المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌[نماذج من قصص العقوق]

[نماذج من قصص العقوق]

نماذج من قصص العقوق 1 - قال الأصمعي: " أخبرني بعض العرب أن رجلا كان في زمن عبد الملك بن مروان، وكان له أب كبير، وكان الشاب عاقا بأبيه، وكان يقال للشاب " منازل " فقال الشيخ:

جزت رحم بيني وبين منازل

جزاء كما يستنجز الدين طالبه

تربت (1) حتى صار جعدا (2) شمردلا (3)

إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه

تظلمني مالي كذا ولوى يدي

لوى يده الله الذي لا يغالبه

وإني لداع دعوة لو دعوتها

على جبل الريان لانهد جانبه

فبلغ ذلك أميرا كان عليهم، فأرسل إلى الفتى ليأخذه،

(1) تربت: تربى.

(2)

الجعد: الطويل.

(3)

الشمردل: الفتى القوي.

ص: 21

فقال له الشيخ: اخرج من خلف البيت، فسبق رسل الأمير، ثم ابتلي الفتى بابن عقه في آخر حياته، فقال:

تظلمني مالي خليج (1) وعقني

على حين كانت كالحني عظامي

تخيرته وازددته ليزيدني

وما بعض ما يزداد غير عرام (2)

لعمري لقد ربيته فرحا به

فلا يفرحن بعدي امرؤ بغلام

فأراد الوالي ضربه، فقال الابن للوالي: لا تعجل علي، هذا منازل بن فرعان الذي يقول فيه أبوه:

جزت رحم بيني وبين منازل

جزاءا كما يستنجز الدين طالبه

فقال الوالي: يا هذا عققت وعققت " (3) .

(1) خليج: اسم الولد.

(2)

عرام: العرام الشدة والشراسة والأذى.

(3)

عيون الأخبار لابن قتيبة، 3/ 86 - 87، كتاب الإخوان، وانظر: بر الوالدين للحناوي، ص 138 - 139.

ص: 22

2 -

وقال آخر يشكو بثه وحزنه، ويعاتب ولده الذي عقه:

غذوتك مولودا ومنتك يافعا

تعل بما أجني عليك وتنهل

إذا ليلة نالتك بالشكو لم أبت

لشكواك إلا ساهرا أتململ

كأني أنا المطروق دونك بالذي

طرقت به دوني وعيني تهمل

تخاف الردى نفسي عليك وإنها

لتعلم أن الموت وقت مؤجل

فلما بلغت السن والغاية التي

إليها مدى ما كنت فيك أؤمل

جعلت جزائي غلظة وفظاظة

كأنك أنت المنعم المتفضل

فليتك إن لم ترع حق أبوتي

فعلت كما الجار المجاور يفعل

فأوليتني حق الجوار ولم تكن

علي بمالي دون مالك تبخل

تراه معدا للخلاف كأنه

برد على أهل الصواب موكل (1)

3 -

ويقول الدكتور محمد الصباغ: " سمعت أن واحدا

(1) هذه الأبيات تنسب ليحيى بن سعيد ولابن عبد الأعلى، ولأبي العباس الأعمى، وتنسب - أيضا - لأمية بن أبي الصلت، انظر: عيون الأخبار 3 7، وكشف الخفاء للعجلوني، 1 7 - 208، وبر الوالدين للإمام الطرطوشي ص 108 - 109.

ص: 23

من الساقطين من الأبناء حمل أباه إلى مأوى العجزة، لكيلا يضايقه أو يزعج زوجته " (1) .

4 -

ويقول الأستاذ عبد الرءوف الحناوي رحمه الله: " كان لي قريب ترك له والده أموالا نقدية ذهبية طائلة، وعقارات متعددة، وكان من عيون التجار، غضبت عليه أمه يوما ودعت عليه دعوة مرة قاسية، وإذا بالسوء يحيق به من جرائها؛ لقد مات فقيرا؛ مع أنه لم يسلك سبل الفواحش والمحرمات أبدا.

وكان أبي رحمه الله يتصدق عليه ويرسلني بالطعام من دارنا إليه وإلى زوجته وأولاده " (2) .

(1) نظرات في الأسرة المسلمة. د/ محمد بن لطفي الصباغ، ص49.

(2)

بر الوالدين للحناوي، ص135.

ص: 24