك، وظروف المكان نحو عندك ووراءك وأمامك وباقي أسماء الجهات الست، ومصادر نحو حِذْرَك وحذارك. ثم قولك "أمامك" يحتمل وجهين: أن يريد ادْنُ، أو احذر. فإن أردت ادْنُ فلا يتعدّى، وإن أردت احذر تعدّى. فيكون اللفظ واحداً والمراد به مختلف، والقرائن هي الفارقة المفهمة. ويقال في إعرابه إغراء، وفي المنصوب به منصوب بالإِغراء. وإذا ارتفع ما بعد هذه الحروف أو الظروف خرجت عن الإغراء، كقولك: عليك الدَّينُ، وأمامك الجزاءُ. ومن أحكام هذا الأصل أن لا يُغْري به غائب. فمن ذلك: عليك عمراً، ووراءك انظر v وهو ظرف. ومكانك أي الزمه- وهو ظرف. وإليك بمعنى تنح. ووراءك انظر. وهذه المجرورات بمنزلة صَهْ ومَهْ، ولا يقع إلا في الأمر. أما ما روي أنه إذا قيل إليك، فقال: إليَّ، فهذا شاذ مخالف لقياس العرب، ولا يجوز علىَّ زيداً ولا دوني عمراً، إلا أن يريد بعليّ أوْلِني، فيقول: عليّ زيداً، فتوسعت العرب في هذا، فعدَّته مرة إلى المتكلم بحرف الجر، ومرّة إلى المخاطب. ولم يقع توسّع في دونك وعندك. فلا يقولون دوني ولا عندي". انتهى.

i مسند أحمد 4/253.

ii البخاري- كتاب الغسل- باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب 1/383.

iii في المفصل "ومكانك وبعدك إذا قلت تأخر" قال أبن يعيش: وقالوا بعدك ووراءك إذا قلت به تأخر وحذرته شيئاً من خلفه 4/74.

iv شرح المفصل 4/74.

v في بعض النسخ "المطر".

ص: 105

وقال الرضي: "من أسماء الأفعال الظروف وشبهها. فعندك ودونك ولديك بمعنى خُذ. والأصل: عندك زيدٌ فخذه، وكذا لديك زيدٌ ودونك زيدٌ، برفع ما بعدها على الابتداء. فاقتصر من الجملة الاسمية والفعلية بعدها على الظرف، فكثر استعماله حتى صار بمعنى خُذ فعمل عمله. وهذه الظروف مبنية على الفتح لأنه الحركة التي استحقها في الأصل حين كانت ظروفاً، فوراءك أي تأخر، وأمامك أي تقدّم أو احذر من جهة أمامك. ويجوز أن يقال هما باقيان على الظرفية، إذ هما لا ينصبان مفعولا، كعندك ولديك، فيكون التقدير استقرّ وراءك وأمامك. وكذا مكانك أي الزم مكانك. ويقال: عليك زيداً أي خذه. كان الأصل عليك أخذه. ويقال إليك عني، والأصل ضمّ عملك i إليك وتنحّ عني، فاختصر كما ذكرنا"ii.

i في الرضي "علقك".

ii شرح الكافية للرضي 2/ 75.

ص: 106